د.محمد البرادعي



«المصري اليوم» تحاور الرجل الذى قال «لا» للنظام ولـ«الاستفتاء» أيضاً ..
«البرادعى»: مصر ستظل مريضة مادام وضع مبارك ملتبساً.. فإما أن يغادر أو يُحاكم (١-٢)
-----------------------------------------
حوار مجدى الجلاد ورانيا بدوى ٣/ ٤/ ٢٠١١
-----------------------------------------

فى لحظة تاريخية حاسمة من تاريخ مصر، يخرج علينا الدكتور محمد البرادعى، المدير السابق لوكالة الطاقة الذرية، بصدقه المعهود يتحدث عن اللحظة الراهنة وعن رؤيته للمستقبل فى ظل إعلان دستورى ستترتب عليه انتخابات برلمانية ثم دستور تُحكم به البلاد.

البرادعى قال عن قانون الأحزاب إنه يحدد ماهية من يصنعون المشهد السياسى المقبل وكيفية صناعته، وهو مؤمن بأن الإعلان الدستورى أحد مشاهد الارتباك السياسى، وأنه يُبقى على عيوب دستور ٧١، ولا يؤمن بأن كونه دستوراً مؤقتاً يعنى أن نغض الطرف عن بعض عيوبه، لأنه سيترتب على هذا الإعلان الدستورى الحياة السياسية فى مصر فى الفترة المقبلة.

ووجه البرادعى رسالة إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة من خلال هذا الحوار يؤكد فيها ضرورة أن يفرق المجلس العسكرى بين دوره فى الدفاع عن الوطن ودوره فى الإدارة السياسية للبلاد.. وعملاً بالصفة الثانية عليه أن يكون رحب الصدر، فاتحاً دائماً باب الحوار والنقاش والجدل والاختلاف.. ملفات كثيرة عن الشأنين الداخلى والخارجى ورؤيته بشأنها كمرشح للرئاسة فى مصر.. وإلى نص الحوار:

■ كيف ترى الأوضاع فى اللحظة الراهنة بعد ثورة يناير وما تلاها من إجراءات حتى الآن؟

- فى رأيى أن الفترة الحالية هى الأحرج فى عمر مصر.. الثورة كانت عظيمة حيث فجّرها الشباب والتف حولها الشعب وحماها الجيش. إنما اللحظة الراهنة تشعرنى بكثير من القلق لعدم وجود وضوح فى الرؤية مما يؤدى إلى إحساس بعدم الاستقرار، فالناس فى الشارع على مختلف فئاتهم يشعرون بالقلق ولا يعرفون ماذا سيجلب المستقبل.

■ ولكن ألم تتضح الرؤية بعد إصدار الإعلان الدستورى؟

- لا أعتقد ذلك، فقد كنت أتمنى أن يسبق إصدار الإعلان الدستورى حوار بين الشعب والمجلس العسكرى، لأن هناك الكثير من الأمور التى وردت فى الإعلان ملتبسة وبعضها لا يحقق لنا ما نبتغيه من المرحلة المقبلة، فطبقاً لهذا الإعلان الدستورى لا نعرف كيفية ضمان تشكيل لجنة تأسيسية تمثل جميع طوائف الشعب واتجاهاته، خاصة أن توقيت إجراء الانتخابات البرلمانية لا يتيح للأحزاب الجديدة الممثلة للثورة الفرصة لتكوين نفسها ولا إجراء منافسة حقيقية، وأخشى ما أخشاه أن يكون هناك برلمان فى سبتمبر المقبل غير ممثل للشعب تمثيلاً حقيقياً، وفى النهاية ننتهى إلى دستور لا يعبر عن توافق الإرادة الوطنية وهو فى رأيى أهم أسس النظام السياسى الجديد. وأعتقد أن الإعلان الدستورى أخذ جميع عيوب دستور ٧١ حيث نظام الكوتة ونسبة العمال والفلاحين. وإذا تصورنا فى الوقت الحالى أننا نريد الانتقال إلى نظام برلمانى فهذا معناه أن نعيد انتخابات مجلسى الشعب والشورى والرئاسة وهو أمر غير منطقى. كذلك فإن الاحتفاظ بمجلس الشورى رغم أن الجميع أقرّ بأنه غير ذى جدوى ويُنفق عليه ٤٠٠ مليون جنيه سنوياً، يثير العديد من التساؤلات.

كذلك لا أعرف كيف سيتم انتخاب الرئيس، هل سيقدم المرشح على أنه رئيس لدولة نظامها رئاسى أم برلمانى؟ وإذا حدثت انتخابات رئاسية ثم وضع دستور جديد نص على أن نظام الدولة برلمانى، هل يعنى هذا أننا سنعيد الانتخابات من جديد؟ إذن لا بديل عن أن يوضع الدستور أولاً.

■ ولكن وجهة النظر الأخرى تقول إن الإعلان الدستورى هو دستور مؤقت؟

- حتى ولو كان مؤقتاً فإنه سيكون ذا تداعيات سياسية طويلة المدى، وعلى الجيش أن يعلم أن ما يقدم عليه من إجراءات سيؤثر على مصير مصر لعقود كاملة. لذلك كنت آمل أن يتم وضع دستور جديد عليه توافق من جميع طوائف الشعب وهو ما لم يحدث. على العكس بدأنا بتعديلات دستورية ورغم أنها ظهرت بمشهد مفرح لخروج أعداد غفيرة من الشباب وكبار السن، مسلمين وأقباطاً، عمالاً وفلاحين، معاقين وأصحاء للوقوف فى صفوف طويلة للتصويت على هذه التعديلات، إلا أننا لم نعطهم فرصة لفهم معنى تصويتهم، وأُسىء استخدام الأمر وكأن من يصوت بنعم يصوت للإسلام والعكس صحيح.

■ ولكن البعض قرأ نتيجة الاستفتاء على أنها دليل على انفصال النخبة عن الشعب؟

- هذه المسألة بالذات لا تعنى انفصال الناس عن النخبة، فالناس تصورت أن «لا» معناها عدم استقرار، وهذا التباس.. ومن ثم لو كنا أعطينا الناس فرصة شهرا أو شهرين وقامت النخبة بشرح التعديلات ومعناها وتداعياتها لكان الأمر مختلفاً. وللعلم فرغم أننى أكدت للمجلس العسكرى أن الدستور سقط ولا تصلح إعادته للحياة عبر هذه التعديلات، قام الجيش بالاستفتاء ولكن بعد هذا الاستفتاء بيوم واحد أعلن الجيش عن نيته إصدار إعلان دستورى جديد. فلماذا لم يأخذ بآرائنا فى البداية؟! لاشك أن هناك ارتباكاً شديداً، لذا فالتواصل بين الجيش والشعب أمر مهم للغاية.

■ ولكن الجيش يفسر هذا الموقف بأنه يريد ترك السلطة بسرعة وتسليمها لقوى مدنية، بينما ستطيل التصورات الأخرى المطروحة من تأجيل للانتخابات وغيرها مدة بقائه؟

- سبق أن اجتمعت مع المجلس العسكرى وأعرف المشاكل التى تواجههم وتواجه الدولة وأنهم يريدون الرجوع إلى مكانهم للدفاع عن الوطن، وهذا أمر نقدره تماماً، لكن هناك بدائل أخرى مثل المجلس الرئاسى المكون من مدنيين وبمشاركة من الجيش.

■ هل لديك تفسير لرفض الجيش المجلس الرئاسى؟

- حقيقة لا أعلم. وقد ذكرت لهم من قبل كما أذكر مراراً فى وسائل الإعلام، وأنا أتفهم تماما أن الجيش لا يريد أن يبقى فى السلطة ولكن أيضا لا داعى للعجلة. وكل أساتذة القانون الدستورى يؤكدون أن الدستور الجديد لن يستغرق إعداده سوى من ٣ إلى ٤ أشهر.

■ وما رأيك فى الحوار الوطنى بقيادة نائب رئيس الوزراء، ولماذا لم تحضره؟

- تعجبت كثيراً أن يبدأ حوار وطنى بعد إصدار الإعلان الدستورى وليس قبله، وقد تمت دعوتى الليلة السابقة لبدء الحوار دون أى معلومات أو إيضاحات عن ماهية أجندة الحوار، وكنت أتمنى أن ترسل لنا ورقة النقاش قبلها بعدة أيام، وأن تُحدد أهداف الحوار الوطنى ومن هم المشاركون وهو ما لم يحدث بتاتا. فضلا عن ذلك فقد كنت مرتبطا بموعد مسبق مع وزير خارجية الهند فى الوقت نفسه.

■ وما رأيك فى قانون الأحزاب الجديد؟

- أعتقد أنه احتوى على أمور عديدة سيئة وغير منطقية، من بينها منعه قيام أحزاب على أسس فئوية أو جغرافية. فكل دول العالم بها أحزاب للعمال وللفلاحين وغيرهم من الفئات، كما توجد أحزاب مناطقية فى هذه الدول.. وإذا كان المقصود هو إقصاء مناطق مثل سيناء والنوبة، فهنا أعتقد أننا مازلنا نفكر بنفس العقلية القديمة ولم يتغير شىء على الإطلاق، فهذه المناطق لها حقوق، من بينها أن تكون هناك أحزاب تعبر عنها.

فى المجمل كنت أتصور أن يناقش ويطرح هذا القانون على الشعب قبل إقراره، وكما ذكرت من قبل، فهناك تجارب مثل أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية استغرقت ما بين عام وعامين للانتقال من مرحلة الثورة إلى النظام الديمقراطى.

■ لكن البعض يقول إنه من الضرورى عند المقارنة بدول أوروبا الشرقية فى فترة التحول الديمقراطى، أن نتذكر أن الدول المجاورة لها كانت دولاً ديمقراطية ساعدت على إحداث تحول سريع وسلمى تجاه الديمقراطية، بعكس المحيط الجغرافى لمصر، الذى هو استبدادى فى غالبيته، فضلا عن عدم ترسخ التجربة الديمقراطية فى المجتمع المصرى وبالتالى فإن التحول الديمقراطى سيستغرق وقتا أطول ويسبب مشاكل اقتصادية وعدم استقرار فى المجتمع؟

- صحيح أن المسألة مختلفة وأن أوروبا الشرقية اقتدت بتجربة أوروبا الغربية، ولكن المرحلة الانتقالية لا تعنى أيضا الفوضى أو عدم الاستقرار، فى حال توافر خطة طريق واضحة، وإنما هى انتقال من نظام قمعى إلى آخر ديمقراطى. وحين يعرف المستثمر ماذا سيكون عليه مستقبل مصر، فسيأتى باستثماره دون تردد، أما عدم الوضوح فهو ما يخيف المستثمر، وأنا كنت أتحدث مؤخرا مع رئيس بنك أجنبى يريد استثمار مليار دولار فى إحدى الدول، ويسأل إن كان ذلك ممكنا فى مصر الآن؟ فقلت له استثمر فى مصر لأنها، إن شاء الله، بعد انكسار النظام الديكتاتورى سيكون مستقبلها أفضل، رغم وجود بعض المعوقات.

■ هل من الطبيعى أن ينعكس الجدل السياسى وفوضى النقاش على الشارع لتصبح فوضى أمنية، أم أن أمن الشارع لا علاقة له بجدل النخبة؟

- الاثنان إلى حد ما مرتبطان ومنفصلان. فأمن الشارع، حتى وإن لم يكن الطريق السياسى واضحا الآن، يجب أن يكون محسوما، كما أن عدم نزول الشرطة بالكامل حتى الآن يعد لغزاً.. والمرحلة الانتقالية لا تعنى فوضى أمنية ولا خرابا للبلاد ولا بلطجية يتعقبون السياسيين، إنما هى مرحلة تأسيسية من الممكن أن تكون منضبطة للغاية لو حددنا الهدف ووضعنا خارطة طريق واضحة.

■ جزء من الفوضى يراه البعض بسبب اعتصامات متكررة لتغيير رؤساء الهيئات والمؤسسات وعمداء الكليات وكل من تعامل مع النظام القديم؟

- يجب أن نفهم أن الثورة تعنى وجوهاً جديدة ونظاماً جديداً ومصر جديدة، وهنا سؤال يجب أن نطرحه: هل نجمد النظام القديم أم نطهره؟ مناصب العمد والمشايخ والمجالس المحلية يجب أن تكون بالانتخاب، فما حدث لم يكن انقلابا لتغيير أشخاص وإنما لتأسيس نظام جديد.. أما أن يترك رموز النظام السابق يديرون كل المؤسسات وكأن شيئا لم يحدث فهذا ما يخيف الناس.

■ هل هذا يعنى أنك ترى أن النظام مجمد ولم يسقط بعد؟

- بالتأكيد النظام لايزال موجوداً.

■ البعض يتعلل بأننا لا نستطيع إسقاط رؤساء كل المؤسسات والجامعات دفعة واحدة وإلا سيحدث خلل فى المجتمع؟

- أنا أدرك أننا لن نستطيع عمل ذلك فى يوم واحد ولكن أعطنى خريطة محددة وخطة زمنية. فمثلا وبعد شهر من الثورة، العديد من القيادات الصحفية مازالت تمارس البلطجة الفكرية والتلون مثل الحرباء، وهؤلاء كان لابد أن يتم تغييرهم فورا، لأننا ولكى نبدأ العمل من جديد «على نضيف» لابد أن نحدث تغييرا فى الوجوه والأفكار والأشخاص.

■ ولكن هناك خطوات بدأت بالفعل، منها تغيير بعض رموز الإعلام السابق، سواء فى الصحف أو فى التليفزيون؟

- سعيد بتطهير الإعلام ومازلت فى انتظار تطهير التليفزيون المصرى «ماسبيرو» بالكامل حتى نخلصه من الأفكار الكاذبة التى كانت تبث منه، نظرا لأنه وسيلة نقل الأخبار الرئيسية لغالبية الشعب المصرى، ويجب أن يعقب ذلك وضع ضمانات لاستقلال جميع أجهزة الإعلام عن طريق الشعب وفصل السياسة التحريرية عن الملكية، لأن أكثر ما يفسد الأنظمة السياسية هو الدستور والإعلام.

■ ماذا تفعل أيضا لكى يطمئن المواطنون أن الثورة نجحت؟

- فى رأيى المتواضع هناك أمور كثيرة واضحة لدى كل الناس. فهناك رموز فى النظام السابق مازالت متواجدة دون حساب والناس تقول إن بعض الأسماء أُخذت ككبش فداء لأسماء أخرى والباقى لايزال طليقا بحجة عدم وجود إثباتات على فساد مالى، ولكن ماذا عن الفساد السياسى؟؟ الحكومة نفسها قالت إن هناك ثورة مضادة لماذا إذن لا يوجد إجراء احتياطى أو احترازى؟ وذلك ممكن طبقا للقانون العادى، فما بالك بقانون الأحكام العرفية لحماية الدولة؟ أو حتى بالإقامة الجبرية فى بيوتهم وقطع الاتصالات عنهم لأقضى على حالة انعدام الأمن الموجود فى الشارع. وأنا أقدر المهام الجسيمة التى تقع على عاتق الجيش، لكننى أيضاً أطلب منه الشفافية التى ستساعد على بناء المصداقية.

■ وما رأيك فى طريقة التعامل مع الرئيس مبارك وعائلته وتركه حتى الآن دون محاسبة؟

- هذا هو التساؤل الذى يطرحه الناس فى الشارع. ومصر ستظل مريضة مادام وضع مبارك ملتبساً، إما أن يغادر البلاد كالرئيس التونسى زين العابدين أو يحاكم. وإذا كنا نريد أن نعطى انطباعاً بأننا نريد أن نغير النظام فعلينا أن نبدأ بالرأس وليس بأن أضع صغار القوم فى السجن وألبسهم «ترنجات بيضاء». كذلك لماذا تأخرنا فى استرداد أموالنا منهم؟ هذه أموال الشعب.

■ هل انتماء مبارك للمؤسسة العسكرية هو سبب الحفاظ عليه فى هذا الوضع بألا يغادر مصر وألا يحاكم؟

- لا أعرف بالضبط، ولكن ما أعرفه أن هذا النظام حوَّل مصر إلى دولة فساد سياسى واقتصادى وفكرى. وسواء كان عسكرياً أو غير عسكرى فيجب أن يحاكم، وإن كنت ممن يقولون إنه يستطيع أن يرحل خارج مصر، فنحن لا نريد أن ننظر إلى الخلف، وأفضل أن أنظر إلى الأمام باستثناء الجرائم، أما فيما يخص الأموال المنهوبة فنستطيع أن نعمل مصالحة ونسترد أموالنا. أنا مع المصالحة ولكن بضوابط ولقلة قليلة فقط، لأن الشعب المصرى الذى لا يجد ما يأكل ولديه مشكلات كبيرة يحتاج منى الاهتمام فى هذا الوقت. فى جنوب أفريقيا وفى تشيلى قالوا «هات الفلوس وعقابك هو نظرة الناس لك».

■ إذن أنت تميل إلى هذه الفكرة؟

- نعم لأنى أريد لمصر أن تتعافى سريعاً باستثناء المسؤولية الجنائية التى كما قلت لا يمكن المصالحة فيها.

■ فى رأيك هل مصر مؤهلة الآن لنظام برلمانى، خاصة مع ضعف الأحزاب؟

- يجوز فى البداية أن تكون الأحزاب غير قادرة على مسايرة الأحداث السياسية بشكل فردى ولكن من الممكن حدوث ائتلاف للأحزاب لتشكيل أغلبية وهذا حدث فى عدد من الدول الأجنبية من قبل، ورغم أن مصر قائمة منذ ٧٠٠٠ عام على النظام الفردى فى الحكم ونريد نحن أن ننقلها إلى نظام المؤسسات الآن، فلا أحد يتوقع أن الأمر سيكون سهلا ومع ذلك أنا أرى النظام البرلمانى هو الحل.

■ ما رأيك فى إجراء الانتخابات البرلمانية بنظام القائمة النسبية؟

- هذا أفضل نظام للانتخاب، وكنت أتمنى أن يتم توضيح ذلك فى الإعلان الدستورى، لأن الانتخابات بنظام القائمة النسبية تعنى تمثيل جميع قوائم الشعب فى البرلمان لا أن تكون الطوائف ممثلة عن طريق كوتة مصطنعة مثل ٣٠ مقعداً للمرأة أو ٥٠% للعمال والفلاحين.

■ هناك من يقول إن القوات المسلحة عانت فى التوفيق بين آراء أهل الخبرة وأن الاختلاف بين النخبة تحول إلى خلاف بينهم، وبالتالى يرد البعض بأن هناك ظلما للمؤسسة العسكرية باتهامها بعدم الاستعانة بالخبراء وأن قراراتها فوقية.. هل أنت مع القول بأن النخبة فى مصر ممزقة؟

- هذا صحيح، النخبة فى مصر ممزقة منذ ٦٠ عاماً منذ غابت الديمقراطية فى مصر من حرية رأى وصحافة وأحزاب.. إلى آخره. وقد رأيت ذلك بنفسى منذ أن عدت من الخارج إلى مصر ورأيت كيف أننا لم نعد قادرين على العمل الجماعى أو أن نعمل للصالح العام دون أن نعبأ بالمصالح الشخصية. لكن هذا لا يمنع أن هناك نخبة شريفة فى مصر قد تكون قليلة ولكنها موجودة. وأنا متاكد أن القوات المسلحة التقت البعض، ولكنى كنت أتمنى نوعا من الشفافية.. مَنْ تقابل، وفى أى موضوعات يدور النقاش وشكل الحوار... إلخ، وفى نهاية المطاف لا مفر من الحوار الوطنى لتحقيق التصالح لأن قدرنا أننا سنعيش سوياً لذا فعلينا أن نجد وسيلة للتعايش، وهنا أرجع إلى الدستور مرة ثانية، لأن المخرج والأساس هو أن أى مصرى له الحقوق نفسها وعليه الواجبات نفسها. إذا اتفقنا على ذلك بتفصيلاته بما يعنى أن من حق القبطى أن يبنى كنيسة وأن يتقلد مناصب عليا وحساسة، وأن بدو سيناء من حقهم دخول الجيش والشرطة.. ولكن كيف أستطيع أن أتصور أن يكون للبدوى مثلا ولاء للوطن وأنا أعامله كمواطن من الدرجة الخامسة.

وأنا أتحدث عن الكل دون تفرقة سواء أهل النوبة وسيناء، المسلمون والأقباط، النساء والرجال.. أى أن نتعامل مع مبدأ المواطنة بمعناه الحقيقى.

من جهة أخرى، يجب أن يفرق المجلس العسكرى بين دوره كحام للوطن، ودوره فى الإدارة السياسية للبلاد، وبهذه الصيغة الأخيرة يجب أن يكون صدره رحبا ويدخل فى حوار مع الشعب تحقيقا للشفافية.

■ يقال إنك مرفوض من حزب الوفد، ومعادى من حزب التجمع، وتختلف مع السلفيين لأنك مع الدولة المدنية، وأصبحت الآن لديك خلافات مع «الإخوان» بسبب الاستفتاء.. فى ظل هذا المشهد كيف تقيم حواراً وطنياً وبين كل القوى السياسية خلافات؟

- لا أعتقد أن كل هذه الأحزاب تمثل ١% من الشعب المصرى، وبالتالى فالحوار مع الشعب المصرى ستنتج عنه وجوه وأحزاب جديدة. ثانياً ليس هناك خلاف بينى وبين الإخوان، وأنا على حوار معهم كما أننى على حوار مستمر مع الأقباط ورموز الأحزاب المختلفة وحتى السلفيين المعتدلين، فجميعهم أطياف من المجتمع المصرى. وأنا أرى أننى لو استطعت أن أحدث حوارا بين الإخوان والأقباط وأوفق بينهما فذلك هدف كبير لأن كليهما شريحتان كبيرتان من الشعب المصرى. والأمر نفسه مع أهل النوبة الذين يمثلون ٥ ملايين مصرى، كما أن الأقباط ١٠ ملايين بما يعنى أننى أهدف إلى حوار وطنى مختلف بين أطياف الشعب وليس بين الأحزاب. المشكلة أن النظام القديم شرذم الشعب وجعل كل جزء منه ينظر إلى الآخر بوصفه عدوه.

■ تتحدث عن الحوار الوطنى ولكنك فشلت فى التوفيق بين القوى المختلفة داخل الجمعية الوطنية للتغيير؟

- أنا لم أكن جزءاً من الجمعية الوطنية للتغيير، ومنذ أول يوم جئت فيه مصر جاءنى ٣٠ ممثلا عن جميع الأطياف، وكانت لى تحفظات قبل تكوين الجمعية بأن أعرف ما هى القاعدة التى ستقوم عليها، ورأيت أن هناك اختلافات جذرية بينهم ولا يمكن أن يتفقوا. وقلت إن هذه هى رؤيتى حتى لو اختلف معى البعض، بينما وجدت اتفاقا أكثر مع الشباب لذلك عملت معهم. وقد تفاعل الشباب مع الناس وجمعوا مليون توقيع. وأنا أحترم كل الآراء والاختلافات ولكن أن يقال إننى أسافر فقد كان ذلك لأسجل أحاديث أو أعلن رأيى من خلال وسائل الإعلام الأجنبية والعربية ليصل صوتى للجميع لأننى كنت ممنوعا من الظهور فى وسائل الإعلام المصرية.

إضافة إلى كونى أسافر لحضور مؤتمرات وندوات فى الخارج. فمثلاً فى الفترة التى انتقدونى فيها لأنى سافرت كنت أحضر مؤتمراً حضره ١١ رئيساً أفريقياً للحديث عن أزمة حوض النيل. ومع ذلك فقد قلت فى البداية إننى لست المخلّص وإنما هو الشعب ذاته. ولذلك قصدت ألا أكون متواجدا داخل مصر طول الوقت لإشعار الشعب بأنهم من بأيديهم التغيير، وقلت أيضاً إنه ليست مهمتى أن أنزل فى كل مظاهرة أو أن أنزل فى مظاهرات بها ٣٠ شخصاً.

لقد كنت أحلم بالمليون وهو ما حققناه بالفعل بمشيئة الله. وعندما نزل الشباب وتحقق الحلم نزلت إلى الميدان يوم ٢٨ وحدث ما حدث وأُلقيت علينا القنابل المسيلة للدموع وغيرها من عمليات الاعتداء. وبغض النظر عن الاختلاف فى وجهات النظر أعتقد أننا نجحنا فى الثورة وهذا هو المهم ولا يجب تحويل أى خلاف إلى عملية شخصية وننسى الهدف الأكبر. كذلك فأنا أؤمن بعملية تقسيم الأدوار.. فهناك من ينزل إلى الشارع ومن يتولى العملية التنسيقية. أما أنا فدورى أن أتصل برئيس دولة أو بجمعيات حقوق الإنسان أو أن أعقد اجتماعات مع الشباب.

------------------------------

«المصري اليوم» تحاور الرجل الذى قال «لا» للنظام ولـ«الاستفتاء» أيضاً (٢-٢)
«البرادعى»: أدعو لـ«مبارك» بالرحمة.. ولا أخشى صعود التيارات الدينية
-----------------------------------------
كتب مجدى الجلاد ورانيا بدوى ٤/ ٤/ ٢٠١١
-----------------------------------------


المرحلة الانتقالية التى نمر بها الآن هى الأخطر فى تاريخنا، وبناء عليها سيتحدد مسار مصر لعقود طويلة، ومنهج الديمقراطية الذى سنتفق عليه الآن هو الأهم، بعدها يأتى رئيس، أو يذهب رئيس، لا يهم، لأننا سنكون وقتها دولة مؤسسات.. هذه هى رؤية الدكتور محمد البرادعى التى يطرحها فى الجزء الثانى من حوارنا معه.

ويؤكد البرادعى أنه لو قرر المجلس العسكرى تشكيل مجلس رئاسى فإنه لن يرفض أن يكون عضواً فيه، حتى ولو منعه ذلك من الترشح لرئاسة الجمهورية فى المستقبل، لأنه سيشارك وقتها فى بناء صرح الديمقراطية على أسس سليمة تنعكس على مستقبل مصر، وهو الغاية الأسمى بالنسبة إليه.. وما بين الملفات الداخلية والخارجية دار هذا الحوار:

■ ما أبرز ملامح برنامجك الانتخابى؟

- همى فى المرحلة الحالية هو الإصلاح، وبناء أساسات الصرح الديمقراطى الذى نريده جميعا، بعدها يأتى رئيس أو يذهب رئيس، لا يهم.. المهم هو تكوين دولة المؤسسات، ومع ذلك فقد بدأت مع الشباب وبعض المؤيدين لى فى صياغة برنامج انتخابى يقوم على المصداقية ويركز على عدة أهداف، منها إعادة توزيع الدخل وتضييق الفجوة التى أحدثها النظام السابق فى الأجور، وحتى يتحقق ذلك يجب تنمية الدخل القومى المصرى بالصناعات القائمة على الكثافة العمالية والتكنولوجيا العالية.. وقد ذكر لى الدكتور حازم الببلاوى أن مواردنا الطبيعية قليلة وإذا أردنا المنافسة فعلينا زيادة إنتاجية الشخص، وبالتالى إنتاجية الدولة، والمؤكد أن هذا لن يحدث إلا بتطوير التعليم ليكون المواطن المصرى مثل المواطن الكورى والهندى واليابانى قادرا على استخدام التقنية العالية فى الصناعة والزراعة، وهنا تجب الإشارة إلى أننى أنوى الاهتمام بقطاع الزراعة الذى تدهور كثيرا عن طريق تحسين أحوال الفلاحين واستخدام التقنية الحديثة فى أساليب الزراعة والرى وإنتاج البذور، إضافة إلى الصناعات القائمة على الزراعة التى تنتج عنها قيمة مضافة إلى المنتج الزراعى.. كما أهدف إلى أن يرتفع الفقراء من تحت خط الفقر إلى خط الحياة الإنسانية، وأمتلك فى ذلك الصدد خطة متوسطة الأجل لزيادة الثروة فى البلاد ولكن بضوابط تضمن العدالة الاجتماعية، لأنه رغم ارتفاع مؤشر النمو فى العهد السابق فإن غياب العدالة الاجتماعية جعل الفقير يزداد فقراً والغنى يزداد ثراء.

■ كل هذه المجالات التى تحدثت عنها يشترك فى طرحها جميع المرشحين الآخرين، فما هى الميزة النسبية فى برنامجك الانتخابى؟

- أنا معك فى أن البرامج الانتخابية ستكون متشابهة إلى حد كبير، لذا يجب أن نعطى البرنامج الانتخابى ٥٠% من تقييمنا ويعطى الشخص نفسه ٥٠% من التقييم، لأن قدرة الرئيس على تنفيذ البرامج وتطبيق نظم الإدارة الحديثة، وفهمه للأمن القومى المصرى ومتطلبات التنمية، وقدرته على العمل الجماعى واختيار المعاونين على أساس الكفاءة، وقدراته على اتخاذ القرار المناسب فى الوقت المناسب، كلها أمور ينبغى أن يضعها الناخب فى اعتباره حينما يدلى بصوته لصالح مرشح دون الآخرين، فنحن لسنا ألمانيا مثلا التى تمتلك صرحا ديمقراطيا ويحدث الاختلاف فقط فى التفاصيل البسيطة، مثل تأمين صحى أم رعاية صحية متكاملة؟ نحن لانزال فى البداية والكل يتحدث عن العدالة والتنمية والحرية، لذا لا نتوقع اختلاف البرامج الانتخابية رغم أهميتها وإنما ننظر أيضا إلى كفاءة المرشح وقدراته.

■ كل ما تقوله عن أهمية النظر إلى المرشح وقدراته لا يصب فى مصلحتك لأن عهد الشعب المصرى بك قريب وشهرتك مقصورة إلى حد ما على النخبة؟

- أنا معك فى أن الشعب المصرى عرفنى فى البداية بشكل مشوه منذ قلت كلمة واحدة فى ٢٠٠٩ وهى «التغيير»، ووقتها بدأ النظام السابق حملاته المأجورة ضدى بضراوة شديدة تركزت على أننى أمريكى وعميل وسهلت الحرب على العراق وأننى أحمل جنسية أجنبية ومتزوج من أجنبية إلى غير ذلك من أكاذيب، ولكن أعتقد أن هذه الفكرة انكسرت رويدا رويدا بعد ذلك حتى لحظة الثورة التى غيرت مفاهيم الكثيرين عن محمد البرادعى، وما يقال عن كونى غير ملم بأمور السياسة أود أن أقول إننى عملت فى أدق ملفات التنمية الزراعية، والفقر، والسرطان، والمياه الجوفية..إلخ، ولدى خبرة ٣٠ عاما من العمل فى المؤسسات الدولية، وتميزت بقدرتى على إدارة مؤسسة بها ٩٠ جنسية مختلفة و٢٥٠٠ موظف.. باختصار أنا لم أحصل على جائزة نوبل من فراغ.

■ كل ما تقوله جيد، ولكن فى النهاية أنت مرشح للرئاسة فى دولة نسبة الأمية فيها تتعدى الـ٤٠%؟

- أنا أعمل الآن على الوصول إلى هؤلاء.

■ كيف؟

- عن طريق الشباب الذى يعمل فى كل قرى مصر، وآمل أن أنزل إلى الشارع والقرى بعد التأكد من وجود إجراءات لتأمين جميع المرشحين، إضافة إلى أن هناك مهمة على الإعلام وهى تعريف الشعب المصرى بمن هو محمد البرادعى.

■ ماذا لو خسرت سباق الرئاسة؟

- أنا لا أطرح نفسى كرئيس للجمهورية فقط، إنما فى الأساس أطرح أفكارى ومبادئى، فأنا لست فى سباق حول الأكثر شعبية وإذا رأى الشعب أنه يحتاجنى فى هذه المرحلة سأكون سعيدا، أما إذا رأى أن هناك من هو أفضل منى فسأكون سعيدا أيضا.. أنا أنظر للرئاسة على أنها وسيلة لغاية هى إصلاح البلد.

■ هل يمكن أن تقبل أن تكون نائبا للرئيس؟

- لا أقبل ذلك، فأنا لا أبحث عن منصب ولا وظيفة، ولا أعتقد أن منصب نائب الرئيس سيسمح لى بالعمل الذى أريده، وأنا أرى أن عملى الآن خارج أى إطار رسمى قد يكون أكثر فاعلية من أى منصب رسمى.

■ وماذا لو طلب منك أن تكون فى المجلس الرئاسى على ألا يكون لك الحق فى الترشح لانتخابات الرئاسة القادمة؟

- سأقبل فورا.. لأننى مؤمن بأن هذه المرحلة الانتقالية أهم من المرحلة المقبلة، لأنها هى التى ستؤسس للشكل الذى ستكون عليه مصر طوال العقود المقبلة، وهى التى من شأنها أن ترسم صورة مصر الديمقراطية ببرلمان قوى ودستور معبر عن كل الشعب.

■ ماذا لو تقدم مرشح دينى لمنصب الرئاسة فى ظل مجتمع يميل بطبعه إلى التدين؟

- سأتحدث فى هذه الجزئية عن الإخوان المسلمين، باعتبارهم القوة المنظمة فى التيار الدينى والأكثر اعتدالا، والإخوان جماعة لها احترامها رغم أننى أختلف معهم فى بعض الأمور، ولكن طالما يتحدثون عن دولة مدنية وحرية وعدالة فأهلا وسهلا، هذا من حيث المبدأ، ولكن كان الإخوان من الحصافة الكافية التى جعلتهم يقولون إنهم لن يتقدموا للترشح لمنصب الرئاسة لأنهم يعرفون التخوفات التى تراكمت على مدار السنين.

■ ماذا عن السلفيين الذين ألمحوا إلى خوض المعركة الانتخابية وماذا لو حدث ما يتوقعه البعض من استقطابهم لقواعد الإخوان فى جميع أنحاء الجمهورية؟

- أولا: من هو السلفى؟ وما هى رؤيته لإدارة مصر؟ ثانيا: لا أعتقد أن السلفيين سيحظون بأغلبية فى هذا السباق.

■ بشكل عام، هل تخشى صعود التيار الدينى فى مصر؟

- مصر بلد عاش منذ آلاف السنين على ضفاف النيل، وطبيعة مصر سهول وليست جبالا، لذا لا نحب العنف، والدين لدينا قائم على السماحة والاعتدال، وإذا كان التيار الدينى قد استمد قوته من قبل بسبب فراغ الساحة السياسية وما للإخوان من مصداقية فى الشارع ومساعداتهم للشعب الفقير وتعاطف الشعب معهم نظرا لحبسهم والتنكيل بهم إضافة إلى كونهم القوة الوحيدة المنظمة فى الساحة السياسية، فالحل هنا أن نفتح الأبواب لجميع التيارات الليبرالية واليسارية والناصرية والشيوعية.. إلخ، وقتها لا أعتقد أن الغلبة ستكون للتيار الدينى.

■ نعود إلى انتخابات الرئاسة، ماذا لو تقدم أحد قيادات المؤسسة العسكرية السابقين، هل تعتقد وقتها أن ذلك سيضعف من فرص باقى المرشحين؟

- تكفينا ٦٠ عاما من المؤسسة العسكرية، ومع ذلك من حق أى شخص أن يتقدم، ولكن سيبقى السؤال وقتها: هل سيخلق مجتمعا قائما على الانضباط العسكرى أم على المشاركة والحوار؟

■ وهل من الممكن أن تدعم المؤسسة العسكرية هذا المرشح؟

- هنا سنعود إلى الشفافية التى ننشدها من المؤسسة العسكرية.

■ هل أعدت التفكير فى الترشح بعد حادثة المقطم، خشية أن يتم التعرض لك مرة ثانية أثناء الجولات الانتخابية؟

- كلّا، على الإطلاق، وما حدث لى من اعتداء سواء ممن نسميهم قادة الثورة المضادة أو فلول الحزب الوطنى، يزيدنى إصرارا على استكمال المشوار.. طبعا لابد أن آخذ فى اعتبارى سلامتى وسلامة أهلى ولكن المهم هو تحقيق الديمقراطية.

■ إذن فأنت تؤمن بما يسمى «الثورة المضادة»؟

- كل ما أعرفه أن هناك بلطجية يتعقبوننى فى كل مكان أذهب إليه: المقطم، دار القضاء العالى، نقابة الصحفيين.

■ إذن أنت تعتقد أن الهجوم عليك فى المقطم كان مدبراً؟

- طبعا لاشك فى ذلك.

■ لماذا ذهبت للتصويت فى منطقة مساكن الزلزال بالمقطم وهى منطقة فقيرة نسبيا؟

- لأن لعائلتى بعض الأنشطة الخيرية فى هذه المنطقة من رعاية للملاجئ وبعض العائلات الفقيرة، وكان رأيى هو ضرورة النزول فى منطقة يسكنها الفقراء وأن ألتحم معهم، وعلمت بعد ذلك أن البلطجية جاءوا إلى لجنة التصويت فى عربات لورى ومحملين فى أيديهم بـ«كسر البلاط»، وهذا أكبر دليل على أنه كان هجوما مدبراً، وأنا لم أتكلم مع أحد من الموجودين هناك بعجرفة كما أشيع وكتب فى بعض الصحف، ولم أوزع أموالاً ولم أرفض الوقوف فى الطابور كما قيل.. كل هذا هدفه الإساءة لى، بل إنه حتى الآن لم يبد أحد فى الحكومة استنكاره لما جرى، بل لم ترسل النيابة من يعاين سيارتى المحطمة، وحتى ما قاله وزير الداخلية اللواء منصور العيسوى، مع كامل احترامى له عن الحادث، لم يحدث. عموما مازالت هناك جهات منظمة تريد إثارة الذعر وتعقب شخصيات معينة، وحتى يشعر الشعب بالاطمئنان يجب أن تتخذ إجراءات تطمئنهم، فرغم أننا عانينا من قانون الطوارئ ٣٠ عاما فإننا اليوم نحتاجه ومع ذلك لا يستعمل رغم أن مصير البلد اليوم على المحك. كما أن الإعلام الرسمى لايزال يبث سمومه رغم أن أفراده يتحصلون على رواتبهم من الشعب المصرى، لكنهم يستغلون طيبة هذا الشعب وأن جزءا كبيرا منه غير متعلم.

■ لننتقل إلى ملف السياسة الخارجية.. يجمع الكثير على تراجع دور مصر الخارجى فى عهد النظام السابق.. ما رؤيتك لاستعادة هذا الدور؟

- إذا سارت مصر فى الطريق الصحيح سنجد العالم العربى كله والذى يمر فى حالة مخاض الآن يتعامل معها باعتبارها النموذج الذى يجب أن نحتذى به جميعا فى طرق نقل السلطة وتطوير المجتمع حتى تعود مصر قاطرة، ووقتها سيختلف دورنا ومصالحنا وأمننا القومى وستكون النظرة إلينا من منطلق توازن القوى، وبالتالى سيتعامل معنا الغرب على قدر من المساواة بعد أن كنا قد فقدنا هذا التوازن وضاع كل رصيدنا السابق، فقوة الدول الآن لا تعد ولا تحسب بالدبابات، وإنما بقوة العقل وبماذا تصدّر الدولة وعلاقاتها التجارية مع الآخرين وقدرتها على المشاركة فى الحضارة الإنسانية، ورغم أن المواطن المصرى لايزال فقيرا، كما كان قبل الثورة، فإننا لو نظرنا فى عينيه الآن بعد الثورة سنراه يشعر بالفخر والكرامة والعزة، لذا نريد أن ينعكس ذلك على دورنا الخارجى وأن نشعر بعظمتنا واستعادتنا حجمنا الطبيعى كما كنا فى السابق.

■ فى حوار سابق للدكتور مصطفى الفقى، ذكر أن رئيس مصر القادم لن يأتى إلا بموافقة أمريكا وإسرائيل، الآن ونحن فى هذه المرحلة الانتقالية، هل تعتقد أن الغرب بمجمله سيحاول التأثير لضمان عدم انتخاب رئيس لا يوافق مصالحهم، أم قد ينتظر لمعرفة الرئيس القادم ثم يحاولون استقطابه؟

- لا أتفق مع صديقى الدكتور مصطفى الفقى، وهذا الشعور بأن الغرب هو الذى سيحدد لنا مصيرنا هو جزء من مركب النقص الذى نشعر به. نحن ٨٥ مليون مواطن قادرون على تحديد مصائرنا، ولاشك أن من مصلحة الغرب أن يكون فى مصر استقرار، وألا يوجد إرهاب وأن تكون الدولة معتدلة، وألا تحدث حرب مع إسرائيل، واستمرار الإمدادات من الغاز والبترول، وقد قلت للأمريكان «إنكم تهدرون أموالا على مكافحة الإرهاب وتأمين أمريكا من الداخل، وإذا كنتم تريدون مكافحة الإرهاب وعليكم اتباع طريقين: الأول هو أن تنفق هذه المليارات على الشعوب الفقيرة فى شكل مساعدات، والثانى بفتح حوار مع هذه الدول وبذل ما تستطيع للمجتمع المدنى والدفاع عن الحرية والديمقراطية، وقتها سينشغل الناس بالعلم والعمل والديمقراطية ولن يكون هناك إرهاب».

وأنا فى رأيى أن الغرب أخذ درساً قاسياً من ثورة مصر، فعندما خرجت هيلارى كلينتون فى أول أيام الثورة على قناة «سى إن إن»، وقالت «تقديرنا أن نظام مبارك مستقر»، قلت لها إننا نختلف على مفهوم الاستقرار، فليس معناه قمع الشعوب وليس معناه الحكم ٣٠ عاما أو الجمود.. وقد لاحظنا جميعا أن الموقف الأمريكى يتغير كل يوم، ونصحت الرئيس أوباما بالخروج للانحياز للشعب المصرى وقد كان، وقد تعلموا درسين بعد ثورتى تونس ومصر: الأول أن الاستقرار لن يأتى إلا بحكومات منتخبة، والثانى ضرورة تغيير سياساتهم تجاه المنطقة كما ذكرت.

■ فى ظنك ما أسباب التمسك الشديد للغرب بمبارك حتى بداية الثورة قبل انقلابهم عليه فى النهاية؟

- مبارك ونظامه باعوا للغرب ٣ خدع، والغرب اشترى دون فحص البضاعة، وهى أن مصر ستتحول إلى فوضى بغياب مبارك، وأنها ستكون ولاية الفقيه، وأنها ستدخل حربا مع إسرائيل، وهذه خدع كبيرة لأن مصر بها حالة من عدم الاستقرار الآن وهذا أمر طبيعى بعد الثورات، ولكن سرعان ما ستستقر، أما عن تحولها إلى ولاية الفقيه أو حتى جنوحها إلى الإرهاب فهذا غير صحيح، لأن مصر ستكون أكثر حداثة واعتدالا وأقل تطرفا، فالتطرف كان سببه قمع المواطن داخل بلده، وشعوره بعدم احترام الخارج له، والمواطن يستيقظ يوميا على قتلى فى فلسطين والعراق وأفغانستان، وعندما نقول له وقتها إن هناك مؤامرة ضد المسلمين سيصدق لأن هناك شواهد على ذلك.. لكن إذا تغيرت المعادلة سينتهى الإرهاب.

■ ولكن طرفى المعادلة ليسا بأيدينا؟

- نعم.. هناك جزء يخصنا وهو التغيير الداخلى إضافة إلى تغيير منطقنا فى التعامل مع الغرب، وطرف المعادلة الثانى فى يد الغرب الذى يجب أن يفهم أن حل المشكلة الفلسطينية وإعادة العراق وإنهاء ما يحدث فى أفغانستان هى جزء من الحل واستقرار الأوضاع، إذا أرادوا علاقات جيدة مع منطقة الشرق الأوسط.

■ ما رؤيتك لشكل العلاقات الخارجية بيننا وبين الغرب فى المرحلة المقبلة، وتأثير ذلك على القضايا الكبرى فى المنطقة مثل الملف الفلسطينى؟

- العلاقات ستقوم على أساس توازن المصالح إذا حددنا نحن أولا أهدافنا وكانت لدينا خريطة واضحة للتعامل مع أمننا القومى.. وفى رأيى أن القضية الفلسطينية ستحل فى المرحلة المقبلة لأنه سيوجد توازن بعد تغيير شكل المنطقة العربية وأنظمتها ولن ننتظر الحلول من الغرب.

■ هل من الممكن أن نعيد النظر فى اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام فى المرحلة المقبلة، خاصة أن أحد مرشحى الرئاسة صرح بأنه على استعداد لإلغاء كامب ديفيد إذا طلب منه الشعب ذلك؟

- ما أسهل أن تكون رئيسا شعبويا فى مصر.. ولكن الأهم هو أن تكون رئيسا يتمتع بالمصداقية مع شعبك.. وأنا أرى أن دورى آنذاك يحتم على أن أشرح للشعب تداعيات مثل هذه الخطوة، ثم علينا أن نسأل أنفسنا السؤال الأكبر: ماذا نريد من كامب ديفيد؟، الهدف هو حل القضية الفلسطينية، وهذا من الممكن الوصول إليه كما قلت بتشكيل ضغط عربى قوى أظن أنه سيحدث بعد تغيير المنطقة.

أعلم أننا وقعنا اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام بشروط مجحفة، ولكنه قد حدث فلماذا نبكى بعد انتهاء الأمور؟ تماما مثلما دخلت الدول العربية كالقطيع فى اتفاقية حظر انتشار السلاح النووى وهى تعلم أن إسرائيل لم توقع ثم تبدى الدهشة بعد ذلك وتقول إن إسرائيل لديها سلاح نووى؟ فلماذا وقعنا إذن؟ لماذا وقعنا اتفاقية كامب ديفيد ولم نشر من قريب أو من بعيد إلى السلاح النووى الإسرائيلى، ثم نجلس «نخبط على الترابيزة ونقول إننا أخذنا مواقف وشجبنا ونددنا»؟.. لذا فى رأيى أننا يجب ألا ندخل فى مغامرة عدم الالتزام باتفاقية كامب ديفيد، لأنه طبقا للقانون الدولى لا يمكن تعديل وإلغاء الاتفاقيات الدولية إلا إذا تغيرت الظروف بما يسمح بإعادة النظر فيها، أو كانت هناك مخالفة صريحة من أحد أطراف الاتفاقية لنصوصها وإلا سيقف الغرب ضدنا وسنتهم بمخالفة القانون الدولى.. وأنا رأيى أن هناك أمرين حدثا لم تستطع مصر الإفاقة منهما حتى الآن: نكسة ٦٧ والسلام المنفرد مع إسرائيل.

■ ولكن البعض يقول إن النظام السابق قدم تنازلات شديدة لا علاقة لها باتفاقية السلام، مثل الجدار العازل وغلق المعابر وبيع الغاز بسعر بخس لإسرائيل؟

- أتفق مع ذلك، فإذا كان الأمن القومى يحتم إغلاق الأنفاق فلنغلقها، ولكن يجب عدم إغلاق المعابر وحبس مليون ونصف بنى آدم بلا طعام أو دواء فى أحلك الظروف حتى إن ممثل العلاقات الخارجية فى الاتحاد الأوروبى قال إن غزة لها «سجانين» هما مصر وإسرائيل، وهذا بالطبع لا علاقة له بالاتفاقية.. وغلق المعابر كان من منطلق فكرة غيبية أننا إذا فتحنا المعابر سيحدث ائتلاف بين الحمساوية والإخوان المسلمين. أما بالنسبة للغاز فيجب أن يباع بالسعر العالمى، وأنا كنت ممن يؤمنون بأنه إذا كانت الطاقة لدينا قليلة فمن الأجدى الحفاظ عليها للأجيال القادمة إلى جانب التوجه إلى الطاقة المتجددة.

■ وما رؤيتك لأزمة المياه بعد انضمام بوروندى لمبادرة حوض النيل ودخولها حيز التنفيذ؟

- أعلم أن أزمتنا مع دول حوض النيل بدأت منذ حوالى ١٥ عاما ومع ذلك لم نتحرك إلا بعد أن تفاقمت. فنحن لم نعالج الأزمة فى بدايتها ولم نستثمر فى الدول الأفريقية وتعاملنا معها باستعلاء شديد، ولا أعرف إذا وصلت الأزمة إلى محكمة دولية هل يمكن أن تأتى النتيجة فى صالحنا أم لا؟ خاصة أن دول حوض النيل تعتمد على أن الاتفاقية التى تتمسك بها مصر تم توقيعها فى عهد الاستعمار وعلى اتفاقات دولية تقول إن على الدول التى تشترك فى مورد مائى واحد أن يكون هناك اقتسام عادل بينها لهذا المورد.. لذا يجب أن نكثف الجهود لحل الأزمة، ونوجد نقاطاً تجمعنا فى المصالح خاصة أن هذه الدول لا تحتاج الماء بقدر احتياجها للكهرباء والتنمية وهو ما يمكن أن نساعدهم فيه.

■ هل لديك علم بأسباب رفض مصر التصديق على اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية؟

- نعم.. فهذه الاتفاقية تقوم على أساس محاكمة كل من يقدم على جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، وكانت تتضمن بندا يخص محاكمة رؤساء الدول، وعندما وصلت المذكرة إلى الرئيس السابق مبارك كتب عليها بالخط الكبير «لا»، ولم ندخل فى الاتفاقية، فالنظام السابق كان لا يفرق بين المصالح الشخصية ومصلحة الوطن.

■ عودة إلى ملف الرئاسة، ما علاقتك بالسيد عمرو موسى؟

- السيد عمرو موسى صديق عزيز وتجمعنى به كل مودة وقد دعانى الأسبوع الماضى للقاء على الغداء.

■ وعن أى شىء تحدثتما؟

- فى كل شىء. المرحلة الانتقالية، وكيفية إدارة البلاد، واتفقنا على أن الانتخابات الرئاسية يجب أن تكون شفافة ومعبرة خاصة أنها ستكون الانتخابات الرئاسية الأولى من نوعها فى مصر.. واتفقنا على أن هدفنا فى النهاية هو إعلاء مصلحة مصر.

■ هل حدث أن أرسلت جواز سفرك الدبلوماسى فى ظرف إلى السيد عمرو موسى أثناء توليه وزارة الخارجية تعبيرا عن اعتراضك على عدم ترشيح مصر إياك لمنصب مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية؟

- لم يحدث.. لأننى أفرق بين النظام والدولة، وأعلم أن الرئيس مبارك نفسه لم يستشر فى أمر ترشيحى، وأن الرفض جاء من داخل عائلة الرئيس والمؤسسة الرئاسية.. تماما مثلما يقولون إننى حصلت على قلادة النيل من الرئيس السابق مبارك، وأنا أرى أن هذا غير صحيح لأنه منحنى القلادة نيابة عن الشعب المصرى، وقد قلت ذلك فى كلمتى آنذاك «إننى أشكر الرئيس مبارك الذى أعطانى القلادة وأشكر الشعب المصرى على تقليدى إياها».. فأنا لا أخلط بين الاثنين.

■ فى النهاية ماذا تقول للرئيس مبارك الآن؟

- مبارك كان رئيسا للبلاد ٣٠ عاما.. أخطأ وأصاب.. لكن الشعب قرر للأسف أنه فشل فى تأدية مهمته، ونتج عن فترة حكمه فساد كبير.. ولا خلاف شخصياً بينى وبينه، لذا أدعو له الله بالرحمة.

-----
نشر في المصري اليوم بتاريخ 3و4 أبريل 2011
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=292526

المستشار محمود الخضيري



«مبارك» تحت الإقامة «الشكلية»
وإذا لم تتم محاكمته وعائلته فسنذهب إليه فى «شرم الشيخ»
---------------------------------------------------
حوار رانيا بدوى ٥/ ٤/ ٢٠١١
---------------------------------------------------
بعد أن نظمت الجبهة الحرة للتغيير السلمى محاكمة شعبية للرئيس السابق حسنى مبارك ورموز عهده، الجمعة الماضى، برئاسة المستشار محمود الخضيرى، رئيس نادى قضاة الإسكندرية الأسبق، الذى قرار تأجيل النطق بالحكم للجمعة المقبل - كان السؤال المهم هو: ماذا لو لم يحاكم مبارك فعلياً فجاءت الإجابة واضحة وصريحة على لسان المستشار «الخضيرى»: وقتها سنذهب إلى شرم الشيخ.. وإلى نص الحوار:

■ لماذا تعتقد أن الرئيس السابق مبارك تم تحديد إقامة بشكل «صورى»؟

- لو افترضنا حسن النية لدى جميع الأطراف، فيجب ألا يترك مبارك وعائلته فى منتجع خمس نجوم، المنتجع المفضل إليه، ثم يقولون لنا إنه تحت الإقامة الجبرية، أى إقامة جبرية هذه؟!

الإقامة الجبرية التى أفهمها أن يوضع الرئيس السابق وعائلته فى مكان يحدده له الشعب، ويمنع عنه الاتصال حتى لا يحيك مؤامرات ضد الشعب أو ضد الثورة، ويجب أن تحدد إقامته تحديداً حقيقياً، وليس صورياً لحين اتخاذ الإجراءات القانونية ضده.. هذا ما نطالب به الآن.

■ ألا تعتقد أن التباطؤ ربما يكون سببه حجم الفساد الضخم الذى لم يكن يتوقعه أحد.. حتى إن البعض اقترح تشكيل لجان معاونة للنائب العام؟

- السرعة فى محاكمة الفاسدين أمر ضرورى، حفاظاً على الثورة وأنا مع كل فكرة تؤدى فى النهاية لمحاربة الفساد، لأننا إذا لم نقض فلن نستطيع بناء البلد على أسس سليمة، بل سيكون البناء هشاً وضعيفاً وسينهار فى أى لحظة.

■ هل تعتقد أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة سيسمح بمحاسبة رمز من رموز أكتوبر؟

- ألم يكن الفريق سعد الشاذلى رمزاً من رموز أكتوبر بل القائد العام للقوات المسلحة فى حرب ٧٣، ومع ذلك سمحوا لـ«السادات» و«مبارك» بعزله ونفيه ومحاكمته والانتقاص من حقوقه، بل كان «الشاذلى» أكبر من «مبارك»، ثم ما الفرق بين الضابط والإنسان العادى.. هل سنعود إلى عهد الميزات.. يجب ألا تفرق القوات المسلحة بين شخص وآخر، والمخطئ يجب أن يحاسب أياً كان وضعه.

■ قرأت لك تصريحاً تقول فيه إنه من السهل إثبات تورط صفوت الشريف وزكريا عزمى فى قتل المتظاهرين.. كيف ذلك؟

- لا لم أقل إنه من السهل إثبات ذلك، لكن من الممكن أن يتم إثبات ذلك بعد أن يوضع الجميع بمن فيهم زكريا عزمى وصفوت الشريف وفتحى سرور تحت الإقامة الجبرية، لحين إثبات ذلك ثم يقدموا للمحاكمة، لكن أن يتركوا طلقاء هكذا، يطلون علينا فى وسائل الإعلام يدافعون عن أنفسهم ويحاولون تبرئة أنفسهم، بأن ما يحدث كان غصباً عنهم، فلماذا لم يستقيلوا إذن؟!.. وكيف نسمح بأن يظهر الحرامية كأبطال؟.. عموماً ترك رموز الفساد طلقاء هكذا وضع غير صحيح بالمرة وعليه علامات استفهام كثيرة.

■ بعض القانونيين قالوا إنه لا يمكن أن نحاسب أحد رموز العهد السابق بتهمة الفساد السياسى، وإنه اتهام صعب إثباته من الناحية العملية؟

- فلنرجئ الفساد السياسى بعض الوقت، وعندما تحين اللحظة سنجرى لكل هؤلاء محاكمات سياسية، لكن أين المحاكمات الخاصة بالفساد المالى وقتل المتظاهرين ولماذا التباطؤ فيها؟!

■ ما المقصود بالمحاكمة الشعبية لـ«مبارك» وأعوانه وليست هناك آلية لتنفيذ أى حكم ستصدرونه الجمعة المقبل؟

- لا آلية لتنفيذ الحكم الذى سيصدر فى ميدان التحرير، لكن المحاكمة الشعبية هى رمز أدبى مقصود به الضغط على المسؤولين للامتثال لمطالبنا بتقديم هؤلاء إلى المحاكمة، وإذا لم ينفذ مطلبنا فسيكون لنا إجراء آخر.

■ ما هو؟

- سنتجه لمقر الرئيس السابق «مبارك» فى شرم الشيخ.

■ هل تعتقد أنه سيسمح لكم بذلك؟

- المعوقات لن تكون أكبر من التى وضعت فى طريقنا من قبل، ففى الثورة كان أمامنا جيش جرار من الشرطة وتغلبنا عليه، فلو وضعت أمامنا معوقات فسنتغلب عليها.

■ البعض طالب النائب العام بالرحيل باعتباره أحد رموز النظام السابق.. فما رأيك؟

- لا نستطيع الاستغناء عن كل من كانوا فى النظام السابق دفعة واحدة، وفى المرحلة الأولى نريد التخلص من كل من ثبت تورطه فى الفساد، ونحن ننتظر الإجراءات التى سيتخدها النائب العام تجاه الرئيس السابق مبارك وعائلته وهذه الرموز، وإذا لم يتخد إجراءات فستكون لنا ضده إجراءات أخرى، وسيترك ذلك للثوار.

■ لكن لا يحق لأحد عزل النائب العام فى وجود استقلال القضاء ولا توجد آليات لذلك إلا إذا أتى النائب العام بجرم يرى المجلس العسكرى أنه يوجب عزله؟

- وهل كانت لدينا آليات لعزل حسنى مبارك نفسه؟!.. الشعب فى حالة ثورة، والثورة تستطيع أن تفعل كل ما هو فى مصلحة البلد.
--------------
نشر في المصري اليوم بتاريخ 5-4-2011
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=292618

المستشارة نهى الزيني



أقترح «لجنة تطهير» لتلقى بلاغات الفساد
----------------------------------
حوار رانيـا بـدوى ١/ ٤/ ٢٠١١
-----------------------------------

وصفت المستشارة نهى الزينى،المشهد السياسى العام فى مصر بـ«المرتبك»، وقالت إن مكافحة رموز الفساد عليها علامات استفهام كثيرة، واقترحت فى حوارها مع «المصرى اليوم» إنشاء لجنة أسمتها «لجنة التطهير»، تكون مهمتها تلقى بلاغات الفساد والتحقيق فيها، للتخفيف عن النائب العام.. وفيما يلى نص الحوار:

■ كيف تقيمين المشهد السياسى العام فى هذه المرحلة الانتقالية؟

- المشهد العام ملتبس إلى درجة كبيرة، ويبدو أشبه بجبل من الجليد الغاطس فى محيط لا نرى إلا قمته فقط، أما الجزء الأكبر فهو مختف تحت تصريحات متضاربة وبعضها لا يبعث على الاطمئنان، بداية من الإصرار على إجراء تعديلات على دستور ١٩٧١ الموجود بالفعل برغم أنه تم تعطيله، ثم فجأة نجد أنفسنا أمام إعلان دستورى عجيب يجمع بين مواد تم استفتاء الشعب عليها ومواد لم يتم الاستفتاء عليها كل ذلك من أجل أن يأتى برلمان بتركيبة معينة يقوم هو باختيار جمعية تأسيسية لعمل الدستور.

■ ما رؤيتك لمرسوم القانون الخاص بتشكيل الأحزاب؟

- التعديلات الأخيرة على قانون الأحزاب تكفى للمرحلة الانتقالية لكن توجد عليها بعض الملاحظات، فمثلاً تم إلغاء الدعم المالى الذى كانت تقدمه الدولة للأحزاب، وهو ما سيضمن جدية الحزب واستقلاله، لكن كان يجب فى المقابل السماح للأحزاب بممارسة أعمال تجارية لكى تتمكن من الإنفاق على أنشطتها، وبالتالى إحكام سيطرتهم الفعلية وتكوين مراكز قوى تضر بلا شك بالواقع السياسى.

■ كيف ترين مرسوم قانون تجريم الاعتصامات وهل هو فعلا ضد الحريات العامة أم أنه تنظيم لحركة المجتمع منعا للفوضى؟

- الحقيقة أن هذا المرسوم صدم الرأى العام بقوة، برغم أنه يدخل فى إطار تفعيل أحكام الطوارئ الموجودة بالفعل، وكان المأمول من المجلس العسكرى ومن الحكومة الجديدة أن يتخذا خطوات جادة ومتسارعة لإنهاء حالة الطوارئ الجاثمة فوق صدورنا منذ ثلاثين عامًا.

■ ما رأيك فى العدول عن إحياء دستور ٧١ بعدما تم اجراء استفتاء على تعديلات بعض مواده.. وما تفسيرك لمسألة صدور إعلان دستورى يتضمن هذه التعديلات الأخيرة؟

- لا أجد فى الحقيقة وصفاً لما يحدث غير أن هناك ارتباكاً سياسياً وارتباكاً فى الرؤية ومحاولة للتعلل بضيق الوقت لإضاعة المزيد من الوقت، وإجراء انتخابات برلمانية دون أساس سليم، وفى ظل حالة الفوضى الأمنية التى نعيشها، بدلاً من كسب الوقت فى إجراء حوارات مجتمعية واسعة للوصول إلى صيغة توافقية تسمح بصياغة دستور جديد محترم يليق بالدولة الديمقراطية التى نتمناها.

■ ما رأيك فى آليات محاكمة الفساد وما هى ملاحظاتك عليها؟

- هناك إجراءات جادة تم اتخاذها بالفعل ولكن يوجد تباطؤ فى حالات كان يجب الإسراع فيها، كما توجد رموز كبيرة للفساد لم يتم الاقتراب منها حتى الآن، برغم أنه قدمت ضدها بلاغات مدعومة بالوثائق، والواجب فى حالة كحالتنا التى وصل الفساد فيها إلى كل المواقع وبدرجة فاقت الوصف، أن يتم إنشاء لجنة أو هيئة ذات تشكيل قضائى رفيع المستوى يطلق عليها اسم «لجنة التطهير» تتفرغ لتلقى بلاغات الفساد الخاصة بالنظام السابق والتحقيق فيها ثم إحالتها للقضاء حتى لا يكون هناك ضغط على النائب العام يتسبب فى بطء الإجراءات.

■ تقرير لجنة تقصى الحقائق أدان مبارك والعادلى فى قتل المتظاهرين.. فهل يمكن أن نشهد محاكمة جنائية لمبارك بواقع هذا التقرير؟

- المجلس الأعلى للقوات المسلحة أكد على أنه لا أحد يعلو فوق القانون وليس أمامنا إلا أن نصدق وننتظر.

■ تردد مؤخرا أنه يمكن بموجب تقرير لجنة تقصى الحقائق رفع قضية أمام المحكمة الجنائية ضد مبارك فما تعليقك؟

- وفقاً للتقرير المبدئى للجنة تقصى الحقائق، فإن الانتهاكات التى ارتكبها النظام السابق أثناء الثورة والتى نتج عنها مئات من الشهداء وآلاف من الجرحى تشكل جرائم ضد الإنسانية وهو ما يدخل فى ولاية المحكمة الجنائية الدولية، وكذلك وقائع التعذيب الممنهج الذى مارسته الدولة خلال السنوات الأخيرة مع المعارضين، ولكن المشكلة أن مصر ترفض حتى الآن التصديق على اتفاقية المحكمة وهو ما يحول دون انعقاد الاختصاص القضائى لها.

■ وكيف يمكن حل هذه المشكلة؟ وهل يمكن ملاحقة الرئيس المصرى السابق بنفس طريقة ملاحقة الرئيس السودانى؟

- هذه المشكلة يمكن حلها بإحدى طريقتين، إما أن تصدر الدولة إعلاناً تودعه لدى المحكمة يتضمن قبولها اختصاص المحكمة مؤقتاً بالنسبة للجرائم التى ارتكبت أثناء الثورة فقط، أو بأن تتخذ الحكومة إجراءات التصديق على الاتفاقية مع قبول اختصاص المحكمة على الأحداث السابقة على التصديق من تاريخ إنفاذ الاتفاقية عام ٢٠٠٢.

■ ألا يعد اختصاص المحكمة الدولية بمثابة تقليل من شأن القضاء المصرى؟

- بالعكس لأن كل تفاعل إيجابى للدولة مع المجتمع الدولى والوفاء بالتزاماتها الدولية يمنح دفعة لسلطاتها، ومنها السلطة القضائية، كما أن هذا الإجراء يؤكد على احترام الدولة لحقوق الإنسان وحرصها على ملاحقة من ارتكب جرائم ضد الإنسانية بحق شعبها مهما كان منصبه.

■ ما رأيك فى أهم القوانين التى يجب أن تلغى فورا تمهيدا للمرحلة الجديدة ولماذا؟

- قانون مجلس الشورى، لكنه سيحتاج إلى تعديل دستورى لإنهاء هذا الكيان غير الفاعل والذى يكلف الدولة مبالغ طائلة لمجرد توفير مناصب شرفية.
----------------------
نشرت في المصري اليوم بتاريخ 1-4-2011
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=292225

عبد الخالق فاروق



تحويل ٤٠٠ مليون جنيه سنويا من «قناة السويس» إلى «الرئاسة»
--------------------------------------
حوار رانيا بدوى ٣١/ ٣/ ٢٠١١
--------------------------------------

مصر ليست فى حاجة إلى مساعدات داخلية ولا حتى خارجية، فإذا تم إيقاف هدر الموازنة العامة الذى وصل إلى ١٢ مليار جنيه نستطيع اجتياز الأزمة، أما إذا عدلنا عقود بيع الغاز المصرى فسنحصل على ما يقرب من ٩ مليارات جنيه وغيرها الكثير.. باختصار: الحلول المالية موجودة من وجهة نظر الخبير الاقتصادى عبدالخالق فاروق الحاصل على جائزة الدولة التشجيعية فى الاقتصاد والقانون.

«المصرى اليوم» التقته، وكان هذا الحوار:

■ أعلن رئيس الوزراء عن صندوق لتلقى التبرعات لدعم الاقتصاد المصرى، فما دلالة هذا القرار لديك؟

- دلالته سيئة للغاية، ويعكس غياب الرؤية لدى رئيس الوزراء، فاللجوء للناس وطلب إعانات مالية منهم فى استثمار لمشاعرهم الوطنية بدلا من تحفيزهم على العمل والإنتاج أمر فى غير محله.

■ إذن كيف نوفر الأموال اللازمة لتسيير الأمور الآن فى ظل توقف عجلة الإنتاج؟

- على الحكومة أن تعلن إعادة هيكلة للموازنة العامة للدولة ووقف الإهدار الذى يصل إلى حوالى ١٢ مليار جنيه على الأقل.. أولاً: بند الدعاية والإعلان والاستقبالات فى المؤتمرات والحفلات وغيرها يأخذ من ميزانية الدولة حوالى ٢٥٠ مليون جنيه. ثانياً: لابد من إعادة ضخ واستثمار بند الاحتياطات العامة الذى يتراوح بين ١٠ و١٦ مليار جنيه بدعوى إنفاقه فى حالة الأزمات والكوارث، لكنه يؤخذ من خلف ظهر مجلس الشعب دون أى رقابة وينفق على تعزيز الأمن وكمكافآت لقادة وزارة الداخلية.

ثالثا: مراجعة حصة الشريك الأجنبى فى الشركات البترولية والتى كانت سببا فى ضياع مليارات فى الرشاوى والعمولات للمسؤولين وللرئيس وعائلته.

■ ما تفسيرك الاقتصادى لارتفاع أسعار بعض المحاصيل الزراعية وبعض المواد الغذائية الأساسية؟

- لا شك أن هناك أطرافاً حريصة على تعطيل الإنتاج خاصة فى مجالات الاحتياجات الأساسية للمواطن التى إن نقصت يشعر بها المواطن على الفور، علما بأن جزءا كبيرا من القطاع الزراعى فى أيدى رجال الأعمال والقطاع الخاص، لذا لا أستبعد أن يكون الأمر مقصودا.

■ تقصد أن الثورة المضادة تستخدم كارت الغذاء والأسعار لإنهاك الشعب؟

- لا أستبعد ذلك، ولكنى أيضا لا أستبعد جشع وطمع بعض رجال الأعمال لاستغلال الفرصة فى إخفاء سلعة فيرتفع سعرها لتحقيق أرباح طائلة.

■ والحل؟

- على وزير الزراعة ألا يدير الأزمة من مكتبه المكيف بل أن ينزل إلى كل المديريات لتحديد سبب المشكلة.

■ ما تفسيرك للتغيير الأخير فى أكواد التعامل فى البورصة لعائلة مبارك، وهل هو إجراء احترازى بالفعل؟

- الكود فى البورصة يعنى الرقم الذى يتعامل به الشخص، حيث لا تظهر المعاملات بالأسماء، وتغيير الأكواد فى هذا الوقت فى تصورى هو محاولة لإخفاء المعاملات السابقة لآل مبارك، وفى تقديرى فإن الخطر كان فى حركة كل من علاء وجمال مبارك اللذين يعملان فى البورصة منذ زمن طويل، وحققا أرباحا طائلة فى زمن الخصخصة بالتواطؤ مع عاطف عبيد الذى كان يخبرهم بأسعار بيع الشركات فى البورصة بشكل مسبق.

لذا أنا لا أعتبر هذا إجراء احترازيا، لأن النائب العام أصدر قرارا بالتحقيق فى ثروة مبارك كما أنه ومنذ إسقاط النظام أصبح فى العلم العام ما يؤكد أن التصرفات المالية لآل مبارك ستكون تحت نظر القضاء، لكنهم أرادوا إخفاء تعاملات معينة فى محاولة للتلاعب والتغطية على فساد، ما قد يكون محاولات توجيه البورصة لصالح علاء وجمال مبارك.

■ فى تفسيرك لماذا اضطرت هيئة البترول للاقتراض من الخارج فى ظل النظام السابق رغم كونها من أغنى الهيئات فى مصر، ففى تقرير لجهاز التعبئة والإحصاء وصلت مديونية هيئة البترول إلى ٥٠ مليار جنيه؟

- ما لا يعرفه البعض أن هيئة البترول كانت تقترض من الخارج لصالح الحكومة عبر رهن البترول المصرى.

■ ولماذا لا تقترض الحكومة بشكل مباشر وبلا وسيط؟

- أولاً حتى لا يظهر فى موازنة الدولة أن مؤشر المديونية الخارجية بالعملة الأجنبية فى ارتفاع، ثانيا الهيئة باعتبارها مالكة للبترول المصرى لها أصول تغطيها بعكس ما إذا تقدمت الحكومة بكل ديونها السابقة لطلب الاقتراض فمن الممكن ألا تطمئن الجهات المقرضة لوضعها الاقتصادى وترفض إقراضها.

■ وهل يعنى كون القرض بضمان البترول المصرى أنه فى حالة عدم السداد يكون البترول المصرى من حق الجهة المقرضة؟

- نعم، ووقتها تأتى هذه الشركات وتحجز على البترول المصرى، وهو ما حذرت منه لخطره الشديد، ولكنى الآن لم أعد متخوفا كما كنت فى سابق الأمر، وذلك بشرط إعادة النظر فى سياسات النفط من حفر الآبار والتوزيع والتسويق بشكل جذرى وليس بالجهات الموجودة الآن والتى تعبر عن النظام القديم.

■ قلت لى فى حوار سابق إن هناك تحويلاً مالياً ضخماً من إيرادات قناة السويس يذهب إلى رئاسة الجمهورية، فما معلوماتك فى هذا الشأن؟

- طوال السنوات الماضية كان يتم تحويل حوالى ٤٠٠ مليون جنيه لصالح صندوق أسود فى رئاسة الجمهورية لا يعرف تفاصيله أحد ولا أوجه إنفاقه إلا عائلة مبارك وزكريا عزمى، لذا أطالب بضرورة تشكيل لجنة تحقيق فى إيرادات هيئة قناة السويس وطرق إنفاقها، خاصة بند التطوير والتوسع، وهو البند الذى يتم من خلاله تسريب جزء كبير من إيرادات هيئة قناة السويس.
-------------------
نشرت في المصري اليوم بتاريخ 31-3-2011
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=292113

د. حسام عيسى



عصام شرف فعل ما لم يفعله مبارك بـ«تجريم الاعتصامات»
----------------------------------
حوار رانيا بدوى ٣٠/ ٣/ ٢٠١١
----------------------------------
يرى الدكتور حسام عيسى، أستاذ القانون الدولى بجامعة عين شمس، أن العرف الدولى مازال فى صف مصر فى ملف حوض النيل، وأن تعديل اتفاقية كامب ديفيد يعد الآن درباً من العبث، موضحاً أن ضياع فرصة استردادنا للأموال المنهوبة مسؤولية الحكومة التى أتاحت - حسب قوله - الوقت لتحويل الأموال إلى دول ليس بيننا وبينها معاهدات لملاحقة الفساد، ويجب أن تعاقب على ذلك.. مواقف حاسمة وساخنة للدكتور عيسى فى هذا الحوار:

رجب أردوجان رئيس الوزراء التركى التقى نظيره العراقى نورى المالكى خلال زيارة إلى بغداد أمس الأول، حيث أكد أردوجان أن بلاده تأمل فى رؤية عراق موحد يحافظ على سلامة وأمن المنطقة.

■ هل من مخرج لمأزق توقيع بوروندى على اتفاقية حوض النيل؟

- الأزمة جاءت بسبب الإهمال الشديد وعنجهية نظام مبارك مع دول حوض النيل، والحل لن يأتى إلا بالتفاوض من منطلق مختلف. وأنا أحيى مبادرة رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف بزيارة السودان ثم إثيوبيا كبداية لتحسين العلاقات مع أفريقيا ودول حوض النيل، مع العلم بأن إعادة التفاوض لن تكون سهلة ولكنها ليس مستحيلة.

■ وماذا لو فشلت المفاوضات، هل يوجد فى القانون الدولى ما يحمى مصالحنا آنذاك؟

- الاتفاقية التى تعترض عليها دول حوض النيل لأنها موقعة من الاستعمار، تمنح مصر حق الفيتو على أى منشآت تقام على النيل، ولا يمكن لأى دولة تغيير القواعد من جانبها وتجاهل دول المصب، والعرف الدولى فى صفنا تماماً إذا ما أصر الجانب الآخر على موقفه، فإذا حدث - لا قدر الله - وترتب على هذه السدود والإنشاءات نقص لكمية المياه التى تصلنا وحدث ضرر، وبالتالى تم اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، فالموقف آنذاك سيكون لصالحنا، ومع ذلك يجب ألا يصل الأمر إلى التحكيم، وما أتمناه الآن هو احتواء الموقف بالمفاوضات والتفاهم لأن هذه الدول فى النهاية تمثل العمق الاستراتيجى والأمنى لنا.

■ هل سيؤثر ظهور دولة أفريقية جديدة ضمن حوض النيل، هى جنوب السودان، على إعادة تقسيم حصص المياه لدول الحوض؟

- هذه قضية يتم حلها بين دولتى شمال وجنوب السودان، فحصة الجنوب ستكون من حصة السودان ككل ولا علاقة لها بحصص باقى الدول، ولكن الخطورة تكمن فى أى إنشاءات مستقبلية على حوض النيل، لذا علينا أن نراعى علاقتنا مع الدولتين.. والحل فى تكثيف التعاون الزراعى والصناعى والمشروعات المشتركة حتى نتحول نحن إلى كنوز استراتيجية لأفريقيا لا كما كنا لإسرائيل، بسبب نظام مبارك الذى رمى نفسه فى أحضان أمريكا وإسرائيل، وهو ما يجب أن يحاكم عليه.

■ بعض مرشحى الرئاسة ألمحوا لاستعدادهم لإلغاء أو تعديل اتفاقية كامب ديفيد بناء على رغبات الشعب.. فهل هذا ممكن؟

- رغم أن اتفاقية كامب ديفيد لم تكن ضرورية لمصر بعد انتصارها، فضلاً عن سوء التفاوض خلالها، لكن الاتفاقيات الدولية لا يمكن تعديلها أو إسقاطها إلا فى ظل توازن قوى وهذا غير موجود الآن، وأنا أعتقد أن الحديث عن كامب ديفيد الآن غير مجد، خاصة أن أمريكا والغرب لن يسمحا بذلك.

■ إذن هل يمكن فى المستقبل أن نوقف مشروع الجدار العازل ونفتح المعابر بيننا وبين غزة؟

- ليس فى معاهدة السلام ما يلزمنا ببناء الجدار العازل، أو بغلق المعابر، إنما كل هذه السياسات الخرقاء تمت فى عهد مبارك لخدمة مصالح إسرائيل، لذا يجب تغييرها وأن تفتح المعابر بيننا وبين غزة لإرسال الطعام والدواء، وهذا لا يضير أمريكا ولا إسرائيل فى شىء، بشرط ألا تحاول حكومة غزة أن تورط مصر فى أى أعمال غير قانونية.

■ بالحديث عن حصاد الثورة.. وطبقاً للقانون الدولى هل يسقط حقنا فى استرداد الأموال المنهوبة من الخارج فى حالة وفاة أحد المسؤولين المتورطين؟

- كلا، لأننا طلبنا تجميدها قبل الوفاة وبالتالى التنفيذ سيكون بأثر رجعى.

■ ما هو تفسيرك لما نشر عن أنه لا يمكن للسلطات البريطانية أن تفعل شيئاً فى التحويلات المالية التى أجريت قبل ٢٢ مارس الحالى؟

- أشعر بأن الأمر خطير، وإن كنت لا أفهم بالضبط هل الأموال موجودة بالفعل، وأنهم لن يجمدوها أم تم تهريبها؟ بصراحة الموقف ملتبس.

■ وماذا لو كان المسؤولون السابقون استغلوا الوقت المهدر فى تحويل أرصدتهم إلى الدول غير الموقعة على اتفاقيات ملاحقة الفساد؟

- وارد جداً، وهنا تقع المسؤولية على الحكومة المصرية التى تباطأت فى مسألة تجميد الأموال وقد تضيع هذه الأموال، والحل لن يكون إلا بالضغط الأدبى والسياسى على هذه الدول، إضافة إلى الضغط على عائلة مبارك نفسها وكل المسؤولين المتورطين إما السجن وإما رد الأموال.

■ ما رأيك فى اعتبار التعديلات الدستورية الأخيرة إعلاناً «دستورياً» بعد ضم بعض البنود لها؟

- كنت من أكثر المتشددين ضد إجراء التعديلات الدستورية، وبالتالى الاستفتاء عليها، لأن دستور ٧١ سقط بقيام الثورة وبنقل السلطة إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة بدلاً من مجلس الشعب أو رئيس المحكمة الدستورية كما ينص الدستور، كما أسقط عندما تم تعطيله رغم أنه لا يوجد فى دستور ٧١ ما ينص على تعطيل الدستور. ومع ذلك أجروا تعديلات عليه وأعلن الشعب رضاه على ذلك فى الاستفتاء، أى أعاد الحياة لدستور ٧١ معدلاً، فكيف نسقطه ونقول إننا سنصدر إعلانا دستورياً؟! هذا اعتداء على إرادة الشعب. وإذا كانت التعديلات خطأ، فالإعلان الدستورى خطأ أكبر! ومازلت مقتنعاً بأن الحل يكمن فى دستور جديد ينتخب على أساسه مجلس شعب وانتخابات رئاسية وننهى هذه الإشكالية.

■ ما رأيك فى مرسوم القانون الذى صدر مؤخراً بشأن تجريم الاعتصامات؟

هذا المرسوم من أخطر ما يكون، فهو عملياً يؤدى إلى إلغاء الإضرابات التى هى حق إنسانى فى كل المواثيق الدولية، وهو ما لم يجرؤ حسنى مبارك نفسه على عمله، فكيف لرئيس الوزراء عصام شرف الذى حلف يمين الولاء للشعب فى التحرير أن يخرج علينا بذلك؟ الحل أن نصدر قانونا ينظم الاعتصام بحيث لا يؤدى إلى تعطيل العمل، وإذا ترتبت عليه أعمال شغب يمكن تشديد العقوبات.
---------------
نشر في المصري اليوم بتاريخ 30-3-2011
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=291998

د. محمد النشائي



أستاذ الهندسة والعلوم الذرية بجامعتى الإسكندرية وفرانكفورت لـ«المصرى اليوم»:
تأجيل المحطة النووية بحجة ما حدث فى اليابان كلام فارغ
------------------------------------
حوار رانيـا بـدوى ٢٨/ ٣/ ٢٠١١
------------------------------------

بعدما ترددت أنباء عن نية وزارة الكهرباء تأجيل طرح مناقصة المحطة النووية الأولى بالضبعة، بسبب عدم الاستقرار السياسى والظروف الاقتصادية الحالية، وما ترتب على زلازل اليابان من تأثيرات على المفاعلات النووية حدثت حالة من الجدل الحاد بين علماء الطاقة النووية الذين انقسموا بين مؤيد للتأجيل ومعارض له.

نقلنا هذا الجدل إلى الدكتور محمد النشائى، أستاذ الهندسة والعلوم الذرية بجامعتى الإسكندرية وفرانكفورت.. وإلى نص الحوار..

■ هناك تخوف بعد حادث اليابان يدفع البعض للضغط لتأجيل المشروع النووى السلمى المصرى؟

- هذا كلام فارغ وكذب، يريدون أن يرهبونا بما حدث فى اليابان لنستمر فى وضعنا دون أن نتحرك خطوة واحدة للأمام، ففى العهد السابق تسبب تقرير كتبه شخص جاهل وتم رفعه للرئيس السابق مبارك فى توقف المشروع حوالى ٢٥ عاماً، والذى نصح بعدم البدء فى المشروع، بحجة ما حدث فى تشرنوبل، رغم أن مفاعل تشرنوبل كان مفاعلاً قديماً جداً وموجوداً فى أوكرانيا، إحدى دول الاتحاد السوفيتى، وضخمت أمريكا من الأمر واستغلته فى إرهاب العالم كله لتصفية حسابات مع الاتحاد السوفيتى وإحراجه، أى أن المعركة كانت سياسية فى الأساس، ولأن أمريكا تسيطر على بترول الشرق الأوسط بالكامل أقنعت العرب بعدم أهمية المشروع النووى، وفوائد الاتجاه إلى المشروعات السلمية للطاقة النووية تعنى نقلة مختلفة لمصر.. وإذا كانوا يرهبوننا بالمخاطر أحب أن أوضح للقراء أن بريطانيا أصبحت تبنى محطات نووية أكثر من كل دول العالم، كذلك فإن ٨٠% من إنتاج فرنسا للكهرباء من الطاقة النووية.

■ ولكن ألمانيا جارة فرنسا تحجم عن الدخول فى هذه المخاطرة – هذا ما يقوله المعارضون؟

- ألمانيا لها وضع مختلف، فهى دولة غنية جداً وليست فى حاجة إلى الطاقة النووية، رغم أن هذا القرار سياسى بالدرجة الأولى فألمانيا لديها عقدة من الحرب العالمية الثانية.

■ ولكن اليابان دولة متقدمة ومع ذلك عندما حدث تسونامى وقعت كارثة نووية إضافة الى الكارثة الطبيعية ولم تستطع اليابان بكل تقدمها حماية مفاعلاتها فكيف لنا نحن ذلك؟

- مفاعل اليابان قديم وكان يفترض أن يغلق منذ ١٠ سنوات، إضافة الى أننا بعيدون عن مناطق الكوارث الطبيعية.

■ ولكن يخشى البعض من سوء الإدارة والإهمال الذين نراهم فى كل مؤسسات الدولة؟

- نظام الأمان النووى فى المحطات الحديثة متطور جداً وتصل نسبة الأمان إلى ١٠٠%، وتابع: والله حتى المحطات القديمة ضررها لن يصل إلى الضرر الذى يحدث للناس من الوقوف فى الإشارات بالساعات، متعرضين لعادم السيارات.

■ وهل لدينا من القدرات والإمكانيات والباحثين المدربين الذين يمتلكون القدرة على إدارة محطة نووية؟

- أولا شراء محطة النووية ليس كيمياء ولا يحتاج بحثاً علمياً، سوف نشترى المحطات جاهزة ونتعلم عليها وفى ٦ أشهر يمكن تدريب الأفراد من خلال دورات تدريبية مكثفة على تشغيل المحطة. المهم أن تتوافر الجدية.

■ وماذا لو تعلل البعض فى تبرير تأجيل مناقصة شراء المحطة النووية بالوضع الاقتصادى؟

- الحجج مقبولة فى أى شىء إلا فى هذا المجال، ويجب ألا نقبل مثل هذه المبررات، فـ«نهرو» رئيس وزراء الهند فى مؤتمر باندونج لدول عدم الانحياز فى حضور تيتو وجمال عبدالناصر قال مقولة مشهورة وهى: «نحن دولة فقيرة لذا لا يسعنا إلا الإنفاق على البحث العلمى»، والمؤشر الحقيقى لتقدم الدول والذى تستخدمه كل من أمريكا والصين هو حجم الإنفاق على التعليم والبحث العلمى، وليس مؤشر الدخل القومى.

على أى حال يجب أن تراجع الدولة أولوياتها فى الإنفاق وتدبير ميزانية جيدة للبحث العلمى حتى ولو جاء ذلك على حساب قطاعات أخرى، فالمخرج الوحيد مما نحن فيه هو التعليم أولا ثم البحث العلمى وتطبيقاته.

■ هل اطلعت على كراسة الشروط والمواصفات التى وضعتها مصر لشراء المحطة النووية؟

- لا.. ولم يعرض على أحد شىء، ولكن المهم عندى أن تكون المواصفات، وضعت عن طريق خبراء وليس كما حدث فى السابق، لأننى اكتشفت أن اللجنة التى كانت مُشكَلة للإشراف على المشروع النووى المصرى لا يوجد فيها عالم متخصص واحد فى هذا المجال، إنما كانت مُشكَلة من رئيس الوزراء وبعض رجال الأعمال، وتساءلت وقتها ماذا يفهم رئيس الوزراء ورجال الأعمال فى هذه الأمور الفنية ولم يجب علىّ أحد. يجب أن نراعى ضمائرنا فى طرق شراء المحطات النووية ونبعد عنها رجال الأعمال.

■ ألهذا السبب – غياب المختصين ودخول البيزنس ورأس المال – فشل مفاعل الأرجنتين؟

- مفاعل الأرجنتين فاشل، وتعطل فور وصوله، ومع ذلك هو مفاعل أبحاث وليس مفاعل إنتاج للكهرباء بالطاقة النووية، واندهشت عندما علمت أننا نشترى من الأرجنتين مفاعلاً نووياً ووضعت علامات استفهام على هذه الصفقة.

■ ما رأيك فى اختيار الدكتور عمرو سلامة وزيراً للتعليم العالى والبحث العلمى؟

- على المستوى الشخصى هو رجل محترم، ولكن العلم فى حاجة إلى القوة والجرأة فى اتخاذ القرارات، فقد اندهشت عندما سمعت أن الدكتور عمرو سلامة يجلس مع الشباب خلف جهاز الكمبيوتر يتحاور معهم ويستطلع آراءهم فى قرارات الوزارة، لا يمكن أن نطبق الديمقراطية فى العلم.. العلم أرستقراطى بطبعه، «مش كل واحد يفتى فيه».

■ هل أنت متفائل بعد ثورة ٢٥ يناير.. وهل تعتقد أننا سنولى العلم اهتماما فى الفترة المقبلة؟

- حتى الآن لم يحدث أى تغيير فى أى شىء نهائياً، لقد انصب الحديث حول التعديلات الدستورية ونظام الحكم فى مصر والديمقراطية، ولم يعبأ أحداً بأن ما يقرب من نصف الشعب أمى، فأى ديمقراطية تتحدثون عنها؟! يجب أن نُعلم الناس أولا ونمحى الأمية. وعلى ما يبدو فإن «ريما عمرها ما سابت عادتها القديمة»، فمازلنا فى مرحلة الكلام لامتصاص الغضب، ولم نأخذ أى خطوة بعد فى الطريق الصحيح.
-----------------
نشر في المصري اليوم بتاريخ 28-3-2011
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=291772

د. عبدالرحيم شحاتة



مصر على أبواب أزمة غذائية طاحنة
----------------------------------
حوار رانيا بدوى ٢٦/ ٣/ ٢٠١١
----------------------------------

قال الدكتور عبدالرحيم شحاتة، وزير التنمية المحلية السابق، إن مصر على أبواب أزمة غذائية طاحنة وأن الحكومة إذا أهملت الاهتمام بالنشاط الاقتصادى، فإن نتائج ذلك ستكون «كارثية».

وأضاف «شحاتة» فى حواره لـ«المصرى اليوم»، أن القمح والزيت سيكونان فى قائمة الأزمة الغذائية التى ستشهدها مصر، وأن تحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح مسألة صعبة، خاصة بعد توقيع «بوروندى» اتفاقية حول النيل.. وإلى نص الحوار:

■ فى حديث سابق مع نائب رئيس هيئة السلع التموينية قال إننا سنتعرض لأزمة غذائية إذا لم تدر عجلة الإنتاج سريعاً.. ما رأيك؟

- نعم.. مصر على أبواب أزمة غذائية طاحنة، القمح سيكفى عدة أشهر، وزيادة مخزون القمح تعنى اعتمادات مالية من قبل الحكومة، والموازنة العامة تعانى عجزاً شديداً، لذا إذا لم ننتبه لذلك، وإذا لم نول النشاط الاقتصادى الاهتمام الأكبر إلى جانب اهتمامنا بالجوانب السياسية فلن نحصل إلا على نتائج كارثية، خاصة أن هناك سلعاً كثيرة نعتمد فيها على الاستيراد من الخارج مثل الزيوت حيث نستورد ما يقرب من ٨٠% من استهلكنا من الخارج، لذا أرى أن القمح والزيت من السلع التى سنواجه مشكلات فى توفيرهما فى المرحلة المقبلة.

■ بعد ثورة يناير نادى البعض بضرورة تحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح؟

- الاكتفاء الذاتى صعب، خاصة بعد توقيع بوروندى على اتفاقية حوض النيل من جهة، والتوسع فى زراعة القمح سيأتى على حساب محاصيل زراعية أخرى، ولكن على الأقل علينا أن نهدف إلى الوصول إلى حد الأمن الغذائى، فالرقعة الزراعية محدودة للغاية يتنافس عليها المصريين و٥ ملايين رأس ماشية و٢ مليون حمار.

■ كيف تحولت مصر بلد النيل إلى أكبر مستورد للغذاء.. وهل لـ«مافيا» رجال الأعمال دخل فى الأمر؟

- طبعا كان لبعض رجال الأعمال مصالح فى استيراد الغذاء من الخارج، إضافة إلى الضغوط الخارجية، كل هذه السيناريوهات واردة، لكن النظام السابق كان يتعامل مع الزراعة بمنطق «شراء العبد ولا تربيته» هذا ما سمعته بنفسى من مسؤول سابق، والنتيجة أن مساحة لب البطيخ فى مصر على سبيل المثال زادت على مساحة محصول الذرة الشامية.

■ هل كان مقصوداً استيراد القمح بالدولار وبسعر مرتفع من الخارج ويشترونه من الفلاح المصرى بأقل من قيمة تكلفته؟

- لقد دفعوا الفلاح إلى هجر المحاصيل الأساسية وتبوير أرضه، بعد أن رفعوا الدعم عن الأسمدة والمبيدات، بل وصلوا إلى مرحلة أن الفلاح كان يزرع القمح وتمتنع الحكومة عن شرائه منه أساسا، وإمعاناً فى السياسات الزراعية الخاطئة تم خفض ميزانية مركز البحوث الزراعية وأهملت جميع قطاعاته.

والنتيجة هى كل المآسى التى نشهدها الآن، فالريف المصرى حدثت به بطالة كثيفة أدت لهجرة الريف إلى المدن فخلق هذا الشباب المهاجر أزمات حادة داخل المدن والعاصمة وضاعفوا الضغط على المرافق والبنية التحتية، والحل هو العودة للزراعة بقوة، والاهتمام بالتصنيع الزراعى لاستيعاب البطالة.

■ هل تعتقد أن الإخوان والحزب الوطنى ربما يتصدرون المشهد السياسى لو تم إجراء انتخابات؟

- وارد طبعاً.. فالحزب الوطنى هذه المرة سيدعم وجوهاً جديدة تماماً من الباطن ويمولوهم حتى يعودوا إلى سدة الحكم من جديد، ولكن إذا تمت إتاحة الوقت ستبدأ الأحزاب فى العمل وإيجاد أرضية لها فى الشارع، كما أن الوقت سيعطى فرصة للناس لاختيار مرشحى الإخوان على أساس البرنامج الانتخابى والأفكار والأداء السياسى، وليس على أساس عاطفى كونهم ظلموا فى العهد السابق وسجنوا وحوصروا، لذا أرى أننا بحاجة إلى فترة انتقالية وأن تؤجل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

■ بصراحة هل سبق وشاركت فى تزوير الانتخابات لصالح الحزب الوطنى وأنت محافظ؟

- نحن فى مصر على سنة من يجلس على الحكم، ولكن أنا عن نفسى لم أشارك ولم يطلب منى ذلك، واسألى فى المحافظات التى توليتها آنذاك، الفيوم والجيزة والقاهرة، ومخطئ من يظن أن التزوير تورط فيه الأمن وحسب، لكن هناك تزوير كان يتم بفعل العصبيات والعائلات، فهناك مرشحون بأعينهم لهم عصبيات فى دوائرهم كانت تأخذ على عاتقها إنجاح مرشحيها بأى طريقة.

■ أشرت فى حوار سابق إلى أن الاعتداء على الأراضى الزراعية كان سبب خلافك مع الحزب الوطنى دون إبداء تفاصيل.. ما تفاصيل الواقعة؟

- الحزب الوطنى فى وقت من الأوقات فتح باب البناء على الأراضى الزراعية وفى اجتماع لأمانة السياسات بحضور جميع مسؤوليه، وقفت وأعلنت رفضى للأمر، وقلت إننى لن أسمح بالبناء على الأراضى الزراعية التى أصبحت محدودة جدا مهما كان الثمن.

■ ألهذا السبب اختلفت مع أحمد عز؟

- نعم وكانت علاقتى به سيئة، لأنه أراد مصلحة الحزب ولم يرد مصلحة مصر، فقد كنا اقتربنا عن موعد الانتخابات وأراد أن يستغل هذا الكارت فى العملية الانتخابية.. ولهذا السبب خرجت من الوزارة.

■ بدا المشهد العام فى مصر وكأن الكل كانوا لصوصاً وفاسدين.. فكيف تقرأ ما يحدث؟

- هناك فرق بين الفساد الحقيقى سواء المالى أو الإدارى أو الجنائى، وهذا ينظر فيه النائب العام حالياً، لكن فى المقابل أنا ضد أن يتهم أحد بالفساد دون دليل، وهناك جهات قضائية تبت فى هذا الشأن، أما عن الاتهامات الموسعة للأشخاص التى نسمعها ونقرأها يوميا فى الصحف والفضائيات، فأنا أرى أننا نعيش حالة « كله بيهبش فى كله» كل شخص يريد أن يرمى بأخطائه على الآخرين،كل شخص يريد أن يبرئ نفسه ويلقى باللوم على من كانوا معه، كل شخص يريد أن يكون بطلاً ومن سواه فاسداً و«حرامى»، وهذه ليست أخلاق المصريين.

■ بعد إعلان عمرو موسى والدكتور «البرادعى» أيمن نور وحمدين صباحى نيتهم فى الترشح لرئاسة الجمهورية.. من ستنتخب؟

- لا هذا ولا ذاك.. ومن خلقهم يخلق غيرهم، ومن الممكن أن يظهر فى الصورة أى شخص فى أى لحظة.. نحن نحتاج رئيساً للجمهورية يغلب المصالح العامة على المصالح الشخصية، وأن يكون رجلاً وطنياً وله قدرة على التعامل مع العالم الخارجى فى نفس الوقت.
---------------------------
نشر في المصري اليوم بتاريخ 26-3-2011
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=291612

د.ميرفت التلاوي



وزيرة التأمينات والشؤون الاجتماعية السابقة لـ«المصري اليوم»:
أرفض «ترقيع الدستور» وأرحب باستمرار الجيش بشروط
---------------------------------
حوار رانيا بدوى ٢١/ ٣/ ٢٠١١
---------------------------------

لا نريد أن يتعامل الدكتور عصام شرف معنا على أنه رئيس حكومة تسيير الأعمال، بما فيها الأعمال التى بنيت على أساس خاطئ، بل عليه أن يضع خطة لإدارة البلاد، وكأنه سيرأس الحكومة لسنوات مقبلة ، وعلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يتخلى عن الحياد وأن يصبح أكثر حزماً وحسماً، فبيان تغليظ العقوبات على أعمال البلطجة ليس كافياً، كما أن الناس فى الشارع تتحدث عن أن الجيش ليس حاسما، وأخشى أن تضيع هيبته.

هكذا بدأت الدكتورة ميرفت التلاوى، وزيرة التأمينات والشؤون الاجتماعية السابقة، حديثها معنا برسالتين، إحداهما للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، والثانية لحكومة الدكتور عصام شرف، مؤكدة أنه يجب أن يأتى على قائمة أولويات الحكومة إلغاء جميع القوانين التى أضرت بالبلاد طوال السنوات الماضية، التى كانت سببا فى كون كل فاسد يتمادى فى فساده رافعا شعار «كله بالقانون».. وإلى نص الحوار:

■ دكتورة ميرفت كيف ترين المشهد السياسى فى مصر الآن؟

- رغم كل ما حققناه من إنجاز عظيم خلال ثورة يناير، فإننى أشعر بخوف شديد نتيجة الوضع الأمنى غير المستقر، رغم الاعلان عن نزول الشرطة، فالانفلات أصبح واضحا للعيان، وبصراحة كل الناس فى الشارع تتحدث عن أن الجيش غير حاسم، حتى أننى أخشى أن تضيع هيبته، ولا تنفذ قراراته فى المستقبل، لذا أرى ضرورة إصدار قرارات حاسمة لتهدئة البلد ومواجهة البلطجة والفتن الطائفية، وعقد محاكمات سريعة للخارجين على القانون حتى لا تُسرق الثورة وتنجح الثورة المضادة، كما أتمنى تأجيل الانتخابات لحين استتباب الأمن، لأن إجراء الانتخابات فى هذه الظروف سيؤدى إلى نتائج كارثية.

■ هل قلت نعم أم لا للتعديلات الدستورية؟

- قلت لا.. فأنا كنت معترضة على تعديلات الدستور كمبدأ، لأننا نريد دستوراً جديداً، ولا نريد ترقيع الدستور القديم.. فكيف نستفتى على دستور سيلغى؟ وكيف نجرى انتخابات بناء على دستور مشوب بالعوار، فيوجد فى الدستور مواد تخالف روح المواد التى عُدلت وتناقضها، وهناك مادة لم تُعدل تتحدث عن ست سنوات مدة الرئيس فى حين التعديل يقول إن المدة ٤ سنوات، فكيف يستقيم الوضع بهذا الشكل؟

■ هل ترحبين باستمرار الجيش أكثر من ٦ أشهر فى إدارة البلاد؟

- نعم، ولكن بشرط أن يشكل مجلساً رئاسياً يدير البلاد فى المرحلة الانتقالية، فلماذا لا نقلد تونس فى تكوين مجلس رئاسى؟، فأنا لا أفهم بالضبط لماذا لم يخرج علينا المجلس الأعلى للقوات المسلحة ببيان يوضح فيه خطة البلاد طوال الأشهر الستة، حتى نفهم ما نحن مقدمون عليه، ولماذا يرفض تكوين مجلس رئاسى أو حتى لجان استشارية معاونة؟!

■ المجلس يعتمد على وجود حكومة يفترض أنها تتولى الإدارة الفنية للبلاد، فى حين يبقى المجلس المراقب العام؟

- هنا تكمن المشكلة الكبرى، لأن الحكومة تعتبر نفسها حكومة تسيير أعمال، وبالتالى هى تسير أمور البلد بما فيها المبنية على أساس خاطئ.. فى حين نحن نريد خطة واضحة ستسير عليها البلاد فى المرحلة المقبلة ومنذ هذه اللحظة، خطة بشأن الأمن والتعليم والاقتصاد إلى آخره.. لكن البلد بهذا الشكل أصبح فى مهب الريح.. سواء سيمكث الجميع ستة أشهر أو ستزيد المدة، يجب أن يتم وضع خطة للبلاد تعلن على الرأى العام ويشارك فيها كل الخبراء المختصين فى جميع المجالات، فالانشغال بالحالة السياسية والدستور لا يعنى إهمال الأمور الحياتية، فنحن نريد خطة لإدارة البلاد وليس مجرد تسيير أعمال.

■ ماذا تقصدين بتسيير الأعمال بما فيها ما بُنى على أساس خاطئ؟

- هناك قوانين كثيرة تم تشريعها فى العهد السابق، وبها الكثير من الأخطاء والثغرات التى أدت إلى فساد فاحش، وفكرة تسيير الأعمال على هذا الأساس فكرة مرفوضة، ويجب أن تضع الحكومة الحالية فى أولوياتها عقد لجان قانونية لدراسة القوانين التى حدث حولها لغط مجتمعى شديد، لإلغاء ما تسبب منها فى إحداث ضرر للبلاد، فكثير من الفساد كان يتم تحت شعار «كله بالقانون».. فبطرس غالى مثلا عمل قانوناً ليأخذ به أموال التأمينات.. لذا أرى أن هناك قوانين تضاهى فى خطورتها قانون الطوارئ.

■ لكن «الطوارئ» هو القانون الأخطر الذى بموجبه كُبتت الحريات وسُجن الشعب بأكمله؟

- أنا أتفهم أن الحديث منصب على قانون الطوارئ لما له من مخاطر سياسية، ولكن هناك قوانين لها خطورة اجتماعية واقتصادية ضخمة، يأتى على رأسها قانون التأمينات الاجتماعية، وقانون الضرائب العقارية، وفى المقابل هناك جهات لا تحكمها قوانين محددة وصارمة مثل البورصة، حيث لا يوجد بها أى قانون يحميها من دخول الأجانب، الذين ينتهزون الفرص ويدخلون لشراء الأسهم والأسعار منخفضة، ثم يخرجون بالمكاسب وقتما يشاءون وكيفما يشاءون، فيتسببون فى خسائر فادحة للبورصة، رغم أنه فى الخارج يتم فرض ضريبة على البيع والشراء فى الأسهم، بما يحقق دخلاً كبيراً للدولة من ناحية، وفى الوقت نفسه لا يشجع الأجانب على الدخول والخروج فى فترات قصيرة فتهتز البورصة.. فعدم وجود ضوابط جعل الكل يستسهل عملية الاستثمار فى البورصة حتى تحولت إلى مقامرة، لأن المستثمر لا يتحمل تأميناً للعمال ولا ضريبة على الإنتاج ولا ما شابه، فلماذا يشغل باله بالاستثمار فى الإنتاج الزراعى أو الصناعى، وهنا يختار الأسهل، والنتيجة تدمير الاستثمار فى الزراعة والصناعة.

■ لنتحدث عن جزئية جزئية.. ما وجه العجلة فى إلغاء قانون التأمينات الذى تم إقراره العام الماضى ولم يدخل حيز التنفيذ بعد؟

- إليك هذا السر الذى لم أعلنه من قبل، وهو أن قانون التأمينات الاجتماعية الذى أصدره يوسف بطرس غالى قبل رحيله، سبق أن عرضه على الأمريكان أثناء رئاستى لوزارة الشؤون الاجتماعية والتأمينات، ورفضته بعنف، ولكن على ما يبدو أن الأمريكان لم ييأسوا ووجدوا فى بطرس غالى الرجل المناسب حتى نفذه لهم وأقره قبل رحيله، مع العلم أن القانون سيطبق فى ٢٠١٢، لذا لم يكن هناك أى مبرر للعجلة لإقراره فى ٢٠١٠.

■ وما علاقة الأمريكان بهذا القانون؟

- الأمريكان أرادوا تغيير قانون التأمينات بكل الطرق، وطالما كانوا يهدفون إلى خصخصة التأمينات، فهم يعتبرون صندوق التامينات والمعاشات من الصناديق المالية السيادية الضخمة، وذلك فى كل دول العالم، والسيطرة عليه تعنى السيطرة على جزء كبير من الاقتصاد.

■ الأمريكان كلمة فضفاضة.. من بالضبط الذى التقى بك وطلب منك تغيير قانون التأمينات؟

- أرسلوا إلىّ عدداً من الوفود الأمريكية للتفاوض بشأن هذا القانون، وفود من البنك الدولى، ومنظمة العمل الدولية، وعدد من الهيئات الأمريكية المتخصصة فى مجال التأمينات، وقد فطنت آنذاك أن طلباتهم تدور حول كيفية الاستحواذ على صندوق التأمينات والمعاشات، على اعتبار أنه من الصناديق السيادية فى الدولة وبه مبالغ مالية ضخمة، وذلك بخصخصة هذه الأموال وعدم سيطرة الحكومة عليها.. وقد استعنت بالمرحوم إبراهيم نجيب، وهو اكتوارى عالمى فى مجال التأمين الاجتماعى، ودارت مفاوضات مطولة، وفى النهاية اقتنعت منظمة العمل الدولية بأن نظامنا التأمينى يسير فى الاتجاه السليم، فى حين اعترض البنك الدولى وقال: إن القائمين على التأمين يصعب اختراقهم.

■ وما المنافع التى ستعود عليهم بتغيير النظام التأمينى فى مصر؟

- قتل أى أيدلوجية لا تسير فى الركب، فأمريكا تود أن تكون الدولة الرأسمالية العظمى فى العالم، التى توجه الاقتصاد فى العالم كله، حتى تصبح كل الدول تابعة وتسير فى ركاب أمريكا، فالبنك الدولى يعد روشتات جاهزة للإصلاح الاقتصادى ويعرضها على الدول، ويقولون لنا نفذت فى تشيلى وفى البرازيل وأتت بنتائج جيدة، نعم ولكن هذه الدول أخذت من الروشتات ما يناسبها، وهناك دول اتبعت نظماً تأمينية وفشلت وأفلست، وهنا الأمر يتوقف على مدى قوة الدولة فى الرفض أو القبول، عموما أمريكا تريد أن تتدخل فى جميع الأنظمة الاقتصادية بدعوى الإصلاح والمساعدة، من خلال روشتات البنك الدولى وقروض مالية، ولكن القرار يتوقف فى النهاية على إرادة الدول.

■ وما ملاحظاتك الفنية على القانون؟

- القانون الجديد لم يشمل فى البداية ٣٨ ميزة تأمينية يتمتع بها ٨ ملايين مواطن، هم أصحاب المعاشات، واضطر إلى تضمينها فى مرحلة لاحقة، حينما أصر اتحاد العمال عليها، والقانون أصله قانون تأمين تجارى أضيف له هذه الميزات التأمينية، وهنا السؤال: هل القانون بصيغته الحالية تسمح له بالاستمرارية، وهل الأسس التى بنى عليها سليمة، خاصة أنه لم يعرض على اكتواريين متخصصين فى التأمين الاجتماعى، كما أنه يسمح بالاستيلاء على ثلث أموال أصحاب المعاشات، لتداولها فى البورصة وشركات تداول الأوراق المالية، القانون ملىء بالهيئات، وكل موظفى الهيئات يحصلون على رواتبهم من أموال المعاشات، رغم أنها فى البداية كانت من ميزانية الدولة باعتباره موظفاً عاماً، أقر فى عجالة مما يثير الاستفهام لماذا العجالة فى إقراره فى ٢٠١٠ رغم أنه سيطبق فى ٢٠١٢؟

■ وهل لديك إجابة عن هذا التساؤل؟

- طبعا.. بطرس غالى أراد الحصول على الأموال بموجب قانون، لوضعها فى ميزانية الدولة، حتى يظهر أن عجز الموازنة بالأرقام قليل، وبالتالى نجاح سياسته الاقتصادية، ولكنه أخذ من هذا الجيب ووضعها فى الجيب الثانى، فهو لم يقلل نفقات الحكومة ولا البدلات التى لم تشهد مصر مثلها من قبل، بدل سفر، بدل اجتماع، بدل حضور مؤتمر، وكلها بدلات بالآلاف، وكما أنه لم يرشد فى الإعلانات التى قامت بها وزارة المالية، حتى إنهم أعلنوا عن العملة الفضة!، وقرر بدلا من ترشيد الإنفاق فى هذه المجالات أن يخفى عجز الموازنة بأموال الـتأمينات.

■ ولكن القانون لم يقدم من قبل بطرس غالى؟

- الوزارة هى المختصة بصياغة القانون وعرضه على البرلمان، ولكن على غير المعتاد تقدم صفوت الشريف، رئيس مجلس الشورى السابق، بعرض مشروع القانون على البرلمان، رغم أنها مهمة الوزير بعدما بالغ صفوت الشريف فى مدحه، بل وقال إنه قانون الريس.

■ وهل للرئيس السابق مبارك دخل بالقانون؟

- على ما أعتقد صفوت الشريف استخدم اسم الرئيس للتخويف وللتحفيز على سرعة إقراره، حيث تم تجاهل عرض القانون على مجلس الدولة أولا لكتابة تقريره فيما هو صالح وما هو طالح فى القانون، كما تم تجاهل الطعن المقدم أمام المحكمة الدستورية العليا بشأن وجود شبهة عدم دستورية حيال هذا القانون، ولم ينتظر البرلمان قرار محكمة الدستورية العليا.

■ كيف يمكن إدارة أموال التأمينات فى المرحلة المقبلة؟

- أولا يجب تصحيح الوضع غير الدستورى، وفصل أموال التأمينات عن وزارة المالية، لأن أى زيادة فى عجز الموازنة الآن يعنى ضياع أموال الناس، فالمعاش هو الحد الأدنى من الضمان الإنسانى للفرد، فكيف يمكن لشخص كبر فى السن ولم تعد صحته تمكنه من العمل، أن يفاجأ بأن معاشه الاجتماعى، الذى يضمن الحد الأدنى لتلبية احتياجاته الأساسية يضيع، أو أن الدولة لا تستطيع سداده، المسألة فى منتهى الخطورة، لذا يجب فصلها فوراً عن أموال الدولة.

■ وهل هذا ممكن؟

- طبعا ممكن لو حدثت أى أزمة اقتصادية، وارتفع الدين الداخلى وزاد عجز الموازنة، وتابعت: أما عن إدارة هذه الأموال على النحو الأمثل، فليستعينوا بأكبر بيوت الخبرة فى الخارج إذا لم يكونوا على ثقة بأبناء البلد وإدارتهم لها، رغم أننا فى مرحلة ما كنا ندير أموال التأمينات بطرق حققت أرباحاً، واشترينا شركات ناجحة قبل أن يتم التدخل وإجبارنا على عدم الشراء، بل وبيع ما نمتلكه من أسهم فى شركات رابحة، سبق أن أشرت لهذا الأمر فى عدد «المصرى اليوم» بتاريخ ٢٥-١-٢٠١٠، ولكن أخذ أموال التأمينات من خزينة الدولة الآن قد يعنى خللاً كبيراً، خاصة أننا نعانى من عجز الموازنة، وهناك زيادة فى الطلبات المالية من معاشات استثنائية، وزيادة فى الأجور ورفع العلاوة إلى آخره، هذا سبب أدعى لسحب هذه الأموال من خزينة الدولة، حتى يظهر عجز الموازنة على حقيقته، وبالتالى نبدأ فى علاجه على أسس سليمة، فإخفاء العجز الحقيقى بأموال التأمينات نوع من «الترقيع» وعدم مواجهة الحقائق. والفصل الآن قد يكون إجراء مراً وخطوة قاسية، لكنه إجراء فى الاتجاه الصحيح.

■ أشرت فى البداية إلى خطورة قانون الضرائب العقارية على المجتمع.. فما وجهة نظرك؟

- رغم كل ما قيل عن أن دخل الضرائب زاد فى الآونة الأخيرة، إلا أننى ما زلت أرى أن النظام السابق أغفل فئات كثيرة، كان من الممكن أن تزيد حصيلة الدولة من الضرائب لو أننا وضعنا نظاماً ضريبياً سليماً، فى حين اتبعت وزارة المالية السابقة نهجاً ضريبياً مجحفاً وعلى رأسه تحديد نسبة ٢٠% كنسبة موحدة للضرائب يدفعها من يتقاضى ملايين ومن يتقاضى ألف جنيه وهذا خطأ كبير.. أما بالنسبة لقانون الضرائب العقارية فهو قانون خلق مشكلة فى المجتمع المصرى بل ومشكلة للقائمين عليه أنفسهم، فالطريقة التى حددت لتقييم العقارات وتحصيل الضرائب شديدة التعقيد، حيث سيتم الطعن على التقييم، ومن ثم نذهب إلى المحكمة، ثم إن المحاكم المصرية غير قادرة على تحمل أعباء جديدة، فلدينا ما يكفى من بطء التقاضى.

■ والحل؟

- هناك حلول أسهل بكثير منها أن تقرر الضريبة أثناء الحصول على ترخيص البناء، بناء على الرسومات والمساحات المقدمة وما شابه.

■ وماذا عن العقارات القائمة؟

- نحن ندفع ما يسمى العوائد بالفعل، ورغم كونها مبالغ ضعيفة جدا، ولكن كان من الممكن أن نزيدها عشرة أضعاف.. بدلا من الدخول فى مثل هذه التعقيدات البيروقراطية، التى سيظلم فيها شرائح مجتمعية، وسيفلت منها من يجب أن يدفعوا ضريبة عقارية.

■ ما رأيك فى إضافة «العدالة الاجتماعية» لمسمى وزارة التضامن؟

- أولا أنا سعيدة بتولى الدكتور جودة عبدالخالق هذه الوزارة، لأنه من المؤمنين بحقوق الفقراء وعدالة التوزيع، ولكنى معترضة على مسمى الوزارة، فالعدالة الاجتماعية يفترض أنها سياسة أساسية فى كل الوزارات، التضامن وغير التضامن، وكنت أتمنى أن تسمى وزارة التنمية الاجتماعية، فهذا ما نريده فى اللحظة الحالية.

■ تشهد مصر الآن حالة من تلبية مطالب الجماهير المالية لم تشهدها البلاد من قبل، مثل إقرار معاشات استثنائية وزيادة العلاوة لـ١٥%، وتعويضات لمتضررين من الثورة.. فهل توافقين على هذه السياسة؟

- التصحيح يجب أن يكون جذرياً، أعلم أن الظروف الحالية ظروف استثنائية، ويجب تهدئة الناس، ولكن فى النهاية مثل هذه القرارات لا تتجاوز كونها مسكنات لن تحل شيئاً، والأهم هو رفع الأجر الأساسى بما يتناسب مع الأسعار.

■ وهل يمكن مراجعة الحد الأدنى للأجور فى هذا الظرف القاسى أم يمكن تأجيله لحين استقرار الأوضاع؟

- لدى حل بسيط وسريع لحل أزمة الأجور، ولن يكلف الميزانية العامة شيئاً ومن الممكن تطبيقه فى الحال، حيث يوجد فى كل مؤسسة فى الدولة شريحة تتقاضى أجوراً خيالية وتحت بنود بدلات وغيرها، وكما نطالب بحد أدنى للأجور نطالب أيضا بحد أقصى للأجور، بحيث يتم أخذ كل ما هو فوق الحد الأقصى ويوزع على العاملين الصغار فى كل مؤسسة، خاصة أن أغلب رؤساء شركات القطاع العام يتقاضون أجوراً ضخمة وليس فقط البنوك والتليفزيون ورؤساء المؤسسات الصحفية، ومثلا لو أخذنا المليون الذى يتقاضاه رئيس المؤسسة ووزعناه على الفئات الأقل سيتحسن الحال كثيرا، وبالتالى أحل أزمة الأجور المتدنية دون أن أكلف الدولة، وفى الوقت نفسه أقضى على الضغينة والبغضاء اللذان يملآن الشارع المصرى تجاه أصحاب الأجور المرتفعة والخيالية، مما أسفر عن طبقية شديدة.

■ ومن يتخذ هذا القرار؟

- رئيس الوزراء.. وهذا قرار يجب أن يكون سريعاً، لأن مشكلة الأجور تفاقمت منذ عدة سنوات ولم يتم اتخاذ قرار بشأنها، وظل الراتب الأساسى بلا تعديل لسنوات طويلة، رغم ارتفاع الأسعار، وبالتالى على رئيس الوزراء اتخاذ قرار بتحديد الحد الأدنى للأجور، وكذلك الحد الأقصى للأجور، حتى لا نسمع عن رئيس مؤسسة يتقاضى مليوناً أو رئيس بنك يتقاضى ٢ مليون، وهناك أجور لا تتجاوز الـ٤٠٠ جنيه، وتوحيد لوائح البدلات لأنها تعد رشاوى مالية أحدثت فروقاً رهيبة فى الرواتب.

■ هل من المفيد التوسع فى الدعم فى المرحلة المقبلة، خاصة أن الوزارة على رأسها وزير يسارى لأول مرة.. أم هناك مسلك آخر لتحقيق العدالة الاجتماعية والتخلص من الفقر؟

- أنا ضد كل المليارات التى تنفق على الدعم وتذهب هباء، والأهم من الدعم هو انتشال الفقراء من فقرهم، ونستبدل الدعم بالتنمية الاجتماعية بمعنى تحسين التعليم، وقروض لعمل مشروعات صغيرة، وبرامج تدريب فى مجالات مختلفة، على أن يبقى الدعم فى أمور محددة مثل رغيف الخبز وأنبوبة البوتاجاز، وحتى هذا لا يمكن أن يستمر إلى الأبد، إنما لحين رفع المستوى الاقتصادى لهذه الطبقات.. على أن يوجه الدعم إلى المشروعات الكبيرة وبرامج التنمية الضخمة والإنتاج الزراعى، وقروض ميسرة للصناعة وامتيازات للاستثمار فى مجالى الصناعة والزراعة، مقارنة بمن يستثمر فى العقارات أو بورصة الأوراق المالية، ولا أقصد أنها قطاعات ليست مهمة، إنما الزراعة والصناعية أهم، لأن تركيبة الشعب المصرى تظهر أن ٥٥% من المواطنين يقطنون الريف، ومعلوماتهم أكبر فى مجال الزراعة.

■ تنهال على الوزارات آلاف الطلبات الخاصة بالتعيينات يوميا.. مع وجود وعود بتثبيت أصحاب العقود وتعيين آخرين، فى الوقت الذى يحذر فيه البعض من ذلك فى وجود ٦ ملايين شخص فى الجهاز الإدارى للدولة.. فما رأيك؟

- أى محاولة لتعيين وتوظيف المزيد فى ظل كارثة الجهاز الإدارى سيعد ضرباً من الجنون.

■ والبديل؟

- إعطاء الشباب أراضى بدلاً من توظيفهم، على أن أدعمهم بإدخال المرافق وأدعم الأسمدة والمبيدات والبذور، وهذا سيساعد على الإنتاج من ناحية وتقليل استيراد الغذاء من الخارج وتشغيل البطالة من ناحية أخرى.. الحلول موجودة ولا يوجد أزمة ليس لها حل، المهم أن نحدد أولوياتنا فى المرحلة القادمة ونتحرك سريعا لحلها.

■ وماذا عن حل أزمة الإسكان؟

- أولا يجب أن ننهى أزمة العشوائيات لأنها تدمر النقلة النوعية التى تريدها مصر بعد ثورة ٢٥ يناير، وأنا ضد أن نستجيب لطلبات الناس ونحاول إرضاءهم بإدخال المرافق إلى العشوائيات، لأننا فى هذه الحالة نعطى شرعية لقنبلة موقوتة قد تنفجر فى أى لحظة، والإعلان الذى قامت به وزارة الإسكان الخاص بطلب السكن هو فى حد ذاته إجراء مهم، لأنه سيظهر بالضبط حجم الأزمة وحجم المطلوب من الشقق، وذلك بعد فحص الطلبات، والتأكد من أحقية الناس، وقتها سيتوافر لدى الوزارة معلومات وبيانات يستطيعون بناء عليها، وضع سياسات على أسس سليمة، والحل هنا يكون بتغيير نظام عمل البنوك التى ظلت لسنوات طويلة تعطى قروضاً للإسكان الفاخر، بإعطاء قروض للإسكان الشعبى، بشروط ميسرة وفوائد بسيطة.

------------------------
نشر في المصري اليوم بتاريخ 21-3-2011
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=291081

منصور حسن



وزير شؤون الرئاسة السابق يتحدث لـ«المصري اليوم» :
أرحب ببقاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة أكثر من ٦ أشهر لتحقيق الانتقال الآمن للسلطة
----------------------------------------------
حوار رانيـا بـدوى ١٨/ ٣/ ٢٠١١
----------------------------------------------

يخشى السيد منصور حسن، وزير شؤون الرئاسة السابق، على البلاد إذا ما جاءت نتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية بالموافقة، لأن هذا يعنى أن مجلس الشعب القادم سيمثل القوى القديمة الأكثر تنظيما، ورغم أنه ضد إقصاء أى طرف فإنه أيضاً ضد احتكار أى طرف مجلس الشعب، ويرى أن حل المعادلة يكمن فى منح الجميع برهة من الوقت، حتى تعمل القوى الجديدة وتقدم نفسها فى الشارع، ويتسنى لنا إعداد دستور جديد لا يحيى النظام القديم، ولا يعيد عقارب الساعة إلى الوراء.. وإلى نص الحور..

■ ما رأيك فى التعديلات الدستورية.. وهل ستصوت عليها بنعم أم لا؟

- كنت أفضّل عدم الاستعجال فى إجراء التعديلات الدستورية، وبالتالى التصويت عليها، ولا يعنى ذلك أننى معترض على التعديلات فى حد ذاتها من الناحية الفنية، لأن اللجنة التى وضعتها من الأساتذة المشهود لهم بالكفاءة، ويستحقون منا جميعا كل الاحترام والتقدير، ولكن اعتراضى منصبَّ على أسلوب التعديل من ناحية، وتوقيته وسرعته من ناحية أخرى، فقد استقر رأى الكثيرين، على أنه بسقوط النظام السابق قد سقطت معه كل شرعيته بما فى ذلك الدستور والمجالس النيابية، لذا ليست هناك حكمة من التعديل الجزئى للدستور، الذى سيعاد العمل به بعد إجراء التعديلات عليه.

ويبدو أن هناك إجماعاً على أن دستور ٧١ علاوة على أنه سقط بسقوط النظام، إلا أنه لم يكن مرضياً بكثرة التعديلات التى أجريت عليه، بدليل أن التعديلات الجديدة تنص على – فى حالة الأخذ بها – أن الحكم الجديد ملزم بتشكيل لجنة لوضع دستور جديد، ومادمنا قررنا أننا سنعمل على تغيير الدستور الحالى، فكيف نبقيه، ولو لفترة مؤقتة، لقيام الحكم الجديد الذى نتمناه فى عهد ما بعد ثورة ٢٥ يناير؟!

كما أنه من المهم أن أشير هنا إلى أننى أتوقع أن تكون هناك حوارات مهمة حول القضايا الموجودة فى دستور ٧١ التى قد لا يكون مرغوبا فيها خلال العهد الجديد مثل الإبقاء على مجلس الشورى أو التمييز بين أعضاء المجلس النيابى ما بين فئات وعمال وفلاحيين، فلا يعقل أن نشرع فى إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية على أساس دستور ٧١ المتضمن هذه الموضوعات، التى قد تكون هناك رغبة فى إلغائها، ثم نطلب من هذه المجالس اختيار الجمعية التأسيسية، التى ستضع الدستور.. وعلى كل ذلك فأنا أفضل وأرى أنه من المنطق أن نضع خطاً واضحاً فاصلاً بين ما كان ولم يكن مرضياً.

■ إعداد دستور جديد يحتاج إلى وقت، هذا ما تردد فى الآونة الأخيرة، بينما المجلس الأعلى للقوات المسلحة التزم بستة أشهر لتسليم السلطة فى مصر؟

- لقد التزم المجلس الأعلى للقوات المسلحة بمدة الستة أشهر فى البداية، لأنها كانت المدة المتبقية من ولاية الرئيس السابق، وأيضا ليؤكد أنه ليس حريصا على الاستمرار لمدة طويلة، وليدحض أى تخوف من ذلك، حتى إن بعض أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة صرح ذات مرة بأنهم يودون لو فرغوا من المهمة فى مدة أقل، ولكن أنا أفضل ألا يلتزم المجلس الأعلى بهذه المدة، لأننا نرحب بأن يبقى حتى تتم مرحلة الانتقال بطريقة سلسة ومنضبطة تصل بنا إلى بر الأمان. وعلى العموم فإن الفرق فى المدة لن يزيد على بضعة أشهر سواء صوتنا بنعم أم لا فى الاستفتاء.

■ وكيف ستكون إدارة البلاد خلال الفترة الممتدة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة؟

- أقترح أن يبقى المجلس الأعلى للقوات المسلحة مسؤولاً عن إدارة البلاد، على أن تعاونه لجنة من الخبراء الاستشاريين، يتم عرض الأمور الفنية والاقتصادية عليها لدراستها ووضع التوصيات بشأنها ورفع تقرير بها إلى المجلس الأعلى ليتخذ فيها القرار المناسب.. هذا إذا لم ترق فكرة المجلس الرئاسى للبعض، وقتها يمكن تشكيل هذه اللجنة. ويسير العمل فى خطين متوازيين، حيث تقوم حكومة الدكتورعصام شرف - وهى حكومة حازت على ثقة الشعب - بمهامها التى تضمن إعادة المجتمع إلى الأوضاع الطبيعية، أى أن تفتح المدارس والمصانع ويتحقق الأمن وتدور عجلة الإنتاج.

وفى الوقت ذاته، تشكل لجنة مختصة تكلف بوضع مشروع دستور جديد على أن يعرض على جمعية تأسيسية لكى تقره ثم يعرض على الشعب فى استفتاء عام، وبناء عليه تجرى انتخابات مجلس الشعب ثم الانتخابات الرئاسية.

■ وماذا لو كان هناك إصرار على الاستفتاء على التعديلات الدستورية، وماذا لو جاءت النتيجة بموافقة الأغلبية عليها؟

- وقتها سنجد أنفسنا وقعنا فى خطأ كبير، لأن هذا الاستعجال سيؤدى بنا إلى ضرورة انتخاب مجلس شعب جديد، وظروف البلد الأمنية لا تسمح بأى انتخابات من هذا النوع، وقد نجد أنفسنا أمام مجلس شعب يمثل القوى القديمة وليس القوى الجديدة التى لم تُمنح الفرصة بعد لأن تخرج إلى الشارع وتقدم نفسها للجماهير وبالتالى هى ليست مستعدة لخوض الانتخابات الآن.وحتى أكون واضحا فى حديثى، أنا لست ضد دخول أى قوى قديمة المجالس النيابية، ولكنى لا أريد أن يحتكر تيار ما مجلس الشعب أو يمارس الحياة السياسية، فلا أريد أن يكون المجلس نتيجة التسرع حكراً على فئات معينة دون إعطاء الفرصة لفئات أخرى.

■ هل تؤمن بوجود الثورة المضادة؟

- كلمة ثورة تطلق عادة على شىء إيجابى، أى أن هناك وضعا سيئاً وغير مقبول، فيتم القيام بثورة عليه لإصلاحه، أما العكس فهو أن يحاول البعض هدم محاولات الإصلاح بإجهاض الثورة فأنا أسميه تمردا، وهو عمل غير قانونى، يجب محاسبة من يقومون به، وهذا التمرد كان واضحا تماماً فيما سمى بمعركة «الجمل». ولاشك أن هناك مجموعات مستفيدة من النظام القديم، وبالتالى يجب ألا نتوقع أن هذه المجموعات سوف تسلّم بسهولة، فهى ستنتهز كل فرصة ممكنة للإساءة إلى الثورة الجديدة لتستعيد ولو جزءاً من مكانتها حتى لا تفقد كل سلطاتها.

■ ولكن البعض قال إنه يستحيل أن تعود عقارب الساعة إلى الوراء ؟

- هذا كلام شعر.. «طبعاً ممكن عقارب الساعة ترجع ونص»، والدليل أنه بعد الثورة فى تونس، قالوا إن هذا لن يحدث فى مصر، لأن تونس بلد به ١٠ ملايين مواطن، بينما مصر ٨٠ مليوناً، ومصر بلد ضخم وبه حضارة ٧ آلاف سنة، كل هذا كان كلام شعر، والدليل أن الثورة قامت، فالعقارب يمكن أن تعود إلى الوراء أو تتقدم إلى الأمام بمدى فهم ووعى البشر ومدى طموحاتهم وإصرارهم على تحقيقها.

■ البعض فسر الاعتصامات والمطالبات الفئوية بأنها صناعة القائمين بالثورة المضادة فكيف تقرأ المشهد؟

- لا يمكن أن نتهم المطالبين بحقوقهم بأنهم يتحركون بناء على توجهات من جهات أخرى، فهذه الاعتصامات والإضرابات كانت موجودة منذ سنوات، قبل انهيار النظام فى ١١ فبراير، وكانوا يقفون أمام مجلس الشعب بالأسابيع دون أن ينظر اليهم أحد، وبالتالى عندما يكون هناك مجتمع جديد به حرية أكثر وقد عادت السلطة فيه للشعب، من المتوقع أن ينتهزوا هذه الفرصة، ويعبروا من جديد عن مطالبهم بقوة أكثر، لعلمهم أنهم لن يواجهوا بالبطش.

■ إذن فى رأيك كيف يمكن تلبية كل هذه المطالب الفئوية والتعامل معها فى هذه اللحظات؟

- لابد أن يوضع نظام بحيث لا تُقمع هذه المطالب ولا تتجاهل، ولكن فى نفس الوقت يجب ألا تترك لتنمو فوضويا فى المجتمع، لذا يجب أن تنشأ فورا جهة ما فى الدولة تحت اسم «ديوان المظالم» أو مكتب شكاوى أو غيرهما، على أن تقدم كل فئة مطالبها مكتوبة لهذه الجهة، حيث تدون المطالب فى السجلات وتحدد لها مواعيد لبحثها، والتعامل معها واتخاذ المناسب من القرارات، أى أن نعترف بالمشكلات ونتعامل معها بجدية.

■ وكيف يمكن التعامل مع الفتنة الطائفية فى المرحلة المقبلة؟

- سبق أن قلت إن الفتنة الطائفية أخطر ما يواجه المجتمع المصرى، والنظام السابق كان يعتمد فى حل بعض الانشقاقات الطائفية التى حدثت على أسلوب المجالس العرفية، وتطييب الخواطر، لعدم اتخاذ أى رد فعل رادع ضد الجانى، لذا فإن الحل كما ناديت من قبل يكمن فى قانون ضد التمييز على أساس الدين أو الجنس، وأن يجرم هذا العمل بعقوبات صارمة.

■ الناس فى الشارع تقول إن الجيش يتعامل مع الوضع الداخلى الأمنى بمنطق الحياد واللاحسم مما أدى إلى تطور الأمور فى أطفيح ثم أحداث المقطم والقلعة والسيدة عائشة.. فما تعليقك؟

- الشباب كانوا رأس الحربة فى ثورة يناير، التى انضم إليها الشعب بكل فئاته، وفى رأيى أن براءة الشباب هى التى مكنتهم من نجاح الثورة، لأنهم لم يكونوا يعلمون عن عواقب ما هم بصدده، بعكس الأجيال الأكبر مثلنا، فنظرا لكوننا نعلم عواقب مثل هذا العمل جعلنا هذا نجلس ونخطط ونتناقش دون أن نقوم بأى شىء، فى نفس الوقت هذا العامل نفسه - وهو عامل البراءة - يعتبر نقطة ضعف، لأن من قاموا بالثورة شباب برىء، ليسوا أحزابا ولا جيشا منظما، فى الوقت الذى تحللت فيه قوات الشرطة وذابت وانهارت، فلم تعد هناك جهة تعاون القوات المسلحة فى التصدى للخارجين عن القانون، فدب نوع من الفوضى، لأن القوات المسلحة ليس من عقيدتها أن تصطدم بالشعب فى الداخل، وحافظت على هذا المبدأ وكانت حليمة وصبورة وحاولت بالإقناع،

ولكن الحكم عموما فى كل الدول الديمقراطية عبارة عن جزرة وعصا: والجزرة تعنى مكافآت لمن يلتزم بالقانون والعصا عقاب لكل الخارجين عن القانون، وقد استبعد الجيش فكرة استخدام العصا، إلا أنه أعلن أخيراً أمام مسؤوليته عن إدارة البلاد فى البيان الوزارى الذى أعلنه رئيس الوزراء باتخاذ إجراءات مشددة تصل إلى الإعدام فى بعض الحالات لمواجهة أنواع البلطجة المختلفة، وأظن أن هذه بداية لاستعمال عصا الحكم،.
-------------------
نشر في المصري اليوم بتاريخ 18-3-2011
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=290836

د. جورجيت قلليني



عضو مجلس الشعب السابق لـ«المصري اليوم» :
أقترح تشكيل لجنة لمقابلة «كاميليا ووفاء» وعرض موقفيهما على الرأى العام
-------------------------------------------
حوار رانيا بدوى ١٣/ ٣/ ٢٠١١
--------------------------------------------

قالت الدكتورة جورجيت قلينى، عضو مجلس الشعب السابق، إن هناك جهة ما وراء أحداث الفتنة الطائفية التى شهدتها مصر مؤخراً لإرهاب الأقباط، مشيرة إلى إمكانية أن تكون هذه الجهة من بقايا النظام السابق، أو بقايا جهاز مباحث أمن الدولة، أو من سمتهم أصحاب اتجاهات سلفية وأصولية، مدللة على ذلك بإعادة فتح ملف كاميليا شحاتة ووفاء قسطنطين، واقترحت حلاً لهذه الأزمة يتمثل فى أن يتفق الأزهر والكنيسة على تكوين لجنة لمقابلة السيدتين وعرض موقفيهما على الرأى العام، وقالت: «إذا اكتشفت اللجنة أنهما مجبرتان ياخدوهم فى إيديهم وهما خارجين»، مشددة على ضرورة تطبيق قانون الطوارئ الآن لمواجهة أحداث الشغب، أو إلغائه فورا.

وأضافت قلينى فى حوارها مع «المصرى اليوم» أنها ضد إجراء أى انتخابات حالياً بسبب الحالة الأمنية، وضيق الوقت اللازم للدعاية وطرح البرامج، وعدم وجود أحزاب قوية، معتبرة أن إجراء الانتخابات الرئاسية أولاً يعطى للسلفيين فرصة للترشح، لافتة إلى أن عدم تعديل المادة ٧٩ من الدستور يمنع إجراء انتخابات الرئاسة أولاً، مشددة على ضرورة تعديل المادة ٩٥ لإغلاق باب فساد النواب.. وإلى نص الحوار:

■ ما رؤيتك لأحداث الفتنة الطائفية التى وقعت مؤخرا؟

- هناك تحريك من قبل جهة ما يهمها إحداث فتن وضغائن وشغب فى هذا التوقيت بالذات، والدليل أن العلاقة بين الفتاة والشاب التى وقع بسببها هذا الشغب فى قرية صول ليست جديدة ولا وليدة اللحظة، فمن الذى أثارها الآن، وما هى هذه الجهة بالضبط؟! ليس لدىّ دليل. من الوارد أن تكون بقايا جهاز مباحث أمن الدولة، أو بقايا النظام السابق، أو أصحاب اتجاهات سلفية وأصولية، والدليل هو فتح ملف وفاء قسطنطين وكاميليا شحاتة الآن، والغرض هو إرهاب الأقباط، وهذه الجهة أرادت أن تضرب فى أكثر منطقة ضعيفة فى البلد وهى العلاقة بين المسلمين والأقباط كنوع من الثورة المضادة.

■ هناك من يرى أنه من الضرورى الآن تطبيق حالة الطوارئ باعتبار أن أحداث الشغب والحرق والهدم تستوجب تطبيقه، ما رأيك؟

- هذا صحيح، فمادام المجلس الأعلى للقوات المسلحة يرفض حتى الآن أن يلبى مطلب شباب الثورة بإلغاء قانون الطوارئ، فلماذا لا يطبقه إذن، وإذا لم يستخدم القانون فى حالة الطوارئ والشغب التى نعيشها الآن، فمتى تكون له جدوى، لذلك أرى أنه يجب أن يطبق القانون الآن، أو يلغى نهائياً.

■ هل يكفى الآن قرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعد أحداث أطفيح والمقطم ومنشية ناصر بتغليظ العقوبة على محدثى الشغب؟

- رغم أننى ضد مبدأ أن يستمر الجيش فى الحكم لفترة طويلة، فإن الضرورات تبيح المحظورات، لذا سأتفهم إعلان حالة الطوارئ الآن لإنقاذ البلد إذا أصدر قراراً بإعلان حالة الطوارئ، فأنا شديدة الخوف على البلد، وبدأت أشعر بعدم الارتياح، خاصة أن سياسة التعتيم بدأت من جديد، حيث أجرى مسؤول كبير مداخلة تليفزيونية الساعة ١١ مساء يوم الأحداث نفى فيها وجود قتلى، وأشار إلى إصابات طفيفة، فى حين كان هناك قتلى وإصابات بالغة.

■ ربما تأتى هذه التصريحات من باب التهدئة؟

- المواجهة هى التصرف الصحيح، والمصارحة هى التى تحدث المصالحة، وليس التعتيم والإخفاء، وقد جربنا سياسة التعتيم من قبل، والنتيجة كانت تفاقم الأزمات لا حلها.

■ هل لديك حل للمطالبات الآنية للأقباط أم أنك ترجحين كفة تأجيل هذه المطالب لحين استقرار البلاد؟

- أنا أدعم ضرورة تنفيذ ما يمكن تنفيذه من المطالب دون تأجيل، فمثلا بناء الكنيسة لا يحتاج إلى تأجيل، وهناك فرق بين القرار والتنفيذ، فالمجلس الأعلى للقوات المسلحة قرر إعادة بناء الكنيسة ولكن لم تتخذ خطوة تنفيذية بعد، وبالتالى أقترح أن يسمح لشباب ٢٥ يناير وأقباط المنطقة بشحن مؤن البناء والبدء فى بناء الكنسية بالمشاركة، بحيث يضع المسلمون من شباب ٢٥ يناير طوبة، وأخرى يضعها الأقباط حتى لو فى حجر الأساس فقط لتدعيم التعاون ونبذ الفتنة، وعلى الجيش أن يؤمّن القرية تأميناً حقيقياً وليس تأمين حدود، كما أن المحاسبة الرادعة والفورية لمن هدموا الكنيسة أو أثاروا الشغب بالبلطجة والحرق لا تحتمل أى تأجيل، ثم نتباحث فى باقى الملفات عندما تحين الفرصة.

■ وماذا عن ملفى كاميليا شحاتة ووفاء قسطنطين، ألم تحن لحظة خروجهما للإعلام لبيان موقفهما درءا للفتنة؟

- ليس من حق أحد أن يجبر شخصاً على الخروج للإعلام وهو لا يريد، ولكن أقترح لحل هذه الأزمة أن يتفق شيخ الأزهر والبابا شنودة على تشكيل لجنة ثلاثية موثوق بها تضم عضواً من الأزهر وعضواً مستقلاً يحظى بالتأييد والثقة وعضواً من الإعلاميين، وتلتقى اللجنة السيدتين على انفراد ودون تدخل، ويستمعون إليهما ويدونون كل شىء ليعرضوه على الرأى العام، ووقتها سيتضح للجميع موقفهما بالضبط، وما إذا كانت أى منهما تتعرض لضغط أو إجبار أم أن بقاءهما بمحض إرادتيهما.

■ وماذا لو استشفت اللجنة وجود إجبار عليهما؟

- «ساعتها ياخدوهم فى إيديهم وهم خارجين» لأن وقتها سيكون الموقف مختلفاً، وأعتقد أن هذا الحل سيدحض الشائعات وسيطمئن الرأى العام، لأنه إن لم يصدق الكنيسة سيصدق اللجنة الموثوق بها.

■ باعتبارك أستاذة فى القانون هل تعتقدين أن إجراء انتخابات رئاسية أولا ممكن دستوريا؟

- لا، لأن لجنة التعديلات الدستورية افترضت أننا سنجرى انتخابات برلمانية أولا، وبالتالى لم تتطرق إلى المادة ٧٩ التى تنص على أن رئيس الجمهورية يؤدى اليمين الدستورية أمام مجلس الشعب، وإذا تم إقرار التعديلات فى الاستفتاء المقرر إجراؤه يوم السبت المقبل، فسوف يعاد العمل بالدستور المعطل بعد تضمينه التعديلات الأخيرة وسيكون الدستور ملزما، وبالتالى تكون المادة ٧٩ ملزمة، إذن لن تكون لدينا رفاهية اختيار إجراء الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية، وما يدهشنى أن عدداً كبيراً من المثقفين، ووسائل الإعلام يتحدثون عن رغبتهم فى إجراء الانتخابات الرئاسية أولا دون أن ينتبه أحد إلى أن ذلك غير ممكن فى ظل الظروف التى شرحتها، فإذا أردنا إجراء الانتخابات الرئاسية أولاً، فعلينا إعادة تعديل هذه المادة وتأجيل الاستفتاء لحين الانتهاء من هذا التعديل.

■ إذا افترضنا حل هذا المأزق الدستورى هل تؤيدين فكرة انتخاب الرئيس أولا قبل البرلمان؟

- أنا ضد إجراء أى انتخابات فى الوقت الراهن، فالحالة الأمنية لا تبشر بأى خير، كما أن المدة المتبقية غير كافية لانتخاب رئيس سيحكمنى لمدة ٤ وربما ٨ سنوات، فحتى انتخابات الأندية تحتاج لوقت لإعلان البرنامج الانتخابى والدعاية، فكيف يمكن أن أختار رئيس الجمهورية فى هذه المدة البسيطة، نحتاج إلى بعض الوقت لندقق الاختيار حتى لا نكرر ما حدث لنا فى الماضى، خاصة أنه لا توجد لدينا أحزاب قوية فى الشارع وعلينا أن نعطيها فرصة للعمل والتواجد.

■ لكن المجلس الأعلى للقوات المسلحة وعد بتسليم السلطة لحاكم مدنى فى غضون أشهر؟

- إذن الحل فى مجلس رئاسى يتوافق عليه الناس مكون من ٤ أعضاء من المدنيين وعضو عسكرى، فيحقق لنا مدنية الحكم من ناحية، وعدم التعجل فى اتخاذ قرارات مصيرية للبلد من ناحية أخرى.

■ وما رأيك فى عدم التعرض لصلاحيات الرئيس فى التعديلات الدستورية الأخيرة؟

- بعيداً عن تعديل هذه الصلاحيات الآن أو إرجائها لحين تغيير الدستور، هناك سؤال مهم هو أنه طبقا لهذه الصلاحيات يكون رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، فهل سيقبل الجيش أن يكون رئيسه مدنياً، أم أنه يجب تعديل هذه الصلاحيات قبل انتخاب رئيس الجمهورية، هذا سؤال ليس لدىّ عليه إجابة.

■ هل كنت تأملين تعديل أى مواد أخرى فى الدستور؟

- طبعا، فمادامت اللجنة كانت مكلفة بإجراء التعديلات التى ستؤدى إلى إجراء انتخابات مجلسى الشعب والشورى، كان من الضرورى التطرق إلى المادة ٩٥ التى تعد سبب كل الفساد الذى نسمع عنه الآن، فهى تنص على أنه لا يجوز لعضو مجلس الشعب أو الشورى أن يتعامل مع الدولة بالبيع أو الشراء أو الإيجار أو التمويل طوال مدة عضويته، وهنا أذكر واقعة عايشتها بنفسى بسبب هذه المادة وهى أن رجل أعمال كان عضواً فى مجلس الشعب ممن يتم التحقيق معهم الآن حصل على ٢٠ مليون متر من أراضى الدولة، ووقف يدافع عن موقفه بأنه اشترى ١٣ مليون متر فقط وليس ٢٠ مليون متر، فطلبت الكلمة ووقفت وواجهته بأن الأمر برمته غير دستورى ولا يحق له البيع أو الشراء مع الدولة، فرد على كمال الشاذلى، آنذاك، قائلاً «أولا هو يشترى باسم شركة وليس باسمه، والشركات لها ذمة مالية مستقلة»، فأخذت على عاتقى آنذاك اقتراح إضافة فقرة للمادة ٩٥ تنص على الآتى «يسرى الحظر الوارد فى الفقرة السابقة على الزوجة والأولاد والشركات التى يملك فيها النائب ١٠% من الأسهم على الأقل»، وطبعا لم يستجب أحد لهذا المقترح، ولذلك كان يجب على اللجنة المكلفة بإجراء التعديلات الدستورية النظر فى هذه المادة فورا وتعديلها لأنها لا تحتمل التأجيل، فهذه المادة هى التى تجعل رجال الأعمال ينفقون مبالغ طائلة فى الدعاية الانتخابية لأنهم يعلمون أنهم سينفذون من ثغرة هذه المادة، وفى صفقة واحدة مع الدولة يمكن تعويض كل المبالغ التى أنفقوها، وحتى يتم الحد من سلاح المال فى الانتخابات البرلمانية كان لابد من تعديل هذه المادة لأننا لو أغلقنا هذا الباب سيعنى ذلك أن رجال الأعمال سيفكرون ألف مرة قبل الإقدام على خطوة الترشح، ومن سيترشح منهم سأحد من استخدامه لسلاح المال وبالتالى سأحد من سلاح البلطجة الذى يحمى سلاح المال.

■ البعض رأى فى تعديل المادة ٧٦ تبسيطاً شديداً لشروط الترشح لرئاسة الجمهورية فى رد فعل مضاد للتعقيد الذى كانت عليه، فهل تتفقين مع شروط هذه المادة؟

- المادة ٧٦ وإن كان يراها البعض سهلت شروط الترشح لرئاسة الجمهورية، فأنا أراها وضعتنا فى خانة عدم القدرة على الاختيار، وحجبت عنا البدائل، لأنها أقرت بأن يحصل المرشح على موافقة ٣٠ عضواً من مجلسى الشعب والشورى، أو يكون المرشح من الأحزاب التى لها ولو عضو واحد فى البرلمان، أو الحصول على توقيع ٣٠ ألف مواطن من ١٥ محافظة، ولأن المجالس النيابية تم حلها فنحن إذن أمام خيار واحد فقط وهو الحصول على توقيع ٣٠ ألف مواطن، ولن يحصل على كل هذا العدد من الأصوات إلا من لهم أرضية جيدة فى الشارع من القوى الدينية، لأن الأحزاب غير موجودة.

■ إذا كنت تقصدين الإخوان المسلمين فالجماعة أعلنت صراحة عدم رغبتها فى الترشح لمنصب رئيس الجمهورية؟

- وماذا عن السلفيين، فهم أيضا لهم أرضية كبيرة فى الشارع، بل بدأوا فى المزايدة على الإخوان ويملكون أن يسحبوا من مريديهم ورصيدهم فى الشارع وهنا تكمن الخطورة.

■ تردد أن الرئيس السابق حسنى مبارك اتصل بك أثناء أزمة نجع حمادى لإقناعك بالتنازل عن قضيتك ضد عبدالرحيم الغول؟

- لا تعليق
-------------------------
نشر في المصري اليوم بتاريخ 13-3-2011
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=290309

المتابعون