ٍسامح عاشور



إذا أصرّ النظام على رفض الإصلاح السياسى «مش هنلعب»
-----------------------------
حوار رانيـا بـدوى- المصري اليوم٣/ ٥/ ٢٠١٠
----------------------------

من الطبيعى أن يبدأ الحوار مع سامح عاشور، نقيب المحامين السابق، النائب الأول لرئيس الحزب الناصرى، بمستجدات الساعة داخل الحزب، واستعداداته للمرحلة الحاسمة التى تمر بها مصر الآن، والخلاف غير المعلن بين أحزاب المعارضة والدكتور محمد البرادعى، ومحاولات لم شمل الأحزاب المعارضة فى «ائتلاف»، وموافقتها على عقدها لقاءات متكررة مع «الإخوان» بعد رفض دام لسنوات.

ورغم عدم تجاهل كل ذلك فى الأسئلة فإنه يمكن التوقف أمام جملة قالها أثناء حديثه عن «البرادعى»، وهى: إننا نعيش حالة «مكارثية فى مصر»، فى إشارة منه إلى السيناتور الأمريكى «مكارثى» فى فترة الستينيات الذى كان يتهم كل من يخالفه الرأى أو السياسة بأنه «شيوعى»، وبهذه الطريقة قضى على كثيرين من خصومه.

«عاشور» أطلق هذه الحالة على الصراع الدائر حاليا بين النظام والجمعية الوطنية للتغيير بقيادة الدكتور البرادعى قائلا: «الإعلام المستقل يضعنا أمام خيارين لحكم مصر.. إما أن نختار أمريكا العشوائية أو أمريكا المنظمة»، وهى الجملة التى أثارت العديد من الأسئلة فى الحوار.

■ كيف ترى المشهد السياسى الآن؟

- نعيش الآن حالة «مكارثية» إما أن نكون شيوعيين أو ضد الشيوعية، إما أن نكون أمريكيين منظمين أو أمريكيين عشوائيين، إما أن نكون مع البرادعى أو مع الحكومة، ولا ثالث بينهما وهذا واقع غير جيد.

■ بعيدا عن الشيوعية ماذا تقصد بالأمريكيين العشوائيين والمنظمين؟

- إما أن نكون أمريكيين عشوائيين كما هو النظام الحالى، بمعنى أن النظام الحالى يستمع إلى أمريكا ويطبق بعض سياساتها «حسب المزاج»، وإما- إذا جاء البرادعى إلى سدة الرئاسة- أن نتبع أمريكا بشكل منظم، فدرجة التفاهم بين الدكتور البرادعى والولايات المتحدة الأمريكية عالية.

■ ولكن الرجل نفى هذا الاتهام وقال إن أمريكا وإسرائيل كانتا أكثر الأطراف محاربة له أثناء وجوده فى الوكالة الدولية للطاقة الذرية؟

- غير صحيح، وراجعوا آخر تصريحات للبرادعى قبل دخول أمريكا لغزو العراق، فهى كانت «عائمة»، وأعطت فرصة سانحة للأمريكان بدخول العراق، ثم إن البرادعى قضى دورتين فى منصبه، فلو أن أمريكا ضده ما كان نجح فى الدورة الثانية.

■ ألهذا السبب أنتم- كحزب ناصرى- ضد الدكتور البرادعى؟

- نحن لم نأخذ موقفا ضده، بالعكس هو الذى يقف ضد العهد الناصرى، وتصريحاته المختلفة تنم عن ذلك، فطبيعى ألا نرحب بالأمر.

■ لكنه انتقد الـ٥٠ عاما الماضية ولم يخص الحقبة الناصرية بالنقد؟

- حتى خلط الأوراق هذا لا نحبه، لا يوجد شىء اسمه «كله على بعضه وحش وكل العهود سيئة»، ولا يحق أن نحسب المناخ الديمقراطى والحزبى فى عهد عبدالناصر بحسابات الآن، ولكن بحسابات عصره، توجد إخفاقات وإنجازات لكل عصر والتعميم معناه أن المتحدث يهرب من المواجهة.

■ بعض الرموز الحزبية ذهبت إلى الدكتور البرادعى مثل الدكتور أسامة الغزالى حرب وحمدين صباحى وأيدت مبادئه؟

- كل شخص حر، لكن لا يصح أن نذهب نحن كأحزاب للبرادعى ونطلب التعاون معه، خاصة إذا كان هو لا يريد التعامل مع الأحزاب. وبالطبع ليس من حق أحد مهاجمة البرادعى.

■ ولكن ما يريده البرادعى هو الإصلاح السياسى الذى أظن أنه هدفكم أيضا، فمادمتم قررتم الانصهار جميعا داخل ما يسمى «ائتلاف المعارضة» فلتنصهروا مع الجمعية الوطنية للتغيير مادام الهدف واحداً؟

- تمت دعوة الدكتور حسن نافعة إلى مؤتمر ائتلاف المعارضة، وفوجئنا به يطلب منا أن ينضم ائتلاف المعارضة تحت لواء الجمعية الوطنية للتغيير بقيادة الدكتور البرادعى، رغم أنه من الطبيعى أن تندمج الجمعية الوطنية ضمن الائتلاف وليس العكس.

وكل ما جاء به البرادعى كان على أجندتنا قبلها بأشهر، وطالما طالبنا بالإصلاح السياسى وتعديل المواد ٧٦ و٧٧ و٨٨ من الدستور ووضع ضمانات للترشيح سواء لمجلس الشعب أو الشورى أو الرئاسة.

■ أليس غريبا أن يظهر شخص مثل الدكتور البرادعى لم يعمل فى الشارع من قبل ومع ذلك تصدق أفكاره ونواياه وتلقى رواجا أكبر من الأحزاب الموجودة منذ سنوات؟

- نعترف بأن لدينا قصورا فى الأداء، ولكن لا تنسى أيضا أن العمل الحزبى فى مصر مصاب بأزمة شديدة لأنه يدار بمنهجية الحزب الواحد، فقد أصبح مفروضا على الحزب الحاكم أن يكون حاكما إلى الأبد، وعلى أحزاب المعارضة أن تظل أحزاب معارضة إلى الأبد، وهذا منطق مقلوب.

واستسهلت الحكومة هذا الوضع وتركت هامشا بسيطا للمعارضة مقابل ترك الحزب الحاكم يحكم كما يشاء.

■ ماذا لو أصر النظام على رفض أى إصلاح سياسى؟

- مش هنلعب.

■ بمعنى؟

- إذا لم يحدث تعديل وإصلاح لن نلعب وسنقول للحزب الوطنى العبوا بمفردكم، سنجمد نشاطنا ولن نشارك فى هذه التمثيلية الانتخابية.

■ لطالما كنتم جزءاً من الديكور وممثلاً رئيسياً فى هذه التمثيلية فلماذا استيقظتم الآن؟

- ولماذا تلومين علينا الاستيقاظ؟!

■ لأنه جاء متأخرا!

- ليس هناك فى حياة الشعوب ما يسمى المبكر أو المتأخر. أى لحظة يحدث فيها تحرك هى لحظة مهمة.

■ ولكن هل تعتقد أن هذا الانسحاب سيضير النظام فى شىء أم أنه ربما يتعامل مع الموقف على طريقة «بركة يا جامع»؟

- أعتقد أنه سيضير النظام.

■ هل تعتقد أن الأزمة الحالية سببها التشريعات والدستور؟

- لا، على العكس، التشريعات جيدة فى كثير من الأحيان، والدستور نفسه ينص على تداول السلطة ونزاهة الانتخابات، المشكلة الحقيقية تكمن فيمن يجرى العملية الانتخابية، وهى وزارة الداخلية، فهم يصدرون النتائج التى يريدونها بنسبة ٨٠ إلى ٨٥% لصالح الحزب الوطنى، والسبب وجود الرئيس على رأس هذا الحزب.

لا يوجد مسؤول حزبى يستطيع أن يجعل الوزراء يسيرون خلفه، كما نرى فى الحزب الوطنى، إلا أن الرئيس على رأس هذا الحزب، وهم جميعا مدركون أنه لا يوجد حزب، إنما يفعلون ذلك من أجل رئيس الحزب «الرئيس مبارك».. لذا أرى أن الرئيس لو خرج من الحزب لن يبقى مسؤول واحد فيه.. وأنا أدعو الرئيس مبارك للتخلى عن رئاسة الحزب لأن بخروجه ستحل معظم مشاكل الشعب المصرى.

■ وهل تعتقد أن الرئيس مبارك لو رشح نفسه لدورة رئاسية جديدة وتنازل عن عضوية الحزب الوطنى سيحظى بشعبية أكبر؟

- نعم بالطبع، لأن شرعية الرئيس مبارك غير مستمدة من الحزب إنما من بطولته فى حرب أكتوبر العظيمة، بل على العكس الحزب الوطنى يمثل عبئا عليه وعلى شعبيته وعلى الحالة السياسية فى مصر.

■ وماذا لو حدث وتنازل الرئيس مبارك عن رئاسة الحزب الوطنى ولكن رفض الامتثال للإصلاح السياسى.. هل ستقبلون بذلك؟

- نعم، لأنه سيحل مشكلة التقييد على الحالة الحزبية فى مصر، وستصبح هناك تعددية حزبية وليس حزبا واحدا مسيطراً على البرلمان وعلى القوانين والتشريعات والحالة السياسية فى البلد.

■ وهل وقتها ستعطى صوتك للرئيس مبارك فى الانتخابات؟

- ابتسم، ثم أجاب :أنا شخصيا سأصفق له.

■ أعود إلى ملامح تدخل النظام ووزارة الداخلية لصالح الحزب الوطنى فى الانتخابات كما أشرت.

- لو لاحظت كل مرشحى الحزب الوطنى يحملون رمزى «الهلال والجمل»، والناس اعتادت أن هذين هما رمزا الحكومة، وباقى المرشحين من بقية الأحزاب يترك لهم رمزا الساعة والنجفة وغيرهما، رغم أنهم يقولون إن الرموز تؤخذ بحسب أسبقية التقدم بالترشح، وكأن كل مرشحى الحزب الوطنى «أول من صحيوا من النوم وتقدموا بالترشح» وهذا طبعا مستحيل، ورغم أن المسألة قد تبدو تافهة بالنسبة للبعض فإن لها دلالات قوية جدا.

■ وما هذه الدلالات؟

- هذا معناه أن كل شىء تم ترتيبه مسبقا.

■ فى رأيك من يضع خطط إدارة الانتخابات على هذا النحو؟

- الأمن هو الأذكى والأكثر «حرفنة» فى هذه المسائل من الحزب الوطنى، لكن بتوجيه وطلب مباشر من الأخير.

■ هل يتدخل المحافظون فى تزوير الانتخابات؟

- طبعا كلها مؤسسة واحدة.

■ قلت إن أحدا لم يقف معك أثناء تعديل قانون المحاماة وقت أن كنت نقيبا للمحاميين، وإن الجميع وقف ضدك باستثناء الرئيس مبارك؟

- نعم، وقف الجميع ضد تعديل القانون بمن فيهم أحمد عز والدكتور مفيد شهاب والدكتور فتحى سرور والدكتور زكريا عزمى. الوحيد الذى كان معى هو الرئيس مبارك ولولا أنه أعطى أوامره بمناقشة مشروع القانون ما كان أحد سيطرحه للنقاش.

■ رغم أن مناقشة المادة الأولى كانت فى مصلحتك الشخصية لأنها تنص على أن آخر مجلس منتخب فى النقابة يديرها لمدة انتقالية لحين إعادة الانتخابات وبالتالى ستكون أنت على رأس هذا المجلس؟

- القبول بهذه المادة فقط دون باقى مواد القانون لا قيمة له، لأنه يعنى أننى أريد أن أكون نقيبا والسلام، لذلك رفضت وصعّدنا الموقف إلى أعلى المستويات وهددنا بالاستقالة من النقابات الفرعية، حتى وصل الأمر للرئيس مبارك فأصدر أوامره بطرح القانون بالكامل للنقاش، وبعدما طرح القانون للمناقشة فوجئت بأن المادة الوحيدة التى استبعدت تماما هى المادة الأولى الانتقالية.

■ بأمر من الرئيس أيضا؟

- لا، الرئيس عندما وجد أن هناك أزمة محتدمة حول هذه المادة أمر باستبعادها.

■ هل تعنى أنه كان يعلم بموقف المعارضة من المادة قبلها فأقدم بطمأنينة على إعطائهم فرصة أكبر؟

- طبعا.

■ ولماذا بدل الدكتور فتحى رأيه فى المادة رغم أنك قلت إنه كان يريد تمريرها؟

- لا أعرف.

■ هل من الممكن أن يكون ذلك نكاية فيك لأنك حصلت على موافقة عليا لمناقشة القانون عكس رغبته؟

- يجوز، المهم أنهم جميعا أرادوا «ضرب» المادة.

■ أتفهم موقف الدكتور فتحى سرور، ولكن ما هى مصلحة رموز المعارضة؟

- اسأليهم لماذا كانوا معى قبلها بليلة واحدة وقالوا إنها مادة قانونية ودستورية ثم غيروا موقفهم.

■ أمر من اثنين، إما أنهم كانوا يتلاعبون بك أو أنهم كانوا صادقين وقتها وتمت صفقة بينهم وبين الدكتور سرور؟

- لا يوجد ما يجبرهم على التلاعب بى.

■ إذن الإجابة هى الاختيار الثانى؟

- بعضهم أراد الوقوف إلى جانب الدكتور سرور وآخرون منهم أرادوا إرضاء الإخوان.

■ بصراحة هل تفكر فى ترشيح نفسك للرئاسة؟

- لا، وإن كان الحزب الناصرى مثل المستقلين ليس له حق الترشيح للرئاسة لأنه ليس لديه أى عضو فى البرلمان.

ولكن لو تم تعديل المواد ٧٦ و٧٧ و٨٨ سندرس إمكانية الترشح لمنصب الرئاسة.

■ لو توافرت الشروط وطلب الحزب الوطنى منك أن تكون ضمن المرشحين حتى لا تبدو الانتخابات الرئاسية «مسرحية هزلية» كما كانت فى الماضية؟

- لو قبلت أن أكون جزءا من هذه التمثيلية سيكون هذا انتحاراً سياسياً.

■ إذن هل سترشح نفسك لرئاسة الحزب الناصرى؟

- وارد، ولكن لن أطرح نفسى إلا فى إطار توافقى.

■ متى؟

- ليس قبل عام.

■ سؤال أخير هل مازلت تصف الحكومة بالغباء؟

- بل أصبح شعارا أرفعه «طبعا الحكومة غبية» هو فيه حد يبيع الغاز لإسرائيل ويرجع يستورده من الجزائر بمبالغ مضاعفة، ثم كل ما يعيشه الناس من أزمات الآن أبلغ دليل على أن الحكومة غبية فى سياساتها.
----------------
نشر في المصري اليوم بتاريخ 3-5-2010
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=253505&IssueID=1759

هناك تعليق واحد:

  1. أدعوكم إلى قراءة ملخص لمقالة علمية عن فكرة أن الأحزاب تُنجح مشروعات سياسية من خلال بناء انقسامات اجتماعية جديدة.‏

    ردحذف

المتابعون