د. حسام عيسى



عصام شرف فعل ما لم يفعله مبارك بـ«تجريم الاعتصامات»
----------------------------------
حوار رانيا بدوى ٣٠/ ٣/ ٢٠١١
----------------------------------
يرى الدكتور حسام عيسى، أستاذ القانون الدولى بجامعة عين شمس، أن العرف الدولى مازال فى صف مصر فى ملف حوض النيل، وأن تعديل اتفاقية كامب ديفيد يعد الآن درباً من العبث، موضحاً أن ضياع فرصة استردادنا للأموال المنهوبة مسؤولية الحكومة التى أتاحت - حسب قوله - الوقت لتحويل الأموال إلى دول ليس بيننا وبينها معاهدات لملاحقة الفساد، ويجب أن تعاقب على ذلك.. مواقف حاسمة وساخنة للدكتور عيسى فى هذا الحوار:

رجب أردوجان رئيس الوزراء التركى التقى نظيره العراقى نورى المالكى خلال زيارة إلى بغداد أمس الأول، حيث أكد أردوجان أن بلاده تأمل فى رؤية عراق موحد يحافظ على سلامة وأمن المنطقة.

■ هل من مخرج لمأزق توقيع بوروندى على اتفاقية حوض النيل؟

- الأزمة جاءت بسبب الإهمال الشديد وعنجهية نظام مبارك مع دول حوض النيل، والحل لن يأتى إلا بالتفاوض من منطلق مختلف. وأنا أحيى مبادرة رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف بزيارة السودان ثم إثيوبيا كبداية لتحسين العلاقات مع أفريقيا ودول حوض النيل، مع العلم بأن إعادة التفاوض لن تكون سهلة ولكنها ليس مستحيلة.

■ وماذا لو فشلت المفاوضات، هل يوجد فى القانون الدولى ما يحمى مصالحنا آنذاك؟

- الاتفاقية التى تعترض عليها دول حوض النيل لأنها موقعة من الاستعمار، تمنح مصر حق الفيتو على أى منشآت تقام على النيل، ولا يمكن لأى دولة تغيير القواعد من جانبها وتجاهل دول المصب، والعرف الدولى فى صفنا تماماً إذا ما أصر الجانب الآخر على موقفه، فإذا حدث - لا قدر الله - وترتب على هذه السدود والإنشاءات نقص لكمية المياه التى تصلنا وحدث ضرر، وبالتالى تم اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، فالموقف آنذاك سيكون لصالحنا، ومع ذلك يجب ألا يصل الأمر إلى التحكيم، وما أتمناه الآن هو احتواء الموقف بالمفاوضات والتفاهم لأن هذه الدول فى النهاية تمثل العمق الاستراتيجى والأمنى لنا.

■ هل سيؤثر ظهور دولة أفريقية جديدة ضمن حوض النيل، هى جنوب السودان، على إعادة تقسيم حصص المياه لدول الحوض؟

- هذه قضية يتم حلها بين دولتى شمال وجنوب السودان، فحصة الجنوب ستكون من حصة السودان ككل ولا علاقة لها بحصص باقى الدول، ولكن الخطورة تكمن فى أى إنشاءات مستقبلية على حوض النيل، لذا علينا أن نراعى علاقتنا مع الدولتين.. والحل فى تكثيف التعاون الزراعى والصناعى والمشروعات المشتركة حتى نتحول نحن إلى كنوز استراتيجية لأفريقيا لا كما كنا لإسرائيل، بسبب نظام مبارك الذى رمى نفسه فى أحضان أمريكا وإسرائيل، وهو ما يجب أن يحاكم عليه.

■ بعض مرشحى الرئاسة ألمحوا لاستعدادهم لإلغاء أو تعديل اتفاقية كامب ديفيد بناء على رغبات الشعب.. فهل هذا ممكن؟

- رغم أن اتفاقية كامب ديفيد لم تكن ضرورية لمصر بعد انتصارها، فضلاً عن سوء التفاوض خلالها، لكن الاتفاقيات الدولية لا يمكن تعديلها أو إسقاطها إلا فى ظل توازن قوى وهذا غير موجود الآن، وأنا أعتقد أن الحديث عن كامب ديفيد الآن غير مجد، خاصة أن أمريكا والغرب لن يسمحا بذلك.

■ إذن هل يمكن فى المستقبل أن نوقف مشروع الجدار العازل ونفتح المعابر بيننا وبين غزة؟

- ليس فى معاهدة السلام ما يلزمنا ببناء الجدار العازل، أو بغلق المعابر، إنما كل هذه السياسات الخرقاء تمت فى عهد مبارك لخدمة مصالح إسرائيل، لذا يجب تغييرها وأن تفتح المعابر بيننا وبين غزة لإرسال الطعام والدواء، وهذا لا يضير أمريكا ولا إسرائيل فى شىء، بشرط ألا تحاول حكومة غزة أن تورط مصر فى أى أعمال غير قانونية.

■ بالحديث عن حصاد الثورة.. وطبقاً للقانون الدولى هل يسقط حقنا فى استرداد الأموال المنهوبة من الخارج فى حالة وفاة أحد المسؤولين المتورطين؟

- كلا، لأننا طلبنا تجميدها قبل الوفاة وبالتالى التنفيذ سيكون بأثر رجعى.

■ ما هو تفسيرك لما نشر عن أنه لا يمكن للسلطات البريطانية أن تفعل شيئاً فى التحويلات المالية التى أجريت قبل ٢٢ مارس الحالى؟

- أشعر بأن الأمر خطير، وإن كنت لا أفهم بالضبط هل الأموال موجودة بالفعل، وأنهم لن يجمدوها أم تم تهريبها؟ بصراحة الموقف ملتبس.

■ وماذا لو كان المسؤولون السابقون استغلوا الوقت المهدر فى تحويل أرصدتهم إلى الدول غير الموقعة على اتفاقيات ملاحقة الفساد؟

- وارد جداً، وهنا تقع المسؤولية على الحكومة المصرية التى تباطأت فى مسألة تجميد الأموال وقد تضيع هذه الأموال، والحل لن يكون إلا بالضغط الأدبى والسياسى على هذه الدول، إضافة إلى الضغط على عائلة مبارك نفسها وكل المسؤولين المتورطين إما السجن وإما رد الأموال.

■ ما رأيك فى اعتبار التعديلات الدستورية الأخيرة إعلاناً «دستورياً» بعد ضم بعض البنود لها؟

- كنت من أكثر المتشددين ضد إجراء التعديلات الدستورية، وبالتالى الاستفتاء عليها، لأن دستور ٧١ سقط بقيام الثورة وبنقل السلطة إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة بدلاً من مجلس الشعب أو رئيس المحكمة الدستورية كما ينص الدستور، كما أسقط عندما تم تعطيله رغم أنه لا يوجد فى دستور ٧١ ما ينص على تعطيل الدستور. ومع ذلك أجروا تعديلات عليه وأعلن الشعب رضاه على ذلك فى الاستفتاء، أى أعاد الحياة لدستور ٧١ معدلاً، فكيف نسقطه ونقول إننا سنصدر إعلانا دستورياً؟! هذا اعتداء على إرادة الشعب. وإذا كانت التعديلات خطأ، فالإعلان الدستورى خطأ أكبر! ومازلت مقتنعاً بأن الحل يكمن فى دستور جديد ينتخب على أساسه مجلس شعب وانتخابات رئاسية وننهى هذه الإشكالية.

■ ما رأيك فى مرسوم القانون الذى صدر مؤخراً بشأن تجريم الاعتصامات؟

هذا المرسوم من أخطر ما يكون، فهو عملياً يؤدى إلى إلغاء الإضرابات التى هى حق إنسانى فى كل المواثيق الدولية، وهو ما لم يجرؤ حسنى مبارك نفسه على عمله، فكيف لرئيس الوزراء عصام شرف الذى حلف يمين الولاء للشعب فى التحرير أن يخرج علينا بذلك؟ الحل أن نصدر قانونا ينظم الاعتصام بحيث لا يؤدى إلى تعطيل العمل، وإذا ترتبت عليه أعمال شغب يمكن تشديد العقوبات.
---------------
نشر في المصري اليوم بتاريخ 30-3-2011
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=291998

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون