د.صفوت العالم



المشهد الإعلامى مرتبك ويعيش حالة فقدان ثقة
--------------------------------------
أجرت الحوار رانيـا بـدوى ٩/ ٤/ ٢٠١١
---------------------------------------

«يلّا نلعب ثورة».. هذا هو التوصيف الذى عبر به الدكتور صفوت العالم أستاذ الإعلام السياسى بكلية الإعلام جامعة القاهرة، حول ما يشاهده ويقرؤه حالياً فى الإعلام الحكومى.. وأضاف «العالم» فى حوار لـ«المصرى اليوم» أن التحول الذى يحدث هو تحول معيب لأنه ليست لديه رؤية ولا مرتكز سياسى ينطلق منه.. وإلى نص الحوار:

■ كيف تقرأ المشهد الإعلامى فى مصر حالياً؟

- المشهد مرتبك وغير مستقر، وهذا انعكاس طبيعى لحالة التحول السياسى التى نمر بها، فالجانب الاقتصادى مقلق والقائمون عليه فى حالة ترقب، والوضع السياسى غير واضح الرؤية وهذا يظهر جليا فى القول بتعديلات دستورية ثم التصريح بإعلان دستورى، ناهيك عن ملاحظة الجميع للغياب الفاعل للمؤسسات الأمنية، والإحساس العام بأن الحكومة الحالية هى حكومة تسيير أعمال، وفوق كل هذا العبء الذى يتحمله المجلس الأعلى للقوات المسلحة من أمور ومناح هى بعيدة عن تخصصه.

■ هل ينعكس ذلك على المشهد الإعلامى؟

بالتأكيد، وهذا واضح أكثر فى التليفزيون المصرى والصحف القومية، فاستقرار المؤسسات الإعلامية يأتى من وضوح الرؤية لدى النظام الحاكم سواء سلبا أو إيجابا، فالمضمون الإعلامى جرت العادة أن تكون له مرتكزات سياسية، هذه المرتكزات غير واضحة الآن، ولا شك أن استقرار نظام قرابة ٣٠ سنة، ينتج عنه مستفيدون جدد ويظهر المتذبذبون والمتحولون، ويظهر ذلك واضحا فى شكل المضمون الصحفى والإعلامى.

■ هل لك أن تذكر بعض مشاهد الارتباك الواضحة فى التليفزيون؟

- أولا الإعلام يعيش حالة فقدان ثقة، وعدم وجود بوصلة سياسية للدولة، وعدم الثقة فى أغلب قيادات الإعلام الذين كانوا فى ظل النظام الماضى، إضافة إلى عدم الرضا الوظيفى لدى عشرات الآلاف عندما اكتشفوا الأجور المبالغ فيها لبعض العاملين والمخرجين والإعلاميين، فى حين أن رواتبهم الضئيلة تتأخر قرابة الثلاثة أشهر، فضلا عن تعدد وتنوع الهياكل المالية لإنتاج البرامج الإعلامية فى قنوات التلفزيون المصرى، فهذا البرنامج يتبع الوزير لذا نجد المذيع يتقاضى أكثر من عشرة آلاف جنيه وكذلك المخرج، بينما هذا البرنامج يتبع التليفزيون يتقاضى المذيع به ٣٠ جنيهاً فى الحلقة.

■ هل ترى أن تحول بعض الإعلاميين يأتى من باب العودة إلى الحقيقة؟

- ما يحدث من تحول هو تحول معيب، فحتى التحول يجب أن تحكمه بوصلة سياسية ورؤية وليس مجرد تحول للقفز على عربة الفوز، لذا هذا التحول مصداقيته ضئيلة، وكأنهم يرفعون شعار «يلّا نلعب ثورة».

■ ماذا عن التحول فى الصحف القومية؟

- التحول حدث فى الصحف القومية حتى تحت قيادة الرؤساء السابقين بعدما أيقنوا نجاح الثورة، لذا لجأوا لعدة مظاهر أولها أن بعضهم تراجع عن فكرة مقال الصفحة الكاملة إلى مقال العمود فقد كان أسامة سرايا ومحمد على إبراهيم وغيرهما يسطعون علينا بمقالات صفحة كاملة تراجعت بعد الثورة إلى مجرد عمود، لأنهم يشعرون بأنهم فى مأزق سياسى، وآخرون بدأوا تسكين مقالاتهم كمقال بديل فى الأعمدة الرئيسية فى الجريدة، فمثلا نجد عبدالمنعم سعيد أخذ مكان مقال الأستاذ سلامة أحمد سلامة كنوع من حجز «بوتيك المستقبل» وكضمانة للتحول القادم، لأنه كان لدى الجميع إحساس بأن القيادات كلها سترحل وبالتالى يضمن مقالا للتواصل إذا ما رحل تماما مثل إبراهيم نافع وغيره.

■ تشهد الساحة الإعلامية حالياً تصنيف الإعلاميين حسب المؤيد والمعارض للثورة وليس على أساس الكفاءة كيف تقرأ ذلك؟

- هذا واضح للجميع، فمثلا النظرة إلى سها النقاش الآن متعاظمة للغاية لأنها رفضت النظام السابق ونزلت إلى المظاهرات فى حين من لم ينزل إلى المظاهرات وشارك فى تغييب الرأى العام وقت الثورة ينظر لهم صباح مساء نظرة سيئة بداية من مدخل التليفزيون نفسه على أنهم خانوا الثورة، وأنهم أبواق النظام، ولكن من الطبيعى أن يكون هناك ضحايا للثورة ومستفيدون منها.

■ فى تقديرك هل سيعود التليفزيون والصحف القومية مرة أخرى للاصطفاف إلى جانب النظام الجديد أم ستبقى فى صف المعارضة؟

- الرؤية السياسية التى ستتمثل فى الحكومات القادمة وشخصية الرئيس نفسه ستحدد طبيعة المرحلة المقبلة فى الإعلام، إضافة إلى أن الجميع يجب أن يتعلم الدرس، وعلى الرئيس القادم أن يتعلم الدرس، وعلى الإعلاميين أن يتعلموا أن احترام الرأى العام والتجاوب مع متطلباته هما اللذان يصنعان المكانة الإعلامية.

■ كيف يمكن فعليا الحفاظ على المساحة بين الرئيس والنظام وبين الإعلام فى المستقبل؟

- لن يتم ذلك إلا بصياغة متكاملة لأداء نقابى يحمى الإعلاميين من البطش وضياع حقوقهم المهنية والمالية، إذا ما كان لهم رأى مخالف للنظام أو لرؤسائه، وأيضا تدعيم نقابة الصحفيين، فهى ليست منتدى ثقافيا، إنما عليها أن تدعم الممارسة المهنية، وأن يكون لديها آلية لرفع مستوى أداء الصحفى عن طريق التدريب المتواصل.

■ ما رأيك فى الأطروحات الخاصة بضرورة فصل التحرير عن الملكية فيما يخص الصحف القومية.. وطرح التليفزيون للاكتتاب العام؟

- لا شك أن التفكير فى «الإذاعة والتليفزيون» على أن تكون هيئة مستقلة هى آلية مطلوبة للارتقاء بهذه المؤسسة، كذلك المؤسسات الصحفية يجب التفكير فى نمط الملكية الذى سيحكمها فى المستقبل.

■ هل لديك ملاحظات على أداء الإعلام الخاص؟

- رغم أن أغلب وسائل الإعلام الخاصة منحت رخصها لرجال الأعمال فإنها كانت متفاوتة فى أدائها فهناك من حافظ على مساحة المصداقية بينه وبين الجمهور وهناك من استفاد من مؤسساته الإعلامية عن طريق تخديمه على النظام السابق، وبالتالى حصل على المقابل فى شكل مزايا اقتصادية.
------------
نشرت في المصري اليوم بتاريخ 9-4-2011
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=293023

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون