د. سمير فرج

بعد إعلان الأقصر المحافظة ٢٩ :
١٥ عاماً والحكومة لا تهتم إلا بشرم الشيخ.. والنتيجة أن الأقصر «اتبهدلت»
----------------------------------------
حوار - رانيـا بـدوى ٢١/ ١٢/ ٢٠٠٩
----------------------------------------

٤ سنوات فقط قضاها الدكتور سمير فرج رئيساً للمجلس الأعلى لمدينة الأقصر، قبل أن تصبح محافظة بقرار من رئيس الجمهورية ويصبح سمير فرج محافظا لها، فى واقعة أثارت الاهتمام، رغم كل ما تركه سمير فرج من بصمات لا تخطئها عين..

فمنذ اللحظة التى وطئت فيها قدماى مدينة الأقصر، وفور خروجى من المطار اكتشفت مستوى التغير الذى طرأ على المدينة التى توحدت ألوان مبانيها وشكل شوارعها، واتسعت ميادينها، وأزيلت عشوائياتها، ولمعت آثارها، ومع ذلك سمعت أحاديث متناقضة وشديدة التطرف حول ممارسات الدكتور سمير فرج فى الأقصر ما بين إعجاب جمّ، وهجوم شرس، فوضعت الاثنين فى عين الاعتبار، فى أول حوار له كمحافظ..

ولكن على أى حال وأياً كان الموقف من سمير فرج فستكتشف أن التطوير ليس بحاجة إلى سنوات طويلة ولا إلى إصلاح تدريجى- كما تدّعى الحكومة- فهو يحتاج فقط إلى قرار من رئيس الجمهورية باعتبارنا دولة مركزية، وتوحد إرادة الحكومة غصباً عنها حتى ولو اختلف الوزراء مع المحافظ، ورجل قوى ينفذ بحزم وإيمان هذا التطوير والتغيير.

■ دكتور سمير أصبحت محافظا فى موقف لم يتكرر من قبل.. زارك الرئيس وأعلن الأقصر محافظة وعينت محافظا فما تفسيرك شخصيا للموقف؟

- أولا إعلان الأقصر محافظة جاء تلبية لرغبة شعب الأقصر فى تحويل مدينتهم إلى محافظة، أما السبب الثانى فهو التطوير الذى لمسه الرئيس خلال زيارته الأخيرة مما شجعه على اتخاذ القرار، والسبب الثالث هو احتياج الأقصر إلى ظهير صحراوى بعمق محافظة وليس مدينة لتنفيذ خطط الاستثمار والتنمية.

■ ولكن يقال إن المدينة أعلنت محافظة خصيصا من أجلك أنت وليس لضرورة إدارية؟

- غير صحيح.. فهى جاءت لتلبية رغبة شعب الأقصر.

■ هل فعلا سبق أن تقدمت بفكرة تحويل الأقصر إلى محافظة منذ عامين؟

- غير صحيح.. واستطرد قائلاً: هناك اقتراح كان مقدماً بالفعل ولكن لم أكن أنا صاحبه بل وزارة التنمية المحلية.

■ لماذا لم يتم إعلان المحافظة من قبل فى حركة المحافظات السابقة؟

- ربما الوقت لم يكن مناسبا كما هو الحال الآن، وأعتقد أن الرئيس خشى أن يعلنها محافظة، وأن تنضم إليها منطقتا إسنا وأرمنت فتأخذان الجهد كله لما فيهما من مشكلات عديدة فلا يتحقق الغرض الأساسى وهو تطوير الأقصر.. أما الآن وقد شهد الرئيس انتهاء الكثير من المشروعات وتطوير الأقصر تحمس لفكرة إعلانها محافظة، وكان التكليف بضرورة رفع مستوى كفاءة اسنا وأرمنت، خاصة أنهما تعدان امتداداً طبيعياً للسياحة الآثرية فى جنوب الصعيد.

■ هل تعتقد أن إعلان الأقصر محافظة له فوائد تعود على الناس أم أنه مجرد تقسيم إدارى وتوسيع لرقعة صلاحياتك؟

- القرار سيشعر بفوائده أهل إسنا وأرمنت، فعندما أعلنت الأقصر مدينة مستقلة بمجلس أعلى مسؤول عنها كان ذلك سببا فى تقسيم محافظة قنا إلى قسمين، واحد فى الشمال وآخر فى الجنوب، فأصبح أهالى إسنا وأرمنت كلما أرادوا إنهاء مصالحهم مروا على الأقصر أولا أما الآن فبينهم وبين رئاسة محافظتهم مساحة لا تتجاوز العشرة كيلو مترات كما أن إسنا وأرمنت ستدخلان ضمن خطط التنمية، خاصة أن رئيس الوزراء طلب منى إعداد خطة لتطويرهما وعرضها عليه خلال شهر.

■ هل كنت تعلم بقرار الرئيس مسبقا؟

- لا على الإطلاق، وكان مفاجأة لى.

■ دكتور سمير قلت إن الرئيس مبارك أبلغك أثناء حلف اليمين أن أمامك ثلاث سنوات لتطوير الأقصر، فماذا كانت تعنى هذه الرسالة خاصة أننا لم نسمع من قبل عن أنه حدد مددا واضحة لإنهاء تطوير المحافظات؟

- الرئيس قال لى ذلك لأن الأقصر كانت «اتبهدلت» طوال السنوات الماضية، وكل الاهتمام كان منصبا على تطوير شرم الشيخ والغردقة لمدة ١٥ عاماً، فى حين أن التعديات على الأماكن الأثرية والعشوائيات فى الأقصر دمرت جمالها، وكان الرئيس يعنى بهذه الرسالة سرعة انتشال الأقصر مما وصلت إليه. وبالفعل وفور أن توليت منصبى بدأت بإعداد دراسات علمية للتطوير، بها رؤية مستقبلية وهى «الماستر بلان»، حتى عام ٢٠٣٠.

■ وكيف تمت الدراسة فى هذا الوقت الوجيز لإعداد خطة بهذه المدة الزمنية؟

- كل قطاع فى المحافظة قام بعمل دراسة خاصة به، سواء قطاع السياحة، أو القطاع الهندسى، وغيرهما.. كما أننى وبعد جمع بيانات عن كل قطاع وجدت دراسة لـUNDP «البرنامج الإنمائى للأمم المتحدة» لتطوير الاقصر، فقرأتها ووجدت فيها أبحاثا مفصلة ومستفيضة لتطوير جميع القطاعات وقد ساعدتنى على التخطيط.

■ وأين وجدت هذه الدراسة؟

- وجدتها مهملة فى الأدراج.

■ ولماذا اهتم البرنامج الإنمائى بالأقصر بالذات؟

- هذه الدراسة موجودة فى مكاتب ٢٤ محافظة، وليس الأقصر فقط، ولكن لا ينظر إليها رغم أنها وافية وبها دراسة عن كل القطاعات «بشر وحجر» ورغم أنه أنفق على إعدادها ٢ مليون دولار مقدمة لنا على الجاهز وربما لا نستطيع ماديا إعداد مثل هذه الدراسات بل وبهذه الدقة.

■ وما سبب إهمالها ما دامت بهذه الأهمية؟

- سؤال يوجه للمحافظين الآخرين وليس لى، فأنا أخذت بما جاء فيها.

■ بأى نسبة استفدت مما جاء بهذه الدراسة؟

- حوالى ٦٠%.

■ خطة لمدة ٢٥ سنة، ألا تراها غريبة فى دولة لا تؤمن إلا بالخطط الخمسية؟

- أعلم أنها لأول مرة تحدث فى مصر، ولكن فى الحقيقة فإن الخطط طويلة الأمد هى الخطط الصحيحة والمتبعة فى العالم المتحضر، وأنا مؤمن بالدراسات والخطط طويلة المدى، وهذا ما تعلمته فى أمريكا.

وقد تم التصديق على الخطة من اللجنة الوزارية المختصة برئاسة رئيس مجلس الوزراء.. بل إنه وفى مسابقة تطوير المدن التابعة لمنظمة العواصم الإسلامية والتى اشتركت فيها ٤٤ مدينة وعاصمة إسلامية، حصلنا على المركز الثانى بعد المدينة المنورة والتى أعدت خطة قام بها أربعة مكاتب أجنبية، عموما هذه الجائزة تعنى أن خطتنا صحيحة علميا، كما أن العام الماضى شكرت منظمة اليونسكو مصر، على تحويل الأقصر لمتحف مفتوح.

■ فلنتحدث عن أكبر عملية نقل شهدتها الأقصر فى عهدك، وهى خروج آلاف البشر من منطقة القرنة «مقابر عامة الشعب والأشراف أيام الفراعنة» كيف استطعت تنفيذ هذه العملية التى عجزت حكومات متتالية عن تنفيذها؟

- القرنة عبارة عن ٩٥٠ مقبرة من مقابر عامة الشعب والأشراف من الفراعنة، يسكن فوقها ٣٢٠٠ أسرة، تسكن فوق وداخل هذه المقابر الأثرية، وتلقى بالصرف الصحى الخاص بها على المقابر، وهو أمر لا يعقل أن يهان التاريخ بهذا الشكل، لذا كانت هناك صعوبة فى النقل ليس فقط لتمسك المواطنين ببيوتهم، رغم أنها بلا مرافق «لا مياه ولا كهرباء ولا صرف صحى»، وإنما للكنوز الموجودة فى منازلهم من مومياوات وآثار ذهبية، وعندما تم التفكير فى هدم سور منزل فى مرحلة من المراحل توفى ٤ أشخاص.

■ إذن كيف استطعت أنت نقلهم وهل فعلا ساعدتك الحكومة؟

- لا أنكر مساعدة الحكومة فقد تم بناء قرية جديدة كاملة المرافق، مما كان أحد أسباب اقتناع الأهالى مقارنة بالأماكن التى كانوا يعيشون فيها.

■ ولكن الكهرباء والصرف الصحى ليسا ميزة إذا ما تم مقارنتهما بمومياوات من الذهب الخالص يستخرجونها ويتكسبون منها، إضافة إلى أن المعمارى الفنان حسن فتحى سبق أن بنى لهم مدينة رائعة ورفضوا الانتقال إليها؟

- لديك حق ولكن هذا بالنسبة للأجداد وكبار السن وليس بالنسبة للشباب الطامحين فى الحياة الرغدة والتطور، وهذا كان مدخلى معهم، فالزمن تغير ومغرياته كثرت، والشباب بدورهم ضغطوا على أمهاتهم للموافقة، والمرأة فى الصعيد قوية بطبعها وكلمتها مؤثرة حتى اقتنع الناس بالنقل.

■ ما تقوله يعنى أن عملية النقل تمت بشكل سلمى؟

- نعم.

■ ولكن سمعنا عن أحداث عنف وتحرش أمنى بمواطنى القرنة لإجبارهم على ترك أماكنهم؟

- عندما تنتقل آلاف الأسر ويتبقى حوالى ٧٠ أسرة فلا وقت لمزيد من الإقناع أو الانتظار لذا لجأنا إلى بعض العنف، خاصة أن من تبقوا كانوا عددا لا يذكر بالنسبة لمن انتقلوا.

والمهم أنه تم تعويض الاشخاص بشكل مناسب، «يعنى لو الشخص عايش وابنه متزوج معه فى المنزل نعطيه شقة وابنه شقة»، وفى البداية كان تصميم المنزل على أساس دورين لكنهم رفضوا وقالوا لا نريد أن يسكن معنا فى البيت أحد حتى لا يطلع على نسائنا وقد تم تنفيذ طلباتهم بالفعل، وبالمناسبة القرية بها مدرستان إحداهما لغات ومكتب بريد.

■ دكتور سمير دعنى أطرح السؤال بطريقة أخرى: منذ عام ١٩٤٨ الدولة تعلم أن القرنة تحتها ٩٥٠ مقبرة ولم يتم ذلك إلا فى عهد سمير فرج لماذا سمح لك أنت بالذات برفعها من مكانها؟

- هذا السؤال لا يوجه لى، فالقرنة موضوع مطروح منذ حوالى ٢٤ عاما وكان أمام المجلس الأعلى للآثار ولم يتحرك فيه أحد وعندما تقدمت لرئيس الوزراء بطلب رفع القرنة سمح لى، واتخذت فيه خطوات عملية وسريعة، وكنت قد عرضت الأمر قبلها على المجلس الأعلى للآثار وظل الأمر متداولاً ٦ أشهر بلا نتيجة، حتى حسمه رئيس الوزراء. الأمر كان يحتاج لخطة جيدة وحزم فى القرار بلا تردد أو خوف وتنفيذ بقوة والأهم هو تكاتف جميع الجهات ولا تنسى أن الرئيس أمر بتطوير الأقصر بما فيها القرنة، لتصبح ثانى أكبر عملية تهجير بعد النوبة.

■ رفع القرنة من مكانها مهمة قومية ولكن بماذا تفسر إزالة عشرات البيوت بل شوارع بأكملها؟

- العشوائيات فى الأقصر وصلت إلى حد مرعب، فساحة معبد الكرنك التى هى أكبر أثر فى العالم، حيث بنى على ٢٠٠ فدان، بنوا فيه ملعب كرة وموقف ميكروباصات وعشش فهل ذلك معقول؟، طبيعى عند إزالتها أن يغضب بعض الناس ويضجونا.. فالبعض يهمه لعب الكرة أكثر من تاريخ بلده ولا أحد يستطيع أن يلومنى فى إزالة مثل هذه العشوائيات.

■ وكم شارعاً بصراحة أزلت من داخل الأقصر نفسها، ولم تكن لتؤذى الآثار فى شىء؟

- ١٢ شارعاً ولكن لأن مساحة الشارع داخل مدينة الأقصر ٤ أمتار «يعنى لو منزل احترق لن تستطيع سيارة المطافئ الدخول للإطفاء» فكان لا بد من توسيع الشوارع وتوحيد شكلها.

■ وهل أنت متفهم لثورة الناس ضدك؟

- نعم وأنا معهم، الإنسان إنسان.. بيته عزيز عليه حتى ولو كان عشة ولكن الأقصر تستحق أن تكون عاصمة للثقافة فى العالم كما كانت قبل ٣٠٠٠ سنة.

■ إذن ما يقال عن أنك انتزعت أراضى قرية المريس من الناس الغلابة صحيح؟

- المريس عبارة عن ٥٠٠ فدان، وقد وضعت ضمن خطة التطوير لإقامة ١٨٠ فندقاً عائماً عليها بتكلفة ٢.٥ مليون دولار لتشغيل ١٠ آلاف شاب، على أن يكون ذلك على غرار خليج نعمة، إضافة إلى عشرات الكافيهات والبازارات لتنشيط السياحة فى الأقصر وتقديم خدمة عالية الجودة.

■ كم بالتقريب؟

- لا أستطيع التصريح بالمبلغ لأن المسألة ستكون مسألة تفاوض للوصول للمبلغ المناسب.

■ وهل فعلا ضمن خطتك انتزاع أراضى أكبر كنيسة فى الأقصر وأرض المطرانية؟

- لم يحدث.

■ ولن يحدث فى المستقبل؟

- ولن يحدث فى المستقبل وهذا كلام أحاسب عليه ولكن بالنسبة للمطرانية فلن ننتزع الأرض ولكن تم الاتفاق معهم على تطوير هذه الأرض بالشكل الذى نراه نحن على أن تكون ملكهم.

■ هل يوجد آثار تم اكتشافها فى عهدك أثناء عملية التطوير؟

- البعثة الإسبانية وجدت مقبرة كاملة بكل ما فيها من مومياوات وذهب وغيرهما، ولم يمسسها بشر بعد خروج سكان القرنة منها، كما اكتشفنا ٨٤ تمثال «سخمت» فى منطقة أخرى.. كما اكتشفنا ٤ تماثيل على غرار تمثالى «ممونون» أكبر تمثالين فى العالم يبلغ ارتفاع الواحد منهما ١٨ متراً ولكن لم نستطع نصبهما بسبب المياه الجوفية.

■ وأحضر لى الدكتور سمير فرج الصور التى تظهر ارتفاع منسوب المياه الجوفية بشكل مرعب ويهدد الآثار فى الأقصر فسألته وما سبب ارتفاع هذا المنسوب بهذه الدرجة؟

- أحد الأسباب هو أن الأقصر تزرع قصب السكر على مساحة ٢٢ فداناً حول معبدى الأقصر والكرنك وهو يحتاج إلى كميات مياه ضخمة، أما بالنسبة لارتفاع منسوب المياه داخل معبد الكرنك فذلك لأن الفراعنة من ٣٠٠٠ سنة أنشأوا خندقا أو مصرفا تتجمع فيه مياه الزراعة والصرف وتسير بداخله حتى تصب فى النيل ولا تدخل المعبد لكن الإنسان المصرى الحديث بنى على الخندق وزرع فوقه وردم أجزاء منه بالقمامة فتسربت المياه إلى داخل المعبد، فأبلغنا اليونسكو وأرسلوا لنا بعثة من السويد واكتشفوا خندق الفراعنة وأبلغونا بضرورة حفره مرة ثانية بالسير على نفس الخط القديم

ولكن بدأت تعترضنا بعض المبانى كعمارة من أربعة أدوار فطلبت منهم أن يحفروا بجوارها ويتفادوها فاكتشفوا أن المياه لا تسير وتأتى إلى هذه النقطة وتقف فاضطررنا لإزالة العمارة وسرنا على الخط القديم فسارت المياه، وظلت البعثة لمدة عام ونصف تدرس سر وأسس بناء هذا الخندق، هل حفر طبقا لطبوغرافية الأرض أم تبعا للنيل أم وفق الأجرام السماوية وما الذى يجعل المياه تقف مكانها إذا ما ابتعدوا عن الخط القديم ولو لمتر واحد، ولكن حتى الآن لم يعرف أحد السر.

وعموما نجح المشروع الذى تكلف ٧٠ مليون جنيه، ٥٠ مليوناً دفعتها المعونة الأمريكية و٢٠ مليوناً دفعتها الحكومة المصرية.

■ طريق الكباش الاكتشاف الأعظم فى الأقصر الآن.. فجأة تحمست له وقررت إزالة كل ما يعترض هذا الطريق من فنادق أو أقسام شرطة أو مساجد أو بيوت.. كيف اتخذت هذا القرار وأنت غير متخصص بالآثار؟

- كل شىء موجود فى دراسة الـUNDP، وهى التى دفعتنى إلى التفكير فى طريق الكباش الذى يربط معبد الكرنك بمعبد الأقصر.

■ ألم تخش أن تكون الدراسة مخطئة وتتورط فى هدم كل هذه المنازل وتنفق أموالاً طائلة ولا تجد طريق الكباش؟

- صمت قليلا.. ثم قال: بصراحة وأول مرة أقولها، «كنت مرعوب ومش عارف أنام» ولكن بعدما حفرنا ووجدنا الكباش، بل فى حالة جيدة، شعرت بسعادة غامرة.. أقصى ضرر للكباش كان أن رءوس بعضها مقطوعة.. وجدنا بعضها والبعض الآخر أخذه الناس وبنوا بها بيوتهم.

■ وكيف تم تعويض الأهالى عن بيوتهم؟

- كل بيت هدمته تم تعويض صاحبه بدفع ثمن الأرض والعقار، والمستأجر القديم خيرته ما بين الحصول على ٧٥ ألف جنيه، أو شقة ٨٥ متراً تشطيب سوبر لوكس.

■ ننتقل إلى مشكلة هدم فندق «الونتر بالاس».. لن أتحدث عن قيمة الفندق كمعمار، ولكن سأتحدث عن تقرير صدر عن جودت الملط ورفعه إلى الرئيس أكد فيه أن هدم الونتر بالاس يعد إهداراً للمال العام وسيتسبب فى خسارة ٥٠ مليون جنيه؟

- أولاً أنا هدمت الونتر بالاس الجديد لأنه فى واجهة المعبد ومانع للرؤية، ثم إنه كان مبنى للاتحاد الاشتراكى وليس تحفة معمارية كالونتر بالاس القديم.. وحتى لو إن الخسارة ٥٠ مليوناً، فإن أهمية تطوير المعبد وما سيجنيه أكبر، خاصة أنه سيكشف الونتر بالاس القديم على ساحة المعبد، مما سيعطى له قيمة أكبر. والدليل أن سعر الغرفة فى الونتر الجديد فى الأعياد كانت ١٢٠ يورو أما الونتر الأصلى ١٢٠٠ يورو، ويتوقع أن تصل إلى ٢٠٠٠ يورو، بعد أن أصبحت تطل على معبد الكرنك.

ثم إن كل هذه المشروعات تمت بمعرفة رئيس الوزراء واللجنة الوزارية القائمة على تطوير الأقصر، وهى مكونة من رئيس الوزراء، ووزراء الثقافة والسياحة والإسكان والزراعة، والتنمية الإدارية، والاستثمار.

■ الإعلان الأول لتكلفة تطوير معبد الأقصر كانت ١٨ مليوناً ثم صرحت فيما بعد أنها تكلفت ٢٥ مليوناً؟

- عندما قررنا نشتغل فى ساحة المعبد، كانت الدراسة الأولى تقول إنها ستتكلف حوالى ١٨ مليوناً، ولكن بعدما بدأ العمل اكتشفنا أن البنية التحتية للأقصر كلها مدمرة، فبدأت من نقطة البداية، وكان ذلك سبب ارتفاع التكلفة وهذا ما استفادته الأقصر طوال الأربع سنوات الماضية بنية تحتية ممتازة.

■ بصراحة هل استعنت بأى شركات أجنبية فى أى مرحلة من مراحل التطوير؟

- أعلم ما ترمين إليه وأحب أن أطمئنك أن كل مشروعات التطوير أسندتها إلى جهاز الخدمة الوطنية بالجيش المصرى، ولم أعط أى مشروع لا للقطاع خاص ولا لشركة أجنبية، وبالمناسبة الرئيس قال لى «برافو عليك يا سمير إنك تعاقدت مع الجيش فهم التزام فى المواعيد ودقة فى التنفيذ.. قلتله وكمان طهارة يد يا ريس علشان محدش يقول سمير أخد أو أسندها لشركات خاصة لمصلحته.. فرد قائلا مفيش حد يقدر يقول حاجة عليك قلت له بس الشارع ممكن يقول».. فنحن فى مجتمع لا يرحم لذا كنت أضع عينى فى وسط رأسى لأحقق التنمية والتطوير اللذين أحلم بهما للأقصر، دون أن يعكر صفو نجاحى شىء أو أعطى فرصة لأحد لتشويه سمعتى.

■ كيف تم توفير الأموال للتطوير؟

- جزء من الحكومة والجزء الآخر من المعونات، والفضل يعود إلى الدكتورة فايزة أبوالنجا وزيرة الدولة للتعاون الدولى، حيث قابلت الرئيس مبارك وأقنعته بأن يخصص للأقصر نصف مليار من أموال المعونات، فقال لها «مش كتير يا فايزة» فأجابته أن الذى سينفق على الأقصر «سنسترده وزيادة»، ووجود سمير فرج معناه أننا سنكون متأكدين أن الأموال ستنفق فى مكانها.

■ لاحظت توحيد لون الأبنية الجديد والشوارع داخل الأقصر فهل للتنسيق الحضارى دور فى ذلك؟

- لا.

■ إذن كيف تخطط للميادين وشكل ولون المبانى، أليس ذلك ضمن مهام هيئة التنسيق الحضارى؟

- يفترض ولكن هذا لا يحدث.

■ ألهذا السبب ولاغفالك لدور سمير غريب، هاجمك فى بعض المقالات فى الصحف؟

- كل ما أستطيع أن أنفذه دون مصاريف إضافية أفعله على الفور، ثم إن «مثل هذا العمل لقمة حلوة لأى جهة»، لذا يحدث الخلاف لكن أنا المهم عندى هو تحقيق الهدف بأقل تكلفة وبالفعل سمير غريب هاجمنى بأربعة مقالات وتحدثت مع رئيس الوزراء بهذا الشأن فقال لوزير الثقافة: سمير غريب إما أن يكون موظفاً أو يكون صحفياً، ولو عنده انتقاد يقوله لوزير الثقافة.

■ هل أجبرت المواطنين على دهان العمارات باللون الذى حددته؟

- تطوير الشوارع الداخلية ودهانات البيوت والعمارات تم على حساب الدولة وتكلف حوالى ٩ ملايين جنيه، وبالنسبة للمبانى الجديدة لابد من تنفيذ الأشتراطات قبل السماح بإدخال المرافق .

■ لماذا اجتمعت الإرادة السياسية لتطوير الأقصر؟

- لأن الرئيس مبارك طلب ذلك.

■ إذن إذا لم يأمر الرئيس بتطوير محافظة، فلن تتطور؟

- أظن ذلك فنحن دولة مركزية.

■ قرار تطبيق نموذج اللامركزية فى ثلاث محافظات، السويس والفيوم والأقصر.. كيف تراه؟

- المركزية أحد عيوب الحكم الحالى، ومصر لن تتطور إلا إذا تحولت بالكامل إلى نظام اللامركزية.

■ وهل نحن مستعدون لذلك؟

- هذا حلم وأمل كبير وإذا نجحت هذه المحافظات الصغيرة فى تطبيق اللامركزية سيتم تعميم التجربة تدريجياً.

■ وإذا فشلت؟

- لن يفشل أحد وإنما سوف تكون هناك أخطاء سيتم تداركها بعد ذلك.
---------
نشرت في المصري اليوم بتاريخ ٢١/ ١٢/ ٢٠٠٩
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=237353

الحكومة ضربتنا من الداخل

بقلم صبرى غنيم-المصري اليوم ٣/ ١٢/ ٢٠٠٩
----------------------------------------
توقعت أن تقوم الدنيا وتقعد بعد الخبطة الإعلامية التى انفردت بها «المصرى اليوم» الأسبوع الماضى وكشفت عن المستور فى أحداث مباراتنا مع الجزائر فى السودان.. الصحفية المتألقة رانيا بدوى حاصرت سفيرنا المصرى فى الخرطوم وأخرجت أحشاءه فى حوار جرىء أذاب ثورة الغضب التى اجتاحت قلوب عدد كبير من المصريين بسبب إهمال هذا السفير.. الرجل فتح قلبه وكشف عن المستخبى.. كلام السفير عفيفى عبدالوهاب كان كفيلاً بفتح الملف على الأقل بتشكيل لجنة تحقيق عاجلة كاللجنة التى شكلت فى أعقاب حصولنا على صفر المونديال..

لكن لم نسمع صوتاً للقيادة السياسية.. ولا للحزب الحاكم.. بعد القنبلة التى فجرها سفير مصر فى الخرطوم.. ومع ذلك لم نسمع تكذيبا لما قاله الرجل مع أننا كنا نتوقع التحقيق فى مواجهة الأجهزة المعنية.. جهاز الرياضة.. واتحاد الكرة.. والمحطات الفضائية.. الحكومة تعرف جيداً أن هذه الجهات ساهمت فى هذه المأساة وألهبت مشاعر الجماهير حتى تحولت إلى قنابل موقوتة.. وإذا كنا قد انضربنا فالضربة جاءت من الداخل وليس من خارج حدودنا.

يخطئ من يقول إن الأمن سبب هذه الكارثة لأن الحزب الحاكم نحى الأمن جانبا عن دوره فقد كان يريدها مهرجاناً شعبياً، الحزب أيقن أننا ذاهبون إلى هناك فى رحلة يعرف نتيجتها وكأنها واحدة من نتائج الانتخابات التى تعود أن يدخلها.. ولذلك كان يتوهم أننا سنعود منها فائزين منتصرين وقد استعد لتنصيب نفسه فى احتفالية وطنية يعلن فيها أنه صاحب الفضل فى وصولنا إلى المونديال.

ولا أعرف لماذا يحاول الحزب الحاكم دائماً أن يستثمر المناسبات ليصنع فيها بطولات على أمل اجتذاب أعضاء جدد، فقد كان يأمل أن يضم أعضاء الفريق القومى فى الدخول تحت بطانته كما فعلها مع رؤساء تحرير الصحف القومية.. يوم أعلن عن انضمامهم للحزب بقرار منه ودون علمهم.. الحزب يتصور أنه صاحب الفضل فى تجميع القوى الوطنية فى حين أن الحس الوطنى هو الذى يجمع هذه الجماهير تحت علم مصر.. وليس الحزب الوطنى.. الجماهير رفعت العلم بإرادتها.. وأخشى أن يأتى اليوم الذى ينسب فيه الحزب لنفسه الدعوة إلى رفع العلم ويدعى أيضاً أنه هو الذى غرس الحس الوطنى عند الجماهير.

أعجبنى أن أسمع أحد أعضاء البرلمان وهو من أعضاء الحزب الحاكم وقد أزعجه كلام سفيرنا فى الخرطوم كما جاء فى «المصرى اليوم» وطالب بتشكيل لجنة تقصى الحقائق بعد أن اتهم الحكومة بالتقاعس والإهمال الشديد وأنها السبب فى إهانة المصريين.

كلام النائب معناه أن الحكومة ضربتنا على «قفانا».. وهى التى أهانتنا.. وقد كان من الطبيعى أن نسمع عن هذه اللجنة، لكن كل شىء دخل الجحور!!

أما الكابتن حسن صقر رئيس جهاز الرياضة فمن الواضح أنه محدود الرؤية.. وأنه لا يتمتع لا بالخبرة.. ولا بالرؤية.. وقد كان فى إمكانه أن يلعب دوراً فى وقف الاحتكاكات والاعتداءات التى تعرضنا لها فى الخرطوم.. فقد كان يستطيع تنظيم أفواج من مشجعى الدرجة الثالثة حتى ولو على حساب رجال الأعمال أو من ميزانية جهاز الرياضة التى خصصها للمونديال.. ولأعضاء الجهاز أو لضيوفهم.. لكن نعمل إيه فالكابتن حسن يهمه مشجعو المقصورة والدرجة الأولى..

أما الغلبان الذى كان يستقطع من قوته لشراء تذكرة للاستاد فى القاهرة لا يستطيع أن يشترى تذكرة طائرة للسفر إلى الخرطوم.. ولو كنا قد أرسلنا مشجعى الدرجة الثالثة لكانت الأمور اختلفت تماماً.. فالمواجهة سوف تصبح متكافئة.. والأقوى هنا هو أولادنا لأن المصرى عمره ما كان «خرع».. على الأقل بوجود هذه الشريحة من المشجعين لنضمن وجود العين الحمرا وساعتها لن تحدث الاحتكاكات التى رأيناها..

أنا شخصياً لا أتشكك فى وطنية الكابتن حسن صقر.. فهذه إمكاناته فى إدارة المواقف الصعبة.. فقد كان ينقصنا التنسيق، على الأقل تربيط المصريين ببعضهم فى جبهة واحدة وهذه مهمة جهاز الرياضة وليست مهمة اتحاد الكرة أو قنصليتنا فى الخرطوم.. لقد توقعنا أن نسمع أن رئيس جهاز الرياضة عقد مؤتمراً لمراسلى وكالات الأنباء والصحف العالمية يشرح أبعاد الاعتداء على المصريين عقب المباراة.. لكن لم يحدث ويبدو أنه ترك هذه المهمة لوزير الإعلام الذى كان خارج الحلبة وليس شاهد عيان للأحداث فقد تعلمنا أن الحجة على الراوى.. وكلام صقر سيكون مسموعاً عن الفقى.

من هنا سقطنا إعلامياً وفشلنا فى عرض قضيتنا على محبى كرة القدم فى أوروبا والمنطقة العربية، فأدوات الإدانة التى نمتلكها ضعيفة ولا أعرف قد تكون هناك أدوات غيرها لم تعرض حفاظاً على السير فى إجراءات التحقيق.. وبخلاف هذا أو ذاك كان لابد من التحرك إعلامياً بين الصحف والمحطات العالمية.. لكن سؤال أخير من الذى يحاسب عن هذا التقصير.. هيئة الاستعلامات أم مكاتبنا الإعلامية فى أوروبا.. هذا هو السؤال الذى تاه وسط الزحام لأن سكوت وزير الإعلام أعطى حماية لكل من أخطأ.. سواء كانت الفضائيات التى شحنت الجماهير قبل وبعد المباراة.. أو إعلامنا الذى فشل فى توضيح الرؤية.

الأيام القادمة ستكشف تفاصيل المؤامرة التى تعرضنا لها فى الخرطوم.. وستكشف معها أوجه التقصير فى أجهزتنا التى عرضت أولادنا للإهانة.. ناهيك عن أنهم نقلوهم من السودان إلى القاهرة.. فى زمن قياسى بعد تدخل الرئيس شخصياً.. موقف يحسب للرئيس مبارك وهو يتابع مع ابنيه علاء وجمال الأحداث كل دقيقة.. فقد أثبتت المواقف المعدن الأصيل لهذين الشابين ورفضهما مغادرة الخرطوم قبل رحيل اللاعبين والمشجعين.. هذه هى أخلاقيات علاء وجمال التى توجت كل المصريين.. المصريون الآن بعد هذا الحب يريدون من جمال أن يتحدث بلغة علاء ولا يتحدث بلغة السياسيين!!

http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=235342

من «الهجان»٦٧.. إلى «عفيفى» ٢٠٠٩..!

بقلم مجدى الجلاد- المصري اليوم في ٢٦/ ١١/ ٢٠٠٩
-----------------------------------------
قرأت مثلكم الحوار الخطير الذى أجرته فى الخرطوم الزميلة المتميزة رانيا بدوى مع السفير عفيفى عبدالوهاب، سفير مصر فى السودان.. أجابت رانيا على الأسئلة التى أجهدتنا وأرهقتنا وأتعبتنا طوال الأيام الماضية.. ولكنها فتحت ملفاً لا يحبه أحد فى النظام الحاكم.. ملفاً «مسكوت عنه» منذ سنوات طويلة.. سكوت سياسى لإخفاء أخطر مرض تعانيه مصر: غياب الرؤية.. ضعف التنسيق.. افتقاد المستشارين.. والسقوط فى خطأ الجزر المنعزلة فى الدولة..!

لا أعرف لماذا قفزت إلى ذهنى، وأنا أقرأ الحوار، صورة الفنان الكبير محمود عبدالعزيز فى مسلسل «رأفت الهجان».. قلت لنفسى ما أشبه الليلة بالبارحة.. مصر هى مصر.. لا شىء يتغير.. الدولة فاشلة فى إدارة الأزمات، وحين تقع الكوارث تفعل نفس الشىء: حشد الناس حول فكرة «المؤامرة»، وإقناع الشعب بأن ما حدث كان «مفاجأة»، وأن مصر ضحية.. ثم نكتشف بعد ذلك أننا لا ضحية.. ولا دخلنا مواجهة من أصله..!

تسألوننى ما الذى ذكّرك بـ«رأفت الهجان».. وما الرابط بين السفير المصرى فى السودان ومحمود عبدالعزيز؟!.. والإجابة تسكن ضمير مصر، وقلوب المصريين.. فالبطل رفعت الجمال ــ الاسم الحقيقى لرأفت الهجان ــ كان يعيش فى قلب إسرائيل عام ١٩٦٧.. قام الرجل بواجبه، وأبلغ النظام المصرى بأن تل أبيب ستهاجم مصر، وحدد الموعد باليوم والساعة.. مصر كانت نائمة، كما قلنا أمس.. استلمت معلومات «رفعت الجمال»، ودفستها تحت «المخدة»، واستأنفت النوم ليلة ٥ يونيو على هدير الطائرات الإسرائيلية وهى تقصف كل شىء فى البلد!

نفس المشهد ــ مع الفارق ــ تكرر يوم ١٨ نوفمبر ٢٠٠٩.. أى بعد ٤٢ عاماً.. السفير المصرى فى الخرطوم يرسل معلومات للسلطات بالقاهرة حول الاستعدادات الجزائرية للمعركة الدموية.. الجزائريون احتلوا الخرطوم بالمطاوى والسكاكين والسنج، فعل الرجل ما عليه ــ حسب قوله ــ وترك القرار لحكومته، ولكن حكومته اعتادت النوم منذ نصف قرن.. فأرسلت السياسيين والإعلاميين والفنانين وجمهورنا المسالم ليلقى حتفه فى السودان.. نعم.. كنا سنستقبل عشرات، وربما مئات التوابيت، لو فازت مصر بالمباراة.. وكنا سنبكى بدموع أكثر حرقة من دموعنا الحالية.. ولكنها للأسف «دموع التماسيح»، لأن الواقعة ستقيد فى ملفات الدول انتحاراً مع سبق الإصرار والترصد.. أو انتحاراً بجهل وإهمال..!

هل يصدق عقل أن فى الكون دولة لم تتغير منذ ٤٢ عاماً.. أو هى تغيرت، ولكن إلى الأسوأ؟!.. شاهدت مرة حلقة من البرنامج العبقرى «العلم والإيمان» للمفكر العبقرى د. مصطفى محمود ــ رحمه الله ــ كان النمل فيها إذا سلك طريقاً محفوفاً بالمخاطر لا يعود إليه مرة أخرى.. النمل يتعلم من تجاربه ودروسه، بينما مصر ٢٠٠٩ لا تتعلم من تجارب وأزمات لاتزال محفورة فى أنحاء جسدها!!

.. اقرأوا جيداً حوار السفير المصرى على الصفحة السابعة من هذا العدد.. لن يصعب عليكم إدراك حجم الأزمة التى نعانيها.. ففى كلام الرجل، الذى يتحلى بحرص الدبلوماسى، اتهامات خطيرة لأركان مهمة فى الحكومة والدولة.. وربما يدفعنى ذلك إلى استخدام حقى الدستورى والقانونى والبشرى فى مطالبة الرئيس مبارك شخصياً بفتح تحقيق رسمى لمن أخطأ.. ومن قصّر.. ومن أهمل.. ومن ركب الموجة.. وبدون ذلك سوف يتكرر ما حدث كل يوم.. وستفيض دموعنا أنهاراً.. وبحاراً!
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=234670

السفير عفيفي عبد الوهاب

سفير مصر في السودان يفجر مفاجآت صادمة فى حوار لـ«المصرى اليوم»:
أبلغنا القاهرة بتحركات الجزائريين وشراء الأسلحة قبل المباراة بثلاثة أيام
-------------------------------------
حوار: رانيا بدوى
-------------------------------------

بدا السفير المصرى فى الخرطوم عفيفى عبدالوهاب شديد الحزن واللوم على كل الإعلاميين ممن اتهمهم بعدم تقصى الحقائق وتهويل الأمور وتجاهله فى الرد على ما نُسب إليه طوال الأيام الماضية.. رغم أنه الجهة الأعلم بالحقائق على حد قوله والأكثر وقوفا على تفاصيلها..
ورغم أنه بدأ فى الحديث عن الترتيبات التى أجرتها السفارة قبل وبعد المباراة، وأنه لولا السفارة لما حصل أى شخص على تذكرة واحدة بعد أن أصر الجانب السودانى على دفع ثمن التذاكر مقدما، فتم الاتفاق مع البنك السودانى - المصرى على شرائها ثم إعادة بيعها للمصريين وإلا لكان حصل عليها الجزائريون..
مرورا بطباعته آلاف الأعلام بعد أن فوجئ بأن جهات كثيرة أتت بمشجعيها دون أن يحملوا أعلاما وغيرها من تفاصيل المباراة التى كانت مهمة للبعض ولكنها كانت هامشية بالنسبة للسؤال الأهم الذى كان يشغلنى طوال مسافة الطريق إليه: هل كانت السفارة المصرية مغيبة طيلة ثلاثة أيام عما قام به الجزائريون على أرض الخرطوم قبل المباراة؟
وأن لم تكن فلماذا لم تُعلم القاهرة لتتخذ احتياطاتها الأمنية؟ وبعد إصرار منه على تبرئة المسؤولين فى القاهرة اعترف بما كان مفاجأة توالت بعدها المفاجآت فى هذا الحوار الذى أجرى من داخل السفارة المصرية بالخرطوم.

■ سيادة السفير لماذا تلوم على الرأى العام والإعلام الهجوم عليك فى غياب المعلومات من قبل السفارة المصرية بالخرطوم؟

- أتفق معك فى مسألة غياب المعلومات وبالتالى غضب الرأى العام، ولكن ما لا يعرفه أحد أننى لم تتح لى أى فرصة للحديث للإعلام لتوضيح الصورة، وأعتقد أن هناك هدفاً وغرضاً ما وراء خروج كل هذا الهجوم وكأنهم أرادوا إرسال رسالة محددة للرأى العام وهى تحميل كل الأخطاء على السفارة المصرية فى الخرطوم، دون أن تحصل السفارة على أى فرصة للرد على هذا الهجوم.

■ هل تعنى أن الأمر مقصود؟

- طبعا ألف فى المائة.. وأنا شخصيا أؤكد أننى مستهدف ومن ورائى السفارة.. والدليل أنه لم تتح لى الفرصة للرد اطلاقا، وحتى المرة الوحيدة التى أتيحت لى الفرصة تحدثت لمدة دقيقة واحدة ثم قطعوا الهواء على.

■ لماذا؟

- لا أعرف، ربما ليتمكنوا من تعليق جميع الأخطاء علينا.

■ مستهدف من الإعلام الخاص أم الحكومى؟

- الإعلام الحكومى قبل الخاص.. فقد كنت أتوقع أن يتصل الإعلام الحكومى بى لتوثيق الحقائق أو الرد على الاتهامات ووضعها أمام الرأى العام بدءاً من نهاية صافرة الحكم فى مباراة القاهرة، انتهاء بآخر طائرة عائدة إلى أرض الوطن سالمة بآخر مشجعين مصريين مساء الخميس ١٩ نوفمبر، أعنى كنا سنوضح للجميع الترتيبات من المبتدى إلى المنتهى.

■ ولكن من مصلحة إعلام الحكومة أن يبرئ السفارة لأنه يفترض أن للجميع هدفاً واحداً فى الحكومة المصرية؟

- هذا سؤال يوجه للسيد أنس الفقى وزير الإعلام.

■ لماذا تولى أنس الفقى التصريحات خلال مدة الأزمة ولم تتول السفارة المصرية الأمر؟

- ربما رأوا أن تتم معالجة الأمر مركزيا، ولكننى لم أُراجع فى أى من هذه التصريحات.

■ الاتهام الأكبر لكم هو أن السفارة كانت مغيبة عن البلد طوال الأيام الثلاثة التى سبقت المباراة حتى أنكم لم تدروا بحجم الجمهور الجزائرى وانتشاره فى الخرطوم لشراء الأسلحة البيضاء وغيرها، ولم ترسل السفارة تقريرا واحدا لإعلام القاهرة بالوضع لاتخاذ الإجراءات والتدابير المطلوبة؟

- يوم ١٤ نوفمبر بادرت بالاتصال بالكابتن سمير زاهر، رئيس الاتحاد، والكابتن حمادة صدقى، للاطلاع على رغباتهما والترتيبات التى يريدانها، وصباح الأحد أرسلت نائب السفير للالتقاء برئيس الاتحاد السودانى لكرة القدم لوضع جميع الترتيبات للبعثة المصرية والترتيبات الأمنية.

■ إذن الاتهام صحيح.. اهتممتم بترتيبات المباراة ولم تهتموا باستعدادات الجزائريين؟

- الاتحاد المصرى كان على علم بهذه السكاكين.. وكذلك القنصلية المصرية فى السودان كانت على اتصال بالقاهرة وأعلمتها أولاً بأول بكل التفاصيل.. طبعا القاهرة علمت بكل الظروف.. وكذلك الجانب السودانى كان على علم تام بكل تصرفات الجزائريين فور وصولهم وشرائهم الأسلحة البيضاء من الأسواق.

■ هذه مفاجأة.. القاهرة تعلم ومع ذلك بعثت بالسياسيين والإعلاميين والفنانين وكل هذا الكم من المشجعين دون تأمين كاف؟

- القاهرة كانت تثق فى مقدرة الجانب السودانى على تأمين البعثة المصرية والجمهور والمشجعين.

■ هل كنت على ثقة بكلام السودان؟

- بالنسبة لى إلى حد ما.

■ هل أرسلت تقريراً بنوعية المشجع القادم من الجزائر؟

- القاهرة تعلم تماما نوعية المشجع القادم من الجزائر علم اليقين حتى قبل المباراة بغض النظر عن كونهم أتوا من السجون أو غيرها.

■ ولماذا لم يكن التأمين كافياً؟

- تقديرات خاصة بالأمن وليس بالسفارة نحن أعلمناهم والتصرف يرجع لهم.

■ تقصد المخابرات المصرية؟

- المخابرات المصرية والشرطة المصرية، الكل تصرف على أساس أن الجانب السودانى سيسخر كل إمكاناته لتأمين المباراة وقد أطلعنى نائب مدير عام الشرطة السودانية على الخطة وتتضمنت تفريغ مدينة أم درمان بالكامل لعدم حدوث اختناقات مرورية خاصة بالمنطقة المحيطة بالاستاد بعمق ٢ كيلو متر على الجانبين، ومسارات محددة لكل فريق ومشجعيه، إضافة إلى ١٨ ألف فرد ما بين ضابط وعسكرى انتشروا فى هذه المسارات، وبالفعل تدخلت القوات فى الوقت المناسب لفض الاشتباكات، وحتى لا نظلم الجهات السودانية فمثل هذه الأحداث تحدث فى كل الدول بين مشجعى كرة القدم.

■ بعد أن علمت القاهرة بكل شىء قبل المباراة.. هل باعت وزارة الخارجية السفارة المصرية بالخرطوم وقدمتها كبش فداء لتفادى الأزمة؟

- لا أستطيع القول بذلك، فالسيد أحمد أبوالغيط، وزير الخارجية، كان داعما لنا من البداية والدليل أنه أرسل لجنة برئاسة نائب مساعد الوزير للشؤون المالية والإدارية محمد فريد منيب وبصحبته عدد من الدبلوماسين للمساهمة فى التنظيم وتوفير الأماكن للمشجعين ووسائل انتقالهم والتأمين الخاص بالطرق والاستاد.

■ عفوا معالى السفير.. هذا دليل تضامن ما قبل الأزمة وليس دليل ما بعد الأزمة، فلم يخرج وزير الخارجية لتبرئة السفارة والتزم الصمت؟

- الوزير لم يلتزم الصمت وتحرك مع الجهات المعنية الأخرى وأطلعها على جميع الجهود التى قمنا بها، وفى نفس الوقت أنا أعلم أن وزير الخارجية فى موقف من المواقف أثناء متابعته لأحد البرامج حاول القيام بمداخلة تليفونية ولم يستطع، وأنا نفسى حاولت كثيرا ولم أستطع، فعلى ما يبدو أن من يتلقى المكالمة يعرف رقمى ولديه توجيه بعدم الرد.

■ ولكن العلاقة بين الوزيرين أبوالغيط والفقى جيدة، ولو طلب الأول الإدلاء بتصريحات لـ«البيت بيتك» لتم حجزه له خصيصا بل وستنشر تصريحاته فى الصفحة الأولى بجريدة الأهرام.. إنه وزير الخارجية وليس موظفاً صغيراً.. ما أقصده أنه برأ السفارة أمام السياسيين كما قلت ولكنكم ظللتم فى أعين الرأى العام مخطئين؟

- ربما لم ير وزير الخارجية أن هذا هو الوقت المناسب لإعلان ذلك وتبرئتنا فى ضوء هذه العاصفة حتى تتم إحاطة الرأى العام بالحقيقة كاملة.

■ متى يكون الوقت مناسباً؟

- تهرب من الإجابة قائلا: تلقيت شكراً من الوزير ومن السفير فريد منيب، رئيس اللجنة، الذى أحاط الوزير بكل ما شاهده هنا، إضافة إلى إحاطته بجميع الخطوات، وفى النهاية الشكر والثواب عند الله لأننا مسؤولون أمام الله عن أعمالنا.

■ هل حزنت لهذا الهجوم عليكم وتخلى جميع الأطراف عنكم؟

- حزنت لأن كل من هب ودب، كل من قدم مع الجمهور المصرى ومن بقى فى القاهرة أدلى بدلوه بشكل أساء إلى شخوص أعضاء السفارة وإلى شخصى دون علم بالحقيقة رغم المجهود المضنى الذى قمنا به حتى أننا جميعا لم ننم لساعة واحدة طوال أربعة أيام، وكان أفراد السفارة يبيتون هنا على مكاتبهم.

■ بشكل شخصى بعيدا عن منصبك، هل تعتقد أن اختيار السودان كان خطأ بالأساس؟

- لا.. لا أعتقد أنه كان اختيارا خاطئا.. بل كان اختياراً لأبعاد كثيرة غنية عن التعريف، أولها أن الجانب المصرى كان يدرك أن السودان هى الامتداد الجغرافى لمصر، والجمهور السودانى امتداد للجمهور المصرى، واللاعب المصرى حين يلعب على استاد المريخ فكأنه يلعب على استاد القاهرة.

■ ولكن الشعب المصرى صدم لأمرين: الأول أنه كان يدرك أن السودان هى الامتداد الطبيعى لمصر، ومع ذلك فوجئ أن أغلب الجمهور السودانى فى مدرجات الجزائريين، وأعداد قليلة جدا فى المدرجات المصرية، والثانى أنهم يعلمون جيدا أن السودان من أسوأ الدول العربية أمنيا بشهادة التقارير العربية والأجنبية، فدولة لا تستطيع أن تؤمن أفرادها فكيف لها أن تؤمن أفراد دول أخرى؟

- هذا غير حقيقى.. السودان مستقر أمنيا.

■ وماذا عن دارفور والمشاكل بين الشمال والجنوب، والاعتداءات المسلحة من حين إلى آخر من قبل الحكومة على المتمردين؟

- هذا شىء مختلف، أنا أتحدث عن الخرطوم والمدن السودانية الرئيسية البعيدة عن الصراع بين الحكومة والحركات المسلحة فى دارفور، أو حتى المناوشات بين القبائل فى الجنوب، أقولها بصراحة وبشكل موضوعى تماما: السودان بلد آمن فى كل أجزائه.. حتى فى دارفور، حوالى ٩٠ % منها الوضع الأمنى فيه مستقر الآن.. وأنا والزملاء لم نشهد أى قلاقل فى الخرطوم أو المدن الأخرى فى الوسط والشرق والشمال وحتى الغرب.. أما من ناحية الإمكانيات فهم لديهم الإمكانيات القادرة على استيعاب مثل هذه الأحداث.

■ قاطعته.. لكن هذا يناقض تصريحاتك حين قلت إن المطار لا يستوعب كل هذه الطائرات وأننا تعاملنا مع الخرطوم على أنها ستستوعب جسراً جوياً و٣٠ ألف جزائرى و٦ أو ٧ آلاف مصرى ولكنها غير قادرة على ذلك.. والآن تقول إن لديهم الإمكانيات؟

- هناك حدود معينة.. أقصد أنه رغم الإمكانيات المحدودة، إلا أنهم فعلوا كل ما فى وسعهم واستخدموا كل الإمكانات لديهم بكل كفاءة.. هناك ممر واحد صحيح فى المطار، فلك أن تتخيلى مدى الجهد الذى بذلوه لتسيير حركة الطيران مع كل هذا العدد من الطائرات.. إذا كان هناك ٤٠ رحلة من مصر ونفس العدد تقريبا من الجزائر إضافة إلى الرحلات الأخرى العادية.. كل ذلك فى نفس يوم المباراة، ويديرون ذلك بكل هذه الكفاءة.. فهذا جهد يشكرون عليه.

■ ماذا عن رد فعل الجانب السودانى وتشجيعهم للفريق الجزائرى؟

- هذا أيضا به بعض المبالغات وما قيل عن وجود مليون علم جزائرى كان مبالغة.. والإصابات كانت طفيفة ولم يكن فيها قتل وذبح كما نقل البعض وهول ولكن طبعا مجرد تخويف وترهيب المصريين أمر لا يقبل.

■ كان واضحا للغاية من خلال شاشات التلفاز كم السودانيين الموجودين فى المدرجات الجزائرية؟ آلاف مؤلفة فى المدرجات الجزائرية وسودانيون يرفعون علم الجزائر فى الشوارع.. أنا شخصيا أحب السودان جدا لكننى صدمت! فطوال أسبوع قبل المباراة، كان الإعلام المصرى يشحن المشجعين المصريين.. «متقولوش إحنا رايحين السودان قولوا جنوب الوادى». و«السودان هى بلدنا الثانى».. ثم ضربهم السودانيون فى مقتل وكان ذلك سبب الهجوم الإعلامى المصرى على السودان فى اليومين الأولين، حتى أتت التعليمات الرسمية بوقف هذا الهجوم؟

- بعض الجمهور فعلا شجع الجزائر.. وهذا يرجع إليهم ولا نملك فى هذا الأمر شىء كل شخص حر وأنت لا تملكين أن تجبرى أحدا فهذه هى مشاعرهم.

■ لكنك قلت فى البداية إن اختيارنا السودان لأسباب كثيرة منها حبهم لمصر. إذن التقدير الأول كان خطأ؟

- بعض الجمهور السودانى نعم شجع الجزائر.. لكن الغالبية العظمى كانت مع الفريق المصرى.. بدليل حتى الإعلام.. النقاد الرياضيين على صفحات الجرائد وضعوها بصراحة شديدة أنهم متحيزون للفريق المصرى.. هل تتخيلى ذلك؟ كتبوا بصراحة ومع احترامهم للإخوة الجزائريين وأننا كلنا عرب، وأنهم سيلقون كل ترحيب.. لكن هواهم مع الفريق المصرى، هذا على مستوى الإعلام.. وفى أكثر من جريدة.. على مستوى الشعبى لنا أصدقاء سودانيون كثيرون جدا.. الكل كان يشجع الفريق المصرى.. فى الاستاد ما لاحظتوه أتصور أنه ليس معبرا فعلا عن الجمهور السودانى الذى كان يؤيد ويشجع الفريق المصرى.. ولا تتخيلى مدى الحزن الذى أصاب الإخوة السودانيين أننا لم نحقق الفوز فى هذه المباراة.

■ لكنك بشكل شخصى لا سلمت من الصحف المصرية ولا السودانية.. أنا رأيت عددا من الصحف السودانية تهاجمك فى بعض النقاط؟

- لسبب واحد فقط أن هناك تصريحا دس على لسانى ولم أدل حتى بحرف واحد منه ولا يعقل أن أدلى بحرف واحد منه.

■ وما هو؟

- أننى قلت أنه جارى إرسال قوات مصرية خاصة لتأمين عودة المشجعين المصريين من السودان.. وهذا الكلام لا وجود له على وجه الإطلاق ولا يعقل.. وتشكيك فى قدرات السودان الأمنية.

■ وماذا عن تصريح المسؤولين إرسال مصر لجسر جوى لنقل المشجعين المصريين من السودان إلى القاهرة؟

- لا أعلم عنه شيئا.

■ لم ترسل مصر جسرا جويا؟

- من الذى قال هذا.. لم يحدث وهذا غير صحيح.. كيف نرسل جسرا جويا؟؟ والمقدر أن المباراة ستنتهى فى وقت معين وبعد انتهائها مباشرة الطائرات موجودة أصلا على أرض المطار، وكل من جاء إلى المطار سيقلع إلى القاهرة تباعا سواء على رحلات مصر للطيران أو الرحلات الخاصة.. فمن أتوا بالمشجعين هم من عادوا بهم ولا زيادة فى عدد الطائرات وعددها ١٩ طائرة ولم ترسل مصر جسراً جوياً.

■ هل صحيح أنك ذهبت لاصطحاب السيدين علاء وجمال مبارك إلى المطار، وبعثة المنتخب، وتركت المصريين العاديين بلا أى حماية؟

- هذا غير حقيقى على الإطلاق.. هناك فريق عمل كان موجودا فى المطار وآخر فى السفارة، وكانوا على اتصال دائم بى لأخذ رأيى فى أى مسألة تطرأ.. وفى نفس الوقت بعد سفر الوفد الرسمى، جئت إلى السفارة، وفى طريقى لذلك، قمت بجولة سريعة فى المطار للاطمئنان على الجمهور المصرى، وإلى الأماكن التى قيل إن بها بعض المشجعين المصريين المحاصرين.. كما أرسلت زميلا من السفارة لتفقد من قيل أنهم محاصرون فى مكتب طارق نور، فلم يجد أحدا إذ كانوا قد غادروا بصحبة قوة أمنية إلى المطار.. ثم جئت إلى السفارة،

وتلقيت عدة اتصالات من السيد أحمد عز والسيد رائد الببلاوى الذى أشرف على مشجعى الحزب الوطنى، والوزير زهير جرانه، بخصوص مجموعتين من مشجعى الحزب كانوا موجودين فى قاعتى الخليل والحضرى فى أم درمان والخرطوم، وقمت باتصالاتى مع وزير الشباب والرياضة السودانى الذى كان فى مكتبه فى الثالثة صباحا، وعمل اتصالاته بالجهات الأمنية، وبعد ربع ساعة جاءت القوة الأمنية واصطحبتهم بالسلامة إلى المطار.

كذلك فى السادسة والنصف صباحا، وارجعوا إلى كل من إسلام فرحات وأفكار الخرادلى فى الأهرام وسحر رمضان فى الوفد.. تلقيت اتصالا منهم فى ٦.٣٠ صباح الخميس.. .أقول هذا لأثبت أننا لم نكن بعيدين أو نمنا أو غير ذلك.. أنا لم أخلد إلى الراحة.

المهم.. اتصلوا بى وقالوا إننا فى الطائرة منذ عدة ساعات ولم نقلع بعد، فانقذنا.. فاتصلت بمدير مكتب مصر للطيران وزميل من السفارة كان متواجد هناك، لبحث الأمر مع السلطات السودانية، إما بالسماح بإقلاع الطائرة، أو السماح لهم بالنزول منها حتى تقلع، وبالفعل، أقلعت الطائرة بعد ربع ساعة.. وحسب ما قالوا لى كان معهم ٣٠٠ راكب.. فالحمدلله «بتدخلى الأمور مشيت».

وعدت للسفارة لمتابعة باقى الموقف مع مجموعة العمل التى كانت فى المطار حتى اطمأننت تماما حوالى الساعة ١١ صباحا أن غالبية الجمهور المصرى قد غادر إلى أرض الوطن.. حيث كان هناك حوالى ١٦ طائرة أقلعت.. و طائرتان أخريان يجرى إعدادهما لنقل ما تبقى من الجمهور، وأنا كلفت مدير مصر للطيران بألا تقلع أى طائرة منهما إلا بعد أن تستكمل بالمشجعين المصريين.

■ السؤال الأخير.. ما هو موقف السفارة بعد انتهاء الأزمة.. هل هناك أى مواقف رسمية اتخذتموها؟

- بمعنى؟

■ تم الاعتداء على محال مصرية فى السودان مثلا؟ فماذا فعلتم؟

- كنا نتابع مع جهات التحقيق.

■ هل هناك أى محاضر رسمية أجريت بشأن الاعتداء على المحال؟

- للأسف الشديد حتى الإخوة المصريين تنازلوا عنها.. رغم أننى شددت عليهم على عدم التنازل عن أى محاضر.. فقد تم الاعتداء على مطعم «جاد»، الذى يملكه شريكان، مصرى وسودانى، وعلمت أنه بعد عمل المحضر وإجراء الجانب السودانى لتحقيقاته تم حبس ١٢ جزائرياً، لكننى فوجئت بعد ذلك بأنه يتم إجراء تنازل وتسامح، ورغم أنى رفضت أن يتم هذا الأمر، فوجئت بأن المصريين تنازلوا وتم التغاضى عما حدث، وتم تسفير الجزائريين.. كنت أتمنى أن يأخذ القانون مجراه.. لكن يبدو أن المصريين «آثروا السلامة».. وهذا ما أحزننى.

■ والبقية؟

- البقية الأخرى تقريبا كانت على نفس المنوال.

■ ألم تتقدم السفارة بعمل محضر رسمى بما شاهدته من تدمير ٦ أتوبيسات وما حدث من اعتداءات جزائرية على المصريين؟ ألم تجرِ السفارة محضرا رسميا موثقا يمكن الاستفادة منه لاحقا فى القاهرة؟ أو اتخاذ موقف سياسى بناء عليه؟

- هذا كان متروكاً للجهات السودانية المعنية.

■ لكنك رئيس جمهورية مصر فى السودان؟

- لكن لم تكن تحت أيدينا وقائع محددة على سبيل التحديد.

■ وماذا عما نقلته الصحف والتليفزيونات؟

- الأمن السودانى يتولى هذا الأمر.

■ سعادة السفير حينما ضرب أتوبيس اللاعبين الجزائريين فى القاهرة عملوا محضراً وأثبتوا الواقعة.. لم يقل أحد أنه متروك للجانب المصرى؟

- نحن أيضا عملنا محضراً حينما تم الاعتداء على أتوبيس المنتخب أثناء عودته من التدريب الأول، وأنا أصررت على ذلك، وكنت متواجدا فى موقع الأحداث، وأصررت أن يأتى مندوبين من الفيفا مع المقدم السودانى الذى كان يقود فريق الأمن المرافق للبعثة.

■ لكن لا يوجد أى محاضر أخرى خاصة بالاعتداء على الجمهور؟ لا توجد عندنا أى وثائق تثبت الاعتداء علينا؟

- «لا طبعا فيه»، ونحن نسعى للحصول على هذه المحاضر، وأنا تحدثت أمس مع وزير العدل السودانى، وأعربت عن رغبتنا فى الحصول على كل هذه المحاضر.

■ لكن لماذا لم تتقدم باسم السفارة بأى محضر رسمى عن كل المصريين الذين تم الاعتداء عليهم؟ أنت المسؤول عن جميع المصريين فى السودان وولى أمرهم؟

- نعم أنا المسؤول، لكن الجانب السودانى مضطلع بكل هذه الأمور، والجهات الأمنية السودانية أثبتت كل هذه الاعتداءات، لقياداتها، بعد حصر التلفيات، حتى قيام الجمهور الجزائرى بتحطيم صالة الحج والعمرة التى كانت مخصصة لهم.

■ وهل الجهات السودانية المعنية أعطتك نسخة من هذه المحاضر كى ترسلها للقيادة السياسية المصرية؟

- نحن بصدد الحصول على هذه المستندات.

■ متى؟

- طلبت أن نحصل عليها اليوم إن أمكن.. وتمت كتابة خطاب رسمى من السفارة للمدعى العام السودانى.

■ ولو رفضوا؟

- سيكون هناك موقف.. هذا من حقنا.. ولن نسكت.


----------------------------------
نشر في المصري اليوم بتاريخ 26-11-2009

http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=234668
----------------------------------

المتابعون