مختار خطاب

الوزير الذى دافع عنها بضراوة.. يهاجمها الآن بعنف
مختار خطاب: الخصخصة نظام فاشل وقرارات البيع تأتى بأوامر عليا
الجمعة، 5 ديسمبر 2008
--------------------------
حوار: رانيا بدوي
--------------------------

أعلن الدكتور بطرس غالى، وزير المالية، أن برنامج الملكية الشعبية جزء من الخصخصة ولا ينفيه.. وأكد أن الوقت الحالى مناسب لطرح البرنامج الجديد وليس قبل أربع سنوات مثلا بعدما نجح برنامج الخصخصة فى توفير 70 مليار جنيه وجهت للبنية الأساسية.. هذه التصريحات ربطت بين مشروع الحكومة الجديد «إدارة صكوك الدولة» وبين الخصخصة.. هذا المشروع الضخم الذى أثار جدلاً كبيراً منذ أوائل التسعينيات حتى الآن، وحمله نسبه ليست بالقليلة من خبراء الاقتصاد سبب فشل الاقتصاد المصرى.. لذا كان من الأجدى أن أعود لأحد صناع نظام الخصخصة وأسأله عن نتيجة المشروع الأصلى، وعما إذا كان قد نجح أم فشل، قبل الحديث عن برنامج جديد تصفه الحكومة بأنه جزء لا يتجزأ من الخصخصة..
دكتور مختار خطاب، وزير قطاع الأعمال السابق، أكد أن الخصخصة سياسة عليا.. وأسماء الشركات المقرر بيعها تأتى من أعلى.. أما السؤال الذى رفض مختار خطاب الإدلاء برأيه فيه هو: هل تتوقع نجاح برنامج الملكية الشعبية؟ ومن هنا بدأ الكلام مع مختار خطاب، فى حوار ومراجعة لسياسة الخصخصة.

دكتور مختار هل تتوقع نجاح مشروع الملكية الشعبية؟
الله يخليكى ابعدينى عن هذا الموضوع بالذات.

لماذا؟
لأن هناك مسئولين يتولون هذه المهمة وهم أدرى بها منى.

أنت خبير اقتصادى، وإذا كان هذا البرنامج جزءاً من الخصخصة كما أعلن بطرس غالى ومحمود محيى الدين، فأنت صاحب مشروع الخصخصة بالكامل!
من وضعوا هذا البرنامج هم أفضل من يتحدثون عنه.

هل واجهتك أى ضغوط لعدم الحديث فى هذا الأمر؟
لا تضغطى علىّ أرجوك.

إذن فلنتحدث عمّا كنت أنت مسئول عنه، كيف بدأ نظام الخصخصة فى مصر؟
الوضع الاقتصادى فى مصر والذى كان قائما من 74 إلى 87، كان علامة على فشل التنمية بالمنهج الذى كان سائدا وقتها، والحل هو طرح فكرة الإصلاح الاقتصادى من جديد، واقترح البعض أننا مترددون اقتصاديا واقتصادنا مختلط، ويجب أن نترك المهمة بالكامل للقطاع الخاص.. ونخلص الاقتصاد من تدخل الدولة.

من تقدم بهذا الاقتراح بشكل محدد، هل هم خبراء اقتصاد أم رجال أعمال أم وزراء؟
نحن فى دولة الحاكم فيها له اعتباره فى توجيه دفة الأمور، وللأسف نسبة كبيرة من المثقفين والسياسيين يسيرون فى ركب النظام، فالنظام اقترح ونسبة المؤيدين كانت كبيرة.

هل أفهم من ذلك أن الخصخصة كانت بناء على توجه سياسى؟
نعم، توجه سياسى عال.. وبعض المنافقين زفوا القرار.

ولكن قيل إنه اقتراح من الخارج؟
هو اقتراح محلى، ولكن أحد الدوافع إليه هو التحالف الاستراتيجى مع أمريكا، وهذه بالمناسبة عبارة مستخدمة من قبل النظام وليست عبارتى.. فهم يقولون لنا دائما إن أمريكا حليف استراتيجى لمصر، وبالطبع لن أتحالف استراتيجيا مع أمريكا من ناحية وأسير على نظام تتدخل فيه الدول فى الإنتاج من ناحية أخرى.

وما المانع؟ وهل يعنى التحالف الاستراتيجى أن أطبق نظام أمريكا؟ ألا يمكن أن أتحالف معها سياسيا وأطبق ما يناسبنى من نظرياتها الاقتصادية؟
أمريكا لم تكن لتقبل بذلك.

فلنعد للحظة اتخاذ قرار الخصخصة من جديد..ماذا حدث بعد أزمة 87 وجدولة جزء من الديون؟
سارت الأمور بلا أى طفرة اقتصادية تذكر حتى عام 91 عندما عادت أزمة الديون للظهور من جديد وفشلنا للمرة الثانية فى السداد، فاقتضى الأمر الرجوع إلى صندوق النقد الدولى والبنك الدولى لحل الأزمة التى أسفرت عن توقيع اتفاق للإصلاح الاقتصادى، والذى اقترح بمقتضاه تحويل كل النشاط العام إلى الخاص.. واتفق على أن يتم هذا البرنامج على عدة مراحل، كلما أنجزنا مرحلة ما نأخذ مكافأة عن هذا الإنجاز، والتى تتمثل فى تخفيض القيمة الحالية للدين المصرى إلى النصف فى مقابل نقل الاقتصاد المصرى إلى اقتصاد حر تقوده آليات السوق الحرة.

وما الذى ستستفيده أمريكا؟
سوق استهلاكية لمنتجاتهم.. لأن الاقتصاد الاشتراكى يعنى اقتصاداً محمياً بتعريفات جمركية على الواردات ووضع حوائط اقتصادية أمام السلع الأجنبية، وهو ما يؤدى فى النهاية إلى بناء الاقتصاد المصرى بيد أبنائه واعتماد الدولة على نفسها دون الخارج، وأمريكا لا تريد ذلك لأنه يعوق دخول منتجاتها.

وألا تعى الحكومة النوايا الأمريكية؟ وألم يكن لدينا طريقة أخرى لسداد ديوننا بخلاف القبول بهذه الشروط؟
حاول الدكتور مختار التهرب من الرد على الجزء الأول من السؤال واكتفى بالقول: ربما تكون هذه شروط بالنسبة للمعارضين لنظام السوق الحرة، ولكنها لاتعد شروطا بمفهوم من هو مؤمن باقتصاد السوق فهى طلبات عادية جدا من قبل أمريكا.

فعلقت على حديث الدكتور مختار معترضة وسائلة إياه: هذا إذا كانت القضية تحتمل وجهات نظر ولكن ما تقوله لا يحتمل الاختلاف فهى قضية حماية اقتصاد الدولة؟.. وأعتقد أن الجميع يعلمون أن علاقات الدول تقوم على أساس المصالح لذا لن تجدول لى أمريكا الديون بلا مقابل؟
فأجابنى بهدوء : هذا إذا كانوا معتقدين بذلك.

هل برنامج الإصلاح الاقتصادى بالكامل بما فيه الخصخصة خاضع للبنك وصندوق النقد الدوليين؟
طبعا.. فالبرنامج بالكامل بما يتضمنه من سياسات تحرير التجارة وتحرير سعر الصرف، والخصخصة، وغيرها خاضع للاتفاقية، وبالمناسبة، مازالت لهذا البرنامج مراحل واستكمالات جديدة، منها اتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية، والسعى لإبرام شراكة مع الولايات المتحدة يتم بموجبها إنشاء مناطق تجارة حرة بلا تعريفات الجمركية، وتدخل كل بضائع العالم بدون جمارك.

دعنى أسألك من 91 حتى اليوم أى من اللحظة التى حسم فيها القرار لصالح الخصخصة بموجب الاتفاقية، هل نجح تطبيق اقتصاد السوق فى مصر أم لا؟
بصراحة لا.. وأعتقد أنه من واجب المجتمع والحزب الوطنى والحكومة أن نفتح هذا الملف للنقاش بهدوء وبدون صخب لتقييم الأمور بشكل صحيح.

جميل دعنى أؤكد المعنى وأسألك هل استطاع القطاع الخاص فى مصر أن يقوم بعبء التنمية بشكل مطمئن يجعلنا نستمر بلا تردد؟
الإجابة من وجهة نظرى لا لم ينجح.

لماذا؟
لأن حجم ونوع الاستثمار أبلغ مؤشر على أننا نحتاج إلى مراجعة لسياستنا، لأن جوهر التنمية فى الاستثمار..

هل تجربة التنمية لدينا من 91 نجحت فى رفع معدلات الناتج المحلى بالقدر الكافى؟ وهل نجحت فى توزيع ثمار التنمية بشكل عادل على الفئات الاجتماعية المختلفة؟
لا.. ونحتاج إلى مراجعة عميقة وليست سطحية.

جميل أنها اعترافات جريئة، ولكن المهم أن تقول لى ما هى المعوقات التى أدت إلى فشل التنمية والإصلاح الاقتصادى طوال هذه السنوات؟
أولا غيبة التركيز عن القطاعات السلعية فى الإنتاج، ثانيا عدم التركيز على الصناعة والزراعة، رغم أنه توجد برامج ومساعدات توجه إليهما ولكنها ليست بالقدر الكافى، بل أقل من الحد الأدنى بكثير.. وثالثا غيبة سياسة تكنولوجية وطنية بأن نصبح دولة منتجة للتكنولوجيا لا مستهلكين لها.. ورابعا حجب الدولة عن المساهمة فى الاستثمار جنبا إلى جنب مع القطاع الخاص، فالسياسة الاقتصادية بنيت على الثقة الكاملة فى القطاع الخاص فقط.. وخلعت الدولة من الاستثمار بأن تبيع الشركات التى تملكها، ولاتستثمر فيها، ولا تستثمر أموالاً جديدة فى شركات جديدة، وهى بالطبع قرارات سياسية عليا تهدف إلى أن يحل القطاع الخاص محل الحكومة. باختصار غياب الاستثمار فى النواحى المدرة للدخل بناء على توصيات البنك الدولى كان سبباً رئيسياً فيما نحن فيه الآن.

أفهم من ذلك أن توجيه الاستثمارات إلى قطاعات دون غيرها هو أحد شروط صندوق النقد الدولى؟
لنقل إنه مزيج فكر مشترك بيننا وبينهم ونتيجة قبولنا لتوصيات ليست فى صالحنا.. ثم عاد واستطرد قائلا : نصائح وتوصيات البنك الدولى يفوح منها دائما أن الدخل الأساسى لمصر يأتى من قناة السويس والسياحة والبترول وهى إما خدمات استقرارها ضعيف، أو قطاع مثل البترول نجد أن ارتباطه بالاقتصاد العالمى أكبر من ارتباطه بالاقتصاد المصرى.. وبناء على توصيات البنك الدولى تم تجاهل الاستثمار فى القطاعات السلعية والتى ستعود بفائدة وعائد على المواطن وعلى الدخل بشكل عام.

هل لديك الجرأة لأن لتفسر لى لماذا قبلت بالمشاركة فى وضع اللبنة الأولى للخصخصة مادام هذا هو رأيك فيها؟ أم أنها شجاعة من خرج من السلطة؟
أولا أنا لم أضع سياسة الخصخصة بل هى سياسة عليا، ولكننى تم فقط اختيارى لتنفيذ البرنامج.. وأعترف أننى فى البداية كانت لدى ثقة فى القطاع الخاص وأنه الطريق الجديد الذى يمكن أن يغير الواقع.. وعندما شاهدت الواقع أحسست بخطئى.

متى حدثت لحظة التحول هذه بداخلك؟
بعد السنة الأولى فى وزارة قطاع الأعمال.

ومع ذلك استمررت لأربعة أعوام أخرى تنفذ فى هذه السياسة العليا؟
استمررت.. ولكن بدأت أطرح أفكارى فى اللجان الوزارية واتخذت مسلكاً مختلفاً لتنفيذ البرنامج بشكل يتفق مع قناعاتى الجديدة بعد مراجعة أفكارى.. لأننى رأيت أنه لو استمر العمل بنظام الخصخصة على هذا النحو سنواجه مصاعب كثيرة.

اشرح لى ما هذا المسلك المختلف وكيف طبقته؟
أوقفت برنامج المعاش المبكر دون إعلان ذلك صراحة.. لأننا كنا نواجه ضغوطاً من المؤسسات الدولية للإسراع فى تنفيذ كل جوانب مشروع الخصخصة، وكنت أعطى «ريق حلو» للقطاع الخاص لأطمئنه ولكن فى التنفيذ أتحفظ إلى حد ما.. واجتمعت مع زملائى وقلت لهم أننا سنتحدث عن إصلاح الشركات وليس الخصخصة، وبدأنا فى إصلا ح شركات الغزل والنسيج والاستثمار فيها، رغم أن ذلك لم يكن مباحاً ولا متاحاً، وعرضت الأمر على مجلس الوزراء وعلى الدكتور عاطف عبيد وحصلت على تصريح بإنقاذ هذه الشركات وكانت المسألة صعبة لأنه لم يكن مسموحاً لى بأخذ أموال من ميزانية الدولة.. وبدأت أدعو إلى أن الدولة تعود لفكرة الاستثمار من جديد حتى يصبح القطاع الخاص قادراً على التنمية.

وماذا كان رد الفعل؟
هوجمت بشدة من جهات داخل وخارج مصر، فكيف أريد أن أبيع شركات القطاع العام وعلى الناحية الأخرى أدعو إلى الاستثمار وإصلاح هذه الشركات.. بل وأسست شركات جديدة برأس مال ضخم مثل الشركة التى أرأسها الآن بالصدفة بعد خروجى من الوزارة، وهى شركة النوبارية للسكر، وشركة حلوان للأسمدة التى يرأسها المهندس عادل البنا.. وهى شركات استثمارتها فوق المليار وبالطبع كان هذا مخالفاً للسياسة العامة التى تقول بوضوح عدم استثمار الدولة. كان المهم بالنسبة لى هو نجاح الشركات سواء كانت مملوكة للقطاع العام أو الخاص.. وحتى لا أفهم بشكل خاطئ أنا لست معادياً لاقتصاد السوق وهذه ليست ردة، إنما واقع القطاع الخاص غير قادر.

أكررها ثانية لماذا لم تترك الوزارة بعد مراجعتك لذاتك؟
شعرت أن وجودى فى هذا المنصب مفيد، وأننى ربما أقى البلد مشكلات وصعوبات ربما قد تواجهه لو أن شخصاً آخر أتى إلى هذا المنصب، وهو يحمل توجهاً مختلفاً من الممكن أن يضر بالبلد.. وقد أكون مخطئاً فى هذا.

هل خروجك من الوزارة بعد ذلك له أى علاقة بقناعاتك؟
أحمد لله أننى خرجت ولم أسع لاحتكار الكرسى.. ولكن كل ما أعرفه أن الأمريكان أصدروا بشأنى تقريراً يتهمون فيه الحكومة، وبالطبع أنا المعنى باعتبارى الوزير المسئول، اتهمونا فيه أننا تسببنا فى خسارة مصر 100 مليار جنيه نتيجة التباطؤ فى عملية الخصخصة، وقد واجهونى بهذا التقرير داخل الحزب الوطنى، وانتقدته بشدة، ووصفته بأنه تقرير سيؤدى إلى دمار مصر إذا ما طبق، وما أفعله هو ما فيه الصالح العام.

وما جاء فى هذا التقرير تراه يضر بالصالح العام؟
الشروط الأساسية للخصخصة كانت بيع الشركات بأعلى سعر والحفاظ على العمالة كاملة، وليس نسبة منها وعدم تغيير النشاط.. ولكن التقرير رأى أن هذه الشروط الثلاثة هى سبب الكارثة ولو تم التخلى عن هذه الشروط، بأن نبيع بأى سعر وعدم اشتراط على المشترى عدم الحفاظ على العمال أوتغيير النشاط ستتحقق الخصخصة بشكل جيد وكان هذا فى نهاية فترة وجودى فى الوزارة.. بالمناسبة أنا كنت أخصخص الشركات الخاسرة فقط والرابحة أتركها لتمول باقى الشركات.

وما الذى يحدث الأن؟
لا تسألينى.. ألست ترين بنفسك.

هل تراعى ضمانات البيع الأن؟
لا تٍسألينى.

هل هناك دول معينة أو شركات معينة مسموح لها بالتقدم لشراء القطاع العام وأخرى ممنوعة؟
أحمد الله أنه لم يكن هناك تكالب من الأجانب لشراء شركات إلا فى قطاع واحد وهو الأسمنت، وأثناء وجودى فى الوزارة لم أبع إلا للقطاع الخاص المحلى، مثل شركة طرة التى تم بيعها لشركة السويس وشركة حلوان تم بيعها لشركة مصرية أيضا، وأنا عن نفسى لم أكن من أنصار البيع للأجانب، ولكن لم أكن أستطيع أن أجهر بذلك فكنت أصرح قائلا أهلا وسهلا للأجانب ونحن نفضل ونرحب، إلى غير ذلك.. ولكن لا أبيع لهم.

ما أعنيه هل هناك فى القانون ما يمنع إسرائيل من شراء شركة من قطاع الأعمال العام إذا ما التزمت بالشروط كاملة؟
لا يوجد قانون يمنع إسرائيل، ولكن المسألة ترجع إلى الضمير الوطنى.

من يقول بإن هذه الشركات تباع أو لا تباع، وبناء على أى أساس؟
قرار البيع قرار سياسى عال.. وأسماء الشركات التى ستباع تأتينا من أعلى، نحن فقط ننفذ.

ومن المسئول عن تقييم أصول الشركات المقرر بيعها؟
تطرح مناقصات لمكاتب استشارية بعلم الحكومة، فهذه ليست مسئولية الوزير المختص، بالإضافة إلى تقييم الشركة القابضة وتقييم اللجنة العليا للخصخصة.

وماذا لو اختلفت الجهات فى التقييم؟
نأخذ بأعلى تقييم.

20 شكلاً للخصخصة، من يقرر أى الأشكال تناسب أى الشركات وعلى أى أساس؟
عن طريق فريق فنى بالإضافة إلى رؤية رئيس الوزراء والوزير، وهناك قواعد علمية تحكم المسألة، فمثلا شركة خسرانة لن تباع فى البورصة ولكن تباع لمستثمر رئيسى، وهناك شركات رابحة أيضا تباع لمستثمر رئيسى ولكن بعد الاستعلام عنه.

ما الشركات التى ترى أنها يجب أن تكون ملك الدولة؟
طبعا قطاع الدواء بالكامل، الشركات الغذائية الكبرى مثل شركات السكر، وشركات استراتيجية مثل الحديد والصلب، وشركات كثيفة العمالة لا يجب بيعها مثل شركة كفر الدوار وشركات الألومنيوم و35 % من الأسمنت.. والبنوك أنا أيضا ضد بيعها، ويمكن إصلاح أى بنك، والخطورة الحقيقة تكمن فى السيطرة على قرار الائتمان وأن يتحول الأمر إلى قروض سيارات وشقق وعدم الاستثمار فى الصناعات الكبرى، ولم يكن مطروحا فى عهدى بيع البنوك من الأساس.

هل كان ضمن السياسة الأولى أن تذهب عوائد الخصخصة لسداد الديون أم لإعادة التشغيل والاستثمار؟
من الأخطاء الكبيرة التى ارتكبت أن عوائد الخصخصة لم يتم استثمارها فى إنشاء شركات جديدة حتى وإن تم بيعها بعد إنشائها.. ولكن كان هناك تعليمات من الحكومة بعدم الاستثمار فى شركات جديدة ولكننى أظن أننى أخطأت لأنه كان يجب علىّ التمسك بموقفى.

تضارب أرقام عوائد الخصخصة؟
فى أيامنا لم يحدث تضارب ولا تسألينى عمّا يحدث الآن.

صرح الدكتور على الدين هلال لى أن الخصخصة ستزيد الفقر كأحد الآثار الجانبية لها، لذا الحكومة بدأت فى وضع برنامج يهتم بالعدالة الاجتماعية فهل توافق على ذلك؟
نعم فأحد الآثار الجانبية لعملية الإصلاح الاقتصادى عموما عدم وجود عدالة اجتماعية، وكنت فى عهدى أقف مع العمال ولم نكن نحابى رجال الأعمال أبداً على حساب العمال، وكنا نتحمل العمالة الزائدة إلى أقصى مدى، فالبعد الاجتماعى كانت تتم مراعاته فى السياسة الأولى للخصخصة، لذا لم تحدث أزمات وقتها، وأتذكر أنه فى عام 96 كان هناك اجتماع فى مركز إعداد القادة، وكنت مستشاراً للدكتور عبيد وكان يحضر الاجتماع أمين عام اتحاد عمال مصر السيد راشد، وكل رؤساء اللجان النقابية، وكانت وجهة نظرى التى عرضتها وقتها أن من يخرج «معاش مبكر» يأخذ معاش سن الستين، والتعويض الذى يمنح للعامل يجب أن يدفع لهيئة التأمينات الاجتماعية بدلاً من يأخذه العامل فى يده وينفقه ويجلس بنصف أو ثلث معاش، ولكن النقابيين اعترضوا وكان يأتينى يوميا آلاف طلبات المعاش المبكر وكنت أرفض.

الرقابة على الخصخصة كيف تتم؟
أيامنا كان الجهاز المركزى للمحاسبات ومجالس إدارة الشركات واللجنة العليا للخصخصة المكونة من 20 وزيراً برئاسة رئيس الوزراء وأجهزة الرقابة الأخرى.

تصريح لأحد أعضاء مجلس الشعب قال فيه إنه وصلت العمولات من جراء التوسط فى عمليات البيع إلى 33 مليار جنيه؟
أيامنا كل المبلغ حصيلة البيع حوالى 17 ملياراً فكيف تكون العمولة بهذا المبلغ.. وربما يكون لديه وجهة نظر وأسباب لا أعرفها.. ولا أعرف أى فترة يقصد.

الحل؟
أنا كنت ومازلت من أنصار أن أى شركة حكومية تدار على قانون 159 لسنة 81 الذى يحكم القطاعات الخاصة وساعتها سوف نكون خصخصنا كل شىء دون أن نبيع أى شىء مملوك للدولة ولكن يدار إدارة خاصة ويجب إلغاء القانون 302.

وكيف قوبل هذا الاقتراح؟
لقوه شديد شوية.

هل تريد الدولة التخفف من أعبائها تجاه المواطن؟
هذا هدف نبيل لو أن الدولة كانت تستطيع أحداث تنمية، وكل مواطن يتحمل مسئولية نفسه.

ما سبب غلاء الأسعار وإضرابات لقمة العيش التى اجتاحت مصر مؤخرا؟
نتيجة انخفاض معدلات النمو وعدم تحقيق برنامج الإصلاح المأمول منه.

ولكن بيان دكتور نظيف أمام مجلس الشعب فى الدورة الماضية يؤكد ارتفاع مؤشر النمو؟
فضحك قائلاً: «خلاص يبقى عايزين نمو أكثر».

الاستثمار الأجنبى فى بلادنا خالى الدسم
قلت إن القطاع الخاص غير قادر على قيادة قاطرة التنمية فما هى أسبابك؟
لأن القطاع الخاص هش واستثماراته فى مجالات ضعيفة.. ونجاح القطاع الخاص يتحدد بحجم الاستثمارات، ولنستطيع الحكم عليه بأنه ناجح كان يجب أن يسهم فى الاستثمار بحوالى 30 % من الناتج المحلى، وهذا هو الحد الأدنى الذى يضمن لنا نمو من 7 % إلى 8 % فى العام، لكن فى الواقع لم تتعد استثماراته نسبة الـ 16 - 17 % أى النصف تقريبا.

هل العبء بالكامل يقع على القطاع الخاص أم أن الحكومة بقوانينها وبيروقراطيتها تسهم فى ضعف الاستثمار؟
كل ما تقولين به حقيقيا، ولكن لو أن حجم الاستثمار ضخم سيتغلب على كل المعوقات التى أمامه.

وماذا عن الاستثمار الخارجى ولماذا فشلنا فى جلب استثمارات خارجية؟
الاستثمار الأجنبى نوعان، نوع كامل الدسم ونوع منزوع الدسم، والمقصود بالدسم هنا هو التكنولوجيا. فى الخطة الأساسية للإصلاح الاقتصادى تم اعتبار الاستثمار الخارجى مكملا أساسيا لمشروع التنمية ولكن انتظرناه ولم يأت.. وما أتى إلى مصر جاء بدون دسم من نوعية الاستثمار فى مجال السياحة والعقارات.

وما الذى يمنع دخول النوع الثانى من الاستثمارات «كاملة الدسم»؟
لأنه لو كان هناك استثمار كامل الدسم، هذا يعنى تأسيس صناعات فى مصر تنتج سلعا يكون محتوى التكنولوجيا فيها عاليا، بل وسيسهم ذلك فى تطوير الصناعات المغذية لها، ووقتها سينمو الاقتصاد داخليا.. فما نفعله اسمه الآن فى مصر صناعة وليس تصنيعا
----------------------

نشر في اليوم السابع بتاريخ 5-12-2008
http://youm7.com/News.asp?NewsID=54835

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون