خالد بن لادن

«المصرى اليوم » تنفرد بأول حوار مع الشقيق الأكبر لأسامة بن لادن
خالد بن لادن: «الإرهاب» مسرحية كبيرة فيها ممثلان فقط
------------------------------------
حوار رانيا بدوى ١/ ٥/ ٢٠٠٧
---------------------------------

هي المرة الأولي التي يتحدث فيها للصحافة المصرية والعربية بل والعالمية.. أبعد نفسه وأخوته البالغ عددهم «٥٤» أخا وأختا عن لعبة الأضواء، وفوضوا أخاهم الدكتور عبدالله خريج جامعة هارفارد للإدلاء بالتصريحات الإعلامية نيابة عن الأسرة، وفي حالات الضرورة القصوي فقط..

بينما التزم الجميع الصمت لسنوات طويلة.. إنه المهندس خالد بن لادن الشقيق الأكبر لأسامة بن لادن، الذي يدلي بأول حديث صحفي في حياته في استثناء وحيد من هذه القاعدة الصارمة..

بعد حوالي ٦ أشهر من المفاوضات.. وعشرات الاتصالات وصيغ الإلحاح.. وساعات من محاولات الإقناع.. كانت تضيع كل مرة هباء، لإصراره الشديد علي عدم الحديث، فضلاً عن رحلات عمله المتكررة خارج البلاد.. إلي أن جاء آخر اتصال به في منتصف الشهر الماضي ليحسم الموقف وقد رفض الحديث نهائياً قائلا: إنسي هذا الموضوع ولا تتعبي نفسك معي».. فأجبته والأمل مازال يملأ صوتي: «عموما أشكرك علي دعوتك لي علي فنجان قهوة».. وعندها ضحك حرجا، وقال: أهلا بك في أي وقت.. وعلي ما يبدو أنه أراد أن يتخلص من مطارداتي..

وربما رأف بحالي وما بذلته معه من مجهود.. ففوجئت به يقبل إجراء المقابلة بعد أن فرض شروطه بأن يقتصر الحديث علي الاستثمار والخيل وحدهما ولا شيء ثالث.. باعتباره رجل أعمال وأول المؤسسين لجمعية الخيل المصرية وبدون قصد منه وعن عمد مني جاء الحوار معه متنوعا بين شواغل السياسة وآفاق الاستثمار ومحاولة فك ألغاز الإرهاب.. في لقاء بدأه كلانا بحذر.

قبل الجلوس إليه في عزبته علي مشارف الجيزة، والتي تبلغ مساحتها ٥٠ فدانا.. وأنا أتجول بعيني في المكان من حولي.. سألت نفسي عن فداحة الثمن الذي ربما يكون هذا الرجل قد دفعه بسبب انتمائه إلي نفس الأسرة التي خرج منها أخوه الذي يشغل العالم كله بأخباره؟ أي ظروف استطاع فيها هذا الأخ الأكبر أن يبني علي أرض مصر قصة نجاح تعكسها مشروعات تترجم بمليارات الجنيهات؟ كيف نجح في الصمود، رغم الظل الثقيل الذي يلقيه اسم أسامة بن لادن ويلاحق باقي الأسرة في أي مكان يذهبون إليه؟

.. سألته: ماذا تفعل بالضبط في مصر؟

ـ أنا نائب رئيس مجلس إدارة شركة مراسم التابعة لشركة بن لادن للمقاولات في السعودية.. وقد انتهينا مؤخراً من عمل توسيعات في مطار شرم الشيخ وهو ما يعد نقلة نوعية في عالم المقاولات في مصر من حيث التكنولوجيا الموجودة به والتصميم.. كما ساهمنا في بناء بعض المدن الجديدة مثل دريم لاند والرحاب وبيننا وبين عدد من الشركات تعاون مثل شركة إعمار.. لكننا لا نقدم إلا الأعمال شديدة التميز وليس مجرد أعمال مقاولات عادية.

.. ما حجم استثمارات مجموعة بن لادن في مصر؟

ـ الشركة الأم في السعودية يتفرع منها عدة شركات في أغلب الدول العربية، وكل أخ منا مسؤول عن شركة بتخصص مختلف، فلدينا شركات خاصة بالمقاولات وأخري للمطارات، وثالثة لتصنيع الملابس ورابعة للتوريدات وخامسة للمحافظ المالية.. بالإضافة إلي شركات البترول والأعمال البحرية.. وكل هذه الشركات لها أفرع في مصر لذا يصعب تحديد استثمار كل شركة.

.. وليكن بالتقريب؟

ـ لو تحدثت عن شركة المطارات التي أنا مسؤول عنها، تقريبا يصل حجم الاستثمار بها إلي نصف مليار.

.. ما مدي صحة عزم شركة بن لادن فتح أعمال جديدة في مصر بحوالي ٣٥ مليار جنيه؟

ـ هذه الأعمال الجديدة لها مسؤولون آخرون من إخوتي فليردوا هم علي ذلك.. فأنا أتحدث فقط في اختصاصي.

.. كيف تري نسبة استثماراتكم في مصر بالنسبة للدول العربية؟

ـ قليلة.

.. وما السبب؟

ـ ربما عدم استقرار السوق المصرية ومعوقات الاستثمار.

وهنا حاولت أن أنتهزها فرصة للدخول في أكثر المناطق الشائكة، إنها منطقة أسامة بن لادن.. هل يتبرأون منه حقيقة أم اضطرتهم الضغوط السياسية لذلك؟ هل يرونه متورطاً في كل ما حدث أم أنها مسرحية للحصول علي بترول العرب، تم إقحام اسم بن لادن فيها باعتباره من أكبر عائلات السعودية.. عشرات الأسئلة، ولكن هل سيجيب خالد بن لادن عنها؟.. حاولت وكفاني شرف المحاولة.

.. سألته: هل المعوقات التي أشرت إليها في مجال الاستثمار زادت بعد أحداث ١١ سبتمبر؟

ـ لا أعتقد فهي معوقات لها علاقة بالنظام في مصر ولم تتغير بالنسبة لنا بعد أحداث ١١ سبتمبر.

.. هل يعني ذلك أنكم لم تتعرضوا لأي مضايقات أمنية في مصر باعتباركم أشقاء أسامة بن لادن؟

ـ لا لم يحدث.

.. ما السبب في رأيك؟

ـ نحن موجودن في مصر منذ الخمسينيات والقيادة السياسية المصرية تعرفنا جيدا ويعلمون بأنشطتنا وتوجهاتنا ويعلمون أننا ليس لنا علاقة لا من قريب ولا من بعيد بأحداث سبتمبر ولا غيرها.

.. ألم يتم استدعاؤكم بعد أحداث سبتمبر للحصول علي أي معلومات؟

ـ إطلاقاً.. لأنهم يعرفون أننا لا نعرف عنه شيئاً وبيننا وبينه قطيعه منذ سنوات طويلة حتي من قبل أحداث سبتمبر.

.. ماذا كنت تفعل وقتها؟

ـ كنت أعمل في تجديد مطار القاهرة القديم وتوسيع المهبط الخاص به وهو مكان حساس جدا كما تعرفين، ومع ذلك أكملنا أعمالنا فيه بشكل طبيعي.

.. هذا بالنسبة لمصر، ولكن ماذا عن أخوتك في الدول الأخري؟

ـ أحيانا يتعرضون لبعض المواقف العارضة، ولكن في النهاية لا يصح إلي الصحيح.

.. بعيدا عن الأنظمة والحكومات كيف هي علاقة الناس العاديين بكم؟

ـ الناس تعاملني بنفس الطريقة التي كانت تعاملني بها من قبل، فأنا كما قلت موجود هنا منذ فترة، ولن يحدث تغيير بين يوم وليلة.. الناس يكنون لي نفس المحبة والاحترام الذي أبادلهم إياه.

.. اسم بن لادن أصبح يرتبط في أذهان كل العالم تقريبا بالإرهاب فما ردك؟

ـ أنا أفخر بأني بن لادن.

.. ما رأيك بشكل عام في الأزمة؟ وكيف تري تعامل المجتمع الدولي مع أخيك؟

ـ هي مسرحية كبيرة جدا لأغراض اقتصادية يتقاسم بطولتها ممثلان كبيران.. ولم يكن لنا أي دور في هذه المسرحية ولا نحن حتي ممثلين فيها فقط كنا في مرمي بطلي المسرحية.

.. عفوا لم أفهم بالضبط ماذا تقصد بالبطلين؟ هل هما أمريكا وإسرائيل؟ ومن أنتم؟

- أترك ذلك لذكائك.

.. هل تقصد أن عائلة بن لادن كانت في المرمي.

- أفهمي ما شئت.

وامتنع عن الكلام.. واستأذن لصلاة المغرب.

وقتها شعرت بأنه ربما لن يكمل الحديث في هذه المنطقة وربما يعطيني فرصة للتخلي عن أسئلتي أو قد يتعلل بانشغاله.. هواجس كثيرة انتابتني أثناء غيابه في الصلاة وبدأت سريعاً أضع سيناريوهات التعامل معه من جديد.. وإعادة صياغة أسئلتي وترتيبها علي نحو ينقذ بقية الحوار ويضمن عدم غضبه وفور عودته وجدتني تخليت عن كل ما رسمته من تصورات.. وسألته مرة ثانية في نفس الموضوع فاحترم إلحاحي، الذي لم يحترم رغبته في عدم الحديث.

.. هل أنتم كعائلة ترون أسامة مجاهداً أم إرهابياً؟

- العالم هو الذي يحكم عليه ولست أنا.

.. أنت أخوه؟

- منذ زمن والعائلة أعلنت انفصاله عنا ورفضنا لأفعاله وأنا منهم.

.. هل حاولتم الاتصال بأخيكم لردعه ونصحه بدلاً من إعلان التخلي عنه؟

- في البداية كانت هناك محاولات كثيرة ولكن عندما رفض الامتثال لنا قطعنا الاتصال به.

.. هل لديك حنين شخصي لأخيك؟

- الفترة التي كنت أدرس فيها في مصر لم يكن بيني وبين أسامة علاقة كبيرة فقد كنت أذهب إلي جدة في إجازة الصيف أسبوعاً أو أسبوعين في العام والتقينا فترات معدودة بعكس أخوة آخرين أقضي معهم وقتاً أطول.

.. في رأيك ما الذي يدفع شاباً ثرياً مرفهاً للإقامة في العراء.. ويترك النعيم إلي حياة المطاريد؟

- هو يسأل عن ذلك.

.. هل لديك أي معلومة بشأن ما إذا كان أسامة علي قيد الحياة أم تم اغتياله؟

- كيف لي أن أعرف!!

.. هل أنت الأخ الوحيد من أم مصرية؟

- بل لي أخ وأخت آخران.. وباقي الأخوة من أمهات سعوديات وسوريات.

.. ما ترتيبك بين الأخوة؟

- بين الرجال ترتيبي السادس، ولكن بين الأخوة والأخوات جميعاً.. لا أعرف بالضبط.. لأن بعض الأخوات في السعودية لم تقيد أسماؤهن فلم يكن هناك وعي بتقييد المواليد كما هو الآن.

.. هل هناك قيود علي دخولك أمريكاً وأوروبا؟

- في الفترة الأولي حاولت تجنب السفر خارج مصر، فظللت حوالي عامين لا أسافر لأي بلد، حتي هدأت الأمور ووقتها بدأ فرز الأسماء بالكمبيوتر وكان اسم بن لادن علي قائمة المطلوب الاستعلام عنهم حتي اتضحت الصورة وتأكدوا من أننا بعيدون عن أي شبهة.

.. وكم مرة سافرت إلي أمريكا بعد أحداث سبتمبر؟

- ولا مرة.

.. ما السبب؟

- لم تحدث ظروف تدفعني للسفر لكن أظنني سأطلب تأشيرتهم قريباً.

.. ما سبب سفرك؟

- لا تعليق.

.. وهل تعتقد أنك ستحصل عليها؟

- نعم أعتقد ذلك.

.. هل سافرت لدول أوروبية؟

- كثيراً.

.. هل جمدت أرصدتكم أو حوصرت استثماراتكم في أمريكا أو في أي دولة أجنبية؟

- لا.. لأن كل تعاملاتنا نظيفة وواضحة للجميع.

.. هل عدم احتكاك الأمريكان بكم يرجع فقط لكون استثماراتكم نظيفة أم لعلاقات جيدة تربطكم بهم؟

- الأمريكان يعلمون عنا كل شيء وأي شيء.. استثماراتنا.. أموالنا وكذلك جهات الإنفاق.. فهم يعرفوننا جيداً.

.. إذن تربطكم بهم علاقات جيدة؟

- هم يعرفوننا أكثر من أنفسنا.

.. أعرف أن شركة بن لادن أنشأت عدداً من المؤسسات الأمريكية؟

ضحك وكرر علي نفس الإجابة: قلت لك إنهم يعرفوننا أكثر من أنفسنا، فاكتفيت بذلك وانتقلت لسؤال آخر.

.. إلي أي مدي هناك مبالغة فيما ينسب إلي أسامة بن لادن في وسائل الإعلام؟

- الإعلام يكتب ويذيع ما يريده الناس حتي تزيد نسبة مبيعات الجريدة أو القناة.

.. وماذا عما ذكر عن عمل ابنة أحد أخوتك في التمثيل وغيرها من الأخبار؟

- كما قلت كلها محاولات لبيع الصحف والمجلات.

.. لماذا لا تحاولون التدخل خاصة أن مثل هذه الأشياء قد تسئ إلي اسم العائلة بأكملها؟

- إذا رفعنا قضايا سندخل في دائرة الصراع ونحن لا نحب الدخول في هذه الدائرة، بل بالعكس نتركه يكتب مرة واثنتين وثلاث ثم يبحث عن موضوع آخر بعدها.

.. سمعت أن لديكم بيتاً في القدس فما مصيره الآن؟

- البيت ليس به أحد.. فمن سيقطن بيتاً يقع داخل منطقة الاحتلال بل لا نعرف هل البيت مازال موجوداً أم تم هدمه.. وأنا عن نفسي ليس لدي معلومة عنه.

.. ما مستوي علاقتكم بالعائلة المالكة في السعودية؟

- علاقة طيبة.. والدنا رحمه الله كان في خدمتهم ونحن إن شاء الله نسير علي نفس النهج.

.. هل علاقتكم بالأمن المصري جيدة؟

- اسأليهم.

وهنا كان يجب أن أتوقف عن ملاحقته بأسئلتي وعن كل ما يتعلق بأخيه وأنا أتابع إجاباته الحذرة والمقتضبة لصعوبة موقفه علي كل المستويات ونقلت الكرة إلي ملعب الاستثمار في مصر فسألته:

.. في رأيك ما هي أبرز معوقات الاستثمار، التي عانيت منها كمستثمر عربي؟

- بالدرجة الأولي يعتبر تغيير القوانين الخاصة بالاستثمار فجأة ودون سابق إنذار للمستثمرين كارثة.. فالمستثمر الذي حضر إلي مصر وضع دراسة الجدوي الخاصة به، علي أساس القوانين الحالية وبدأ يحسب مؤشرات الربح والخسارة، والتغيير المفاجئ يؤدي إلي خسائر فادحة للمستثمر بل وتعثره في كثير من الأحيان.. وبالتالي خسارة كبيرة لمصر.

.. هل كانت لك تجربة شخصية مع هذا النوع من المعوقات؟

- سنت قوانين - خصيصاً - لتشجيع الشركات الأجنبية، علي الاستثمار في مصر.. وسعدنا بذلك في البداية، ثم فوجئنا بأن الوزير وقع علي لائحة، تم التعامل بها علي أنها قانون، وهي اللائحة التي نسفت كل التسهيلات التي وضعتها الحكومة لصالح المستثمرين الأجانب وطلب مني أن أعدل وضع شركتي علي أن يكون أعضاء مجلس الإدارة بالكامل من المصريين،

وهو ما دفعني للتساؤل كيف يسمي هذا القانون بأنه قانون للمستثمرين الأجانب مادام مجلس الإدارة بالكامل من المصريين؟ بل وما قيمة القانون من الأساس مادام قد أهدر بلائحة.. مع العلم أن شركتنا بها حوالي ٢٠٠٠ موظف ومهندس وعامل مصري، كما أن مجلس الإدارة بالكامل من المصريين باستثناء اثنين من السعوديين، ومع الإصرار والتعنت اضطررت لتصفية هذه الشروكة وتسريح ٢٠٠٠ عامل كما صفيت أعمالي مع القطاع العام، وأصبحت أعمل مع البنك الدولي فقط حتي لا أدخل في مهاترات.

.. إذن بماذا يمكن وصف الاستثمار في مصر؟

- يوجد عقم في التعامل مع المستثمرين، وباختصار من أتي للاستثمار في بلد «حيوجع قلبه ليه؟» فالمسؤولون يجب أن يعلموا أن المستثمر مطلوب في كل الدول وإذا لم تتوافر له التسهيلات الأساسية لعمله ستغريه دول أخري بكل الطرق لينتقل بأمواله إليها.

وتابع المهندس خالد حديثه عن مشاكل الاستثمار في مصر بجملة تستحق أن نتوقف عندها كثيراً، قال: الطبيعي في أي دولة أن تجد السياسة في خدمة الاقتصاد ولكن لو حدث العكس سيكون ذلك تدميراً للاقتصاد.

.. أبديت ملاحظات علي التعامل مع مشاريع الشباب في مصر قبل الحوار، فكيف نخدم الشباب من وجهة نظرك كمهندس ومقاول؟

- الحل في المدن المتكاملة، فبدلاً من إنشاء مدن سكنية فقط يمكننا إنشاء مدن سكنية ولكن بها مؤسسات للعمل أو مصانع وهنا ستكون الاستفادة مضاعفة، ومثل هذه المدن علي الحكومة بناؤها لأن الشباب الذين تخرجوا في الجامعة لا يملكون الإنفاق علي أنفسهم فكيف سيبنون بيتاً أو يزرعون أرضاً، ولكن بشرط أن يشارك الشباب بأفكارهم في بنائها عن طريق عمل جمعية عمومية لهذه المدينة يكون أعضاؤها من الشباب ويكون لهذا المشروع مجلس إدارة من المسؤولين وذوي الخبرة، ولأن الشاب ليس لديه ما يمكنه من دفع ثمن هذه الشقة، لذا يمكن أن يسدد ديونه ساعات عمل، أقصد في النهاية أن نبحث عن أفكار جديدة متكاملة يمكن من خلالها خدمة الشباب.

.. هل تعتقد أننا نستفيد من أخطائنا في الإصلاح والتنمية؟

- من الواضح أمامنا الآن «لا».. والدليل أننا لا نجري تقييماً لمشروعاتنا بعد الانتهاء منها لنعرف مدي نجاحها أو فشلها، فمثلاً وزعت وزارة الزراعة مئات الأفدنة الصحراوية علي الشباب لاستصلاحها، فهل أجرت أي دراسات وإحصائيات لتعرف كم منهم زرعوا وكم باعوا؟، الإجابة أن من زرعوا نسبة قليلة بالنسبة لمن باعوا أراضيهم لرجال الأعمال والمستثمرين، لأن زراعة واستصلاح الأراضي الصحراوية أمر مكلف للغاية، لذا يجب علي الجهات المسؤولة دراسة المشروع حتي تتعرف علي أسباب الفشل وتضع خطة عمل جديدة للحصول علي نتيجة أفضل من أجل المشروعات القادمة.

كان بديهياً وأنا أري من حولي الخيول السارحة علي امتداد البصر في مزرعته أن أتذكر المعلومة التي تقول الشخص الوحيد الذي يمتلك ملاعب متطورة للغاية للتدريب علي سباق الخيل ومضماراً علي المستوي العالمي لقفز الحواجز وبالتالي سألته:

.. دخلت في مشاكل كثيرة مع وزارة الزراعة بسبب الخيل، فما السبب؟

- مجاراة للتكنولوجيا طلبت من الوزارة استيراد السائل المنوي لخيل في الخارج معروف عنها جودة الإنتاج لتحسين السلالات إلا أن المسؤولين رفضوا رغم أن تكلفة هذا الاقتراح أقل كثيراً بالنسبة لمربي الخيول من شراء «طلوقة» لا يقل ثمنها عن ١٠٠ ألف جنيه، بل إنه نظام معمول به في مصر مع الأبقار بل ومعمول به في العالم كله مع كل الحيوانات خاصة الخيل، ونحن في النهاية لا نخترع شيئاً.

.. وهل تعاون معك المسؤولون بعد حصول خيولك علي المراكز الأولي في المسابقات الدولية؟

- بالعكس تقابلنا مشكلات عديدة بداية من صعوبة إنهاء أوراق سفر الخيل وحتي الحجر الصحي الذي يتم احتجاز الخيل فيه وهو مكان سيئ للغاية، بدعوي تشكيل لجنة لفحصها، كما أنهم يتعاملون مع ملكة جمال الخيول التي رفعت علم مصر في أوروبا وأمريكا بطريقة غير محترفة وهم لا يعلمون أنه لو كسرت لا قدر الله ساق ملكة الجمال فلن تحصل مصر علي جوائز مرة أخري، ففي أي دولة تجد المسؤولين يدفعون مثل هذه الأنشطة إلي الأمام، أما نحن فنتعب وننفق آلاف الجنيهات لرفع علم مصر، ومصر هي التي تجرنا إلي الوراء.

فنان في دنيا الخيول


المكان الذي أجريت فيه الحوار مع المهندس خالد بن لادن يلفه الجمال.. وهذا طبيعي، فالرجل خريج كلية الفنون الجميلة.. المنضدة التي أمامنا صنعها بنفسه من قطع الموزاييك وخلفنا لوحات رسمها بأنامله.. في مكتبه في العزبة تراصت كتب ومترجمات كانت عنوان عمق هذا الرجل الذي يكاد لا ينفعل.. يضحك في حذر ويتحرك في سكون..

ولا يمل من تذكر رحلة كفاح أبيه عامل البناء البسيط الذي أصبح وزيراً للأشغال.. والذي ورث منه النظام الذي تحول إلي إدمان.. فهو يستيقظ مبكراً.. يأكل طبق البطيخ قبل أي وجبة حتي يشعر بالشبع سريعاً فلا يزداد وزنه.. يشرب الشاي في كوب صغير ويقدم له السمك والجمبري بلا قشر ولا شوك..

يملك أكثر من سيارة مرسيدس وجيب.. واحدة لشؤون العزبة وأخري للمنزل وثالثة لمشاوير وسط البلد، أما الشبح فهي كما قال عنها المهندس خالد لزوم الحفلات والمناسبات.. لا يرتدي البدلة الرسمية إلا في أضيق الحدود.. والغريب أنني كلما سألته عن حال البلد أجاب وعلي لسانه جمل «نحن في مصر.. حكومتنا.. مسؤولينا.. مجتمعنا» حتي بدأت أشك في كونه سعودياً وابن محمد بن لادن..

يختفي لساعات طويلة عن الأعين يقضيها هناك وسط حبيباته يداعبهن ويداعبنه.. من وقع في عشقهن بما قبل النظرة الأولي.. فهو لا يعشق إلا ملكات الجمال.. شربات.. محلة وقوت القلوب.. إنهن الفرسات اللاتي رفعت علم مصر في المسابقات الدولية وحصلت علي لقب ملكة جمال مصر وأوروبا وأمريكا.

. في مزرعة بها أكثر من ٧٠ فرساً وفرسة من الخيل المصري العربي الأصيل، كل واحد منهما بمواصفاته الجسمانية والجمالية ربما يزن وزنه ذهباً في مزرعة أقرب إلي منظومة متكاملة صممت علي المستوي العالمي، بداية من نظم التربية والمأكل والمشرب والرعاية الصحية وصولاً إلي اعتماد خالد بن لادن علي مجموعة من المدربين الأجانب الذين أتوا خصيصاً من أجل الوصول بالخيل إلي المستويات العالمية..

ولأنه رجل شديد التميز.. فهو يهوي أيضاً اقتناء المجموعات النادرة من نبات الصبار ونخيل الزينة.. وأسعد أوقاته يقضيها مع زوجاته وأبنائه.

-----------------
نشر في المصري اليوم بتاريخ 1/5/2007
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=60068

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون