العرب وإيران.. إلي أين؟

السُنة والشيعة من الاختلافات الدينية إلي الصراعات السياسية
-----------------------------------------------
أجرت الحوارات رانيا بدوي ٢٥/ ٩/ ٢٠٠٨
-----------------------------------------------

«العرب وإيران.. إلي أين؟».. سؤال تاريخي يتردد أحيانًا بقوة، وأحيانًا يخفت، والبداية منذ ما قيل عن تشيع إيران نكاية في العرب السُنة، الذين استأثروا بقيادة الدولة الإسلامية منذ نشأتها، دون إعطاء الفرصة لسكان فارس الأكثر علمًا وثقافة - حسب اعتقادهم - والذين استعان بهم العرب في الدولة الإسلامية ليكونوا وزراء يديرون شؤون الدولة، دون أن ينالوا نصيبهم من التربع علي العرش.

في العقود الأخيرة، أخذ المد والجذب بين السُنة والشيعة، والعرب وإيران، أشكالاً مختلفة، في العراق ولبنان وأفغانستان وفلسطين.. في حرب الخليج الأولي، والموقف العربي المؤازر لصدام حسين..

وردّت إيران بمحاولة استمالة سوريا والتحكم في جزء من لبنان، ووصولها إلي الحدود مع فلسطين..البعض يري ذلك رغبة إيرانية في أن يكون العالم العربي مدًا حيويا لها، خاصة بعدما اتخذت من القضية الفلسطينية موضوعًا مركزيا للوصول إلي وجدان الشارع العربي.

وجاءت أحداث ١١ سبتمبر، واعتبار أمريكا أن الإسلام السُني هو الإرهاب، وهو الهدف الرئيسي لها، وقيامها بضرب «طالبان» في أفغانستان، وإسقاط صدام حسين في العراق، لتكون - بحسب محللين - في صالح إيران، التي اعتبرت نفسها تخلصت من هذا الحصار.

ويعتمد بعض المحللين علي هذين الحدثين في التاريخ كبداية مد شيعي حقيقي، وأكثر حرية في التصرف، مخترقًا الحدود السُنية.

أما الحوار الأخير للشيخ يوسف القرضاوي مع «المصري اليوم» فقد أعاد طرح السؤال مجدداً وبقوة، خاصة مع الرد الإيراني والهجوم الشديد علي آرائه.

وهنا خبراء ومحللون سياسيون يفسرون حقيقة الصراع بين السُنة والشيعة.

------------------------------------------------
محمد سليم العوا
لا يوجد مد شيعي..
وإنما إعجاب بنماذج الشيعة في إسقاط الشاه والمقاومة
------------------------------------------------
الدكتور محمد سليم العوا المفكر الإسلامي ورجل القانون كان أول من بادر بإبداء رأيه فيما قاله الشيخ القرضاوي، وأبدي اعتراضه علي تصريحاته مع الحفاظ والإقرار الدائم بما تجمعهما من صداقة، خاصة أن الدكتور العوا هو الأمين العام للاتحاد العالمي للمسلمين، الذي يترأسه الشيخ يوسف القرضاوي.

* أبديت اعتراضك فور قراءتك الحوار الذي أجريناه مع الشيخ القرضاوي، فلماذا؟

- الشيعة مسلمون تماماً مثلنا يختلفون معنا في بعض الفروع كما تختلف المذاهب السنية مع بعضها البعض.. القول بأنهم يقولون إن في القرآن نقصاً غير صحيح فلا يوجد عالم شيعي يقول بذلك ومسألة أن هناك نشاطاً شيعياً في البلاد السنية تصور بأكثر من حجمها الطبيعي، لاسيما في مصر،

ولا يوجد تبشير بالشيعة كما لو أنه كان ديناً آخر، فهذه مجرد دعوة لمذهب يقوم بها بعض الأفراد المقتنعين بأن من واجبهم الدعوة إلي هذا المذهب، وأنا أعتقد أن الخوف غير مبرر ومصر ظلت ٢٠٩ أعوام شيعية تحت مظلة الحكم الفاطمي، وعندما خرج الفاطميون صباحاً عدنا سنة كما كنا في الليل،

فلا يوجد ما يسمي المد الشيعي أصلاً، إنما يوجد إعجاب بالنموذج الشيعي في إسقاط الشاه، ويوجد إعجاب بالنموذج الشيعي وحزب الله في مقاومة إسرائيل، وأنا نفسي معجب بهذه النماذج، وهذا لا يعني أنني شيعي أو أدعو إلي التشيع.

* هل أنت مع الرأي القائل بوجود أطماع لإيران في المنطقة؟

- هذا ما يريدونه في الغرب أن نخاف من إيران، فلا نتحد معها سياسياً، لأنهم يعرفون لو أن السنة اتحدوا مع الشيعة سياسياً لتغيرت موازين القوي في العالم كله، ولكن المقصود من الدول المهيمنة الكبري ألا يحدث أي تقارب بين إيران والدول السنية.. وأنا أعتقد أن لدي إيران من المشاكل ما يكفيها ولا أعتقد أن لها أطماعاً في المنطقة ولكنها دولة كبري ذات قوة محترمة،

وتري أنه يجب أن يكون لها في إقليمها صوت، ولا يجوز أن تكون دولة من الدرجة الثالثة ومن حقها ألا تأتي دولة مثل أمريكا أو إسرائيل وتنافسها في وجودها في الخليج، فهي جزء من الإقليم وليست مزروعة فيه.

* هذا معناه أنك مع حفاظها علي مصالحها في المنطقة؟

- طبعاً.. أليست مصر هي الأخري لها مصالح في المنطقة.. أليس لسوريا مصالح أيضاً، فلماذا نلوم إيران إذا كانت تحاول الحفاظ علي مصالحها مادمنا نحن لا نستطيع الحفاظ علي مصالحنا، أنا أقر وأبصم بالعشرة بوجود مشروع إيراني سياسي واقتصادي وثقافي في المنطقة، ولكن السؤال المهم: أين المشروع السني؟ أين المشروع المصري وأين المشروع السعودي؟ أين المشروع القديم وهو حلف القاهرة دمشق الحجاز؟ أين هذا المحور؟ مات! فلماذا تريدون موت المحور الشيعي.

* كيف تري الصراع السعودي الإيراني؟

- خطأ كبيراً وضد المصلحة الإسلامية العليا، فالمصلحة الإسلامية العليا تتمثل في التكاتف المصري السوري السعودي الإيراني التركي، إذا استطاعت هذه الدول الخمس أن تصنع فيما بينها تكاتفاً وتنسيقاً في المواقف السياسية والاقتصادية لتغيرت خريطة العالم، وإذا قصرنا فالمقصر سيسأل يوم القيامة.

* هل تؤيد القرضاوي الرأي أم تخالفه في ضرورة عودة الإخوان للعمل التربوي والكف عن العمل السياسي؟

ـ مشكلة الإخوان المسلمين الحقيقية هي في إخفاقهم السياسي، وهم لا يستطيعون في رأيي تقويم الدول، وهذا ليس من العقل في شيء.. وأنا قلت لهم كثيراً اشتغلوا بالتربية، وبما كان يعمل به حسن البنا، وقد وجدت أن الأستاذ عادل كمال وهو من الرعيل الأول في الإخوان أرسل للمرشد العام رسالة بنفس المعني ونشرت في الصحف،

وعلي ما يبدو أن هناك فريقاً داخل الإخوان المسلمين بدأوا يقتنعون بضرورة ترك الإخوان للسياسة والعودة إلي العمل الاجتماعي والتربوي، فنحن لدينا مشكلة أن المواطن العربي المسلم فقد كثيراً من قيمه وأخلاقياته، ونحن نريد من يعمل علي إعادتها.

* هل تخشي علي الإخوان إذا ما عملوا بالسياسة أم تخشي منهم؟

ـ هدف أي فرد أو جماعة من عمل حزب أن ينافس علي الحكم وهذا حقه وأنا مع أي إنسان يريد عمل حزب، حتي لو كان شخصاً واحداً، ولكن جميع القيود الموضوعة في قانون الأحزاب هي قيود تمنع العمل السياسي ولا تتيحه،

وهي خطيئة فقد ينبت العمل السياسي الحر زعامات وقيادات سياسية من الإخوان أو من غيرهم أفضل من الموجودة الآن، فلماذا نحرم الأمة؟ في الغرب نجد زعامات شابة تتولي أمور الدولة خمس أو سبع سنوات وتأتي بنتائج مبهرة، ثم يأتي غيرها وهكذا.. وهذا بالطبع من تأثير الديمقراطية وحرية العمل السياسي.

* ما نصيحتك لجماعة الإخوان في ضوء الظروف السياسية والأمنية التي يمرون بها؟

ـ أنا أقول لجماعة ضخمة وكثيرة العدد مثل الإخوان المسلمين إذا كانت السياسة ستعيقكم عن العمل ونشاطكم الاجتماعي والتربوي فلتتركوها، واعملوا بالتربية، فما الذي نستفيده من ضرب الإخوان في الانتخابات أو اعتقالهم أو حظر نشاطهم، لكنني سأستفيد منهم في الشارع وفي التربية.


---------------------------------------------------
منصور حسن وزير الثقافة والإعلام الأسبق:
لا يوجد صراع بين العرب وإيران..
وفتور العلاقات وراءه أمريكا وإسرائيل
---------------------------------------------------
منصور حسن، وزير الثقافة والإعلام الأسبق، قامة سياسية وثقافية في مصر، ترصد الأحداث المصرية والعربية والعالمية في صمت تحللها وتضع خطوطاً تحت بعضها مؤيدة أو معترضة أو مبررة، إلا أنها من النادر أن تجهر برأيها إلا علي فترات طويلة.. كان لـ«المصري اليوم»،

وافر الحظ بإقناعه بالظهور علي صفحاتها للرد علي حقيقة الصراع بين العرب وإيران، لما لها من رؤية معتدلة ومختلفة وبما لها في قلوب وعقول الناس من محبة ومصداقية، لذا كان وجوده ضمن هذا الملف إثراءً وإضافة له.. سواء اتفقنا معه أو اختلفنا:

* ما هي حقيقة الصراع بين العرب وإيران؟ وهل تراه في الأصل دينياً؟

- العلاقات العربية الإيرانية خيم عليها في الآونة الأخيرة ما يمكن أن نسميه نوعاً من الفتور، وليس صراعاً بالمعني المفهوم، لأنني أعتقد أنه ليس هناك في حقيقة الأمر أي مجال لصراع ديني أو حتي سياسي مع إيران، فمن الناحية الدينية لا أستطيع أن أخوض في الفروق بين المذهبين السُني والشيعي،

ولكني أثق أن ما بينهما من اتفاق علي أساسيات الدين الإسلامي هو أقوي وأكبر، وهو ما يمكن أن نتمسك به حرصاً علي تماسك الأمة، لذا اندهشت من تصريحات الدكتور يوسف القرضاوي لأنني أعلم أنه عالم إسلامي جليل ومعتدل ومن أكثر المؤمنين بالتقارب بين المذاهب،

أما من الناحية السياسية فلا يوجد أي مجال للخلاف أو الصراع بين العرب وإيران، ولكن ما يخيم علي العرب من فتور كما قلت هو بفعل أمريكا وبإيعاز من إسرائيل التي تري خطورة إيران عليها في المنطقة، ومن هنا تحاول أمريكا عزل إيران وحصارها بإفساد العلاقة بينها وبين جيرانها.

* هل هذا الحصار لحماية إسرائيل أم بسبب الدور الإيراني في العراق؟!

- لا أؤمن بذلك، فالحدة التي تتعامل بها أمريكا مع إيران ليست بسبب العراق، إنما السبب الحقيقي هو خوف إسرائيل من إيران التي تري خطورتها الشديدة عليها، ونتيجة تحيز أمريكا لإسرائيل لذا تحاول أن تكتل أكبر دول عربية في المنطقة ضد إيران،

وما يحدث في العراق هو نتيجة وليس سبباً، بل أصبح من المعروف الآن حتي في الولايات المتحدة الأمريكية أن العدوان الأمريكي علي العراق واستمرار الاحتلال، كان نتيجة لخطة وضعتها المجموعة الصهيونية في البنتاجون الأمريكي بقيادة وولفويتز لحماية إسرائيل والحرص علي مصالحتها.

* قلت ولا حتي صراع سياسي.. إذن ما ردك علي من يقول بوجود مشروع إيراني في المنطقة، وأطماع سياسية تعمل علي تحقيقها؟

- هل حاورنا إيران عن هذه الأطماع؟! إن وجدت حقيقة، هل بذلت أي من الدول العربية الجهد الكافي تجاه سؤال إيران والجلوس معها للتفاهم حول هذه النوايا وهذه الأطماع لإنهائها أو تلاشيها أو تقريب وجهات النظر! بالطبع هذا لم يحدث فنحن سرنا خلف من يقول بهذه الفكرة دون أي مجهود يذكر.

* ولكن إيران تتحالف بقوة مع سوريا ويقال إنها تمد حزب الله في لبنان والشيعة في العراق بالسلاح، فإذا لم يكن لها أطماع لماذا يصل الأمر إلي حد الدعم بالسلاح؟

- أؤكد مرة ثانية أن ما يحدث هو نتيجة وليس سبباً، فلو أن إيران كانت تطمئن للعالم العربي من حولها، ومتأكدة من أنه مسالم بشأنها لما كانت تحاول أن تخترقه وتمد جسورها إلي مواقع تقبل بها، حماية لمصالحها ضد إسرائيل.

ثم إن الذي يدعو إيران لكي تمد جسورها إلي سوريا وحزب الله و«حماس» هو في رأيي محاولة كسر الحصار الذي تحاول أمريكا فرضه عليها وليس لمصالح سياسية في المنطقة،

ولا تنسي أن هذه الأطراف الثلاثة أيضاً هي نفسها الأكثر عداء لأمريكا، وبالتالي تجد ملاذا في اللجوء إلي إيران، وهنا أؤكد أن استقواء العرب بأمريكا ضد إيران خطأ، لأنه من غير الحكمة أن تستقوي علي جارك بالغريب، لأن الغريب قد يهب لنجدتك مرة أو مرتين، أما الجار سيظل جارك أبد الدهر.

* وماذا عن احتلال إيران للجزر الإماراتية؟

ـ لاشك أن للإمارات مطالب حقيقية، وأعتقد أنه لو لم تكن العلاقات العربية - الإيرانية تمر بما تمر به الآن من توجس متبادل لكان من الممكن أن يحل هذا الإشكال بالتفاوض.

* وهل تعتقد أن باقي الدول العربية مؤمنة بفكرة الصراع سواء الديني أو السياسي مع إيران، كما هو إيمان الدول حلفاء أمريكا أو كما يتم تسميتها الدول المعتدلة؟

ـ لا.. بدليل أننا لم نسمع عن أي صراع أو حتي برود بين هذه الدول وإيران، وهو ما يؤكد أن أمريكا استغلت حلفاءها في المنطقة للترويج لهذا العداء، خاصة لقرب هذه الدول جغرافيا من إيران بعكس باقي دول الوطن العربي.

* ربما نتفهم انسياق دول الخليج خلف ادعاءات أمريكا نظرًا لقربها الحقيقي من إيران، ولكن بماذا تفسر موقف مصر من إيران وهي أبعد جغرافيا وغير متضررة بشكل مباشر لو افترضنا وجود صراع ؟

ـ لا تعليق!! وأحيلك إلي ما قلته سابقًا.

* هل تظن بالفعل أن شارعاً باسم الإسلامبولي أو فيلم «مقتل فرعون» أسباب حقيقية للصراع بين مصر وإيران؟

ـ أولاً إيران أعلنت أكثر من مرة عدم مسؤوليتها عن الفيلم، أما اسم الشارع فلاشك أنه سقطة سياسية من طهران، بل ضد قيم الدين الإسلامي الذي تدين به إيران، أن يتم تمجيد اسم شخص قتل آخر بغير وجه حق، وكان علي إيران أن ترتفع عن هذا الموقف وتراعي مشاعر المواطنين المصريين حرصاً علي إقامة علاقات سليمة في المستقبل، ولكن هذا لا يجب أن يكون سبباً للصراع.

* وماذا عن القول بوجود عداء شديد بين السعودية زعيمة السنة وإيران زعيمة الشيعة؟

ـ المتابع لحركة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران خلال العامين الماضيين يجد أن كلا الطرفين يجاهد علي ألا يبقي الوضع متأزما، وألا تتسع شقة الخلاف بينهما، وهذا ليس من شيم المتصارعين بحق، وهو أكبر دليل علي إيمانهم بأن هذا الوضع ضد طبيعة الأمور.

* عودة إلي الشق الديني.. هل تعتقد أن عدد الشيعة في الدول السنية قد زاد؟

ـ لا أعرف من الناحية الإحصائية هل العدد في تزايد أم تناقص، ولكن هذا الموضوع لا يثير اهتمامي علي الإطلاق ولا أخشي من انتشار أي مذهب من المذاهب الإسلامية، وأري أنه مثل أي مذهب إسلامي وآخر حنفي أو حنبلي، وزيادة أنصار مذهب علي الآخر ليس فيها انتقاص للإسلام بأي صورة من الصور، ولكنني من أشد المتحمسين بلاشك للتقريب بين المذاهب.

وختاماً علينا أن نراعي أن السلام والاستقرار الحقيقي في المنطقة يقتضي أن تكون العلاقات بين الدول العربية - وبالذات مصر - مع إيران وتركيا علاقات تعاون وتفاهم.



--------------------------------------------------
محمد حبيب النائب الأول لمرشد «الإخوان»:
أسأل القرضاوي.. أيهما أولي بالتحذير:
الخطر الإيراني.. أم الخطر الصهيوني؟
--------------------------------------------------
* محمد حبيب النائب الأول للمرشد العام للإخوان المسلمين، علّق علي نصيحة الشيخ القرضاوي للجماعة بالتخلي عن العمل السياسي لصالح العمل التربوي؟

بقوله: ـ جماعة الإخوان المسلمين لها ثلاث وظائف الأولي تربوية تهتم بإعداد الصف والكوادر، لتكون مؤهلة للدعوة لشمولية الإسلام ولتبليغ الرسالة بوحدة الصف والتمسك بالأخلاق والترابط والاتصال الدائم مع اللّه..

والوظيفة الثانية خاصة بالدعوة، وفيها كيف يتحرك الصف للارتقاء بالمجتمع فكريا وأخلاقيا وإيمانيا وتغليب القيم والمصلحة العامة علي الخاصة.. أما الوظيفة الثالثة فهي سياسية،

حيث نحاول أن نصلح المؤسسات والأجهزة الإدارية للدولة من خلال القنوات الدستورية والشرعية بأن نصل إلي مجلس الشعب ونخوض انتخابات الشوري والمحليات واتحادات الطلاب والنقابات والهدف الرئيسي هو محاربة الفساد المستشري في جميع أجهزة الدولة..

والتصدي لاستبداد النظام الذي أدي إلي غلاء الأسعار وأزمات الخبز والبطالة والتعليم وغيرها.. ولو أن الفساد نسبته ١٠٠% واستطعنا أن نصل به إلي ٧٠% فهذا مكسب كبير.

* ولكن بعد دخول الإخوان المجلس لم يشهد المجتمع فسادًا أقل بل شهد ما هو أكثر؟

ـ نسبة الفساد كان من الممكن أن تكون أكبر لو أن الإخوان ليسوا في المجلس، فإذا ما أحضرت قالب زبدة وحاولت تمرير السكين فيه سينقطع سريعًا، أما إذا وضعت مسامير في داخله فلن تستطيعي القطع.. والإخوان هم المسامير التي تعوق تمزيق البلد سريعًا من قبل النظام..

ثم أننا مازلنا نضع الأساس الذي سنبني عليه.. أما مسألة تحقيق النتائج فهي أمر يتعلق بمشيئة المولي عز وجل، نحن نقوم بواجبنا تجاه اللّه والوطن.

* هذا يعني رفض نصيحة القرضاوي بالتخلي عن السياسة؟

ـ لن نتخلي عن السياسة رغم احترامنا للشيخ القرضاوي، والأمر بالنسبة إلينا لا يتجزأ.

* هل فعلاً انشغلتم بالسياسة وأهملتم الجانب التربوي؟

ـ هذا كلام غير صحيح، لم نهمل أمرًا ونسير في الأهداف الثلاثة بالتوازي والتساوي.

* ألا تعتقد أن الخسائر في صفوف الإخوان أصبحت فادحة وتتطلب إعادة ترتيب الأولويات؟

ـ الإخوان تم ضربهم ضربات قاصمة في أعوام ١٩٤٩ و١٩٥٤ و١٩٦٥ ولو أن جماعة أخري تعرضت لما تعرضنا له ما احتملت، وكان انتهي أمرها من زمن، ثم أن الحرية لا توهب، والديمقراطية لا تمنح وكلتاهما لها ثمن علي الإخوان دفعه، وعلي الشعب المصري كله أن يدفعه،

فلا توجد سلطة حاكمة تتنازل طواعية عن الحكم.. لننتظر أن يتغير الواقع من نفسه فالواقع لا يتغير إلا إذا قرر الرأي العام تغييره، ونحن نعمل علي تحفيز وتوعية الرأي العام.

* هل لديك تعليق علي ما قاله الشيخ القرضاوي بشأن خطر المد الشيعي؟

ـ أنا شديد الاندهاش من تصريحات شيخنا وأسأله أيهما كان أولي بالتحذير المد الشيعي والخطر الإيراني أم الخطر الصهيوني.. هناك يا دكتور قرضاوي أولويات في الاهتمام والتحذير.. الصراع مع إيران صراع سياسي، والصراع الديني فيه يأتي في المرتبة الثانية.


----------------------------------------------
عمرو الشوبكي:
إيران اعتقدت أن القرضاوي يعبئ السُنة ضدها
لتسهيل الضربة الأمريكية
----------------------------------------------
الدكتور عمرو الشوبكي المفكر والمحلل السياسي، كانت له قراءة مختلفة لتصريحات الشيخ القرضاوي ظهرت عندما سألته: هل لديك قراءة تحليلية لتصريحات الشيخ القرضاوي وحديثه عن خطورة المد الشيعي ووجوب التصدي له؟

فأجاب: إنتاج الشيخ القرضاوي من الفقه والدين يفوق إنتاجه السياسي وأهميته الحقيقية هي أهمية دينية وليست سياسية، لذا من الصعب أن نقول إن تصريحاته كانت تحمل معني سياسيا،

فأنا أعتقد أنها تصريحات تعود لكونه زعيمًا سُنيا يستشعر خطورة ما علي مذهبه لذا قال ما قال.. ولكنه أغفل أمرًا مهمًا عندما تحدث عن مد واختراق شيعي للسُنة، وأنا لا يمكن لي أن أعتبر هذا الاختراق الذي تحدث عنه القرضاوي أنه منظم ومدروس ومخطط من قبل إيران، إنما هو اختراق نابع في الأصل من ضعف جميع المؤسسات السُنية في العالم العربي،

والشيخ القرضاوي يعلم جيدًا بل عاني كثيرًا من فكرة استبعاد العلماء الأقوياء أمثاله وأمثال الشيخ الغزالي رحمة اللّه عليه من تقلد رئاسة الأزهر، رغم أنه في الواقع أحق من كثيرين، هذا الواقع الضعيف والمهين للسُنة جعل الساحة السُنية مخترقة وأصبح الوزن الفقهي والفكري للشيعة أكبر من نظرائهم السُنة،

وأصبح هناك بريق للسيد حسن نصر اللّه وهذا غير موجود في المؤسسات السُنية، لكل هذا أنا أري أنه قد حدث اختراق شيعي للسُنة بالفعل ولكنه بسبب غياب مصداقية علماء السُنة لدي جموع المسلمين والشيخ القرضاوي رأي المسألة من زاوية واحدة.

* إذا كان القرضاوي يقصد المعني الديني فقط.. فبماذا تفسر هذا الاستنفار القوي لدي إيران من هذه التصريحات؟

- رد إيران علي القرضاوي رد مسف ومسيء ويخصم من رصيدها، ولكن من طبيعة هذا الرد يتأتي علي الذهن مباشرة أن القائمين علي وكالة الأنباء هذه التي تبنت الرد ونشرته، والتي يقال إنها وكالة رسمية هم جماعة المحافظين، وهو التيار الذي يتبناه أحمدي نجاد، بل موجود في عدد كبير من مؤسسات الدولة، وليس خافياً أن الرئيس السابق محمد خاتمي نفسه قال من قبل إن سياسات أحمدي نجاد تخدم أعداء إيران.

* هل تعتقد أن وجود الشيخ القرضاوي في قطر كان له أثر في التفسير السياسي لتصريحاته.. وطبعاً أقصد احتضان قطر للقاعدة المركزية للقوات الأمريكية في الشرق الأوسط؟

- اعتقد أن هذا التفسير هو الذي ورد علي ذهن إيران، وربما تخيلت أن القرضاوي قصد تعبئة السنة ضد الإيرانيين في محاولة لتسهيل ضربهم من قبل الأمريكان، وأنه ربما علي العرب مساعدة الأمريكيين في هذه الضربة، ولكنني أعتقد أنها قراءة خاطئة ولا أظن أن القرضاوي كان يقصد هذا علي الإطلاق خاصة أنه أكد فيما بعد أنه يرفض أي اعتداء علي إيران من قبل أي جهة أجنبية.

* وكان من الطبيعي أن أنتقل مع الدكتور عمرو الشوبكي من أمر إيران إلي أمر الإخوان المسلمين في مصر، انطلاقاً من النصيحة التي وجهها الشيخ القرضاوي لهم بضرورة العودة إلي العمل التربوي وبعد أن قال نصاً إنه يعتب عليهم لاهتمامهم بالسياسة علي حساب الجانب التربوي، وسألت الدكتور الشوبكي إذا كان يتفق مع نفس وجهة النظر هذه أم لا؟

ـ فقال: هي نصيحة منزوعة السياسة من الشيخ القرضاوي، فمسألة السياسة بالنسبة للإخوان المسلمين أصبحت هيكلية الآن، رغم أن بداية الجماعة التي أسسها حسن البنا قامت في الأساس علي جانب التربية والدعوة، إلا أن الأمر اختلف وعموما لا يمكن لأحد أن يحظر علي أحد العمل السياسي.

* لكن القرضاوي لم يحظر عليهم السياسة.. وهو ليس ضد فكرة تكوينهم لحزب، غير أنه برؤيته للأوضاع وجد أن الإخوان انشغلوا بالسياسة في دولة الممارسة السياسية فيها صعبة وهو ما أدي إلي صراع دائم مع الإخوان جعلهم منشغلين بهذا الصراع علي حساب تربية الأمة التي يراها أولي من أجل تصحيح قيم المجتمع التي فسدت نتيجة أنظمة الحكم المتعاقبة؟

ـ عمل الإخوان بالتربية لم يؤت الثمار المرجوة فقد عملوا بالتربية والدعوة حتي عام ١٩٥٢ فلا وصلوا للسلطة ولا أصلحوا المجتمع.. فما الذي جد علي الأمة، لكن أن يترك الإخوان العمل السياسي بدعوي أن النظم تتغير وحدها فهي فكرة غير منطقية، بل ومثالية.

* كنت دائماً ضد الحزب السياسي القائم علي الدين، فلماذا تري الفكرة مثالية؟

ـ لأن الإخوان لن يتخلوا عن السياسة بهذه البساطة وأنا لست ضد حزب للإخوان المسلمين، لكنني ضد استخدام السياسة فيه، فمن الممكن أن يكون هناك فريق يعمل بالدعوة فقط وفريق آخر يمارس السياسة عن طريق حزب مدني يقبل كل المصريين..

فلو قرأت برنامج حزب الإخوان المسلمين في ٢٠٠٥ سيهيأ لك أنه متاح للجميع ولكن وقت الالتحاق سيطلبون منك ارتداء الحجاب وسيتابعونني في مسألة أداء الفرائض قبل أن يقبلوا عضويتي في الحزب،

ولن يقبلوا الأقباط، لذا أنا أدعوهم إلي حزب مدني يقبل جميع المصريين علي طريقة حزب «العدالة والتنمية» في تركيا أو حتي في أحزاب الإسلاميين في المغرب، صحيح الأغلبية فيها من المتدينين لكنها مفتوحة للجميع.

* هل الجماعة أهملت بالفعل الجانب التربوي؟

- نعم أهملت هذا الجانب، ولكنه لم يختف، هو تراجع لصالح الوزن السياسي.




---------------------------------------------------
ضياء رشوان: كلام القرضاوي عن الاختراق الشيعي مُبالغ فيه
ولا يتسق مع التحولات التاريخية
--------------------------------------------------
* ضياء رشوان المحلل السياسي بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية بدأ تعليقه علي حديث القرضاوي قائلاً:

أنا أتفهم آراء الشيخ القرضاوي باعتبار وجوده في قطر، فالوجود الشيعي في دول الخليج، خاصة في الإمارات والبحرين وقطر، أكبر منه في باقي الوطن العربي، وإحساس السُنة هناك بمسألة المذهب الشيعي واختراقه لهم يكون أكثر من إحساس المصريين بها علي سبيل المثال،

وربما ذلك لوجود أقلية شيعية نشطة ومؤثرة في الاقتصاد في هذه الدول الخليجية، بل تمتد بجذورها إلي إيران، وبالطبع الشيخ القرضاوي غير منفصل عن طبيعة المكان الذي يعيش فيه، ومن هنا جاءت هذه التصريحات.

ويضاف إلي ذلك وجود إيران كدولة إسلامية كبري تقع علي حدود الخليج العربي، في ظل حالة الصراع التي نشبت علي المنطقة الأكثر قرباً منها، علي مصر والبلاد العربية.

* لماذا الآن الجهر بالفروق بين المذهبين السُني والشيعي والتحدث عن اختراق للسُنة؟

- الشيخ القرضاوي تحدث عن الفروق بين السُنة والشيعة من قبل أكثر من مرة، كان أبرزها في مؤتمر التقريب بين المذاهب الإسلامية في الدوحة الذي حضره عدد من أئمة الشيعة، ودار حوار بينهما ورد علماء الشيعة علي القرضاوي في نفس المؤتمر.

* ولكنها المرة الأولي التي يؤكد فيها القرضاوي علي الفروق بهذه الحدة، بل وصل الأمر إلي أنه قال بتبشير شيعي، وإن كان حتي ذكرها من قبل فلماذا هذا الاستنفار الإيراني الشيعي الآن ضد كلام القرضاوي؟

- ربما للحدة التي أكد فيها القرضاوي علي هذه المعاني وعلي الفروق، وبالطبع إدراكهم حكم القرضاوي هو أكثر ما يخيفهم من كلامه، وربما لأنه في مؤتمر الدوحة كان هناك علماء من الشيعة من بين حضور المؤتمر فردوا عليه، أما الآن فاعتبروا الأمر وتعاملوا معه علي أنه تحريض من قبل القرضاوي ضد الشيعة.

* وهل تعتقد أنه بالفعل كان يقصد التحريض؟

- لا.. وإنما هو تعامل كأحد أهم أئمة المسلمين السُنة الذي يخشي علي مذهبه ويحافظ عليه، وهذا حقه.

* وهل تعتقد أن تحذيره من المد الشيعي في محله؟

- لا أعتقد.. ومن يقل هذا يجهل بحقيقة التحولات التاريخية، فالتاريخ لم يذكر أبداً أن أمماً أو دولاً تحولت من مذهب إلي آخر بين يوم وليلة، أو نتيجة دعوة بعض الأفراد حتي النبي محمد (صلي الله عليه وسلم) نفسه لم يستطع نشر الدين الإسلامي بين يوم وليلة، واستغرق الأمر قروناً طويلة،

وإذا كانت هناك أقلية شيعية في بعض الدول أو حتي في مصر فهذا لا يعني أن مصر يمكن أن تتخلي عن مذهبها السُني طوال العقود الماضية لتتحول إلي الشيعة، مصر لم تتحول من المذهب الشيعي الفاطمي إلي المذهب السُني إلا بعد تحولات في قلب الدولة المصرية وانتقال الحكم إلي الأيوبيين.

* ما رأيك في القول بأن الشيعة، وخاصة في إيران، يتبعون خطوات أمريكا ويضعون أرجلهم في المكان نفسه والدليل وجودهم في أفغانستان والعراق؟

ـ ولماذا لم نجد فتنة سنية شيعية في أفغانستان كما تقولين.. أفغانستان مر عليها أمريكان وسوفييت و«طالبان» وأقليات شيعية ولم نسمع عن صراع مذهبي هناك.. أما الصراع الموجود في العراق فليس بسبب أمريكا، ومن يقل ذلك مخطئ، فالأمريكان كان من مصلحتهم تماسك العراق ولم تكن واشنطن بحاجة إلي إضافة عبء جديد عليها، ولم تكن أمريكا مدركة حقيقة الوضع.

* ومن صنع هذه الفتنة إذن؟

ـ إسرائيل مازال الأمر متعلقاً بها، والدليل أنه في عام ١٩٨١ كان يوجد ما يسمي استراتيجية إسرائيل، وقد تم ترجمة النص وتسريبه، وذكر فيه أن من مصلحة الدولة العبرية تفكيك الكيانات العربية علي أساس مذهبي وعرقي، ولا تنسي أن أول من تحدث عن الهلال الشيعي وحذر من خطره هو الملك عبدالله بن الحسين الذي كان والده صديقا مقربا للإسرائيليين، حسبما أكدت مذكرات وكتابات لمسؤولين إسرائيليين والكل يعلم أيضا أن الأردن وإسرائيل علي خط واحد.

ثم أننا لو عدنا إلي الوقائع التي صنعت الأزمة في العراق سنجدها تعود إلي تفجير مرقدي الهادي والعسكري في سامراء، وهما مرقدان شيعيان، وبالتالي ليس من مصلحة إيران ضربهما،

ورغم اتهام «القاعدة» بالضلوع في هذين التفجيرين، إلا أنها نفت ثلاث مرات اشتراكها في هذا الأمر، لذا فالاتهام محصور في إسرائيل التي من مصلحتها إيقاع السنة في الشيعة، خاصة أن هناك وجوداً مؤثراً لإسرائيل في العراق، بل الإسرائيليون هناك يدربون بعض الأكراد علي الحدود،

كما ذكرت بعض التقارير الموثقة، خاصة أن إسرائيل تعتبر حزب الله، شيعي المذهب أخطر أعدائها في دول المواجهة، ومن ثم من صميم مصلحتها عزله عن التأييد الشعبي الواسع الذي يتمتع به في العالم العربي، ذي الأغلبية السنية باصطناع فتنة مذهبية سنية شيعية تبدأ من العراق.

وإن كنت قلت إن الأمريكان لم يصطنعوا هذه الفتنة، لكنهم علي الجانب الآخر استفادوا منها في عزل إيران عن المحيط العربي السني المجاور.

* ما رأيك في القول بأن أساس الصراع مع الشيعة هو صراع ديني وأن ولاية الفقيه لن تكون إلا دينية، ونظام الدولة بالكامل في خدمة المشروع الديني، خاصة أن إيران تعيش علي أمل ظهور المهدي المنتظر.. وبالتالي الصراع هنا ديني كما هو في مضمون حديث القرضاوي؟

- كل دول الخليج مرعوبة من مسألة الحرب ضد إيران خاصة بعدما تأكدوا من عدم قدرة أمريكا علي حسم الحروب رغم أن الخليجيين كانوا أكثر من يؤمنون بقوة أمريكا اللامحدودة، ولكنهم اكتشفوا أن أمريكا عاجزة عن حسم حرب مع ٢٥ مليون نسمة في العراق،

فكيف لها أن تخوض حرباً مع ٧٥ مليون نسمة في إيران، وهم موقنون تماماً أن أي حرب مع إيران سيدفع ثمنها المباشر الخليجيون في الخارج من ناحية لقربهم من إيران، وفي الداخل من ناحية أخري لوجود أقليات شيعية ضخمة ومؤثرة في السعودية والإمارات والبحرين كفيلة بتفجير البلد من الداخل، حيث إن المنطقة الشرقية في السعودية بها حوالي ٣ ملايين شيعي، وبالتالي علي من يخدّم القرضاوي وضد من!

* وبالنسبة لما ذكره القرضاوي عن الإخوان، هل تعتقد أنه محق في أن جماعة الإخوان المسلمين أهملت التربية وانشغلت بالسياسة؟

- من الصعب أن نحكم علي تاريخ جماعة عمرها ٨٠ سنة، ولديها تراكم من الخبرات بهذه البساطة، فالعمل السياسي داخل الجماعة جزء لا يتجزأ من طبيعتها ثم إنني كمحلل سياسي عندما أتابع تطورهم السياسي أجده في ازدياد، فهناك اختلاف وتطور في أماكن وعدد التصويت لهم، والنسب في ازدياد كما أنهم استطاعوا كسب مناطق جديدة، في الصعيد والإسكندرية ولا يمكن لهم أن يحصلوا علي هذا التصويت إلا نتيجة لعملهم الاجتماعي.


----------------------------------
نشرت هذه الحوارات في المصري اليوم بتاريخ 25/9/2008
http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=179815&IssueID=1174

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون