ماجد عثمان

رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار:
"الوضع سيئ فى مصر.. ونسبة الفساد الإدارى %66"
--------------------------------------------
حوار رانيا بدوي ، 20 مارس 2009
------------------------------------------

مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، مركز يتبع مجلس الوزراء مهمته مساعدة الحكومة فى اتخاذ القرار السليم.. ولكن كيف يتم دعم قرار بمعلومات متضاربة؟ ففى الوقت الذى يصدر فيه المركز رقما أو بيانا يخص الصادرات أو عدد طلبة الجامعات أو حجم انتشار مرض أو الإحصاءات الخاصة بالأزمات، يفاجأ المواطن بأن الوزارات المعنية تصدر أرقاما مختلفة تماما على الرغم من كون الجميع تحت رئاسة مجلس وزراء واحد.. أيهما أصدق؟ وأيهما أدق؟ وإلى أى مدى يتم تسييس الأرقام والمعلومات فى مصر؟ وما هى أخطر الأرقام المستقبلية التى يجب على مصر التحرك سريعا حيالها؟

الدكتور ماجد عثمان رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء تحدث عن الجهل والفقر والمرض، وأكد أن الحل هو الاستثمار فى التعليم.

كيف يمكن دعم قرار صانعى القرار بأرقام متضاربة؟
أرقام البطالة من الممكن لجهة أن تحصيها على أساس كل من لا يعمل، وأخرى تحصى فقط خريجى الجامعة الذين لم يحصلوا على فرص عمل بعد، وجهة ثالثة تحسب العينة ومن هنا يأتى التضارب.

وماذا عن تسييس الأرقام؟
تسييس الأرقام لا يعنى بالضرورة أن يكون على مستوى سياسى كبير، بل من الممكن أن يكون على سبيل المثال (موظف يريد أن يظهر أن منطقة عمله أفضل من غيرها، ولذلك نجد الأرقام متضخمة أو أنه قد وجدها متضخمة بالفعل وبنى على أساسها البيانات الجديدة).

كيفية التغلب على مثل هذه الأمور سواء الخطأ المهنى أو التسييس؟
أنا شخصيا أميل إلى تجريم الخطأ فى الأرقام ويجب أن تكون هناك مساءلة قانونية، كما يجب وجود قدر من الشفافية أكثر مما هو موجود. لابد أن يصدر قانون ينظم المعلومات فى مصر (قانون تداول المعلومات والإفصاح) وطريقة جمعها، بل لابد من وجود جهة تتأكد من جودة البيانات أو عدم جودتها.

ولكن الحكومة تماطل حتى الآن فى وضع قانون المعلومات على أجندة مجلس الشعب؟
من وجهة نظرى أن هناك جهودا تمت فى هذا الموضوع.. ولكن قانون المعلومات له ثلاثة أجزاء يجب أن تكون متوافرة فيه ليحقق الهدف منه، الأول له علاقة بالمعلومات المطلوبة للإعلام وهذا هو ما تتحدث عنه نقابة الصحفيين حيث إننا نريد تقنين تدفق المعلومات وذلك من أجل قضية حبس الصحفيين، وهذه نقطة مسيسة.

الثانية تتعلق بالإفصاح عن البيانات الاقتصادية، وهذا مهم جدا للاستثمار، حيث إن هذا الإفصاح يؤدى إلى مصلحة مباشرة لمصر فى قضايا الاستثمار.

النقطة الثالثة متعلقة بتداول الإحصائيات، وهى تحتاج إلى إطار تشريعى لضمان جودة البيانات «فكرة المنظم»، ووجود هذا المنظم يسهم فى أن تصدر البيانات بشكل صحيح وتحديد من يقوم بجمع البيانات.

لم تجب عن سؤالى؟ لماذا لم يطرح مشروع القانون للمناقشة حتى الآن مادمت وأنت واحد من الحكومة مؤمن بضرورة وأهمية قانون المعلومات؟
لأنه حدث اشتباك بين النقاط الثلاث، مما جعل هذه العملية مسيسة جدا.وأنا أرى أن لدينا فى مصر مشكلة كبيرة فى مناقشة القضايا العامة، ولا نستطيع أن نتعاون معا فى القاسم المشترك دائماً كل طرف يركز على الاختلافات.

ومن وجهة نظرى أن جو الحوار فى مصر ليس صحيا، يوجد قدر عال جدا من العصبية فى الحوار ولسنا مدربين على التفاوض للوصول للمصلحة المشتركة، فيحدث دائما أن نتناحر، والخلاف يفسد القضية، بالرغم من أن مصر يوجد بها هامش من الحرية أكبر، لكن توظيف هذا الهامش يتم بشكل سلبى.... ولابد لمنع وجود التشوه بين النقاط الثلاثة أن يصدر قانون الإفصاح فورا، ونعمل على إيجاد الحد الأدنى من القواسم المشتركة التى تراعى الإفصاح والشفافية، وسرية بعض المعلومات لاعتبارات أمنية وقومية.

ولكن دائما ما يشكو الصحفيون من الوزارات والمؤسسات الحكومية على أنها تتعامل مع أبسط المعلومات على أنها سر حربى؟
أنا مقتنع تماماً ان لدينا أزمة ثقة فى مصر بين الأطراف المختلفة ولكنى لا أتحدث عن أزمة ثقة بين المواطن والحكومة ولكن أيضاً بين المواطن والجمعيات الأهلية وبين المؤسسات بعضها البعض وبين المواطن والحكومة وبين الإعلام.

وكيف يتم فتح «حوار مجتمعى» تلك الكلمة التى تتردد على ألسنة المسئولين حول قضية ما.. الرأى العام لا يقف على الحقائق فيها؟
بصراحة فى غيبة المعلومات لا يأتى النجاح إلا مصادفة، فكيف أنجح وليست هناك معلومات، ومن ضمن عوامل النجاح إدارة حوار ناجح به معلومات كثيرة لو توافرت للجمهور العام فسيؤدى إلى تقييم الأمور بشكل مختلف.

لماذا يوجد أكثر من هيئة تقوم بنفس المهمة، ولماذا مركز للمعلومات مادام لدينا جهاز للتعبئة والإحصاء؟
التشريع القائم منذ سنة 1960 يقرر أن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء هو المسئول عن إصدار كل البيانات فى مصر فى حين أنه لازم يقوم بجمع كل البيانات، فمثلا بيانات البنك المركزى مسئولية البنك المركزى وكذلك بيانات التقارير الوزارية لا تصدر إلا من الوزارات ذاتها، وليست وظيفة المركز جمع المعلومات فى مصر، بل وظيفته توظيف المعلومات والبيانات لخدمة متخذى القرار، ويجب التمييز بين ثلاثة أشياء هى: المعلومات، البيانات، المعرفة.

فهناك مثلا جهات تقوم بالتعداد السكانى، ولكن قراءة هذه المعلومات وتفسيرها مرتبط بدعم القرارت، وهو من اختصاصات المركز، كما أننا نضع السيناريوهات المستقبلية فى مصر.

هل يتم الأخذ بتقارير المركز فى صنع القرارات أم أنها توضع فى أدراج المسئولين؟
عملية اتخاذ القرار فى دولة كبيرة ومشاكلها كثيرة مثل مصر، تكون الحلول فى كثير من الأحيان معروفة ومؤجلة لأسباب قد تكون لها علاقة بثقافة الناس، فالناس لا تحب التغيير، وثقافة التغيير تحتاج إلى جهد كبير وتحتاج إلى تقبل من المواطن وتحتاج إلى ثقة.

فى مسح أجراه مركز المعلومات أثبت أن حوالى 89 % سعداء و11 % غير سعداء؟
هذا سؤال استهلالى للبحث.. فمثلا عندما تدخل غرفة العناية المركزة على شخص وتسأله كيف حالك؟ فيرد الحمد لله والبحث أكد أن 89 % أجابوا بنعم عند سؤالهم السؤال بشكل عام و11 % قالوا لا، وهذه إجابة مرتبطة بالثقافة الدينية، والدليل أنه عندما سألنا عن الرضا عن الأحوال الاقتصادية للأسرة، الإجابة كانت مختلفة تماما كانت حوالى 75 % غير راضين.

إذا كان مجرد استهلالى.. فلماذا سألته وجعلته موضع قيل وقال من البعض؟
لأن أساسيات المسموح تقول بذلك.

أجرى المركز مسحا آخر فى منتصف عام 2008 يقول بأن 89 % فخورون بمصريتهم وأن 63 % السياسة خرجت من حساباتهم ألا تراه رقما مبالغا فيه؟ وألا ترى أنه لا يوجد اتساق بين النتائج؟ قد لا يكون هناك اتساق بين النتائج ورغم المشكلات الموجودة فى مصر أعتقد أن فى قرارة نفس كثير من المصريين لا ينفون فخرهم بمصريتهم..

هى نسبة البطالة الآن؟
2 مليون مواطن من قوة العمل.

الجمعيات الأهلية تقول إن نسبة البطالة 7 ملايين مواطن؟
هذا رقم غير صحيح ويجب أن نحكمه بالعقل وربما تكون الجمعيات الأهلية ترصد أيضا غير الراضين عن أعمالهم وغير القانعين ويريدون التغيير ويبحثون عن عمل جديد أو تكون تضم شريحة من يعمل ساعة أو ساعتين كل أسبوع.. فيجب أن نعرف التعريف الذى بناء عليه تم حصر البطالة.فإذا كانت الصيغة مختلفة فستكون بالضرورة النتائج مختلفة.

توجد دول فى فترة أقل من 10 سنوات عملت طفرة فى الاقتصاد مثل ماليزيا كما أن كوريا كانت فى مستوانا فى الستينيات وكذلك الهند والصين؟
لو تمت المراهنة على التعليم فمن الممكن أن نتقدم فى أقل من 10 سنوات.

هل التخطيط يتم بشكل سليم فى مصر؟
نعم نحن نفكر فى حدود الإمكانيات المتاحة.

هل لديك إحصائيات عن حجم الفساد الإدارى فى الدولة؟
نعم.. فالوضع سيئ فى مصر وذلك له تفسيرات كثيرة ولكن ليس صحيح أن كل الحكومة فاسدون والكلام عن الفساد مرتبط بمساحة الحرية، أما عن المؤشرات العالمية للفساد فى مصر فيتضح منها أن حجم غسيل الأموال فى مصر أقل من أى دولة فى أفريقيا على الرغم من أن مجالات استثمار هذه الأموال فى مصر متعددة.

وعموما يوجد قدر عال جدا من الفساد الإدارى وليس لدينا أرقام محددة ولكن المؤشر يقول إن نسبته 66 % أى نحن أقرب إلى الفساد الشديد.

ما هو الرقم المفزع فى التقارير التى أصدرها المركز مؤخراً؟
رقم دعم الفقر 60 مليارا.

ميزانية التعليم؟
23 مليارا.

الصحة؟
8 مليارات.

الأمن؟
ليس لدى معلومات.. فى الموازنة العامة للدولة لكننى لا أتذكر بالضبط.

ما هى الأرقام السرية التى لا تصل إلى المركز؟
توزيع الصحف لا توجد جهة معينة تظهره بدقة.

أى الوزارات متعاونة معكم وأى منها ترى صعوبة فى الحصول على المعلومات منها؟
كل الوزارات متعاونة ولكن توجد وزارات ضخمة ومتشعبة ولديها مشاكل داخلية وعندما تكبر الوزارة تكون مشاكلها أكبر وعلى سبيل المثال وزارة التربية والتعليم لكى تجمعى بيانات 2 مليون موظف هذا أمر صعب
----------------------------
نشر في اليوم السابع بتاريخ

منير فخري عبد النور

الحكومة تكرس للطائفية فلا يوجد قبطى عميد كلية
------------------------------------------
حوار رانيا بدوي 28/11/2008
-----------------------------------------

أن ينتقد منير فخرى عبدالنور سكرتير عام حزب الوفد سياسات وأفكار الحزب الوطنى الحاكم، أمر ربما يكون طبيعيا خاصة أنه حزب معارض.. أما أن ينتقد أخطاءه كشخص سياسى وأفكاره كحزب، فهو أمر يحتاج إلى شجاعة هائلة وجرأة نادرا ما تصيب السياسيين فى مصر.. منير فخرى عبدالنور اقتنع بضرورة أن يعلن عن أخطائه كحزب قبل الإعلان عن أخطاء الحزب المنافس، وعن مناطق ضعفه قبل أن يشير إلى مناطق ضعف الآخرين.. ورغم أنه طلب قاسٍ على النفس البشرية عامة وعلى السياسيين، خاصة فإن تحضر منير فخرى عبدالنور جعل من المهمة والحوار أمرا سهلا وقابلا للتنفيذ، اقرأ بماذا اعترف منير فخرى عبدالنور.

أستاذ منير لن أسألك عما قاله جمال مبارك عن فشل وتخلف الأحزاب المعارضة فى مؤتمر الحزب الوطنى الأخير ولكن دعنى أسألك لو كانت الفرصة قد واتتك لتحاسب الحزب الوطنى ما السؤال الذى كنت تود أن تسأله؟
كنت أود أن أسأل الحكومة والحزب الوطنى أين كانا طوال الفترة الماضية؟ وسأحاسبهما عن المليارات التى أهدرت فى مشروعات ثبت فشلها باعتراف الحكومة نفسها.

مثل ماذا؟
مشروع توشكى.

وهل تم الإعلان عن فشل توشكى فى جلسات المؤتمر؟
لا ولكن رئيس الوزراء دكتور نظيف فى إحدى المرات قال إن توشكى مشروع فاشل.. ثم إنه ليس هناك حاجة إلى أن يعلن أحد أن مشروع أبوطرطور فشل، ولسنا فى حاجة أيضا أن يؤكد لنا أحد أن ترعة السلام وإن كانت نظريا مشروعا عظيما فإنه لم يستكمل، رغم أن الأمن القومى يوجب استكماله، لاستصلاح سيناء هذا الجزء من الأرض الغالى علينا جميعا. فأنا لم أسمع أى شىء طوال الجلسات عن محاسبة الذات أو الإعلان عن أى تقصير أو أى محاسبات، ولم أسمع عما كتبه الدكتور عبدالمنعم سعيد فى مقاله بجريدة «الأهرام» بعنوان «لماذا أنا عضو فى الحزب الوطنى»، وأكد فيه أنه حزب يتمتع أعضاؤه بالحرية، ومع ذلك لم أسمع عضوا يحاسب أو ينتقد لا الحزب ولا الحكومة.

هذا يعنى أن الحزب الوطنى ليس لديه مراجعة للأفكار؟
إطلاقا.. وليس هذا فقط، إنما هناك إصرار على صحة السياسات المتبعة والإصرار على الاستمرار فيها رغم ما نتج عنها من اتساع لقاعدة الفقر فى مصر طبقا للبيانات الدولية، وانقسام المجتمع وازدواجه وتحوله إلى مجتمع يعيش فى العشوائيات، وآخر فى مدن تحيط بها الأسوار العالية.

هل تشكك فى الأرقام والبيانات التى أعلنت فى المؤتمر؟
هناك بيانات صادقة وأخرى غير صادقة، فمثلا أنا لا أشكك فى المليارات التى أنفقها محمد منصور وزير النقل على إصلاح شبكة الطرق والمواصلات، ولكن «أين كنت طوال 27 عاما لتبدأ فى الإصلاح الآن»، وطبعا أقصد الحزب نفسه وليس الوزير، الآن فقط اكتشف الحزب مشكلة المواصلات وأزمة الغذاء، وتردى حال الأرض الزراعية، الآن فقط انتبه إلى العشوائيات، صح النوم يا حزب، وعلى الجانب الآخر هناك أرقام أخرى لا أثق فيها على الإطلاق مثل الإعلان عن تشغيل ما يقرب من 2 مليون شاب.. هذا كلام به استخفاف لأن البطالة بالكامل فى مصر تتجاوز هذا الرقم بقليل، فهل يعنى هذا أنهم قضوا على البطالة فى مصر!

يقولون إن البطالة بالكامل 5 ملايين؟
عمر ما كانت البطالة 5 ملايين، القوى العاملة المصرية اليوم 25 مليون شخص، نسبة البطالة فيها لا تقل عن10% أى 2 مليون ونصف عاطل، هم الموجودون الآن.. وتحت أحسن الظروف نتيجة الاستثمار استطاعوا أن يستوعبوا الداخلين الجدد إلى سوق العمل ولكن البطالة مازالت نسبتها كما هى.

ما دليلك؟
انفعل قائلا: ما هو دليلهم هم.. أنا دليلى هو أننى كلما سرت فى الشارع أجد شخصا يطلب منى أن أجد له وظيفة.

ما هى أكثر النقاط التى أثارتك فى المؤتمر؟
الحديث عن العدالة الاجتماعية.. فرؤيتهم لها خاطئة.. العدالة تعنى تحقيق تكافؤ الفرص، والهدف الأسمى هو المساواة فى الفرص، وفى المجتمع المصرى يوجد فارق واسع بين القادر وغير القادر فأنا وسائقى كل منا يؤخذ منه 20% ضرائب، وهى شكلا تبدو وكأنها عدالة ولكن هذا غير حقيقى.

كنت رئيس هيئة برلمانية فى مجلس الشعب وشاركت بفاعلية فى إصدار قانون الضرائب الحالى وكنت مؤيدا لكل ما جاء فيه، فلماذا الآن تنتقده بشراسة؟
وقتها كنت مقتنعا، والرجوع إلى الحق فضيلة.

وكيف تلوم عليهم فقد كانوا مقتنعين هم أيضا؟
لأنهم يجب أن يعودوا إلى الصواب ثم إن هذا القانون صدر فى عام 2002 ونحن الآن فى 2008 أليس من الحكمة أن نراجع أنفسنا!.. وأنا أعترف أننا لم نكن على حق ونحن فى حاجة حقيقية إلى ضريبة تصاعدية وإلى إعادة النظر فى توزيع الدخل، والهدف هو العدالة الاجتماعية.

لكنهم يدرجون توحيد الضريبة تحت مسمى العدالة الاجتماعية؟
أولا هم لجأوا إلى تخفيض الضريبة ليس للعدالة الاجتماعية بقدر ما هو تنفيذا لما جاء فى توافق واشنطن، أى أنها إحدى خطط الجمهوريين فى الولايات المتحدة الأمريكية ولذلك لو كنتِ تابعتِ المناظرات الاقتصادية بين ماكين وأوباما أثناء الحملة الانتخابية الرئاسية ستجدين أن إحدى نقاط الخلاف الأساسية كانت حول النظام الضريبى وإعادة توزيع الدخول لدرجة أن ماكين اتهم أوباما بأنه اشتراكى وكأنها سبة.. وقد خلطت الحكومة فى تنفيذها اتفاق واشنطن بين تخفيض الضريبة حيث كانت فى البداية 42% وانخفضت إلى 20% للتخفيف ولمنع التهرب، وبين الضريبة التصاعدية.. فالعدالة تتطلب أن تكون الضريبة تصاعدية مع تخفيضها.

لا شىء إيجابى استوقفك فى مؤتمر الحزب الوطنى؟
لا شك أن هذا المؤتمر بُذل فيه مجهود كبير فى إعداد أوراقه، وصدر عنه كما فى المؤتمرات السابقة أوراق ممتازة، ولكن هذا يعطينى انطباعا أن الحزب الوطنى أصبح مركز أبحاث أو دراسات.

ماذا يعنى هذا؟
إنها فى النهاية مجرد أوراق لا تنفذ.. وليس دور الحزب على الإطلاق أن يكون مركز أبحاث.. فمثلا قدموا رؤية خاصة بالزراعة أكدوا فيها ضرورة تجميع الحيازات لزيادة الإنتاجية الزراعية، واستدامة الميكنة الحديثة... إلى آخره، كل هذا كلام سليم لكنه معروف منذ سنوات ولا جديد فيه والسؤال لماذا لم تنفذ هذه الأوراق من قبل، خاصة أنه ليس بها جديد عن السنوات الماضية، ولماذا يتعامل الحزب الوطنى فى كل عام فى مؤتمره وكأنه أتى إلى الحكم بالأمس ويتناسى أنه يحكم منذ أكثر من 27 عاما؟.

ولماذا لا نرى نتائج؟
لأن السياسة خطأ والتنفيذ خطأ والرقابة غائبة.. وبصراحة أنا أؤمن بالرقابة الشعبية.

كيف؟
عن طريق مجلس الشعب.

كيف والأغلبية منهم؟
إذن نعود للمعضلة الأساسية وهى الإصلاح السياسى بتفعيل الرقابة الشعبية المتمثلة فى مجلسى الشعب والشورى وإلى حد ما المجالس الشعبية، رغم أن الدستور يعتبرها جزءا من السلطة التنفيذية ولكن يجب أن تلعب هذه المجالس دورا رقابيا كما يجب أن يكون البرلمان لديه صلاحية سحب الثقة من وزير أو حكومة وهذا هو الرادع القانونى والدستورى.

إذن فلنأت إلى الإصلاح السياسى وهو الشعار الذى رفعه الحزب الوطنى بفكره الجديد.. إلى أى مدى ترى وجود نية للإصلاح السياسى وهل بدأ فعلا أم لا؟
شعار الإصلاح السياسى الذى يرفعه الحزب الوطنى أجوف وليس وراءه أى شىء، فكيف يتحدثون عن إصلاح سياسى وفوز الحزب بالأغلبية جاء بالتزوير وليس بالمساندة الشعبية، بلا عملية انتخابية حقيقية ولا حتى فرز، فمثلا عندما يكون عدد المرشحين فى انتخابات المحليات حوالى 250 ألفا يتبارون على 50 ألف مقعد فى المحليات، وتعلن النتيجة بعد 24 ساعة، فمؤكد لم يكن هناك فرز وبالتالى هى لم تعبر عن رأى الناخبين إن كان هناك ناخبون، إنما عبرت عن رأى منظم هذه الانتخابات والمشرف عليها.. ولو كان الحزب الوطنى حزبا شعبيا لاستطاع أن ينفذ كل الأفكار التى يخرج بها مؤتمر الحزب من دراسات وأفكار عن عمل وتأييد ومشاركة.

وهل أنت قادر على عمل إصلاح سياسى داخل حزبك وهل أنت راضٍ عن حال الوفد؟
واقع الحال أننا انهمكنا فى مشكلة داخلية، حركتها أياد خارجية.. وأعترف أننا ضيعنا عامين من عمر هذا الحزب فيما هو غير مجدٍ.. ولكن الإصلاح مستمر ولن يتوقف.

أنت تنتقد أفكار الحزب الوطنى فأين أفكارك أنت؟
موجودة.

ولماذا لم تتقدم بها؟
أتقدم بها لمن!، أنا أنافس الحزب الوطنى، أنا أتنافس معه على الوصول للحكم، أنا أقدم الرؤى الخاصة بالحزب للرأى العام وليس للحزب الوطنى.. وما قاله جمال مبارك من أن أحزاب المعارضة ليس لديها رؤى فيه تجنٍ شديد علينا.

قدمها إذن للحكومة؟
أنا لست موظفا فى الحكومة.

الحكومة هى التى تنفذ الأفكار وليس الرأى العام؟
أنا لست سكرتير الحكومة، أنا أقدم اقتراحاتى فى مجلس الشعب وأكتبها وأعلنها فى وسائل الإعلام.

هل لديك برنامج شامل ورؤى فى كل المجالات؟
نعم.. وإن كانت أوراقى التى أقدمها ليست على نفس مستوى الأوراق التى يقدمها الحزب الوطنى لأننا ليس لدينا قاعدة المعلومات والبيانات المتاحة والمتوافرة له، ولدينا مشكلة كبيرة فى الحصول على هذه المعلومات ولكن على الأقل الموضوعات التى نتطرق إليها ندرسها دراسة مستفيضة ونتقدم بها فى مجلس الشعب.. مثل آخر ورقة قدمناها عن كيفية الخروج من الأزمة المالية التى ستصيبنا جراء الأزمة العالمية، والتى سوف نتأثر بها شئنا أم أبينا، بعكس ما أعلنه بعض القيادات التى تدفن رأسها فى الرمال.

وإذا كانت أفكار ورؤى الوفد تنال كل هذا الإعجاب لماذا لا يشعر بها المواطن؟
إعلام الدولة مثل التليفزيون المصرى الذى غطى مؤتمر الحزب الوطنى وجلساته بطريقة مفصلة على مدى أيام انعقاده.. وهو نفسه الذى يغطى مؤتمر الوفد لمدة خمس دقائق بكاميرا واحدة من باب المجاملة لعلاقة الصداقة بينى وبين أنس الفقى وكأن التليفزيون المصرى تليفزيون الحزب الوطنى وليس تليفزيون الدولة، وتقولين لى الأحزاب ضعيفة، طبعا ضعيفة ولازم تفضل ضعيفة.أضف إلى ذلك أن حوالى 90% من الأخبار التى تنشر عن الحزب غير صحيحة ويقصد بها التشويه، خاصة ما تنشره جريدة روزاليوسف التى تنطق باسم لجنة السياسات والحزب الوطنى وتهدف إلى التشنيع على باقى الأحزاب. وإن كانت سمة الصحافة الآن بشكل عام هى البحث عن الإثارة.

بما فيها جريدة الوفد؟
نعم وكثيرا ما أتدخل لأنتقد بعض العناوين التى تهول من الأمور وتميل إلى الإثارة.

وهل أنت راضٍ عن باب العصفورة؟
لا، لأن فيه مبالغات وأخطاء وهجوما غير مبرر على بعض الأفراد وأنا ضد تجهيل الخبر وإن كنت أعتقد أننا تجاوزنا هذا الأمر.. ولكن عموما جار الآن إصلاح الجريدة وسيفاجأ الجميع بالتطورات.

كم وصلت مبيعات جريدة الوفد الآن؟
لا أتذكر بالضبط.

حوالى.. بالتقريب؟
منذ حوالى 6 أشهر أعتقد أنها كانت 40 ألف نسخة.

وما هو عدد أعضاء الحزب؟
لا أعرف.

إذا كنت أنت سكرتير عام الحزب ولا تعرف من يعرف إذن؟
أخشى الحسد.

إذن العدد ضخم؟
ربما.

أستاذ منير إذا طالبت الحزب الوطنى بالشفافية فى المعلومات عليك أن تكون أنت أولا نموذجا للشفافية، وللمرة الخامسة أسألك: كم عدد أعضاء الحزب؟
المنتمون للوفد بالملايين.. فالذين هواهم وفدى، لا أستطيع حصرهم، ولكن المقيدين فى جداول الحزب حوالى 130 ألف عضو.

هل تعتقد أن محمود أباظة رئيس حزب الوفد يضع الحزب فى حرج خاصة أن شقيقه وزير فى الحزب الوطنى؟
لا إطلاقا فهذه العائلة منذ عام 1924، أى منذ أول انتخابات برلمانية اعتادت الاختلاف فى التوجه السياسى حتى بين الأشقاء، فأحمد أباظة والد محمود كان نائب رئيس حزب الوفد، وماهر أباظة كان وزير كهرباء وعضوا بارزا فى الحزب الوطنى، فهى مسألة عادية لديهم فى العائلة ولديهم قدرة كبيرة على استيعابها.

إذن ولماذا هو الوحيد الذى رفض الخروج مقاطعا جلسة مجلس الشعب الخاصة بمناقشة التعديل الدستورى ولماذا انقسم عليه أعضاء الهيئة البرلمانية الوفدية، ألم يقدم على ذلك حتى لا يحرج شقيقه؟
لا على الإطلاق.. فقد ترك أعضاء حزب الوفد الجلسة وتحالفوا مع الإخوان على مقاطعة الجلسات، وهذا ما رفضه محمود أباظة وقال لهم لن أخرج، وسأناقش المقترح مادة مادة وارجعوا للمضابط لتعرفوا الحقيقة.. وجلس أباظة وحيدا من دون كل المعارضة مصرا على أن الانسحاب ضعف وجبن، وقدم مقترحات وتعديلات على 34 مادة وقد وزعنا كل المقترحات التى تقدمنا بها على الصحف ونشرناها.. وما يقال من أنه خلاف بين الهيئة البرلمانية أو إنه تحالف مع الحكومة أو حرج من شقيق محمود، هذا كله كلام فارغ وعيب.

وماذا كانت نتيجة عدم المقاطعة هل أُخذ بمقترحات محمود أباظة؟
لم يقبل منها شىء ووضعت فى الزبالة.. هل تعتقدين أنه أصلا يوجد شىء عدل فى الدستور!.. ياسيدتى العزيزة البرلمان المصرى بعد مناقشات دامت 5 أيام على مدى 20 أو 30 ساعة كل ما استطاع أن يضيفه على مشروع مقترح التعديل المقدم من رئيس الجمهورية هو فاصلة.. عيب.. عيب.. نعم.. مجرد فاصلة ولا أقولها كناية عن قلة التعديل وإنما أقصدها فهم فقط وضعوا فاصلة لتوضيح جملة جاءت بعد أخرى.

هل أنت مع القول بأن مجلسى الشعب والشورى أصبحا مؤسستين تابعتين للنظام وليس مؤسستين تعبران عن الشعب؟
نعم، أؤيد ذلك 100% والسبب أن هيكل النظام هيكل أحادى.. رئيس الدولة هو رئيس الحزب المسيطر على مجلس الشعب أى «السلطة التشريعية»، وهو رئيس المجلس الأعلى للقضاء، بل على رأس السلطة التنفيذية أى أنه مسيطر على كل السلطات فى البلد.

سيطرته على السلطة التشريعية جاءت بالانتخابات وفوز حزبه بالأغلبية؟
تقصدين بالتزوير والاستناد إلى القوى الأمنية للحصول على الأغلبية.. أما أنا كحزب الوفد فليس لدى بوليس وأمن يساعدنى فى الفوز بالأغلبية.

الإخوان المسلمون ليس لديهم بوليس وفازوا بنسبة كبيرة؟
الإخوان لديهم منبر مؤثر وقوى يستخدمونه 5 مرات فى اليوم فى كل نجع وفى كل شارع وقرية، وأقصد الجامع.

لكنهم يشتكون أن الأمن يمنعهم من العمل السياسى فى الجوامع؟
تعالى أسمعك الجامع القريب من بيتى فى الزمالك والجامع القريب من مزرعتى لتسمعى فيم وكيف يتحدثون، طبعا خطبهم فيها السياسة المتدينة والدين السياسى.. ويصفون فى خطبهم ويلصقون كل الصفات التى تكتسب الشعبية لمريديهم. فالأمن غير مسيطر على كل الجوامع ولا وزارة الأوقاف مسيطرة.

هم أكثر تنظيما من كل أحزاب المعارضة فى مصر؟
نعم، بكل تأكيد.

أكثر شعبية من الأحزاب؟
نعم.. ولكن التواجد القوى فى الشارع بسبب التصاقهم به، وهذا الالتصاق ناتج عن الشعارات الدينية فأنا حزب ليبرالى وهم جماعة أيديولوجية.

رفعت السعيد قال لى إن حزب التجمع هو أقوى حزب معارض فى مصر رغم ضعف الجميع؟
رفعت صديقى ولكن الحقيقة أن حزب الوفد أقوى بكثير من حزب التجمع.

إذن فلتحصل أنت على لقب أقوى الضعفاء؟
نعم.

وكيف لك أن تقبل بهذا؟
لأنها الحقيقة.

وما سبب الضعف؟
الحصار والقيود والمنع من نزول الشارع، اطلبى من الأمن تصريحا لعمل مؤتمر فى الشارع بخلاف الحزب الوطنى وشاهدى ما إذا كانوا سيوافقون أم لا؟!. ما نحن فيه الآن إنجاز إذا ما قورن بحجم الضغوط والقيود.

ولماذا لا تدير مؤتمراتك بعيدا عن أعين الأمن كما يفعل الإخوان حتى تصل إلى الشارع؟
لماذا.. «أنا لست جماعة غير شرعية لأختبئ» أنا أقول رأيى فى وجه أى شخص أيا كان «أجعص جعيص» فأنا لا أستطيع العمل فى الخفاء.

والحل؟
سأستمر فى توسيع مساحة الحرية من خلال الصحافة.. وجريدة الوفد لعبت دورا كبيرا فى توسيع مساحة الحرية فى الإعلام.. حيث كانت هى الجريدة اليومية الوحيدة المعارضة فى مصر منذ عام 84.

هل لديك جرأة الاعتراف بأن مشكلات الحزب وأحداث البلطجة بين أنصار أباظة ونعمان جمعة أفقدت الحزب مصداقيته؟
لا شك أنها أثرت ولكنها على أى حال صفحة وطويت بلا رجعة وإن كان أباظة وأنصاره بعيدين كل البعد عن أعمال البلطجة، بل استخدمنا الرجوع إلى قواعد الحزب المتمثلة فى الجمعية العمومية للحزب، ولا أريد تذكير الرأى العام بهذه الأيام السوداء.

هل ما يصيب الوفد الآن كان بسبب لعنة تقدم نعمان جمعة للترشح لرئاسة الجمهورية؟
أعتقد أن تصرفات نعمان جمعة هى السبب، فنحن قاتلنا ليحقق رقما جيدا.. فهو أخطأ أخطاء فظيعة منها ما حدث فى بورسعيد والسب والشتائم التى تم تصويرها، وكانت تذاع كل أربع دقائق على قناة الجزيرة، فهو لم يكن مؤهلا ولا مستعدا للظهور بالمظهر اللائق بحزب الوفد وشعبيته آنذاك.

المشكلة أيامها كانت فى شعبية نعمان أم فى شعبية حزب الوفد نفسه؟
لا، شعبية حزب الوفد كانت فى أوج مجدها.

سؤال أخير أستاذ منير: من أتى بك إلى الوفد؟
نعمان جمعة فقد توسم فىّ النشاط السياسى والحضور وقد أثبت ذلك فى كل أنشطتى الحزبية وكنت رئيس هيئة برلمانية فعّالة ولى مشاركات جادة.

ولماذا انقلبت عليه؟
لأنه خرج عن الطريق الصحيح للحزب وأنا لم أنقلب عليه إنما طبقت لائحة الحزب وعدت إلى القواعد الحزبية أولا.

ومتى تنقلب على محمود أباظة؟
لا أعتقد أن هذا سيحدث لأننا على وئام ولدينا مناطق كثيرة نتفق حولها.

وماذا لو تم الخلاف فى وجهات النظر؟
سنتناقش للوصول إلى حل.. لكن فى حالة نعمان جمعة لم يكن يقبل بالنقاش.

◄الفتنة الطائفية
هل توجد فتنة طائفية فى مصر؟
ممكن. ولكن المؤكد أن هناك أناسا من الطرفين يشعرون بغضب شديد.

لماذا ؟
نتيجة بعض الممارسات الخاطئة فى الشارع، كأن يرفض مسلم أن يشترى من بائع مسيحى لأنه ليس على دينه أو يرفض أن يشغله لديه فى المصنع أو المحل والعكس من الناحية الأخرى، وطبعا ازداد الأمر توترا بوجود قنوات فضائية تُكفر المسيحيين وتحرِّض ضدهم.

قاطعته ولكن لنكن حياديين، هناك أيضا فضائيات مسيحية تتطاول على المسلمين؟
نعم.. لا أنكر ذلك فهى نشأت كرد فعل، والأمر غير مقبول من الطرفين. وأعتقد أنها ثقافة مستجدة على المجتمع المصرى، جزء كبير منها مستورد من الخارج عن طريق ما يقرب من 2 مليون مصرى يعملون فى الخارج خاصة الخليج.. وما تبعها من ظاهرة لم تكن موجودة من قبل مثل بيع الكاسيت المحرضة والتى تذاع فى التاكسيات والمواصلات العامة، ولا أستبعد على الإطلاق وجود رموز دينية متطرفة من الطرفين أسهمت فى تفاقم الإحساس بالطائفية. ولكن أعتقد أن النظام فى مصر يكرس للطائفية فلا يوجد قبطى واحد فى الأجهزة الرقابية الأمنية.. وهل يعقل ألا يوجد ولا قبطى عميد كلية؟! ولا قبطى رئيس جامعة؟ ولا قبطى فى جهاز أمن الدولة.. لماذا هل الأقباط ليسوا أهل ثقة؟!.

ما رأيك فى الحلول المطروحة من قبل الحكومة والحزب الوطنى؟
أجاب باستنكار وهل توجد أصلا حلول مطروحة!

والحل من وجهة نظرك؟
يجب إصلاح مناهج التعليم.. وأن يقوم إعلام الدولة بدوره الحقيقى بأن يتحمل مسئولية التوعية وطبعا تليفزيون الدولة غائب عن هذا الأمر تماما.

وهل مشكلات الأقباط فى مصر تستحق ما يفعله أقباط المهجر من استقواء بالخارج، خاصة أمريكا؟
ليس أقرب للمسيحى المصرى إلا المسلم المصرى والعكس، والمتغطى بأمريكا عريان
---------------
نشر في اليوم السابع، بتاريخ 28/11/2008
http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=53033

نبيل فهمي

:مبارك عرف مضمون كلمة بوش فى شرم الشيخ فغادر القاعة مبكراً
سفيرنا السابق فى واشنطن يكشف خفايا أزمات مصر وإدارة بوش
-------------------------
رانيا بدوي 27/2/2009
-------------------------

«فرح والعروسة جاية» هكذا اختصر نبيل فهمى، سفير مصر السابق فى واشنطن الفرحة الشديدة التى تعامل بها العرب بوصول باراك أوباما إلى الرئاسة فى أمريكا وعقدوا عليه كل الأمل فى حالة من الانتظار لما ستأتى به أمريكا من تغييرات وما ستقدمه لهم من حلول وكأن العرب دائما مفعول به.. ليس هذا فقط ما لفت نبيل فهمى الانتباه إليه فى التعامل مع أمريكا، إنما اكتشفت أثناء حوارى معه، أن هناك أمورا كثيرة فى صنع القرار الأمريكى غائبة عنا، ونفهمها أحيانا بشكل خاطئ ومغاير للواقع، فأمريكا ليست دولة مؤسسات فقط ،وإنما أيضا دولة رئيس، ليست دولة كونجرس فقط، إنما أيضا دولة جماعات ضغط، ولا يكون هناك قرار ضد مصر، إلا إذا توافقت جميع التيارات داخل الكونجرس عليه، ورغم أنه نادر الحدوث إلا أنه حدث فى 2007.. فى جلسة طويلة مع السفير نبيل فهمى فى منزله بجاردن سيتى، كشف جزءا من شهادته على مرحلة مهمة من تاريخ مصر الحديث، و9 سنوات من علاقة مصر بأمريكا.. شهدت توترات وخشونة، رغم كل ما يقال عن الحليف الاستراتيجى.

وتأتى أهمية هذا الحوار من أنه يجىء وسط أحداث مهمة تمس العلاقات المصرية الأمريكية، خاصة مع الحديث عن زيارة الرئيس مبارك لواشنطن بعد سنوات من الانقطاع، وربط البعض بين إطلاق أيمن نور من السجن كجزء من التمهيد لهذه الزيارة، مع توقعات بإعادة النظر فى ملف الدكتور سعدالدين إبراهيم، كجزء من عملية تمهيد الأرض لإعادة تنشيط العلاقات المصرية الأمريكية.

معالى السفير ما السبب الحقيقى وراء توتر العلاقات المصرية الأمريكية؟
ليس سببا واحدا، إنما تداخلت عدة أسباب مع بعضها وتزامنت، منها تعامل الإدارة الأمريكية مع مصر على أن لديها جميع الحلول لكل القضايا، ولا بد من الانصياع لها.
وتزامن ذلك مع بطء عملية السلام فى المنطقة، ورفض مصر للحرب على العراق، ولم يكن الأمر فقط يتعلق بالإصلاح السياسى ونشر الديمقراطية، والعلاقات الأمريكية طوال 25 عاما كانت جيدة وللأمانة، كان هناك دائما افتراض لحسن النية، وطالما اختلفنا مع الرئيس كلينتون ،أما الرئيس بوش، كان يرى أن الأصدقاء من الممكن أن يتفقوا ويختلفوا مع بعضهم بشكل علنى.. والدليل أن بوش جاء إلى مصر أكثر من أى رئيس أمريكى آخر، لذا لا أريد القول بأن العلاقات كانت متوترة لأنها فى النهاية قائمة المصالح.

ولكن لنقل إن العلاقات لم يكن فيها دفء، ووصلت إلى حد الخشونة فى التخاطب، فقد تحول النصح إلى شكل علنى، ولم تسمح مصر بأسلوب التخاطب الذى كانت تتبعه أمريكا من تجاوز للحدود، ومن هنا بدأ افتراض عدم حسن النية.

ولماذا وصل الأمر إلى الحد الذى رأيناه فى مؤتمر شرم الشيخ، وما حدث بين الرئيسين حيث لم يحضر بوش الكلمة الافتتاحية للرئيس مبارك، فترك الرئيس مبارك القاعة قبل بدء كلمة بوش؟
الرئيس بوش لم يحضر الكلمة الافتتاحية للرئيس مبارك، لذا كان طبيعى ألا يحضر الرئيس مبارك كلمته الافتتاحية.. وإن كنت أرى أنه كان يجب على بوش أن يحضر الكلمة الافتتاحية لرئيس الدولة المضيف.

كيف تضع نص كلمة بوش ضمن الاحتمالات.. وهل كان الرئيس مبارك على علم بمضمون خطبة بوش؟
نعم.. نص الكلمة كان عندى قبلها بحكم علاقاتى، وأبلغت بها الجانب المصرى، وكانت كلمة غير لائقة، وطلبت تعديل بعض الأمور فيها.. وقلت لهم إن هناك بعض الأمور من غير اللائق الحديث عنها، وستثير حساسيات وطلبت تغييرها.

وهل التزموا وعدلوا ما طلبه الجانب المصرى؟
عدلوا بعض النقاط، ولكن ليس الكل، وليس التعديل الذى كنت أتوقعه وللأمانة الكلمة كانت سيئة للغاية.

كنت شاهدا على الفترة التى أثير فيها تخفيض المعونات على مصر وربطها بالإصلاح السياسى.. فماذا حدث بالضبط؟
يجب أولا أن نفصل بين تعامل الإدارة الأمريكية مع المعونات، وتعامل الكونجرس.. فالكونجرس سجلوا تحفظهم على الإجراءات التى اتخذت ضد سعد الدين إبراهيم وقتها، ولكن لم يتخذوا أى إجراء بخصم مبالغ من المساعدات المقدمة لمصر، وكان الحوار بشأن سعد الدين إبراهيم يدور بشكل رسمى أحيانا، وبشكل علنى أحيانا أخرى. ولكن فى مرحلة ما، سعى الكونجرس لاتخاذ قرار باستقطاع جزء من المساعدات لمصر على أن تعطى لسعد الدين إبراهيم، وقد تحدثت مع بعض أعضاء الكونجرس بهذا الشأن معلنا رأيى ورفضى لقرارهم، كان رأيى أن القضاء هو الذى سيحكم فى قضية سعد الدين إبراهيم، إما بالإدانة أو البراءة ولن تتدخل الحكومة فى حكم القضاء، وقرار الكونجرس لن يكون مؤثرا ولن يفيد أحدا وسيكون قرارا غير سليم.. وتراجع الكونجرس بالفعل عن التفكير فى الأمر، أما فى مسألة أيمن نور، وبعد احتجازه ،أصدرت الإدارة الأمريكية تصريحا تسجل فيه اعتراضها.

إذن لماذا أثيرت فكرة تخفيض المعونات لمصر بهذه القوة؟ وهل تعتقد أنه نوع من التهويل الإعلامى؟
لا أستطيع أن أجزم أن كل ما نشر فى الصحف عن مسألة المعونة غير صحيح، ولكنه أيضا ليس كله صحيحا.كان هناك حديث بالفعل عن خصم جزء من المعونات، وكان ذلك لأكثر من سبب، منها قضايا الإصلاح السياسى، وقضية تهريب الأسلحة عن طريق الأنفاق إلى غزة، ومع هذا فى نهاية مرحلة المفاوضات داخل الكونجرس، والتى كنا داخلها ولكن من الخارج، بحكم علاقتنا المتعددة ببعض أعضاء الكونجرس، انتهى الأمر إلى ما سمى بالمشروطية، أى أنه ليس خصم جزء من المعونة، بقدر ما هو تأجيل لجزء من المعونات تدفع بعد التزام مصر بشروط معينة، وبعد إعلان رفضنا للأمر، أضافوا صيغة تسمح لوزير الخارجية الأمريكية بإغفال المشروطية إذا رأت أن تطبيقها سيمس بالأمن القومى الأمريكى، وصدر القرار ومعه هذا الاستثناء.

إذا كانت علاقتنا بالكونجرس جيدة كما تقول، لماذا تبنوا هذا التخفيض بهذه القوة؟
إذا ما قارنا الجبهات المعارضة لمصر داخل الكونجرس، لن تقارن بمؤيدى مصر والذين تربطهم علاقات جيدة بها، والكونجرس يحوى تيارات مختلفة ولا يكون الاتجاه بالكامل ضد مصر إلا إذا تحالف الجميع، وهذا من النادر أن يحدث، ولم يحدث هذا التحالف إلا فى 2007، حيث اجتمع مناصرو سعد الدين إبراهيم وأيمن نور مع من هم ضد مصر لموقفها الرافض للحرب على العراق، مع التيار شديد التطرف تجاه العرب لصالح إسرائيل، مع التيار الذى يرى وضع قوات دولية على الحدود المصرية مع غزة، ورفض مصر للفكرة.. هذا التحالف جعل الضغط فى مسألة المعونات قويا، ومع ذلك، كما قلت، لأن أمريكا تدرك جيدا حجم مصر فى المنطقة، وقيمة العلاقات المشتركة لم يتم خصم مليم من المعونة وانتهت الأزمة.

نأتى لمسألة العراق، وأنت شاهد عليها.. من اتخذ القرار؟ وكيف أبلغت مصر قبلها؟
أنا أرسلت لمصر تقريرا قبل دخول العراق بثمانية أشهر، أشرح لهم الوضع وأبلغهم بنية الأمريكان فى دخول العراق قبل أن يصدق أحد الأمر.

وماذا فعلت مصر؟
بدأت تتحدث مع الأمريكان وتحذرهم من خطورة الوضع.

وهل مصر كانت تعلم بأنه احتلال، وليس دخولا مؤقتا لإسقاط النظام ثم الخروج؟
نعم، وقد حذرناهم من مغبة ذلك، والرئيس مبارك تحدث إليهم كثيرا.

من الذى اتخذ القرار؟
الرئيس الأمريكى بلا شك، والكونجرس أعطيت له حجج غير صحيحة.

ولماذا العراق وليس أفغانستان؟
أفغانستان لم تكن مضمونة، فهى بلد ضخم، ولذا أراد البحث عن مكان آخر، والبعض ربط بأن الرئيس بوش الأب عندما، أخرج صدام حسين من الكويت لم يكمل المشوار، ومنهم ديك تشينى.. والبعض رأى أنه فى زخم الأحداث بعد 11 سبتمبر، كان يجب إعادة ترتيب البيت العربى وحتى تستطيع ترتيب البيت، يجب أن تهزه أولا.. وهو ما يسمى بالفوضى الخلاقة التى رأت الولايات المتحدة الأمريكية أنها تمثل الفرصة لهز البيت العربى لإعادة ترتيبه من جديد.

إضافة إلى المهاجرين العراقيين، ومن هم ضد العراق، والذين عانوا من صدام حسين معاناة شديدة، ومنهم أحمد شلبى وكان له علاقات قوية بالبنتاجون، وأمد الأمريكان بالمعلومات قبل الغزو.

ولماذا ليست سوريا أو ليبيا مادام يبحث عن إحدى دول الممانعة لينجز فيها نجاحا يعيد به ثقة الأمريكان بأنفسهم؟
يجب فى النهاية حتى ولو كان القرار صح أو خطأ، أن يتم إقناع الرأى العام الأمريكى به، إضافة إلى بيعه وتسويقه فى الخارج.. فكيف تقنعينهم بأن سوريا لديها أسلحة دمار شامل، وجبهة الجولان صامتة وهادئة منذ عام 75، فلن يصدق أحد ذلك، ثم إنهم يبحثون عن عمل أكبر.

إضافة إلى كون وجود رغبة فى نقل منطقة التوتر ونقطة الارتكاز من الوسط حول عملية السلام، ومشكلة فلسطين واسرائيل، إلى العراق حتى ينشغل العرب بالعراق، ولا يتحدثوا عن السلام، وبالتالى هذا فى صالح إسرائيل.فلا يعقل أن ينقلوها إلى سوريا أى إلى جانب إسرائيل مرة ثانية.

أمريكا ضربت العراق من القواعد العسكرية فى الخليج؟
كل شىء كان مكشوفا.. القوات دخلت للعراق من الكويت، والكويت معروف موقفها من صدام، ثم كانت هناك قاعدة فى السعودية، وتم نقلها إلى قطر، لكن لا أعرف بالضبط أى القواعد استخدمت فى الحرب على العراق ونقل الجنود.

وماذا كان موقف مصر بخلاف رفض الحرب؟ وماذا فعلت مع العرب؟
استضفنا قمة فى شرم الشيخ لتجنب دخول الأمريكان العراق، وبعد القمة مباشرة ذهب رؤساء وملوك الدول العربية، قابلوا كولن باول.

هذا يعنى أنه كان هناك تواطؤ وتوافق عربى لغزو العراق؟
بعض الدول العربية.. ولم يكن هناك توافق ثم هذا تاريخ لن يفيد.

ما هى محاولات الضغط الأمريكية على مصر التى كنت شاهدا عليها وفى أى مجالات؟
لاشك أنه كان هناك رغبة أمريكية فى عدم الرفض لدخول العراق.. إضافة إلى أنه طلب قوات دولية على الحدود مع غزة، حتى قبل أحداث غزة الأخيرة أكثر من مرة بحجة مراقبة الأنفاق، وما إلى ذلك ومصر رفضت بشدة كما طلب لكنه طلب من أعضاء الكونجرس وليس من الإدارة الأمريكية بشكل رسمى، ولكن أيضا طالما طلب من مصر استضافة قواعد عسكرية أجنبية على أرضها، والرئيس مبارك لم يوافق أبدا، ليس فقط مع الأمريكان، ولكن دول أخرى.

إلى أى مدى ترضخ مصر لطلبات ورؤى الولايات المتحدة الأمريكية؟
القرار المصرى نابع من الداخل أحيانا، والمواقف لا تختلف، ربما يتأثر مدى نجاح أو فشل الهدف بموقف الإدارة الأمريكية منه.

لكن مصر اختلفت مع الإدارة الأمريكية فى عهد الرئيس كلينتون على تجديد اتفاقية منع انتشار النووى، وخسرنا الموقف ورضخنا لرؤية الولايات المتحدة الأمريكية؟
نحن كنا أعضاء فى اتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية منذ عام 81، والخلاف الذى جرى بين أمريكا ومصر لم يكن فى مبدأ الاتفاقية لأننا من بادرنا بها، وجددها الرئيس مبارك فى بداية التسعينيات، ولكن الاختلاف فى عهد الرئيس كلينتون كان حول تمديد الاتفاقية، فأمريكا تريد تمديدها إلى الأبد، ونحن نرفض ونريد أن تكون لمدة 25 عاما وتجدد، فاختلفنا وكل طرف أصر على رأيه، وكان الخلاف هنا ليس بين أمريكا وايران، أو أمريكا والعراق، إنما أمريكا ومصر، وكانت خناقة وجلسنا نتفاوض طوال الليل، وكنت طرفا فى المفاوضات، فطلبوا أن نصيغ القرار الذى يناسبنا، فصغنا القرار ووضعنا فيه اسم إسرائيل فقال لنا عدد من الدول الأطراف فى المؤتمر، لا نستطيع أن نصوت على قرار منع انتشار السلاح النووى فيه إسرائيل بالاسم، وبعد مفاوضات شاقة وصلنا إلى صيغة أن تتبنى الدول الكبرى أمريكا وروسيا وانجلترا المبادرة فى مقابل عدم تسمية دول بعينها، وبالفعل الأمريكان والإنجليز هم الذين تبنوا القرار.

ولكن تم التوقيع على معاهدة أبدية؟
نعم، ولكن مصر كسبت أن يصدر القرار بتبنى الدول الكبرى فى قرار لأول مرة يخص المنطقة بالاسم. وقد طالب المؤتمر المنطقة بالكامل بمنع انتشارالأسلحة النووية.

ولكن لم يتم تسمية إسرائيل ولا إلزامها بنزع السلاح النووى؟
تمت مطالبة الجميع بالانضمام للاتفاقية، ونحن لم نكن ضد التمديد، فكما قلت نحن دخلنا الاتفاقية عام 81، ولم تكن فيها إسرائيل، وكل اهتمامنا كان يتركز فى دفع الدول الكبرى بمنع انتشار النووى فى المنطقة.. ثم أننا لم نكن نملك وقف عدم التصويت على القرار، ولكن لأن الولايات المتحدة تعرف أن مصر ستطلب التصويت ضد القرار الأول لأنه ناقص، وتسجل اعتراضها عليه وربما تنسحب، وبالتالى سينسحب معها بعض الدول، وأقول بعض وليس الأغلبية، لذا رأوا من المناسب أن تتم صياغة قرار بمنع الانتشار النووى، وتتبناه الدول الكبرى وليس مصر، ليكون برعاية دولية ورادعا لأى دولة.

من خلال معرفتك بالإدارة الأمريكية الجديدة هل أنت متفائل؟
العرب تعاملوا بفرحة شديدة مع تولى أوباما رئاسة البيت الأبيض وكأنه «فرح والعروسة جاية»، فى سذاجة لطيفة. المجتمع الأمريكى كان يريد التغيير، لذا اختار أوباما الذى يريد التغيير بدوره، وقد تحدث مرارا عن تغيير رؤية أمريكا للعالم، وصورتها أمام العالم، وسيغير السياسة الأحادية المبنية على تقدير الأمور من طرف واحد.. وسيفتح الحوار مع الجميع بما فيهم إيران، وكان خطابه تجاه المسلمين جيدا، فأوباما رئيس عمره 47 سنة، أمريكى من أصل أفريقى الأم أمريكية بيضاء، والأب كينى، كما أنه عاش جزءا من حياته فى أندونيسيا وجزءا فى هاواى، وتخرج من أعلى الجامعات الأمريكية وهذا يعنى تعدد ثقافاته، وذكر أوباما أن السلام فى الشرق الوسط فى مصلحة الأمن القومى الأمريكى، ولم يذكر كما كان من قبل أنه لحماية مصالح إسرائيل وهذه الرسالة قوية جدا.

إلا أنه يجب ألا ننسى أن أوباما فى النهاية رجل أمريكى، وليس عربيا، وهو سياسى وليس أكاديميا يؤمن بالمثاليات، فأنا ضد الإفراط فى التفاؤل بأوباما، ولا أحب أيضا أن ننغمس فى التشاؤم ونضيع الكارت الأساسى من أيدينا وهو المبادرة.

البعض يقول بأن السياسة الأمريكية واحدة، حتى وإن تغير الرئيس فهى دولة مؤسسات، وليست دولة أفراد؟
لا يوجد شىء اسمه الرئيس فى أمريكا ليس له قيمة، وإلا لوجدنا كل السياسة الأمريكية متطابقة طوال العهود المختلفة، وهذا كلام فارغ، ولكن أيضا الرئيس لا يستطيع أن يقلب المؤسسات رأسا على عقب فى يوم وليلة، لأن هناك قواعد وقوانين تحكمه، لكنه مؤثر، وإذا كان قويا يستطيع أن يوجه الإدارة والمؤسسات تجاه رؤيته، والدليل على سبيل المثال الرئيس نيكسون انتخب على أنه العدو الأول للشيوعية، ومع ذلك هو الذى فتح مع الصين، وأرسل هنرى كسينجر إلى باريس ليتفاوض مع الفيتناميين رغم ما بينهما من حرب، كذلك الرئيس ريجان الذى وصف الامبراطورية السوفيتية على أنها الامبراطورية الشريرة، ثم جلس مع رئيس السوفيت، واتفقوا على إنهاء سباق التسلح النووى بالكامل، إذن الرئيس يملك أن يغير السياسات واتجاهات الدولة.

معاونو أوباما؟
سيفعلون أكثر مما كان سيفعل غيرهمو وإذا ساعدتهم الأحداث سوف يحققون نجاحا، وإذا ساعدناهم نحن سينجحون، طبعا أقصد ساعدناهم فيما يحقق مصالحنا، وإن كان معاونو أوباما رجالا عمليين ويسعون للإنجاز بل ويتسم بعضهم بالتوازن، لكن لا أستطيع أن أجزم أنهم سيأخذون مواقف ستنجح بالضرورة فى كل مراحلها، ولكن ما أستطيع الجزم به هو أنهم ليس كل قراراتهم ستكون لصالح العرب.

كيف يمكن لمصر والعرب استغلال رغبة الإدارة الجديدة فى التهدئة والسلام فى المنطقة؟
لا توجد اتفاقية سلام بين العرب وإسرائيل خرجت من أمريكا، فكل مبادرات السلام خرجت من منطقة الشرق الأوسط، ولكن فى النهاية لا يوجد أيضا اتفاقية سلام بين إسرائيل والعرب لم توقع عليها أمريكا، لذا لا يجب إغفال الدور الأمريكى الهام، ولكن أيضا من الصعب أن ينتظر العرب دائما ما تمنحه الولايات المتحدة الأمريكية لهم، فالمبادرات أمر هام حتى وان لم ينفذ منها سوى 50 أو 60 % فهى فى النهاية أفضل من انتظار ما ستفعله أمريكا.. وعلى مصر أن يكون لها دور فى كل القضايا وأن تكون طرفا فى تحريك الأجندة، كما فعلها الرئيس السادات بعد حرب 73 وأجبر الجميع على السلام والجلوس للتفاوض.

حضرت مؤخرا مؤتمر ميونيخ للأمن الإقليمى، فهل كانت الدعوة رسمية وبأى صفة حضرت؟
لا، كانت بدعوة شخصية.. وكان يحضر المؤتمر ساركوزى، والمستشارة الألمانية ميركل، وجو بايدن، نائب الرئيس الأمريكى، وعدد من قادة الاتحاد الأوروبى.

ولماذا كنت العربى الوحيد فى المؤتمر؟
أمر غريب وأثار دهشتى، عندما فوجئت أننى الوحيد ولا أعرف السبب.

ربما لم يدع غيرك؟
دعك من هذا الكلام.

ربما تم دعوة عرب آخرين ولم يذهبوا؟
إذا لم يتم دعوة عرب إلى المؤتمر، فهناك شىء خطأ يجب البحث عنه فورا، أما إذا تمت دعوة العرب ولم يحضروا، فهى أنكى وأسوأ، خاصة أننى فوجئت بأن على لاريجانى كان موجودا وهذا يعنى أن المؤتمر الذى يتحدث عن الأمن الإقليمى تحضره إيران ولا يحضره العرب، أليس مثيرا للتساؤلات ويستحق منا التوقف عنده.

ولماذا تم حضور إيران رغم كل خلافلات أمريكا والاتحاد الأوروبى معها؟
الأمر ببساطة أن العالم رغم اختلافه مع إيران، إلا أنه مستعد دائما للحوار معها ولم يغلق الباب.

معالى السفير، لدى تساؤل خاص، فلتسمح لى به لماذا أنهوا مدتك قبل وصولك إلى سن التقاعد؟
أنا أصغر سفير فى التاريخ، حيث كان عمرى آنذاك 48 ،وكنت وزيرا مفوضا وكان قرار نقلى بعد 9 سنوات فى الولايات المتحدة الأمريكية سليما 1000 % فمكوث شخص 9 سنوات فى منصب واحد مدة طويلة جدا خاصة إذا كان خارج البلد، ثم أفضل توقيت لعمل التغييرات مع إدارة أمريكية جديدة.

ولماذا عدت إلى وزارة الخارجية بلا منصب، ولماذا لم يتم الاستفادة من خبراتك؟
أنا لا أسعى إلى المناصب، وأنا موجود ومازلت سفيرا فى الخارجية وإذا أرادوا مشورتى فى أمر ما سأعطيها لهم على الفور.

رشحت أكثر من مرة كوزير للخارجية؟
فرد مبتسما من رشحنى؟!
--------------------------------
نشر في اليوم السابع بتاريخ 27/2/2009

سامح عاشور

سياسات الحكومة فى منتهى الغباء
--------------------------------------
رانيا بدوي 29 ديسمبر 2008
-------------------------------------

نقيب المحامين لدورتين إلا عاما واحدا.. أبطلت الدورة الثانية له بحكم قضائى فكأنها لم تكن، وأصبح من حقه أن يترشح لدورة ثالثة فعليا لكنها ثانية قانونيا.. قيل إنها أبطلت من أجله خصيصا قرب انتهائها ليمكنوه من الجلوس على مقعد النقيب أطول فترة ممكنة.. فهو يمسك بالنقابة بيد من حديد، وهو أشرس خصم للإخوان المسلمين، يحسب على التيار الناصرى، كما يحسبه البعض على النظام.. يطرح نفسه كمعارض، لكن خصومه يتهمونه بتنفيذ أجندة الحزب الوطنى فى النقابة.. قابل الرئيس مبارك مرتين، ودافع عن الكاتب الصحفى إبراهيم عيسى فى دعوى الخصم فيها رئيس الجمهورية.. يرفض عقد محاكمة شعبية لسامح فهمى وزير البترول لبيعه الغاز لإسرائيل، ويتهم الحكومة بالغباء.. كل هذه المتناقضات يسبح فيها سامح عاشور الذى يخوض الآن معركة شرسة على مقعد نقيب المحامين.

قيل إن الدورة الثانية والأخيرة لك بحكم القانون أبطلت خصيصا من أجلك لتمكث أكثر من دورتين؟
هذا كلام سخيف لأن الدورة لم تبطل بدعوى منى ولا من أحد من أنصارى، إنما من الإخوان المسلمين، فمنذ نجاحى فى الدورة السابقة وهم يحاولون إبطالها، حيث طعن عدد من الإخوان على الحكم، وطال فصل النزاع عدة سنوات حتى تغيرت الدائرة ثلاث مرات وتم الحكم فى الأخيرة بالإبطال.

أليست هذه هى نفس الطريقة التى مكث بها أحمد الخواجة على مقعد النقيب 17 عاما؟
ظروف أحمد الخواجة مختلفة.. هو فعلا له دورة باطلة.. فآخر معركة انتخابية له كانت فى عام 89 ،وأبطلت عام 92 بحكم قضائى من محكمة النقض، ثم تعدل قانون الانتخاب الذى سمح بتشكيل لجنة قضائية تشرف على الانتخابات، وأجريت انتخابات جديدة وتم تشكيل مجلس جديد للنقابة، كان الخواجة على رأسه.. ولكن هناك فارق ولا يجوز المقارنة هنا.

هل تشعر أنك قدمت ما يستحق وما يكفى للترشح من جديد؟
بالمقاييس التى كنت أضعها لنفسى وأتمناها ،لا.. ولكن بالمقاييس العامة قدمت خلال السنوات السبع الماضية، عددا من الإنجازات أتحدى أى شخص أن يقارن ما قدمته بما قدم فى أى مرحلة سابقة، فقد قدمت إنجازات لم يسبق لها مثيل ولم تقدم من قبل.

فقد تم تعديل المادة 187 التى تمت بموجبها زيادة فى المعاشات تبلغ 12 مليون جنيه فى السنة، أى حوالى عشرة أضعاف ما كانت عليه من قبل، كما تمت زيادة ميزانية العلاج من 10 إلى 40 مليون جنيه، هذا بخلاف الأبنية والمصايف والأندية، التى بلغت تكلفتها حوالى 100 مليون جنية، كما أسهمنا فى توفير فرص عمل كثيرة ومحترمة للمحامين مثل المادة 60 التى توجب ضرورة استعانة الشركات والمؤسسات التجارية بمحام، كما أضيفت مساحة كبيرة من الديمقراطية من خلال تعديل عدد كبير من التشريعات.

ألا تعتقد أن الحديث الآن عن إهدار للمال العام، وتقرير للجهاز المركزى للمحاسبات بهذا الشأن، يؤثر على فرص فوزك هذه المرة؟
تقرير المركزى للمحاسبات يتحدث عن ملاحظات مالية وليس مخالفات مالية.

ماذا تعنى كلمة ملاحظات مالية؟
هذا الجهاز يستخدم ثلاثة معان فى تقاريره الخاصة بمراقبة المال العام فى الهيئات المختلفة، فإما يقول بوجود إهدار للمال العام، وهذه جناية أو مخالفة مالية تذهب إلى النيابة مباشرة، أو مخالفة مالية ويتعين على الجهة المعنية أن تتولى التحقيق فيها لإثبات الحقيقة، ولو تم التوصل إلى مخالفة مالية فعلا تذهب للنيابة، وهذا أيضا غير موجود فى التقرير، إنما التقرير تحدث عن ملاحظات مالية، فمثلا التقرير يقول إن النقابة أسندت بالأمر المباشر مبنى نقابة المعادى ونادى المحامين فى شبين الكوم لشركة ما، وهى تابعة للقوات المسلحة ومن غير المعقول وجود انحرافات فى التعامل

هل لديك الجرأة لنشر تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات فى الصحف؟
ليس لدى مانع.

إذن لماذا لم تفعل لتبرئة موقفك بدلا من أن تتحدث فى مؤتمر فى دمياط، وتنفى إهدارك مائة مليون جنيه؟
أولا حكاية المائة مليون جنيه هذه ليست منطقية، ورددت عليها بالفعل لأنها تعنى أننى استوليت على كل موارد النقابة دفعة واحدة والتى تصل إلى 110 ملايين جنيه فى السنة، فكيف إذن تصرف المعاشات والاستحقاقات والرواتب... إلى آخره، وعلى الجانب الآخر هذا غير منطقى لأن هذه الموارد لا تدخل دفعة واحدة.

أنت تدافع الآن عن حجم الرقم، وما إذا كان مبالغا فيه أم لا، أوليس إهدار جنيه واحد من المال العام جريمة؟
بالتأكيد.. لو عشرة قروش هى جريمة.

إذن برئ ساحتك وانشر التقرير؟
«ماينفعش».. لأنه محل تحقيق الآن من قبل النيابة.

وهل يعقل أن تحقق النيابة فى مجرد ملاحظات مالية؟
صمت برهة ثم أجاب: نعم فهناك بلاغات مقدمة من قبل عدد من المحامين، والنيابة الآن ترسل فى سؤالنا فنرد عليها ثم ترسل مرة أخرى وهكذا، فنحن مازلنا فى مرحلة سجال ،كما نرسل إلى الجهاز المركزى للمحاسبات ونرد على استفهاماته... وهكذا.

هل أنت مطمئن لنتيجة التحقيق؟
بالتأكيد، وأضاف منفعلا: لو أن هناك شخصا ثبت تورطه «ما يارب يروح النار».

هل بلغت كنقيب عن عدد من النقابات الفرعية تتهمها بالإهدار للجهاز المركزى للمحاسبات؟
لا.. أنا حققت معه بالفعل، وأقصد نقيب الجيزة، وصدر قرار بالإجماع بالتحقيق معه، وتم تشكيل لجنة من داخل النقابة، التى أصدرت قرارا يوجب عليه دفع الأموال التى حصلها، ودخلت خزينة النقابة الفرعية فى حين أنها تخص النقابة العامة.. وألزمته برد 27 مليون جنيه تخص صندوق المعاشات، وقد أكدت اللجنة ما جاء فى تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات، هذا بالإضافة إلى 7 ملايين جنيه مسلمة لمحامين دون إيصالات مرقمة، وبعضها دون إيصالات من الأساس، ملحوظة أخرى أنهم صرفوا للموظفين من 2003 إلى 2004 حوافز تفوق رواتبهم بحوالى 2 مليون جنيه.

بمناسبة التشريعات وما تحسبه أنت إنجازا.. البعض يشكك فى جدواه، فمثلا هناك مآخذ عديدة على تعديل قانون المحاماة ،حتى إنه سمى قانون سامح عاشور؟
تعديل قانون المحاماة كان ضرورة، والتقليل منه هو محاولة من خصومى للتقليل من الإنجاز.

لماذا أنت النقيب الوحيد تقريبا، الذى تقدم بمشروع تعديل قانون وُقبل؟
وهل ألام على كفاءتى!.

لا، ولكن يقال إنه مرر لعلاقتك الجيدة بالحكومة من ناحية، ولأنه على هوى النظام من الناحية الأخرى؟
هذا غير صحيح، فأولا هذا القانون لا يخدم النظام فى شىء.

لكنه يزيد من قبضتك على النقابة ليحجم الإخوان؟
غير صحيح.. ثم ثانيا قبول القانون ليس لعلاقة جيدة بينى وبين الحكومة، إنما هو ذكاء من الحكومة.

هذا يعنى أن الحكومة غبية برفضها مشاريع القوانين المقدمة من باقى النقابات؟
أولا أنا نقيب المحامين، ولا علاقة لى بباقى النقابات.. ثم إننى لا أخاف من الحكومة.. نعم الحكومة غبية إذا رفضت أى إصلاحات، فهى تبدو فى سياسات كثيرة فى منتهى الغباء، وأنا أختلف معها فى العديد من سياساتها، ولكنها إن أحسنت التصرف فى أمر ما، حتى ولو بنسبة ضعيفة سنقول لها شكرا، ولكن هذا لا يعنى أن كل شىء على ما يرام، وإذا كانت هناك إصلاحات يجب أن تنفذ فى باقى النقابات وترفضها الحكومة فيجب أن تحاسب فورا.

لماذا البند الأول من المادة الأولى من قانون المحاماة كان أكثر المواد التى ثار بشأنها جدل؟
لأنها المادة الانتقالية وقد تم حذفها، وهى التى اجتمعت فيها الحكومة مع المعارضة على رفضها.. وكانت تتحدث عن أن آخر مجلس نقابة منتخب هو الذى يدير نقابة المحامين حتى تجرى الانتخابات بدلا من اللجنة القضائية المنصوص عليها فى المادة 135 مكرر من قانون المحاماة.. وهى المادة التى تستقدم القضاة على رأس نقابة المحامين ويجب أن تزال.. لأنها إهانة للمحامين وقدراتهم وتفرض الوصاية عليهم، ثم إن مثل هذه القوانين تزرع الفتنة بين القضاة والمحامين.

ولكنها هى المادة التى إن ظلت دون حذف كانت ستفتح أمامك الباب لإدارة النقابة لحين موعد الانتخابات، وبالتالى تستطيع أن تسيطر على الموقف بشكل يخدم شعبيتك كمرشح فى نفس الوقت لدورة جديدة؟
ليس عيبا فى أننى نقيب آخر مجلس منتخب، ولا هو أيضا عيب فى النص إنما العيب فيمن يريد أن يستبعد النص الصحيح من أجل سامح عاشور.

إذا كان هذا هو الصحيح، لماذا قبل الرئيس مبارك تمرير القانون وطلب رفع هذا البند بالذات؟
أعتقد أنه لم يكن يريد أن تثار أزمة دستورية حول قانون الأهم فيه هو موضوعه، وهذا شىء لم يغضبنى بل أسعدنى.. الرئيس مبارك كان مقتنعا بالقانون ولولا توجيهاته لم يكن ليتعاطف أحد مع القانون ولا أقدم أحد على تمريره.

وما الذى أقنع الرئيس؟
اقتنع أن النقابة مؤسسة وطنية وهى جزء من المجتمع ولها استحقاقات ومن حقها أن تحدث الإصلاحات التشريعية ما دامت لا تتعارض مع الدستور ولا قوانين الدولة، لأن هناك وجهة نظر سائدة عن نقابة المحامين بأنها حزب معارض فى الدولة ويجب التعامل معها على أنها مناوئة.

البعض قال إن زكريا عزمى والدكتور فتحى سرور وقفا أمام مرور مشروع تعديل القانون؟
ابتسم ابتسامة غامضة ثم أجاب: سمعت هذا الكلام ولكن ليس لدى دليل على صحته.

هل تعتقد أن مقابلة الرئيس مباشرة تحدث فرقا شاسعا فى تفهمه للأمور أكثر مما إذا ما نقل عن طريق وسيط؟
نعم لأنها كلها حواجز ومصافٍ فى الطريق.

هل مقابلة رئيس الجمهورية سهلة؟
السهل الممتنع.

كيف تقابلت إذن مع الرئيس؟
أول مقابلة كانت وأنا فى مجلس الشعب وكان هناك احتدام فى مناقشة رفع تذاكر السكة الحديد، ووجدت الرئيس يتصل بى فى مساء نفس يوم الجلسة وناقشنى فى الكلام الذى قلته فى الجلسة، وأثناء النقاش طلبت منه المقابلة. أما المقابلة الثانية فكانت بعد فوزى فى انتخابات 2001 بمقعد النقيب و هنأنى بالفوز فطلبت منه المقابلة وقابلنى بالفعل.

ما الذى يمكن أن يستفز الرئيس للاتصال بشخص ما؟
بحسب اهتمامه بالتفاصيل.

أعود مرة أخرى لقانون المحاماة لماذا عدلت القانون بلجنة ثلاثية وليس بجمعية تأسيسية وبمعنى آخر لماذا لم تستشر كبار المحامين فى مصر فى بنود التعديل؟
أولا أنا أقمت أكثر من لجنة استماع وعددا من المؤتمرات لمناقشة التعديلات وفى آخر مؤتمر حضر 60 ألف محام.

وهل هذا كاف، وهل يمكن أن تذكر لى مَن مِن المحامين الكبار وافقك على التعديل؟
المحامون الكبار فى مصر كثيرون ولا أستطيع حصرهم.. ثم يا سيدتى أنت تتحدثين مع نقيب المحامين فأنا من قدمت مشروع تعديل القانون.

ما سبب مشاكلك مع عدد من النقابات الفرعية خاصة سوهاج والقليوبية والجيزة؟
اسأليهم.. ثم اسمحى لى فأنت معلوماتك قديمة فى هذا الموضوع لأنه الآن لا توجد مشاكل ولا عداء ولا نقد لى من قبلهم فقد كان هذا فى مرحلة زمنية معينة وقد انتهت.

وهل تعتبر رفضهم لتعديل قانون المحاماة على النحو الذى قدم عليه فى الثلث الأخير من هذا العام معلومات قديمة؟
اثنان منهم اعترضا بالفعل على القانون ولكن ليسوا الثلاثة ثم إن نقيب الجيزة المشكلات معه قائمة لأسباب عديدة منها التحقيق معه كما ذكرت من قبل.

يقولون إنك لا تحقق فى البلاغات المقدمة إليك بشأن معاونيك والتى تحمل اتهامات بمخالفات مالية؟
لقد أحلت موظفا إلى النيابة العامة لأنه أتى يريد تحصيل شيك باسم آخر لصالح معهد ناصر.

متى؟
منذ حوالى ثلاث سنوات.

ومن وقتها لم يحدث أى مخالفات مالية؟
لا.. ثم لا تنسى أنا نقيب المحامين فعلا ولكن حتى لو حدث أى فساد مالى كما يروجون، وقتها لن يتم ذلك إلا إذا كنا نتواطأ أنا وأمين الصندوق وهو إخوانى والمدير المالى والإدارى للنقابة وهذا غير منطقى.

لكنه منطقى إذا ما كانت النقابة تدار بشكل مركزى ومن خلالك مباشرة مع تهميش كل المناصب الأخرى؟
هذه هى حجة البلداء، وأعداء سامح عاشور.. فالقرارات تتخذ جماعة بقرار مجلس النقابة بكل تياراته.

كيف يتخذ القرار فى حالة اختلاف أعضاء مجلس النقابة حوله أيتم ذلك بالتصويت؟
نعم.

ولكن المجلس يتهمك بأنك تلغى التصويت فى قرارات عديدة؟
غير صحيح.. ولكن ليس كل الأمور تحتمل التصويت.

وما الذى يحدد؟
هناك قوانين تحكم النقابة.

لمرة ثانية ألم تمرر أى قرار بدون تصويت؟
رد منفعلا لو تركت الأمر للتصويت سأتحول أنا إلى مجرد كاتب أو موقع لأن الإخوان هم الأغلبية.

ولكنها الديمقراطية.. فلنتحملها حتى فى مرها؟
الديمقراطية أن يوافق الجميع على القرار وليس الأغلبية، المحامون انتخبوا 24 عضوا وليس 14 عضوا فقط ففوضونا جميعا لإدارة النقابة ولا نستطيع أن نهدر حق 11 عضوا وليس من حق 14 أن يجلسوا 11 فى المنزل.

هم أغلبية وقد قبلت بنتيجة الانتخابات؟
لم أتلق إجابة واضحة.. ودخلنا فى جدل طويل.

ألهذا اخترعت زيادة 3 وكلاء آخرين يتبعونك للتغلب على أغلبيتهم خرقا لما هو معتاد عليه؟
تقصدين اخترعنا.. فهو حل توافقى بيننا جميعا لتسيير الأمر لأننا كنا قد وصلنا إلى طريق مسدود ولم نتفق على تشكيل هيئة المكتب.

عينت اثنين واخترت واحدا منهما وهو منتصر الزيات رغم أنه غريمك فلماذا؟
لأنه كان الأكثر استعدادا لقبول المنصب.

وليس الأكثر كفاءة؟
لا ليس بالضرورة.

كيف تجلسون على طاولة واحدة لإدارة النقابة وبينكم كل هذه الصراعات؟
نجلس ونتناقش.

هل يحدث أى تطاول؟
أحيانا وغير متذكر ممن على من حتى لا تحاولى معرفة أى تفاصيل.

هذا يعنى أنك أحضرت ثلاثة بخلافك إلى جانب أربعة منهم لتتحكم أنت فى تمرير الأمور التى تريدها؟
لا اثنين ونصف فقط فى مقابل 4 على اعتبار أن منتصر اختيارى أنا ولكنه منهم فى النهاية.

لماذا لم تكرر تجربة مجلس الشعب بعد نجاحك لدورة وفشلك فى الثانية؟
أنا أُسقطت من قبل الحكومة ولم أفشل وهو فصل لا أريد تكراره مرة ثانية.

وما الإغراء فى معركة طاحنة فيها كل التيارات السياسية على مقعد النقيب وما الفرق بين مقعد فى البرلمان ومقعد النقيب، وكلاهما خدمى سياسى؟
موقع النقيب لا يعادله موقع لا عضو فى البرلمان ولا وزير ولا حتى رئيس وزراء.. فهو أمر يزيدنى فخرا أن أكون محل ثقة جميع المحامين فهذا أمر لا يقدر بمال.

ثقة الأهالى وأبناء الدائرة أيضا لا يعادلها قيمة؟
بصراحة كده.. الديمقراطية لا تتجزأ، ففى مجلس الشعب العملية الديمقراطية فى يد الحكومة، أما فى نقابة المحامين العملية الديمقراطية فى يد المحامين.

ما الحالة التى ربما يفشل فيها سامح عاشور فى الإنتخابات؟
التزوير المباشر، وهذا غير وارد وأستبعده بنسبة 99.9 %.

ألم تستخدم أبدا فى قضية سياسية؟
هذا كلام غير محترم ولا يجوز لمحام أن يكون مستخدما فى صراع سياسى، ولا يجرؤ أحد أن يطلب منى ذلك.

كيف تستطيع أن تسير على الحبل دائما دون أن تسقط؟
امشى عدل سياسيا يحتار عدوك فيك، فليس بالضرورى أن أكون معهم إذا لم أقتنع.

أنا غير راض عن مستوى مهنة المحاماة

هل أنت راض عن مستوى مهنة المحاماة؟
لا.. وقد حاولت الارتقاء بها ولكن بشكل غير مرض لى.. لذا طالبت بأنه يجب أن تكون هناك معادلة علمية لمعهد المحاماة وما يمنحه من دبلومات بنظيرتها فى الجامعات المصرية حتى يكون له المصداقية، كما حاولت فرض شروط للقيد فى النقابة حتى لا تتحول إلى ملجأ لمن لا مهنة له فللأسف 99 % من طلبة كلية الحقوق ذهبوا إليها إجباريا لضعف المجموع وليس حبا فى دراسة القانون، إضافة إلى أنه ليس كل من يحمل كارنيه نقابة المحامين يعمل بها.
ولكن كانت هناك أولويات منها زيادة الموارد لتحسين الأوضاع المالية للمحامين، والتى طغت إلى حد ما على الاهتمام بمستوى المهنة ولكننى أنوى ذلك لو وفقت فى الدورة القادمة.

وما هو سر عدم تمسكك بقيود القيد فى النقابة؟
الضغوط التى تمت ممارستها علىَّ إلى جانب ضيق الوقت لأن المشروع كان يجب أن يخرج سريعا قبل انتهاء الدورة البرلمانية.

وما سر معارضة هذا الأمر؟
للأسف اكتشفت أن أغلب أبناء نواب مجلس الشعب طلبة أو خريجو كليات الحقوق وتمسكى بضرورة حصول المحامى على دبلومات علمية رأوه عائقا أمام أبنائهم ومعوقا للانضمام للنقابة.

فى التوقيت الذى أقمت فيه محاكمة شعبية لشارون وبوش رفضت استقبال عزاء صدام حسين ومحاكمة شعبية لسامح فهمى لبيعه الغاز لإسرائيل وأغلقت باب النقابة بالسلاسل عندما أرادوا وقفة تضامنية مع أيمن نور؟
المواقف الوطنية والقومية للنقابة واضحة ومستمرة فنحن كنا أول من رفض احتلال العراق وأول من رفض بيع بنك القاهرة وأنا ضد بيع الغاز لإسرائيل سواء غال أو رخيص وقد أعلنت كل مواقفى ولكننى أيضا لست سرادق عزاء ولا شادرا يلجأ إليه كل من يريد عمل وقفة احتجاجية أنا نقابة محترمة، التعامل معها له أصول
----------------------------------
نشر في اليوم السابع بتاريخ 26/12/2008
http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=5853226

محمد الدكروري

المستشار القانونى لمؤسسة الرئاسة سابقا وأحد أبرز صناع القوانين:
تعطيل إلقاء القبض على خلية إرهابية لحين الانتهاء من الإجراءات القضائية « غير معقول»
------------------------------------------
رانيا بدوي 14 نوفمبر 2008
------------------------------------------

بعد التأكيد على أنه أحد أهم خبراء صياغة القوانين فى مصر، وأحد أهم المستشارين القانونيين ليس فقط لمجلسى الشعب والشورى، إنما لمؤسسة الرئاسة أيضا بل أحد أهم المشاركين فى صياغة آلاف القوانين التى حكمت مصر خلال خمس وعشرين عاما ماضية.. سألته ونحن نرتشف فنجان القهوة الساعة التاسعة صباحا قائلة: سيادة المستشار هل أنت راض عن كل القوانين التى شاركت فى صياغتها فأجاب: نعم وبنسبة 100 %.. ألم تشعر أبدا بالندم؟ لا إطلاقا.. ألم تشعر حتى بالخطأ؟ أحيانا يحدث أخطاء فى تطبيقات القانون، لم يكن لأحد أن يتخيلها وقت صياغة القانون، ولكنها ليست عيبا فى القانون نفسه. أتنام مرتاح البال على سريرك كل ليلة وأنت صانع لكل هذه القوانين المكبلة للحريات؟ أنا راعيت الله وضميرى طوال سنوات عملى فى هذه المهنة.. ألا يضيرك ما يقال عن كونك ترزى قوانين لصالح السلطة؟ أنا محترف فى هذه المهنة لأننى أجيد التصرف، ولدى حلول لكل الأمور وهذا دليل على كفاءتى وليس أمرا يؤخذ ضدى.. المهم أننى أراعى ضميرى...فقلت له إذن فلنبدأ الحوار.. حوار ينطلق من أن القانون العادل يحقق العدالة والقانون الظالم يظلم الناس حتى إن استقل القضاء.

◄ كيف تصاغ القوانين فى مصر؟
خط السير العادى.. الجهات المعنية التى تريد صياغة قانون ما لتنظيم أمور لديها تتقدم بصياغة مشروع قانون عن الموضوع التى تريده. ويعرض بالترتيب على وزارة العدل حيث قسم التشريع بمجلس الدولة، ثم اللجنة الوزارية برئاسة الدكتور مفيد شهاب، وعندما يصبح المشروع جاهزا للمناقشة يوضع على أجندة مجلسى الشعب ثم الشورى، ويتم تباحثه من قبل اللجنة التشريعية بمجلس الشورى ثم الشعب، ثم يتم التصويت عليه فى النهاية من قبل الأعضاء، ويتم اعتماده من قبل رئيس الجمهورية لقبوله أو الاعتراض عليه.

◄ كل ما ذكرته عن الجهات التى تدرس القوانين أو حتى تقرها اختلطت فيها السلطة التشريعية المتمثلة فى مجلسى الشعب والشورى بالسلطة التنفيذية المتمثلة فى وزارة العدل وحق الرئيس فى الموافقة أو رفض قانون؟
السلطة التنفيذية من حقها إبداء الرأى والتعاون من خلال خبرائها ولكن القرار فى النهاية لمجلس الشعب، أى السلطة التشريعية فهذه هى مسئوليتها الدستورية.

◄ وكيف للسلطة التنفيذية أن تتدخل فى عمل السلطة التشريعية بالقبول أو الرفض؟
هذا حقه الذى منحه له الدستور باعتباره رئيسا للجمهورية وليس باعتباره رئيسا للسلطة التنفيذية.

◄ فى أى مرحلة يتم أخذ الرأى العام فى الاعتبار قبل إصدار القانون واعتماده؟
عندما يكون هناك مشروع يهم جهة معينة يأخذ رأيها من خلال جلسة استماع فى مجلس الشعب، فإذا كان القانون يخص الأحزاب مثلا نستمع إليهم، وإذا كان يخص الجامعة نستمع للقائمين على الجامعات وهكذا.

◄ وماذا لو كان القانون يهم الرأى العام وليس جهة بعينها مثل قانون الإرهاب؟
أجاب متهكما يعنى إيه الرأى العام؟! يعنى أعمل إيه؟! أمسك واحد واحد أساله عن القانون.

◄ ولم لا.. وليكن عن طريق عينات عشوائية يتم استطلاع رأيها من خلال استمارات استبيان؟
هذا كلام غير معقول وغير منطقى.

◄ ما هى آخر تطورات مشروع قانون الإرهاب؟
قانون الإرهاب ما هو إلا تنظيم قانونى المقصود به مكافحة الإرهاب وهذا لا يعنى النيل من حرية الرأى ولا الأفراد و...

◄ قاطعته: حسب صياغة القانون؟
وأنا أضع قانون لمكافحة الإرهاب يجب أن أضع فى اعتبارى خطورة وفظاعة الجريمة الإرهابية.. ولا يمكن التعامل معها بنفس إجراءات وطرق التعامل مع جريمة سرقة أو نصب أو حتى قتل.

◄ قانون العقوبات به عقوبات على الجريمة الإرهابية فلماذا قانون ثان؟
أشكرك على إثارة هذه المنطقة فبالفعل قانون العقوبات به عقوبات على الجريمة الإرهابية، لكن هل يعقل أنه عندما يكون لدى معلومات بتفجير كوبرى أكتوبر مثلا أنتظر وقوع الجريمة ثم أوقع العقاب أم يكون لدى قانون لمنع الجريمة قبل أن تحدث.

◄ لكن محاولة المنع بالطريقة الموجودة بالقانون بها الكثير من تقييد حريه الناس وانتهاك خصوصيتهم؟
الخوف من القانون فيه كثير من المبالغة، القانون يضع ضوابط التدابير التى تتبع فى مثل هذه الظروف التى هى استثنائية على أى حال.. ولا يجب أن يفزع أحد من هذا القانون سوى الإرهابى أو من يريد أن يصبح إرهابيا.

◄ ألن يستخدم هذا القانون بتدابيره الاستثنائية بشكل خاطئ من قبل أى جهاز أمنى كوضع شخص ما له نشاط سياسى تحت المراقبة والتنصت على هاتفه بدعوى الشك فيه؟
ما الذى سيحدث حتى إن تم التنصت عليه.. النتيجة أنهم لن يكتشفوا شيئا.. فكأن شيئا لم يكن.

◄ سيحدث انتهاك للخصوصية؟
يا سيدتى ليس هناك مشكلة المهم الصالح العام.. من أجل منع جريمة إرهابية يجب الوصول إلى تدابير غير عادية والأمر كله يتم فى وجود ضوابط، فهى إجراءات تتم تحت إشراف قضائى.

◄ ولكن حتى الحصول على إذن القضاء الذى تتحدث عنه جاء فى مشروع القانون كإجراء تال لعملية القبض على الإرهاب وليس لاحقا؟
ليس من المعقول أن أعطل عملية الكشف أو إلقاء القبض على خلية إرهابية لحين الانتهاء من الإجراءات القضائية «تكون الدنيا ولعت».

◄ ألا يعد مشروع قانون الإرهاب فى حد ذاته ضد الدستور واختراقا للمواد 40، 41، 45 التى تكفل الحريات؟
الدستور يقول بأنه أثناء مواجهة ضرورة خطر الإرهاب لا تتقيد بهذه المواد وذلك كله تحت رقابة القضاء.

◄ استمرارا للحديث عن قوانين إحكام قبضة النظام تأتى التعديلات التى أجريت على قانون استقلال القضاء والتى وصفت بأنها جعلت القضاء غير مستقل على الإطلاق فما تعليقك؟
«عمر ما حد قال كده».. قانون السلطة القضائية قانون فى منتهى الكفاءة.. إذا كان هناك بعض اختصاصات لوزير العدل فهى فى حدود المسائل الإدارية نحن لدينا قضاء شامخ ولا أحد يستطيع أن يتحدث عن القضاء فى مصر، فالقضاء يتمتع بالحصانة والحيدة.

◄ قوانين تصنع بين يوم وليلة، فى حين أن قوانين أخرى تظل حبيسة الأدراج فى المجلس لسنوات طويلة؟
عندما يكون القانون مكونا من مادة واحدة مطلوب منى أعمل إيه؟ أعطله بالعافية.

◄ ما الذى يحدد طول أو مدة صياغة القوانين؟
أهمية القانون والأجندة التشريعية.

◄ ما هو سر تأخير النظر فى مشروع قانون بناء دور العبادة الموحدة؟
لا يوجد قانون بهذا المسمى.

◄ بل يوجد وقد تقدم به المستشار محمد الجويلى؟
الجويلى لم يتقدم بمشروع إنما هو مجرد اقتراح بمشروع قانون تقدم به للجنة الاقتراحات والشكاوى، ويدرس الآن داخل اللجنة ولم يتم الانتهاء من إعداده بعد.
وحتى يتم وضعه على الأجندة لابد أن يمر بمراحله الدستورية العادية

◄ أليس التقليل من الشحن بين المسلمين والمسيحيين مسألة ملحة؟
نحن من نقوم بهذا الشحن ونرسخه.. أنا أريد شخصا منصفا يسير فى الشوارع الرئيسية والفرعية فى جميع عواصم جمهورية مصر من شمالها لجنوبها ومن شرقها لغربها، ولا يجد كنائس أو جوامع.

◄ هناك صعوبة حقيقية فى الحصول على تراخيص بناء كنيسة.. هذه هى الحقيقة التى يعلمها الجميع؟
كان فى البداية يتم بناء الكنائس طبقا لنظام قديم يسمى بالخط الهمايونى فكان أى ترميم أو تعديل فى كنيسة يتطلب إصدار مرسوم من الوالى، ولكن هذا النظام تم تغييره، وأصبح أى تعديل أو ترميم فى أى كنيسة يأتى بقرار من المحافظ وأصبح بناء كنيسة فقط بقرار من ولى الأمر.

◄ أليس هذا فى حد ذاته تفرقة طائفية.. وهل يبنى الجامع بقرار من الدولة؟
هذا الأمر له أسباب تاريخية بعيدة ومستمرة منذ سنوات طويلة.. وليست مجالا للنقاش الآن.

◄ لو تحدثنا عن قانون مثل قانون المرور الذى صدر فى الدورة السابقة يحوى عقوبات مشددة ربما يصبح معها الشعب المصرى كله مجرما؟
من يخشى القانون عليه الالتزام.

◄ يعنى عندما لا يكون لدينا رفاهية أن أركن صف أول، والشوارع مكتظة عن آخرها، واضطر البعض للصف الثانى هل يعقل أن يدفع الشخص غرامات تصل إلى 500 جنيه، وأحيانا ألف بل ثلاثة فى حالات أخرى وربما راتبه لا يتجاوز نصف هذا الرقم؟ هذا بخلاف النص بالسجن فى بعض المخالفات! ألا تشعر أنه قانون غير قابل للتنفيذ من ناحية، ولا يراعى البعد الاجتماعى من ناحية أخرى؟
كل العقوبات تتناسب مع الفعل وتعريض حياة الناس للخطر ليس بالأمر الهين.. أليس من يهدئ السرعة على مطلع أو منزل كوبرى يمكن أن يؤدى إلى حوادث، ومن يسير عكس الاتجاه يمكن أن يحدث كوارث؛ لذا من الطبيعى أن تكون العقوبة هى السجن كذلك السير عكس الاتجاه.ثم إن البعض أصبح يستسهل فكرة الركن صف أول وثان وثالث، وهو ما يعطل الجميع عن أشغالهم.

◄ ولماذا لا تحل مثل هذه المشكلات من جذورها بالسعى للمدن الجديدة لتخفيف الضغط على العاصمة، بدلا من التجريم طوال الوقت؟
هذا ما نفعله بالفعل بالتوازى مع القوانين، ففى قانون البناء الجديد على سبيل المثال هناك اشتراطات لعمل جراجات لكل الوحدات السكنية.. وإعادة الجراجات التى استخدمت لأغراض أخرى لاستيعاب أعداد السيارات المهولة فى شوارع القاهرة.
لكن علينا أيضا أن نضع فى الاعتبار حالة الاستهتار فى الشارع المصرى التى تعرض أرواح الناس للخطر، وبالمناسبة كان هناك فترة فى حياة المصريين يسير فيها الشارع المصرى «زى الألف».. إذن الانضباط ممكن.

◄ فى أى عهد تقصد؟
وزير الداخلية السابق أحمد رشدى.

◄ وما الذى حدث الآن ومن المسئول عن هذه الفوضى؟
الجميع مسئولون.. لذا يجب أن يطبق القانون بحزم.. مع بعض المرونة.

◄ مرونة يقدرها ضابط المرور؟
نعم.

◄ وخطأ يقدره أيضا ضابط المرور؟
نعم أمر طبيعى.

◄ وما الذى يضمن لى عدم سوء استخدام الضابط لصلاحياته؟
كل شىء وارد ولكن فى النهاية هذا شىء جيد أن يكون هناك سوء استخدام من البعض يقابله مرونة من ضباط آخرين هذا ما أعنى به مرونة القانون.

◄ هناك حالة من تعزيز موقف رجل الأمن فى أغلب القوانين على حساب المواطن كأن ينص قانون المرور على تجريم أى شخص يعتدى على ضابط فى حين لم يشر لا من قريب ولا من بعيد لتجريم الضابط الذى يضرب السائقين ويستفزهم بألفاظه وطريقة تعامله؟
هو أيضا فعل مجرّم بحكم القانون العام، ولكن هنا أنا أشدد العقوبة على من يعتدى على الضابط لأنه لا يجب مساواة الاثنين ببعضهما «الضابط والمواطن» فالضابط فى الشارع هو رمز النظام وأى اعتداء عليه يعد اعتداء على هيبة النظام.

◄ لكن دائما مجلس الشعب يقال إنه يمرر القوانين على هوى الدولة بحكم وجود الأغلبية تحت القبة؟
وهل الديمقراطية التى تريدونها أن ألغى كل ما تعترض المعارضة عليه وأوافق على ما توافق عليه رغم أنها القلة.

◄ وهل رأى الأغلبية فى مجلس الشعب يعبر عن حاجة الشعب والشارع المصرى؟
المفروض كده

◄ لو انتقلنا إلى قانون منع التظاهر فى دور العبادة، البعض يقول بأنه فصل خصيصا لجامع الأزهر؟
وهل من الطبيعى أن نعرض مساجدنا للتجاوزات التى تحدث من حرق للأعلام والتخريب وجعل الجامع ساحة لتصفية الخلافات السياسية وكل أنواع المظاهرات.. هل هذا يليق بقدسية بيت الله.

◄ عودة للحديث عن التشريعات.. ألا تعتقد أن كثرتها وكثرة التعديلات عليها تسبب أزمة فى سير العدالة؟
هذه الأزمة ترجع جذورها لأيام الثورة حيث هذا الكم اللانهائى من التشريعات التى كانت تصدر بسهولة مطلقة ولم يكن الأمر يحتاج سوى لقرار من مجلس قيادة الثورة أو قرار من رئيس الدولة، أما الآن فالمسألة أصبحت منظمة أكثر وتأخذ مراحل عدة.. لذا لدينا محاولات دائمة للتعديل والتنقيح والدمج لتقليل هذا العدد.. حيث تم تشكيل لجنة قومية لتحديث التشريعات.

◄ وهل يلاحق القضاة هذه التعديلات والقوانين الجديدة؟
للعلم كل قاض فى مصر لديه جهاز كمبيوتر محمول عليه كل القوانين المعمول بها فى مصر، وآخر تعديلات طرأت عليها وغير صحيح أن هذا أحد أسباب تباطؤ التقاضى.

◄ هل أجبرت يوما على صياغة قانون بشكل معين؟
لا إطلاقا، وأنا كنت مستشارا لرئاسة الجمهورية لمدة 11 سنة، وليس للرئيس.. وكانت تعرض علي مسائل كثيرة من سيادة الرئيس ولم يحدث أبدا من رئيس الجمهورية أنه تدخل أو طلب التدخل وأكثر شىء كان يمكن من سيادة الريس أن يفعله أن يسأل عن آخر التطورات أو الأحكام التى اتخذت بشأن قضايا الرأى العام، من باب العلم فقط.

◄ كيف تمت التعديلات الدستورية؟
بعد نقاش طويل مع رئيس الجمهورية، وكانت هناك مناقشة واسعة وكان سيادة الرئيس يستمع لكل الآراء ويبدى وجهات نظره والمسألة كانت موضوعية للغاية.

◄هل أنت راض عن هذه التعديلات؟
نعم ولكن كلنا نريد مزيدا من الديمقراطية
------------------------
نشرت في اليوم السابع بتاريخ 14/11/2008
http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=49899

المتابعون