جهاد الخازن-1

جهاد الخازن محاور الرؤساء لـ المصري اليوم:
... دور مصر تراجع .. ولا يمكن لدولة أخري أن تحل محلها
-----------------------------------
حوار رانيا بدوي ٢٤/ ١١/ ٢٠٠٦
-----------------------------------

«صديق شخصي» كلمة رددها علي مسامعي أكثر من عشر مرات قبل أن يجيب عن طبيعة علاقته بأكثرمن عشرة رؤساء دول عربية حتي إنني توقفت وانتقدت وشككت في حياده الاعلامي فأجابني بجملة اشتهيت معها بدء الحوار معه سريعا رغم حالة الخوف التي انتابتني تجاه محاورة واحد من أهم الكتاب والمحاورين العرب هذه الجملة هي قوله: «علاقتي برؤساء الغرب ليست وطيدة لأنهم يتبدلون في الحكم سريعا ولكن ماذا تنتظرين من علاقتي برؤساء عرب ظللت أحاورهم لأكثر من عشرين عاما؟ وهنا اختصر بإيجاز حال الأنظمة العربية لذا فهو لايحتاج الي وصف أو تقديم إنه الكاتب اللبناني جهادالخازن محاورالرؤساء.

.. صداقتك بالرؤساء العرب هل تتحكم أحيانا فيما يخطه قلمك؟

ـ نعم.

.. إلي أي درجة؟

ـ أتمني أن يكون الي الدرجة المحدودة.

.. هل هذا يعد خيانة لقلمك وللرأي العام الذي يريد منك الصراحة والشفافية؟

ـ القاعدة الذهبية في الصحافة أن تجعل المصادر يثقون بك لتكون أول من يخبرونه بأخبارهم الجديدة علي ألا تصل هذه الصداقة إلي أن تعمل شوبنج بصحبتهم أي لا تصبح صداقة شخصية إلي الدرجة التي تمنعك من الكتابة.. ولنقل إنها علاقة ثقة.

.. قلت إنه ليس كل ما أعرف يصلح للنشر؟

ـ لأنني أولاً سأفقد مصادر الأخبار التي وثقت بي وقالت لي هذا حديث ليس للنشر.

.. وهل كل ما تعرفه طلب منك مباشرة عدم نشره؟

ـ لا ولكن هناك رقابة ذاتية منعتني من نشر كثير من المعلومات والمواقف، فمثلا أتذكر مهاجمة رئيس دولة لرئيس آخر ورغم أنني قد سجلت هذا الحديث ومازلت أحتفظ به الا أنني رفضت النشر لأنني لو نشرت لخسرت الدولتان بعضهما و سحبتا السفراء والأهم أن هناك موضوعات ربما تغلق الجريدة فلمن سأكتب إذن وهنا أحكم المنطق والمصلحة العامة فليس كل ما يعرف يقال.

.. وماذا تعرف عن العرب؟

ـ أنهم كلما اعتقدوا أنهم وصلوا الي الحضيض وجدوا أن هناك حضيضا بعده، والغريب أننا بدلا من أن نبني لنعلو نصل الي الحضيض فنحفر لأسفل أكثر وأكثر بخلافاتنا مع بعضنا البعض فحال العرب أصبح مثل شنطة مهربي المخدرات كلما كشفت عن جيب به مخدر وجدت جيبا آخر تحته.. وعندما هان العرب علي أنفسهم هانوا علي الغرب.

فالوضع العربي بالكامل في تراجع فهذا أسوأ وضع عربي مر علي منذ أن كنت بالجامعة فأذكر أنه أيام الرئيس عبد الناصر والملك فيصل كان أحدهما مسيطراً علي اليمين والثاني علي اليسار ولا أحد يستطيع التجرؤ علي هذا أو ذاك لذا حافظا علي الحد الأدني من الاتفاق وقتها أما الآن فكل دولة تعمل لحسابها الخاص حتي مجلس التعاون الخليجي الذي يعد أكثر مجموعه عربية متجانسة لهم نفس البيئة والخلفيات والثقافة والنفط لا تجد مشروعاً إلا وقد تحفظ عليه أحدهم فما بالك بالدول غير المتجانسة باق الدول العربية.

وبدلا من التفكير في الإصلاح والمستقبل أصبح العرب منشغلين بحماية الهوية والدفاع عن النفس.

.. هل هو انشغال حقيقي بالدفاع عن الهوية أم الدفاع عن المصالح المالية؟

ـ دفاع عن كله.

.. الدفاع الديني؟

ـ نحن شعوب محافظة ترغب في تقليد الغرب في التطور وليس في الانحلال، في الوقت نفسه الشعوب في حالة ضعف وضياع لا أري لها أنا شخصيا نهاية.

.. إذن، سنظل هكذا علي طول؟

ـ لاشيء يظل علي حاله طوال الوقت.. دوام الحال من المحال وهذا هو الأمل الذي نحيا من أجله.

.. ومن المسؤول الشعوب أم الحكام؟

ـ الاثنان معا.. هؤلاء الحكام من هذه الأمة.

.. هل هذا يعني أننا لانجيد اختيار حكامنا؟

ـ ليس لدينا خيار لنختار .. لايوجد لدينا ديمقراطية ولا حكم قانوني فعلي ولا محاسبة ولا مساءلة ولاشفافية ولاحقوق للمرأة.

.. وما شأن المرأة في السياسة وحال العرب؟

ـ نسب ضرب الأزواج العرب زوجاتهم أصبحت نسباً ضخمة ومرعبة وعلي ما يبدو أنه نوع من تفريغ حالة الكبت لدي الرجال لأنهم غير قادرين علي حكوماتهم ولا علي إسرائيل لذا يتشطرون علي من هم بالبيت، والغريب أن المرأة حتي الآن لم تحصل علي حقوقها رغم أن نصف الأمة «نسوان» فكيف ننهض بنصف واحد فقط.

.. البعض يري أن خروج الأمة العربية من حالة الضياع يأتي بوصول الجماعات الاسلامية فيها الي الحكم؟

ـ رغم كل السوء في كثيرمن الحكام والأنظمة العربية إلا أنها تظل أفضل من المعارضة الموجودة بها فالجماعات الإسلامية أحزاب توتالاتيرية مثل الحزب الشيوعي لوحكمونا سيفرضون رأيهم علينا جميعا وسيحجبوننا رجالا ونساء وسيمنعوا الرأي المعارض تماما مثلما فعلت الشيوعية في زمنها.

.. هذا رأيك في الجماعات الإسلامية ولكن كيف هي علاقتك بهم؟

ـ أعرفهم جميعا وأجريت معهم حوارات أكثر مما أتذكر وكان آخر اتصال بيني وبين خالد مشعل في فلسطين الأسبوع الماضي والذي استمر لحوالي ثلاثة أرباع ساعة.. وفي مصر صديقي منتصر الزيات الذي أحرص علي مقابلته كلما نزلت إلي مصر لأعرف كيف يفكرون وكيف يرون العالم من حولهم.

.. هل أنت ضد فكرهم؟

ـ أنا ضد وصولهم الي الحكم في مصر وسوريا وفلسطين وكل الدول العربية، ولمعرفتي الجيدة بهم أعرف أنهم مساكين والايمان بالله ليس ضروريا أن يكون علي طريقتهم فجميعنا مؤمنون بالله.

.. وماذا عن النصر والشعبية اللذين حققهما حزب الله وهل يصلح حسن نصر الله لقيادة العرب كما رشحه البعض؟ هل يقدر حسن نصر علي قيادة العرب؟

ـ أولا حسن نصر الله لايستطيع قيادة العرب ولا يملك المؤهلات لذلك، ثم إنه من الصعب أن تأتي القيادة العربية من الأقلية العشرة بالمائة الشيعية فالقيادة يجب أن تكون سنية.

.. لماذا تفرق دائما في حديثك بين الشيعة والسنة؟

ـ في الجامعة لم نكن نعرف من هو المسلم ومن هو المسيحي لكنني أتحدث الآن عن أمر واقع وليس عما أحلم به أن يكون..

.. هل الاعلام هو السبب في إذكاء الفتنة بين السنة والشيعة؟

ـ الإعلام هو الرسول ينقل الواقع ولا يفتري عليه فلا تفتروا عليه..

.. ونحن في أسانسير الفندق وقبل وصولنا إلي الطابق الأربعين حيث يمكنك احتساء القهوة وأنت تري القاهرة من أعلي حيث لايراها من هم أسفل، قال لي إنه يحضرالي القاهرة منذ الستينيات وأنها وباريس مدينتا العشق بالنسبة له لذا سألته عن مصر في عيون إعلامي عربي تابع تغيرات الحياة بها لسنوات طويله وهل مازالت أم الدنيا والشقيقة الكبري للعرب والأهم من وجهة نظري أن أراها في عيون من لا يسكن فيها وسألته كيف تري مصر في كل مرة تحضر إليها؟

ـ فأجاب بلهجته اللبنانية وبتنهد وكأنها بلده قائلا : مصر في كل مرة تختلف وتبقي علي حالها.. انقطعت عن مصر فترة عندما سافرت الي لندن وكان آخر مرة رأيت فيها القاهرة عام ٧٤ وعدت اليها عام ٨٣ فوجدت البلد وقد اختلفت تماما من حيث البناء والطرق والأرصفة والكباري لكنها مازالت كما هي من حيث البشر.. فأنا لم أعمل فيها ولن أعمل وليس لي أي علاقة بها الا المحبة وكان هناك وقت إذا لم ينجح العربي في مصرسواء فنان أو صحفي أو إعلامي أو شاعر فهو لم ينجح حتي ولونجح في بلده.

.. هل تراجع الدورالقيادي لمصر في المنطقة؟

ـ الدور العربي كله تراجع فمنطقي أن يتراجع دور مصر فالدور المصري يعكس الدور العربي وقوة مصر من قوة الدول التي تمثلها.

.. هل يوجد دولة يمكن أن تحل محل مصر في المنطقة؟

ـ لا، لأنه لم يعد هناك دولة أقوي من مصر ولا أضعف لأن القوة الحقيقية تكمن في إيران وإسرائيل أي في يد أقلية شيعية وأقلية يهودية ولا توجد قيادة سنية بديلة ويجب أن تأتي القيادة من الأكثرية ليس من الأقلية.

.. هل قابلت الرئيس مبارك؟

ـ هو صديق شخصي أعرفه من ٨٤ حتي الآن. وهو حتما رئيس وطني عربي ولكن الوضع في مصر صعب كثيرا.

فأذكر مرة كنت أناقشه في السياسة وأعرض عليه أفكاري فقال لي لما عبد الناصر قام بالثورة كان عدد المصريين ١٨ مليونا وقد زاد عددهم الآن ١٨ مليونا آخرين وهذا عام ٩٢ مما يعني أن المصريين في أربعة عشر عاما بعدها زاد عددهم بمعدل لم يزيدوه في خمسة آلاف سنة سابقة وقال لي كل هذه الناس تريد أن تأكل وتتعلم وبعدها تفلسف كما تريد. وعندما فكرت في الأمر وجدت لديه حقا فلا تحملوه أكبر من طاقته وطاقة مصر.

.. ربما الأمرليس سهلا فعلا ولكن هناك أخطاء؟

ـ كل إنسان هو خاطئ خطاء .

.. وهل قابلت جمال مبارك؟

ـ نعم فهو خلوق جدا ومهذب قدراته الحقيقية ليست سياسية وإنما اقتصادية وكلما تحدثت معه في السياسة أخذني للاقتصاد وهو بارع في ذلك وهنا تكمن خبرته.

.. وهل خبرته الاقتصادية تؤهله من وجهة نظرك لحكم مصر؟

ـ أرجو إذا كانت خبرته تؤهله أو لا تؤهله ألا نحكم عليه الا لشخصه وليس لأنه ابن الرئيس ولا يوجد ما يمنع ابن الرئيس من أن يكون رئيساً فلنحكم عليه بما قدمه. وبالمناسبة لدي أصدقاء ممن تسمونهم بالحيتان في مصر من رجال الأعمال وأراهم كثيرا في لندن يتحدثون عنه بشكل جيد ويقولون إن الحكومة تخطو خطوات جيدة في المجال الاقتصادي، وكما قلت مشكلة مصرأن عدد سكانها ٧٠ مليوناً علي أرض ٩٥ منها صحراء فلا تطلبوا من الرئيس المعجزات.

.. إذن أنت تحكم علي الاقتصاد المصري من وجهة نظر الحيتان ومصالحهم، وربما ما يخدم مصالحهم لايخدم المواطن؟

ـ استثمار رجال الأعمال في مصر شيء جيد بدلاً من الهروب للخارج لذا علي الحكومة خدمتهم وتذليل العقبات أمامهم لأن كل مشروع جديد يعني فرص عمل للشباب، عموما أنا أري أن مصر تسير في الطريق الصحيح في المجال الاقتصادي وأتمني ألا أكون مخطئا.

.. نسبت كل ما يشهده الوطن العربي الآن من أوضاع متردية إلي المحافظين الجدد؟

ـ لدي قضيه ضد المحافظين الجدد والإدارة الأمريكية، فأنا أكثرصحفي عربي كتب عنهم لدرجة أنني كتبت عنهم كتاباً لقناعاتي بأنهم أنجاس يكرهون العرب المسالمين وخطتهم التي ظهرت جليه مؤخراً وهي تدمير العراق لخدمة إسرائيل وأري أنهم فاشيست ونازيون.

.. لكن البعض يؤكد رغبة أمريكا في نشرالديمقراطية في الوطن العربي؟

ـ أمريكا تضر بالديمقراطيه والكل يعتبرها الأن مثل الكأس المسمومة الكل يبتعد عنها لأننا رأينا جميعا ما فعلته في العراق وتأييدها المطلق لإسرائيل في فلسطين وهذا ليس كلامي وإنما استطلاعات رأي عالمية تؤكد أن أمريكا خطر أكبر علي السلام من إيران وكوريا الشماليه.. بل وأمريكا تضر بالإصلاحيين الحقيقيين لأن كل من يطالب بالتغيير والإصلاح يقال إنه يتحدث مثل الأمريكان فيدرج هؤلا الأشخاص علي قائمة الأمريكان ظلما وعدوانا.

.. البعض قال: إن أمريكا لم تكن تقصد ماحدث في العراق واعتبروه مجردغلطة؟

ـ من يصدق هذا الحديث تقتل نصف مليون شخص ثم تأتي لتعتذر وتقول إنها غلطة.. أمريكا كانت تريد من البداية تدمير العراق لصالح إسرائيل بدعوي علاقة العراق بالقاعدة وامتلاكها أسلحة الدمار الشامل لنكتشف بعد ذلك أنه ليس هناك وجود لا لهذا ولاذاك.. كما أن الحرب علي لبنان تلك الحرب النازيه من تدبير الإدارة الأمريكية والغريب أن إسرائيل نفسها لم تقر بأن لبنان له علاقه بخطف الجنديين في الوقت الذي أعطت الضوء لإسرائيل بضرب المدنيين.. أمريكا هي التي سمحت لإسرائيل بتدمير قطاع غزة علي أبومازن رغم أنها تقول عنه إنه رجل سلام فإذا كان هذا ما تفعله بحلفائها فماذا ستفعل بأعدائها وكله من تدبير المحافظين الجدد في الإدارة الأمريكيه وهم أسوأ متطرفين في العالم.

.. هل يعني ذلك أنك تطالب بقطع العلاقات مع الأمريكان؟

ـ لا، فأمريكا هي الدولة العظمي في العالم علينا عمل علاقة متوازنه معها فلا يجب أن نقطع العلاقه ولا يجب أن تكون العلاقه بهم علاقة السيد بالعبد فنحن نملك ما نعطيه لأمريكامن موقع جيد ونفط وسوق تجارية ومنتجات فلماذا لا تكون هناك علاقه متكافئة.

.. لماذا صورة العرب مرتبطة دائما بالإرهاب في الغرب؟

ـ علينا أن نعترف بأنه ينبع من العرب ولم يظلمونا في ذلك، هم أيضاً يمارسون الإرهاب والتطرف ولكنه إرهاب حكومي وليس شعبياً فمثلا حاخامات الإسرائيلين يتحدثون مثل المتطرفين الإسلاميين ولكنهم لم يتبعوا عمليات انتحارية ضد الفلسطينيين وما يمارس هو من فعل الحكومة وليس الأفراد تماما مثل المسيحيين الصهيونيين في أمريكا القاعده الانتخابية لبوش لكنهم لم يؤذوا أحدا ربما دولتهم تحتل دولاً باسمهم ولكنهم لا يمارسون التطرف بشكل شخصي. كل الأديان أدانت قتل النفس سواء مسلمة أومسيحية أو يهوديه لذا هناك أشياء لا نستطيع الدفاع عنها، الحل يبدأ عندما نعترف بالمشكلة.

.. وهل للإرهاب حل؟

ـ الحل في التعليم والتنوير إذا علم الشباب أصول دينهم الحقيقي ما تحولوا إلي إرهابيين.. الدين الإسلامي في بداياته كان يدافع عن وجوده وكان هناك خطر علي وجوده، منع قتل المرأة والطفل والشيخ فكيف تفعل ذلك وأنت الدين الأكثر توسعا في العالم حيث وصل عددهم الي ١٢٠٠ مليون مسلم فأنت لست مضطراً فالمسيحيون يتقلصون واليهود يتزوجون ممن هم علي غير دينهم ويقل عددهم والدين الوحيد الذي يزيد هو الإسلام، لذا لم يعد هناك خطرعلي وجوده فكيف تفعل هذا الآن لذا أنت لست مضطراً لأن تتطرف لتدافع عن وجودك ولا أعرف هؤلاء المتطرفين يتبعون من فأنا رغم دراستي العلمانية حيث إنني خريج الجامعة الأمريكية ولكن عندما يختلط علي أمر ما أذهب فورا الي الأزهر.

.. فلماذا يلجئون هم الي من لا علم ولارأي له؟!

ـ وما رأيك فيمن يشككون في فتاوي الأزهرواتهامها بأنها مسيسة؟

أرد عليهم بأنها وإن كانت كذلك فهي الأفضل من فتاوي أي شخص يفتح صفحة علي الإنترنت ويدعي أنه إسلامي ويحرّض الناس علي القتل ويبرره.

.. مارأيك في تصريحات فاروق حسني عن الحجاب؟

ـ ما أرخص الكلام في الوطن العربي، فاروق حسني بغض النظر عن اتفاقي معه أو اختلافي فهو لم يقتل قتيلاً، العرب يجيدون لعبة التكفير كلما اختلف اثنان كفر أحدهما الآخر في الدين.

.. البعض قال إن المشكلة تكمن في أنه رأي مسؤول وليس شخصاً عادياً؟

ـ ليس لدينا هذا المسؤول أو الحاكم المؤثر في الشعب بشكل كبير فليس لدينا هذا التواصل الكبير ومشكلة العرب في هذا الأمر أن الباب المواجه للفكر ليس الحكم كما هو في أمريكا وأوروبا أي أن الفكر لايؤخذ بعين الدراسة والاعتبار لإصلاح الحكم إنما الباب المواجه للفكر والرأي في العرب هو السجن، وقراراتنا ينتهي مفعولها فور وصولنا الي منزلنا أي أنها لا تؤثر في الواقع ولا تغير منه فالوضع العربي وصل الي طريق مغلق لا يستطيعون الخروج منه.

.. جلس جهاد الخازن في بساطة إعلامي ممتلئ بالثقة وتواضع من أثقلته الخبرة يستحضر ذكرياته وهو الرجل الذي جالس الرؤساء دخل قصورهم وعقولهم وقلوبهم استمع اليهم كثيرا وانتقدهم أحيانا ورغم اعترافه بأن فيهم من هو سييء إلا أنه يؤكد دائما أن الأسوأ علي الإطلاق هي الإدارة الأمريكية وما يسمون بالمحافظين الجدد الذين دمروا العراق وحرضوا علي الاعتداء علي لبنان ودكوا غزة علي رأس أبو مازن.. فتساءل إذا كانوا يفعلون هذا بحلفائهم من يصفونهم بأنهم رجال سلام فماذا يفعلون بأعدائهم؟

لذا سألته عن رجال السلام حلفاء أمريكا واتهامهم بخيانة قضايا بلدهم وقبل أن أذكرهم له وكأنه يعرفهم

ـ فأجابني سريعا: أرفض تخوين السنيورة وطالباني وأبو مازن فهم وطنيون، لايوجد شخص بينهم خائن والتخوين خطأ فادح كل الناس بتطلع علي كل الناس أنها خائنه وهذا حرام وعيب.. وان كان هناك جواسيس حقيقيون ساهموا في تدميرالعراق ورغم أن زمان كان الجاسوس عار علي أهله وبنات عائلته لايتزوجن، الآن الجواسيس ساهمت في تدمير العراق وسعت في نفس الوقت للحصول علي منصب وزير فقد انتفي العيب ولم نعد نعرفه.

.. من تقصد بالجواسيس إذن؟

ـ هم كثر للأسف منهم المجلس الوطني العراقي الذي وفر المخابرات الزائفه ليبرر الأمريكان حربهم علي العرق وبدلامن الاختفاء خزيا وعاراً أصبحوا وزراء مسؤولين عن المناقصات حيث السرقة أومسؤولين عن النفط حيث لا توجد عدادات، فالعراق يتعرض لأكبر عملية سرقة ونهب في العالم.

.. من أكثر رئيس قابلته.؟

ـ الملك حسين أعرفه لمدة ٢٥ عاماً وأبو عمار لمدة ٣٠ والفرق بين الملك حسين وبين الرئيس مبارك أن الأول حذر في حين مبارك عفوي..

.. الملك الحسن الثاني؟

ـ كان يعتقد أنه أمير المؤمنين وأذكر أنني سألته يوما من هم المسلمون فأجابني نحن حسمناها المسلمون تبع المذاهب الأربعة والشيعة الجعفرية الإثني عشرية مثل لبنان وإيران والزيدية مثل اليمن الإباضية وهم أصلا من الخوارج، منهم في عمان ومجموعه في الجزائر والمغرب وعندما أقام الملك عبد الله الثاني مؤتمراً إسلامياً منذ عامين لاحظت وجود ٨ طوائف إسلامية لتكتشف أن الاعتراف بالمسلمين يختلف من ملك الي ملك.

.. ما سبب خلافك مع معمر القذافي؟

ـ لأنني انتقدته بقسوة في حوالي عشر مقالات رغم أنني دافعت عن ليبيا حوالي عشر سنوات بعد حادث لوكيربي وطلع دفاعي خطأ لأنهم وراء حادث لوكيربي ولكن عندما تغير في السنوات الأخيرة وجلب الأمريكان وهادن معهم انتقدت سياسته وعلمت أنه لم يكن مسروراً.

.. أبو عمار؟

ـ ضحك ضحكة لم أستطع تفسيرها والأغرب إجابته التي قالها: أبو عمار حتما كان وطني الا أنه تأخر في السير في الاتفاقات أيام كلينتون ورغم كل العيش والملح بيننا كتبت له يا أبوعمار استقيل، أبو العمار ديمقراطي ويقبل النقد "ينتقد اليوم ويعبط ويبوس تاني يوم ".

.. السلطان قابوس؟

ـ عندما استلم عمان من والده لم يكن في البلد سوي طريق واحد مسفلت طوله عشرة كيلو مترات وعندما عدت اليه عام ٩٥ أي بعد عشرين عاما وجدت مدارس وفنادق وإعماراً بل ومن أكثر دول الخليج تقدما لذا لا نستطيع نقد أحد طوال الوقت.

.. وما موقفك من صدام حسين؟

ـ أنا ضده قبل اعتدائه علي الكويت وبعدها بسبب ما فعله بالأكراد والشيعه وبعشيرته وقتله لأهل بيته.. ومع ذلك ورغم وجود حكام عرب سيئين إلا أن أمريكا هي الأسوأ علي الإطلاق وهذا ليس تبرئة للحكام العرب.

.. لماذا هذا الخوف العربي من امتلاك إيران لسلاح نووي رغم أنه تعزيزمن شأن المنطقه أم أنك تري وجود نوايا إيرانية لاستخدام هذا السلاح ضد العرب؟

ـ إطلاقا هذا مستحيل ولكن إيران لديها طموحات إقليميه وهذا مايخيف دول الخليج منها، وعندما تحدثت مع عدد من وزراء خارجية الخليج اكتشفت أن مستوي القلق أعلي بكثير مما قدرت وهنا يوجد نوع من الغطرسة الإيرانية تجاه العرب ورغم أنني معه ضد إسرائيل لكنني ألقي باللوم عليه لأنه لم يكلف خاطره أن يقطع الخليج ولم يفكر في أن يطمئنهم.

أما عن رأيي أعتقد أن إيران تعمل علي برنامج نووي عسكري وأري أنه من حقها وأؤيد ذلك مادام سمح لإسرائيل بامتلاك نفس السلاح وإذا أرادوا إخلاء المنطقة من هذا السلاح عليهم إخلاء إسرائيل أيضا، فإما أن يمتلك الشرق الأوسط جميعا أو يتوقف الجميع.

.. هل قابلت الرئيس أحمدي نجاد؟

ـ كنت في الأمم المتحدة وألقي الرئيس أحمدي نجاد خطابا جيدا إلا أنه قال فيه إن ديننا الإسلامي يمنعنا في الحرب من امتلاك سلاح نووي فذهبت إليه وهنأته علي خطابه وقلت له كنت أجرأ من كثير من الرؤساء العرب ولكن الله يخليك فخامة الرئيس قل لي في أي سورة أو في أي آية في القرآن جاء ما قلته فترجموا له حديثي باللغة الإيرانية ففوجئت به يسلم علي ويقول شكراً شكراً ولا أعرف إذا كانوا لم يترجموا له ما قلته أم أنهم ترجموا وهو أراد الهروب من الإجابة.

.. ما رأيك في «الآنسة» كوندوليزا كما تناديها أنت؟

ـ السود أكثر تعاطفا مع العرب وهذا علي مسؤوليتي لأنني عشت في أمريكاوأعرفهم جيدا.

.. وهل تعتقد أن كوندوليزا أكثر تعاطفا مع الشرق الأوسط؟

ـ بل قولي إنها أفضل من دونالد رامسفيلد وديك تشيني.

.. كلام أولمرت عن الإرهاب؟

ـ كحديث الغانية عن الشرف.

.. هل سبق وتراجعت عن مقال؟

ـ لم أتراجع عن مقال.. لم أسحب مقالاً.. لم أعتذرعن مقال وهذا تاريخي الذي أفخر به.. ورفعت علي مرة دعوي قضائية من قبل شخص كتبت عنه فخسرها في المحكمة وخسرها في الاستئناف وبصراحه القانون البريطاني عادل فلو أنني تخاصمت مع توني بلير سيعاملنا القاضي علي حد سواء بعكس مايحدث في العرب.. فالرأي في الخارج مقدس فأنت حر في رأيك لكن المعلومات يجب أن تكون دقيقة وإذا أخطأت في معلومة تحمل النتيجة القاسيه.

.. متي تكتب مذكراتك؟

ـ عندما أنوي أن أسمع كلمة البقية في حياتك.

--------------------------
نشر في المصري اليوم 24/11/2006
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=38504

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون