تعليقات حول حوار منصور حسن

الرجل القادم فى مصر
------------------------------
سليمان جودة- المصري اليوم ٦/ ١/ ٢٠١٠
--------------------------------
ربما لا يعرف بعض شباب هذه الأيام أن السياسى الكبير منصور حسن كان واحداً من الذين أسسوا الحزب الوطنى مع الرئيس السادات، وأن مرور الوقت، من منتصف السبعينيات تقريباً، عندما تأسس الحزب، إلى اليوم، قد أوجد مسافة كبيرة، بين ما كان عليه الحزب الوطنى يومها، حين نشأ فى بكارته الأولى، وبين ما هو عليه الآن، وهى مسافة على كل حال لا تأتى فرصة مناسبة إلا وينتهزها الرجل، ليبين للناس حدودها بالضبط، وكيف كان الحزب، ثم كيف أصبح!

وفى وقت من الأوقات، كان منصور حسن واحداً من أبرز المحيطين بالسادات فى الحياة السياسية، وكان فوق اشتراكه فى تأسيس الحزب الحاكم وزيراً للثقافة، ووزيراً للإعلام، ووزيراً لشؤون رئاسة الجمهورية فى وقت واحد!

وحين أجرت الأستاذة رانيا بدوى حواراً مهماً معه على حلقات فى «الوفد» هذا الأسبوع، فإنه قد انضم - بما قاله - إلى ما كان قد قيل من قبل، من جانب الدكتور محمد البرادعى تارة، ثم من جانب عمرو موسى تارة أخرى، لنجد أنفسنا أمام ثلاثة من الكبار، قالوا كلاماً لابد أن يستوقفنا، وأن نعود إليه من وقت إلى آخر، وأن نتدبر معانيه، وأن نقارن فى كل لحظة بين الطريقة التى يفكر بها هؤلاء الفرسان الثلاثة، وبين الطريقة التى يفكر بها غيرهم!

وقد كان من المحتمل أن ينضم إليهم الدكتور فتحى سرور، بحواره الذى دار فى «المصرى اليوم» على ثلاث حلقات، لولا أن الرجل جزء من النظام الحاكم بحكم طبيعة عمله، وليس مستقلاً عنه، شأن الثلاثة، ولولا أيضاً أنه كان قد دعا فى أثناء حواره الدكتور البرادعى إلى دخول الحزب الوطنى، بما جعلنا لا نعرف وقتها ما إذا كان الدكتور سرور يتكلم على نحو جاد فعلاً، أم أنها دعابة من دعاباته التى تأتى فى غير وقتها، وتبدو نشازاً عما حولها!

وحين قال منصور حسن، فى حوار «الوفد»، إنه سوف يفكر فى ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية، لو انفتح الباب المغلق، قاصداً بالطبع المادة ٧٦ من الدستور، فإنه، وهو يعلن هذه النية من ناحيته، لم يكن يدرى أنها سوف تفتح عليه باباً من النار، فيما بعد، وسوف يكون هدفاً، منذ اليوم، لغارات صحفية متواصلة، أو متقطعة، تماماً كما حدث مع البرادعى، ومع عمرو موسى، ولايزال يحدث!..

وإذا كان هناك شىء يجب أن يقال هنا، ولو على الهامش، فهو أن ينتبه الذين يقودون هجوماً من هذا النوع، إلى أنه يرفع، بل ويضاعف من درجات التعاطف مع هؤلاء الرجال، وكلما اشتد الهجوم كانت النتيجة عكسية لدى قطاعات الرأى العام فى البلد!

وإذا كان هناك شىء مهم، فى حواره مع «الوفد»، ضمن أشياء أخرى كثيرة مهمة طبعاً، فهو تأكيده على أن النظام البرلمانى فى الحكم، بدلاً من نظامنا الرئاسى الحالى، يظل الأفضل لنا، والأنسب، ويظل السعى إلى تحقيقه على أرضنا فرض عين على كل مواطن، لأنه نظام يقرن بطبيعته بين المسؤولية، وبين المساءلة، لكل من فى يده سلطة، ويجعل رئيس الوزراء مسؤولاً عن وضع السياسات العامة، وعن تنفيذها، أمام البرلمان وحده، ليبقى رئيس الجمهورية فى النهاية رمزاً عالياً، وحكماً عادلاً بين السلطات، فلا تكون كلها فى يده،

كما هو حاصل حالياً.. وليس سراً أن البرنامج الجديد لحزب الوفد يدور ابتداءً وانتهاءً حول فكرة النظام البرلمانى، وكيف أنه هدف لا يجب أن يغيب عن أعيننا، فى كل وقت!

بقى أن نقول إن مجلة «الحوادث» اللبنانية كانت فى نهاية السبعينيات، قد وضعت صورة منصور حسن على غلافها، وكانت مجلة نافذة جداً فى الأوساط السياسية وقتها، ثم كتبت إلى جوار الصورة عبارة تقول «الرجل القادم فى مصر».. فكان بعدها ما كان، مما لست أذكره، على حد قول الشاعر القديم، فظُنَّ خيراً ولا تسأل عن السبب!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون