حسنين كروم 1-10-08

تخلي الإخوان وأصدقاء القرضاوي عنه لدعوته للفتنة
بقلم حسنين كروم المصري اليوم ١/ ١٠/ ٢٠٠٨
------------------------------------------
لن يخرج الشيخ يوسف القرضاوي سالماً من المعركة، التي قرر الدخول طرفاً رئيسياً فيها، لإشعال نار الفتنة الدينية بين المسلمين السنة والشيعة العرب، التي سبقه فيها مفتي السنة في لبنان ومجموعات من المتعصبين المصريين، الذين رددوا ما قاله متعصبون سعوديون بأن الشيعة أشد خطراً من إسرائيل.

وشارك فيها -للأسف- صحفيون مصريون محسوبون علي النظام مثل زميلنا محمد علي إبراهيم، الذي وصل به الأمر إلي المطالبة بطرد العراقيين الشيعة، الذين لجأوا للإقامة في مصر علي نفقتهم، هرباً من اضطهاد إخوانهم الشيعة الموالين لإيران لهم، بحجة أن إيران هي التي أرسلتهم إلي مصر!

وعندما نقول إن القرضاوي لن يخرج سالماً من هذه المعركة، فلأن أقرب الناس إليه أعلنوا عن شكوكهم نحوه، وهم أفراد المجموعة التي نصبته واجهة للتيار الفكري، وأرادت منذ سنوات حفر مجري له، بعد وفاة الداعية المرحوم الشيخ محمد الغزالي.

وكانت هذه المجموعة التي ضمت أصدقاءنا المستشار طارق البشري والدكتور محمد سليم العوا والدكتور محمد عمارة وفهمي هويدي والمرحوم عادل حسين، الأمين العام لحزب العمل رئيس تحرير صحيفة «الشعب»، أرادت خلق تيار جديد يجمع بين التيار الإسلامي والتيار المؤمن بالعروبة، ويتجاوز خلافاتهما ويجمع بين إيجابياتها.

وقد فوجئ أفرادها بما قاله القرضاوي، ولهذا رأينا فهمي هويدي يشن هجوماً في «الدستور» ضده مستغرباً أن يشن حملة في هذا التوقيت ضد إيران وإثارة الخلافات بين الشيعة والسنة.

وكما أبدي الدكتور العوا اندهاشه مما قاله القرضاوي في حديثه مع «المصري اليوم» مع زميلتنا رانيا بدوي، والعوا هو الأمين العام للاتحاد الإسلامي الذي يرأسه القرضاوي، ويضم عدداً من علماء الشيعة.

أما الهجوم الأعنف والأكثر وضوحاً، فقد جاءه من طارق البشري في «الدستور» يوم السبت، رغم أنه تجنب ذكر اسمه، وكانت بداية المقال كاسحة إذ قال فيها: «فشت الفاشية في الأيام الأخيرة من عدد من علماء المسلمين من السنة والمهتمين بالشأن الإسلامي العام حول ما وصفوه بأنه نشاط للتبشير الشيعي في صفوف سنة المسلمين. وإحياء لما ردده بعض غلاة الشيعة قديماً عن الصحابة».

وقال أيضاً في إشارة واضحة للقرضاوي: «سادساً: إننا نعجب من أن هذه الفاشية جمعت بين من عرفوا بالاعتدال والوسطية وبين من عرفوا بالغلو ودعوا للعنف، جمعت بينهم في ذات الموقف السياسي، وفي ذات التوقيت، وجمعت بينهم بمبادرة منهم دون أن تقوم مناسبة تستوجب تخويف سنة المسلمين من شيعتهم».

كما وجه البشري أيضاً اتهاماً آخر بأن هناك ما يدعو للاعتقاد بأن موقف القرضاوي يخدم السعودية. كما في قوله: «سابعاً: إن هذه الفاشية تكاد تلحظ في دوافعها موقف بعض الدول بالمنطقة، التي اعتادت أن تنطق باسم الإسلام والسنة.

واعتادت مناصرة السياسة الأمريكية المناصرة للموقف الإسرائيلي، وهي ذاتها من كانت تضع أيديها في أيدي شاه إيران الشيعي الفارسي الصفوي في ستينيات القرن العشرين ضد سيادة مصر الوطنية، ومنها السياسة العربية الوطنية وقتها رغم أنها كانت سياسة عرب وسنة مسلمين. فليس الثابت هو الموقف من الشيعة، ولكنه الموقف المؤازر للسياسة الأمريكية».

هذا بعض ما كتبه البشري، وحين نذكر اسمه، فنحن نشير إلي العلم والأمانة والموضوعية والنزاهة وعفة اللفظ، وسلامة الموقف الوطني والعربي والديني، في حين يصل الأمر معه إلي وصف ما قام به القرضاوي بالفاشية، وخدمة الموقف الأمريكي، فهذا معناه أن المجموعة التي رفعت القرضاوي فوق أكتافها ستلقيه من عليها إلي الأرض، وأيضاً فإن مفكراً بارزاً مثل صديقنا الدكتور أحمد كمال أبوالمجد وصف ما قاله القرضاوي بأنه زلة لسان.

ثم أكمل وزير الأوقاف الدكتور محمود حمدي زقزوق دائرة الحصار علي القرضاوي بنفيه بطريقة غير مباشرة ادعاءه بالمد الشيعي بقوله يوم الاثنين الماضي في حديث نشرته «نهضة مصر» وأجراه معه زميلنا مصطفي أشرف: «هذه مبالغات إعلامية ليست واقعية، وليست مبنية علي الأساس من الصحة.

والوزير بذلك نسف تماماً كل معلومات القرضاوي التي ذكرها لـ«رانيا بدوي» يوم الخميس الماضي بقوله عن المد: «من واجبي أن أحذر من هذا المد، وأن أبصر الأمة لأن والله سيسألني عنها يوم القيامة، لكن ما نسيه القرضاوي أنه لا بد أن يخضع لحساب الرأي العام في الدنيا عن المعلومات، التي يقولها ويعبئه حولها ضد إخوانهم الشيعة.

فمن أين جاء بها والوزير المسؤول يكذبها، والأمن لم يشر إليها؟ أي جهاز أمن آخر غير مصري أخبره بها؟ والمدهش أنه في نفس عدد «المصري اليوم» أدلي صديقنا والنائب الأول للمرشد العام للإخوان الدكتور محمد حبيب بتصريحات أخري لـ«رانيا» قال فيها: «أنا شديد الاندهاش من تصريحات شيخنا، وأسأله: أيهما كان أولي بالتحذير، المد الشيعي والخطر الإيراني أم الخطر الصهيوني؟ هناك يادكتور قرضاوي أولويات في الاهتمام والتحذير.

الصراع مع إيران صراع سياسي، والصراع الديني فيه يأتي في المرتبة الثانية». وهكذا تخلت عن القرضاوي مجموعته وجماعته، التي ساءت علاقتها به منذ مدة بإطلاقه دعوة لها بالاهتمام بالعمل الدعوي، وترك السياسة. تزامنت مع دعوات آخرين من خارج الجماعة، وهو ما اعتبرته عملاً منسقاً ضدها..

المهم أن القرضاوي لن يخرج سالماً من هذه الأزمة مهما صور له غروره أو بعض مؤيديه أنه زعيم وفقيه الأمة، خاصة أن الشكوك أصبحت تحيط بدوافع موقفه، وإن كنت لا أميل إلي من اتهموا النظام السعودي أو أي من دول الخليج إلي دفع القرضاوي لإثارة هذه المعركة، لأنها في رأيي ستسبب لها مشاكل داخلية عديدة لوجود شيعة من مواطنيها في شرق السعودية، ونصف أو أكثر من شعب البحرين.

وفي الكويت والإمارات وسلطنة عُمان، وسياسات هذه الدول تركز علي محاولة إبعاد مواطنيها الشيعة عن التأثر بإيران، وتغليب الانتماء الوطني والعربي علي الانتماء المذهبي، وتبذل جهوداً كثيرة، لتنفي عن نفسها أنها تضطهدهم.

ولذلك فهي ليست في حاجة للقرضاوي ليزيد من حدة هذه المشكلة بدلاً من تذويبها.. ويبقي البحث عن دوافع القرضاوي، وهو موضوعنا القادم إن شاء ربك الكريم.

---------
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=180544

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون