الحكومة ضربتنا من الداخل

بقلم صبرى غنيم-المصري اليوم ٣/ ١٢/ ٢٠٠٩
----------------------------------------
توقعت أن تقوم الدنيا وتقعد بعد الخبطة الإعلامية التى انفردت بها «المصرى اليوم» الأسبوع الماضى وكشفت عن المستور فى أحداث مباراتنا مع الجزائر فى السودان.. الصحفية المتألقة رانيا بدوى حاصرت سفيرنا المصرى فى الخرطوم وأخرجت أحشاءه فى حوار جرىء أذاب ثورة الغضب التى اجتاحت قلوب عدد كبير من المصريين بسبب إهمال هذا السفير.. الرجل فتح قلبه وكشف عن المستخبى.. كلام السفير عفيفى عبدالوهاب كان كفيلاً بفتح الملف على الأقل بتشكيل لجنة تحقيق عاجلة كاللجنة التى شكلت فى أعقاب حصولنا على صفر المونديال..

لكن لم نسمع صوتاً للقيادة السياسية.. ولا للحزب الحاكم.. بعد القنبلة التى فجرها سفير مصر فى الخرطوم.. ومع ذلك لم نسمع تكذيبا لما قاله الرجل مع أننا كنا نتوقع التحقيق فى مواجهة الأجهزة المعنية.. جهاز الرياضة.. واتحاد الكرة.. والمحطات الفضائية.. الحكومة تعرف جيداً أن هذه الجهات ساهمت فى هذه المأساة وألهبت مشاعر الجماهير حتى تحولت إلى قنابل موقوتة.. وإذا كنا قد انضربنا فالضربة جاءت من الداخل وليس من خارج حدودنا.

يخطئ من يقول إن الأمن سبب هذه الكارثة لأن الحزب الحاكم نحى الأمن جانبا عن دوره فقد كان يريدها مهرجاناً شعبياً، الحزب أيقن أننا ذاهبون إلى هناك فى رحلة يعرف نتيجتها وكأنها واحدة من نتائج الانتخابات التى تعود أن يدخلها.. ولذلك كان يتوهم أننا سنعود منها فائزين منتصرين وقد استعد لتنصيب نفسه فى احتفالية وطنية يعلن فيها أنه صاحب الفضل فى وصولنا إلى المونديال.

ولا أعرف لماذا يحاول الحزب الحاكم دائماً أن يستثمر المناسبات ليصنع فيها بطولات على أمل اجتذاب أعضاء جدد، فقد كان يأمل أن يضم أعضاء الفريق القومى فى الدخول تحت بطانته كما فعلها مع رؤساء تحرير الصحف القومية.. يوم أعلن عن انضمامهم للحزب بقرار منه ودون علمهم.. الحزب يتصور أنه صاحب الفضل فى تجميع القوى الوطنية فى حين أن الحس الوطنى هو الذى يجمع هذه الجماهير تحت علم مصر.. وليس الحزب الوطنى.. الجماهير رفعت العلم بإرادتها.. وأخشى أن يأتى اليوم الذى ينسب فيه الحزب لنفسه الدعوة إلى رفع العلم ويدعى أيضاً أنه هو الذى غرس الحس الوطنى عند الجماهير.

أعجبنى أن أسمع أحد أعضاء البرلمان وهو من أعضاء الحزب الحاكم وقد أزعجه كلام سفيرنا فى الخرطوم كما جاء فى «المصرى اليوم» وطالب بتشكيل لجنة تقصى الحقائق بعد أن اتهم الحكومة بالتقاعس والإهمال الشديد وأنها السبب فى إهانة المصريين.

كلام النائب معناه أن الحكومة ضربتنا على «قفانا».. وهى التى أهانتنا.. وقد كان من الطبيعى أن نسمع عن هذه اللجنة، لكن كل شىء دخل الجحور!!

أما الكابتن حسن صقر رئيس جهاز الرياضة فمن الواضح أنه محدود الرؤية.. وأنه لا يتمتع لا بالخبرة.. ولا بالرؤية.. وقد كان فى إمكانه أن يلعب دوراً فى وقف الاحتكاكات والاعتداءات التى تعرضنا لها فى الخرطوم.. فقد كان يستطيع تنظيم أفواج من مشجعى الدرجة الثالثة حتى ولو على حساب رجال الأعمال أو من ميزانية جهاز الرياضة التى خصصها للمونديال.. ولأعضاء الجهاز أو لضيوفهم.. لكن نعمل إيه فالكابتن حسن يهمه مشجعو المقصورة والدرجة الأولى..

أما الغلبان الذى كان يستقطع من قوته لشراء تذكرة للاستاد فى القاهرة لا يستطيع أن يشترى تذكرة طائرة للسفر إلى الخرطوم.. ولو كنا قد أرسلنا مشجعى الدرجة الثالثة لكانت الأمور اختلفت تماماً.. فالمواجهة سوف تصبح متكافئة.. والأقوى هنا هو أولادنا لأن المصرى عمره ما كان «خرع».. على الأقل بوجود هذه الشريحة من المشجعين لنضمن وجود العين الحمرا وساعتها لن تحدث الاحتكاكات التى رأيناها..

أنا شخصياً لا أتشكك فى وطنية الكابتن حسن صقر.. فهذه إمكاناته فى إدارة المواقف الصعبة.. فقد كان ينقصنا التنسيق، على الأقل تربيط المصريين ببعضهم فى جبهة واحدة وهذه مهمة جهاز الرياضة وليست مهمة اتحاد الكرة أو قنصليتنا فى الخرطوم.. لقد توقعنا أن نسمع أن رئيس جهاز الرياضة عقد مؤتمراً لمراسلى وكالات الأنباء والصحف العالمية يشرح أبعاد الاعتداء على المصريين عقب المباراة.. لكن لم يحدث ويبدو أنه ترك هذه المهمة لوزير الإعلام الذى كان خارج الحلبة وليس شاهد عيان للأحداث فقد تعلمنا أن الحجة على الراوى.. وكلام صقر سيكون مسموعاً عن الفقى.

من هنا سقطنا إعلامياً وفشلنا فى عرض قضيتنا على محبى كرة القدم فى أوروبا والمنطقة العربية، فأدوات الإدانة التى نمتلكها ضعيفة ولا أعرف قد تكون هناك أدوات غيرها لم تعرض حفاظاً على السير فى إجراءات التحقيق.. وبخلاف هذا أو ذاك كان لابد من التحرك إعلامياً بين الصحف والمحطات العالمية.. لكن سؤال أخير من الذى يحاسب عن هذا التقصير.. هيئة الاستعلامات أم مكاتبنا الإعلامية فى أوروبا.. هذا هو السؤال الذى تاه وسط الزحام لأن سكوت وزير الإعلام أعطى حماية لكل من أخطأ.. سواء كانت الفضائيات التى شحنت الجماهير قبل وبعد المباراة.. أو إعلامنا الذى فشل فى توضيح الرؤية.

الأيام القادمة ستكشف تفاصيل المؤامرة التى تعرضنا لها فى الخرطوم.. وستكشف معها أوجه التقصير فى أجهزتنا التى عرضت أولادنا للإهانة.. ناهيك عن أنهم نقلوهم من السودان إلى القاهرة.. فى زمن قياسى بعد تدخل الرئيس شخصياً.. موقف يحسب للرئيس مبارك وهو يتابع مع ابنيه علاء وجمال الأحداث كل دقيقة.. فقد أثبتت المواقف المعدن الأصيل لهذين الشابين ورفضهما مغادرة الخرطوم قبل رحيل اللاعبين والمشجعين.. هذه هى أخلاقيات علاء وجمال التى توجت كل المصريين.. المصريون الآن بعد هذا الحب يريدون من جمال أن يتحدث بلغة علاء ولا يتحدث بلغة السياسيين!!

http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=235342

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون