د. عبدالرحيم شحاتة



مصر على أبواب أزمة غذائية طاحنة
----------------------------------
حوار رانيا بدوى ٢٦/ ٣/ ٢٠١١
----------------------------------

قال الدكتور عبدالرحيم شحاتة، وزير التنمية المحلية السابق، إن مصر على أبواب أزمة غذائية طاحنة وأن الحكومة إذا أهملت الاهتمام بالنشاط الاقتصادى، فإن نتائج ذلك ستكون «كارثية».

وأضاف «شحاتة» فى حواره لـ«المصرى اليوم»، أن القمح والزيت سيكونان فى قائمة الأزمة الغذائية التى ستشهدها مصر، وأن تحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح مسألة صعبة، خاصة بعد توقيع «بوروندى» اتفاقية حول النيل.. وإلى نص الحوار:

■ فى حديث سابق مع نائب رئيس هيئة السلع التموينية قال إننا سنتعرض لأزمة غذائية إذا لم تدر عجلة الإنتاج سريعاً.. ما رأيك؟

- نعم.. مصر على أبواب أزمة غذائية طاحنة، القمح سيكفى عدة أشهر، وزيادة مخزون القمح تعنى اعتمادات مالية من قبل الحكومة، والموازنة العامة تعانى عجزاً شديداً، لذا إذا لم ننتبه لذلك، وإذا لم نول النشاط الاقتصادى الاهتمام الأكبر إلى جانب اهتمامنا بالجوانب السياسية فلن نحصل إلا على نتائج كارثية، خاصة أن هناك سلعاً كثيرة نعتمد فيها على الاستيراد من الخارج مثل الزيوت حيث نستورد ما يقرب من ٨٠% من استهلكنا من الخارج، لذا أرى أن القمح والزيت من السلع التى سنواجه مشكلات فى توفيرهما فى المرحلة المقبلة.

■ بعد ثورة يناير نادى البعض بضرورة تحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح؟

- الاكتفاء الذاتى صعب، خاصة بعد توقيع بوروندى على اتفاقية حوض النيل من جهة، والتوسع فى زراعة القمح سيأتى على حساب محاصيل زراعية أخرى، ولكن على الأقل علينا أن نهدف إلى الوصول إلى حد الأمن الغذائى، فالرقعة الزراعية محدودة للغاية يتنافس عليها المصريين و٥ ملايين رأس ماشية و٢ مليون حمار.

■ كيف تحولت مصر بلد النيل إلى أكبر مستورد للغذاء.. وهل لـ«مافيا» رجال الأعمال دخل فى الأمر؟

- طبعا كان لبعض رجال الأعمال مصالح فى استيراد الغذاء من الخارج، إضافة إلى الضغوط الخارجية، كل هذه السيناريوهات واردة، لكن النظام السابق كان يتعامل مع الزراعة بمنطق «شراء العبد ولا تربيته» هذا ما سمعته بنفسى من مسؤول سابق، والنتيجة أن مساحة لب البطيخ فى مصر على سبيل المثال زادت على مساحة محصول الذرة الشامية.

■ هل كان مقصوداً استيراد القمح بالدولار وبسعر مرتفع من الخارج ويشترونه من الفلاح المصرى بأقل من قيمة تكلفته؟

- لقد دفعوا الفلاح إلى هجر المحاصيل الأساسية وتبوير أرضه، بعد أن رفعوا الدعم عن الأسمدة والمبيدات، بل وصلوا إلى مرحلة أن الفلاح كان يزرع القمح وتمتنع الحكومة عن شرائه منه أساسا، وإمعاناً فى السياسات الزراعية الخاطئة تم خفض ميزانية مركز البحوث الزراعية وأهملت جميع قطاعاته.

والنتيجة هى كل المآسى التى نشهدها الآن، فالريف المصرى حدثت به بطالة كثيفة أدت لهجرة الريف إلى المدن فخلق هذا الشباب المهاجر أزمات حادة داخل المدن والعاصمة وضاعفوا الضغط على المرافق والبنية التحتية، والحل هو العودة للزراعة بقوة، والاهتمام بالتصنيع الزراعى لاستيعاب البطالة.

■ هل تعتقد أن الإخوان والحزب الوطنى ربما يتصدرون المشهد السياسى لو تم إجراء انتخابات؟

- وارد طبعاً.. فالحزب الوطنى هذه المرة سيدعم وجوهاً جديدة تماماً من الباطن ويمولوهم حتى يعودوا إلى سدة الحكم من جديد، ولكن إذا تمت إتاحة الوقت ستبدأ الأحزاب فى العمل وإيجاد أرضية لها فى الشارع، كما أن الوقت سيعطى فرصة للناس لاختيار مرشحى الإخوان على أساس البرنامج الانتخابى والأفكار والأداء السياسى، وليس على أساس عاطفى كونهم ظلموا فى العهد السابق وسجنوا وحوصروا، لذا أرى أننا بحاجة إلى فترة انتقالية وأن تؤجل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

■ بصراحة هل سبق وشاركت فى تزوير الانتخابات لصالح الحزب الوطنى وأنت محافظ؟

- نحن فى مصر على سنة من يجلس على الحكم، ولكن أنا عن نفسى لم أشارك ولم يطلب منى ذلك، واسألى فى المحافظات التى توليتها آنذاك، الفيوم والجيزة والقاهرة، ومخطئ من يظن أن التزوير تورط فيه الأمن وحسب، لكن هناك تزوير كان يتم بفعل العصبيات والعائلات، فهناك مرشحون بأعينهم لهم عصبيات فى دوائرهم كانت تأخذ على عاتقها إنجاح مرشحيها بأى طريقة.

■ أشرت فى حوار سابق إلى أن الاعتداء على الأراضى الزراعية كان سبب خلافك مع الحزب الوطنى دون إبداء تفاصيل.. ما تفاصيل الواقعة؟

- الحزب الوطنى فى وقت من الأوقات فتح باب البناء على الأراضى الزراعية وفى اجتماع لأمانة السياسات بحضور جميع مسؤوليه، وقفت وأعلنت رفضى للأمر، وقلت إننى لن أسمح بالبناء على الأراضى الزراعية التى أصبحت محدودة جدا مهما كان الثمن.

■ ألهذا السبب اختلفت مع أحمد عز؟

- نعم وكانت علاقتى به سيئة، لأنه أراد مصلحة الحزب ولم يرد مصلحة مصر، فقد كنا اقتربنا عن موعد الانتخابات وأراد أن يستغل هذا الكارت فى العملية الانتخابية.. ولهذا السبب خرجت من الوزارة.

■ بدا المشهد العام فى مصر وكأن الكل كانوا لصوصاً وفاسدين.. فكيف تقرأ ما يحدث؟

- هناك فرق بين الفساد الحقيقى سواء المالى أو الإدارى أو الجنائى، وهذا ينظر فيه النائب العام حالياً، لكن فى المقابل أنا ضد أن يتهم أحد بالفساد دون دليل، وهناك جهات قضائية تبت فى هذا الشأن، أما عن الاتهامات الموسعة للأشخاص التى نسمعها ونقرأها يوميا فى الصحف والفضائيات، فأنا أرى أننا نعيش حالة « كله بيهبش فى كله» كل شخص يريد أن يرمى بأخطائه على الآخرين،كل شخص يريد أن يبرئ نفسه ويلقى باللوم على من كانوا معه، كل شخص يريد أن يكون بطلاً ومن سواه فاسداً و«حرامى»، وهذه ليست أخلاق المصريين.

■ بعد إعلان عمرو موسى والدكتور «البرادعى» أيمن نور وحمدين صباحى نيتهم فى الترشح لرئاسة الجمهورية.. من ستنتخب؟

- لا هذا ولا ذاك.. ومن خلقهم يخلق غيرهم، ومن الممكن أن يظهر فى الصورة أى شخص فى أى لحظة.. نحن نحتاج رئيساً للجمهورية يغلب المصالح العامة على المصالح الشخصية، وأن يكون رجلاً وطنياً وله قدرة على التعامل مع العالم الخارجى فى نفس الوقت.
---------------------------
نشر في المصري اليوم بتاريخ 26-3-2011
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=291612

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون