اللواء أبو بكر الجندي

أحدث حصر لـ«شهداء يناير» :
٢٠٠ حالة وفاة بطلق نارى و٦٠ نتيجة عنف المظاهرات و٥٤ حالة تسمم بـ«الغازات»
------------------------------------------------
أجرت الحوار رانيـا بـدوى ٣/ ١١/ ٢٠١١
-------------------------------------------------


«أثق فى نزاهة الانتخابات المقبلة لأن الجيش، هو الذى سيشرف عليها لكننى غير واثق من ديمقراطيتها، بمعنى.. هل ستكون معبرة فعلاً عن إرادة الشعب؟.. وهل التيار الذى سيحصل على الأغلبية سيكون ممثلاً للشعب؟.. «سؤال مشوب بالتخوف يطرحه اللواء أبوبكر الجندى، رئيس الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء فى حوارنا معه.. الذى وصف شباب الثورة خلال الحوار بـ«العباقرة»، لنجاحهم فيما فشل فيه الجيل الأكبر، وقال: بعد الثورة كنت مؤمناً أن الشباب هو الذى سيحمى الانتخابات المقبلة من أى تيار يحاول الاستئثار بها، وأنه سيتصدى للرشاوى الانتخابية، وسيمنع أى محاولة لأى تيار لشراء الأصوات، إلا أنني، بمرور الوقت، اكتشفت للأسف أن الشباب يعرفون بعضهم جيداً، على الـ«فيس بوك»، لكن تأثيرهم فى الشارع ضعيف، بل وربما هم أنفسهم لا يعرفون بعضهم على أرض الواقع، وهو ما أعادنى إلى القلق.

خلال هذا الحوار يتحدث اللواء «أبوبكر» بالأرقام عن الوضع الاقتصادى بعد الثورة، وأكد أن تحويلات المصريين فى الخارج لم تتأثر، ودخل قناة السويس فى ازدياد وأن السياحة تأثرت بأحداث «ماسبيرو»، وأن عدد شهداء الثورة طبقاً لما أمكن رصده هو ٣١٤ شهيداً فقط طبقاً لشهادات وفاتهم، وهو ما يثير تساؤلات عديدة حول مصير حقوق الشهيد الذى لم يكتب فى شهادة وفاته سبب ومكان الوفاة؟.. وإلى نص الحوار..

■ هل هناك أرقام معينة داخل الجهاز ممنوعة من النشر لأسباب أمنية؟

- أؤكد لك أنه لا يوجد رقم إحصائى واحد فى الجهاز محجوب عن الرأى العام أو الإعلام.

■ إذن أطلعنى على تعداد المسيحيين فى مصر؟

- عدد المسيحيين موضوع متعلق بالوعى الإحصائى، فسؤال الديانة طبقاً للمعايير الدولية الراسخة منذ ٢٥ عاماً «اختيارى» فى أى تعداد طبقاً للمفاهيم الدولية الحديثة، ولذا لا يصلح الرقم للإعلان، لأنه غير جامع.. وماذا يهمنى من معرفة تعداد المسيحيين الآن؟.. هل سأزيد من حقوقهم أو أنقص من واجباتهم بناء على هذا الرقم؟ نحن فى غير حاجة لإثارة مثل هذه القضايا الآن، رغبة فى التوحد ولم الشمل.

■ ولكن بنفس منطق «لم الشمل»، لابد من علاج جميع الأزمات، التى خلفها النظام السابق، فيما يخص العلاقة بين المسلمين والمسيحيين، وأهمها مسألة بناء الكنائس، لأنه بناء على مشروع قانون دور العبادة الموحد سيكون بناء دور العبادة الجديدة استناداً إلى الأعداد فى كل منطقة لذا لابد أن توفر للحكومة هذه الأرقام؟

- بيانات دور العبادة، سواء المساجد أو الكنائس متوفرة بالجهاز، لأنها تعتبر منشآت، ويتم جمع بياناتها فى كل تعداد وهى منشورة والدولة تستطيع أن تصل لأعداد المسلمين والمسيحيين، من خلال قاعدة بيانات الرقم القومى إذا أرادت ذلك، ونحن ملتزمون بالمعايير الدولية للإحصاء، التى تجعل سؤال الديانة اختيارياً فى كل تعداد.

■ ما تعليقك على أحداث «ماسبيرو».. وهل كانت لها تأثيرات على الاقتصاد، خاصة بعد إدانة برلمان الاتحاد الأوروبى الواقعة وطريقة تعامل المجلس العسكرى مع الحدث؟

- كانت أحداث «ماسبيرو» صادمة لكل الأطراف.. المجلس العسكرى والحكومة والمصريين جميعاً، نظراً لأحداث العنف غير المسبوقة، التى شهدتها البلاد، وما ترتب عليها من خسائر بشرية، هى الأكبر على الإطلاق، بعد أحداث الثورة.. وفى هذا المجال أوضح لك النقاط المهمة.. أولاً: مبنى الإذاعة والتليفزيون هو أهم هدف حيوى تهتم القوات المسلحة بتأمينه من الداخل والخارج فى القاهرة. ثانياً: إن المظاهرات السلمية للإخوة الأقباط كانت وليدة أحداث سابقة صورت إعلامياً بشكل أكبر من حقيقتها، وسببت احتقاناً ومرارة لديهم. ثالثا: بدء المسيرة سلمياً وتحركها لمسافة كبيرة، حتى وصولها إلى «ماسبيرو»، واستمرار المحتجين فى التظاهر بشكل سلمى لفترة طويلة، دون أى تجاوزات سواء من الأمن أو المتظاهرين.. وهو شىء حدث من قبل مرات عديدة. رابعاً: الجديد فى الأمر هو بدء الاعتداءات والعنف ضد عناصر التأمين، ما أدى إلى سقوط قتلى بفعل عناصر، لا يمكن أن تكون من المتظاهرين، وترتب عليه فعل غير مسيطر عليه، من عناصر التأمين، نظراً لاستخدامها معدات ثقيلة فى مساحات ضيقة جداً وتعرضها لتهديدات حقيقية.. وترتب على ذلك هذه الخسائر، وتبقى النقطة الفاصلة التى تخضع للتحقيق حالياً، سواء من لجان تقصى الحقائق أو من الجهات القضائية، التى نأمل أن تنجح فى الوصول للمتسببين الحقيقيين عن الأحداث والأطراف المحركة لهم، ولا يبقى إلا أن نعى دروس هذا الحدث الكبير، وأهمية أى احتقان أو شعور بالظلم لدى الإخوة الأقباط، بالدراسة الدقيقة لمطالبهم وتحقيق كل ما هو ممكن منها، حفاظاً على أمن واستقرار ووحدة نسيج الوطن.

■ إلى أى مدى أثرت هذه الأحداث على السياحة والاستثمار والاقتصاد بشكل عام؟

- أى أحداث من هذا النوع بكل تأكيد تؤثر بداية فى «السياحة»، وقد أثرت أحداث «ماسبيرو» على السياحة، وكانت القاهرة أكثر منطقة تأثرت بالأحداث، تلتها شرم الشيخ والغردقة.

■ قرأت لك تصريحاً قلت خلاله إن الصادرات بعد الثورة بدأت فى الزيادة، وتصريحاً آخر «إن مصر لن تشهر إفلاسها».. بينما هناك آراء أخرى تحذر من الوضع الاقتصادى.. فما تقييمك للموقف بناء على أرقام الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء؟

- الاقتصاد المصرى تأثر بشدة، خلال الفترات الأولى من عمر الثورة، وبمرور الوقت استطاعت بعض القطاعات الاقتصادية أن تحقق ثباتاً فى الأداء الاقتصادى ومعدلات للنمو، مثل قطاعى النقل والتخزين، والمعلومات والاتصالات، فى حين استمر التأثر السلبى بالأحداث لقطاعى السياحة والاستثمار، ووفق أرقام «الجهاز»، فإن إيرادات قناة السويس لم تتأثر، بل حققت زيادة فى الستة أشهر الأولى من عام ٢٠١١، وبلغ دخل القناة ٢.٥٥ مليار دولار مقابل ٢.٢٦ مليار دولار عن الفترة ذاتها من ٢٠١٠، بزيادة قدرها ١٢.٨٪، وارتفعت الصادرات اعتباراً من شهر فبراير ٢٠١١ حتى الآن، وبلغت نسبة زيادة الصادرات خلال أغسطس ٢٠١١ نحو ٤.٧٪ عن الشهر ذاته خلال العام السابق، نتيجة زيادة صادرات البترول الخام ومنتجاته بنحو ١١٣.٣ مليون دولار، إضافة إلى صادرات السكر المكرر، والسجاد والكليم.

أما قطاع السياحة فقد انخفضت إيراداته خلال فترة الستة أشهر الأولى من عام ٢٠١١ بنحو ١.٩٤ مليار دولار بنسبة تراجع بلغت ٣٤.٨٪ عن ذات الفترة من العام السابق، ويعد الاستثمار الأجنبى المباشر من أبرز الأنشطة الاقتصادية المتأثرة بأحداث الثورة، وقد انخفض خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجارى بنسبة تزيد على ١٠٢٪، وكانت قيمة صافى الاستثمار الأجنبى المباشر فى تلك الفترة سالب ٦٤.٦ مليون دولار مقابل ٤١٣٢ مليون دولار فى الفترة ذاتها من ٢٠١٠، وارتفع معدل البطالة إلى ١١.٨٪ فى الربع الثانى من ٢٠١١ مقارنة بـ٩.٠٪ فى الربع الثانى من ٢٠١٠، وارتفع عدد العاطلين من ٢.٤ مليون إلى ٣.١ مليون، بنسبة زيادة قدرها ٢٩.٢٪، إضافة إلى زيادة المصروفات العامة وانخفاض الإيرادات، وارتفاع عجز الموازنة العامة إلى ١٣٢.٥ مليار جنيه عن العام المالى المنتهى فى يونيو ٢٠١١، بنسبة زيادة عن العام السابق بلغت ٣٥٪، وانخفاض معدل النمو الاقتصادى خلال الفترة (أبريل/ يونيو ٢٠١١) إلى ٠.٤٪ مقابل ٥.٤٪ عن نفس الفترة من ٢٠١٠.

■ هل تعد أرقام الاحتياطى النقدى المتبقية بعد الثورة مخيفة؟

- خلال شهور الثورة الأولى كان الاحتياطى النقدى يتناقص شهرياً بمتوسط بين ١.٥- ٢.٠ مليار دولار، ومنذ شهر يونيو انحسر هذا التراجع، وبلغ الاحتياطى ٢٤ مليار دولار نهاية سبتمبر ٢٠١١.

■ إلى أى مدى تأثرت تحويلات المصريين فى الخارج؟

- رغم أحداث الثورة إلا أن تحويلات العاملين فى الخارج لم تتأثر وازدادت، وبلغ صافى التحويلات خلال الفترة من يناير حتى يونيو ٢٠١١ نحو ٦٣١٣ مليون دولار، مقابل ٦١٧٣.٥ مليون دولار عن الفترة ذاتها ٢٠١٠ بنسبة زيادة قدرها ٢.٣٪، وهو ما يعكس ثقة المصريين فى الخارج فى وطنهم رغم انقطاع تحويلات العاملين فى ليبيا.

■ لكن هل هناك إحصاء عام لحجم الخسائر منذ بداية الثورة؟

- لا نقول خسائر، ويمكننا أن نقول ما مدى تأثر الإنتاج، وخلال إجراء الإحصائيات كل شهر نقوم بمقارنتها بالشهر السابق، كما أوضحت فى الأمثلة السابقة، وفى الصناعة نعبر عن هذا التأثر، من خلال الرقم القياسى للصناعات التحويلية ككل، أو لكل صناعة على حدة، وقد قمنا فى «الجهاز» بمبادرة الأسبوع الثانى لاندلاع الثورة، من خلال إعداد دراسة، على ٨ أيام فقط، من ٢٩ يناير إلى ٥ فبراير فى ٤ مناطق شهدت حظر التجول (القاهرة، الإسكندرية، السويس، والعاشر من رمضان)، وعلى ٣ أنشطة فقط هى السياحة، والصناعة، والبناء والتشييد، وهى القطاعات التى أمكن جمع بيانات الإنتاج فيها، خلال تلك الفترة، فكانت الخسائر حوالى ٧ مليارات جنيه خلال هذه المدة، وكان هدفنا من الدراسة هو دق جرس إنذار مبكر للمجتمع، مفاده ضرورة عدم تأثر الأعمال والاقتصاد بالعمل السياسى.

■ مع كل الأرقام المخيفة، التى توافرت لديك عن التضخم والأسعار والدخل.. هل توقعت قيام الثورة؟

- إطلاقاً.. وذلك للقناعة الراسخة عند الجميع باستقرار النظام، ولذلك اعتبرت فى ظهورى للمرة الأولى يوم ١٨ فبراير للإدلاء بالتقرير الخاص بالخسائر، إبان الثورة.. أن ما حدث كان ثورة بكل المقاييس، لأنه لم يكن أحد يحلم حتى ممن شاركوا فى أحداث ٢٥ يناير بما حدث، بل كان أقصى طموحنا تغيير مادة أو مادتين فى الدستور، للسماح بالمنافسة فى انتخابات الرئاسة، فإذا بنا نسقط النظام بأكمله، فقد تغلب الشباب على كل أبناء جيلى وعلى كل المثقفين والكتاب، الذين لم يكن لديهم أى أمل فى حدوث كل هذا التغيير، وعبقرية الثورة فى كونها تمت دون قائد وهو فى حد ذاته سر نجاحها.

■ هل هناك أى إحصاء عن أعداد قتلى الثورة أو الشهداء لدى الجهاز؟

- الإحصاء الموجود لدينا لا يعبر عن الواقع الحقيقى، لأننا نرصد أعداد الوفيات وفق شهادات الوفاة، التى تصلنا من مكاتب الصحة، ويدون فيها سبب الوفاة، وربما يكون هناك متوفى خلال الثورة لم يدون فى شهادة الوفاة سبب الوفاة الحقيقى، سواء عن عمد من الطبيب أو مجرد خطأ، لكن على أى حال كل من أكدت شهادة وفاته أنه قتل خلال الثورة، لأسباب مختلفة فى الوقت ما بين ٢٢ يناير حتى ١١ فبراير ٢٠١١، تم إحصاؤه، والغريب أننا لأول مرة نجد فى أسباب الوفاة جملة «الوفاة نتيجة عنف أثناء المظاهرات»، وهذا قد يكون وقع فدهسه الناس بأرجلهم أو ما شابه، أما عن البيانات الدقيقة فهى كالتالى ٢٠٠ حالة وفاة نتيجة طلق نارى فى جميع محافظات مصر، و٦٠ حالة وفاة نتيجة العنف، خلال المظاهرات، و٥٤ حالة وفاة نتيجة تسمم بالغازات.. وكان للقاهرة النصيب الأكبر خاصة أقسام السيدة زينب وقصر النيل.

■ لكن هذا الإصحاء قد يضر بحقوق الشهداء، الذين رفض الأطباء ذكر سبب وفاتهم الحقيقى، خوفاً أو تواطئاً مع النظام السابق، على اعتبار أن هذا هو الرقم الرسمى الذى تعترف به الدول؟

- فى النهاية مهمتنا هى الإحصاء، ولا نستطيع إحصاء شهيد لم يكتب فى شهادة وفاته سبب الوفاة.

■ بعيداً عن الأرقام كيف ترى الثورة الآن.. وما تقييمك للمشهد السياسى بشكل عام؟

- الذين كانوا فى الميدان يوم ٢٥ و٢٨ يناير حتى التنحى كانوا أفضل الناس ونواة الثورة، واكتسبوا احترام العالم أجمع، لكن بعد ذلك حدثت تراكمات من متطلعى السلطة وأصحاب المصلحة الذاتية، ما يجعلنى أشفق على الحكومة الحالية والمجلس العسكرى، ولدى ثقة فى نزاهة الانتخابات المقبلة، لأن الجيش الذى سيشرف عليها، لكنى غير مطمئن لمدى ديمقراطيتها، بمعنى أن يكون الفائز بها ممثلاً بالفعل للمجتمع المصرى، لكن الديمقراطية الحقة لن تتحقق بشكل فورى، إنما عبر السنين المقبلة وبشكل تدريجى مع زيادة الوعى وقوة وتأثير الأحزاب.

■ كيف ترى تعامل المجلس العسكرى مع القضايا المختلفة؟

- أنا واثق أن كل قرار يؤخذ من قبل المجلس العسكرى يتم بالتشاور مع كل القوى المخلصة والخبيرة فى مصر.

■ ماذا تتوقع للانتخابات البرلمانية المقبلة؟

- فى البداية كنت مؤمناً بقدرة الشباب على مواجهة سماسرة الانتخابات والفلول، لكن بعد ما حدث خلال الأشهر المتتابعة بداية من «جمعة لم الشمل» حتى الآن تسرب لدى القلق.. فقد اكتشفت أن الشباب الذى أنا مؤمن به يعرف بعضه البعض جيداً عبر الإنترنت والـ«فيس بوك» فقط ولا يعرفون بعضهم على أرض الواقع وتأثيرهم فى الشارع أصبح محدوداً ومحل سؤال لدىَّ لكن مازالت لدىَّ ثقة فى الشعب الذى دعم الثورة، ولابد من الإسراع فى بناء مؤسسات الدولة، بخروج الشعب بكل طوائفه وإعمارها والمشاركة فى الانتخابات، والحرص على الإدلاء بصوته، رغم ما قد يحدث من تزاحم وطول فترة الانتظار وعلينا تجنب العنف بكل وسيلة ووقتها فقط سنحمى الصناديق وسنحمى الديمقراطية وسنتأكد أن الفائز هو الذى يمثل أغلبية الشعب.

■ لكن ارتفاع نسب الفقر والأمية بين الشعب يهدد باستمرار ظاهرة شراء الأصوات وتلاعب أى تيار سياسى بالعملية الانتخابية؟

- لدينا نسبة فقر ٢٠٪ و٢٩٪ نسبة أمية لكن ماذا عن باقى الـ٧٠٪؟.. لو جاء مجلس الشعب صحيحاً بنسبة ٧٠٪، فهذا منتهى النجاح، الآن كما أنه حتى بين الأميين وشديدى الفقر هناك من لديهم وعى عالٍ للغاية، فلابد من زيادة المشاركة والثقة وعدم الخوف، فأيا كان من سيكتب الدستور مثلاً ففى النهاية الذى سيجيزه هو الشعب.. وأنا أعول على القاعدة التى لابد من زيادة وعيها وعدم الخوف من أى تيار، مع ضرورة المشاركة الكاملة، حتى يحصل كل تيار على حجمه الحقيقى فى المجلس وأعتقد أن فكرة المبادئ الحاكمة للدستور نقطة توازن مهمة، ما بين رغبتنا فى كتابة «الدستور أولاً» والخوف من سيطرة تيار معين على البرلمان فيأتى بدستور على هواه.

■ التهب المشهد السياسى بعد ضرب إسرائيل للجنود المصريين على الحدود ومن هنا الحديث عن تنمية سيناء.. من خلال توافر الأرقام والإحصائيات لديك.. كيف يمكن تنفيذ خطة التنمية؟

- كلما وقعت أحداث مشابهة نسمع عن خطط لتنمية سيناء وأبدا لم تنفذ «ولا خطة»، وأتمنى أن تكون الحكومة جادة هذه المرة، لكن الاعتماد على خطط للاستثمارات الخاصة فى سيناء، ستكون غير مجدية، ولن تأتى بالنتائج المرجوة، ودعينى أؤكد لك بمعرفتى بطبيعة سيناء - وقد خدمت فى الجيش هناك لفترات طويلة - فهى ليست طبيعة سهلة من خلال المناخ والأرض الجبلية فى الجنوب، والرمال والكثبان المتحركة فى الوسط والشمال، لذا أرى أن أى استثمار خاص هناك لن يحقق العائد الاقتصادى المطلوب، ولأن العائد الذى نريده هو الأمن القومى، لذا أرى أن الدولة هى التى يجب أن تتحمل هذا العبء وتتحمل التكلفة، وتتغاضى عن العائد الاقتصادى فى مقابل الأمن القومى، وأن تتعامل مع سيناء كونها مشروعاً قومياً كبيراً.

■ هناك طرح بإعلان وسط سيناء «محافظة مستقلة»، لذا دعنى أسألك وفقاً للأرقام المتاحة لديك فى الجهاز، هل من يقطنون «وسط سيناء» فى حاجة فعلية لمحافظة مستقلة، وإلى أى مدى سيسهم ذلك فى حل قضايا البدو؟

- هذه وجهة نظر بعيدة كل البعد عن حل أزمات سيناء، فهل يعقل أن نعمل هياكل إدارية وكوادر كبرى حتى تتم إدارة أقل من ١٠٠ ألف مواطن.

■ باعتبارك رجلاً عسكرياً وخبيراً استراتيجياً.. ما تقييمك لضرب إسرائيل للحدود، وهل يمكن أن يكون الأمر غير مقصود فعلاً؟

- لا، على الإطلاق، الأمر مقصود تماماً، ويدل على استخفاف من قبل إسرائيل، عندما كانت تحدث اختراقات جوية للحدود فى بداية تطبيق اتفاقية السلام، كانوا يتعللون بأن الحدود غير واضحة، أما الآن الأمر مختلف، فالحدود واضحة تماماً، وهم يعلمون أن هذه نقطة حراسة مصرية، ووقفوا فوقها عمداً وضربوا الجنود عمداً، والأمر ليس فيه أى خطأ، ووفقاً لعلمى، كرجل عسكرى، بطبيعة هذه العمليات وبطبيعة الشخصية الإسرائيلية، أؤكد لك أن هذا النوع من العمليات يتم بقرار من أعلى القيادات السياسية والعسكرية، وليس من قادة محليين فى الجيش.

■ نظراً لانتمائك للمؤسسة العسكرية.. كيف ترى القانون الجديد للكسب غير المشروع، الخاص بالجيش، الذى انتقده البعض لكونه محاولة لتحصين الجيش من أى تدخلات بعد انتخاب برلمان ورئيس جديدين؟

- هذا القانون صيغ لحماية بعض الأنشطة، التى تتعلق بالأمن القومى وبالقوات المسلحة، فكان من الضرورى أن يتولى القضاء العسكرى هذه القضايا، لأنه أدرى بطبيعة هذه التفصيلات من القضاء المدنى، ولأن بعض المعلومات تكون سرية، خاصة بأمن البلاد، فهذا القانون كان لحماية البلد، لهذا قصرها بالقول «فيما يتعلق بالقوات المسلحة».

■ البعض يفسرها بأن المقصود بها كل ما يتعلق بصفقات شراء الأسلحة؟

- قضيت فى القوات المسلحة ٣٩ عاماً، وتوليت مناصب كثيرة فى كل قياداتها، وأنا شخصياً لم أر مرة واحدة أى صفقات لشراء الأسلحة تتم بغير شفافية، وحتى إذا كانت مصر تُقصر فى هذا الأمر، فالطرف الذى يتم الشراء منه، دول متقدمة وراسخة فى الديمقراطية وتحاسب شركاتها، وأرى أن تناول الموضوع من خلال الإعلام «مبالغ فيه»، خاصة أن معظم تعاقداتنا من السلاح تكون فى إطار المعونة الأمريكية، التى تكون لها شروط شديدة الصرامة

-------------
نشر في المصري اليوم بتاريخ 3/11/2011
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=316092

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون