د. محمود أبوزيد

فى حوار مع «المصرى اليوم» قبل أيام من المغادرة (١):
أنجزنا ٩٩٪ من اتفاقية حوض النيل.. والأزمة فى صياغة «حصة مصر»
------------------------------------
حوار رانيا بدوى ٢٢/ ٣/ ٢٠٠٩
----------------------------------


من اللحظة الأولى لخروج الدكتور محمود أبوزيد من وزارة الموارد المائية والرى، لم تتوقف التكهنات بحثاً عن الأسباب.. قيل إنه غادر بسبب خلافاته مع وزارة الزراعة فيما ذهب البعض إلى أن القرار كان بسبب عدم إنجاز خطوات ملموسة فى مبادرة حوض النيل وقيل إنه انتقد مشروعى توشكى وترعة السلام..

ورغم كل ما قيل تأتى أهمية هذا الحوار لأنه بدأ قبل الإقالة بأيام وانتهى بعد الإقالة فقد قابلت الدكتور محمود أبوزيد وزير الرى على مدى جلستين قبل الإقالة مباشرة ووصلنا بعد الإقالة فى حوار تحدث فيه بصراحة عن مبادرة حوض النيل والخلافات مع إثيوبيا وعن أسرار المبادرة ونقاط الخلاف التى أرجأت توقيعها حتى الآن.

■ دكتور محمود كثيراً ما تنشر أنباء عن اعتراض دول حوض النيل، على حصة مصر من مياه النيل البالغة ٥٥.٥ مليار متر مكعب سنوياً، واعتبارها نسبة غير عادلة، فلماذا ازدادت هذه الاعتراضات فى الآونة الأخيرة؟

- هناك ١٠ دول تشارك فى نهر النيل الممتد لأكثر من ٦٠٠٠ كيلو، يأتى ١٥٪ منها من الهضبة الاستوائية حيث بحيرات فيكتوريا والباتوتانا وكيوجا التى تتشارك فيها دول كينيا وأوغندا وتنزانيا ورواندا وبوروندى والكونغو، فيما يأتى من الهضبة الإثيوبية ٨٥٪ فى ٣ أشهر من السنة، هى موسم الفيضان فى الصيف، وتتشارك فيها دول إثيوبيا والسودان وإريتريا وبكميات متغيرة حسب معدل الأمطار.

ورغم أن حوالى ١٦٦٠ مليار متر مكعب تصب فى حوض نهر النيل، فما يصل عند حدود مصر والسودان يبلغ ٨٤ ملياراً فى المتوسط فقط، بينما يضيع الباقى هدراً فى هذه الدول، التى لا تحتاج فى حقيقة الأمر مياه النيل، مع توافر الأمطار بغزارة.

■ ولكن عوامل الجغرافيا التى تشرحها لم تتغير، فلماذا تغيرت المواقف الآن؟

- فى البداية كانت هذه الدول فقيرة ولا توجد لديها فكرة عن إدارة موارد المياه، طالما أن الرى المطرى كان يكفى احتياجاتها، ولكن مع نمو هذه الدول، وتقدمها وازدياد الصناعة لديها بدأت احتياجاتها تزيد، وأوضحنا لها تفهمنا حاجاتها المتزايدة من موارد المياه، كما أن حاجتنا ملحة أيضاً، فالأولى هو الانتباه إلى توفير الهدر عبر المشاريع المشتركة، التى ستزيد من حصة الجميع، مما أحدث التقارب الحالى فى المواقف، والذى بدأ منذ ١٩٩٨، عبر مبادرة حوض النيل.

والحقيقة أننا إذا أردنا زيادة حصة موارد النيل فذلك يمكن تحقيقه بسهولة وهناك مشروعات تدرس حالياً بهذا الصدد، مثل مشروع «البارواكوب» فى إثيوبيا الذى سيزيد موارد النيل من ١٢ إلى ١٤ مليار متر مكعب، يمكن تقسيمها بين مصر وإثيوبيا والسودان.

وهناك مشروعات لا تؤثر على زيادة حصة مصر لا بالسلب ولا بالإيجاب، ومع ذلك تقوم بها مصر كهبة، مثل مساعدة أوغندا فى مقاومة الحشائش فى البحيرات الاستوائية، التى أدت إلى إغراق بعض القرى، ورغم ذلك تعالت أيضاً أصوات فى أوغندا بأن مصر تعمل لمصلحتها وليس لمصحلة أوغندا، وحين تكررت المشكلة، رفضنا التدخل مجدداً قبل إسكات هذه الأصوات.

■ بمناسبة «مصلحة مصر»، يتكرر دائماً توجيه الاتهام إلى القاهرة بأنها تضخ المليارات فى جنوب السودان فى مشاريع تنموية وسدود وحتى قناة جونجلى، رغم حالتنا الاقتصادية غير المستقرة، فهل ما يحدث فى جنوب السودان منحة من مصر لجنوب السودان أم رغبة حقيقية فى الحفاظ على علاقات جيدة مع جنوب السودان؟

- لا توجد مليارات والرقم الفعلى بالنسبة لنا فى وزارة الموارد المائية والرى لا يتجاوز ٢٦ مليون دولار فى جنوب السودان وحوالى ١٩ مليون دولار فى أوغندا، أى حوالى ٣٠٠ مليون جنيه فى المجمل، وعلى فترات.

■ وماذا عن استثمارات وزارات الصحة والتربية والتعليم والكهرباء وغيرها، ألا يشكل كل ذلك رقماً كبيراً؟

- ليس لهذه الدرجة.

■ عموماً الخلاف ليس حول الرقم.. هل نحن فعلاً نخشى جنوب السودان.. بصراحة؟

- جنوب السودان بعد استراتيجى مهم جداً لمصر وإقامة علاقات طيبة مع جنوب السودان بالذات، مهم سواء للأمن القومى أو للأمن المائى المصرى.. والأمر نفسه مع باقى دول حوض النيل.

■ هل ترى أن انفصال جنوب السودان فى ٢٠١١ بعد استفتاء تقرير المصير سيؤثر على حصة مصر؟

- هناك حقيقة معروفة للجميع، فلا أحد يستطيع أن يوقف مسار المياه «الميه جايه جايه» كما أن ذلك لن يقلل من حصة مصر.

ومع ذلك فإن علاقتنا بالجنوب جيدة جداً وهناك مهندسون مصريون كثيرون فى الجنوب وهناك أيضاً استثمارات مصرية كبيرة، ونتبادل الخبرات فى مجالات تطوير طرق الرى واستخدام المياه العادمة وإعادة استخدام الصرف الصحى وهم يعلمون تماماً أن مياه النيل خارج الحسابات.

■ حتى ولو أقاموا سدوداً؟

- جميع السدود المقامة فى هذه الدول، إما لتوليد كهرباء أو لتخزين المياه، وأؤكد أنه لا توجد على الإطلاق مواقع من هنا وحتى هضبة البحيرات الاستوائية، والإثيوبية تصلح لحجز المياه بمقدار ما يحجزه السد العالى، السد العالى وحده حجز ١٦٤ مليار متر مكعب.

■ إذا افترضنا إقامة ١٥ أو ٢٠سداً على شاكلة سد مروى فى السودان، ألا يشكل هذا رقماً كبيراً؟

- كلها ستكون صغيرة ولن تؤثر إلا فى فترة الملء وقت الفيضان، وبشكل محدود جداً.. وغير مؤثر.

■ إذا كانت المسألة كذلك، ولا تأثير على حصة مصر، فلماذا هددت القاهرة أكثر من مرة، بأن أى دولة ستبنى سداً دون إذن مصر أو دون الرجوع إليها سيكون بمثابة إعلان الحرب على مصر؟

- لم أتلق إجابة واضحة ولكن الدكتور محمود أبوزيد عاد للقول: طبقاً للاتفاقيات التى كانت موجودة بين مصر والدول الاستعمارية منذ ١٩٢٩، كانت كلها فى صالح الدول الاستعمارية التى حرصت على وصول المياه لمصر، لاستمرار عمليات الزراعة فى مصر والسودان بالذات، وهو ما أدى لنشوء حساسية رهيبة لدى الدول الأفريقية، واستعداء ضد اتفاق ١٩٢٩، رغم أنه لم يعد له فائدة بعد السد العالى، ولقد حرصنا على احتواء هذه الحساسية منذ بدأنا العمل مع دول حوض النيل، من خلال التأكيد على أن نهر النيل هو لمنفعة الجميع ولابد من العمل المشترك لتحقيق استفادة متبادلة..

من جهة أخرى فإن اتفاقية حوض النيل التى وقعت عام ١٩٥٩، تحكم علاقتنا بالسودان فى هذا الشأن وهناك هيئة مشتركة بين البلدين تجتمع كل ٤ شهور مرة فى القاهرة ومرة فى الخرطوم ونبحث مقدار السحب لكل دولة وندرس مشروعات جديدة لزيادة الإيراد لأن الاتفاقية الجديدة تقول إن أى إيراد للمشروعات الجديدة يقسم بين مصر والسودان مناصفة والاتفاقية لها تاريخ ولم تكن الفكرة أن نأخذ أكثر منهم فعند توقيع الاتفاقية كانت حصة مصر ٤٨ ملياراً والسودان كان يأخذ ٤ ونصف مليار متر مكعب وعند إنشاء السد العالى رأى الرئيس جمال عبدالناصر أن يعوض السودان فجعل حصته ١٤ ملياراً وأعطى مصر ٧ مليارات متر مكعب

وكان اسمها الاستخدامات التاريخية وليست «حصص» وهذا ما نبحثه مع دول حوض النيل وهو التمسك بالحقوق التاريخية، نحن حصتنا ٥٥.٥ مليار متر مكعب لا أحد يقترب منها وأى تفاوض يكون على الجديد وحول مشروعات زيادة إيراد النهر.

■ وهل يمكن القول إن المنح والمشروعات التنموية هى سبيل زيادة إيراد النهر؟

- ليس دائماً، وإنما أيضاً الخبرة، وقد اجتمعنا من قبل فى جنيف واشتركت الدول المانحة كلها ومنحت مبادرة حوض النيل ٢٠٠ مليون دولار لمساعدة الدول فى دراسات المشروعات المشتركة.. لكن تنفيذ المشروعات نفسها فى حاجة إلى ٣٠ مليار دولار.

■ أليس بين هذه المنح أى منح أمريكية أو إسرائيلية؟

- لا.. لا يوجد منح أمريكية أو إسرائيلية لدول حوض النيل بالكامل، فالمنح أتت من دول مثل هولندا وفرنسا وإنجلترا والسويد.. وهذا لا يعنى أن الأمريكان لا يريدون العمل فى دول حوض النيل بل يسعون لأن يكون لهم تواجد وكذلك إسرائيل فهى موجودة بالفعل خاصة فى إثيوبيا وهى تعمل فى مشروعات مياه الشرب والصرف الصحى وحسب معلوماتنا حتى الآن فإنهم لا يعملون فى أى سدود.

■ ما رأيك فى التقرير الأمريكى الذى يصدر قريباً ويتحدث عن صراع بين مصر وإثيوبيا؟

- التقرير مبالغ فيه لأن الواقع يشير إلى عكس ذلك، لأن مبادرة حوض النيل بين مصر وحوض النيل قطعنا فيها شوطاً كبيراً، وهناك تنسيق فى إطار مبادرة حوض النيل بين إثيوبيا ومصر والسودان على اعتبار أننا فى حوض النيل الشرقى واجتمعنا ٣ مارس للبحث فى الموضوعات المشتركة وما تم التوصل إليه.

■ لكن التقرير يتحدث عن نية إثيوبيا إنشاء خزان للمياه كمعادل لخزان أسوان.. كما تحدث فى مواضع أخرى عن رغبة فى تغيير مجرى النيل؟

- هذه التقارير التى تنشر بمعرفة وسائل الإعلام الأجنبية كلها مجرد أفكار، المهم هو الحقيقة، التخزين فى إثيوبيا شىء من الصعب حدوثه لأنه يحتاج إلى أموال طائلة.

■ ألا يمكن أن يمول هذا الخزان عن طريق أمريكا أو إسرائيل؟

- نبحث الآن مع إثيوبيا حول كل المشروعات التى تفكر فى إنشائها ومنها مجموعة من السدود، يتم إنشاؤها فى إثيوبيا للتقليل من فاقد المياه فى المستنقعات والحشائش ويزيد إيراد النهر وهى سدود لصالح مصر والسودان وإثيوبيا.

■ ألا يمكن أن تحجز هذه السدود جزءاً من المياه فيؤثر على الحصة؟

- كل شىء ندرسه ونحسبه جيداً مثل نسبة المياه التى ستحتجز وحجم السد وما شابه ذلك ثم إن أثيوبيا ليست لديها كهرباء لذا ترغب فى إنشاء سدود لتوليد الكهرباء، وهذه النوعية من السدود لا تحتجز كميات كبيرة من المياه.

■ ما مصلحة إسرائيل من العمل فى إثيوبيا؟

- مصالح مشتركة تماماً مثل جنوب أفريقيا التى لها مصالح وتواجد فى كل دول حوض النيل.. نحن ننمى الآن علاقتنا بإثيوبيا ونشجع الاستثمار فيها، وهناك بالفعل مصانع للمواسير وأخرى للكهرباء وغيرهما.

■ ألا ترى أن نفوذ إسرائيل قد يضر بمصر؟

- هذا سؤال سياسى جداً يمكن توجيهه لوزير الخارجية أو الأمن القومى، وتأكدى فنحن أيضاً لدينا وسائلنا التى نتابع بها كل ما يحدث فى دول حوض النيل، فصور الأقمار الصناعية نحصل عليها باستمرار.. ولدينا وسائلنا فى الرد على أى محاولة للاعتداء على نهر النيل.

إسرائيل ليست دولة صديقة وهى متواجدة فى إثيوبيا ومن مصلحتها أن تتشاجر مصر مع إثيوبيا كل يوم وألا تحصل مصر على حصتها من المياه وأى دولة تعمل لمصلحة ما، سواء النفوذ أو حصة من المياه أو غيرهما.

■ معالى الوزير، بقدر أكبر من الصراحة وليس الدبلوماسية، هناك العديد من دول حوض النيل تطالب بتغيير اتفاقية ١٩٥٩ بين مصر والسودان والانضمام إليها، بدلاً من إبقائها ثنائية، لكن مصر رفضت أو استبدلت ما يسمى بتغيير الاتفاقية إلى مبادرة حوض النيل لكى تحافظ على اتفاق ١٩٥٩، فهل تخشى مصر من أن دخول دول جديدة، يمكن أن ينتقص من حصتنا لصالح باقى الدول؟

- لا.. نحن اتفقنا فعلاً ضمن مبادرة حوض النيل، أن تكون هناك اتفاقية تشارك فيها كل الدول، وقد تم التوقيع على المبادرة من قبل الـ١٠ دول فى سنة ١٩٩٨.

ونحن الآن ندرس مشروعات التعاون، وبدأنا فى وضع أسس للاتفاقية الجديدة من خلال مفاوضات ولجان فنية وتم التوصل إلى حوالى ٩٩٪ من الاتفاقية.

■ ما ملامح الاتفاقية الجديدة؟

- ليست اتفاقية وإنما إطار قانونى ومؤسسى للتعاون المستقبلى بين دول حوض النيل يهدف إلى الاتفاق على عدم الإضرار وتبادل المعلومات، وإقامة المشروعات المشتركة، وتؤكد على حق كل دولة فى مياه النيل. لا نقل للمياه خارج حوض النيل ولا بيع للمياه حتى نغلق الباب فى وجه الكل حتى لا تعطى أى دولة المياه لإسرائيل.. ومبدأ الاتفاقية الأساسى يقوم على ألا يضر أى مشروع بأى دولة أخرى ويجب أن يكون هناك نفع على الأقل لدولتين، إضافة إلى إنشاء هيئة مشتركة لمياه نهر النيل.

■ ما الهدف من هذه الهيئة؟

- أهم أهدافها متابعة استخدامات الدول لمياه نهر النيل واقتراح المشروعات التى تفيد الأطراف، ومع أى نزاع بين دول الحوض يتم اللجوء أولاً إلى الهيئة وإذا لم تحل المشكلة تذهب إلى التحكيم الدولى.

■ هل تطرق الحديث إلى حصص المياه؟

- استعضنا عن مناقشة الحصص بالمشروعات المشتركة.

■ وهل وافقت جميع الدول؟

- نحن ندرس ونتفاوض.

■ هل يوجد بند لم تتم الموافقة عليه حتى الآن؟

- ربما بند أو اثنان.

■ ما هما؟

- لا أستطيع أن أبوح لك بأسرار المفاوضات.. لكن فقط أؤكد أن مسألة الأمن المائى فى مصر يشرف عليها كبار المسؤولين فى الدولة وهم عدد بسيط جداً.. كما أن هذه الاتفاقية مع دول حوض النيل تحضرها لجنة من وزراء الخارجية والرى والمخابرات العامة والقانون الدولى.

■ ولكن الأنباء متواترة عن أن الاختلاف الأساسى والجوهرى هو حصة مصر؟

- المبدأ الآن أصبح مقبولاً، ولا اختلاف على حصة مصر وقد استغرقنا حوالى عامين فى محاولات الإقناع والحمد لله الفكرة مقبولة الآن، وتبقى فقط كيفية دمج اتفاقية ١٩٥٩ فى هذا الاتفاق الجديد، أى كيفية النص على أن نصيب مصر ٥٥.٥ مليار متر مكعب وهو ما نصرّ عليه.

■ ماداموا اتفقوا على المبدأ لماذا الخلاف على الصيغة فلتكتب صريحة «الحفاظ على الحصص التاريخية» مع وضع الرقم؟

- هم لا يريدون هذه الصيغة بالذات فهم يريدون كتابة صيغة «كل دولة تحافظ على المياه التى تستخدمها ولا تضر بالآخرين».. وطبعاً كلها أمور من صنع القانونيين، وهم السبب فى تعطيلنا ٤ سنوات.. كل شهرين أو ثلاثة يتقدمون بمقترح: ما رأيكم فى هذه الصيغ؟ فنرد، ويعودون لصياغة جديدة فنرفض.

■ لماذا؟

- لأن أغلبها صيغ عامة كأن يكتب مثلاً: على كل دولة ألا تضر بمصالح الدول الأخرى خاصة فى الاستخدامات الحالية.. لكن عموماً هناك نصوص حالية اقتربنا منها إلى حد كبير، ولا تتخيلين حجم المجهود الجبار الذى يبذل فى هذه المبادرات.

■ ما الصيغة التى تصر مصر عليها؟

- نصرّ على الصيغة الواضحة لحصة مصر الحالية دون المساس بها ٥٥ ونصف مليار متر مكعب.

■ ما البند الثانى المختلف عليه؟

- لا اختلافات أخرى.

■ هذا يعنى أنه لو تم التوصل لحصة مصر لن يكون هناك أى معوق آخر؟

- تقريباً.

■ ماذا تعنى بـ«تقريباً»؟

- هناك أمور أخرى بسيطة.. مثل تبادل المعلومات فالمبدأ أيضاً وافقوا عليه ولكن تبقى التفاصيل من نوعية، متى يعلموننا بالمعلومات الخاصة بالمشروعات المائية قبل البدء أم بعد الانتهاء أم ماذا؟! وما المدة المسموح بها للرد وبعدها تبدأ الدولة فى إنشاء مشروعها على الفور.. فهذه الدول تفكر بطريقة أن المياه تأتى من عندها قائلة فى نفسها «أنا من أعطيكم المياه فهى تأتى من عندى فكيف تريدوننى أن أخبركم بكل ما أفعل وأستأذن قبل البدء فى أى مشروع».

■ وما البند الثالث؟

- لا.. كفاية بقى كده.. إنت خدتى كل الأسرار.

■ متى بدأ الشعور باحتمالات تراجع حصة المياه المصرية والخطر من تدخل بعض الدول لتقليصها؟

- أوائل التسعينيات، وزاد الأمر خلال السنوات الأربع الماضية.

■ وهل مازالت هذه الحصة «٥٥.٥ مليار» تكفى مصر؟

- وهل نحن نستخدم هذه الحصة الاستخدام الأمثل؟ ألا ترين إهدار المياه فى الشوارع والغسيل والإسراف الشديد؟

■ إذا استخدمناها الاستخدام الأمثل.. هل ستكفينا؟

- لدينا خطة مائية توازن بين الاحتياجات والموارد الموجودة، حتى عام ٢٠١٧.. وهى تكفينا بالـ ٥٥ ونصف، فضلاً عن موارد أخرى مثل المياه الجوفية والأمطار وإعادة الاستخدام ولكن حتى هذا الموعد علينا البحث عن بدائل وإلا ستكون هناك أزمة حقيقية بعد ذلك.

■ ولكن هذه مدة قصيرة للغاية؟

- هناك خطة موضوعة منذ ٥ سنوات، لكيفية تحقيق هذا التوازن وتوفير احتياجاتنا حتى عام ٢٠٥٠، والتى تتطلب الحصول على حصة إضافية.

■ وكيف يمكن تحقيق هذه الزيادة؟

- من خلال مشروعات كثيرة منها مثلاً مليار متر مكعب زيادة فى جنوب السودان إذا نفذت قناة جونجلى.

■ وهل ستنفذ هذه المشاريع قبل ٢٠١٧؟

- نعتقد أنه يمكننا تنفيذ قناة جونجلى قبل ٢٠١٤.

■ لكن السودانيين لا يرغبون فى استكمال قناة جونجلى؟

- بالعكس.. يريدون ذلك تماماً.

■ إذن لماذا لم تكتمل القناة حتى الآن؟

- بسبب الحرب بين الشمال والجنوب.

■ هناك اتفاقية سلام بين الشمال والجنوب منذ ٢٠٠٥، ويقال إن الشماليين يقفون أمام الاستمرار فى حفر القناة؟

- نحن السبب.. فقط تباطأت مصر فى هذا الموضوع.. ارتحتى يا ستى


-----
نشر في المصري اليوم بتاريخ 22-3-2009
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=203767
-----

******

محمود أبوزيد فى حوار ساخن قبل أيام من مغادرة وزارة الرى «الجزء الثانى»:
الحكومة ناقشت بيع ترعة السلام للقطاع الخاص بحضور «نظيف»
---------------------------------------------
حوار رانيا بدوى ٢٤/ ٣/ ٢٠٠٩
-------------------------------------------

حوّل د. محمود أبوزيد دفة الأمور فى اتجاهه، وصاغ ردوده فى الجزء الثانى من الحوار معه الذى انقسم عبر مرحلتين، كانت الأولى وهو فى الوزارة يمارس مهامه، و الثانية بعد إقالته. بضمير الفاعل قال: أنا الذى طلبت الخروج، ولم تتم إقالتى، ونفى كل ما أشيع عن خروجه من خلافات مع وزير الزراعة، إلى فشل الوزارة فى تنفيذ اتفاقية حوض النيل، ومتابعة المشروعات القومية الكبرى، وقصة التطاول على مصر من قبل دول حوض النيل.

إلا أنه فجر مفاجآت جديدة مؤكداً أن الحكومة نوت وفكرت وناقشت فكرة بيع ترعة السلام، وقال إنها اتجهت شمالا بقرار سياسى، وأضاف أن توشكى تحتاج ٢٠ عاما لاستكمالها، ولا توجد أموال كافية لاستكمال ترعة السلام، وهذا هو السبب الحقيقى فى تعثر المرحلة الأخيرة من المشروع.

■ الرأى العام يتساءل كثيرا عن الأسباب الحقيقية لعدم استكمال مشروع ترعة السلام؟

- الترعة توقفت عند الكيلو ٨٠، وتوقف العمل فيها لعدم قدرة الدولة على استكمالها فى ظل الظروف الحالية، فالمرحلة التى لم تستكمل أظهرت الدراسات الأولية أنها ستتكلف ما يقرب من ٥ أو ٦ مليارات جنيه.

■ لماذا؟

- لأن الأرض بعد الكيلو ٨٠ بها ارتفاع حوالى ١١٥ متراً، وهو ارتفاع كبير يحتاج إلى رفع للمياه فى هذه المنطقة وهى مسألة مكلفة للغاية.

■ وألا تجد الدولة ٦ مليارات لاستكماله، ففيه تنمية قطاع كبير فى الدولة؟

- يعنى إنتى شايفة المليارات مرمية.. طبعا الرقم كبير وحتى لو موجود هناك أولويات لدى الدولة فى الإنفاق.

■ أليس من بين هذه الأولويات ترعة السلام؟

- أنا عن نفسى من أكثر المؤيدين لفكرة استكمال الترعة الآن، وحالاً وقبل تغير الظروف، لأن كل يوم يمر الأسعار تزداد والمسألة تكون أصعب، خاصة أن الأراضى فى المرحلة التى لم تستكمل - وتبلغ ١٣٥ ألف فدان - من أجود وأخصب أنواع التربة لذا إن استكملت الترعة فسيكون العائد ضخماً، ولكن هناك أصواتاً أخرى داخل الحكومة ترى تأجيل المشروع.

■ وإلى متى يتم تأجيله؟

- أعتقد أن هناك فكرة الآن مطروحة لاستكمال الترعة ولكن ليس على نفقة الحكومة.

■ لا أفهم ماذا تقصد؟

- أن يطرح المشروع للاستثمار.

■ للقطاع الخاص؟

- هو فيه استثمار قطاع عام.. طبعاً قطاع خاص.

■ كيف؟

- الآن تطرح أفكار التنمية المتكاملة لشبه جزيرة سيناء وتأتى ترعة السلام ضمن الأولويات وقد نوقش فى إحدى اللجان الوزارية المختصة بحضور الدكتور نظيف ضرورة استكمال ترعة السلام وقد تم تكليف الدكتور محمود محيى الدين بإعداد دراسات حول طرح الجزء المتبقى من الترعة والأرض التى حولها للمناقصات لطرحها للاستثمار.

■ هل تقصد بيع ترعة السلام؟

- أقصد أن يأتى رجال أعمال ليحصلوا على الترعة وما حولها من أراض للاستثمار فيها واستكمال حفرها لتعمير سيناء.

■ ولكن هذه الخطوة ستثير المخاوف وعلى رأسها هل سيترك المشروع بالكامل للقطاع الخاص وماذا عن جنسية المستثمر هل هو مصرى أم أجنبى سواء «عربى» أو «غربى»؟!

- عموما تلقى دكتور محمود محيى الدين تكليفاً سياسياً بدراسة المشروع وسيضع الشروط اللازمة.

■ تلقى تكليفاً ممن؟

- مجلس الوزراء.

■ تعمير سيناء أولوية ولكنه خطر بهذه الطريقة؟

- لا تقلقى، الأمر سيدرس جيدا وستوضع الدراسات موضع الجدية وستدرس وزارة الاستثمار المسألة هل ببيع الترعة والأراضى أم يحصل عليها المستثمر بحق الانتفاع.

■ وماذا عن جنسية المستثمر؟

- معروف مسبقا أن التعامل مع هذه المشروعات القومية الكبرى الحساسة يكون بمنع البيع لغير المصريين فلا خوف من ذلك.

■ وكيف أترك مدخل الأمن القومى لمصر فى يد القطاع الخاص؟

- عموما الحكومة الآن تدرس هل الأفضل تملك أرض الترعة أم الحصول عليها بنموذج حق الانتفاع.

■ ومن رجل الأعمال الذى سيقبل أن يضع مالاً ضخماً بالمليارات فى مشروع لن يمتلكه؟

- عموما كلها أمور سابقة لأوانها ومازال المشروع فى طى الدراسة.

■ حسب الله الكفراوى وزير الإسكان السابق قال إن ترعة السلام ليست فى مكانها الصحيح؟

- عند دراسة المسألة وجدوا أن هذا هو المسار الصحيح.

■ من؟

- مكاتب استشارية كبيرة.. وأنا جئت إلى الوزارة وكانت الترعة قد بدأ العمل فيها بالفعل.

■ هل أنت راض عن مسار الترعة؟

- نعم.

■ ألم يكن هناك مسار أفضل وأقل فى التكلفة؟

المسار الآخر أن تسير الترعة فى نصف شبه جزيرة سيناء ولكن الأراضى فيها غير مناسبة تعلو فى مناطق وتنخفض فى أخرى، وقد اتخذ قرار سياسى بأن تسير الترعة فى الشمال.

■ وهل قرار مكان حفر الترعة قرار سياسى أم قرار فنى؟

- الأمور الفنية أيضا ليست أموراً حاسمة وجامدة فالفنيون يقدمون أكثر من مسار ويقولون عيوب ومميزات كل مسار والقرار السياسى يحسم الأمر بناء على المميزات والعيوب.

فمثلا كان محافظ شمال سيناء السابق منير شاش من أكبر المتمسكين بفكرة أن تمر الترعة فى الوسط لإعمار سيناء ورأى أن تعمير منتصف سيناء أجدى من الشمال ولكننى كنت أراه مساراً غير مناسب ومكلفاً والأنسب هو مسار الشمال.

■ إذن أنت مع المسار الحالى للترعة؟

- نعم.

■ رغم المعوقات؟

- المعوقات المالية شىء والعيوب الفنية شىء آخر فالمعوق الآن هو عدم وجود الأموال الكافية لاستكمال المشروع ورغم ذلك أنا ضد التوقف لأن الأسعار كل يوم تعلو والأفضل أن يتم الانتهاء من المشروع الآن.

■ قلت إن موقع الترعة جيد وأنك توافق عليه.. وماذا عن سهل الطينة الذى تمر به الترعة وترتفع نسبة ملوحته عن نسبة ملوحة البحر بـ٥ مرات؟

- سهل الطينة مش عيب وقدمنا للفلاحين برامج للغسيل لتنقية الأرض من الملوحة وعملنا تجارب عديدة وقد أتت الأرض بنتائج جيدة بعدها.

■ ولكن برامج الغسيل مكلفة للفلاحين وتأخذ ٥ سنوات على الأقل؟

- لذلك تقريبا حصل الفلاحون على الأرض «ببلاش» حيث بيعت بـ٢٠٠ جنيه للفدان فى حين كانت تباع باقى الأرض بـ ٣٠ ألف جنيه للفدان.

وكنا هنا أمام خيارين إما تحويل هذه الأرض إلى مزارع سمكية وإما غسلها للتنقية من الملوحة وأنا عن نفسى مع فكرة الغسيل لأن الأرض هناك شديدة الخصوبة ولا يجب إهدارها فى المزارع السمكية.

■ لو انتقلنا لمشروع توشكى هل تراه مشروعاً ناجحاً؟

- نعم.

■ ولماذا لا نشعر به؟

- لأنه فى حاجة إلى ٢٠ عاماً ليتم استكماله، فمشروع مديرية التحرير بدأ عام ٦٥ وحتى اليوم مازال هناك استصلاح فى أراضيه ولم يتم بعد ومازال يحتاج إلى تنمية ..

■ ولكن أثير فى الفترة الأخيرة كثيرا أن المشروع فاشل وأن الأرض تبخر المياه بسرعه بسبب المناخ الجاف؟

- لدينا ٢٥٠ دراسة لمشروع توشكى فى مكتبة ضخمة عن توشكى، ودرسنا معدل التبخر وحجمه، ودرسنا هل تكون الترع مغطاة أم مكشوفة وطولها وعمقها ودراسات لنوعية الأرض. كل شىء موجود فى الدراسات.

■ ولماذا المراحل التى انتهت لم تؤت ثمارها؟

- ربما لأن بعض من حصلوا على الأراضى لم يزرعوها.

■ مثل من؟

- الوليد بن طلال مثلاً لم يزرع سوى ٢٠ % من الأراضى التى حصل عليها.. يمكن الوليد لا يريد الزراعة.. ويمكن يريد بيعها أرضاً.

■ وهل هذا من حقه؟

- نعم.

■ ولماذا توقف مشروع توشكى؟

- لم يتوقف، فقط تم تأجيل العمل فى ٢٠٠ ألف فدان لحين دراسة فرع ١، ٢ وقد خصصوا بالكامل، أما فرع ٣ فانتهت إنشاءاته وسيستكمل هذا العام، ويوجد رجال أعمال إمارتيون يريدون الاستثمار فى المرحلة الثالثة، وتبقى المرحلة الرابعة التى تم تأجيلها لحين الوقوف على ما تم إنجازه فى المراحل السابقة.

■ إذن هناك شك فيما أنجز؟

- لا فقط للدراسة والوقوف على أخطاء المراحل السابقة.

■ مثل ماذا؟

- تعلمنا من أخطائنا ولم يعد هناك بيع لأراضى توشكى إنما حق انتفاع كما لم يعد هناك تخصيص لمساحات كبيرة مثلما حدث مع الوليد فأقصى مساحة ٢٠ ألف فدان وهذا ليس اختصاصنا إنما وزارة الزراعة.

■ ولكن هل هناك مياه كافية لمشروع توشكى؟

- يوجد مياه كافية للـ ٥٤٠ ألف فدان بالكامل.. بما فيها المرحلة المؤجلة.. والمياه موجودة لها كلها والمسألة ليست مياها.

■ ماذا عن ممر التنمية الذى أعاد دكتور فاروق الباز تقديمه؟

- يحتاج إلى كثير من الوقت وأنا كنت من أكثر المشجعين على ضرورة البدء فيه.. وقد تم تشكيل لجنة وزارية وكلف بالمسألة وزير التخطيط، ولكن أعتقد أنه مشروع يحتاج إلى ٢٠ عاماً للتنفيذ.. ونحن الآن فى مرحلة الدراسة.

■ ألم يقدم فاروق الباز الدراسة؟

- فاروق الباز قدم فكرة وليس مشروعاً تفصيلياً.

■ قدم صوراً بالقمر الصناعى لأفضل المناطق؟

- إيه يعنى صور بالقمر الصناعى هى متوافرة لدينا بالفعل، فهو تقدم بكتيب للفكرة، أما التفاصيل الدقيقة فهى فى حاجة إلى دراسة وهناك من يعكف عليها بالفعل.. لأنه مشروع ضخم وسيحتاج لوقت طويل ولكن المهم دائما أن نبدأ.

فى تصريحات خاصة بعد الرحيل: لم تتم إقالتى بل طلبت الخروج

■ دكتور محمود قيل عن أسباب خروجك منها وعدم إنجازك فى ملف اتفاقية حوض النيل حتى الآن؟

- الاتفاقية أنجز فيها خطوات فوق تصورات أى شخص فلو علموا مقدار الأزمات والاختلافات التى واجهتنا طوال مسيرة التفاوض لعرفوا حجم الإنجاز ونحن وصلنا بالفعل إلى شبه تصور نهائى للاتفاقية.. أما عن إطالة المدة فهى أمر طبيعى أمام الاختلافات وإصرار دول حوض النيل على تصوراتها وعدم كتابة حصة مصر واضحة فى الاتفاقية وإصرارنا نحن أيضا على عدم المساس بحصتنا من المياه فالأمر ليس سهلاً.

■ إذن لماذا خرجت من الوزارة؟

- لم تتم إقالتى بل طلبت الخروج.

■ لأسباب صحية؟

- لا.. إنما لشعورى بأن الوزارة أخذت وقتى وعطلتنى عن العمل العربى والدولى فأنا رئيس المجلس العربى للمياه وكنت مقصرا فى حق المجلس طوال الفترة الماضية لذا أردت التفرغ له.

■ ولكننى قابلتك منذ أيام ولم يكن الأمر مطروحاً حتى؟

- تتبدل الأحوال.. ثم إننى كنت أريد ذلك بالفعل منذ فترة.

■ هل السبب خلافات مع وزير الزراعة؟

- أنت أيضا لا تصدقين أننى خرجت بناء على طلبى.. الكل لا يصدق ولا أعرف لماذا رغم أنها الحقيقة.. ومع ذلك لا يوجد خلاف بينى وبين وزير الزراعة على الإطلاق.

■ وماذا عن الدكتور محمود محيى الدين وزير الاستثمار؟

- علاقتى به جيدة وفى الليلة التى سبقت خروجى كنا نتحدث سويا حول بعض الأمور المشتركة ونناقش عدداً من الملفات الخاصة بالوزارتين.

■ وما حقيقة فشل الوزارة فى إنهاء المشروعات القومية مثل توشكى وسيناء؟

- كل ما طلب من وزارة الرى بشأن هذه المشروعات تم على أكمل وجه بالكامل، وكل ما تبقى لا علاقة لوزارة الرى به فهو اختصاص وزارات أخرى ،ومشروع توشكى مثلا كل ما هو اختصاص وزارة الرى من طلمبات وتوصيل المياه وحفر ترع إلى آخره انتهى وبلا أى مشاكل ولست مسؤولا عن عدم الزراعة أو الاستصلاح.

الأمر نفسه ينطبق على ترعة السلام وما تم تنفيذه منه، أما الجزء المتبقى فهو متوقف لأسباب مالية ولا علاقة لوزارة الرى بها.


-----------
نشرت في المصري اليوم بتاريخ 24-3-2009
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=204095

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون