تعليقات على حوار منصور حسن




مع منصور حسن
----------------------------------
بقلم أحمد الصاوى- المصري اليوم ٧/ ١/ ٢٠١٠
---------------------------------
قيمة رؤية «منصور حسن» عن الأوضاع فى مصر، إلى جانب أنها تعبر عن أفكار حولها قدر واسع من الاتفاق، تكمن تحديداً فى كونها صادرة عن رجل دولة، يؤمن بهذه الدولة، رغم كل تحفظاته على سياسات إدارتها.

فى النهاية أنت لا تستمع إلى رجل يطرح أفكاراً تسعى إلى قلب طبيعة الدولة وشكل نظامها، أو تحاول إكساب هذا النظام ثياباً دينية أو حزبية، ومنحه نظارات لا ترى إلا ألواناً محددة.. هو يدعو ببساطة إلى تطوير هذا النظام فى ظل القيم العليا والمبادئ الأساسية لفكرة الدولة التى عرفتها مصر منذ فجر التاريخ، وشكل النظام الجمهورى الذى أسسه ضباط يوليو، على مبادئ ستة كان من بينها: «إقامة حياة ديمقراطية سليمة».. ليستوعب فى النهاية كل ألوان الطيف، ويحقق تعدداً يقذف بحيوية حقيقية فى بحر السياسة الراكد فى مصر، بما يسمح بتجريب عدة وجهات نظر، وعدم احتكار اليقين، وترك البلاد رهينة نظرة أحادية، ووجهة نظر واحدة، وأسلوب إدارة واحد لعقود طويلة.

ولما يشير منصور حسن فى «حواره لجريدة الوفد» إلى أن الرئيس عندما يأتى فى سياق نظام رئاسى فى مجتمع معتاد على النظام الديكتاتورى السلطوى، حتى ولو كانت لديه اتجاهات لنظام أكثر ديمقراطية، وحتى لو كان الدستور جيدا وضامنا لهذه الديمقراطية، إلا أنه من السهولة أن يرتد الرئيس فور بدئه الممارسة وتلقيه النقد.. فهو بذلك يرد ضمناً على من يراهنون على سعة صدر الحاكم وإيمانه بالديمقراطية، ويعتبرون ذلك ضمانة كافية للحقوق والحريات، هنا يدعو الرجل إلى ضمانات دستورية وقانونية، وضمانات فى شكل الممارسة السياسية وتوزيع القوى، تتسم بالدوام الذى يضمنها بعيداً عن مزاج الحاكم أو صدره الذى قد يتسع وقد تأتى لحظة فيضيق.

وعندما تقرأ ما كتبه الرجل ـ الذى أجمع كل من عاصروه وزيراً فى عهد السادات على كفاءته وانحيازه للحريات ـ مقالاً فى «المصرى اليوم» يدعو فيه الرأى العام إلى الضغط والإصرار شعبياً على الإصلاح، فلابد أن تتوقف أمام كلمة بليغة يمكن أن تراها توصيفاً دقيقاً لما وصلنا إليه يقول فيها: «نظام يستمر لعشرات السنين من دون أن يسمح بالمنافسة من خلال تداول السلطة، أو المحاسبة عبر الانتخابات النزيهة، من الطبيعى أن يصل بنا إلى ما وصلنا إليه..إذن فنظام حكم بهذه الخصائص هو (مشكلة الأساس)».

خصائص هذا النظام بالفعل تجنح نحو الشمولية والفردية، لذلك يبدو ما آل إليه الحال بعد ٣٠ عاماً من الممارسة «الشكلية» للديمقراطية مفيداً لنظام بهذه الخصائص، يعيش على تجميد الأحوال عند حدود «اللا فعل»، ويستفيد من هذا الوضع ولا يجد فى مصلحته الذاتية منح أى دفعة حيوية تخرج بالممارسة السياسية المصرية من حدود الشكل والديكور إلى مراحل التأثير والتغيير والمنافسة، بكل ما تمثله الأخيرة من آليات محاسبة ومكاشفة وتوازن قوى يحمى المجتمع كله.

لذلك يبدو (الإصلاح السياسى) ضرورة ملحة فى إطار نظام جمهورى يحقق «حياة ديمقراطية سليمة» منتصراً لمبادئ ثورة يوليو التى أقامت هذا النظام ويستمد منها شرعيته.. وحتى يحدث هذا الهدف لا تجوز المراهنة طويلاً على تحول فى قناعات النظام، وإنما يجب أن نضم أصواتنا جميعاً لصوت منصور حسن لتحقيق قدر واسع من الإصرار الشعبى على الإصلاح، لا تجد السلطة أمامه سوى التجاوب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون