ملف التعليم

التعليم المصرى.. واقع «مر» ومستقبل «مجهول»
أجرت حوارات الملف - رانيا بدوى ١٧/ ٩/ ٢٠١١
------------------------------------------
مع قيام ثورة ٢٥ يناير، انشغل المجتمع تماماً بالأحداث السياسية والاقتصادية والأمنية، التى تمر بها البلاد، فى المقابل، قل الحديث، وربما يكون اختفى تماماً عن التفكير فى مصر بكرة، مصر التى نحلم بها بعد الثورة، فلم يعد أحد يتحدث عن الأزمات التى كانت ولا تزال تمر بها البلاد فى مختلف المجالات،

قررت «المصرى اليوم» إعادتها للأضواء وفتح ملفاتها من خلال خبراء متخصصين، كل فى مجاله. ولأن التعليم إحدى أهم وسائل نهضة الأمم ونموها، وبدون حل مشاكله وتطويره لن تحقق الثورة أهدافها. فى هذا الملف نعرض أزمة التعليم وحلولها من خلال حوارين مع اثنين من كبار الخبراء فى هذا المجال، وهذه هى التفاصيل.


--------------------------

:د. مجدى قاسم
---------------------------
مصر الدولة الوحيدة التى تقبل بوجود جامعات من جميع الدول على أراضيها..
ولا بديل سوى سياسة لا تتغير بتغيير الوزراء
----------------------------
فى حواره، شدد الدكتور مجدى قاسم، رئيس الهيئة القومية لجودة التعليم، على ضرورة إذكاء مهارات إدارة الأعمال الخاصة فى المناهج التعليمية، لأنها أمل مصر فى المستقبل وقدم عددا من الاقتراحات لتستطيع مصر تصدير ١٠ ملايين فنى للعمل فى دول الاتحاد الأوروبى.

وقال « قاسم»، إن عدد المتعلمين الذين يختارون التعليم التكنولوجى والعلوم والرياضيات، يقل سنويا وهو أمر خطير للغاية، وطالب بوضع قواعد حازمة ومعايير لضمان جودة المدارس الخاصة، وعدم تحولها إلى «بيزنس»، وتفعيل دور القطاع الخاص للقضاء على الدروس الخصوصية. وشدد على أنه لا توجد دولة فى العالم تسمح بقيام جامعات من كل دول العالم على أرضها كما تفعل مصر.. والى نص الحوار:

■ بداية.. مارؤيتك لإصلاح التعليم فى مصر؟

- الخطوة الأولى والأساسية أن تكون هناك معايير عامة للسياسات التعليمية لا تتغير بتغيير الوزراء والمسؤولين، كما هو حادث حاليا، لأن كثرة تغيير السياسات والاستراتيجيات التعليمية فى الفترة السابقة تجهض أى جهود للإصلاح، على أن يرعى تنفيذ هذه المعايير والسياسات مجلس أو جهاز ما دائم، يقوم بمتابعتها ومحاسبتها على المستوى القومي، والخطوة الثانية هى أنه لا بد أن يكون هناك إطار قومى للمؤهلات.

■ بمعنى؟

- بمعنى توصيف جميع المؤهلات التى تمنحها المؤسسات التعليمية فى مصر سواء قبل الجامعية أو الجامعية، بما يحدد المؤهلات وكيفية الحصول عليها وكيفية الانتقال بين مسار تعليمى وآخر كالتعليم الفنى والعام والتدريب المهنى، مما يلزم معه أيضا تحديد وتوصيف المهن التى يمتهن بها أصحاب هذه المؤهلات ومقارنتها بالدول المجاورة لتمكين المؤهلين منهم للانتقال للعمل مباشرة من وإلى الدول العربية ودول الاتحاد الأوروبى، دون الحاجة لإعادة تأهيل أو تدريب.

وثالثا لابد من الاهتمام بالتعليم الفنى، لتغيير سمعته والرفع من قيمته مجتمعيا حتى يصبح جديراً بالاحترام والقبول للتحول إليه، مع فتح آفاق مناسبة وواسعة للالتحاق بمؤسسات التعليم الأخرى عند اللزوم وعدم وضع سقف للشهادات التى يمكن للمنتسبين للتعليم الفنى الحصول عليها، ومنح شهادات عليا كالدكتوراه التقنية مثلا، أما وضع سقف محدد كالدبلوم فهو يؤثر على سمعة التعليم الفنى أو المهنى رغم حاجتنا إليه أكثر من أى وقت مضى ورغم احترامه فى العالم كله الذى يضع التعليم الفنى على ذات المستوى من التعليم العام، والخطوة الرابعة هى السياسات الخاصة بالتعليم نفسه من خلال دمج مهارات التوظف فى المناهج من السنوات الأولى كما يحدث فى العالم كله.

■ كيف يمكن حدوث ذلك؟

- هناك استراتيجيات قائمة بالفعل، ونحن فى الهيئة أصدرنا كتابا عن كيفية توظيف المنهج لإذكاء مهارات التوظف لدى المتعلم، فمهارات التوظف متعددة ولابد أن تخدم المناهج إكساب المتعلم هذه المهارات، بما يجعله قادرا على توظيف نفسه بعد تخرجه، وهو ما ينقلنا إلى ضرورة التوجه أيضا نحو مهارات ريادة الأعمال كما يحدث فى العالم كله، بمعنى أن يكتسب المتعلم مهارة خلق فرص عمل ذاتية وهو توجه عالمى قام الاقتصاد الأمريكى نفسه عليه بحيث يسعى كل مواطن لتحقيق ذاته.

■ يؤدى ذلك لمزيد من الاعتماد على القطاع الخاص وليس الحكومة.

- طبعا ونبدأ بإنشاء كيانات صغيرة جدا تدعمها الدولة، تتحول لاحقا إلى مؤسسات كبرى كالمؤسسات العالمية فى أمريكا وأوروبا التى قامت أساسا على ريادة الأعمال مثل شركات جوجل ومايكروسوفت وياهو، كلها لم تكن حكومية وإنما نشأت من كيانات شخصية صغيرة.

ولا بد من الاهتمام بإرشادات التوظيف «career guidance»، بحيث يتم تقديم الإرشادات للمتعلمين خلال جميع مراحل ومسارات التعليم للحصول على مهن محددة بما يجعل المتعلم أكثر قدرة على الاختيار بصورة مبكرة وبما يجعل عملية التعليم نفسها أمراً مرغوباً فيه، هذا كله عن السياسات والتوجهات، إضافة لذلك لابد من وجود توجه حول مستوى التعليم وجودته مقارنة بالمستوى الدولى بما يفتح الباب نحو انتقال العمالة المصرية للخارج.

ومثلا أوروبا تحتاج فى الفترة المقبلة حوالى ١٠ ملايين فنى وبالتالى لابد من تجويد تعليمنا ورفعه للمستوى الدولى وتأهيل شبابنا وخريجينا بصورة متناسبة مع العالم ودراسة أسواق الدول المجاورة لمعرفة احتياجاتهم الوظيفية ومن ثم تخطيط وإرشاد خريجينا وإكسابهم مهارات تتلاءم مع هذه الأسوق بما يؤسس لانتقال آمن للقوى البشرية دون اللجوء للبحر وغرق خيرة شبابنا سنويا.

ويجب أن يكون للتعليم مردود على المجتمع، ومن ثم لابد من تفعيل سياسة تشجع على اختيار المتعلمين للعلوم والرياضيات كتخصص، فقد لاحظنا أن عدد المتعلمين الذين يختارون التعليم التكنولوجى والعلوم والرياضيات يقل سنويا وهو أمر خطير للغاية فالاقتصاد يقوم أساسا على العلوم والتكنولوجيا.

■ باعتبارك رئيس هيئة الجودة.. كيف تقيم حال التعليم المصرى فى اللحظة الراهنة؟

- نحن أنشأنا الهيئة وأعددنا معايير للحصول على شهادة الجودة، لكن كانت هناك مقاومة شديدة من المسؤولين عن الوزارات لدور الهيئة بما لم يشجع المؤسسات بالقدر الكافى، للتقدم للحصول على اعتماد الهيئة، لكن هناك ٢٠ كلية تقدمت أخيرا للاعتماد، حيث تم اعتماد بعضها وجار اعتماد البعض الآخر فى أغسطس وسبتمبر، ولكن جودة التعليم فى مصر بحاجة إلى دفعة من الحكومة ومحاسبة من الشعب حتى تكون المؤسسات التعليمية عند مستوى الثقة الشعبية لأن الجودة التعليمية هى التى تحكم على القيمة المضافة التى تضيفها المؤسسات التعليمية لخريجينا وللاقتصاد المصرى.

■ هل ٣٠٠ مدرسة فقط حصلت على الجودة من بين أكثر من أربعين ألف مدرسة؟

- لا نحن زرنا ٣٠٠٠ مدرسة فى الفترة الماضية تم اعتماد ١٢٠٠ مدرسة منها.

■ لكن يظل الرقم هزيلاً؟

- نعم لكننا لسنا مسؤولين عن تقدم المؤسسات التعليمية لنا، الوزارات المعنية هى المسؤولة عن ذلك بحسب القانون، سواء التعليم العالى أو التعليم العام، وهذه مسؤولية لابد من أخذها بالاعتبار فالتهاون وعدم وجود إجبار لتقدم المؤسسات التعليمية لابد أن يكون أمراً مهماً بعد الثورة.

■ إذن أنت تطالب بإلزام المؤسسات التعليمية بالتقدم للهيئة؟

- طبعا للحصول على الاعتماد وتقرير الهيئة إذا كانت جديرة بثقة الشعب أم لا.

■ هل تقدمت جامعة القاهرة للحصول على اعتماد الهيئة؟

- تقدم من الجامعة كليات الصيدلة والاقتصاد والعلوم السياسية والتمريض وطب قصر العينى.

■ كم كلية منها حصلت على الاعتماد؟

- حتى الآن الصيدلة فقط، أما كلية التمريض فستتقدم مجددا العام المقبل فى حين أن كليتى الاقتصاد وطب قصر العينى جار تحكيم التقرير الخاص بهما وقد يصدر قرار بشأنهما قريبا.

■ ما تقييمك للمدارس التجريبية كمدارس حكومية لكن بمصروفات.. وهل أنت مع إلغاء مجانية التعليم وتعميم المدارس التجريبية؟

- لا غنى عن مجانية التعليم، لكن من الممكن دعم تجارب كالمدارس الخاصة والتجريبية «مش يا أبيض يا أسود»، من الممكن دعم الطلاب وإعطاء منح للدراسة فى مؤسسات تعليمية خاصة بحيث نشرك المجتمع المدنى فى إقامة مدارس تكون أكثر جودة وتؤدى خدمة اجتماعية واقتصادية مما يخفف عن كاهل الدولة.

■ لكن هذه المدارس الخاصة كثيرا ما تنقلب إلى مجرد «بيزنس»؟

- لذا لابد من وجود قواعد حازمة ومعايير لضمان جودتها وعدم تحولها إلى «بيزنس»، لابد من دعم القطاع الخاص والإشراف على التجربة من البداية ووضع معايير للمصاريف وزيادتها سنويا، فتفعيل دور القطاع الخاص يقضى جزئيا على الدروس الخصوصية، أما فى المدارس الحكومية فهناك خطوات لابد منها لرفع مستوى أداء المدارس نفسها خاصة ما يتعلق بالمعلم ورفع أدائه وتدريبه ومراعاة مستواه وربطه بالأداء، ودعم هذه المؤسسات لحصولها على الجودة والارتفاع بمستواها.

■ تعددت الجامعات الخاصة فى مصر كالأمريكية والكندية والبريطانية.. هناك مخاوف من أن خريج هذه الجامعات قد تتأثر انتماءاته وميوله للدولة صاحبة الجامعة؟

- لا توجد دولة فى العالم تسمح بقيام جامعات من كل دول العالم على أرضها كما تفعل مصر، فهى تجربة فريدة فى مصر، لكنى لا أظن أن هناك مصرياً سيغير من انتمائه لدراسته فى جامعة أجنبية، «ماإحنا كلنا اتعلمنا فى الخارج»، هى فكرة غير محبذة لكن بالتأكيد لا تؤثر على الانتماء.


---------------------------
د. رأفت رضوان:
التعليم فى مأزق.. والوزير الذى يدعى أنه وضع سياسات جديدة «بيهرج»
--------------------------
كشف الدكتور رأفت رضوان، مستشار وزير التربية والتعليم، أن الوزارة فى حيرة من أمرها وتعيش مأزقاً خطيراً، لأن السياسة العامة للدولة غير واضحة، والوزير يعلم أنه سيترك منصبه خلال أشهر.

وقال رضوان: إنه لا أحد يقدم على وضع سياسات مستقبلية أو يقدم على تغييرات جذرية حاليا لأن السياسة الأم لم توضع بعد، وأى حديث عن سياسة فرعية هو نوع من التهريج، على حد وصفه. وأضاف أنه لا إصلاح للتعليم دون المعلم، رغم أنه لا يريد الإصلاح، لأنه سيقضى على موارده المالية من الدروس الخصوصية، والدولة لا تملك المال لتعوض هذا المدرس عن هذا الدخل الكبير.. وقدم رضوان عدة اقتراحات وأفكار لإصلاح التعليم، منها الاعتماد على ما سماه «تكنولوجيا الفقراء».. وإلى نص الحوار:

■ كيف تقيّم المشكلات التى يمكن أن تواجهنا عند اتخاذ قرار تطوير التعليم؟

- التعليم فى مأزق خطير جدا، لأن أدوات الحل ضد الحل، بمعنى أننا تركنا المدرس ٤٠ سنة، وقلنا له حل أزماتك بنفسك، فاتجه إلى الدروس الخصوصية حتى استقر وضعه على دخل مالى معين، يزداد يوما بعد الآخر، والآن نقول له نريد تطوير التعليم وأنت أداة الحل ولكن فى المقابل تنازل عن هذا الدخل وعن الوضع الذى استقررت عليه طوال السنوات الماضية، وهذا غير ممكن بسهولة، وفى المقابل لا حل بدون المدرس فهو ألف باء الحل بل الأداة الرئيسية فى تطوير التعليم، وأى حديث عن تعديل المناهج أو تطوير الأبنية وما شابه لن يؤتى بثمار فى الارتقاء بالعملية التعليمية فى عدم وجود المدرس.

■ ماذا لو تم رفع أجر المدرس وتحسين أحواله؟

- هذا ما حاول الكادر من قبل فعله بزيادة المدرسين ١٥٠%، وهنا أقول لك إنه حتى زيادة المدرس ٥٠٠% لن تكون مجدية، لأن المدرس يحصل على هذه الزيادة فى ساعة واحدة من الدروس الخصوصية.

■ كيف نخرج من هذا المأزق دون رفع موازنة التعليم؟

- باللجوء إلى الحلول غير التقليدية، وأنا أقترح أن نلجأ إلى التكنولوجيا لأن التكنولوجيا بطبيعتها محايدة لو استطعنا توظيفها، بأن نستبدل الدروس الخصوصية ببرامج التليفزيون وهو ما أسميه تكنولوجيا الفقراء بأن أسعى إلى أن تكون القنوات التعليمية والبرامج التعليمية منافسة للدروس الخصوصية، فحتى أهزم الآخر علىّ أن أنافسه لأن القانون وحده لن يكفى لمواجهة هذه الظاهرة، وسيحدث تحايل عليه، لكن لو نجحت فى أن أجعل الطالب وولى الأمر يلجآن إلى البرامج التعليمية وقتها سأهزم الدروس الخصوصية.

■ كيف أخلق هذه المنافسة؟

- أن أعلن أن امتحانات العام الجديد ستتغير فى منهج وضعها وأنها ستعتمد على الإبداع والتفكير فبدلا من أن تعتمد الامتحانات على استدعاء المعلومات تعتمد على تطبيق المعلومات فى إيجاد حل لمشكلة أو معضلة ما وتشغيل العقل، وأن نعلن أن التدريب على هذه الامتحانات سيكون فى البرامج التعليمية، لذا تابعونا وشاهدونا، هنا سأجذب الطالب إلى برامج التليفزيون لأننى الجهة التى تضع الامتحان، لذا أنا الوحيد الذى ستكون لى القدرة على التدريب عليه ومن ثم سأسحب الطلبة من الدروس الخصوصية وأربطهم بالتليفزيون والنت.

ثانياً: أن يتم تقليل حجم المناهج المخيف الذى يدرسه الطلبة خاصة فى مرحلة الثانوية العامة، فليس مطلوباً من الطالب أن يدرس كل هذه المعلومات التى لن يستفيد منها فى المستقبل والتى تفوق حجم ما يدرسه فى الجامعات وذلك بأن تكون لدينا جرأة خفض المناهج بقرار واحد وليس عن طريق لجان تنبثق منها لجان.

أيضا يجب ربط المناهج ببعض، لا أن يكون كل منهج فى جزيرة منعزلة عن الآخر فمثلا جائزة نوبل التى حصل عليها الدكتور «زويل» فى اكتشاف الفيمتو ثانية، نجدها تفيد فى مجال انقسام الخلية الحية والنشاط الكيماوى، أى أن اكتشافاً فى الفيزياء ارتبط بالأحياء والكيمياء، كذلك لا يجب أن نفصل اللغة العربية عن التاريخ، فما الجدوى أن يدرس الطالب بلاغة ونحواً ثم يجيب فى مادة التاريخ بلغة ركيكة ونحو خاطئ وهكذا.

■ لكن البعض يطالب بتغيير المناهج ومراجعتها ككل، فهل حدث ذلك بعد الثورة؟

- أحب أن أخبرك بشىء، قد يكون غريباً إلى حد ما وهو أن كتب العام المقبل تم طبعها بالفعل، فالقطار يسير ولا أحد يستطيع إيقافه.

■ ألا يمكن أن نجرى تعديلات على المناهج ثم نعيد الطبع؟

- نحن نطبع ٥٠٠ مليون كتاب بتكلفة ١.١ مليار جنيه، نحن نحتاج من ٣ إلى ٥ سنوات على الأقل لإحداث التغيير المطلوب.

■ ما تقوله يؤكد القول بأن الوزارة لا تزال تسير وفق نهج النظام السابق وأن الثورة لم تمر على قطاع التعليم بعد.

- للأمانة الشديدة وزارة التعليم فى مأزق حقيقى، لأننا لا نعلم بالضبط هل الحكومة الحالية هى حكومة تسيير أعمال أم إدارة أعمال، فعدم وضوح الرؤية السياسية للبلد لا يجعل أحداً يفكر فى اتخاذ قرارات مصيرية أو وضع سياسات ستطبق لـ٥ سنوات، فى حين أن الوزير نفسه يعلم أنه موجود فى مكانه لعدة أشهر لا أكثر.

■ لكن هناك وزراء قرروا عدم التعامل بمنطق تسيير الأعمال وقرروا تمهيد الأرض فى وزاراتهم للوزراء الجدد باتخاذ قرارات وسياسات مؤثرة.

- من يقول لك هذا «بيهرج» لأنه كيف توضع سياسات فرعية والسياسة الأم غير معلومة حتى الآن، فلا أحد منا يعرف هل النظام القادم فى مصر سيكون رئاسياً أم برلمانياً، وما هى أولويات الدولة.

■ لماذا فشلت كل برامج محو الأمية طوال السنوات الماضية؟

- كان الأمر مقصوداً سياسيا، لأن الأمة الجاهلة أسهل وأسلس فى القيادة من الأمة المتعلمة.


------------------------------
د. كمال مغيث:
التعليم بعيد عن الانتماء الوطنى ويخرج جيلاً من المتطرفين
-----------------------------
قال الدكتور كمال مغيث، الخبير التربوى، إن التعليم بعيد عن الانتماء الوطنى ويخرج جيلاً من المتطرفين، متهماً الوزارة بأنها اهتمت برفع صور الرئيس السابق حسنى مبارك وحرمه من الكتب، لكنها أغفلت الأهم وهو تطوير المناهج، معتبراً أن المجانية أدت إلى سلبيات كثيرة، لكنه ضد إلغائها.

وأضاف «مغيث» فى حواره مع «المصرى اليوم» أنه من أجل إصلاح التعليم يجب تشكيل مجلس من كبار المفكرين والمثقفين والعلماء للنظر فى قضية التعليم كاملة، وتوجيه الاهتمام الأكبر إلى المرحلة الابتدائية لضمان سير جيل بأكمله فى الطريق الصحيح، وإلى نص الحوار:

■ ما الخطوة الأولى لنضع أقدامنا على الطريق الصحيح فيما يخص قضية التعليم؟

- أولاً يجب تشكيل مجلس من كبار المفكرين والمثقفين والعلماء فى مختلف المجالات للنظر فى قضية التعليم برمتها، مدخلات ومخرجات وسوق عمل، فمثلا لا يجوز ولا يصح أن توضع مادة التاريخ بمعزل عن أساتذة التاريخ المرموقين فى مصر، ولا أن يوضع منهج مادة اللغة العربية والجغرافيا والعلوم وغيرها من المواد بعيدا عن علماء هذه المواد، ثانياً التأكد من مهنية العملية التعليمية ووضع لوائح لا تسمح بانتقال الطالب من الصف الأول الابتدائى إلى الثانى الابتدائى إلا إذا كان يجيد القراءة والكتابة، ومبادئ الحساب لأننا نعلم جميعا أن هناك من حصلوا على شهادة الدبلوم ولا يعرفون القراءة والكتابة، ولا يجيدون حتى كتابة أسمائهم وهذا شىء محزن، ثالثاً النظر إلى فكرة المواطنة فى التعليم، فللأسف بدلاً من أن يكون تعليمنا أهم مؤسسة لغرس الانتماء الوطنى عند التلاميذ وجعله فى المقدمة حدث العكس، وأصبح التعليم بعيدا كل البعد عن الانتماء الوطنى لذا كان من الطبيعى أن يخرج لنا متطرفين.

■ وكيف يمكننا القضاء على ظاهرة التطرف فى العملية التعليمية؟

- التطرف فى التعليم يأتى نتيجة عدة عوامل، منها المنهج الذى يجبر المسيحيين على حفظ الآيات القرآنية، أو المنهج الذى يعتمد على أن الإسلام هو الدين الوحيد ولا يراعى وجود ديانة أخرى يحترمها متبعوها، مرورا بالمعلم المتطرف، والمناخ الدراسى العام، حتى الأنشطة، فبدلا من أن نجد مسرحيات عن مصطفى كامل أو أحمد عرابى، نجد كل المسرحيات عن السيدة خديجة بنت خويلد أو أسماء بنت أبى بكر، لذا يجب تغيير كل هذه الأمور، وإشاعة مناخ من الحرية فى العملية التعليمية، فالمعلمون لدينا يشعرون بأنهم فى زنازين وكذلك الطلبة، وكان النموذج الصارخ فى ذلك قصة الطالبة «آلاء» التى كتبت فى موضوع التعبير تنتقد جورج بوش وبقدرة قادر تم تصعيد الموضوع إلى الأمن الذى صعّده بدوره إلى رئيس الجمهورية، فالمفتشون لا يسمحون للمدرسين بالإدلاء بآرائهم فى أى موضوع، ولا يوجد لدى ناظر المدرسة حرية التصرف فى أن يقيم نشاطاً ما بالتعاون مع جريدة أو مصنع أو جمعية أهلية.

■ لكن ألا تعتقد أن تقييد سلطات مديرى المدارس فى هذه النقطة له مبرر وهو أنه لو تُرك الأمر دون ضوابط فربما يتعاون ناظر مع جمعية متشددة دينيا أو مدرس يبث أفكاراً متطرفة بدعوى حرية التعبير؟

- هنا الأمر لا يُترك على علاته، والخوف من السلبيات لا يعنى أن أغلق الباب تماما، ويمكن تجاوز هذا الأمر بوضع لوائح محفزة تشجع على ممارسة النشاط والتعبير عن الرأى، ولائحة جزاءات تأديبية إذا ما ثبت أن المدرس مثلا قام بسب دين أو شخصية دينية أو مارس التمييز، وقتها سيسود الشق الإيجابى وستبقى السلبيات استثناء.

■ فى ظل الوضع الاقتصادى السيئ الذى نمر به.. هل هناك إمكانية لتطوير التعليم؟

- أتمنى فى حالة نجاحنا فى إعادة الأموال المنهوبة من الخارج، أن توظف جميعها لدعم العملية التعليمية، والغريب أن كل عام فى عهد النظام السابق كانت تزداد موازنة التعليم سنويا بمقدار ٢٠% فى حين لم تزدد هذا العام سوى ٣ مليارات جنيه، أى أقل من زيادة كل عام وهو ما نعتبره نقصاً فى الميزانية، وهى ميزانية برمتها هزيلة تؤثر على جودة العملية التعليمية.

■ البعض يلقى باللوم فى تدهور المنظومة التعليمية على المجانية، فما تعليقك؟

- ألا يعرف أصحاب هذا الرأى أن ٤٠% من السكان تحت خط الفقر، يلتهم الغذاء فقط ميزانيتهم، و٨% من هذه النسبة تحت خط الفقر المدقع أى لا يجدون حتى قوت يومهم، وهل قامت الثورة لكى تحرم ٤٠% من السكان من التعليم الذى هو حق دستورى، ومع ذلك هذا الكلام منطقى، فمجانية التعليم أدت إلى سلبيات كثيرة، لكننى ضد إلغاء التعليم المجانى، وعندما أتحدث عن التعليم المجانى فأنا لا أقصد التعليم الرخيص الذى يقدم الآن، والذى ترتب عليه خدمة تعليمية سيئة، إنما أقصد التعليم المجانى الذى يجب أن تدعمه الحكومة بقوة وتقدم من خلاله خدمة تعليمية جيدة.

■ ماذا تقترح لحل المعادلة المعقدة: الزيادة السكانية فى مقابل ضعف الميزانية؟

- هناك طرق كثيرة لزيادة ميزانية التعليم إذا توافرت الإرادة السياسية كفرض ضريبة تصاعدية على بعض المؤسسسات الخاصة تخصص نسبة منها للتعليم، كما يمكن تعظيم ميزانية التعليم عن طريق لامركزية المحافظات، فهناك محافظات غنية بالموارد من الممكن أن يخصص جزء من موارها للتعليم، كما يمكن أن نجد طريقة لإلزام ولى الأمر بأن يدفع للمدرسة المبالغ الطائلة التى يدفعها سنويا للدروس الخصوصية، وهنا يجب التفكير فى طرق غير تقليدية ومبتكرة.

■ وهل يمكن تحقيق نتائج سريعة إذا تم تطبيق هذه الاقتراحات؟

- بالطبع لن نحصل على نتائج سريعة، فما تم هدمه على مدى ٣٠ عاما ليس من المتصور أن يتم إصلاحه فى أيام أو شهور، الإصلاح سيأخذ وقتاً لكن علينا أن نبدأ لأن أى تأجيل سيزيد الأمر سوءا، وهنا أقترح أن نولى الاهتمام الأكبر للمرحلة الابتدائية وللصفوف الأولى من هذه المرحلة، لضمان أن جيلاً بأكمله يسير فى الطريق الصحيح.

■ فى رأيك، لماذا فشلنا فى القضاء على الأمية حتى الآن؟

- لأنه كان لدينا نظام حكم منعزل تماما عن كل القضايا الحيوية، واهتم بالبنية الأساسية للتعليم، لأنها جزء من اللصوصية وتسهل فيها السرقة، ولم يهتم بالتنمية البشرية، ولم يهتم بالجامعات أو الفقراء، وظل لسنوات طويلة يتحدث عن حملات محو الأمية ولم يتخذ فيها خطوات فعلية والنتيجة ما نراه الآن.

■ حضرت مؤخرا اجتماعا مع وزير التربية والتعليم وعدد من المهتمين بملف التعليم، فهل شعرت بأن الحكومة الحالية تضع التعليم فى أولوياتها؟

- إطلاقا، لم أشعر بأى تغيير، والسياسة السابقة مازالت قائمة، فالدكتور أحمد جمال الدين موسى، وزير التربية والتعليم، كان وزيرا فى عهد النظام السابق، ولولا أن النظام السابق هو الذى استغنى عنه لما ترك الوزارة، وقد قلت لهم فى هذا الاجتماع إننى أحضر هذه الاجتماع فى هذه القاعة نفسها منذ ٢٠ عاماً مع وزراء مختلفين ولم أشعر بأى اختلاف، لأنه فى بداية الاجتماع أخذ كل مسؤول يعدد إنجازاته أمام الوزير: المسؤول عن المبانى يعدد ما تم إنجازه فى الأبنية، ومسؤول الكمبيوتر يتحدث عن المعامل المتقدمة فى المدارس إلى آخره، ولم يجب أحد عن سؤال: وماذا بعد؟

كنت أتمنى أن تكون روح ثورة ٢٥ يناير حاضرة فى الاجتماع هذه المرة لكننى لم أجدها، وأظن أن الوزارة اهتمت فقط برفع صور الرئيس السابق حسنى مبارك، من المكاتب ورفع اسمه واسم حرمه من الكتب والمدارس، ولم يبد أحد اهتماما بتغيير المناهج وتطويرها.

■ وسط هذه الصورة القاتمة.. ألا ترى أى بصيص من النور؟

- الشىء الوحيد الجيد الذى أراه- لو تم تنفيذه- هو ما صرح به وزير المالية الدكتور حازم الببلاوى بأن هناك ١.٧ مليار جنيه ستوجه لإصلاح حال المعلمين.

-------------------------------
. يسرى عفيفى:
المدارس تحولت إلى «سبوبة» والتلميذ «زبون»
-------------------------------------------

قال الدكتور يسرى عفيفى، مدير مركز تطوير المناهج، رئيس اللجنة العليا لتطوير المناهج الدراسية السابق، إن الطلاب لا يتعلمون شيئاً فى المدارس الحكومية، واصفاً المدارس بأنها تحولت إلى سبوبة، والتلميذ إلى مصدر رزق و«زبون» للمدرس، معتبراً أن المجتمع السيئ لا يمكن أن يفرز تعليما جيدا مهما كانت المناهج متطورة، مشيراً إلى أن التيار الدينى متغلغل فى مصر بأكملها، وأنه يجب التفريق بين منهج يحض على التطرف ومدرس متطرف.

وأضاف عفيفى أن مشاكل المدرسين الاجتماعية من عدم قدرة على الزواج، أو توفير شقة، تنعكس على أدائهم فى الفصل، مؤكداً أنه يرفض التعليم باللغة الإنجليزية، لكنه مع إتقانها كلغة، واصفاً المدارس الأجنبية بأنها جريمة فى حق مصر، والجامعات الخاصة بأنها وراء انهيار التعليم وأنها تحولت إلى «بيزنس»، لافتاً إلى أن الطالب فى كوريا ينام ٤ ساعات فقط بسبب المذاكرة والاجتهاد، بينما فى مصر يتم نشر صور طالبات الثانوية فى الصفحة الأولى وهن يبكين بعد الامتحان، وإلى نص الحوار:

■ ما الأسس التى تقوم عليها العملية التعليمية وكيف تتأثر بالمناخ العام فى المجتمع؟

- فى البداية لابد أن نفرق بين ٣ أمور، هى المنهج المكتوب، والمنهج المنفذ، والمنهج المحصل، فالأول هو المنهج الذى تم وضعه، وهناك وثائق عليه، وهذه المناهج نستفيد فى وضعها بكل المناهج العالمية، وبالتالى المناهج المصرية لا تقل عن المناهج العالمية فنيا، أما المنهج المنفذ فهو ما ينفذه المدرس داخل الفصل وتعتمد القدرة فى توصيل المعلومات على كثافة الفصول، وقدرات المعلم، وأزماته الاجتماعية، كونه غير متزوج، ولا يستطيع شراء شقة، وعليه أقساط إلى آخره وكلها أمور تنعكس على كيفية توصيله المعلومات، وتنفيذ المنهج، أما المنهج المحصل فهو الذى يصل إلى الطالب، وهناك ٧٠% من الطلبة فى التعليم العام لديهم أنيميا نتيجة الفقر والجهل، وبالتالى يؤثر ذلك على قدراتهم فى التلقى والتحصيل، وما أقصده هنا أن المنهج قد يكون جيدا، لكن هناك عوامل كثيرة تؤثر فى وصوله إلى الطالب، لذا أرى أنه لابد أن تتحسن أحوال المدرسين والطلاب الاقتصادية، وتزيد رواتبهم، ليأكلوا ويشربوا وتتحسن صحتهم، وقتها فقط سيتحسن مناخ التعليم وسيكون للتدخل الفنى سواء بتطوير المناهج أو أساليب التعلم أهمية، لكن المطالبة بتطوير المناهج وتحسين التعليم بينما المجتمع كله سيئ ليس له أهمية، فبماذا سيفيد تطوير المناهج وقتها.

■ ما تقييمك للتعليم الحكومى المجانى؟

- أولادنا لا يتعلمون شيئا فى المدارس، فالمدارس أصبحت «سبوبة» و«أكل عيش» لأساتذة الدروس الخصوصية، والطالب أصبح سببا للرزق و«زبون» لا أكثر.

■ المناهج متهمة بالحض على التطرف الدينى والتمييز، ما تعليقك؟

- غير صحيح، ومن يقل ذلك فثقافته سمعية ولم يقرأ المناهج ويجب أن نفرق بين منهج يحض على التطرف، ومدرس متطرف، فالتيار الدينى متغلغل فى مصر بأكملها وهناك مدرسون متطرفون ولكن هذا لا يعنى أن ألقى باللوم على المنهج.

■ لكن المناهج متهمة بأنها لا تعترف إلا بالدين الإسلامى، ومادة التاريخ لا تعترف إلا بالتاريخ الإسلامى وتتجاهل التاريخ القبطى؟

- التاريخ الذى يدرس هو تاريخ الحكم، والمسيحيون لم يحكموا حتى ندرس تاريخهم، فالرومان فقط هم من حكموا مصر واضطهدوا المسيحيين وسجنوهم وعذبوهم، ولكن إذا كنا نتحدث عن التاريخ القبطى الاجتماعى، فجميعنا معترف بالدور الذى قام به الأقباط فى المجتمع المصرى، ووقوفهم إلى جوار المسلمين فى الثورات، وفى مناهضة الإنجليز، لكن التاريخ الذى يُدرَّس هو تاريخ الحكم وليس التاريخ الاجتماعى.

■ لكن أحيانا يتم إجبار الطلبة الأقباط على حفظ بعض الآيات القرآنية، أليس هذا تطرفا ومغالاة؟

- ليس هناك إجبار على الحفظ، وإن حدث فإنه يندرج تحت بند سلوك المدرس، لكننا ندرس بعض آيات القرآن فى منهج اللغة العربية لتدريس الصور البلاغية، ولا يجب أن ننسى أن عدداً من الأقباط المثقفين وعلى رأسهم مكرم عبيد كان يستشهد بآيات القرآن الكريم فى مرافعاته القانونية، وكانت لغته العربية رصينة بسبب حفظه القرآن الكريم.

■ هناك اتهام آخر موجه للمناهج هو أنها تعتمد على التلقين والحفظ وتخلو من الإبداع والابتكار!

- التلقين أو الابتكار أمران تتحكم فيهما طريقة المدرس فى التدريس وليس المنهج، فالمدرس هو الذى يشجع الطلبة بوضع الحوافز والطرق الممتعة فى الشرح، ولكن لا يمكن أن نطلب من مدرس مقهور خائف من كل شىء أن يعلم الطلبة الحرية والتعبير عن أنفسهم.

■ فى المقابل كيف تقيّم تجربة المدارس الخاصة الفرنسية والكندية والبريطانية وغيرها؟

- هذه أكبر جريمة ارتكبت فى حق المجتمع، فلا توجد دولة فى العالم باستثناء مصر سمحت بوجود مدارس تمثل دول العالم ويدخلها أبناؤها المحليون، فأنا أفهم أن المدرسة الفرنسية هى للطالب الأجنبى الموجود على أرض مصر، وليس الطالب المصرى، فالتعليم العام فى الأصل للمواطنة وللحياة، ولابد من وجود جذور مشتركة بين الطلاب حتى يكونوا متجانسين ومتساوين ومتسقين فى نسيج واحد دون طبقية، لكن ما حدث غير ذلك، والنتيجة أنه فى الجامعة يجلس طلبة المدرسة الكندية سويا، وطلبة المدرسة الألمانية يخالطون بعضهم فقط، وطلبة التعليم الحكومى منعزلين عن الجميع فأصبحت الجامعة أشتاتاً وفرقاً متناحرة، هؤلاء يسبون ثقافة أولئك، وآخرون يصفون فريقاً بأنه «بيئة» وفوق كل هذا انتماء الطلاب إلى ثقافة دولة المدرسة، الغريب أنه لا توجد دولة تسمح بذلك على أراضيها إلا مصر.

■ وما توصيتك هنا بهذا الشأن؟

- يجب أن نعطى مهلة ٣ أو ٤ سنوات لإصلاح هذا الوضع، وإعادة النظر فى هذه المدارس، بل تعديل قانون الجامعات الخاصة، فالمدارس والجامعات الخاصة كان الهدف منها الارتقاء بالتعليم، إلا أن الواقع أثبت أنها أدت بالتعليم إلى الانهيار وتحولت إلى «بيزنس»، فكل رجل أعمال يقترض من البنوك أموالاً لإنشاء جامعة ويكون كل همه هو تحصيل المال من الطلبة لتسديد القرض، وعلى الجانب الآخر أصبح كل طالب يمتلك والده المال لا يهتم بالتعليم ولا المذاكرة ولا المجموع مادام يستطيع الالتحاق بالكلية التى يريدها فى جامعة خاصة، لذا يجب إعادة النظر فى قرار إنشاء الجامعات الخاصة.

■ وهل التعليم باللغة الإنجليزية نوع من التحضر ومواكبة العصر أم نسف للهوية؟

- أنا ضد التعليم باللغة الإنجليزية، لكننى مع تعلمها وإتقانها لأنها لغة العصر، بشرط ألا تكون لغة تعليم كل المناهج.

■ إلى أى مدى تسهم الأسرة بالارتقاء بمنظومة التعليم؟

- الوزير لا يستطيع مهما كانت كفاءته إصلاح منظومة التعليم دون مساندة الأب والأم، ولن ينصلح التعليم إلا إذا حدثت ظاهرة واحدة وتفشت، وهى أن كل طالب يذهب إلى والديه يخبرهما بأنه غش فى الامتحان فيقومان بتوبيخه وينهرانه، وقتها فقط سينصلح الحال، لكن مادام الأب والأم يلهثان وراء أن يحصل ابنهما على شهادة فقط دون التأكد من أنه تلقى التعليم الكافى فلن ينصلح شىء، فمن الظواهر الغريبة التى نشهدها مع كل امتحان للثانوية العامة ويلعب فيها الإعلام دوراً مشيناً هو أن يتم تصوير عدد من الطالبات وهن يبكين على صدور أمهاتهن من صعوبة الامتحان ويتم وضع الصورة مع مانشيت عريض فى الصفحات الأولى، وهنا لابد أن نتوقف لحظة هل المطلوب أن يكون الامتحان فى مستوى الطالب الفاشل وليس المتوسط، هل تريد الأمهات شهادة فقط دون الاطمئنان على مستوى تعليم أولادهن، ثم لماذا يلعب الإعلام دوراً غير دوره ويقيم ما إذا كان الامتحان سهلاً أم صعباً، ثم تخرج مذيعات التليفزيون علينا يتحدثن عن عدد الساعات المضنية التى يقضيها الطالب فى المذاكرة وكأنه المفروض أن يمضى هذه المرحلة من حياته فى اللعب.

لقد سافرت إلى كوريا واطلعت على تجربة التعليم هناك، وأجزم بأن الطالب هناك لا ينام سوى ٤ ساعات فقط، ويقضى باقى الوقت فى المذاكرة والاجتهاد، والأسرة تحثه على ذلك، والنتيجة أنهم بنوا أمة ودولة، ونحن مازلنا نبكى على أولادنا متضررين من نار المذاكرة، وفوق كل هذا تسببوا فى جعل المدرس الذى يضع الامتحانات خائفاً ومرعوباً ألا يرضى أولياء الأمور، أو أن يأتى بامتحان يقيم مستوى الطالب فتكون النتيجة أن ينقله الوزير إلى سوهاج أو أسوان، وكأن التعليم يجب أن يخضع لرغبات أولياء الأمور. هذا هراء يجب أن يتغير وثقافة يجب أن تنسف، لأن ما يحدث هو فوضى تعليمية.

--------------------
نشر في المصري اليوم يومي 17 و18 سبتمبر 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون