في الممنوع 4-4-2007

في الممنوع 4-4-2007
-------------------
بقلم الكاتب الكبير الراحل مجدى مهنا* ٤/ ٤/ ٢٠٠٧
---------------------------------------------------
أصابني الذهول وأنا أطالع عناوين الجزء الأول من الحوار، الذي أجرته الزميلة رانيا بدوي في «المصري اليوم»، مع الدكتور محمود أمين العالم - الذي نشر أمس - ولم أنتظر قراءة الجزء الثاني منه، للتعليق عليه مرة واحدة.

أعلن الدكتور «العالم» عن تشكيل تنظيم شيوعي سري، يعمل تحت الأرض، ويضم كبار المثقفين والمفكرين والسياسيين، مع تجمعات عمالية وشبابية، وينتشر في جميع محافظات مصر، وهو الذي حرك المظاهرات العمالية الأخيرة، وأن هذا التنظيم له رؤية وأهداف واضحة ومحددة، وله برنامج سياسي، يعمل من خلاله، ويسعي إلي تنفيذه، عبر مراحل مختلفة.

ورفض «العالم» الإفصاح عن أسماء قيادات التنظيم، حتي لا يلقي القبض عليهم، وإن كان هو لا يخشي علي نفسه من السجن، لأنه أخذ حظه ونصيبه الوافر منه في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، كما أنه أصبح في سن متقدمة «٨٥ عاماً»، وليس في حساباته الخوف من العودة إلي السجن مرة أخري، أو ربما بني حساباته علي أن السلطة لن تفكر في اعتقاله، وهو في هذه السن المتقدمة.

والذي أذهلني أن يعلن «العالم» عن هذا التنظيم السري، وأن يصرح بأنه أحد أبرز قياداته، وأن التنظيم يتحرك وسط الجماهير والعمال.. بهدف الوصول إلي السلطة بإرادة شعبية، وأن التنظيم يفكر في ترشيح بعض من أعضائه في الانتخابات، لكن ليس تحت مسمي «شيوعي» أو تحت راية التنظيم.

ومن كلام الدكتور محمود العالم.. يبدو لي أن الشيوعيين يريدون تكرار تجربة جماعة الإخوان المسلمين، التي تطلق عليها الدولة وأجهزتها اسم «المحظورة»، ويستفيدون من خبرة الجماعة في العمل السياسي، إلي جانب تراكم خبرة الشيوعيين في لعبة السياسة.. وربما يفكر التنظيم السريللشيوعيين في استخدام الكثير من الأساليب والآليات، التي تلجأ إليها جماعة الإخوان، التي كثيراً ما تعجز أجهزة الأمن عن الوصول إليها.

السؤال المنطقي والمهم هو: لماذا الإعلان الآن؟ ولماذا يظهر تنظيم شيوعي سري؟ ولماذا الإعلان عنه باسم أحد أبرز قادته؟ وكيف ستتعامل معه الدولة وأجهزتها؟

هل ستخف الدولة من قبضتها علي الجماعة المحظورة، لكي توزع قوتها وسطوتها علي محاربة التنظيمين: الإخواني والشيوعي معاً؟

إن الإعلان عن هذا التنظيم، وبهذه الصورة، وفي صحيفة «المصري اليوم»، التي تحظي باحترام وثقة القارئ.. يكشف عن أن التنظيم انتهي بالفعل من صياغة كل شيء خاص بعمله وبخطة تحركه حالياً، وفي المستقبل.. وهذا ما كشف عنه الدكتور محمود أمين العالم،

بقوله: نحن جهزنا أنفسنا لجميع الاحتمالات.. وأننا أعددنا صفاً ثانياً وثالثاً، إذا ما ألقي القبض علي قيادات التنظيم.. ثم هناك خطة الطوارئ، يقوم علي تنفيذها كوادر سرية، لن يعلن عن أسماء أعضائها في أي وقت.

إن ظهور تنظيم شيوعي سري، وإعلان أنه هو الذي قام بتحريك المظاهرات العمالية الأخيرة، يؤكد أن الحياة السياسية والحزبية لم تستوعب بعض القوي في الشارع.. وأن الديمقراطية التي نعيشها مريضة وعاجزة عن العبور بنا إلي بر الأمان..

وأن حالة الاحتقان السياسي سوف تزداد وتشتد.. وربما نحن مقبلون علي مناخ يدعو إلي العنف في المجتمع، ويحاول كل فصيل سياسي من خلاله، أن يبحث عن خلاصه بطريقته الخاصة.. كما يؤكد أيضاً ظهور التنظيم الشيوعي السري، أن أجهزة الأمن فشلت في الوصول إليه.. بدليل تركيز كل جهودها علي الجماعة المحظورة فقط.

إنني أتوقع في ظل هذا المناخ السلبي، وفي ظل تفكير غبي ومتسلط يسيطر علي عقلية الحزب الحاكم.. لا يفكر سوي في مصلحة القائمين علي أمر هذا الحزب، أن تظهر أحزاب سرية أخري، شيوعية وغير شيوعية.

إن الحوار الذي أجرته رانيا بدوي مع الدكتور محمود أمين العالم، هو أكبر خبطة صحفية في تقديري، ظهرت في السنوات الخمس الماضية.. وهو أخطر ما قرأت حتي الآن.. إذا كان كل ما قرأته صحيحاً.. وكل الدلائل والمؤشرات والنتائج تؤكد أنه صحيح.. وعلي الدولة أن تعيد حساباتها.. وألا تعمل علي الوصول إلي نقطة اللاعودة بنفسها.
-----------------------------------------------------
نشر في المصري اليوم بتاريه 4-4-2007
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=53582


* تحية تقدير وحب وإشادة للكاتب العظيم الراحل، الذي علمنا التفاني في العمل، والصدق مع القارئ، كما علمنا تحري الموضوعية والصراحة وتقصي الحقيقة بلا خوف أو تراجع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون