د. محمود أبوزيد

فى حوار مع «المصرى اليوم» قبل أيام من المغادرة (١):
أنجزنا ٩٩٪ من اتفاقية حوض النيل.. والأزمة فى صياغة «حصة مصر»
------------------------------------
حوار رانيا بدوى ٢٢/ ٣/ ٢٠٠٩
----------------------------------


من اللحظة الأولى لخروج الدكتور محمود أبوزيد من وزارة الموارد المائية والرى، لم تتوقف التكهنات بحثاً عن الأسباب.. قيل إنه غادر بسبب خلافاته مع وزارة الزراعة فيما ذهب البعض إلى أن القرار كان بسبب عدم إنجاز خطوات ملموسة فى مبادرة حوض النيل وقيل إنه انتقد مشروعى توشكى وترعة السلام..

ورغم كل ما قيل تأتى أهمية هذا الحوار لأنه بدأ قبل الإقالة بأيام وانتهى بعد الإقالة فقد قابلت الدكتور محمود أبوزيد وزير الرى على مدى جلستين قبل الإقالة مباشرة ووصلنا بعد الإقالة فى حوار تحدث فيه بصراحة عن مبادرة حوض النيل والخلافات مع إثيوبيا وعن أسرار المبادرة ونقاط الخلاف التى أرجأت توقيعها حتى الآن.

■ دكتور محمود كثيراً ما تنشر أنباء عن اعتراض دول حوض النيل، على حصة مصر من مياه النيل البالغة ٥٥.٥ مليار متر مكعب سنوياً، واعتبارها نسبة غير عادلة، فلماذا ازدادت هذه الاعتراضات فى الآونة الأخيرة؟

- هناك ١٠ دول تشارك فى نهر النيل الممتد لأكثر من ٦٠٠٠ كيلو، يأتى ١٥٪ منها من الهضبة الاستوائية حيث بحيرات فيكتوريا والباتوتانا وكيوجا التى تتشارك فيها دول كينيا وأوغندا وتنزانيا ورواندا وبوروندى والكونغو، فيما يأتى من الهضبة الإثيوبية ٨٥٪ فى ٣ أشهر من السنة، هى موسم الفيضان فى الصيف، وتتشارك فيها دول إثيوبيا والسودان وإريتريا وبكميات متغيرة حسب معدل الأمطار.

ورغم أن حوالى ١٦٦٠ مليار متر مكعب تصب فى حوض نهر النيل، فما يصل عند حدود مصر والسودان يبلغ ٨٤ ملياراً فى المتوسط فقط، بينما يضيع الباقى هدراً فى هذه الدول، التى لا تحتاج فى حقيقة الأمر مياه النيل، مع توافر الأمطار بغزارة.

■ ولكن عوامل الجغرافيا التى تشرحها لم تتغير، فلماذا تغيرت المواقف الآن؟

- فى البداية كانت هذه الدول فقيرة ولا توجد لديها فكرة عن إدارة موارد المياه، طالما أن الرى المطرى كان يكفى احتياجاتها، ولكن مع نمو هذه الدول، وتقدمها وازدياد الصناعة لديها بدأت احتياجاتها تزيد، وأوضحنا لها تفهمنا حاجاتها المتزايدة من موارد المياه، كما أن حاجتنا ملحة أيضاً، فالأولى هو الانتباه إلى توفير الهدر عبر المشاريع المشتركة، التى ستزيد من حصة الجميع، مما أحدث التقارب الحالى فى المواقف، والذى بدأ منذ ١٩٩٨، عبر مبادرة حوض النيل.

والحقيقة أننا إذا أردنا زيادة حصة موارد النيل فذلك يمكن تحقيقه بسهولة وهناك مشروعات تدرس حالياً بهذا الصدد، مثل مشروع «البارواكوب» فى إثيوبيا الذى سيزيد موارد النيل من ١٢ إلى ١٤ مليار متر مكعب، يمكن تقسيمها بين مصر وإثيوبيا والسودان.

وهناك مشروعات لا تؤثر على زيادة حصة مصر لا بالسلب ولا بالإيجاب، ومع ذلك تقوم بها مصر كهبة، مثل مساعدة أوغندا فى مقاومة الحشائش فى البحيرات الاستوائية، التى أدت إلى إغراق بعض القرى، ورغم ذلك تعالت أيضاً أصوات فى أوغندا بأن مصر تعمل لمصلحتها وليس لمصحلة أوغندا، وحين تكررت المشكلة، رفضنا التدخل مجدداً قبل إسكات هذه الأصوات.

■ بمناسبة «مصلحة مصر»، يتكرر دائماً توجيه الاتهام إلى القاهرة بأنها تضخ المليارات فى جنوب السودان فى مشاريع تنموية وسدود وحتى قناة جونجلى، رغم حالتنا الاقتصادية غير المستقرة، فهل ما يحدث فى جنوب السودان منحة من مصر لجنوب السودان أم رغبة حقيقية فى الحفاظ على علاقات جيدة مع جنوب السودان؟

- لا توجد مليارات والرقم الفعلى بالنسبة لنا فى وزارة الموارد المائية والرى لا يتجاوز ٢٦ مليون دولار فى جنوب السودان وحوالى ١٩ مليون دولار فى أوغندا، أى حوالى ٣٠٠ مليون جنيه فى المجمل، وعلى فترات.

■ وماذا عن استثمارات وزارات الصحة والتربية والتعليم والكهرباء وغيرها، ألا يشكل كل ذلك رقماً كبيراً؟

- ليس لهذه الدرجة.

■ عموماً الخلاف ليس حول الرقم.. هل نحن فعلاً نخشى جنوب السودان.. بصراحة؟

- جنوب السودان بعد استراتيجى مهم جداً لمصر وإقامة علاقات طيبة مع جنوب السودان بالذات، مهم سواء للأمن القومى أو للأمن المائى المصرى.. والأمر نفسه مع باقى دول حوض النيل.

■ هل ترى أن انفصال جنوب السودان فى ٢٠١١ بعد استفتاء تقرير المصير سيؤثر على حصة مصر؟

- هناك حقيقة معروفة للجميع، فلا أحد يستطيع أن يوقف مسار المياه «الميه جايه جايه» كما أن ذلك لن يقلل من حصة مصر.

ومع ذلك فإن علاقتنا بالجنوب جيدة جداً وهناك مهندسون مصريون كثيرون فى الجنوب وهناك أيضاً استثمارات مصرية كبيرة، ونتبادل الخبرات فى مجالات تطوير طرق الرى واستخدام المياه العادمة وإعادة استخدام الصرف الصحى وهم يعلمون تماماً أن مياه النيل خارج الحسابات.

■ حتى ولو أقاموا سدوداً؟

- جميع السدود المقامة فى هذه الدول، إما لتوليد كهرباء أو لتخزين المياه، وأؤكد أنه لا توجد على الإطلاق مواقع من هنا وحتى هضبة البحيرات الاستوائية، والإثيوبية تصلح لحجز المياه بمقدار ما يحجزه السد العالى، السد العالى وحده حجز ١٦٤ مليار متر مكعب.

■ إذا افترضنا إقامة ١٥ أو ٢٠سداً على شاكلة سد مروى فى السودان، ألا يشكل هذا رقماً كبيراً؟

- كلها ستكون صغيرة ولن تؤثر إلا فى فترة الملء وقت الفيضان، وبشكل محدود جداً.. وغير مؤثر.

■ إذا كانت المسألة كذلك، ولا تأثير على حصة مصر، فلماذا هددت القاهرة أكثر من مرة، بأن أى دولة ستبنى سداً دون إذن مصر أو دون الرجوع إليها سيكون بمثابة إعلان الحرب على مصر؟

- لم أتلق إجابة واضحة ولكن الدكتور محمود أبوزيد عاد للقول: طبقاً للاتفاقيات التى كانت موجودة بين مصر والدول الاستعمارية منذ ١٩٢٩، كانت كلها فى صالح الدول الاستعمارية التى حرصت على وصول المياه لمصر، لاستمرار عمليات الزراعة فى مصر والسودان بالذات، وهو ما أدى لنشوء حساسية رهيبة لدى الدول الأفريقية، واستعداء ضد اتفاق ١٩٢٩، رغم أنه لم يعد له فائدة بعد السد العالى، ولقد حرصنا على احتواء هذه الحساسية منذ بدأنا العمل مع دول حوض النيل، من خلال التأكيد على أن نهر النيل هو لمنفعة الجميع ولابد من العمل المشترك لتحقيق استفادة متبادلة..

من جهة أخرى فإن اتفاقية حوض النيل التى وقعت عام ١٩٥٩، تحكم علاقتنا بالسودان فى هذا الشأن وهناك هيئة مشتركة بين البلدين تجتمع كل ٤ شهور مرة فى القاهرة ومرة فى الخرطوم ونبحث مقدار السحب لكل دولة وندرس مشروعات جديدة لزيادة الإيراد لأن الاتفاقية الجديدة تقول إن أى إيراد للمشروعات الجديدة يقسم بين مصر والسودان مناصفة والاتفاقية لها تاريخ ولم تكن الفكرة أن نأخذ أكثر منهم فعند توقيع الاتفاقية كانت حصة مصر ٤٨ ملياراً والسودان كان يأخذ ٤ ونصف مليار متر مكعب وعند إنشاء السد العالى رأى الرئيس جمال عبدالناصر أن يعوض السودان فجعل حصته ١٤ ملياراً وأعطى مصر ٧ مليارات متر مكعب

وكان اسمها الاستخدامات التاريخية وليست «حصص» وهذا ما نبحثه مع دول حوض النيل وهو التمسك بالحقوق التاريخية، نحن حصتنا ٥٥.٥ مليار متر مكعب لا أحد يقترب منها وأى تفاوض يكون على الجديد وحول مشروعات زيادة إيراد النهر.

■ وهل يمكن القول إن المنح والمشروعات التنموية هى سبيل زيادة إيراد النهر؟

- ليس دائماً، وإنما أيضاً الخبرة، وقد اجتمعنا من قبل فى جنيف واشتركت الدول المانحة كلها ومنحت مبادرة حوض النيل ٢٠٠ مليون دولار لمساعدة الدول فى دراسات المشروعات المشتركة.. لكن تنفيذ المشروعات نفسها فى حاجة إلى ٣٠ مليار دولار.

■ أليس بين هذه المنح أى منح أمريكية أو إسرائيلية؟

- لا.. لا يوجد منح أمريكية أو إسرائيلية لدول حوض النيل بالكامل، فالمنح أتت من دول مثل هولندا وفرنسا وإنجلترا والسويد.. وهذا لا يعنى أن الأمريكان لا يريدون العمل فى دول حوض النيل بل يسعون لأن يكون لهم تواجد وكذلك إسرائيل فهى موجودة بالفعل خاصة فى إثيوبيا وهى تعمل فى مشروعات مياه الشرب والصرف الصحى وحسب معلوماتنا حتى الآن فإنهم لا يعملون فى أى سدود.

■ ما رأيك فى التقرير الأمريكى الذى يصدر قريباً ويتحدث عن صراع بين مصر وإثيوبيا؟

- التقرير مبالغ فيه لأن الواقع يشير إلى عكس ذلك، لأن مبادرة حوض النيل بين مصر وحوض النيل قطعنا فيها شوطاً كبيراً، وهناك تنسيق فى إطار مبادرة حوض النيل بين إثيوبيا ومصر والسودان على اعتبار أننا فى حوض النيل الشرقى واجتمعنا ٣ مارس للبحث فى الموضوعات المشتركة وما تم التوصل إليه.

■ لكن التقرير يتحدث عن نية إثيوبيا إنشاء خزان للمياه كمعادل لخزان أسوان.. كما تحدث فى مواضع أخرى عن رغبة فى تغيير مجرى النيل؟

- هذه التقارير التى تنشر بمعرفة وسائل الإعلام الأجنبية كلها مجرد أفكار، المهم هو الحقيقة، التخزين فى إثيوبيا شىء من الصعب حدوثه لأنه يحتاج إلى أموال طائلة.

■ ألا يمكن أن يمول هذا الخزان عن طريق أمريكا أو إسرائيل؟

- نبحث الآن مع إثيوبيا حول كل المشروعات التى تفكر فى إنشائها ومنها مجموعة من السدود، يتم إنشاؤها فى إثيوبيا للتقليل من فاقد المياه فى المستنقعات والحشائش ويزيد إيراد النهر وهى سدود لصالح مصر والسودان وإثيوبيا.

■ ألا يمكن أن تحجز هذه السدود جزءاً من المياه فيؤثر على الحصة؟

- كل شىء ندرسه ونحسبه جيداً مثل نسبة المياه التى ستحتجز وحجم السد وما شابه ذلك ثم إن أثيوبيا ليست لديها كهرباء لذا ترغب فى إنشاء سدود لتوليد الكهرباء، وهذه النوعية من السدود لا تحتجز كميات كبيرة من المياه.

■ ما مصلحة إسرائيل من العمل فى إثيوبيا؟

- مصالح مشتركة تماماً مثل جنوب أفريقيا التى لها مصالح وتواجد فى كل دول حوض النيل.. نحن ننمى الآن علاقتنا بإثيوبيا ونشجع الاستثمار فيها، وهناك بالفعل مصانع للمواسير وأخرى للكهرباء وغيرهما.

■ ألا ترى أن نفوذ إسرائيل قد يضر بمصر؟

- هذا سؤال سياسى جداً يمكن توجيهه لوزير الخارجية أو الأمن القومى، وتأكدى فنحن أيضاً لدينا وسائلنا التى نتابع بها كل ما يحدث فى دول حوض النيل، فصور الأقمار الصناعية نحصل عليها باستمرار.. ولدينا وسائلنا فى الرد على أى محاولة للاعتداء على نهر النيل.

إسرائيل ليست دولة صديقة وهى متواجدة فى إثيوبيا ومن مصلحتها أن تتشاجر مصر مع إثيوبيا كل يوم وألا تحصل مصر على حصتها من المياه وأى دولة تعمل لمصلحة ما، سواء النفوذ أو حصة من المياه أو غيرهما.

■ معالى الوزير، بقدر أكبر من الصراحة وليس الدبلوماسية، هناك العديد من دول حوض النيل تطالب بتغيير اتفاقية ١٩٥٩ بين مصر والسودان والانضمام إليها، بدلاً من إبقائها ثنائية، لكن مصر رفضت أو استبدلت ما يسمى بتغيير الاتفاقية إلى مبادرة حوض النيل لكى تحافظ على اتفاق ١٩٥٩، فهل تخشى مصر من أن دخول دول جديدة، يمكن أن ينتقص من حصتنا لصالح باقى الدول؟

- لا.. نحن اتفقنا فعلاً ضمن مبادرة حوض النيل، أن تكون هناك اتفاقية تشارك فيها كل الدول، وقد تم التوقيع على المبادرة من قبل الـ١٠ دول فى سنة ١٩٩٨.

ونحن الآن ندرس مشروعات التعاون، وبدأنا فى وضع أسس للاتفاقية الجديدة من خلال مفاوضات ولجان فنية وتم التوصل إلى حوالى ٩٩٪ من الاتفاقية.

■ ما ملامح الاتفاقية الجديدة؟

- ليست اتفاقية وإنما إطار قانونى ومؤسسى للتعاون المستقبلى بين دول حوض النيل يهدف إلى الاتفاق على عدم الإضرار وتبادل المعلومات، وإقامة المشروعات المشتركة، وتؤكد على حق كل دولة فى مياه النيل. لا نقل للمياه خارج حوض النيل ولا بيع للمياه حتى نغلق الباب فى وجه الكل حتى لا تعطى أى دولة المياه لإسرائيل.. ومبدأ الاتفاقية الأساسى يقوم على ألا يضر أى مشروع بأى دولة أخرى ويجب أن يكون هناك نفع على الأقل لدولتين، إضافة إلى إنشاء هيئة مشتركة لمياه نهر النيل.

■ ما الهدف من هذه الهيئة؟

- أهم أهدافها متابعة استخدامات الدول لمياه نهر النيل واقتراح المشروعات التى تفيد الأطراف، ومع أى نزاع بين دول الحوض يتم اللجوء أولاً إلى الهيئة وإذا لم تحل المشكلة تذهب إلى التحكيم الدولى.

■ هل تطرق الحديث إلى حصص المياه؟

- استعضنا عن مناقشة الحصص بالمشروعات المشتركة.

■ وهل وافقت جميع الدول؟

- نحن ندرس ونتفاوض.

■ هل يوجد بند لم تتم الموافقة عليه حتى الآن؟

- ربما بند أو اثنان.

■ ما هما؟

- لا أستطيع أن أبوح لك بأسرار المفاوضات.. لكن فقط أؤكد أن مسألة الأمن المائى فى مصر يشرف عليها كبار المسؤولين فى الدولة وهم عدد بسيط جداً.. كما أن هذه الاتفاقية مع دول حوض النيل تحضرها لجنة من وزراء الخارجية والرى والمخابرات العامة والقانون الدولى.

■ ولكن الأنباء متواترة عن أن الاختلاف الأساسى والجوهرى هو حصة مصر؟

- المبدأ الآن أصبح مقبولاً، ولا اختلاف على حصة مصر وقد استغرقنا حوالى عامين فى محاولات الإقناع والحمد لله الفكرة مقبولة الآن، وتبقى فقط كيفية دمج اتفاقية ١٩٥٩ فى هذا الاتفاق الجديد، أى كيفية النص على أن نصيب مصر ٥٥.٥ مليار متر مكعب وهو ما نصرّ عليه.

■ ماداموا اتفقوا على المبدأ لماذا الخلاف على الصيغة فلتكتب صريحة «الحفاظ على الحصص التاريخية» مع وضع الرقم؟

- هم لا يريدون هذه الصيغة بالذات فهم يريدون كتابة صيغة «كل دولة تحافظ على المياه التى تستخدمها ولا تضر بالآخرين».. وطبعاً كلها أمور من صنع القانونيين، وهم السبب فى تعطيلنا ٤ سنوات.. كل شهرين أو ثلاثة يتقدمون بمقترح: ما رأيكم فى هذه الصيغ؟ فنرد، ويعودون لصياغة جديدة فنرفض.

■ لماذا؟

- لأن أغلبها صيغ عامة كأن يكتب مثلاً: على كل دولة ألا تضر بمصالح الدول الأخرى خاصة فى الاستخدامات الحالية.. لكن عموماً هناك نصوص حالية اقتربنا منها إلى حد كبير، ولا تتخيلين حجم المجهود الجبار الذى يبذل فى هذه المبادرات.

■ ما الصيغة التى تصر مصر عليها؟

- نصرّ على الصيغة الواضحة لحصة مصر الحالية دون المساس بها ٥٥ ونصف مليار متر مكعب.

■ ما البند الثانى المختلف عليه؟

- لا اختلافات أخرى.

■ هذا يعنى أنه لو تم التوصل لحصة مصر لن يكون هناك أى معوق آخر؟

- تقريباً.

■ ماذا تعنى بـ«تقريباً»؟

- هناك أمور أخرى بسيطة.. مثل تبادل المعلومات فالمبدأ أيضاً وافقوا عليه ولكن تبقى التفاصيل من نوعية، متى يعلموننا بالمعلومات الخاصة بالمشروعات المائية قبل البدء أم بعد الانتهاء أم ماذا؟! وما المدة المسموح بها للرد وبعدها تبدأ الدولة فى إنشاء مشروعها على الفور.. فهذه الدول تفكر بطريقة أن المياه تأتى من عندها قائلة فى نفسها «أنا من أعطيكم المياه فهى تأتى من عندى فكيف تريدوننى أن أخبركم بكل ما أفعل وأستأذن قبل البدء فى أى مشروع».

■ وما البند الثالث؟

- لا.. كفاية بقى كده.. إنت خدتى كل الأسرار.

■ متى بدأ الشعور باحتمالات تراجع حصة المياه المصرية والخطر من تدخل بعض الدول لتقليصها؟

- أوائل التسعينيات، وزاد الأمر خلال السنوات الأربع الماضية.

■ وهل مازالت هذه الحصة «٥٥.٥ مليار» تكفى مصر؟

- وهل نحن نستخدم هذه الحصة الاستخدام الأمثل؟ ألا ترين إهدار المياه فى الشوارع والغسيل والإسراف الشديد؟

■ إذا استخدمناها الاستخدام الأمثل.. هل ستكفينا؟

- لدينا خطة مائية توازن بين الاحتياجات والموارد الموجودة، حتى عام ٢٠١٧.. وهى تكفينا بالـ ٥٥ ونصف، فضلاً عن موارد أخرى مثل المياه الجوفية والأمطار وإعادة الاستخدام ولكن حتى هذا الموعد علينا البحث عن بدائل وإلا ستكون هناك أزمة حقيقية بعد ذلك.

■ ولكن هذه مدة قصيرة للغاية؟

- هناك خطة موضوعة منذ ٥ سنوات، لكيفية تحقيق هذا التوازن وتوفير احتياجاتنا حتى عام ٢٠٥٠، والتى تتطلب الحصول على حصة إضافية.

■ وكيف يمكن تحقيق هذه الزيادة؟

- من خلال مشروعات كثيرة منها مثلاً مليار متر مكعب زيادة فى جنوب السودان إذا نفذت قناة جونجلى.

■ وهل ستنفذ هذه المشاريع قبل ٢٠١٧؟

- نعتقد أنه يمكننا تنفيذ قناة جونجلى قبل ٢٠١٤.

■ لكن السودانيين لا يرغبون فى استكمال قناة جونجلى؟

- بالعكس.. يريدون ذلك تماماً.

■ إذن لماذا لم تكتمل القناة حتى الآن؟

- بسبب الحرب بين الشمال والجنوب.

■ هناك اتفاقية سلام بين الشمال والجنوب منذ ٢٠٠٥، ويقال إن الشماليين يقفون أمام الاستمرار فى حفر القناة؟

- نحن السبب.. فقط تباطأت مصر فى هذا الموضوع.. ارتحتى يا ستى


-----
نشر في المصري اليوم بتاريخ 22-3-2009
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=203767
-----

******

محمود أبوزيد فى حوار ساخن قبل أيام من مغادرة وزارة الرى «الجزء الثانى»:
الحكومة ناقشت بيع ترعة السلام للقطاع الخاص بحضور «نظيف»
---------------------------------------------
حوار رانيا بدوى ٢٤/ ٣/ ٢٠٠٩
-------------------------------------------

حوّل د. محمود أبوزيد دفة الأمور فى اتجاهه، وصاغ ردوده فى الجزء الثانى من الحوار معه الذى انقسم عبر مرحلتين، كانت الأولى وهو فى الوزارة يمارس مهامه، و الثانية بعد إقالته. بضمير الفاعل قال: أنا الذى طلبت الخروج، ولم تتم إقالتى، ونفى كل ما أشيع عن خروجه من خلافات مع وزير الزراعة، إلى فشل الوزارة فى تنفيذ اتفاقية حوض النيل، ومتابعة المشروعات القومية الكبرى، وقصة التطاول على مصر من قبل دول حوض النيل.

إلا أنه فجر مفاجآت جديدة مؤكداً أن الحكومة نوت وفكرت وناقشت فكرة بيع ترعة السلام، وقال إنها اتجهت شمالا بقرار سياسى، وأضاف أن توشكى تحتاج ٢٠ عاما لاستكمالها، ولا توجد أموال كافية لاستكمال ترعة السلام، وهذا هو السبب الحقيقى فى تعثر المرحلة الأخيرة من المشروع.

■ الرأى العام يتساءل كثيرا عن الأسباب الحقيقية لعدم استكمال مشروع ترعة السلام؟

- الترعة توقفت عند الكيلو ٨٠، وتوقف العمل فيها لعدم قدرة الدولة على استكمالها فى ظل الظروف الحالية، فالمرحلة التى لم تستكمل أظهرت الدراسات الأولية أنها ستتكلف ما يقرب من ٥ أو ٦ مليارات جنيه.

■ لماذا؟

- لأن الأرض بعد الكيلو ٨٠ بها ارتفاع حوالى ١١٥ متراً، وهو ارتفاع كبير يحتاج إلى رفع للمياه فى هذه المنطقة وهى مسألة مكلفة للغاية.

■ وألا تجد الدولة ٦ مليارات لاستكماله، ففيه تنمية قطاع كبير فى الدولة؟

- يعنى إنتى شايفة المليارات مرمية.. طبعا الرقم كبير وحتى لو موجود هناك أولويات لدى الدولة فى الإنفاق.

■ أليس من بين هذه الأولويات ترعة السلام؟

- أنا عن نفسى من أكثر المؤيدين لفكرة استكمال الترعة الآن، وحالاً وقبل تغير الظروف، لأن كل يوم يمر الأسعار تزداد والمسألة تكون أصعب، خاصة أن الأراضى فى المرحلة التى لم تستكمل - وتبلغ ١٣٥ ألف فدان - من أجود وأخصب أنواع التربة لذا إن استكملت الترعة فسيكون العائد ضخماً، ولكن هناك أصواتاً أخرى داخل الحكومة ترى تأجيل المشروع.

■ وإلى متى يتم تأجيله؟

- أعتقد أن هناك فكرة الآن مطروحة لاستكمال الترعة ولكن ليس على نفقة الحكومة.

■ لا أفهم ماذا تقصد؟

- أن يطرح المشروع للاستثمار.

■ للقطاع الخاص؟

- هو فيه استثمار قطاع عام.. طبعاً قطاع خاص.

■ كيف؟

- الآن تطرح أفكار التنمية المتكاملة لشبه جزيرة سيناء وتأتى ترعة السلام ضمن الأولويات وقد نوقش فى إحدى اللجان الوزارية المختصة بحضور الدكتور نظيف ضرورة استكمال ترعة السلام وقد تم تكليف الدكتور محمود محيى الدين بإعداد دراسات حول طرح الجزء المتبقى من الترعة والأرض التى حولها للمناقصات لطرحها للاستثمار.

■ هل تقصد بيع ترعة السلام؟

- أقصد أن يأتى رجال أعمال ليحصلوا على الترعة وما حولها من أراض للاستثمار فيها واستكمال حفرها لتعمير سيناء.

■ ولكن هذه الخطوة ستثير المخاوف وعلى رأسها هل سيترك المشروع بالكامل للقطاع الخاص وماذا عن جنسية المستثمر هل هو مصرى أم أجنبى سواء «عربى» أو «غربى»؟!

- عموما تلقى دكتور محمود محيى الدين تكليفاً سياسياً بدراسة المشروع وسيضع الشروط اللازمة.

■ تلقى تكليفاً ممن؟

- مجلس الوزراء.

■ تعمير سيناء أولوية ولكنه خطر بهذه الطريقة؟

- لا تقلقى، الأمر سيدرس جيدا وستوضع الدراسات موضع الجدية وستدرس وزارة الاستثمار المسألة هل ببيع الترعة والأراضى أم يحصل عليها المستثمر بحق الانتفاع.

■ وماذا عن جنسية المستثمر؟

- معروف مسبقا أن التعامل مع هذه المشروعات القومية الكبرى الحساسة يكون بمنع البيع لغير المصريين فلا خوف من ذلك.

■ وكيف أترك مدخل الأمن القومى لمصر فى يد القطاع الخاص؟

- عموما الحكومة الآن تدرس هل الأفضل تملك أرض الترعة أم الحصول عليها بنموذج حق الانتفاع.

■ ومن رجل الأعمال الذى سيقبل أن يضع مالاً ضخماً بالمليارات فى مشروع لن يمتلكه؟

- عموما كلها أمور سابقة لأوانها ومازال المشروع فى طى الدراسة.

■ حسب الله الكفراوى وزير الإسكان السابق قال إن ترعة السلام ليست فى مكانها الصحيح؟

- عند دراسة المسألة وجدوا أن هذا هو المسار الصحيح.

■ من؟

- مكاتب استشارية كبيرة.. وأنا جئت إلى الوزارة وكانت الترعة قد بدأ العمل فيها بالفعل.

■ هل أنت راض عن مسار الترعة؟

- نعم.

■ ألم يكن هناك مسار أفضل وأقل فى التكلفة؟

المسار الآخر أن تسير الترعة فى نصف شبه جزيرة سيناء ولكن الأراضى فيها غير مناسبة تعلو فى مناطق وتنخفض فى أخرى، وقد اتخذ قرار سياسى بأن تسير الترعة فى الشمال.

■ وهل قرار مكان حفر الترعة قرار سياسى أم قرار فنى؟

- الأمور الفنية أيضا ليست أموراً حاسمة وجامدة فالفنيون يقدمون أكثر من مسار ويقولون عيوب ومميزات كل مسار والقرار السياسى يحسم الأمر بناء على المميزات والعيوب.

فمثلا كان محافظ شمال سيناء السابق منير شاش من أكبر المتمسكين بفكرة أن تمر الترعة فى الوسط لإعمار سيناء ورأى أن تعمير منتصف سيناء أجدى من الشمال ولكننى كنت أراه مساراً غير مناسب ومكلفاً والأنسب هو مسار الشمال.

■ إذن أنت مع المسار الحالى للترعة؟

- نعم.

■ رغم المعوقات؟

- المعوقات المالية شىء والعيوب الفنية شىء آخر فالمعوق الآن هو عدم وجود الأموال الكافية لاستكمال المشروع ورغم ذلك أنا ضد التوقف لأن الأسعار كل يوم تعلو والأفضل أن يتم الانتهاء من المشروع الآن.

■ قلت إن موقع الترعة جيد وأنك توافق عليه.. وماذا عن سهل الطينة الذى تمر به الترعة وترتفع نسبة ملوحته عن نسبة ملوحة البحر بـ٥ مرات؟

- سهل الطينة مش عيب وقدمنا للفلاحين برامج للغسيل لتنقية الأرض من الملوحة وعملنا تجارب عديدة وقد أتت الأرض بنتائج جيدة بعدها.

■ ولكن برامج الغسيل مكلفة للفلاحين وتأخذ ٥ سنوات على الأقل؟

- لذلك تقريبا حصل الفلاحون على الأرض «ببلاش» حيث بيعت بـ٢٠٠ جنيه للفدان فى حين كانت تباع باقى الأرض بـ ٣٠ ألف جنيه للفدان.

وكنا هنا أمام خيارين إما تحويل هذه الأرض إلى مزارع سمكية وإما غسلها للتنقية من الملوحة وأنا عن نفسى مع فكرة الغسيل لأن الأرض هناك شديدة الخصوبة ولا يجب إهدارها فى المزارع السمكية.

■ لو انتقلنا لمشروع توشكى هل تراه مشروعاً ناجحاً؟

- نعم.

■ ولماذا لا نشعر به؟

- لأنه فى حاجة إلى ٢٠ عاماً ليتم استكماله، فمشروع مديرية التحرير بدأ عام ٦٥ وحتى اليوم مازال هناك استصلاح فى أراضيه ولم يتم بعد ومازال يحتاج إلى تنمية ..

■ ولكن أثير فى الفترة الأخيرة كثيرا أن المشروع فاشل وأن الأرض تبخر المياه بسرعه بسبب المناخ الجاف؟

- لدينا ٢٥٠ دراسة لمشروع توشكى فى مكتبة ضخمة عن توشكى، ودرسنا معدل التبخر وحجمه، ودرسنا هل تكون الترع مغطاة أم مكشوفة وطولها وعمقها ودراسات لنوعية الأرض. كل شىء موجود فى الدراسات.

■ ولماذا المراحل التى انتهت لم تؤت ثمارها؟

- ربما لأن بعض من حصلوا على الأراضى لم يزرعوها.

■ مثل من؟

- الوليد بن طلال مثلاً لم يزرع سوى ٢٠ % من الأراضى التى حصل عليها.. يمكن الوليد لا يريد الزراعة.. ويمكن يريد بيعها أرضاً.

■ وهل هذا من حقه؟

- نعم.

■ ولماذا توقف مشروع توشكى؟

- لم يتوقف، فقط تم تأجيل العمل فى ٢٠٠ ألف فدان لحين دراسة فرع ١، ٢ وقد خصصوا بالكامل، أما فرع ٣ فانتهت إنشاءاته وسيستكمل هذا العام، ويوجد رجال أعمال إمارتيون يريدون الاستثمار فى المرحلة الثالثة، وتبقى المرحلة الرابعة التى تم تأجيلها لحين الوقوف على ما تم إنجازه فى المراحل السابقة.

■ إذن هناك شك فيما أنجز؟

- لا فقط للدراسة والوقوف على أخطاء المراحل السابقة.

■ مثل ماذا؟

- تعلمنا من أخطائنا ولم يعد هناك بيع لأراضى توشكى إنما حق انتفاع كما لم يعد هناك تخصيص لمساحات كبيرة مثلما حدث مع الوليد فأقصى مساحة ٢٠ ألف فدان وهذا ليس اختصاصنا إنما وزارة الزراعة.

■ ولكن هل هناك مياه كافية لمشروع توشكى؟

- يوجد مياه كافية للـ ٥٤٠ ألف فدان بالكامل.. بما فيها المرحلة المؤجلة.. والمياه موجودة لها كلها والمسألة ليست مياها.

■ ماذا عن ممر التنمية الذى أعاد دكتور فاروق الباز تقديمه؟

- يحتاج إلى كثير من الوقت وأنا كنت من أكثر المشجعين على ضرورة البدء فيه.. وقد تم تشكيل لجنة وزارية وكلف بالمسألة وزير التخطيط، ولكن أعتقد أنه مشروع يحتاج إلى ٢٠ عاماً للتنفيذ.. ونحن الآن فى مرحلة الدراسة.

■ ألم يقدم فاروق الباز الدراسة؟

- فاروق الباز قدم فكرة وليس مشروعاً تفصيلياً.

■ قدم صوراً بالقمر الصناعى لأفضل المناطق؟

- إيه يعنى صور بالقمر الصناعى هى متوافرة لدينا بالفعل، فهو تقدم بكتيب للفكرة، أما التفاصيل الدقيقة فهى فى حاجة إلى دراسة وهناك من يعكف عليها بالفعل.. لأنه مشروع ضخم وسيحتاج لوقت طويل ولكن المهم دائما أن نبدأ.

فى تصريحات خاصة بعد الرحيل: لم تتم إقالتى بل طلبت الخروج

■ دكتور محمود قيل عن أسباب خروجك منها وعدم إنجازك فى ملف اتفاقية حوض النيل حتى الآن؟

- الاتفاقية أنجز فيها خطوات فوق تصورات أى شخص فلو علموا مقدار الأزمات والاختلافات التى واجهتنا طوال مسيرة التفاوض لعرفوا حجم الإنجاز ونحن وصلنا بالفعل إلى شبه تصور نهائى للاتفاقية.. أما عن إطالة المدة فهى أمر طبيعى أمام الاختلافات وإصرار دول حوض النيل على تصوراتها وعدم كتابة حصة مصر واضحة فى الاتفاقية وإصرارنا نحن أيضا على عدم المساس بحصتنا من المياه فالأمر ليس سهلاً.

■ إذن لماذا خرجت من الوزارة؟

- لم تتم إقالتى بل طلبت الخروج.

■ لأسباب صحية؟

- لا.. إنما لشعورى بأن الوزارة أخذت وقتى وعطلتنى عن العمل العربى والدولى فأنا رئيس المجلس العربى للمياه وكنت مقصرا فى حق المجلس طوال الفترة الماضية لذا أردت التفرغ له.

■ ولكننى قابلتك منذ أيام ولم يكن الأمر مطروحاً حتى؟

- تتبدل الأحوال.. ثم إننى كنت أريد ذلك بالفعل منذ فترة.

■ هل السبب خلافات مع وزير الزراعة؟

- أنت أيضا لا تصدقين أننى خرجت بناء على طلبى.. الكل لا يصدق ولا أعرف لماذا رغم أنها الحقيقة.. ومع ذلك لا يوجد خلاف بينى وبين وزير الزراعة على الإطلاق.

■ وماذا عن الدكتور محمود محيى الدين وزير الاستثمار؟

- علاقتى به جيدة وفى الليلة التى سبقت خروجى كنا نتحدث سويا حول بعض الأمور المشتركة ونناقش عدداً من الملفات الخاصة بالوزارتين.

■ وما حقيقة فشل الوزارة فى إنهاء المشروعات القومية مثل توشكى وسيناء؟

- كل ما طلب من وزارة الرى بشأن هذه المشروعات تم على أكمل وجه بالكامل، وكل ما تبقى لا علاقة لوزارة الرى به فهو اختصاص وزارات أخرى ،ومشروع توشكى مثلا كل ما هو اختصاص وزارة الرى من طلمبات وتوصيل المياه وحفر ترع إلى آخره انتهى وبلا أى مشاكل ولست مسؤولا عن عدم الزراعة أو الاستصلاح.

الأمر نفسه ينطبق على ترعة السلام وما تم تنفيذه منه، أما الجزء المتبقى فهو متوقف لأسباب مالية ولا علاقة لوزارة الرى بها.


-----------
نشرت في المصري اليوم بتاريخ 24-3-2009
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=204095

حسنين كروم 1-10-08

تخلي الإخوان وأصدقاء القرضاوي عنه لدعوته للفتنة
بقلم حسنين كروم المصري اليوم ١/ ١٠/ ٢٠٠٨
------------------------------------------
لن يخرج الشيخ يوسف القرضاوي سالماً من المعركة، التي قرر الدخول طرفاً رئيسياً فيها، لإشعال نار الفتنة الدينية بين المسلمين السنة والشيعة العرب، التي سبقه فيها مفتي السنة في لبنان ومجموعات من المتعصبين المصريين، الذين رددوا ما قاله متعصبون سعوديون بأن الشيعة أشد خطراً من إسرائيل.

وشارك فيها -للأسف- صحفيون مصريون محسوبون علي النظام مثل زميلنا محمد علي إبراهيم، الذي وصل به الأمر إلي المطالبة بطرد العراقيين الشيعة، الذين لجأوا للإقامة في مصر علي نفقتهم، هرباً من اضطهاد إخوانهم الشيعة الموالين لإيران لهم، بحجة أن إيران هي التي أرسلتهم إلي مصر!

وعندما نقول إن القرضاوي لن يخرج سالماً من هذه المعركة، فلأن أقرب الناس إليه أعلنوا عن شكوكهم نحوه، وهم أفراد المجموعة التي نصبته واجهة للتيار الفكري، وأرادت منذ سنوات حفر مجري له، بعد وفاة الداعية المرحوم الشيخ محمد الغزالي.

وكانت هذه المجموعة التي ضمت أصدقاءنا المستشار طارق البشري والدكتور محمد سليم العوا والدكتور محمد عمارة وفهمي هويدي والمرحوم عادل حسين، الأمين العام لحزب العمل رئيس تحرير صحيفة «الشعب»، أرادت خلق تيار جديد يجمع بين التيار الإسلامي والتيار المؤمن بالعروبة، ويتجاوز خلافاتهما ويجمع بين إيجابياتها.

وقد فوجئ أفرادها بما قاله القرضاوي، ولهذا رأينا فهمي هويدي يشن هجوماً في «الدستور» ضده مستغرباً أن يشن حملة في هذا التوقيت ضد إيران وإثارة الخلافات بين الشيعة والسنة.

وكما أبدي الدكتور العوا اندهاشه مما قاله القرضاوي في حديثه مع «المصري اليوم» مع زميلتنا رانيا بدوي، والعوا هو الأمين العام للاتحاد الإسلامي الذي يرأسه القرضاوي، ويضم عدداً من علماء الشيعة.

أما الهجوم الأعنف والأكثر وضوحاً، فقد جاءه من طارق البشري في «الدستور» يوم السبت، رغم أنه تجنب ذكر اسمه، وكانت بداية المقال كاسحة إذ قال فيها: «فشت الفاشية في الأيام الأخيرة من عدد من علماء المسلمين من السنة والمهتمين بالشأن الإسلامي العام حول ما وصفوه بأنه نشاط للتبشير الشيعي في صفوف سنة المسلمين. وإحياء لما ردده بعض غلاة الشيعة قديماً عن الصحابة».

وقال أيضاً في إشارة واضحة للقرضاوي: «سادساً: إننا نعجب من أن هذه الفاشية جمعت بين من عرفوا بالاعتدال والوسطية وبين من عرفوا بالغلو ودعوا للعنف، جمعت بينهم في ذات الموقف السياسي، وفي ذات التوقيت، وجمعت بينهم بمبادرة منهم دون أن تقوم مناسبة تستوجب تخويف سنة المسلمين من شيعتهم».

كما وجه البشري أيضاً اتهاماً آخر بأن هناك ما يدعو للاعتقاد بأن موقف القرضاوي يخدم السعودية. كما في قوله: «سابعاً: إن هذه الفاشية تكاد تلحظ في دوافعها موقف بعض الدول بالمنطقة، التي اعتادت أن تنطق باسم الإسلام والسنة.

واعتادت مناصرة السياسة الأمريكية المناصرة للموقف الإسرائيلي، وهي ذاتها من كانت تضع أيديها في أيدي شاه إيران الشيعي الفارسي الصفوي في ستينيات القرن العشرين ضد سيادة مصر الوطنية، ومنها السياسة العربية الوطنية وقتها رغم أنها كانت سياسة عرب وسنة مسلمين. فليس الثابت هو الموقف من الشيعة، ولكنه الموقف المؤازر للسياسة الأمريكية».

هذا بعض ما كتبه البشري، وحين نذكر اسمه، فنحن نشير إلي العلم والأمانة والموضوعية والنزاهة وعفة اللفظ، وسلامة الموقف الوطني والعربي والديني، في حين يصل الأمر معه إلي وصف ما قام به القرضاوي بالفاشية، وخدمة الموقف الأمريكي، فهذا معناه أن المجموعة التي رفعت القرضاوي فوق أكتافها ستلقيه من عليها إلي الأرض، وأيضاً فإن مفكراً بارزاً مثل صديقنا الدكتور أحمد كمال أبوالمجد وصف ما قاله القرضاوي بأنه زلة لسان.

ثم أكمل وزير الأوقاف الدكتور محمود حمدي زقزوق دائرة الحصار علي القرضاوي بنفيه بطريقة غير مباشرة ادعاءه بالمد الشيعي بقوله يوم الاثنين الماضي في حديث نشرته «نهضة مصر» وأجراه معه زميلنا مصطفي أشرف: «هذه مبالغات إعلامية ليست واقعية، وليست مبنية علي الأساس من الصحة.

والوزير بذلك نسف تماماً كل معلومات القرضاوي التي ذكرها لـ«رانيا بدوي» يوم الخميس الماضي بقوله عن المد: «من واجبي أن أحذر من هذا المد، وأن أبصر الأمة لأن والله سيسألني عنها يوم القيامة، لكن ما نسيه القرضاوي أنه لا بد أن يخضع لحساب الرأي العام في الدنيا عن المعلومات، التي يقولها ويعبئه حولها ضد إخوانهم الشيعة.

فمن أين جاء بها والوزير المسؤول يكذبها، والأمن لم يشر إليها؟ أي جهاز أمن آخر غير مصري أخبره بها؟ والمدهش أنه في نفس عدد «المصري اليوم» أدلي صديقنا والنائب الأول للمرشد العام للإخوان الدكتور محمد حبيب بتصريحات أخري لـ«رانيا» قال فيها: «أنا شديد الاندهاش من تصريحات شيخنا، وأسأله: أيهما كان أولي بالتحذير، المد الشيعي والخطر الإيراني أم الخطر الصهيوني؟ هناك يادكتور قرضاوي أولويات في الاهتمام والتحذير.

الصراع مع إيران صراع سياسي، والصراع الديني فيه يأتي في المرتبة الثانية». وهكذا تخلت عن القرضاوي مجموعته وجماعته، التي ساءت علاقتها به منذ مدة بإطلاقه دعوة لها بالاهتمام بالعمل الدعوي، وترك السياسة. تزامنت مع دعوات آخرين من خارج الجماعة، وهو ما اعتبرته عملاً منسقاً ضدها..

المهم أن القرضاوي لن يخرج سالماً من هذه الأزمة مهما صور له غروره أو بعض مؤيديه أنه زعيم وفقيه الأمة، خاصة أن الشكوك أصبحت تحيط بدوافع موقفه، وإن كنت لا أميل إلي من اتهموا النظام السعودي أو أي من دول الخليج إلي دفع القرضاوي لإثارة هذه المعركة، لأنها في رأيي ستسبب لها مشاكل داخلية عديدة لوجود شيعة من مواطنيها في شرق السعودية، ونصف أو أكثر من شعب البحرين.

وفي الكويت والإمارات وسلطنة عُمان، وسياسات هذه الدول تركز علي محاولة إبعاد مواطنيها الشيعة عن التأثر بإيران، وتغليب الانتماء الوطني والعربي علي الانتماء المذهبي، وتبذل جهوداً كثيرة، لتنفي عن نفسها أنها تضطهدهم.

ولذلك فهي ليست في حاجة للقرضاوي ليزيد من حدة هذه المشكلة بدلاً من تذويبها.. ويبقي البحث عن دوافع القرضاوي، وهو موضوعنا القادم إن شاء ربك الكريم.

---------
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=180544

حسنين كروم 21-1-09

هل يتحرك الحزب والحكومة فى سيناء ضد مبارك؟
---------------------------------------
بقلم حسنين كروم-المصري اليوم ٢١/ ١/ ٢٠٠٩
---------------------------------------
للمرة الثانية وجدت نفسى أقول بعد قراءة كلمة الرئيس التى وجهها للأمة يوم السبت الماضى - كان الله فى عونه - وأعانه على مواجهة حكومته وجناح من داخل حزبه يتصرفان ضد ما يعلنه ويحرجانه أمام إسرائيل وأمريكا، عندما يؤكدان أن مصر فقدت سيادتها على سيناء لحساب دولة أخرى تهرب السلاح إلى حماس. ويضعان فى يد الدولتين حجة قوية لمطالبتهما بوضع قوات دولية على حدودها مع غزة.

الرئيس قال بالنص وفى لهجة حاسمة: «إن مصر فى سعيها لوقف العدوان. تعمل على تأمين حدودها مع إسرائيل وقطاع غزة. ولن تقبل أبداً أى تواجد أجنبى لمراقبين على أرضها.. وأقول إن ذلك خط أحمر لم -ولن- أسمح بتجاوزه».

وكلنا يعلم أن هذا المطلب الأمريكى - الإسرائيلى، جاء على خلفية اتهام مصر بأنها التى تقوم بتهريب الأسلحة إلى حركة حماس عبر الأنفاق الموصلة بين رفح المصرية والفلسطينية وبطول الحدود مع قطاع غزة وقدمت إسرائيل لمصر وأمريكا ما قالت إنه أدلة مصورة وهو ما نفاه الرئيس، لكن ظهرت شهادتان مصريتان تؤكدان لا صحة اتهامات إسرائيل فقط وإنما فقدان مصر سيطرتها على سيناء.

وبالتالى فإن المطالبة بوضع قوات دولية لها ما يبررها ، الأول أدلى به زميلنا وصديقنا الدكتور عبدالمنعم سعيد، رئيس مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بمؤسسة الأهرام وعضو مجلس الشورى المعين وعضو المجلس الأعلى للسياسات التابع لأمانة السياسات بالحزب الوطنى الحاكم ورئيس جمعية القاهرة للسلام التى تدعو للتطبيع مع إسرائيل فى حديث له نشرته صحيفة اليوم السابع يوم الثلاثاء الموافق ٦ من الشهر الحالى وأجراه معه زميلنا دندراوى الهوارى قال فيه بالنص: «هناك جهة ما غير مصر مسيطرة على عمليات تفاعلات تجرى تحت الأرض رغم إرادتها»

أى أننا أمام اتهام واضح لمصر بفقدان سيطرتها على سيناء. وأما الشهادة الثانية فأدلى بها محافظ القليوبية عدلى حسين فى ندوة بجمعية ليونز مصر الجديدة ونشرها فى «المصرى اليوم» يوم الخميس الماضى زميلنا أيمن حمزة قال فيها بالنص: «غزة لم تمت فترة حصارها لأن هناك ألفاً ومائتى نفق بين مصر وغزة شيدت بأموال إيرانية خالصة وأن تكلفة النفق الواحد مائة ألف دولار، هذه الأنفاق تتسرب من خلالها المؤن والطعام والشراب والسلاح الخفيف ولذلك لم تمت غزة لأنها كانت تأكل من قلب مصر».

أى أن ما لم يحدده عبدالمنعم، فصله عدلى بالأسماء وأعداد الأنفاق وتكلفتها بينما معلومات عبدالمنعم تؤكد أن ذلك يحدث رغماً عنا، ومادام هذا حالنا فهل أخطأت إسرائيل وأمريكا عندما تتفقان معا ودون أخذ رأينا على وجود قوات دولية فى أراضينا لمنع تهريب السلاح إلى حماس؟!

أما أخطر ما قامت به حكومة الرئيس فهو التوقيع على أول اتفاق فى إطار سياسة لطلب حماية الدول الأجنبية لسيناء، خوفاً من إسرائيل وكلنا يتذكر المقال الشهير الذى كتبه زميلنا ممتاز القط رئيس تحرير أخبار اليوم يوم السبت ٩ من فبراير الماضى وقال فيه بالنص: «ما هو الضرر الذى يقع على مصر لو تمت الموافقة على إنشاء منطقة صناعية أمريكية وأخرى بريطانية وثالثة سعودية ورابعة تركية وخامسة إسبانية وسادسة إماراتية.

حيث تمثل هذه الاستثمارات نوعاً من المصالح الخاصة لتلك الدول والتوسع فى نشر الاستثمارات العربية والأجنبية فيها سيكون خط الدفاع الأول عنها».. وكنت قد أشرت بالتفصيل لهذا المقال فى المصرى بتاريخ ٢٠ فبراير الماضى لأنه يتناقض مع قرارات سيادية وأمنية، بمنع أى استثمارات غير مصرية فى شمال سيناء منعاً لتسرب الإسرائيليين إليها و هو ما أشار إليه الرئيس ولأن ممتاز على صلة وثيقة بجناح داخل الحزب الحاكم والحكومة،

فما كتبه لم يكن من أفكاره بل جزء من مخطط يجرى الإعداد له وبدأ تنفيذه بالفعل فى الإعلان عن اتفاق مفاجئ بين وزارة الاستثمار وتمثلها الشركة القابضة للصناعات الكيماوية مع شركة الصودا الصناعية التركية لإنشاء شركة جديدة فى شمال سيناء فى المنطقة الصناعية فى بئر العبد لإنتاج هذه المادة وهذا ما نشرته صحف السبت وتبلغ مساهمة الجانب التركى ٣٠٪ وهى مقدمة للمشاركة فى صناعات أخرى أى أن المناطق الصناعية الأجنبية لحماية سيناء، لأننا عاجزون عن حمايتها بدأت فعلاً.. وإذا لم يتم وقف هذا المخطط فى بداياته فسوف تتكاثر هذه المناطق ثم تشترى المؤسسات اليهودية حصص الشركاء الأجانب فيها.

والأمر المثير أن الحكومة مهدت للعملية ببيع شركة الإسكندرية للصودا لشركة سولفاى البلجيكية وأعلنت أنها ستنشئ شركة غيرها فى سيناء مملوكة بالكامل للدولة وباختصار إن المخطط الذى يريده اللوبى الإسرائيلى داخل الحزب الحاكم والنظام قد بدأت معالمه تتكشف علناً ولهذا لا غرابة عندما نجد بعض عناصر هذه الرأسمالية تعمل على عزل مصر عن أمتها العربية بعكس رأسمالية وطنية حقيقية ومؤمنة بعروبتها.

قدمت «المصرى اليوم» واحداً من عناصرها هو صديقنا ورجل الأعمال ووزير الإعلام فى عهد السادات وأحد الذين أيدوا كامب ديفيد وهو منصور حسن فى حديث نشرته له يوم السبت قبل الماضى وأجرته معه زميلتنا رانيا بدوى ومما قاله فيه عن المذبحة الإسرائيلية ضد أشقائنا الفلسطينيين وسياسة مصر نحوها:

«إسرائيل كانت تريد من حماس التوقف عن ضرب الصواريخ فى حين تحاصر هى هذا الشعب، لذا كان لابد أن يصل الوضع إلى الانفجار، خصوصاً أن الدول العربية للأسف شاركت بدورها فى الحصار فلا توجد دولة عربية فكرت أن تكسره».

---
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=195657

خيري رمضان 7-4-09

مسؤولية الرئيس
------------------
بقلم خيرى رمضان -المصري اليوم ٧/ ٤/ ٢٠٠٩
--------------------
بعد هزيمة يونيو ٦٧، اعترف الزعيم الراحل جمال عبدالناصر بأنه تعرض لخدعة ممن حوله، وأعلن تنحيه عن الحكم والانضمام لصفوف الجماهير، ولم يقبل الشعب بذلك القرار.

وعندما تولى الرئيس الراحل أنور السادات الحكم، نجح فى اختراق من حوله ومن معه، ليكشف من كانوا ضده، وحدث ما أطلق عليه ثورة التصحيح، وفى أكتوبر ١٩٨١ لم يستمع الرئيس لمن حوله، خاصة اللواء النبوى إسماعيل فكانت النهاية المأساوية.

بعدها جاء الرئيس حسنى مبارك، وأحس الناس أنه قريب منهم، فلم يكن له رجال قبل توليه رئاسة الجمهورية، وظل لسنوات ليست قليلة، لم نسمع أن الرئيس له حاشية، أو رجال مميزون لهم سلطان أو سطوة..

ولكن مع التعثر الاقتصادى وازدياد الأزمات الاجتماعية بدأت جملة تتردد بصيغ مختلفة: «الرئيس لا يعلم»، «المسؤولون يخفون عنه الحقيقة»، «عندما يعلم الرئيس الحقيقة يتدخل مباشرة»، و«ما إن علم الرئيس بالمشكلة أمر بحلها مباشرة».

لم تقف الحكاية عند جُمل وتصريحات يطلقها المسؤولون وهم لا يدرون أنهم يسيئون بها إلى الرئيس، وأن بعضهم متهم بالتقصير فى عمله مما استدعى تدخل الرئيس، بل امتدت الحكاية إلى السينما.. أتذكر منذ فيلم «موعد مع الرئيس»، حيث عمَّ الفساد ولم يعد أمام بطلة الفيلم - إلهام شاهين - منقذاً إلا الرئيس!

وانقطعت هذه النغمة ثم عادت منذ سنوات قليلة، ففى فيلم «جواز بقرار جمهورى» تلاعب رجال الرئيس بالمعلومات وأخفوا عنه مشكلات العروسين التى نُشرت فى صحف أجنبية وعربية، ولم يجد البطل إلا الرئيس ليقدم له مشكلات المواطنين ليحلها.

وعلى الطريقة نفسها وبأسلوب أكثر إساءة واستفزازاً، سار فيلم «طباخ الرئيس»، فالرئيس يرى بنفسه فساد مَن حوله وطرقهم فى إخفاء الحقيقة ولا يفعل لهم شيئاً.. هو مجرد صورة لرجل طيب يتمنى الخير لشعبه ويتخذ قراراته الإيجابية بناء على نصائح طباخه. ويستمر الحال نفسه فى فيلم «ظاظا»، فالبطل نجح فى الانتخابات وفشل منافسه الرئيس لأن من حوله أخفوا عنه معاناة وآلام الشعب.

نعم.. هى حكايات أفلام، ولكنها تعكس الواقع وتسعى إلى ترسيخ معنى واحد هو أن المشكلة ليست فى الرئيس ولكن فيمن حوله.. المعنى نفسه يحاول، فى الواقع، مسؤولون فى النظام وفى الحزب الوطنى ترسيخه، ولا أعتقد أن هذا يسعد الرئيس مبارك فى شىء، لأن رجال الرئيس مسؤوليته، ونجاح خطط الرئيس وأحلامه من أجل الوطن مسؤولية من اختارهم، فإذا فشلوا ولم ينجحوا فى تنفيذ ما طلبه فهذا يعنى الاستغناء عنهم، بل قد يستدعى الأمر محاكمتهم.

نحن فى زمن أصبحت فيه المعلومات متاحة أمام الجميع، فما بالنا بالرئيس بكل أجهزته وإمكانيات الدولة، لذا لا يصح أن يجاهر كل مسؤول بأن الرئيس لا يعلم، لأنه يجب أن يعلم، وأن يسعى لتوفير حياة كريمة لشعبه لأنه مسؤول عن ذلك، والمسؤول يُسأل، وإن كان هذا المعنى غائباً عندنا تماماً عن كثير من المسؤولين.

ما سبق سببه جملة قالها المحافظ السياسى النشط المستشار عدلى حسين فى حواره مع «المصرى اليوم»، عندما سألته الزميلة رانيا بدوى: إلى أى مدى لا ينقل المسؤولون الصورة الحقيقية للرئيس؟ فأجابها: قد يحدث! والحقيقة أنه يحدث كثيراً!


http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=205963

د. محمود محيى الدين وزير الاستثمار

لا تملك للأراضى فى سيناء.. والمنطقة بالكامل متاحة للاستثمار
----------------------------------
حوار رانيا بدوى ٢٩/ ٥/ ٢٠٠٩
---------------------------------


تمكن خبراء فى كوبا من التوصل إلى طرق آمنة لزراعة الخضروات على أسطح المنازل، رافعين شعار الاكتفاء الذاتى من الغذاء فى ظل الحصار، وهو ما يعكس إرادة هذا البلد شعبًا وحكومة فى ألا يكون غذاؤهم رهن إشارة الدول العظمى.. إذا ما تصالحت معهم أطعمتهم وإذا غضبت عليهم سحقتهم جوعًا وفقرًا،

وبالطبع لا نطمع فى أن يزرع كل مواطن مصرى غذاءه بنفسه فوق سطح عمارته، وإن كنا نتمنى ذلك بكل تأكيد، ولكن على الأقل أن تتكاتف الحكومة مع الشعب فى زراعة الأراضى الصالحة للزراعة واستثمار كل شبر فى أرض النيل، وأن تخلص النوايا، وقد تفاءلت عندما علمت أن الحكومة بدأت تهتم بالاستثمار فى مجال الزراعة لسد العجز فى الغذاء، ومواجهة نار الغلاء وتوفير العملة الصعبة.

ولكن المهم كيف سيتم ذلك؟ خاصة بعد ما تردد عن أن الحكومة تدرس مسألة طرح حفر ترعة السلام للاستثمار، وهو ما يطرح عددًا من الأسئلة منها نوع الاستثمار وجنسية المستثمر؟.. وما حقيقة نية الحكومة تجاه بيع ترعة السلام وما حولها من أراض؟!

الموضوع برمته عرضته على الدكتور محمود محيى الدين، وزير الاستثمار، وكان هذا الحوار الذى تطرق إلى كثير من الأمور المتعلقة بالاستثمار فى مصر:

■ ما حقيقة ما تردد عن طرح ترعة السلام للاستثمار؟

- كل ما حدث هو مجرد قرارات عامة من مجلس الوزراء وليس من لجنة وزارية، وكان التكليف الصادر من رئيس مجلس الوزراء مباشرة لا يخص وزارة الاستثمار وحدها ولا وزير الاستثمار منفردًا إنما لعدد من الوزراء، حيث انعقد المجلس بتاريخ ٤ نوفمبر ٢٠٠٨ واتخذ قرارات كثيرة خاصة بتنشيط الاستثمار فى قطاعات الإنتاج «قطاع الموارد المائية والرى»،

وقد تحدد فى التكليف أن يتولى كل من وزراء المالية والرى والموارد المائية والاستثمار والزراعة واستصلاح الأراضى دراسة مشروعات الاستثمار فى الفرع الرابع لتوشكى، وكوم أمبو، ومنطقة السر والقوارير فى سيناء، على أن يقتصر الاستثمار فى المنطقة الأخيرة على المصريين فقط، وبناء عليه تم تشكيل لجنة فنية كجزء من اللجنة الكبرى بقرار من وزير الاستثمار وعضوية ممثلين من هيئة الاستثمار ووزارة الرى والموارد المائية، ووزارة الزراعة، على أن تقوم هذه اللجنة بعمل تقرير وعرضه على وزير الاستثمار، يعرض بعد ذلك على مجلس الوزراء، أى أن القرار ليس خاصًا بترعة السلام فقط.

■ قيل إن استكمال مشروع ترعة السلام يحتاج إلى حوالى ٦ مليارات جنيه، وهو مبلغ لا تستطيع الدولة توفيره الآن، لذا تسعى لجلب مستثمرين لاستكمال الترعة.. فما تعليقك؟

- لا أعلم بالضبط كم سيتكلف حفر الترعة، ولكن هناك اجتماعًا وزاريًا للتنمية فى سيناء تم فيه استعراض عدة أمور، منها التزام الدولة بالتعجيل بمشروعات البنية الأساسية بسيناء «استكمال شبكة الطرق - تطوير المرافق - الرعاية الصحية» والنظر إلى المشروعات المساعدة واستغلال المحاجر، وتم الاتفاق على أن الدولة هى التى تكمل كل البنية التحتية، وتم اقتراح لجنة للتنسيق بين الجهات المعنية ومنها وزارة الاستثمار.

■ ما المحددات القانونية وشروط الاستثمار فى سيناء؟

- أجاب منفعلاً: نحن نضع الشروط للثلاث مناطق التى سبق وذكرتها وليس لمنطقة واحدة.

■ قاطعته: ولكن لسيناء حساسية خاصة نعلمها جميعًا؟

- الاستثمار فى سيناء فى مجالات الزراعة سيكون مقصورًا على المصريين فقط بنظام تخصيص الأراضى بحق الانتفاع لمدة ٤٩ عامًا ولا تَملُك للأرض، ودورى كوزارة استثمار هو الترويج لهذه المشروعات، ولكن بشروط أن تأخذ هذه المشروعات شكل شركة مساهمة زراعية، والنظر فى سابقة أعمال المستثمر والتأكد من التزام المستثمرين بالقوائم المالية..

وتقوم وزارة الاستثمار بالترويج وجذب الاستثمارات وتسجيل الشركات، حيث تتعاقد معهم هيئة التنمية الزراعية، فأى مشروع ينشأ هناك يأخذ شكل شركة مساهمة زراعية يجب أن تتأسس فى وزارة الاستثمار، ونحن الذين نضع قواعد الملاءة المالية وكل الأمور الخاصة بالالتزام بالقواعد المالية والتمويلية واعتماد أعمال الشركات فى المستقبل.

■ هذا يعنى أن الاستثمارات الأجنبية فى سيناء متاحة فى القطاعات الأخرى؟

- الاستثمار الأجنبى والعربى مفتوح مع وجود ضوابط وقوانين مثل «قواعد للإدارة والاستعلام الأمنى وغيرها»، ولكن الأرض حتى فى الاستثمار الصناعى ليست للتملك إنما بحق الانتفاع، أما بالنسبة للاستثمار الزراعى فى سيناء فهو للمصريين فقط نظرًا لوجود إقبال من قبل المستثمر المصرى على الاستثمار فى المجال الزراعى، لذا الأولوية له. وأكرر أن الاستثمار الصناعى له ضوابط وحوافز.

■ هل من حق أى شركة استثمارية فى سيناء تصدير منتجها الزراعى أو الصناعى لأى دولة؟

- نعم بكل تأكيد.

■ ولكن أقرب دولة لسيناء هى إسرائيل وبالتالى ربما يجد بعض رجال الأعمال المصريين أن الأكثر ربحًا له أن يصدر منتجه لإسرائيل لسهولة وسرعة النقل، وفى هذه الحالة يكون عائد هذه الاستثمارات فى صالح إسرائيل وليس مصر؟

- لو فكرنا بهذه الطريقة، فسنوقف الاستثمارات فى سيناء.

■ تتردد بقوة هذه الأيام، قضية التنمية فى سيناء، وأهمية العمل على إحيائها.. فلماذا الآن بالذات؟

- أعتقد أنها رغبة مشروعة ومهمة وضرورية نظرًا للاحتياج، كما أن سيناء لها قيمة عالية لوجود الكثير من الخامات والمحاجر والثروات التعدينية المختلفة بها، ودراسات التنمية فى سيناء ليست مستجدة ولا مستحدثة، وهذا شىء يحمد للحكومة خلال الفترة الماضية، فمجلس الشورى عقد عدة اجتماعات واتخذ قرارات تخص سيناء قبل أحداث غزة، وعلى سبيل المثال مشروع شرق بورسعيد تم التفكير فيه سنة ١٩٩٥ ووضعت الخطة سنة ١٩٩٧ والتفعيل الحقيقى للمشروع بدأ منذ أربعة شهور عندما وضع رئيس الوزراء حجر الأساس فى المدينة المليونية.

عمومًا الهدف الرئيسى من الاستثمار فى سيناء هو التنمية وتشجيع المواطنين على الذهاب إلى هناك، فى إطار خطة التنمية الشاملة لسيناء، أى أن يصل عدد سكان سيناء إلى ٣ ملايين نسمة خلال عام ٢٠١٧.

■ يقول البروفيسور أوريئيل بخراخ التابع لفريق العلوم فى الجيش الإسرائيلى فى كتاب صدر له مؤخرًا إن إسرائيل أجرت عدة أبحاث خلال خمسينيات القرن الماضى تبين من خلالها أن احتياطى الفوسفات الهائل فى شبه جزيرة سيناء يحتوى على كميات لا بأس بها من اليورانيوم، وانتهت الأبحاث بصدور قرار إسرائيلى بالاعتماد على هذا اليورانيوم المصرى فى تشغيل مفاعل ديمونة الإسرائيلى، فما رأيك؟

- هذه المعلومة يجب أن تأتى من مصدر ثقة.. ومع ذلك ما هو الجديد الذى جاء به، فكل التقارير تقول إن سيناء يوجد بها موارد وثروات ضخمة مثل الرمال السوداء، كربونات صوديوم، منجنيز، وغيرها.

■ هل هناك منطقة فى سيناء ممنوع الاستثمار فيها؟

- سيناء بالكامل متاحة للاستثمار وأى محافظة يمنع الاستثمار فى بعض أماكن منها، ربما يكون لأسباب أمنية مثلها مثل أى محافظة.

■ هل كانت مصر خلال الفترة الماضية تحت أى ضغوط لعدم دخول الاستثمار فى سيناء؟

- أبداً على الإطلاق.

■ ما معوقات الاستثمار فى سيناء فى رأيك؟

- عدم وجود خط مياه للمناطق الصناعية «مياه بمواصفات صناعية»، وخط للصرف الصناعى، وعدم وجود طرق للنقل، ولكى نناقش هذه الأمور مع محافظ شمال سيناء وهيئة التنمية الصناعية أخذنا أربعة شهور فى هذه النقاشات للتوصل لحل، ولو أننا نملك البنية الأساسية كالموجودة فى أكتوبر أو العاشر من رمضان أو برج العرب لكان حال سيناء اختلف.

■ إذن أنت تلقى باللوم على غياب البنية الأساسية؟

- لست أبالغ أن أقول إن البنية الأساسية الصناعية حيوية لأى مشروع وأى استثمار.

■ هل نستطيع القول إن غياب البنية الأساسية هو السبب أيضاً فى عدم جنى مصر نتائج الاستثمار لسنوات طويلة فى الصعيد حتى الآن أم أن الاستثمار هناك كان مجرد كلام للإعلام؟

- لا.. لقد استثمرنا كثيراً فى الصعيد لأن به عمالة، وفرصاً للاستثمار، ومواد خام، إلا أن الاستثمار لم يراوح مكانه بالشكل الذى نريده لسببين، الأول عدم وجود طرق، والثانى عدم وجود طاقة «غاز طبيعى»، ولكن بعد وصول الغاز الطبيعى لبنى سويف مثلاً وبعد إنشاء طريق الكريمات وبعد تدعيم طريق القاهرة - أسيوط، أصبحت بنى سويف بالنسبة للصناعة جزءاً من القاهرة الكبرى الآن، وزادت نسبة الاستثمار بشكل كبير، وأصبحت هى الصاعد الجديد..

وهناك مناطق بها فرص كبيرة للاستثمار فى الصعيد وفيها بطالة كبيرة أيضاً، ورغم المجهود الذى بذل فيها إلا أننى لم أحصل من هذه المناطق على ما أريده، والسبب هو حجم الهدر الكبير للمنتجات بسبب عدم اكتمال البنية الأساسية، فمثلاً فى بعض المناطق فى الصعيد سهلنا فرص الاستثمار، وأعطينا الأرض بالمجان، ونظم إعفاءات مختلفة، لأننى أعلم أن هذه المناطق لا يوجد بها بنية أساسية، لذا سهلت الأمور على الراغبين فى الاستثمار فيها، وقلت لهم «شيلوا انتوا بقى نفسكم»، والنتيجة أنه عند نقل عروة الطماطم الأولى،

على سبيل المثال من الصعيد إلى القاهرة فى ظل عدم وجود طرق للنقل وغياب نظم التخزين الجيدة، كانت النتيجة أنها تفقد ٥٠٪ من الكمية، أما العروة الثانية رغم أنها لا تقل عن الأولى فيتم حرثها أحياناً فى الأرض، والنتيجة أن مناطق الاستثمار هذه عندما تذهبين إليها الآن تجدينها خاوية على عروشها.

■ هذا اعتراف صريح بعدم وجود رؤية أثناء التخطيط؟

- لا.. إنما يعنى أنه كان البديل الوحيد أمامنا فى غياب البنية الأساسية هو أن نسهل الأمور، وأن «يشيل المستثمر حاله»، ولم أكن أستطيع فعل كل شىء.

■ كيف تواجهون الأزمة العالمية وتأثيراتها على مصر؟

- عبر عدة محاور، من بينها زيادة الإنفاق العام من خلال ضخ استثمارات جديدة فى مشروعات للبنية الأساسية والمرافق العامة وتشجيع نمط المشاركة بين القطاع الخاص والقطاع الحكومى فى إنجاز مشروعات الطرق والمدارس والصرف الصحى والمياه، وزيادة قدرة قطاع التمويل على القيام بوظيفته فى الوساطة المالية، وتوفير الائتمان المطلوب للأنشطة الانتخابية والتصديرية وفقاً للقواعد المنظمة لمنح الائتمان بتكلفة مناسبة خاصة فى ظل شواهد انخفاض التضخم مع العمل على توسيع نطاق إتاحة التمويل للمشروعات المتوسطة والصغيرة لمساندتها على التوسع والإنتاج،

وثالثاً تشجيع ومساندة الاستثمارات الخاصة من خلال التعامل مع معوقات الاستثمار، والعمل على تيسير الإجراءات المتعلقة بمنح التراخيص والموافقات اللازمة لبدء النشاط وتبسيط واختصار الإجراءات، وتيسير حصول المستثمرين على الأراضى اللازمة لإقامة مشروعاتهم وفقاً لقواعد معلنة، وتحقيق التوازن والاستقرار فى أسعار الطاقة وتأمين الصادرات وزيادة تنافسية الصادرات، وتنشيط أسواق المال والخدمات المالية غير المصرفية من خلال تنظيم تعامل الشركات على أسهم الخزينة الخاصة بها، بما يتيح لها القيام بدور صانع السوق لأسهمها وكمستثمر طويل الأجل فيها، لتحفيز الشركات الخاصة والمملوكة للدولة للدخول برغباتهم كمشترين فى سوق الأوراق المالية وتفعيل دور الشركات العاملة فى مجال التأجير التمويلى لتمويل المشروعات المتوسطة والصغيرة.

■ ماذا نفذتم من هذه القواعد والنظريات؟

- منذ بداية الأزمة وحتى الآن ونحن نبذل قصارى جهدنا حتى لا يشعر المواطن بتداعيات الأزمة، حيث تم تخفيض كل معوقات الاستثمار واختصار الكثير من الخطوات، وقمنا برحلات مكوكية لأوروبا وأمريكا وآسيا لتشجيع الاستثمار فى مصر، ويجرى فى الوقت الحالى تنفيذ عدد من المشروعات الكبرى فى الصعيد خاصة فى مجال البنية الأساسية يشمل إقامة الطرق العرضية والطولية، وتطوير الموانئ، وإقامة مطارات جديدة، وتوصيل الغاز الطبيعى،

فمثلاً مشروع طريق الصعيد - البحر الأحمر يعد واحداً من أكبر المشروعات التى يجرى تنفيذها فى الصعيد، وتموله وزارة الاستثمار بتكلفة تصل إلى ١٣٠٠ مليون جنيه، وسيتم افتتاح المرحلة الأولى منه فى منتصف شهر سبتمبر المقبل، إضافة إلى التعاون مع وزارة النقل لتطوير ميناءى سفاجا والحمراوين، ويخدم الأول حركة نقل البضائع والركاب، والثانى يخدم تصدير منتجات الفوسفات.

كما تم تخفيض القيمة الإيجارية للمشروعات الصناعية المقامة بنظام المناطق الحرة العامة لتكون بحد أقصى ٢ دولار للمتر المربع بدلاً من ٣.٥ دولار، لمدة عام، وذلك بهدف تخفيض الأعباء عليها بما يزيد من قدرتها التنافسية خاصة بالأسواق الخارجية، ويمكنها من الحفاظ على العمالة الحالية، وسيكون لهذا القرار تأثير إيجابى على ٦١٣ مشروعاً صناعياً تمثل نسبة ٥٣٪ من مشروعات المناطق الحرة العامة التى تعمل فى الأنشطة الصناعية، ومنها مشروعات النسيج والملابس الجاهزة والمفروشات، والصناعات الغذائية، وصناعات الأدوية والمستلزمات الطبية.. ولن يسعنى الوقت لحصر كل ما نفذناه منذ بداية الأزمة وما زلنا نعمل لتقليل التأثيرات.

■ ترددون أن الأزمة محنة يمكن تحويلها إلى منحة وفرص للاستثمار كيف؟

- ما نجده من انخفاض أسعار السلع عالمياً بما يحقق نقصاناً عالمياً فى معدلات التضخم المحلية التى كانت التحدى الأكبر خلال العام الماضى فى ظل الارتفاع الشديد فى أسعار السلع الغذائية المستوردة وأسعار مواد البناء، هذا الأمر سيخفف من الأعباء على الفئات ذات الدخل المحدود، والفئات متوسطة الدخل فى مصر، ومن الفرص أيضاً ما أراه فى ظل اهتمام المؤسسات المالية والعربية من الاستثمار فى مشروعات البنية الأساسية ومشروعات إنتاجية فى إطار دولها أو فى المحيط الاقتصادى العربى، خاصة بعدما منيت الاستثمارات العربية بخسائر فادحة فى الأسواق المالية العالمية.

■ هل نوع الاستثمار بعد الأزمة اختلف عنه قبلها؟

- حدث بالفعل تغير فى الاستثمار نوعاً وحجماً وتوجيهاً ومصدراً وكماً.. فقبل الأزمة كانت الاستثمارات الأجنبية المباشرة ٣٨.٥ مليار دولار ومجموع ما قام به الاستثمار الخاص كان يقدر بـ٤٠٨ مليارات جنيه.. والجهود الحالية فى مجال الاستثمارات لم تقتصر على زيادة الاستثمارات فقط، بل استطعنا تنويع هذه الاستثمارات من جميع دول العالم، فهناك قائمة تتضمن ٥٠ دولة من أكثر الدول استثماراً فى مصر تشمل دولاً عربية وأوروبية وأمريكية، مع زيادة ملحوظة فى الاستثمارات الآسيوية بعد الأزمة خاصة من الصين والهند وكوريا الجنوبية ومؤخراً من ماليزيا، كما نسعى إلى زيادة التعاون الاقتصادى مع دول أفريقية خاصة دول حوض النيل.. أما عن نوع الاستثمار فالرغبة السائدة الآن للمستثمرين هى الاستثمارات الملموسة ومن أهمها قطاعات البنية الأساسية.

والبعض يتهم المجموعة الاقتصادية بكثرة السفر للخارج «الصين - الهند - سنغافورة - ماليزيا» ولكن الحقيقة أن الكثير من هذه الدول سوف يدخل معنا فى مشروعات البنية الأساسية «الطرق - الشحن - التفريغ - نقل البضائع - أنشطة إنتاجية - صناعية - دوائية» ونحن نركز على المشاريع كثيفة العمالة، وهو ما يعكس أن المستثمر نفسه أصبح يميل إلى الاستثمار فى الأشياء الملموسة أكثر من الاستثمار فى المعاملات المالية.

■ وما العائد على المستثمر منها، خاصة أن الاستثمار فى البنية الأساسية ليس سريع الربح؟

- عندك حق، هى ليست عالية العائد ولكنها منخفضة المخاطرة.. وبالمعنى الاستثمارى منخفضة التكاليف وهذه هى القاعدة الذهبية للمستثمر بعد الأزمة، فنسبة العائد إلى التكلفة تكون فى صالح المستثمر، وإن كان عائد تلك المشروعات بسيطاً ويبدأ من ٧٪ لكنه مستمر وقليل التقلبات والمخاطرة فيه قليلة.

■ هذا يعنى أن الحكومة ستبيع محطات المياه والكهرباء والصرف الصحى والطرق وغيرها للقطاع الخاص لنجد أسعار كل شىء أربعة أضعاف؟

- الزبون الوحيد للاستثمار الأجنبى فى البنية الأساسية هو الحكومة التى ستشترى من المستثمر الأجنبى وتبيع المنتج مدعماً للمواطن.

■ وكيف يتم تدبير التمويل لمثل هذه المشروعات الضخمة فى ظل عجز الموازنة؟

- الدولة تعمل على تفعيل نظام المشاركة بين القطاعين العام والخاص لتنفيذ مثل هذه المشروعات، إضافة إلى أن بعض المشروعات تمولها الدولة مثل طريق الصعيد البحر الأحمر والذى يمول من عائدات إدارة الأصول المملوكة للدولة وتنفذه إحدى الشركات التابعة لوزارة الاستثمار وهى شركة حسن علام، إضافة إلى خطة الحكومة لتحقيق الاكتفاء الذاتى من بعض المنتجات مثل السكر.

■ ما حجم النمو الذى إذا حققته مصر هذا العام بعد الأزمة المالية العالمية سيكون مقبولاً ومحموداً؟

- مصر تأثرت بالأزمة العالمية، والتى انعكست على تراجع معدلات النمو وتراجع حجم الاستثمارات الأجنبية، لذا إن تم تحقيق معدل نمو يصل إلى ٤.٥٪ فسيكون ذلك مقبولاً فى ظل الأزمة العالمية.

■ ما أكثر القطاعات التى تأثرت بالأزمة وما حجمها؟

- الصناعات التصديرية، والفئات العليا من العقارات «فيلات، قصور» تأثرت بنسبة ١٥٪ إلى ٢٠٪ وهى العقارات التى تزيد على ٣ ملايين جنيه للوحدة.

■ والعقارات المتوسطة والشعبية؟

- عليها إقبال غير طبيعى ومتزايد، وربما هذا سر عدم نزول سعرها حتى الآن.

■ تسريح العمالة بات الشاغل الأكبر للناس بعد الأزمة، ألا توجد قيود موضوعة فى العقود أو حتى تم اشتراطها أثناء تراخيص العمل بعدم تسريح العمالة؟

- أستطيع أن أطمئنك بأن كل من يعمل فى الحكومة مؤمن على وظيفته أى ٥.٦ مليون شخص يعمل فى الحكومة، وهناك مليون فى هيئات تابعة للحكومة ليصل العدد إلى ٦.٥ مليون شخص.

■ معدل النمو سينخفض ألن يؤثر ذلك على الاقتصاد فنضطر للاستدانة؟

- لا أعتقد ذلك، وأرى أن الـ٢٠ ملياراً حجم الدين الخارجى سيثبت فترة، ولا تنسى أن الوارد من الخارج سيكون بسعر منخفض وبالتالى ستحدث حالة من التوازن.

■ أخيراً.. ماذا عن مشروع الصكوك والملكية الشعبية.. هل تم إيقافه؟

- مازالت اللجنة الاقتصادية داخل الحزب الوطنى تبحث آراء الأحزاب والمجتمع المدنى ولم تنته من التوصل إلى الشكل النهائى، ولسنا فى عجلة من أمرنا، واللجنة لم تنته من إخراج تقريرها، ولم يتم إيقافه، ولكن يتم حالياً أخذ وجهات نظر المجتمع المدنى والأحزاب والخبراء بشأنه، وستكون هناك مجموعة عمل داخل اللجنة الاقتصادية بالحزب بها ٢٨ عضواً لدراسته ودراسة وجهات النظر المختلفة حوله، واللجنة لم تنته بعد من تقريرها النهائى.
--------------------------
نشر في المصري اليوم بتاريخ 29-5-2009

المتابعون