د. صبرى الشبراوى



إدارة البلاد بمنطق تسيير الأعمال أكبر من خطر الثورة المضادة ..
ومصر تدار الآن دون خطة مستقلة
------------------------------------
حوار رانيا بدوى ١٨/ ٤/ ٢٠١١
----------------------------------

حذر الدكتور صبرى الشبراوى، أستاذ الإدارة والتنمية البشرية من خطر إدارة البلاد بمنطق «تسيير الأعمال» وقال إنه يمثل خطورة على مكتسبات الثورة أكبر من خطر الثورة المضادة نفسها، مشيرا إلى أن مصر بعد الثورة، مطالبة بأن تخوض حربًا ضد الفقر والجهل والمرض، وكشف الشبراوى، فى حواره مع «المصرى اليوم»، عن أنه حذر جمال مبارك من تزوير الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وقال له: «لو الانتخابات اتزورت هتروح فى داهية».. وإلى نص الحوار:

■ باعتبارك أستاذا فى الإدارة.. كيف تقيم إدارة مصر الآن فى هذه المرحلة الانتقالية؟

- تدار بلا خطة مستقبلية واضحة، الكل يتحدث عن الأمور السياسية كالتعديلات الدستورية والانتخابات ولا أحد يتحدث عن مستقبلنا، فلا شباب ثورة يناير تقدم باقتراحات للمستقبل، ولا المجلس الأعلى للقوات المسلحة المنوط به إدارة البلاد قال لنا ماذا سيفعل من اللحظة التى تولى فيها الحكم وحتى نهاية مدة وجوده، ولا حتى حكومة الدكتور عصام شرف خرجت علينا بخارطة طريق.

■ ولكن البعض يدعو إلى إمهال المسؤولين برهة من الوقت؟

- وضع الخطة لا يحتاج إلى وقت، حتى نفهم ما هو الهدف الذى نعمل للوصول إليه، ثم إن مدة ستة أشهر ليست بالقصيرة، ونحن نستهلك الوقت فى نقاشات كان يمكن أن تدور إلى جانب دوران عجلة الإنتاج، على أن يبقى السياسيون منشغلين بالتعديلات الدستورية، والعلماء منشغلين فى نفس الوقت بوضع الخطط العلمية التى سنسير عليها، والمفكرون فى كيفية تحقيق النقلة النوعية للبلاد.. هذه اللحظات فاصلة وفارقة فى حياتنا وحان الوقت لنسأل أنفسنا أين نحن من كوريا والهند وماليزيا؟ وما الذى نريد أن نكون عليه بعد عشرة أو عشرين عاما.. لكن أن نظل مستهترين بالوقت ونظل منتظرين لما سيكون عليه الوضع بعد ستة أشهر أو أكثر، وننتظر الرئيس الجديد لينظم لنا أمورنا ويفعل ما فيه الخير لنا فسنظل محلك سر.

■ الكل بات مقتنعاً بأن الوضع الحالى مؤقت للجميع وربما هذا ما يفسر ما تقول به من عدم وضوح للرؤية؟

- خطر هذا الوضع المؤقت، ومنطق تسيير الأعمال كبير جدا، لأنه سيفقدنا الحماسة للتغيير، وسيعطى البعض فرصة للتلاعب، وسيزيد الخسائر الاقتصادية، وسيرجعنا إلى عهد ما بعد الثورة، وأخشى أن نتراجع للخلف ووقتها لن نكون قد استفدنا من الثورة وسيصبح خطر «تسيير الأعمال بلا رؤية وهدف مستقبلى» أخطر على الثورة من الثورة المضادة نفسها.

■ البعض يبرر الوضع بأن الجيش لديه مهام والتزامات ضخمة ومن الصعب أن نطلب منه القيام بأمور ربما هى المرة الأولى التى يحتك بها؟

- ولماذا يضع الجيش نفسه فى هذا الموضع، عليه أن يكون مجلساً رئاسياً لمعاونته، أو الاستعانة بخبراء ومستشارين تحت أى مسمى للخروج بالبلد من هذا المأزق، وأن يشكل لجاناً علمية واقتصادية وغيرها، خاصة أن هناك إشارات تدل على أن المدة قد تطول وربما لا تجرى انتخابات الرئاسة قبل عام ٢٠١٢.

■ هناك رؤية تنطوى على أن البدء بإصلاح الوضع السياسى المتمثل فى الدستور ومن ثم الديمقراطية فى تشكيل مجلسى الشعب والشورى ورئيس الدولة هو ما سينعكس على الإصلاح المجتمعى والاقتصادى بل وإصلاح القيم؟

- نعم، ولكن يجب ألا ينصب الحديث عن الدستور الجديد فيما يخص الانتخابات والديمقراطية وصلاحيات الرئيس إلى آخره من الأمور السياسية فقط، وإنما يجب التركيز فى الدستور على كل ما يعظم الإنتاج ويحدث النقلة النوعية الاقتصادية فى البلد. ويجب أن يتغير الدستور بما يحفز على الابتكار والجودة والمبادرة، ويتغير كل ما يمثل ثغرة للفساد، وإلا سنظل نحمل فيروس الفساد بداخلنا، لذا يجب إشراك جميع طوائف الشعب فى وضع الدستور وليس القانونيين فقط، والأولوية الآن أن نغير أنفسنا وأن نولى النظافة والالتزام بالمواعيد والعمل الاهتمام الأول.

■ ولكن بالفعل تحدث الشباب فى هذه القيم وبدأوا بأنفسهم بتنظيف ميدان التحرير ثم تنظيف الأحياء إضافة إلى حملات «غير نفسك» وحملات إعلانية تحث على تغيير المجتمع؟

- هذا كلام أغان.. أنا أريد إدارة حاسمة تجعل من الالتزام والنظافة قانونا، فهذه الحماسة ستستمر لبضعة أسابيع ثم تنتهى، ولا يهمنى الشعارات والإعلانات المهم ما هو موقف المحافظين ورؤساء الأحياء ومن يديرون البلد؟ فمن يدير هو من يحدد قيم المجتمع.

■ وهل يمكن تغيير تركيبة الشعب المصرى فى عشية وضحاها؟

- برغم الثورة وما حققناه فيها إلا أن أغلب الشعب المصرى يخاف من التغيير ومن المواجهة والدليل «بلكوناتنا»، نظل نكركب كل ما هو قديم لدينا ولا حاجة لنا به لمجرد أننا قد نحتاجه فى المستقبل، الشعب يخاف التغيير ويخاف المواجهة ويخاف دفع الثمن. لذا كنا ننادى بتأجيل الاستفتاء لحين ظهور قوى جديدة وأحزاب أخرى وحتى يبدأ الجميع العمل فى الشارع لنخرج من الحالة التى اعتدنا عليها طوال السنوات الماضية، ذلك من ناحية، وحتى لا يكون لقوى بعينها كل هذا التأثير من ناحية أخرى، ويجب على المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يعدل هذا الوضع بتأجيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية، ولا يضيف إلى خطأ الاستفتاء على التعديلات الدستورية أخطاء أخرى، لأن التسرع فى إجراء الانتخابات سندفع ثمنه غاليا، وهم وحدهم من يملكون هذا القرار، خاصة أن نتائج الاستفتاء أثبتت بما لا يدعو للشك وجود تأثير قوى على الرأى العام، خاصة من هم فى القرى والريف، باستخدام الدين، وأعتقد أن هذه النتيجة ستؤثر على مستقبل الأمة وقد تعيدنا إلى عصور الظلام.

■ هذا التحليل يمكن قبوله إذا ما افترضنا أن أصوات الإخوان مؤثرة إلى هذه الدرجة.. لكن هناك طوائف قالت نعم بإرادتها وعن اقتناع منها عملا بمبدأ الاستقرار؟

- أتفق معك فى هذا القول، ولكن لم يؤخر البلد إلا فكرة الاستقرار التى ظلوا ٣٠ عاما يقنعوننا بها حتى تخلفنا فى كل المجالات، فالاستقرار مسألة نسبية، هناك استقرار يؤدى إلى الجمود، واستقرار ديناميكى ينطلق من حالة استقرار إلى حالة أعلى وأفضل.

■ عودة إلى الإسلاميين.. هل تخشى الإخوان المسلمين؟

- بل أخشى السلفيين والجهاديين والمتشددين عموما، فلا أنكر أن الإخوان بهم أعضاء معتدلون ولكننى أخشى من تأثير السلفيين عليهم.

■ ولكن الإخوان منفصلون عن السلفيين؟

- ليس كما يظن البعض، فعلى مستوى القاعدة يمكن للسلفيين استقطاب قواعد الإخوان، وأنا لا أنادى بإقصاء أحد، ولكن أنادى بأن نمنح بعض الوقت لنعطى الفرصة المتكافئة للجميع، فالمطلوب الآن هو التفكير فى مستقبل التنمية الاجتماعية، ومنهج الحرب ضد الفقر والجهل والأمراض الجسدية والنفسية وأمراض المجتمع المزمنة.

■ ماذا لو حصل الإخوان المسلمون على عدد كبير من مقاعد مجلس الشعب القادم؟

- على الإخوان الخروج إلى الناس ببرنامج كامل يحدد منهجهم وأهدافهم إذا ما حصلوا على مكانة ما فى صناعة السلطة سواء فى مجلس الشعب أو غيره، وعليهم توضيح كيف سيكون نمط الحياة فى عهدهم، وموقفهم من المرأة والأقباط، وعلاقاتنا الخارجية.. هل سنتحالف مع أوروبا وأمريكا أم مع طالبان وأفغانستان.. موقفهم من التعليم والصحة والفن والغناء والرقص.. تفسيرهم لمفهوم الحداثة.. على أن يعلنوا موقفهم الآن وبشكل واضح لا يحتمل اللبس، ليعطوا فرصة للناس بلا أى تأثير أن يختاروهم أو يرفضوهم.

■ فى رأيك أيهما أنسب لإدارة مصر، النظام البرلمانى أم الرئاسى؟

- النظام البرلمانى، ولكن لا مانع عندى من أن يتم ذلك على مرحلتين، بأن نحكم بنظام رئاسى فى الوقت الحالى بشرط تحديد وتقنين صلاحيات الرئيس، ثم ننتقل إلى النظام البرلمانى عندما نكون مؤهلين لذلك.

■ وكيف نختار وزراء يمكنهم إدارة البلد.. وهل الحل فى حكومات تكنوقراط كما يقول البعض؟

- من الممكن أن يكون وزير تكنوقراط ولكنه مدير فاشل، فالأهم هو وزير كفء فى مجاله وفى نفس الوقت لديه سمات القائد، وأن تكون لديه أسس الإدارة العلمية، وأن يكون منهجه ديمقراطيا على أن يتم اختيار الوزراء فى لجان استماع.

■ هل ترى ضرورة البدء فى ممر التنمية وتعمير سيناء الآن لإحداث النقلة النوعية؟

- بالطبع، ولكننا نريد ٢٠ مشروعاً من هذا النوع لنقل مصر، والمشروع الأكبر الذى يجب الاستثمار فيه هو «الإنسان المصرى» عن طريق التعليم والتدريب، فذلك هو المشروع القومى المستدام الذى يمكن من خلاله طرق الصناعات الحديثة وتطوير البحث العلمى، فبدون تطوير للبشر لن نتحرك خطوة للأمام، فالعلم هو الذى سيضعنا فى مصاف الدول العظمى، فإسرائيل تنفق٥.٥% من دخلها القومى على العلم، وكذلك كوريا، فى حين تنفق اليابان ٤% من دخلها القومى، بينما تنفق مصر ٠.٥% وهى نسبة ضئيلة جدا، فالمؤسسة أو الشركة التى لا تنفق ٣% من دخلها على التنمية البشرية للقائمين عليها وعلى الأبحاث والدراسات، يهبط مستواها وتهبط قوتها التنافسية فى السوق، الأمر نفسه ينطبق على الدول، والتعليم يؤسس لجيل قوى ويجب ألا يقف حد التعلم عند سن معينة، إنما على كل مؤسسة أن تستمر فى تعليم العاملين بها لتحسين المنتج والجودة، أما الديمقراطية فهى التى تخلق مناخ الابتكار والإبداع.

■ وماذا عن المشروع النووى ورأيك فى المطالبات بتأجيله بدعوى ما حدث فى اليابان والظروف الاقتصادية التى تمر بها مصر؟

- أنا مع التأجيل لأننا فى ظل عدم التدريب والتأهيل وغياب قيم وأسس الإدارة العلمية، أرى أن شراء محطة نووية الآن هو شراء لـ«مشكلة» والأجدى الآن هو الاستثمار فى الطاقة المتجددة.

■ ما تقييمك للجنة التنمية البشرية التى أنشأها الحزب الوطنى قديما؟

- اللجنة كانت اقتراحى، تقدمت به إلى الرئيس السابق حسنى مبارك فقبلها وعيننى رئيسا للجنة عام ٨٦.

■ أعلنت من قبل إنك اختلفت مع قادة الحزب الوطنى بسبب هذه اللجنة.. فما هى تفاصيل هذا الخلاف؟

- وضعت ضمن أهداف اللجنة ضرورة اختيار ممثلين عن الشعب لقيادات مصر، وقلت إن اختيار المسؤولين يجب أن يكون فى النور وليس فى الظلام، وأن تكون هناك لجان استماع تقيم من يتم اختيارهم للمناصب، على أن يعاد التقييم من وقت إلى آخر، وذلك كان بداية الخلاف.

■ وماذا كان رد فعل الحزب؟

- قالوا عنى رجلاً مجنوناً، وأغلقوا مكتب اللجنة.

■ ولكنك ظللت فى الحزب الوطنى حتى آخر لحظة؟

- اعتبرت نفسى خارج الحزب منذ اللحظة التى أغلقوا فيها مكتب اللجنة وعزلونى ولم يأخذوا بأفكارى، ولكننى كنت أشارك بالرأى فى لجنة السياسات من باب إبداء المشورة.

■ ولكنك فى النهاية محسوب على الحزب؟

- الكل كان يعرف أننى منبوذ فى الحزب الوطنى لعدم موافقتى على سياساته، والدليل أننى لم أحصل على أى منصب سياسى فى البلد رغم كل خبراتى، بل حاربونى فى عملى الخاص وفى مصدر رزقى، ثم إنه ليس كل من ينتمى إلى الحزب كان سيئا، كما أن هناك شخصيات كانت تحضر اجتماعات الحزب الوطنى وأمانة السياسات للمشاركة بخبراتهم مثل دكتور سمير رضوان، والفريق أحمد شفيق، وبرغم أننى كنت أعتبر نفسى مستقيلا من الحزب، إلا أننى كنت أرى أن من واجبى أن أقاوم لآخر لحظة، لعل وعسى يأخذون ولو لمرة واحدة بأفكارى.

■ كنت أستاذًا لجمال مبارك فى الجامعة الأمريكية.. فماذا علمته؟

- درست له علم الإدارة، وكان تلميذا مجتهدا ولكن مشكلته أنه لم تكن لديه عواطف، رغم أن الإنسان ما هو إلا سلوك وعواطف.

■ هل كنت تواجهه بأخطائه؟

- نعم، فقبل الانتخابات الماضية مباشرة قلت له نصا «الفساد مستشر وأنت المسؤول عن ملاحقته»، وقلت له: «لو الانتخابات القادمة حدث فيها تزوير هتروح فى داهية»، وفى إحدى المرات اتصلت به وقلت له لدى منهج لتغيير سياسات الحزب، ويجب أن تستمع إليه، فقال لى «اكتبهولى فى ورقة» وقتها شعرت بأنه دخل مرحلة الغيبوبة السياسية، ولا أمل فى إصلاحه، حيث بدأ يتعامل من أعلى ومن مركز قوة، وأصيب بالنرجسية هو ووالده ووالدته، ففى الفترة الأخيرة أصيبت العائلة بالكامل بالنرجسية الشديدة، وانعزلوا عن العالم، وكانوا يريدون كل شىء لأنفسهم.

■ سبق أن قلت إن جمال مبارك إذا أراد ترشيح نفسه فى الانتخابات الرئاسية فعليه أن يقنع والده بتغيير المادة ٧٧ فإذا كنت مناهضا لسياسة العائلة كيف تتقدم بهذا الاقتراح؟

- لا أنكر أننى قلت ذلك، والسبب أن البلد آنذاك كان محكوماً بالحديد والنار، ولم يكن هناك أى سبيل للخروج، والشعب بدا وكأنه لا يريد أن يدفع ثمن الحرية، فاقترحت أن يترشح جمال مبارك بشرط تغيير مدد الرئاسة، وكانت نيتى أن تتحمل مصر جمال مبارك مدة رئاسية واحدة فنكون استعدنا قوتنا والتقطنا أنفاسنا، ووضعنا أول خطوة فى عقد اجتماعى جديد، واشترطت وقتها أيضا أن يغير جمال البطانة التى حوله «عز والشلة».

■ ننتقل إلى ملف آخر، وهو ملف الثروات والأموال المنهوبة فى عهد النظام السابق.. هل يمكن أن نسترد هذه الأموال؟

- الحديث عن ثروات مبارك والعائلة لم يكن مفاجأة لى، لأن هذا الحديث مطروح فى الخارج منذ فترة، وأنا بحكم سفرى كثيرا، واحتكاكى بشخصيات سياسية ومصرفية أجنبية علمت بمليارات العائلة منذ زمن، ولكن المفاجأة كانت فى رجال الأعمال والوزراء والموظفين الذين اتضح أن ثرواتهم أيضا بالمليارات، وهنا أنا أؤمن بقاعدة أن أى رجل أعمال لم يضف شيئا مفيدا للمجتمع، بينما تصل أرصدته إلى المليارات فهو ١٠٠% حرامى ولا أحتاج إلى سؤاله أو محاكمته. وقتها أصادر أمواله أولا، وإذا ظهر له حق فى أى منها نعطيها له بعد ذلك، لكن الأصل هو المصادرة «مش لما بتيجى فواتير عالية ونشتكى كانوا بيقولولنا ادفع الأول وبعدين اشتكى؟، إحنا كمان هنطبق عليهم نفس السياسة».

■ كيف تقرأ تقديم رموز النظام السابق إلى المحاكمة مؤخرا بعد ضغوط شديدة من الثوار؟

- ما حدث من تسويف وتباطؤ عليه علامات استفهام كثيرة، فمثل هذه القرارات كان يجب أن تكون سريعة وحاسمة من اللحظة الأولى، لأن التأجيل يساوى لعباً، أنا أستاذ إدارة وعندما أجد مديرا يتصرف بهذه الطريقة، أضع عليه علامات استفهام ومن تسببوا فى هذا التباطؤ يجب أن يحاكموا، لأنهم يضيعون حقوق الشعب، والمهم أنه إذا تم استرداد هذه المبالغ أن توضع فى صندوق قومى يخصص لحل مشكلات العشوائية والأمية والنهوض بالمجتمع.

■ تردد مؤخرا أن مصر لن تنهض بسهولة، بسبب وضعها الاقتصادى الحرج، إضافة إلى أن الاستثمار فى المرحلة السابقة كان بسياسة دق الأبواب.. فكيف نحفز الاستثمار الخارجى وبسرعة للخروج من المأزق؟

- لنترك الاستثمار الخارجى الآن، لأنه سيأتى بعد هدوء واستقرار الأوضاع، ولكننا نريد حلا سريعا وعمليا لزيادة وتعظيم الإنتاج واستيعاب البطالة، وهذا يكمن فى الاستثمار الداخلى، بمعنى أن البنوك المصرية بها ما يقرب من ٩٠٠ مليار جنيه، نأخذ منها ١٠٠ مليار جنيه سنويا لعمل شركات مساهمة مصرية، ونضمن للمواطن قيمة السهم، ونستثمر هذه الأموال فى مشروعات جديدة نسبة المخاطرة فيها معدومة، للحفاظ على أموال الناس، مثل مجالات الطرق ومحطات المياه ومشروعات الطاقة المتجددة، وغيرها، وهنا سأحسن البيئة الداخلية وأشغل الشباب، وكل سهم يملكه مواطن سيدر عليه دخلاً وربحاً، إضافة إلى أن الناس هم أصحاب هذه المشروعات، وأموالهم مضمونة بمشروعات قوية وبضمانات من البنك المركزى، لأننا لو نظرنا إلى الاستثمار الأجنبى، الذى كان يأتى فى الماضى، سنجده يأتى ومعه ١٠ ملايين جنيه، ويقترض من البنوك المصرية عشرة أضعافها وينشئ المشروع ويربح ويرسل الربح إلى الخارج وكله بفلوسنا، فلماذا لا نستثمر نحن أموالنا، كل دول العالم تعمل ذلك، فالشعب اليابانى هو الذى يملك شركات توشيبا، ماليزيا وإندونيسيا تستثمران فى المنتج المحلى، الذى يميزهما ويعد قيمة مالية مضافة.. يجب أن تنتهى الرأسمالية الفاجرة، ونبدأ عهد الرأسمالية الشعبية أى أن يملك الشعب مؤسساته ومصانعه وشركاته.

■ وهل يمكن استعادة قيمة الجنيه المصرى بسهولة؟

- الجنيه المصرى انعكاس لقيمة الإنسان المصرى، إذا عظم الأول عظم الثانى، وإذا ضعف الشأن المصرى انهارت عملته وهبطت، فقوة الجنيه تعنى أن المواطن المصرى ملتزم، ويعمل ويجيد عمله، وإذا هبط يعنى العكس، وللأسف دراسات الأمم المتحدة تقول إن المواطن المصرى يعمل ٢٧ دقيقة فى اليوم، وإذا عمل لا يجيد ما يعمل، إضافة إلى أننا لا نصنع المنتجات التى تجعل لدينا ميزة نسبية، حتى الزراعة أهملناها وما تبقى منها نصدره خاماً، وأنا أؤمن بأن البلد الخام يصدر خاماً، بينما علينا أن نتبع أسلوب القيمة المضافة لمنتجاتنا بتصنيعها. أما إذا استمررنا على هذا الوضع فيجب ألا نأمل خيرا فى اقتصاد البلد وتنميته.

■ إذا انتقلنا لملف الأمن.. كيف ندير جهاز الشرطة وسط ما يتردد عن امتناع بعضهم من النزول إلى الشارع بحجة الخوف من تعرض المواطنين لهم؟

- يجب البدء فورا فى عمل تدريب مكثف للضباط الحاليين، ولا مانع من تدريب مكثف لخريجى كليات الحقوق وضمهم لجهاز الشرطة، وأى ضابط لا يريد النزول إلى الشارع وأداء مهامه يتم فصله، فمصر تمر بمرحلة لا يجب فيها التهاون فى الإدارة.

■ وكيف نتعامل مع الاعتصامات الفئوية، وكيف نواجه الطلبات المالية المتزايدة فى ظل الوضع الاقتصادى المتردى؟

- لابد من مواجهة، لوقف نزيف أموال الناس، والخسارة الفادحة فى كل القطاعات، فسياسة «الدلع القومى» المتبعة الآن ستتسبب فى انهيار البلد، فلابد من إدارة حاسمة وليست رخوة، وعلينا أن نبدأ حملات لتوعية الناس بضرورة شد الأحزمة على البطون، للخروج من هذا المأزق، والانطلاق إلى المستقبل. فلو استرضينا الناس، فذلك معناه طبع ورق بنكنوت، مما سيترتب عليه تضخم كبير سيدفع المواطنون ثمنه فى النهاية، لذا يجب ألا نعامل الشعب على كونهم أطفالا صغارا، بل يجب مواجهتهم على أن يتولى المثقفون والسياسيون هذه المهمة إلى جانب الحكومة لتوعية الشعب بوضعنا الاقتصادى الحقيقى.
http://www.almasryalyoum.com/multimedia/video
------------------------------------
نشر في المصري اليوم بتاريخ 18-4-2011
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=293941

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون