عدلي حسين



محافظ القليوبية فى حوار جرىء مع «المصرى اليوم» عن الملفات الساخنة:
أصدرت تعليمات صارمة بمنع أى ملصقات تؤيد جمال مبارك أو تعارضه (١-٢)
------------------------------------------------------------
حوار رانيا بدوى - المصري اليوم- ٢٣/ ٨/ ٢٠١٠
-----------------------------------------------------

«أصدرت تعليماتى لجميع رؤساء الوحدات المحلية بمنع أى ملصقات للأستاذ جمال مبارك، سواء التى تحمل جمل التأييد والدعم، أو شعار (مصر كبيرة عليك)».. ليس هذا فقط ما قاله المستشار عدلى حسين محافظ القليوبية، فى حواره مع «المصرى اليوم» حول أحداث الساعة، بل أضاف: إذا أراد جمال مبارك جس نبض الشارع المصرى تجاهه فلا يجب أن يكون بتلك الطريقة، وليس بواسطة هؤلاء الناس.

المستشار عدلى حسين رجل معروف بصرامته وجديته، ومواقفه التى تدل على وعى سياسى، وإحساس بالمواطن رغم كونه من أركان النظام، وهو لا ينفى أنه جزء من هذا النظام، لكنه يسمح لنفسه دائماً بالتباين عنه فى القضايا التى يرى أنها تضر بالوطن وأحيانا بالنظام نفسه.. ويرى أن مصر أكبر من أى عبث، وأن الحزب الوطنى ليس فى حاجة لممارسات خاطئة ليثبت شعبيته. إنها مجرد عينة من آرائه السياسية الجريئة التى تتمدد فى هذا الحوار..

■ سيادة المستشار.. ما رأيك فى تشكيل مجلس الشعب الماضى وأدائه؟

- مجلس الشعب الماضى كانت عليه تحفظات شديدة، وحدث خلل لا شك فى تشكيله، فبعض الأعضاء لم يكونوا على مستوى المسؤولية، وعلى الجميع إصلاح هذا الخلل، حتى لا تأتى مثل هذه النوعيات إلى المجلس القادم، وحتى يتم التغيير والإصلاح الذى ننشده.

■ وما تقييمك لانتخابات مجلس الشورى الماضية؟

- لا شك أن عليها ملاحظات، وأعتقد أن الدكتور مفيد شهاب نفسه فى أكثر من تصريح صحفى قال إن الأمر لم يخلُ من بعض التجاوزات.

■ بعض التجاوزات؟!

- هذا على حد تعبيره، وأنا أتفق معه أن هناك تجاوزات جرت يجب أن نقلع عنها ونبرأ منها فى انتخابات مجلس الشعب المقبلة.

■ بصراحة هل يشارك المحافظ فى هذه التجاوزات، باعتباره جزءاً من منظومة الحزب الوطنى؟

- العملية الانتخابية عملية حزبية ١٠٠%، بدءاً من إعداد قائمة الترشيحات، مروراً بالعملية الانتخابية، وإعلان النتائج، ولا علاقة لنا بكل هذه التفاصيل باستثناء ما نحن مكلفون به، من مراقبة العملية الدعائية وأصولها، وتوفير الراحة للمشرفين على الانتخابات، تسهيل المواصلات وطرق الانتقال، مساعدة الشرطة فى تأمين اللجان الانتخابية ونقل صناديق التصويت.

■ ألم يطلب منك المشاركة فى إنجاح مرشح دون الآخر؟

- إطلاقا، لم يفاتحنى أحد فى مثل هذا الأمر، لا تلميحا ولا تصريحا، وأنا رجل قديم وأفهم حدودى جيدا وهم أيضا يعلمون مع من يتعاملون.

■ ألم يأت لك أحد من المواطنين من قبل للشكوى من منعه من الإدلاء بصوته؟

- لا أذكر سوى شكوى واحدة أتتنى من مرشح التجمع الدكتور شوقى الكردى، المرشح، حيث اشتكى من أن مرشح الحزب الوطنى ينوى استخدام مركز للشباب لعمل دعاية انتخابية ومؤتمر انتخابى، فأرسلت رئيس الوحدة المحلية، ومدير مركز الشباب، وتأكدا من أن شكواه صحيحة فمنعت المؤتمر قبل أن يعقد وحظرت تماما استخدام أى مصلحة حكومية فى الدعاية الانتخابية، مثل المستشفيات والمدارس ومراكز الشباب، وفى النهاية نجح مرشح الحزب الوطنى، ولم يكن فى حاجة إلى مثل هذه الممارسات، وفى نفس الوقت جاءنى الدكتور شوقى وشكرنى على موقفى.

■ ألهذا أصدرت قراراً بعدم استغلال المصالح الحكومية والمنشآت العامة فى الانتخابات من قبل الحزب الوطنى، وهو القرار الذى فسره البعض بأنك تعادى الحزب؟

- الحزب الوطنى يجب أن يكون قدوة، ولا يتصور أحد أنه يأخذ ميزة على حساب بقية القوى السياسية الأخرى، لأن الوضع السياسى الحالى لا يسمح بمميزات لأحد على حساب أحد، كما أن الحزب الوطنى ليس بحاجة إلى أى استثناءات، الحزب له قواعد ورموز فى كل دوائر الجمهورية، وليس بحاجة إلى أى إجراءات تظهر أن له سيطرة غير مشروعة، وهذا حفاظا على الحزب الوطنى ذاته وليس ضد مصلحته.

■ وما توقعاتك لانتخابات مجلس الشعب المقبلة؟

- أتوقع أن تكون أكثر سخونة والصراع فيها أقوى وأشرس، وهذا يبدو واضحا من لافتات الدعاية الموزعة فى كل مكان، وعلى ما يبدو أن الإخوان يستعدون لترشيح عدد كبير من النساء، ردا على مسألة الكوتة كما أن مرشحى الوفد والتجمع متواجدون فى أغلب الدوائر تقريبا.

■ وماذا عن التلويح بمقاطعة الانتخابات طوال الفترة الماضية، إذا لم يقدم النظام ضمانات لنزاهة الانتخابات؟

- الوفد والتجمع لن يقاطعا الانتخابات، ولا أظن أن الإخوان سيفوتون الفرصة بالمقاطعة، خاصة أن لديهم رصيداً سابقاً، لا أعتقد أنهم سيهدرونه بل على العكس سوف يستثمرونه، الأمر الآخر أن جميع الأحزاب تجهز من الآن مرشحاً للرئاسة، فكيف سيقاطعون وهم ينوون الترشح للرئاسة، أنا أعتقد أن كل ما يقال عن مقاطعة الانتخابات مناورات سياسية لا أكثر.

■ قلت إن الانتخابات النيابية ستكون أشرس.. هل لأنها تسبق انتخابات الرئاسة؟

- ربما لأن مجلس الشعب السابق كانت عليه ملاحظات كثيرة جدا، ونحن نعيش فى مناخ عام يسعى إلى التغيير والإصلاح، ولن يحدث تغيير أو إصلاح إلا بالأدوات الدستورية والقانونية، وهى تأتى عبر مجلس الشعب لأنه أداة التغيير، لذا الكل حريص على أن يعبر المجلس القادم عن هذا التغيير والإصلاح.

■ هل تعتقد أن الحزب الوطنى سيعطى فرصة للتغيير وإصلاح مجلس الشعب؟

- لا الوطنى ولا غير الوطنى.. لن توجد قوة سياسية ستعطى للقوة الأخرى فرصة، فأى قوة تستطيع أن تكسب بأى سبيل فسوف تحاول أن تكسب فى الانتخابات القادمة.

■ قال البعض إن ما حدث فى انتخابات الشورى مجرد بروفة لما سيحدث فى انتخابات مجلس الشعب القادمة؟

- أعتقد أن السلبيات التى حدثت فى انتخابات مجلس الشورى سيتم تلافيها بالتأكيد فى الانتخابات القادمة.

■ لماذا؟ وما مصدر ثقتك؟

- لن يتحمل أحد فى انتخابات مجلس الشعب القادم أن تكون هناك خروقات فاضحة.

■ ولكن الوطنى يتحمل كل شىء؟

- لا.. يهيأ لك هذا، فلنا سمعة فى الداخل والخارج، ولا يستطيع أحد تحمل مسؤولية تشويهها.

■ كمحافظ مسؤول عن تراخيص لافتات الدعاية للمرشحين.. بصراحة هل تسمح بالترخيص لجميع الأحزاب والقوى السياسية؟

- نعم، ولو تابعت بإمعان ستجدين أن اللافتات المعلقة والتى صرحنا بها للكل ضمنها لمرشحين من أحزاب المعارضة والمستقلين وكلها موجودة فى الشارع.

■ وماذا عن الإخوان؟

- لم يتقدموا بطلب تصاريح حتى الآن.

■ لماذا؟

- قد يكون تكتيكهم عدم الإعلان عن مرشحيهم الآن، والأمر نفسه ينطبق على الحزب الوطنى فهو الآخر لم يتقدم بطلب تصاريح للافتات حتى الآن.

■ وإذا ما تقدموا؟

- سنعطيهم التصاريح المطلوبة، وسأوافق لهم، ولكن بشرط أن تكون لافتات عادية ولا تحمل محظورات.

■ وما هذه المحظورات؟

- الشعارات الدينية ممنوعة، حيث نص على ذلك فى التعليمات المنظمة للعملية الانتخابية، من قبل اللجنة العليا والتى أعطت صلاحيات للمحافظ فى هذا الشأن.

كما أننى أرخص فقط للافتات المصنوعة من القماش وكل أنواع اللافتات التى يسهل رفعها بعد انتهاء الانتخابات وخوفا من تشويه الأماكن والميادين.

■ وماذا عن عدد اللافتات؟ هل ستسمح مثلاً للوطنى بمائة لافتة وللإخوان بخمس لافتات فقط؟

- عدد اللافتات مربوط فى النهاية بالرسوم، كما يتم تحديد مدة اللافتة بشهر قابل للتجديد. لأن هناك مرشحين ينزلون الانتخابات لمدة شهر لجس النبض وقد يغير المرشح رأيه ويقرر التنازل فلا يفضل أن يدفع رسوما لثلاثة أشهر.

■ هل تتوقع أن المرشحين المستقلين كالعادة سوف ينضمون فى حالة النجاح إلى الحزب الوطنى أم سيظلون محافظين على صفتهم كمستقلين؟

- ٩٠% ممن علقوا لافتاتهم الآن يأملون أن يرشحهم الحزب الوطنى.

■ لننتقل إلى ظاهرة حرب الملصقات الخاصة بانتخابات الرئاسة، ما بين ملصقات لدعم جمال مبارك، وأخرى تحمل شعار «مصر كبيرة عليك».. ما نصيب القليوبية من هذه الظاهرة؟

- أولا لا يوجد إطلاقا أى ملصق فى القليوبية بالكامل خاص بالأستاذ جمال مبارك، وأنا أصدرت تعليمات واضحة وصارمة لكل رؤساء الوحدات المحلية فى جميع أنحاء المحافظة بمنع أى ملصقات للأستاذ جمال مبارك، سواء من المعترضين عليه أو المناصرين له، لمن معه أو لمن ضده، ولا تعلق ملصقات فى القليوبية خاصة به، فالرجل لم يعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية القادمة، كما أنه ليس مرشحاً لمجلس الشورى، ولا لمجلس الشعب، فلماذا هذه الملصقات إذن؟!

■ لجس النبض وللتمهيد لفكرة ترشحه فى الانتخابات الرئاسية القادمة!

- جس النبض لا يكون بهذه الصورة ولا بهذه الطريقة ولا من هؤلاء الناس.

وللعلم لم يحدث أن وضع أحد ملصقات من هذا النوع فى القليوبية، ولدى معلومات كافية عن عدم وجود هذه الملصقات فى القليوبية بالكامل، ولكن بعد سماعى بالظاهرة، أصدرت هذه التعليمات تحسباً، ووجهت تعليماتى لجميع رؤساء الوحدات المحلية بأن مثل هذه الملصقات ممنوعة فى القليوبية، لأن هذا يعنى أننى أدخل أطرافا على غير رغبتهم، فى موضوع لا علاقة لهم به.

■ هل لديك معلومات عن كونها على غير رغبته؟

- بالتأكيد، والدليل أن الحزب نفسه أعلن أنه لا علاقة له بما يحدث ولا يؤيده ولا يباركه، ثم إذا كانت هناك رغبة للأستاذ جمال مبارك لجس النبض، أو أن يمهد لنفسه فليس بهذا الأسلوب ولا من هؤلاء الناس، ولا من هذه النوعية التى تقوم بهذه التصرفات، فهو فى غنى عن أن يعرف نفسه من خلال مثل هذا العبث.

■ من انتخابات مجلس الشعب إلى انتخابات الرئاسة، كيف ترى ترشح المستقلين لرئاسة الجمهورية؟

- الأمر ليس سهلاً بالنسبة للمستقلين، فالنسبة المطلوب الحصول عليها من أصوات مجلسى الشعب والشورى والمجالس المحلية فى ١٠ محافظات على الأقل تحتاج إلى شعبية جارفة للمرشح المستقل حتى يستطيع ضمان هذه الأصوات.

■ هل تعتقد أن من الصعوبة على شخص كالدكتور البرادعى مثلا أن يحصل على هذه الشعبية؟

- الدكتور البرادعى أعلن بوضوح أن لديه شروطا لن تتحقق، لذا أنا أرى أن الدكتور البرادعى ناشط سياسى وليس مرشحا رئاسيا، استطاع أن يحرك المياه الراكدة، وقد أفلح فى هذا التحريك، ولكنه لم يقطع ولم يصرح بشكل مؤكد أنه سيرشح نفسه للرئاسة، وقد علق الترشح على شروط لن تتحقق، واستحالة فى هذا الزمن أن تتحقق.

■ لماذا تصفها بالاستحالة؟

- هو يطلب تعديل الدستور، والدستور ليس قانونا يسهل تغييره ولكنه شىء أساسى فى حاجة إلى إجراءات صعبة لتعديله، ثم إن المواد التى يطلب الدكتور البرادعى تعديلها ليست بالهينة، وهو يعلم تماما أنها لن تتغير، وبالتالى يضع فى خطته أنه لن يتقدم للترشح، وهو قال ذلك فى أكثر من تصريح له، حيث قال على حسب تعبيره، إنه لن يخوض الانتخابات فى ظل الوضع الحالى حتى لا يعطى مشروعية للوضع الحالى، وإن دوره تحريك الشارع السياسى، وأعتقد أنه أفلح فى ذلك، ومظاهر ذلك تتمثل فى نشاط جمعية التغيير، ونشاط المعارضة، والفضائيات، لذا، كما قلت، هو مازال فى طور الناشط السياسى وليس المرشح الرئاسى.

■ هل تعتقد أن البرادعى يمثل خطورة على الرئيس مبارك؟

- لا أعتقد، البرادعى لا يمثل خطورة على الحزب الوطنى، إنما يمثل خطورة كبيرة على المعارضة.

■ كيف تقرأ الغموض المحيط بمقعد الرئاسة فى مصر، والذى يدفع للتكهنات؟

- أى غموض؟ مازال هناك عام ونصف العام على انتخابات الرئاسة القادمة، ولاحظى أن الساحة متروكة لجميع القوى السياسية للإعلان عن مرشحيها للرئاسة، وهناك من طرح اسمه وظهر فى الفضائيات.

■ لكن الناس تنتظر الإعلان عن مرشح الحزب الوطنى؟

- الحزب الوطنى حزب كبير، وهناك إجراءات وترتيبات لاعلان المرشح، ويحسب للحزب الوطنى هذا الوقار وعدم التسرع، وكون الناس تنتظر الحزب الوطنى فهذا مؤشر جيد، ولكن علينا احترام إجراءاته الرصينة التى يتخذها.

■ أيا كان مرشح الحزب الوطنى للرئاسة هل ستعطيه صوتك، أم أن المسألة ستتوقف على البرنامج الانتخابى المقدم من مرشحى جميع الأحزاب؟

- أنا رجل من النظام، وبالتالى بديهى أن أنتخب من يقدمه الحزب الوطنى، وأنا مثلى مثل الآخرين فى انتظار من سيقدمه الحزب.

■ هناك عدم وضوح لموقف الرئيس من الترشح، وهناك أيضاً ملصقات لجمال مبارك تنتشر ألا يدعم ذلك الشائعات بترشيح جمال مبارك؟

- ومن أعلمك أن جمال مبارك هو الذى خلف الحملة، الرجل نفى علاقته بالملصقات وتبرأ منها، وما يحدث مجرد شائعات تتراكم.

■ هل هذا طبيعى أن يترك أهم موضوع بالنسبة للمصريين محل شائعات، دون أن نرى حسما واضحا لكل ما يقال، ومرشحا معلنا نقبله أو نرفضه؟

- ولماذا مطلوب دفع أى بنى آدم دفعا لأن يقول شيئاً لا يريد قوله إلا فى توقيت معين، نفس الشىء يمارس مع الدكتور البرادعى يحاولون دفعه لقول أمور ليست فى حساباته، فيضطر إلى أن يقول إنه لن يرشح نفسه للرئاسة إلا بشروط محددة، ثم يحاولون مرة ثانية الضغط عليه بسؤاله هل سترشح نفسك أم لا؟

■ ما رأيك فى ائتلاف المعارضة؟

- خلافهم متوقع، فهم عبارة عن اتجاهات متعارضة، والذى يجمعهم فقط هو الرغبة فى إسقاط الحزب الوطنى.

■ ماذا لو نجحوا؟

- سيشكلون آنذاك حكومة ائتلافية، قد تعيش شهرا وقد لا تعيش، لأنهم مختلفون ومتنافرون فى الرؤى وفى الاتجاهات، ولابد أن يخلق هذا التنافر فرقة، والخلافات التى داخل جمعية التغيير نفس الشىء، فهم اجتمعوا فجأة، وانفضوا فجأة، نتيجة اختلافهم، فقد اجتمعوا لمحاولة تعرية النظام ثم انفضوا عندما اختلفوا، وأعضاء جمعية التغيير يعلمون تماما أن الدكتور البرادعى كان صادقا مع نفسه، ولم يعلن حتى الآن ترشحه للرئاسة، وإنما علقه على شرط، وهو يعلم أن هذا الشرط لن يتحقق، إنما من حوله استثمروه.

■ ولماذا انطبع فى الأذهان أنه مرشح الرئاسة؟

- الإعلام هو الذى خلق هذه الصورة.

■ البعض يرى أن المجتمع آخذ فى التفكك، مع انتشار ظواهر البلطجة والتحرش الجنسى بالفتيات فى الشارع، السرقات، جرائم القتل البشعة داخل الأسر، عدم الالتزام بالقوانين وظواهر التعاطى والاتجار بالمخدرات العلنية؟

- أنا معك أن المجتمع تغير وغاب الكثير من المبادئ والقيم، اختفت روح الشهامة والمروءة، وانتشرت ظواهر العنف، والأسباب متعددة، منها الحالة الاقتصادية، تفكك الأسر، وغيرها من الأسباب، وهذا يحتاج إلى تكاتف عدد من المؤسسات للعلاج، مثل المدرسة، الأسرة، والإعلام، ولكن المشكلة الحقيقية تكمن فى كيان الدولة، الذى أضع تحته ألف خط أحمر، فحينما ننال من هيبة القضاء وهيبة الشرطة وهيبة الخارجية، وهيبة مؤسسات الدولة، حينما ننال من هيبة السلطة هنا نحن ننال من هيبة الدولة.

■ المشكلة تكمن هنا فى الناس أم فى هذه المؤسسات التى ترهلت فأعطت الفرصة للنيل منها؟

- أسباب كثيرة لا أنفى منها سببا، وما يقلقنى هو أركان الدولة كما قلت، فالمجتمع من الممكن أن نجتهد جميعا ونصلحه، ولكن إذا اهتزت أركان الدولة، هنا تكمن الخطورة الحقيقية.

■ هل ترى أزمة المحامين والقضاة فى نفس هذا الإطار «هز هيبة الدولة»؟

- الأمر مرهون بتطبيق القانون على الكافة، وغياب القانون هو الذى يؤدى إلى هذا كله، أما أن تساق تحليلات كثيرة فى هذه القضية، واستجلاب أسباب غير قويمة فى مشكلة مست السلطة القضائية، وهى السلطة التى أصفها دائما بأنها السلطة الدائمة فى الدولة، فسلطات الدولة ثلاث، السلطة التشريعية وهى تتغير بالانتخابات أو بحل مجلس الشعب، والسلطة التنفيذية التى من الممكن أن تتغير فى أى يوم، والسلطة القضائية التى لا تحل ولا تستبدل، فالسلطة القضائية هى الأصل.

والعيب كل العيب أن نلملم أسبابا من هنا ومن هناك للنيل من السلطة القضائية، وشعرت بالحزن أن يصل الأمر إلى هذا الحد، فالمفروض أن ينتظر الجميع حكم القانون لأنه هو الأعلى.

■ ماذا لو أن القضاة خصوم؟

- القانون ينظم كل هذه الأمور، والقضاء ليس خصما، ثم لا يوجد شىء اسمه حكم مبالغ فيه، والحكم مادام وفق نص القانون، فلا يصح أن يوصف بأنه مبالغ فيه.

■ ماذا عن الحكم بالحد الأعلى للعقوبة؟

- عندما يصدر القاضى حكما بالحد الأعلى لا يقال إنه حكم مبالغ فيه، فالحكم يوصف إما بالصحيح أو بالخاطئ، والا فلنأت بالناس لتحكم هى.

■ هل قضاء مصرمستقل؟

- القضاء مستقل لاشك، وأنا فخور أن رؤساء مصر جميعهم لم يتدخلوا فى أمور القضاء باستثناء ما فعله الرئيس عبدالناصر الذى أعاد تشكيل الهيئة القضائية وهى من الأمور غير المغفورة لعبدالناصر ولكنه لم يتدخل فى أعمال القضاء.

------

محافظ القليوبية فى حوار الملفات الساخنة: (٢-٢)..
عدلى حسين: المظاهرات أجبرت الحكومة على حل مشكلات الناس.. والقطاع العام كان عبئاً على الدولة
-----------------------------------------------------------------------
حوار رانيـا بـدوى ٢٥/ ٨/ ٢٠١٠
-------------------------------------------------------------------

حل جميع أزمات مصر يكمن فى تنفيذ عناصر الحكم الرشيد، التى تعتبر الديمقراطية شكلاً أساسياً للحكم، والشفافية واجبة. والرقابة والمساءلة عنصران لا تستقيم دولة إلا بتنفيذهما، ولا أحد ينكر أن مصر تتجه وبشكل معقول فى اتجاه الديمقراطية، لكن لاتزال هناك خطوات أخرى كثيرة يجب أن تتخذ فى هذا الشأن، وإذا اقتنعنا بأن التطور الديمقراطى فى حاجة إلى بعض الوقت لما فيه من عمليات معقدة مثل تغيير الدستور وما شابه، فمن غير المقبول أن يكون هناك تراخ فيما يخص الشفافية والمساءلة، فهما ليستا بحاجة إلى تعديل الدستور، ولا إلى سن قوانين جديدة، فلماذا لا يتم تطبيقهما؟!. سؤال يطرحه المستشار عدلى حسين، محافظ القليوبية، فى الجزء الثانى من حواره لـ«المصرى اليوم»،

التفاصيل فى السطور التالية:

■ هل المواءمات السياسية تقف حائلا ضد محاسبة الكبار؟

- المواءمات السياسية ليست مقبولة فى شأن الانحراف، وأنا لا أتصور وجود خطأ دون أن توجد مساءلة، كالذين نهبوا الأموال المخصصة للعلاج على نفقة الدولة، وقضية رشوة مرسيدس، وما شابه، فهناك أمور غير مفهومة! وهى فى حاجة إلى مساءلة ومحاسبة وأحكام رادعة.

■ حتى لو كان المنحرف من داخل السلطة؟

- بالعكس.. المنحرفون من داخل السلطة يجب أن يكون حسابهم وعقابهم أشد وأشق من غيرهم.

■ إذن أنت مع قانون محاكمة الوزراء؟

- قانون محاكمة الوزراء القديم كان موجوداً وقت الوحدة بيننا وبين سوريا، وعندما انفصلت سوريا تعطل القانون نظرا لأن تشكيل المحكمة كان من قضاة النقض فى مصر وقضاة التمييز أى «النقض» فى سوريا، ونحن فى حاجة فعلية لقانون محاكمة وزراء جديد، وآمل أن يخرج فى الدورة القادمة من مجلس الشعب، لأن الوزير ليس موظفا عاديا بل مسؤول عن سياسة وقرارات كبرى، ويجب أن يحاسب أمام محكمة على مستوى عال جدا تقدر قراراته فى شأن تنفيذ السياسة العليا، والأموال المعهود بها إليه، ولا يجب أن يعامل الوزير كموظف لديه عهدة.

■ ألهذا أحلت نفسك للرقابة الإدارية عندما تم اتهامك بدعم شقيقك فى جمعية يمتلكها تساعد المكفوفين؟

- اتخاذى هذا الإجراء يكمن فى إيمانى بالشفافية والمحاسبة، ولثقتى فيما أفعل، وما اتخذه من قرارات، ومن المفترض أن الأجهزة الرقابية تجمع معلومات عند إثارة موضوع معين، لكننى أحلت نفسى للمساءلة تحفيزا للجهات الرقابية لتسرع فى جمع المعلومات والتحقيق فى الأمر، وقد جاءت النتيجة بأنه لا يوجد شىء على الإطلاق مما ذكر، بل إن وزارة التضامن أشادت بأداء الجمعية، وأعلنت هذه النتائج، ولو اتهمت بأى اتهام آخر سأحيل نفسى على الفور للمحاسبة.

■ لماذا لم تحل نفسك للمساءلة فى أزمة قرية البرادعة؟

- لا تنسى أننى من أبلغت عن واقعة البرادعة، وهذا يعنى أننى أحلته للتحقيق وأنا أعلم أن النتائج قد تطال أى مسؤول، بغض النظر عن مكانته ودرجته الوظيفية، بمن فيهم المحافظ والوزير، وليس لأحد منا سلطة على النيابة لو تم توجيه أى اتهام لأى مسؤول، فهذا من حق النيابة، ولكننى أيضا على علم بالقانون، «ومعنديش حاجة تحت الترابيزة»، لذا أبلغت عن الواقعة.

ولم يثبت أن للمحافظ دخلاً فى الموضوع، فهذا المشروع، طرحا وتنفيذا وإشرافا بالكامل قام به الجهاز التنفيذى التابع لوزارة الإسكان، وتمت تبرئة السباكين الأربعة التابعين للمحافظة الذين تم اتهامهم مع الأربعة التابعين لشركة المقاولون العرب، والأفراد الثلاثة التابعين للجهاز التنفيذى لوزارة الاسكان، حيث كان الاتهام الموجه إليهم هو أنهم «فتحوا محبس»، وبرأتهم المحكمة جميعا، ولم تطعن النيابة على البراءة، وانتهى الأمر عند هذا الحد.

■ أين المشكلة إذن فى قضية البرادعة؟ وما الذى تسبب فى إصابة الناس بالتيفود مادام الجميع تمت تبرئتهم، وهل يعقل أن يصح المجنى عليهم جناة ويتهم الناس بأنهم هم المسؤولون عما حدث؟

- وجهة نظرنا التى نحن مقتنعون بها ولدينا أسبابنا التى تبررها هى أن المقاول المنفذ من الباطن جرب المواسير بمياه الصرف الصحى، حيث دفع مياه الصرف الصحى فى المواسير ليجرب إذا كانت تعمل أم لا، وهل يوجد بها أى عيوب فنية، وترى وجهة النظر الأخرى أن الناس أصيبوا بالتيفود نتيجة استخدامهم الطلمبات الحبشية، لذا المواطنون هم المتسببون فيما حدث وبالتالى حصل الجميع على البراءة.

■ ما رأيك فيما قيل عن أن شركة المقاولين العرب لن تأخذ أى أعمال مقاولات فى القليوبية بسبب تحويلك للمنفذين للمساءلة؟

- على ما أذكر أن هذا الحديث صدر عن عضو نقابة فى نقابات العمال ولم يصدر عن رئيس الشركة وهو بالمناسبة رجل محترم والدولة تقدره وهو المهندس إبراهيم محلب، ومن جهة ثانية العمل فى المحافظة عمل حكومى وليس شخصياً فالمقاولون العرب لا تعمل لدى عدلى حسين إنما تعمل فى مشروعات البلد، ومثل هذا التصريح دعينا نستبعده لأنه ليس له وزن.

■ وما أسباب الخلاف فى تسلم الشبكة الجديدة حتى الآن؟

- الجهاز التنفيذى التابع لوزارة الإسكان يريد تسليمنا المشروع عبارة عن مواسير تم تركيبها، ونحن نريد أن نتسلم مياها داخل المواسير، أى بعد الانتهاء من تركيب المواسير يتم فتح المياه لتجرى بها، وأخذ منها عينات ليتم تحليلها، وبناء عليه أتسلم المشروع، لكنهم مصرون على موقفهم ونحن أيضا مصرون على موقفنا، وقد أرسلت خطابين لوزير الإسكان أحمد المغربى بهذا الشأن لأطلعه على الوضع ولكن لم يأتنى الرد حتى الآن.

■ متى أرسلت أول خطاب ومتى أرسلت الثانى؟

- آخر خطاب كان منذ عدة أيام والأول منذ عدة أشهر.

■ تعطلون مصالح الناس عدة أشهر دون سبب مقنع؟

- لست أنا.. إنما هو تعسف غير مقبول من الجهاز التنفيذى التابع لوزارة الإسكان.

■ إذن أنت تنادى باللامركزية فى الحكم؟

- اللامركزية ستحدث فرقاً كبيراً فى إدارة جميع القطاعات لأن المجالس المحلية أدرى بشؤون البلد.

■ ماذا عما يقال بأن فساد المحليات للركب؟

- هذا تعبير مجازى له سحر إعلامى، ولكن فساد المحليات أقل مما يتصور البعض، بالمقارنة بفساد موجود فى قطاعات أخرى، ففساد قطاع واحد مثل البنوك أو الإسكان يغطى كل فساد المحليات، ومازالت مصر على فكرة اللامركزية فى الحكم وأن المجالس المحلية مع وجود الرقابة قادرة على إدارة المحافظات.

■ فى رأيك لماذا لم يخرج قانون الإدارة المحلية إلى النور حتى الآن؟

- قانون الإدارة المحلية، طلب لا نكل ولا نمل فى المطالبة بخروجه إلى النور، لدعم الإدارة المحلية فى مصر، وكلما سألنا عن تأخر صدوره، أجابونا بأنه مازال محل دراسة، ولم يعد هناك سوى دورة واحدة بعد انعقاد المجلس القادم وقبل نهاية مدة الرئاسة، لأن هذا القانون من أساسيات البرنامج الانتخابى للرئيس، ولا يجب أن تنتهى المدة الرئاسية قبل أن يصدر قانون الإدارة المحلية وقانون الإرهاب.

■ ربما تعطيل قانون الإدارة المحلية مقصود لأنه سيقلص صلاحيات الحكومة المركزية؟

- مؤكد أنه سيأخذ من صلاحيات الحكومة المركزية ولابد أن يحدث هذا إذا أردنا الإصلاح والتغيير.

■ كيف تقرأ الاعتصامات والمظاهرات التى أصبحت مشهدا معتادا فى الآونة الأخيرة؟

- الاعتصامات كمبدأ تعد تطوراً فى صالح المجتمع، لأنها أولا تشى بأن هناك نوعاً من الأمن لدى فئة من المواطنين الذين يشعرون بأن هناك ظلماً ما وقع عليهم، يعبرون عنه بالتظاهر والاعتصام، لإيصال صوتهم دون أن يعترضهم أحد، أى دون خشية العواقب البوليسية، وهذا لا شك تطور محمود، والتطور الثانى هو تعامل البوليس نفسه بشكل راق لم نشهده فى عقود سابقة، ولم نعد نرى تصدياً للاعتصامات بالقسوة أو بالضرب، بل رأينا العكس فالأمن كان يحميهم وهذا تطور كبير أيضا.

فالملاحظ الآن أن المجتمع يحاول أن يجعل صورته جيدة فى الداخل وممتازة فى الخارج، النظام لا يتحمل أن ينفصل عن حركة العالم أو يعاندها، وأن يغفل مراقبة العالم، التطور الثالث فى هذه الظاهرة هو إجبار الإدارة والحكومة على أن تبحث مشاكل هذه الفئات، لأنه كان من الممكن أن تؤجل أو يحدث مماطلة وما إلى ذلك ولكن الآن السلطة تسارع فى حل المشكلات.

■ هل ترى أن هذه الظواهر جزء من اقتصاد مصرى مهترئ؟

- لم نر أى مجموعة خرجت للشارع فيما عدا المتضررين من الخصخصة، وأعتقد أن الدولة سارعت إلى إيقاف هذه الإجراءات إلى حد كبير وقد صرح وزير الاستثمار بأن هناك عمليات تصويب سريعة، وتم إيقاف مشروع الصكوك كما توقفت عمليات بيع شركات القطاع العام لإعادة التقييم.

■ وهل تبقى شىء من القطاع العام؟

- هناك شركات كثيرة لم تخضع للبيع بعد.

■ هل أنت مع اقتصاد السوق؟

- القطاع العام كان عبئاً شديداً على الدولة، ومصر استفادت كثيرا من اقتصاد السوق الحرة، ولكن بلا شك أنا مع الرأى القائل بأنه يجب على الدولة أن تضع تحت سيطرتها ممتلكات بعينها مثل المصانع المنتجة، والصناعات الثقيلة، وأى ممتلكات تعزز مكانة الدولة ولا تجعلها ضعيفة أمام الأزمات، أو ضعيفة فى مقابل الممارسات الاحتكارية للأفراد، بحيث لو حدثت أزمة تستطيع معالجتها، ومثال بسيط على ذلك ما حدث فى أزمة الخبز والتى وصلت إلى حد لا يمكن قبوله، ووقتها كان أول إجراء اتخذه الرئيس مبارك هو أن يتدخل جهازا الجيش والشرطة لإنقاذ الموقف ولو لم يكن تحت يد الدولة مثل هذه المؤسسات الإنتاجية لم يكن ليتصور أحد النتائج، هذا المثال البسيط أريد أن أقيس عليه أموراً أخرى، مثل أن يكون تحت يد الدولة وسيلة نقل مثل المترو والسكك الحديدية، وهنا أود أن أقول لمن ينادون بخصخصة السكك الحديدية إن هذا خطر للغاية، كذلك شركات الكهرباء، شركات المياه، كلها قطاعات يجب أن تكون تحت يد الدولة لأنها لو تخلت عنها، وحدثت أزمة فى لحظة ما، ستشعر الدولة حينذاك بالضعف وتصبح تحت رحمة القطاع الخاص يفعل بها ما يريد.

■ مصر تعانى من أزمة فى القانون، ما بين قوانين غير مفعلة وأخرى لا تلبى احتياجات الناس وأحكام قضائية لا تنفذ كيف ترى الوضع العام؟

- كل هذا صحيح وموجود بلا شك، وأنا أرى أن القوانين التى لا تلبى احتياجات الناس هى مسؤولية البرلمان، أما القوانين التى لا تفعل فهى خطأ الجهات التى لا تفعل القوانين، وذلك يعد تقصيرا يجب المحاسبة عليه، والأمر نفسه ينطبق على الجهات التى لا تنفذ الأحكام القضائية، فالأحوال فى مصر لن تستقيم إلا بتنفيذ عناصر الحكم الرشيد والمتفق عليه فى جميع أنحاء العالم، وهى الديمقراطية كشكل للحكم، والشفافية لكل قرارات الحكم ومساءلة كل من يخرق كل هذه القواعد، ولو أن هناك مساءلة، لما رأينا كل هذه الظواهر.

■ «مصر دولة بوليسية» إلى أى مدى أنت متفق مع هذا الرأى؟

- البوليس فى مصر يتحمل أكثر مما تستطيع أى وزارة تحمله، فلو حدثت أزمة اقتصادية أو سياسة خاطئة يتدخل الأمن، خلل فى التموين يتدخل بوليس التموين، أزمة فى الجمارك يتدخل بوليس الجمارك، خطأ فى السياسة النقدية يتدخل الأمن وهكذا، فعليهم عبء كبير لا يجب أن ننكره أمام بعض الحوادث الفردية الخاطئة.

-----
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=267000

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون