منير فخري عبد النور



سكرتير عام حزب الوفد: (١-٢) لم نتواجد مع «البرادعى» لأنه قال «لن أتعامل مع الأحزاب»..
ولو اتصل بنا سنرفعه فوق رؤوسنا
------------------------------
حوار رانيا بدوى -المصري اليوم- ٢/ ٣/ ٢٠١٠
---------------------------------------

الدستور المصرى مازال محل الصراع بين النخب السياسية والثقافية من جانب، والنظام الحاكم من جانب آخر.. فبعد سنوات من الركود السياسى يطرح الرأى العام أسماء جديدة للترشح لرئاسة الجمهورية، مطالباً بتعديل الدستور لتحقيق هذا المطلب، تعقبه محاولات جدية من الدكتور البرادعى للاستعانة بكل طوائف المجتمع للضغط على النظام بتعديل الدستور،

فى نفس الوقت يعلن منير فخرى عبدالنور، سكرتير عام حزب الوفد، قرار ائتلاف الأحزاب المعارضة بعقد مؤتمر للتعديلات الدستورية، لينتقل الصراع من الداخل إلى الخارج فتضع الجمعيات الأهلية والمجلس القومى لحقوق الإنسان، على رأس أولوياتها «التعديل الدستورى»، ويطرح المطلب فى مؤتمر جنيف لحقوق الإنسان ويأتى الرد القاطع على لسان ممثل النظام الدكتور مفيد شهاب وزير الدولة للشؤون القانونية برفض مناقشة التعديلات الدستورية..

لذا قررت محاورة منير فخرى عبدالنور، العامل المشترك بين حزب الوفد وائتلاف أحزاب المعارضة والمجلس القومى لحقوق الإنسان، وهو أحد أعضائه، ليكشف فى هذا الحوار عن أسرار وخبايا ما حدث فى جنيف.. ويدلى برأيه فيما قاله مفيد شهاب عن حقوق الإنسان فى مصر، وموقف حزب الوفد من محمد البرادعى رئيس وكالة الطاقة الذرية السابق تحركاته.

■ قد تُقرأ دعوتك إلى مؤتمر تعديل الدستور على أنه عمل موازٍ لما يقوم به البرادعى وكأنكم فى منافسة؟

- لا إطلاقاً.. فالدعوة لهذا المؤتمر بدأت منذ منتصف ديسمبر الماضى بقرار من ائتلاف الأحزاب الأربعة الذى يضم الوفد والتجمع والناصرى والجبهة، بعد أن أعد الوفد ورقة العمل وتم عرضها على الأحزاب الثلاثة الأخرى فى اجتماعين متتاليين حتى وصلنا إلى توافق كامل، لذا فالفكرة سابقة لظهورالبرادعى على الساحة السياسية الداخلية، ومع ذلك كل الجهود التى تسعى إلى تعديل الدستور تكمل بعضها البعض وتعمل على تحقيق الهدف نفسه.

■ لماذا لم نشاهد الوفد ضمن المجموعة التى أيدت البرادعى وذهبت للقائه فى منزله؟

- خطاب البرادعى مطابق تماما للخطاب الوفدى منذ قيام الحزب عام ١٩٧٨حتى الآن، فهو يسعى إلى تعديل الدستور وتحقيق التوازن بين السلطات ووضع ضمانات لنزاهة الانتخابات وغيرها، لذا لا أجد أى اختلاف.

■ مادام لا يوجد اختلاف كان أحرى بكم التواجد؟

- الدكتور محمد البرادعى قال إنه لن يتعامل مع الأحزاب وأنه يلتقى الأفراد باعتباره مواطنا،ً وإن كنت أرى أنه يجب أن يعمل من خلال الأحزاب بما لها من فكر مؤسسى وآليات للتنظيم وقدرة وإمكانيات.

■ ربما هو لا يرى فيكم هذه الأمور؟

- هو حر طبعاً فى رأيه.. نعم الأحزاب ضعيفة ولكن هناك أحزاب عريقة ولها ثقل، ولو أن البرادعى اتصل بنا سنرفعه فوق رؤوسنا.

■ وهل اتصل بكل من حضر لقاءه؟

- كل حزب له ظروفه والمقارنة بين الأحزاب يجب أن تأخذ فى اعتبارها حجم وثقل وعراقة الأحزاب الأخرى.

■ لماذا لم تذهب بصفتك الشخصية؟

- أنا سكرتير عام الوفد وكل كلمة وحركة محسوبة على، وأى خطوة أو كلمة أقولها يجب أن أراجع فيها المؤسسة ولجان الحزب. ثم إن الوفد يرى أن العمل السياسى يجب أن يكون من خلال الأحزاب، وأى محاولة للضغط على النظام من خلال أفراد أو حركات احتجاجية قد تحرك المياه الراكدة ولكن مآلها إلى الفشل، ولنا تجارب عديدة فى هذا الشأن خلال السنوات الماضية، لأنها مؤقتة بطبيعتها والإصلاح يحتاج إلى عمل دؤوب ومتواصل وطويل النفس، كما أننى أعتقد أنه يجب أن يكون هناك قدر من التقارب الفكرى بين من يجتمعون لتحقيق هدف ما، وإذا لاحظت فالمجموعة التى ذهبت لمقابلة البرادعى تتراوح بين أقصى اليمين وأقصى اليسار، وأعتقد أنهم سيختلفون من الجلسة الثانية.

■ مع اختلاف الأيديولوجيات لمن قابلوا البرادعى فإن هناك اتفاقاً على أساسيات فلا أحد منهم ضد تعديل الدستور مثلاً؟

- المشكلة أن الموضوع عام ومتفرع فمثلا عند مناقشة المادة الأولى الخاصة بالمواطنة سيعترض الإخوان والمادة الثانية التى تنص على أن الشريعة الإسلامية هى مصدر التشريع سنجد العلمانيين يطالبون برفعها من الدستور، إذن سيختلفون عند أول مادتين .

■ وما الفرق بين ما يطرحه البرادعى وما تطرحونه أنتم؟

- الفرق أننا أكثر تحديداً فى مطالبنا التى حددناها فى ثلاثة محاور هى تعديل المادتين ٧٦ و٧٧ من الدستور، وإيجاد ضمانات لشفافية الانتخابات والتوازن بين السلطات الثلاث، فالمبدأ نفسه لا يمكن أن نختلف عليه ولكن سيبقى النقاش الفنى حول كيفية تحقيق ذلك، وما أقصده أننا حددنا المحاور التى لا خلاف عليها فقللنا من مساحة الاختلاف، لذلك ستجدين أن عددا كبيرا من المدعوين من أساتذة القانون الدستورى والنظم السياسية، كما ستجدين أن أغلب المدعوين متقاربون فى الفكر حتى وإن كانوا من أحزاب مختلفة.

■ وهل هناك ضمانات لنجاح ما تسعون إليه؟

- لا.. ولا أحد يملك ضمانات للنجاح لكننى متفائل.

■ وكيف ستضغطون على السلطة لتنفيذ مطالبكم؟

- من خلال الاستمرار فى المطالبة بإصرار وإقناع الرأى العام بضرورة إجراء هذه التعديلات السريعة قبل الانتخابات المقبلة، وأعتقد أن المناخ مهيأ لتقبل مثل هذه الدعوة والتحرك من أجل تحقيقها، وبالمناسبة سأفشى لك سراً لم نعلنه حتى الآن، فسوف تتم دعوة أعضاء من مجلسى الشعب والشورى ممن ينتمون للحزب الوطنى وأساتذة قانون ومستشارين، وأتمنى أن يلبوا الدعوة ونتناقش معهم علهم يستمعون إلينا مثل المستشار محمد الدكرورى ورمزى الشاعر والدكتور مصطفى الفقى وجورجيت قللينى وأحمد ماهر وغيرهم.

■ ألن تدعو الدكتور مفيد شهاب، وزير الدولة للشؤون القانونية؟

- لا.. لأنه لن يحضر بالتأكيد.. ولكن باقى المدعوين يعتبرون أقل فى المكانة الرسمية، وآراؤهم ومشاركاتهم لن تعبر عن موقف رسمى كما هو الحال مع الدكتور مفيد ولن يلزموا النظام بشىء، وآراؤهم لن تكون خالية من الصراحة كالمسؤولين فى النظام.

■ لننتقل إلى ملف مجلس حقوق الإنسان ولنبدأ بالانتقاد الدائم له بأنه مجلس الحكومة أو مجرد واجهة أمام الغرب تؤكد بها الحكومة اهتمامها بحقوق الإنسان؟

- هذا حكم قاسٍ جدا، فالمجلس أثبت أنه ربما لم يكن جريئاً فى أغلب الأحيان ولكنه كان صريحا فى كل الأحيان.. وقد ظهر ذلك فى التقارير السنوية التى يصدرها وما فيها من ملاحظات وانتقادات لأداء رجال الأمن والتعذيب فى أقسام الشرطة وتجديد أوامر الاعتقالات رغم صدور أحكام قضائية بالإفراج عن المعتقلين والانتقادات الخاصة بتزوير الانتخابات وغيرها. ولو عدتِ إلى قانون المجلس ستجدين أنه مجلس استشارى أى يبدى رأياً أو مشورة وليست لديه سلطة تنفيذية، فلا تستطيعين أن تحكمى عليه لكون السلطة التنفيذية لا تأخذ بتقاريره.

■ لكن على الأقل، هل تمت تغطية كل المخالفات الحكومية فى تقارير المجلس؟

- تابعنا كل الموضوعات التى ارتأيناها مهمة وملحة، وعلى رأسها المطالبة المستمرة بإلغاء حالة الطوارئ والمعاملة فى السجون وقضايا التمييز، وأعتقد أن أكثر شىء أزعج وأغضب النظام هو تقرير المجلس حول التعديلات الدستورية.

■ وكيف تعرفون أنكم أزعجتم النظام؟

- حين يلتقى عضو من أعضاء المجلس مسؤولاً رسمياً ما، وفى سياق الحديث يقول له «البلد لا تتحمل ما تقولونه، خفوا شوية!» وما شابه ذلك.

■ ومن يتولى مهمة التعبير عن غضب النظام ويبلغها لأعضاء المجلس القومى لحقوق الإنسان؟

- رفض منير عبدالنور الإدلاء بأى أسماء فى البداية وقال نعلم بطرقنا، ولكن بعد إلحاح شديد قال نعلم تأثير ما نقول وما ندونه فى تقاريرنا على النظام من خلال الدكتور مفيد شهاب، فهو الوزير الذى يتعامل مباشرة مع المجلس القومى لحقوق الإنسان لأكثر من سبب، منها أنه وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية، كما أنه مسؤول عن ملف حقوق الإنسان وهمزة الوصل بين المجلس والحكومة.

■ وماذا عن صفوت الشريف باعتباره رئيس مجلس الشورى الذى يتبعه المجلس القومى لحقوق الإنسان؟

- لم أسمع مطلقاً بتدخل السيد صفوت الشريف بشخصه أو من خلال مجلس الشورى فى أى من أعمال المجلس.

■ ولكن تمويل مجلس حقوق الإنسان يأتى من خلال مجلس الشورى؟

- لم يستخدم التمويل فى الضغط على المجلس.

■ لماذا ينزعج النظام من التقارير الأجنبية كالتى تأتى عبر «هيومان رايتس ووتش» ولا يولى الاهتمام الكافى لتقارير مجلس حقوق الإنسان؟

- لأنها تقارير أجنبية وأكثر انتشاراً دولياً، ومن الممكن أن تؤثر على الرأى العام الدولى، خاصة الدول التى تهتم بحقوق الإنسان فى مصر مثل الولايات المتحدة الأمريكية.

■ الطبيعى أن تخشى الدول الرأى العام الداخلى قبل الخارجى؟

- النظام القائم غير معنى بالرأى العام الداخلى واهتمامه الأول يكون لكل ما يخص الأمن والاستقرار، والمبرر دائماً «أنتم لا تعرفون مخاطر الإرهاب والتطرف».. أنا عن نفسى أرى أن قانون الطوارئ لم يقلل هذه الحوادث، بل أعتقد أنها ستستمر فى وجوده لأنها وليدة مناخ عام.. عموماً الديمقراطية فى مصر غريبة جداً فنحن نقول ونكتب كل ما يحلو لنا ولكن فى النهاية «محدش بيعبرنا».

■ فى رأيك لماذا تم استبعاد دكتور كمال أبوالمجد من المجلس القومى لحقوق الإنسان؟

- هذا السؤال يوجه إلى متخذ القرار وأقصد صفوت الشريف.

■ كيف تقرأ عدم إبلاغ الدكتور كمال أبوالمجد باستبعاده من المجلس، وتركه يعلم بالأمر من الصحف؟

- لا يسعنى أن أقول إنها ثقافة نظام والإدارة البيروقراطية.. والأمر نفسه حدث مع وزير التعليم السابق يسرى الجمل عندما علم بخروجه من الوزارة من الصحف، وللعلم اشتكى الدكتور أبوالمجد من هذه المعاملة للإعلام، ووصف الموقف بأنه أسلوب غير لائق بعد خدمة ٦ سنوات يستحق عليها الشكر، لذا تلقى خطابا مكتوباً من الرئيس مبارك، وترك صورته فى المجلس، لأنه كان يحمل تقديراً ليس فقط للدكتور أبوالمجد، وإنما لأعمال المجلس ككل طوال ٦ سنوات.

■ هل تعتقد أن التغييرات التى حدثت أخيراً هى استعداد لمرحلة الانتخابات الرئاسية بما قد يصحبها من انتهاكات؟

- ربما يكون هذا هو السبب.. أضاف: أنت تفترضين أن كلاً من مقبل شاكر ومحمود كارم سيكونان أقل صراحة من أبوالمجد ومخلص قطب، عموماً المواقف سيتم الحكم عليها بعد ثانى أو ثالث جلسة.

■ تم ترشيح اللواء نشأت الهلالى ليكون أمين عام المجلس وتم تعيين السفير محمود كارم، فما هو سر التغيير فى اللحظات الأخيرة؟

- فور علم بعض أعضاء مجلس حقوق الإنسان بخروج مخلص قطب وترشيح صفوت الشريف اللواء نشأت الهلالى أعلنوا استياءهم رغم ما يقال عنه إنه رجل فاضل، إلا أنه ضابط شرطة فى النهاية.. فهل يمكن فى وجوده مناقشة ملف مثل التعذيب فى السجون؟! فعلى الأقل من ناحية الشكل لا يصح أن يكون أمين عام مجلس حقوق الإنسان ضابط شرطة، وللأمانة استجاب صفوت الشريف لمطالب هؤلاء بأن يكون من يشغل هذا المنصب سفيراً سابقاً غير بعيد عن ملف حقوق الإنسان، ويتحدث عدداً من اللغات الأجنبية لتعامل المجلس مع المؤسسات الدولية، فكان اختيار السفير محمود كارم سفير مصر السابق فى بروكسل.

■ هل لك أن تذكر لى من اعترض بالضبط من داخل المجلس على ترشيح اللواء الهلالى؟

- مصطفى الفقى، أسامة الغزالى حرب، حسام بدراوى، وجورجيت قللينى.

■ بمعرفتك بالتقرير الذى قدمه المجلس القومى لحقوق الإنسان لآلية الاستعراض الدورى الشامل فى جنيف، هل ناقش الدكتور شهاب كل ما جاء فيه بصراحة وموضوعية؟

- شهاب وافق على عدد من الملاحظات التى تخص الحقوق الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، ورفض كل ما يخص السياسة العامة وتحفظ عليها تماماً بدعوى أنها تتنافى مع الثقافة والعرف والدين فى مصر.

■ ما هى بالضبط البنود التى رفضها دكتور مفيد نيابةً عن النظام؟

- كل الملاحظات الخاصة بالمطالبة بتعديل الدستور والخاصة بتقييد المحاكم العسكرية والاستثنائية والمطالبة بأن يحاكم المتهم أمام قاضيه الطبيعى، أما بالنسبة لإلغاء حالة الطوارئ فوعد بإنهائها فور صدور قانون مكافحة الإرهاب، وإن كنا نعترض على عدم خضوع الإجراءات التى سينص عليها قانون مكافحة الإرهاب للرقابة القضائية، كما رفض الملاحظات الخاصة بمراجعة قوانين العقوبات والتقليل من أعداد الحالات التى يحكم فيها بالإعدام، كما أنه قال بشأن قانون بناء دور العبادة الموحد بأنه قيد البحث.

■ بعد رفض كل هذه البنود، ما موقف مجلس حقوق الإنسان؟

- سنستمر فى المطالبة بنفس هذه المطالب التى رفضتها الحكومة، والأمر لم ينته بعد، فلنا جولة أخرى فى يونيو المقبل.

■ قلت إنه قبل بملاحظات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فماذا كان رده عليها؟

- اعترف مفيد شهاب نيابة عن النظام بأن المجتمع يواجه انتشار البطالة وبنية أساسية متهالكة وخدمات عامة سيئة، وتوزيعاً غير متكافئ للدخل، وازدياداً لنسبة الفقر، وقال: نحن مقدرون لضرورة بذل مزيد من الجهد ولكن الموارد الاقتصادية ضعيفة.

■ وماذا كان موقف مؤتمر جنيف لحقوق الإنسان (آلية الاستعراض الدورى الشامل)، هل تعتقد أن دفاع الدكتور مفيد شهاب كممثل عن النظام أقنع الرأى العام العالمى؟

- على ما يبدو أنهم اقتنعوا بالفعل، والدليل عدم إدانتهم مصر فيما يخص هذا الملف، فعندما يذهب الرجل ويعترف بمثل هذه الأمور، فى رأيك ماذا سيكون رد الفعل؟

■ هل تعتقد أن الجهات الأجنبية خففت الضغط على مصر فى ملف حقوق الإنسان عما كان فى السابق؟

- كل الدول تعانى ظروفاً اقتصادية سيئة جراء الأزمة المالية العالمية، مما يترتب عليه توتر اجتماعى فى بعض الدول لذا يتحول منظورها إلى الأمن لحفظ السلام الاجتماعى، ولنقل إن الأزمة المالية العالمية خدمت بعض الدول وقللت من صعوبة اجتياز امتحان المراجعة الدورية الدولية لملفات حقوق الإنسان.

■ ما ردك على كل ما جاء فى خطاب مفيد شهاب فى جنيف، الذى أكد فيه بعض الحقوق التى يحظى بها الشعب المصرى، ولنبدأ بما قاله عن تأكيد سيادة الشعب وحده فى الدستور المصرى؟

- سيادة الشعب تتم من خلال انتخابات نزيهة والمجلس يطالب بتعديل النظام الانتخابى الحالى والرقابة الأهلية على الانتخابات لضمانة نزاهتها.. أما السيادة الحالية الناتجة عن الانتخابات المشكوك فى نزاهتها فهى تعبر عن رأى من يديرها وليس رأى الناخب.

■ والتأكيد على المساواة بين المواطنين؟

- الواقع غير ذلك فهناك تمييز وتهميش ضد الفئات الضعيفة فى المجتمع.

■ التأكيد على حرية الرأى وحرية الصحافة؟

- أرى أن كلتيهما مكفولة فى مصر.

■ التأكيد على وجود الحريات الدينية؟

- منصوص عليها فى القوانين وغير معمول بها فى الواقع ومثال ذلك (البهائيين).

■ التأكيد على حق الانتخاب والترشح؟

- أرجو ممن قال ذلك أن يقرأ المادة ٧٦ من الدستور جيداً.

■ التأكيد على بذل الجهد لمراعاة حقوق الإنسان فى المجالات الثقافية والاقتصاية والاجتماعية؟

- كل ذلك منصوص عليه فى الدستور والقوانين، إنما المجتمع يواجه مشاكل واضحة فى التعليم وتوفير مياه الشرب والصرف الصحى وغير ذلك من الخدمات العامة.

■ التأكيد على أنه تم بناء ١٣٨ كنيسة فى عام ٢٠٠٥؟

- إحصائياً لا أستطيع التعامل مع رقم مطلق فى عام واحد، وربما كان صحيحاً، ولكنه ربما يكون خاصاً بطلبات مر عليها ٢٠ عاماً..والدليل هو عدد الشكاوى التى لا حصر عليها التى يتلقاها مكتب الشكاوى فى المجلس، كما أننى أدعوك لسؤال الدكتورة ليلى تكلا التى تجرى منذ ٢٢ سنة فى محاولة للحصول على موافقة لبناء كنيسة فى المعمورة بالإسكندرية، ولم تفلح حتى الآن.

■ اختر من بين الآتى.. فشل مصر فى معركة اليونسكو سببه: فشل النظام المصرى وصورته الذهنية، أم فشل فى إدارة الحملة، أم شخص فاروق حسنى؟

- للأسف الثلاثة معاً كانت سبب الفشل، فمصر تُنتقد فى الخارج لعدم احترامها حقوق الإنسان وغياب الديمقراطية والشفافية، كما أن اختيار فريق إدارة الحملة لم يكن موفقاً بالإضافة لشخص فاروق حسنى وأخطائه فيما يخص تصريحاته الخاصة بالكتب اليهودية، كلها عوامل أدت إلى الفشل الذريع.

■ هل لو كان قد تم تغيير المرشح لربما فازت مصر بالمنصب؟

- بالقطع نعم.

■ من فى رأيك؟

- الدكتور إسماعيل سراج الدين.

■ ولكنه خاض المعركة من قبل وفشل؟

- ليس لعيب فى شخصه إنما لأنه لم يكن مرشح بلده، وإنما مرشح بعض الدول العربية.

■ هل هناك منافسة بينك وبين فؤاد بدراوى والسيد البدوى على خلافة محمود أباظة بعد إعلانه مؤخراً عدم ترشيح نفسه لدورة جديدة؟

- أعتقد أننا سنتمسك بمحمود أباظة.

■ وماذا لو أصر على رأيه هل سترشح نفسك لرئاسة حزب الوفد؟

- لا.. لألف سبب أهمها أنه فى ظل هذا المناخ الطائفى لا أعتقد أنى سأنجح.

■ حتى فى حزب الوفد؟

- حتى فى حزب الوفد.

■ هل سترشح نفسك فى انتخابات مجلس الشعب المقبلة؟

- لم أحسم الأمر بعد.

■ كنت نائبا فى مجلس الشعب خلال دورة «٢٠٠٠-٢٠٠٥» فهل يمكن أن تروى شهادتك عن ما تم نشره من نماذج الفساد بين بعض أعضاء المجلس؟

- فلنقل إنه فساد بعض أعضاء مجلس الشعب.. ويأتى على رأس مظاهر الفساد الصراع الشديد على تملك الأراضى سواء كانت أراضى الدولة أو أراضى وضع اليد، فالبعض حريص على الحصول على تأشيرة وزير بتخصيص أرض والسعى وراء التسهيلات للحصول على أرض أياً كانت الطرق..

كذلك فإن عدم تنفيذ القانون والدستور فى الفصل بين عضوية مجلس الشعب والعمل التنفيذى نوع من الفساد.. عدم تنفيذ القانون والدستور ولائحة المجلس فى عدم تدخل عضو مجلس الشعب فى التعامل التجارى مع الدولة مظهر من مظاهر الفساد.. ومحاولة تحليل ذلك بالتفريق بين الشخص الطبيعى والمعنوى على اعتبار أن الشخص الطبيعى هو الممنوع،

لكن الشخص المعنوى، أى الشركة التى يمتلكها عضو مجلس الشعب بنسبة ٩٩% ليس ممنوعاً، فى محاولة لإيجاد ثغرات فى القانون لتحقيق التربح، وكل ذلك شكل من أشكال الفساد.. إضافة إلى الفساد الذى يظهر من حين إلى آخر بين سلوكيات بعض أعضاء مجلس الشعب ومخالفة القانون والتربح من قرارات العلاج على نفقة الدولة إلى آخره.

غداً حلقة ساخنة جداً

منير فخرى يرجو البابا شنودة عدم التدخل فى السياسة، ويكشف دور زكريا عزمى فى عودة وفاء قسطنطين

-------------
الحلقة الثانية
------------
منير فخرى عبدالنور سكرتير عام حزب الوفد يواصل حواره مع «المصرى اليوم» (٢-٢):
أحب البابا شنودة وأصلى خلفه.. ولكن أرجوه ألاّ يتدخل فى السياسة
---------------------------


على مسؤولية منير فخرى عبدالنور، هناك وزير للتربية والتعليم أراد أن ينقى الكتب المدرسية من التمييز ضد الأقباط، فرفضت الإدارات التعليمية إرادته وواجه رفضاً ومماطلة من واضعى المناهج وكأن هناك مافيا متطرفة أكبر وأقوى من الوزير نفسه.

وطبقا لما قاله عبدالنور فى هذا الحوار فإن البابا شنودة بكل ما له من مكانة لدى المصر+يين تدخل فى أزمة وفاء قسطنطين وربط عودته إلى الكاتدرائية وحضور أعياد المسيحيين وإنهاء اعتكافه، بعودة وفاء قسطنطين،

وكأنه يقول: إما أن تتحرك القوى السياسية جميعاً وتجد وفاء وتسلمها إلى الكنيسة وإلا فلن أحضر العيد، بكل مايحمله ذلك من خطورة، حتى تدخل الدكتور زكريا عزمى واحتوى الأزمة.

منير فخرى عبدالنور سكرتير عام حزب الوفد وأحد السياسيين الأقباط الذين يتميزون بالحكمة والتروى، يؤمن بالليبرالية والدولة المدنية وفصل الدين عن السياسة.. ولكنها المرة الأولى التى يتحدث فيها بهذه الجرأة عن تدخل الكنيسة فى السياسة، وإدارة النظام لملف التوتر الطائفى.

■ قُلتَ إن المواءمات الأمنية والسياسية هى سبب التوتر الطائفى فى مصر فماذا كنت تقصد؟

- أقصد المنهج الذى يتبعه نظام الحكم منذ عدة عقود والقائم على المواءمة والتوازنات خاصة لأسباب أمنية وسياسية، مما أدى أحياناً إلى تجاهل المشاكل وعدم التصدى لها أحياناً أخرى، وإلى عدم تنفيذ القانون وإيقاع الجزاء الرادع على المخطئ فتفاقمت المشكلات، ومن أمثلة المواءمات السياسية جلسات الصلح التى أعتبرها «ضحكا على الذقون» وأنا أرى أن عقد هذه الجلسات ما هو إلا محاولة للهرب من تنفيذ القانون.. والأجدى بالطبع هو تطبيق القانون على المخطئ أيا كان.

■ أى قانون تقصد؟

- قانون ازدراء الأديان، من يرتكب هذه الجريمة عليه أن يعقاب أياً كان دينه، وكل القوانين غير المفعلة والخاصة بالحماية من التمييز، فيجب تفعيل النصوص الخاصة بالتمييز فى قوانين العقوبات، وتفعيل قانون الرقابة على المصنفات لمنع توزيع الكتب والأشرطة التى تتضمن خطباً تهاجم الأديان وهكذا.

■ وماذا عن المواءمات الأمنية؟

- مثلا طلب بناء الكنائس، كلما قدم طلب ببناء كنيسة، رأى الأمن أن بناءها سيغضب البعض فيفضل الرفض تجنبا للمشاكل.. هذا الموقف خاطئ لأنه إما أن للمسيحيين حقاً فى بناء هذه الكنيسة فى هذا المكان، أو لا، والمسألة لابد أن تحكمها ضوابط واضحة للقبول أو الرفض.. من واجب الدولة تنفيذ القانون ولكنها للأسف لا تفرض سلطان القانون ولا تؤكد سيادته على الأقل فيما يخص هذه القضية.

■ وهل يوجد قانون لبناء الكنائس؟

- هناك ما يسمى الخط الهمايونى، وشروطه العشرة المعروفة بشروط العزبى بك لبناء الكنائس وترميمها.

■ لكنها موضوعة منذ عام ١٩٣٢؟

- طبعا ليس منطقيا أن أكون فى عام ٢٠١٠ وأطبق قانوناً منذ عام١٩٣٢ ، ورغم قدمه وعدم مواكبته للعصر إلا أنه أيضا لا يطبق، ولذلك فالمطلوب إصدار قانون جديد عصرى ينظم عملية بناء دور العبادة، ويأخذ فى الاعتبار ثقافة العصر وقيم حقوق الانسان، وحكم الدستور الذى يتيح حرية إقامة الشعائر الدينية.

■ إذا كانت الحكومة لا تطبق القانون فى بناء الكنائس فعلى أى أساس يتخذ مثل هذا القرار؟

- يقدم الطلب رسميا أولا ببناء الكنيسة ثم يتم الاعتماد بعد ذلك على التوصيات وعلى من يستطيع الوصول إلى المسؤولين والى الرئيس للحصول على الموافقة.. هكذا يتم التصريح ببناء الكنائس فى أغلب الأحيان.

■ تعنى أن الكنائس تبنى بـ«الواسطة»؟

- نعم الواسطة وراء كل كنيسة مبنية حديثا.

■ هل حدث أن توسطت شخصياً فى بناء كنيسة؟

- نعم توسطت عدة مرات، مرة لمطرانية فى أسوان، وقد ساعدنى الدكتور أسامة الباز فى الحصول على الموافقة، ومرة ثانية لبناء كنيسة فى البحيرة.. ولكن مثلا فى مرة ثالثة قمت بمحاولات لا حصر لها لإعادة فتح كنيسة فى جرجا -بلدى- وتحديدا فى قرية «نجع القصرية» حيث كانت قد أُغلقت بعد مقتل الرئيس السادات وأحداث أسيوط، وحاولت جاهدا من خلال الأجهزة الأمنية وفشلت فشلا ذريعا ومازالت مغلقة حتى الآن وكانت مبرراتهم أنها منطقة «قلق» رغم أن هذه القرية تبعد عن أقرب كنيسة بـ١٠ كيلومترات وهو ما يعد معاناة للمسيحيين فى هذه المنطقة.

■ قال لى المستشار محمد الدكرورى فى حوار سابق معه إنه لا يوجد مشروع قانون «لبناء دور العبادة الموحد» أصلا، مشيرا إلى أن عدد الكنائس الموجودة يكفى ويزيد؟

- مع احترامى للمستشار الدكرورى لكن مسألة عدد الكنائس خارجة عن اختصاصه، فليس هو من يقرر العدد الكافى، وإذا قال إنه لا يوجد مشروع قانون بهذا الاسم، أرد عليه بأنه يوجد مشروعان قدمهما مجلس حقوق الإنسان من خلال أعضائه الموجودين فى مجلس الشعب، منهم النائبة جورجيت قللينى، والمشروع الثانى قدمه نائب شبرا ورئيس لجنة الاقتراحات والشكاوى فى مجلس الشعب. المشروعان موجودان ولكن عليهما اعتراضات.

■ ممن؟

- تردد منير فخرى عبدالنور قليلا ثم قال: ذكر لى الدكتور مصطفى الفقى أن للبعض اعتراضات قانونية وهناك آخرون يرون عدم ملاءمة إصدار هذا القانون فى الوقت الراهن.

■ هل تتفق مع الأنبا بسنتى فيما قاله بأن حل التوتر الطائفى يكمن فى الموافقة على مشروع قانون دور العبادة الموحد؟

- لا.. لن يحل ذلك المشكلة.. هو جزء من الحل، ولكن الأنبا بسنتى رجل دين فطبيعى أن يربط الحل ببناء الكنائس، وأعتقد أن الحل ليس سهلا لأن المسألة أصبحت لها علاقة بالثقافة التى تأتى من المدارس والإعلام وأصبحت مرتبطة بغياب الديمقراطية.

■ وكيف أدى غياب الديمقراطية إلى التوتر الطائفى فى مصر؟

- عندما قامت ثورة ١٩٥٢ لم يكن ضمن قيادتها قبطى واحد، فلجأ النظام إلى المؤسسة الدينية لكى يكون على اتصال بالأقباط فى البداية من خلال الوزير التكنوقراطى القبطى مثل كمال رمزى ستينو أو كمال أبادير أو إبراهيم نجيب، ثم بعد ذلك بالاتصال المباشر، فعلى سبيل المثال كان هناك اجتماع دورى بين السيد سامى شرف والأنبا صموئيل، كما كان للأستاذ محمد حسنين هيكل إسهامات فى الاتصال بين الكنيسة والنظام، فمن خلاله مثلا قامت الدولة بالتبرع بمبلغ ١٥٠ ألف جنيه وكان مبلغا كبيرا فى بداية الستينيات لبناء كاتدرائية العباسية.

ومع قتل الديمقراطية غابت الزعامات المدنية القبطية فاضطرت الكنيسة إلى ملء الفراغ وأصبح هناك «رأى قبطى» فى حين إنه فى الماضى لم يكن هناك شىء يعرف بالموقف القبطى إنما كانت للزعامات المدنية القبطية مواقف مختلفة وفقاً لانتماءاتها السياسية والحزبية والأيديولوجية، فإن راجعنا التاريخ الحديث سنرى أن منهم من وقف مع عرابى فى ثورته ومنهم من عارضه، ومنهم من شارك سعد زغلول فى ثورة ١٩١٩ ومنهم من تحالف مع الإنجليز، ومنهم من كان عضواً فى لجنة الدستور ومنهم من أطلق عليها «لجنة الأشقياء»، وداخل لجنة الدستور منهم من طالب بالتمثيل النسبى للأقباط ومنهم من عارضه، ثم منهم من أيدَّ إسماعيل صدقى، ومنهم من وقف مع النحاس، وحين انفصل مكرم عبيد عن الوفد هناك من الأقباط من خرج معه ومنهم من ساند النحاس بل ورد عليه بإصدار «الكتاب الأبيض». لكن مع ظهور الرأى القبطى كان من الطبيعى أن يقابله رأى مضاد ومع خلط الأوراق والمفاهيم انقسم المجتمع وتاهت فكرة الوطن.

■ وكيف ساهم الإعلام فى الشحن الطائفى؟

- فى مرحلة من المراحل تم إعطاء مساحات هائلة للبرامج الدينية والخطاب الدينى الإسلامى الذى امتلأ بالهجوم على الديانة المسيحية بشكل متكرر، وحتى تحدث مواءمة فى مرحلة لاحقة سمحوا لقنوات فضائية مسيحية بالبث، وهذه جريمة فى حق الوطن أن تكون هناك قنوات للدين الإسلامى وأخرى للدين المسيحى وكأنها حرب فضائية يتبارون فى تشويه كل منهما للآخر والتحريض المتبادل، وأعتقد أن هناك ثلاث مناطق يجب ألا يلعب أحد فيها فيما يخص الوحدة الوطنية، المدرسة والجيش والإعلام، فالتقليل من قيم المواطنة فى هذه المناطق الثلاث خطير جدا..

فأبناء هذا الوطن على قدم المساواة فى المدارس نتعلم نفس العلوم بنفس الطريقة ولا يجب استغلال المدارس فى بث أفكار تدمر المجتمع، وفى الجيش نحن نحارب سويا المسلم والمسيحى حفاظا على هذا الوطن الذى هو وطننا جميعا وعلى قدم المساواة، وفى الإعلام خاصة إعلام الدولة يجب أن يعامل الجميع بلا تفرقة.. ولو حدثت تفرقة فى هذه المناطق الثلاث فتأكدى أنه لن يوجد وطن لا للمسلم ولا للمسيحى.

■ والحل؟

- الحل واضح، بالنسبة لإعلام الدولة يجب أن تكون رسالة الوطن الجامع والحامى لجميع أبنائه رسالة واضحة تعلى قيم المواطنة والمساواة، أما بالنسبة للإعلام الخاص وأعنى الفضائيات فلا أعرف كيف تحل.. «ما خلاص اتعكت»، فقد تم للأسف تديين الإعلام، وعلى المسؤولين الجلوس للتفكير فى حل.. هل سيتم سحب الرخص من القنوات أو فرض رقابة ما! لا أعرف بالضبط.

■ يتهم البعض، وأنت منهم، التعليم بأنه يكرس للفتنة فما هى أدلتك ومن أى منطلق تأتى ثقتك فى توجيه هذا الاتهام، ولا تجبنى بعموميات أرجوك؟

- سأسرد لك وقائع رويت لى من أصحاب الشأن طالما أنكِ لن تقبلى بالعموميات، ففى مجلس حقوق الإنسان قامت إحدى العضوات المشهود لها بالكفاءة وهى الدكتورة زينب رضوان- وهى أيضا وكيلة مجلس الشعب حاليا- بعمل دراسة ومراجعة لبعض المناهج التعليمية لمعرفة مدى مطابقتها لقيم حقوق الإنسان فتوصلت إلى أن هذه المناهج فى جميع مراحلها من ابتدائى حتى الجامعة تقوم بالتمييز ضد ثلاث فئات.. تميز ضد كل ما هو أسود، تميز ضد المرأة، وتميز ضد كل من هو ليس مسلماً.

والأخطر أنها وجدت فى الكتب المدرسية الرسمية للوزارة ثلاث صفحات كاملة منقولة نصاً من كتاب سيد قطب «معالم على الطريق» وهذا ليس مجرد كتاب عادى إنما من الكتب التى تعد أساس فكر الجماعات التكفيرية.. كما أخبرنى الدكتور حسين كامل بهاء الدين، وزير التعليم الأسبق، أنه حاول جاهداً تنقية المناهج التعليمية مما تخللها من أفكار تكرس التمييز لكنه ووجه بمقاومة شديدة حتى فشل مسعاه.

■ مقاومة ممن؟

- من المدرسين والمديرين ووكلاء الوزارة وواضعى المناهج.

■ ولكنه الوزير؟

- الوزير لن يراجع كل صفحة فى الكتب، إضافة إلى أن الأزمة ليست فى المناهج فقط إنما فى طريقة شرح المنهج وهذا لا يستطيع الوزير التحكم فيه.
وقد أخبرنى بهاء الدين أيضا أن عدداً كبيرا من كتب الوزارة لا يُدَرّس فى حين يتم تدريس الكتب البديلة الخارجية، إضافة إلى إغفال تحية العلم.. إلى آخره من ممارسات تهدد مستقبل التعليم الذى هو أساس الوطن.. وأنا أعتقد أن هذا مخطط واضح وصريح فهناك من يستهدف السيطرة على الجهاز التعليمى باستهداف كليات المعلمين نفسها للسيطرة عليها وعلى أفكار طلبتها لإغراق المدارس بهم وتربية أجيال تسير على نفس هذا النهج.

■ هل تقصد الإخوان المسلمين؟

- أقصد التيارات المتطرفة بشكل عام، بل إن هناك مؤسسات لا تعين أقباطا أو تحدد نسبة ضئيلة لا يمكن تجاوزها، وعموما هذا التمييز الموجود فى الاعلام وفى التعليم أدى إلى أن رفض بعض المواطنين والأسر على المستوى الشعبى التعامل بأى شكل مع الأقباط، كما أن هناك أطفالا وتلاميذ فى مدارس يرفضون اللعب مع زملائهم لأنهم مسيحيون، وشركات لا تعين إلا المسلمين فقط، ولأن لكل فعل رد فعل مضاد تجدين للأسف نفس الشيء يحدث من الطرف الآخر، وكل ذلك نتيجة لمناخ طائفى ساد بسبب انتشار ثقافة فرقت بين المصرى وأخيه المصرى.

■ دائما ما يتردد أن الحكومة تخون المسيحيين لذا لا تأتى بهم فى بعض المناصب الحساسة .. هل الحكومة نفسها متطرفة وليس بعض طوائف الشعب فقط؟

- للرد على هذا السؤال سأرصد مجموعة من الأمثلة: أولا توجهات الرئيس مبارك نفسه وأنا لمستها شخصيا وخبرتها بطريق مباشر وغير مباشر.. الرجل شعوره طيب للغاية تجاه المسيحيين.

■ وماذا عمن هم حوله؟

- تعاملت مع الدكتور أسامة الباز حين كان قريبا من مؤسسة الرئاسة وهو رجل منفتح ومؤمن بالمواطنة ومواقفه كلها تؤكد ذلك، كذلك تعاملت فى قضايا حساسة جدا مع الدكتور زكريا عزمى والرجل تدخل بشكل رائع وحل العديد من المشكلات.

■ هل لى أن أعرف فى أى موضوعات تدخل الدكتور زكريا؟

- لا، أرجو أن تعفينى، المهم أن الرجل كان متعاونا.

■ ما تراه أنت تعاونا قد لا يراه آخرون كذلك ثم إن لنا الحق فى معرفة كيف يتعامل رجال الرئيس مع أزمات الوطن؟

- وبعد محاولات مضنية مع الأستاذ منير ذكر الآتي: أيام أزمة وفاء قسطنطين كنت عائدا ليلاً من وادى النطرون بعد مقابلة البابا شنودة وقد فشلت فى إقناعه بالعودة إلى القاهرة بعد أن قرر الاعتكاف ورفض العودة إلا بعد عودة وفاء قسطنطين، وكنا على مشارف عيد واعتكاف البابا وعدم عودته كان سيتسبب فى أزمة أكبر، فاتصلت بالدكتور زكريا عزمى الذى تدخل ولم يهدأ له بال إلا بعد أن أجرى اتصالاته وتأكد من وجودها فى إحدى مديريات الأمن وأمر بتسليمها للبابا شنودة فى دير وادى النطرون.

موضوع آخر حدث عام ٢٠٠٣ عندما كنت عضوا فى مجلس الشعب وتكلمت مع الدكتور مصطفى الفقى والدكتور يوسف بطرس غالى وكمال الشاذلى وطلبت أن يكون ٧ يناير إجازة رسمية، فنصحونى بأن أتحدث مع الدكتور زكريا عزمى فى الامر وفعلت فقال لى دعنى أر، وهو ما يعنى أنه سيفكر فى الموضوع.. بعدها بيومين تقريبا سألنى دكتور زكريا سؤالين شعرت حينها أنه مهتم ويتابعه، وفعلا بعدها بأسبوعين فى خطاب الرئيس يوم٢٣ ديسمبر من نفس العام بمناسبة عيد النصر أعلن يوم ٧ يناير إجازة رسمية للبلاد.

■ إذا كان الرئيس ومن حوله شعورهم طيب فأين هى الأزمة إذن؟

- الأزمة على المستوى الأقل، فهناك مناصب من الصعوبة أن يتقلدها قبطى، مثل جهاز أمن الدولة، وبعض المناصب الحساسة الأخرى وبعض الأجهزة الرقابية، كذلك هل يعقل ألا يكون بين عمداء الكليات من هو مسيحى، كما أن هناك مؤسسات لا يقبل موظفوها أن يكون رئيسها مسيحياً والحكومة تفتقد الجرأة للوقوف أمام هذا التيار.

■ بعد أن تعددت الأسباب وتشابكت هل من مخرج واضح للخروج من نفق التوتر الطائفى؟

- الحل ليس سهلا ولن يتم بين يوم وليلة والمسألة تحتاج إلى تضافر الجهود ففى استطاعة كل واحد منا أن يساهم فى حل المشكلة من خلال سلوكياته وتصرفاته وتعاملاته مع إخوته فى الوطن.
أما على المستوى السياسى فيجب البدء فورا فى بناء نظام ديمقراطى حقيقى قائم على الحرية والتعددية والمساواة بين كل المصريين ووضع نظام انتخابى يتيح تمثيل كل أطراف الجماعة الوطنية فى المجالس النيابية، وطرح مشروع عمل وطنى يتجمع المصريون حوله، وعلى المستوى التشريعى إصدار تشريعات تجرم التمييز بحيث تكون الكفاءة هى المعيار الوحيد لشغل الوظائف والمناصب، وإصدار تشريع لحل مشكلة بناء وترميم الكنائس وإعمال سيادة القانون وتنفيذ القوانين بحسم دون أى اعتبار للمواءمات والتوازنات السياسية.

كذلك رسم سياسة تعليمية واعية تبدأ بتنقية المناهج الدراسية مما تخللها من أفكار تكرس الطائفية، ورسم سياسة إعلامية مسؤولة تعزز قيم المساواة واحترام حقوق الإنسان، والنهوض بالنشاطين الشبابى والرياضى لإتاحة التلاحم بين أبناء الوطن الواحد فى سن مبكرة. أخيرا مراجعة الخطاب الدينى بحيث يركز على المشترك بين الأديان وعلى جوهر الرسالات السماوية.

■ لنترك ممارسات الحكومة وما فيها من أخطاء، ودعنى أنتقل إلى ممارسات الكنيسة.. البابا كيرلس الذى سبق البابا شنودة كان زعامة روحية فقط فى حين أن الأخير زعامة خلطت الدين بالسياسة فهل لديك تفسير لذلك؟

- بدا متجاهلا للسؤال قائلا: أنا من أنصار فصل الدين عن السياسة.

■ فأعدت عليه السؤال: ولماذا خلط البابا الدين بالسياسة ؟

- الظروف تغيرت تغيرا كبيرا بين عهدى الأنبا كيرلس ١٩٥٩ -١٩٧٠وقداسة البابا شنودة، فكما سبق أن ذكرت فقد أرغمت الكنيسة على اتخاذ مواقف والتعبير عن رأى.

■ وكيف أرغم البابا شنودة على لعب دور سياسى؟

- شخصية البابا شنودة مختلفة فهو رجل علم وثقافة ورجل له كاريزما، ولأن الظروف تغيرت بين عبدالناصر والسادات اضطر البابا شنودة إلى اتخاذ موقف واضح من سياسة الدولة المشجعة لتيار التطرف وهو ما أدى إلى الصدام مع الرئيس السادات فى النهاية.

■ لو افترضنا جدلا صحة ما تقول فلماذا استمر البابا فى لعب نفس الدور رغم محاربة الدولة لتيارات التطرف هذه؟

- وهل يستطيع أن ينسحب؟

■ بما أنك ضد خلط الدين بالسياسة إذن أنت ضد التصريحات التى فاجأ بها البابا شنودة الجميع بتأييده لترشيح جمال مبارك للرئاسة؟

- نعم.. ولكن أود التأكيد على حبى الشديد واحترامى للبابا شنودة فأنا أقدر مكانته وأصلى خلفه ولكن أرجوه ألا يتدخل فى الشأن السياسى.

■ لماذا؟

- لأنه فى هذه المنطقة لن نتفق فهو زعامة روحية ومقدسة ولا يجب أن نختلف معه.

■ لكنه ليس فقط رجل دين إنما هو مثقف وشاعر وصاحب وجهة نظر ومن حقه التعبير عن رأيه حتى ولو اختلفت معه؟

- أقدر كل ذلك ولكن رأيه هذا سيجر معه ملايين الأقباط.
■ الأنبا بسنتى قال لى إنه الرأى الخاص للبابا ولا يعبر عن رأى الأقباط؟

- لا يمكن أن نفرق بين المواطن والبابا ولا يمكن الفصل بين قدسية الزعامة الدينية للبابا وآرائه السياسية كمواطن.

■ هل تعتقد بأنه سيأخذ معه ملايين الأقباط دون تفكير منهم لمجرد قدسية البابا لديهم؟

- نعم مؤكد فيما عدا القليل سيشذون عن الأمر.

■ وهل أنت من هذا القليل؟

- فى هذا الموضوع أنا منهم، ولكن لى سبب آخر لرفضى هو أن البابا بهذه الطريقة يفتح الباب أمام آخرين للخلط بين الدين والسياسة، وأعتقد أن قوله سأنتخب الحزب الفلانى أو الشخص الفلانى وتدخله فى مثل هذا الشأن خطير جدا.

■ كثيراً ما كان البابا يواجه اتهامات بأنه يخلط الدين بالسياسة ولكنها المرة الأولى التى يلعب فيها سياسة بهذا الوضوح العلنى، فلماذا؟

- نعم، أنا معك ولكن هذا السؤال يوجه له.. وأعتقد أن النظام أرغم الكنيسة على لعب دور سياسى لملء الفراغ الناتج عن غياب الديمقراطية وعن غياب الشخصيات المدنية القبطية.

------
نشرت في المصري اليوم بتاريخ 2 و3 مارس 2010
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=245823
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=245895

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون