خيري رمضان 7-4-09

مسؤولية الرئيس
------------------
بقلم خيرى رمضان -المصري اليوم ٧/ ٤/ ٢٠٠٩
--------------------
بعد هزيمة يونيو ٦٧، اعترف الزعيم الراحل جمال عبدالناصر بأنه تعرض لخدعة ممن حوله، وأعلن تنحيه عن الحكم والانضمام لصفوف الجماهير، ولم يقبل الشعب بذلك القرار.

وعندما تولى الرئيس الراحل أنور السادات الحكم، نجح فى اختراق من حوله ومن معه، ليكشف من كانوا ضده، وحدث ما أطلق عليه ثورة التصحيح، وفى أكتوبر ١٩٨١ لم يستمع الرئيس لمن حوله، خاصة اللواء النبوى إسماعيل فكانت النهاية المأساوية.

بعدها جاء الرئيس حسنى مبارك، وأحس الناس أنه قريب منهم، فلم يكن له رجال قبل توليه رئاسة الجمهورية، وظل لسنوات ليست قليلة، لم نسمع أن الرئيس له حاشية، أو رجال مميزون لهم سلطان أو سطوة..

ولكن مع التعثر الاقتصادى وازدياد الأزمات الاجتماعية بدأت جملة تتردد بصيغ مختلفة: «الرئيس لا يعلم»، «المسؤولون يخفون عنه الحقيقة»، «عندما يعلم الرئيس الحقيقة يتدخل مباشرة»، و«ما إن علم الرئيس بالمشكلة أمر بحلها مباشرة».

لم تقف الحكاية عند جُمل وتصريحات يطلقها المسؤولون وهم لا يدرون أنهم يسيئون بها إلى الرئيس، وأن بعضهم متهم بالتقصير فى عمله مما استدعى تدخل الرئيس، بل امتدت الحكاية إلى السينما.. أتذكر منذ فيلم «موعد مع الرئيس»، حيث عمَّ الفساد ولم يعد أمام بطلة الفيلم - إلهام شاهين - منقذاً إلا الرئيس!

وانقطعت هذه النغمة ثم عادت منذ سنوات قليلة، ففى فيلم «جواز بقرار جمهورى» تلاعب رجال الرئيس بالمعلومات وأخفوا عنه مشكلات العروسين التى نُشرت فى صحف أجنبية وعربية، ولم يجد البطل إلا الرئيس ليقدم له مشكلات المواطنين ليحلها.

وعلى الطريقة نفسها وبأسلوب أكثر إساءة واستفزازاً، سار فيلم «طباخ الرئيس»، فالرئيس يرى بنفسه فساد مَن حوله وطرقهم فى إخفاء الحقيقة ولا يفعل لهم شيئاً.. هو مجرد صورة لرجل طيب يتمنى الخير لشعبه ويتخذ قراراته الإيجابية بناء على نصائح طباخه. ويستمر الحال نفسه فى فيلم «ظاظا»، فالبطل نجح فى الانتخابات وفشل منافسه الرئيس لأن من حوله أخفوا عنه معاناة وآلام الشعب.

نعم.. هى حكايات أفلام، ولكنها تعكس الواقع وتسعى إلى ترسيخ معنى واحد هو أن المشكلة ليست فى الرئيس ولكن فيمن حوله.. المعنى نفسه يحاول، فى الواقع، مسؤولون فى النظام وفى الحزب الوطنى ترسيخه، ولا أعتقد أن هذا يسعد الرئيس مبارك فى شىء، لأن رجال الرئيس مسؤوليته، ونجاح خطط الرئيس وأحلامه من أجل الوطن مسؤولية من اختارهم، فإذا فشلوا ولم ينجحوا فى تنفيذ ما طلبه فهذا يعنى الاستغناء عنهم، بل قد يستدعى الأمر محاكمتهم.

نحن فى زمن أصبحت فيه المعلومات متاحة أمام الجميع، فما بالنا بالرئيس بكل أجهزته وإمكانيات الدولة، لذا لا يصح أن يجاهر كل مسؤول بأن الرئيس لا يعلم، لأنه يجب أن يعلم، وأن يسعى لتوفير حياة كريمة لشعبه لأنه مسؤول عن ذلك، والمسؤول يُسأل، وإن كان هذا المعنى غائباً عندنا تماماً عن كثير من المسؤولين.

ما سبق سببه جملة قالها المحافظ السياسى النشط المستشار عدلى حسين فى حواره مع «المصرى اليوم»، عندما سألته الزميلة رانيا بدوى: إلى أى مدى لا ينقل المسؤولون الصورة الحقيقية للرئيس؟ فأجابها: قد يحدث! والحقيقة أنه يحدث كثيراً!


http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=205963

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون