نعماني نصر النعماني



نائب رئيس هيئة السلع التموينية:
أى اهتزاز فى الأمن الغذائى يحول «ثورة الحرية» إلى «ثورة جياع»
---------------------------------------------------------
حوار رانيا بـدوى ٦/ ٣/ ٢٠١١
----------------------------------------------------

«عملنا يوازى عمل المجلس الأعلى للقوات المسلحة، فهو مسؤول عن إدارة البلاد وحمايتها فى هذه المرحلة الحرجة التى تمر بها البلاد، ونحن مسؤولون عن تأمين السلع الغذائية للشعب، فأى اهتزاز للأمن الغذائى سيحول الثورة السلمية إلى ثورة جياع والنتائج وقتها علمها عند الله».. هكذا بدأ نعمانى نصر النعمانى نائب رئيس هيئة السلع التموينية، حديثه عن وضع البلاد فيما يخص مخزونها الغذائى والمخاطر التى تواجهها.. وإلى نص الحوار:

■ فى آخر حوار تليفزيونى للدكتور أحمد شفيق قبل تركه رئاسة الوزراء مباشرة ألمح لاقتراب أزمة غذائية قائلاً إننا «نقطع الآن من لحمنا الحى» وأنه من الممكن غدا أن ننزل لشراء الفول فلا نجده، فما تعليقك؟

ـ الدكتور أحمد شفيق أراد أن يطلع الشعب على حقيقة الواقع الذى نعيشه، بأن توفير الغذاء عبء شديد على الدولة ربما يتحول إلى كارثة إذا لم تعد الحياة إلى طبيعتها وإذا لم تدر المصانع ويذهب العمال كل إلى مكانه.

■ هذا يعنى أننا أمام أزمة وشيكة؟

ـ لا.. فلدينا ما يكفينا من القمح لمدة شهرين داخل البلاد، وهناك مراكب محملة بالقمح فى الطريق إلينا من دول مختلفة، أمريكا وفرنسا وأستراليا، منها مراكب مقبلة على دخول الموانئ المصرية بالفعل، فقد قلنا فى بداية الثورة إن المخزون يكفى ثلاثة أشهر وها هو قد مضى شهر، ونحن لدينا رصيد تعاقدى – أى صفقات تمت بالفعل – من شأنها أن تزيد المدة إلى خمسة أشهر بدءا من الآن، وإذا أضفنا ٣ ملايين طن أخرى، من المستهدف الحصول عليها من الناتج المحلى من القمح، ستطول المدة إلى ٩ أشهر، ولكن بشرط الحصول على التمويل اللازم من قبل الحكومة لأن هناك جزءاً من التعاقدات الخاصة بالخمسة أشهر الأولى مازالت حتى الآن لم تفتح اعتماداتها المستندية من قبل وزارة المالية.

■ ماذا لو أنك لم تحصل على النسبة المستهدفة من الفلاحين؟

ـ هنا المسؤولية الوطنية توجب على الفلاح أن يورد ولو جزءاً من إنتاجه للحكومة، خاصة أن الحكومة رفعت سعر شراء القمح بما يجعله مجزياً للفلاح، وعموما نتجه إلى سد الفجوة بالقمح المستورد الآن لحين حصاد المحصول المحلى، لأنه يتم على مراحل وليس دفعة واحدة ولكن إذا ما ضغطنا المدة نجده يكفى لأربعة أشهر.

■ ما حجم الاعتمادات الجديدة التى تريدها بشكل فورى؟

ـ نحتاج ٤٠٨ ملايين دولار لفتح اعتمادات شحن أبريل لأهم سلعتين هما القمح والزيت.

■ وماذا عن السكر والأرز وباقى السلع؟

ـ ليست لدينا أزمة فى الأرز، بل بالعكس التجار كانوا يستهدفون تصديره للخارج لكن تم إيقاف التصدير وكذلك مخزوننا من السكر يكفينا.

■ إذن ما السلع المقلقة بخلاف القمح فى الوقت الراهن؟

ـ الزيوت لأننا نستورد ما يقرب من ٨٠% من استهلاكنا من الخارج.

■ هل لديك أى تخوف من عدم قدرة الحكومة على توفير الاعتمادات المالية التى تحتاجها الهيئة فى الوقت الراهن؟

ـ الجميع يدرك جيدا أن هذا الأمر يعد أمناً قومياً ويشكل «حياة بلد».. وأى نقص للسلع فى الأسواق سيحول هذه الثورة السلمية إلى «ثورة جياع»، ندعو الله ألا تحدث وأن يحمى مصر منها، وكلى ثقة بأن وزارة المالية ستبذل أقصى جهود لها فى سرعة تدبير الاعتمادات منعا لحدوث أى اختناقات، ولكن إذا استمرت المظاهرات وبقى ميدان التحرير على حاله، وظلت المظاهرات الفئوية قائمة ستحدث كارثة، لأن الاعتمادات المالية التى يجب توفيرها للسلع الغذائية مأخوذة فى النهاية من الموازنة العامة للدولة، وهذه الموازنة تتكون من عوائد السياحة وقناة السويس وغيرهما، وهذه القطاعات تأثرت بالثورة.. لذا أى اعتماد مالى فى حالة عدم وجود تصنيع سيؤثر على الموازنة العامة للدولة.. وأنا لا أريد التخويف لكن علينا أن ننتبه.

■ هل تأثر عمل الهيئة بتغيير الحكومات والوزراء فى الأيام الماضية؟

ـ هناك تنسيق بيننا وبين أجهزة الأمن القومى والقوات المسلحة منذ لحظة تنحى الرئيس وحتى الآن، وقد فتحنا باب المناقصات طوال فترة التغييرات الوزارية ولم يعوقنا شىء لأننا نؤمن بأن السلع التموينية تساوى «أمن وحياة البلد».

وللعلم مصر بلد محروس من الله، فبالصدفة البحتة سخرنى الله للتعاقد على كميات قمح ضخمة بعد أزمة روسيا، تفوق حجم ما نستورده من روسيا حيث بلغت ٥ ملايين و٢٩٥ طناً بدافع الخوف من ارتفاع الأسعار بعد خروج روسيا من السوق إثر الأزمة المناخية التى تعرضت لها، ووقتها تعرضت لانتقادات شديدة لاستيراد كل هذه الكمية فى هذا الوقت القصير، ولم يكن يتوقع أحد أن تقوم ثورة فى البلاد، وتحمينا هذه الكميات من مخاطر الخلل فى مخزون القمح.

■ هل لعودة المصريين القادمين من ليبيا أى تأثير على المخزون الغذائى؟ وهل ستقلل مدة الأمان المتوقعة؟

ـ المصريون القادمون من ليبيا سيزيدون بالفعل العبء على الدولة، ولكن لابد أن تفى الدولة بالتزاماتها تجاههم لأنهم مواطنون مصريون، كما أنهم عائدون بلا مأوى ولا أمتعة، وهنا سيحدث أمران: أولا سيزيد الطلب على البطاقات التموينية من ناحية، والعبء الآخر سيكون على رغيف الخبز لأنه غير مرتبط ببطاقة تموينية ولكن أى شخص يقف أمام كشك الخبز سيحصل على نصيب، لذا فأى زيادة فى عدد العائدين من ليبيا سيزيد الضغط على رغيف الخبز. والحالة الوحيدة التى يمكننا القول فيها إن المدة لن تقصر بعودة المصريين من ليبيا هى المحافظة على رغيف الخبز وعدم التعامل معه باستهتار أو بإحداث فواقد به وذلك بالحصول على أكثر من الاحتياج وإلقاء الفائض فى القمامة بعد ذلك، أو إطعامه للدواجن وما شابه، فكل لقمة من لقيمات الرغيف فى هذه اللحظات الحرجة مهمة ولها ثمن غال.. فدعم السلع الغذائية وصل إلى ٢٦ ملياراً بسبب ارتفاع الأسعار عالميا، لذا فإن المسؤولية تقتضى الحفاظ على السلع الغذائية.

■ أعلم أنك لست مسؤولاً عن القطاع الخاص ولكن ما رؤيتك لباقى السلع الغذائية المملوكة للقطاع الخاص؟

ـ الشريحة الحرة أمر آخر لأنها متروكة للعرض والطلب، وإذا لم تسير حركة البنوك، وتفتح الاعتمادات، وتبدأ المصانع فى العمل، يمكن أن تتأثر هذه الشريحة بشدة ويصبح هناك نقص فى بعض السلع.

■ هل هناك نية للتوسع فى البطاقات التموينية فى الفترة المقبلة كمحاولة لاسترضاء الشعب؟

ـ نعم.. وهذا أمر طبيعى بعد الثورة.. ووزارة التضامن تتلقى بالفعل طلبات المواطنين وتدرسها لتوسيع شريحة المستفيدين من البطاقات التموينية.

■ فى رأيك ما المخرج من هذه الأزمة الآن؟

ـ أناشد الدولة شراء القمح من الفلاح المصرى بسعر مناسب، لما للإنتاج المحلى من أهمية فى سد فجوة القمح، كما أناشد الفلاح أن يبيع الإنتاج للحكومة، وأن يراجع المستهلك سلوكه الاستهلاكى وأن يراعى القائمون على المخابز والمطاحن ضميرهم بتخصيص الدقيق للخبز وإنتاجه بالشروط الموضوعة، وأن يعود العمال للمصانع وأن تهدأ المظاهرات والإضرابات لنعبر بالبلاد إلى بر الأمان وحتى لا نصل إلى نتائج كارثية لا قدر الله.
----------------
نشر في المصري اليوم بتاريخ 6ـ3ـ2011
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=289684

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون