النبوي إسماعيل

وزير الداخلية الأسبق يكشف لأول مرة:
اعتقالات سبتمبر ناقشتها لجنة رباعية..
«أنا والسادات ومبارك وأبوغزالة».. والسادات صاحب القرار
-------------------------------------------------------
أجرت الحوار رانيــا بــدوي- المصري اليوم في ١٦/ ٣/ ٢٠٠٨
-----------------------------------------------------



لا كلام في السياسة يخلو من الحديث عن الأمن والتأمين: تأمين السياسات.. تأمين الأنظمة.. تأمين الرئيس.. ولكن هل يتعارض أمن النظام مع أمن المواطن؟ هل تراجع أمن المواطن واعتلي العرش أمن النظام؟.. علي مدي العهود الثلاثة ـ عهود البحث ـ إلي أي مدي ساهمت الأجهزة الأمنية في تأمين السياسات الخاطئة للرؤساء؟! وإلي أي مدي حمت الأنظمة من الغضب الشعبي.. وهل أمن النظام ضد أمن الشعب؟

* في منزله بشارع جامعة الدول العربية جلسنا في أحد الأركان، التي ينضح كل شيء فيها بالصمت.. وبلا انتظار سألته: من يضع السياسة الأمنية لمصر؟

ـ وزير الداخلية ويشاركه الرئيس.

* هل السادات كان يضع معك السياسة الأمنية؟

ـ كنت أعود إليه وأتناقش معه، بل كان يشارك في رسم هذه السياسة نائب الرئيس محمد حسني مبارك، وأحيانا كثيرة كان يترك التصرف لي، والحمد لله كان يشيد في النهاية بأدائي حتي إن اختلفنا.

* إلي أي مدي كان مسموحاً لك بالاختلاف مع الرئيس؟ وهل كان الرئيس يعترف بأخطائه؟

ـ في أحداث الزاوية الحمراء «الفتنة الطائفية» كان حريصاً علي إنهاء حالة الشغب فورا، وطلب مني استخدام الرصاص، وكنت رافضا ذلك تماما، لأنه سيسقط الناس بين قتيل وجريح، وسيطلقون عليهم شهداء.. وتداعيات ذلك ربما تكون أكبر من الموقف نفسه.. فرفضت ولم أستمع إليه واعتذرت ولم أسمح لقوات الأمن إلا بالتدخل بالعصي والغازات المفرقة للناس، ولكن الرئيس أصر وغضب لعدم استجابتي لرغبته.. وبعد ما انتهت الأزمة قال لي: يا نبوي أنا الصورة لم تكن واضحة أمامي بالشكل الكافي وللأمانة أنت عالجت المسألة بشكل جيد.. لذا أعتقد أنه عندما يشعر بأنه أخطأ في قرار سرعان ما يعترف ويصحح الأمر.

* كيف تم اختيارك لمنصب وزير الداخلية؟

ـ بعد أحداث مايو ٧١ كنت أعمل مديرا لمكتب وزير الداخلية، ثم مديرا لمكتب رئيس الوزراء في أبريل ١٩٧٥، وبعد أحداث يناير «أحداث الشغب» توليت منصب وزير الداخلية في أكتوبر ١٩٧٧.

* كل وزير جديد يأتي إلي السلطة يكون مكلفاً بمهمة في الصدارة إلي جانب باقي المهام.. فأي مهمة توليت؟

ـ أهم قضية في عهد السادات كانت قضية السلام وحجم المتطلبات، والتداعيات التي ترتبت عليها كانت كبيرة، وكان السادات يريد ترتيب البيت من الداخل بعد عقد اتفاقية السلام مع إسرائيل.

* وهل رتبت البيت؟

ـ كانت مهمتي تأمين البلد ضد الأخطار ورافضي السلام. فقد كانت هناك محاولة لنسف مجمع التحرير ووزارة الخارجية ومبني الإذاعة والتليفزيون.. هذا خلاف عدد من المحاولات لاغتيال الرئيس السادات.. لقد قلبت علينا عملية السلام عدداً كبيراً من منظمات الإرهاب الفلسطينية وعدد من الدول العربية علي رأسها صدام حسين، وكذلك عدد من المنظمات العربية المتطرفة المدعومة من إيران.. لقد فتحوا علينا نار جهنم بعد زيارة السادات للقدس.. وقد حاربنا الجماعات المتطرفة بكل قوة، ولم تفلح هذه الجماعات إلا في شيء واحد فقط هو اغتيال الرئيس.

* وهل هناك بعد اغتيال رمز الدولة؟

ـ نحن لم نقصر، وما حدث كان قضاء الله.

* ولكن البعض يعتبر هذه الجملة خارج السياق الأمني؟

ـ إرادة الله فوق الأمن وأي خطط تأمينية.

* هل الرئيس السادات كان يتابع الحالة الأمنية في مصر؟

ـ نعم وكان دائم السؤال والاتصال بي للاطمئنان.

* يقولون إن جهازي الـ CIA والـFBI في أمريكا لم يتعاونا سويا في أحداث ١١ سبتمبر، فإلي أي مدي وزارة الداخلية تعاونت مع وزارة الدفاع والمخابرات في الأحداث الكبري في مصر؟

ـ هناك تعاون دائم بين الأجهزة الأمنية في مصر في كل ما يتعلق بشؤون الدولة .

* ولماذا لم ينعكس هذا التعاون فيما حدث يوم المنصة عندما تم اغتيال الرئيس السادات؟

ـ منطقة العرض العسكري هي منطقة حرب تتبع الجيش وأنا أدخلها كوزير مدعو بشكل عام، فأنا فقط كُلفت بتأمين الطريق من منزله وقبل منطقة العرض.

* هل أبلغت وزير الدفاع وقتها بحقيقة شريط الفيديو الذي تم تصويره لجماعة الجهاد، والذي كان يشير لمخطط قتل السادات؟

ـ نعم كان يعرف.

* وماذا كان رد فعله؟

ـ رد فعل إيجابي، واتخذ التدابير اللازمة، لكن مهما عملت خطط أمن لا يسلم الأمر، ويجب أن تعرفي أن هناك قاعدة أمنية تقول إن الشخص المطلوب حراسته ما لم يتعاون مع الأجهزة الأمنية فلن تفلح معه أي خطط تأمين.. فالرئيس السادات وصله شريط فيديو صورناه لأفراد إحدي الجماعات المتطرفة، وهم يشترون سلاحاً عن طريق أحد رجالنا الذي اخترقنا من خلاله التنظيم، ودار الحوار بين أعضاء التنظيم علي أن أول طلقة ستكون في صدر السادات، ومع ذلك لم يقتنع بخطورة الوضع.

وهنا أذكر أن أحد المصادر التابعة لنا أخبرنا بأنه تلقي تعليمات من قبل أحد قيادات تنظيم الجهاد، حيث قال له: «فيه حدث مهم سوف يحدث في المنصة مش عايزينك تتحرك من البيت، لأنه فيه تكليفات لينا بعد ذلك»، وعندما تأكد مصدرنا من رحيل هذه القيادة سارع إلي الضابط المكلف بالمتابعة معه وذهب له في المكتب فقال له الضابط: «ما الذي أتي بك.. ممنوع أي مصدر يأتي إلي هنا»، فقال له المصدر: «الأمر خطير»، فاتصل الضابط بقياداته وحاولوا الاتصال بي لإبلاغي، لكنني كنت في المنصة أشاهد العرض العسكري مع الرئيس، وحاولوا أن يأتوا لي داخل العرض، ولكن الشرطة العسكرية منعتهم، فأرسلوا لي ضابطاً من أمن الدولة وحاول أن يقنع الشرطة العسكرية بالدخول لأمر خطير وهو يحاول ويجادل معهم، وكان الضرب اشتغل! وأنا أعرف أنه حتي ولو كان الضابط وصل لي وأبلغني وأبلغت الرئيس لم يكن ليقوم، فالسادات كان سيعز عليه ترك العرض.. هذه كانت شخصيته.

* ماذا كان أول رد فعل لك بعد حادث الاغتيال وما أول قرار اتخذته؟

ـ سارعت إلي أقرب سيارة قريبة من المنصة والتقطت اللاسلكي، وأصدرت أوامري لجميع الوحدات بتنفيذ «الخطة ١٠٠» وتحويل جميع التشكيلات إلي قتالية، أي لا تستخدم العصي والغازات، وإنما ضرب النار.

* قاطعته: ما هي «الخطة ١٠٠»؟

ـ هي خطة أمنية وضعناها بعد أحداث يناير في مجلد من حوالي ٦٠٠ صفحة تغطي أسوأ الحوادث الأمنية التي يمكن أن تحدث في الجمهورية كاملة، وهي موزعة الأدوار وكل واحد عارف يعمل إيه بشكل أوتوماتيكي وكل ضابط معه نسخة منها ورقم سري.

* وهل لايزال معمولاً بها حتي الآن؟

ـ لا أدري.

إذا كان النبوي إسماعيل يؤكد أنه لم يترك موقع الحادث وبدأ يتصرف بشكل أمني، إلا أن محمد حسنين هيكل كان له رأي آخر، حيث قال: في البداية لم يكن أحد متأكدا مما إذا كان اغتيال السادات مقصورا علي هجوم المنصة، أو أنه جزء من خطة أوسع.. وبعد الاغتيال هرول كثيرون من أركان الحكم يحاولون بكل طاقاتهم أن يحصلوا علي معلومات عما حدث، وما الذي يجري في بقية البلاد، حتي أن وزير الداخلية ذهب إلي بيت أحد أصدقائه، ومن هناك اتصل تليفونيا بمكتبه ليسأل عن الأخبار.. ولم تعرف جماهير الشعب المصري أن رئيسها قد اغتيل إلا بعد إذاعة محطة مونت كارلو أن السادات قتل (١).

* أيهما كان أخطر علي المجتمع من وجهة نظرك.. الشيوعيون أم الجماعات الإسلامية؟

ـ أولا يجب أن تعرفي أن الشيوعيين لم يكونوا يعملون من منطلق مصلحة البلد ولا الوطنية، والدليل أنه عندما يكون السادات راضياً عنهم يكونون هادئين ولا يثيرون المعارك، وإذا غضب عليهم حركوا المظاهرات وأعمال الشغب، دون منطق أيديولوجي واضح، ولا أهداف محددة، كذلك الجماعات الإسلامية فهي تتحرك من منطلق سياسي، وليس دينياً، وتسعي للوصول إلي الحكم.. لكن الجماعات كانت هي الأخطر لاستخدام بعض عناصرها السلاح والمفرقعات.

* هل شعر الرئيس السادات يوما بالندم صراحة بإخراجه هذه الجماعات من السجن وفتحه الباب لهم علي مصراعيه لمواجهة الشيوعيين؟

ـ أعتقد أنه في الآخر أحس بذلك، وأحس بخطورتهم علي البلد.

* من أشار علي السادات بخروج الجماعات من السجون؟

ـ عثمان أحمد عثمان ومحمد عثمان إسماعيل الذي تولي محافظ أسيوط، ولكن الوقت كان متأخرا.

جاء نصا في خطاب الرئيس السادات الشهير أمام مجلسي الشعب والشوري بتاريخ ٥ سبتمبر عام ١٩٨١:

«أريد أن أقول لكم شيئا.. إن هذه الإجراءات التي بدأت أتخذها هي وفقا للمادة ٧٤ ـ هوجمت هذه المادة في المجلس بدعوي أن رئيس الجمهورية قد يستخدم هذه المادة ضد أي شيء ـ أريد أن أوضح هنا أمام المجلس أنه حتي بدون المادة ٧٤ كنت سأتخذ نفس الإجراءات وأقف أمامكم وأخاطب الشعب. إن المسألة ليست المادة ٧٤، المسألة هي مصر، سلامة مصر، سمعة مصر، وحدة مصر». (٢)

وهو ما يعكس الطريقة التي كان يتخذ بها نموذج للرؤساء قراراته، إنها طريقة الاستثناءات.. الاستثناءات من كل شيء وأي شيء حتي ولو كان الدستور.

* وبعد استراحة قصيرة تناولنا فيها مشروبنا، قلت للنبوي إسماعيل مستفسرة : كُتب كثيرا عن اعتقالات سبتمبر، ولكننا في إطار البحث عن كيفية اتخاذ القرارات الحاسمة في حياة مصر: هل لك أن تصف لي كيف اتخذ هذا القرار، ومن أشار به علي الرئيس؟

ـ كان اجتماعاً عاجلاً يضم ٤ أشخاص ساهموا في اتخاذ القرار.

* من هم، وما الذي دار في هذا الاجتماع؟

ـ اعفيني من الإجابة.

* أرجوك، فلا يهمني أن نحكي عن أحداث سبتمبر، الأهم في المشروع هو كيف اتخذ هذا القرار.. وبعد محاولات مضنية، أغلقنا الكاسيت فيها أكثر من مرة، وافق علي الإجابة قائلا:

ـ كنت أنا والنائب مبارك والمشير أبوغزالة وطبعا الرئيس السادات (٣).. وناقشنا مخطط تحويل مصر إلي دولة خومينية، وكانت إيران تدعم هذه الجماعات المتطرفة، وتهدف علي الجانب الآخر لإشعال نيران الفتنة الطائفية في مصر، وركب الموجة الجماعات الإسلامية والشيوعيون، رغم الهوة السحيقة في الأيديولوجية، ولم يكن نهاية المخطط اغتيال السادات، وهم اعترفوا بذلك، وتزامن ذلك مع تقرير أمني يشير إلي تلكؤ إسرائيل في الانسحاب.

فقال السادات: لازم نحد من المعارضة لعملية السلام. فأثير رأي من أحد الجالسين في الاجتماع، حول تنفيذ القانون تنفيذاً حازماً وحاسماً، وعدم السماح بالتجاوز عن أي فعل، فرد السادات: هذا كان ممكناً لو أن الوقت مبكر، ولكنه ضيق الآن. فثار رأي آخر يشير إلي عودة العمل بقانون الطوارئ، وكان أيامها قد توقف التعامل به، فرد السادات: نحن أوقفنا العمل به منذ عام، لو عاد مرة ثانية الناس سوف تثور ونصبح في مشكلة؟ واستمع السادات للجميع، ثم قال: أنا سوف أستخدم حقي، الذي أعطاه لي الدستور، في المادة ٧٤، وهي المادة التي استخدمتها في أحداث يناير «الشغب».

فتحفظ النائب حسني مبارك، فقال له السادات: «ده تحفظ مش اعتقال، ويوم ٢٥ أبريل مع خروج آخر جندي إسرائيلي من مصر، سيتم الإفراج عن الجميع، وبعد كده يعترضوا زي ما هم عايزين، ساعتها البلد بقت ملكنا»، وبعد جدل أصر السادات علي رأيه، وقال: هذا هو الحل الوحيد.. وجاءت مرحلة اختيار الأسماء التي اشتركت فيها جميع الأجهزة الأمنية، داخل وخارج وزارة الداخلية، وتضمنت القائمة ١٥٣٦ شخصاً وكان ممكناً أن تكون أكثر من ذلك؟ كان من بينهم ٩٠٠ شخص تقريبا من الجماعات المتطرفة، ومجموعة من أئمة المساجد المتعصبين الذين يقفون ضد السلام، ويشعلون الفتنة الطائفية، ومجموعة أخري من القساوسة عددهم حوالي ٢٠٠ شخص بالإضافة إلي حوالي ٢٥٠ من المجرمين الجنائيين أما المثقفون والسياسيون، فلم يتعد عددهم حوالي ٤٠ أو ٥٠ شخصاً.

* إلي أي مدي تم التأكد وتحري الدقة أثناء إعداد قوائم الأسماء؟

ـ المفروض إنه فيه دقة وتحري، ولكن لا يسلم الأمر من أسماء كده ولا كده، ليس لها علاقة بالأمر.

وتم الاعتراض علي بعض الأسماء، أنا عن نفسي اعترضت علي اعتقال أشخاص، مثل عمر التلمساني والشيخ كشك وبعض السياسيين.

* وهل اعترض النائب مبارك علي أحد؟

ـ علي ما أتذكر، فهو قد اعترض علي فتحي رضوان وفؤاد سراج الدين وبعض كبار السن .

* وماذا فعل الرئيس السادات باعتراضاتكم؟

ـ رفضها ولم يستثن أحداً.

* كيف اعترضت، وأنت المتهم الأول بصياغة هذه القوائم وأنك من زكيت فكرة الاعتقالات لدي السادات؟

ـ هذا ليس صحيحاً، وقد شاركت جميع الأجهزة الأمنية في صياغة هذه القوائم، أنا فقط كنت أجمعها .

وعدت إلي النبوي إسماعيل لأسأله فجأة:

* كيف كانت علاقتك بالرئيس مبارك أيام أن كان نائبا لرئيس الجمهورية؟

ـ كانت علاقة وثيقة، فهو إنسان علي خلق وبسيط ومتواضع، وكنا نلتقي مبكرا الساعة الثامنة صباحا يوميا في مكتبي، أو لديه في المنزل، نتحدث في كل شيء خاص بأمور الدولة، وكان السادات يثق فيه كثيرا.

* مادامت علاقتك بمبارك جيدة لماذا لم يستعن بك فور وصوله إلي الحكم؟

ـ أنا طلبت أترك الداخلية، وكان الرئيس مبارك متمسكاً بي، والدكتور فؤاد محيي الدين قال لي: ما دمت تريد ترك وزارة الداخلية أنا عندي مشكلة في المحافظين، فهم يا نبوي، علي رأي السادات، الله يرحمه، كان دائما يقول: كل محافظ عمل لي رئيس جمهورية في محافظته، كل هذه الأوضاع يجب أن تتغير وتتصلح، وعرض علي منصب نائب رئيس الوزراء، ووزير الحكم المحلي، وقبلته بالفعل، وعملت من يناير حتي سبتمبر ٨٢، أي عدة أشهر، وطلبت أمشي لأني عندي حساباتي الخاصة.. وقدرت أن من حق الرئيس أن يختار رجاله، وللأمانة قبول مبارك الترشيح لرئاسة الجمهورية تضحية كبيرة منه، لأنه لو كان رفض يبقي بيسيبنا في أمواج متلاطمة، لا يعلم بها إلا الله.. وهو رئيس عقلاني جَنّبَ مصر كثيراً من المشكلات بأسلوبه الهادئ والحكيم، وكونه قادراً وسط الضغوط المحلية والعربية والدولية والمتغيرات السريعة علي عمل هذه التوازنات فهذا إنجاز كبير.

* مد فترة الحكم للرئيس، هذا المشروع الذي بلت به السيدة حرمكم الحالة السياسية في مصر بالمشاركة مع النائبة نوال عامر.. ما رأيك فيه؟

ـ أنا كنت معترضاً عليه، ولم أكن أعرف أنها ستتقدم به.

* ألم يوعز لك الرئيس بأن تخبر زوجتك أن تتقدم بهذا المشروع؟

ـ إطلاقا فهو أيضا لم يكن يعرف.

* لكنه جاء علي هواه، بدليل أنه قبل وتم العمل به؟

ـ الرئيس ليس له دخل، فمجلس الشعب هو الذي وافق.

* ومجلس الشعب تسيطر عليه الأغلبية التابعة للحكومة، لذا اختاروا ما فيه مصلحة الرئيس وليس مصلحة البلد؟

ـ انفعل قائلا: بقولك إيه المادة اتعدلت وأصبح اختيار الرئيس بالانتخاب.. اللي مش عايز ينتخب الرئيس دلوقت ماينتخبوش.

* من زوجتك إلي زوجة الرئيس الراحل السادات إلي أي مدي كانت جيهان السادات تتدخل في الحكم؟ خاصة أن الأستاذ هيكل كتب عنها قائلا: حاولت جيهان أن تعوض لبعض الوقت قصور السادات في عدم القراءة، وكانت تهتم كثيرا بتقارير مراقبة التليفونات وتقارير المخابرات وتقارير اتجاهات الرأي العام.. إن جيهان أصبحت بهذا الشكل عيون السادات وآذانه (٤)

ـ ليس تدخلاً بمعني التدخل، ولكن لا تحرمي زوجة الرئيس من أن يكون لها طلبات لدي أحد الوزراء.

* هل كانت تطلب منك أشياء؟

ـ أذكر مرة من المرات طلبت مني عدم نقل ضابط، كان يتفاني في خدمتها، لكنني لم أستجب لطلبها.

* هل أنت راض عن السياسة الأمنية الآن؟

ـ اللي إيده في الميه مش زي اللي إيده في النار.

* هل أخبرك الرئيس السادات يوما عن رغبته في أن يأتي بمنصور حسن وزير الإعلام ووزير شؤون الرئاسة السابق نائبا له؟

ـ لا فهو رفعه من وزير شؤون الرئاسة، وعينه في منصب وكيل مجلس الشعب، فالسادات قال له «أنا بادخرك يا منصور» وكان يلمح إلي أنه ممكن يمسكه مجلس الشعب، لكن كان ينتظر عليه حتي يحصل علي الخبرة الكافية، أما منصور فقال له «ادخرني لموقع مناسب»، وامتنع عن التنفيذ.

ويقال في رواية أخري عن منصور حسن، ذكرها محمود فوزي في كتابه «السادات المفتري عليه» إن السادات كان يدخره لمنصب رئيس الوزراء وفي روايات أخري أنه أراد أن يأتي به نائبا لرئيس الجمهورية.

وهنا عدت لأسأل النبوي إسماعيل.

* إذن هل أخبرك السادات يوما كيف اختار مبارك نائبا له وكيف كانت علاقته به؟ إلي أي مدي كان يساهم في اتخاذ القرارات المصيرية؟

ـ الرئيس السادات كان يتخذ القرار الذي يراه مناسباً، بعد أن يستمع إلي الجميع والدليل ما حدث في أحداث سبتمبر لقد عارضناه في بعض الأسماء ونفذ ما رآه صالحاً.

السادات كان يحبه وقال لي ذات مرة: يا نبوي أنا تعاملت كثيرا مع قادة الجيش، ولكنني لم أجد عقلية تنظيمية مثل محمد حسني مبارك لذا قررت تعيينه نائباً لي.

ولأن إجابة النبوي إسماعيل لم تكن شافية في هذا المجال لذا أعرض ما كتبه أنيس منصور، علي لسان الرئيس مبارك في كتابه «الرئيس قال لي وقلت أيضا»، عندما سأله قائلا: سيادة الرئيس.. ما الذي استفدته من علاقتك العميقة بالزعيم الراحل؟ وكيف تتفق معه وتختلف عنه في تناولك وتقديرك لشؤون الدولة؟

أجاب: لقد كنت الرجل الثاني؟ ولهذا السبب كنت أري أكثر مما كان يراه الرجل الأول.. وقد أتيحت لي فرصة عظيمة لكي أشاهد الأحداث والقضايا . وكنت أناقش الرئيس السادات ـ يرحمه الله ـ في جميع ما يعرض له من أمور. وأحيانا يكون لي رأي مختلف. ولكن خبرته وتجربته أوسع. وكان يري رأياً أخر؟، ويتخذ قراراً غير الذي كنت أتصوره، وعندما يتخذ هو القرار فإنني أتبناه فوراً، لأن هذه هي المصلحة العليا للبلد«٥».

*الهوامش
(١) كتاب «خريف الغضب» ـ محمد حسنين هيكل ص ٢٤٦
(٢) من خطاب السادات أمام مجلسي الشعب والشوري ٥ سبتمبر ١٩٨١
(٣) علمت من مصدر كان قريباً من السادات في هذه الفترة ـ رفض ذكر اسمه ـ أن فؤاد محيي الدين كان موجودا بهذه اللجنة.
(٤) كتاب «خريف الغضب» ـ محمد حسنين هيكل ص ٩٦
(٥) كتاب «الرئيس قال لي وقلت أيضاً» «أنيس منصور» ص ١٠٢

-----------------------
نشرت في المصري اليوم بتاريخ
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=97567

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون